السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله مخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي , العليم بما تخفي الصدور وتبديه من كل شيء , أحمده على نعمه ,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , الذي هدانا إلى الرشد على رغم أنف أهل الغي ,
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , الذي جعله بشيرا ونذيرا , وأظل أمته من ظل هديه, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه من كل قبيلة وحي .
عند ولادة الإنسان
وفي سنواته الأولى لا يحمل هماً سوى طعامــه وشرابه
ذلك جل همه وما يعيش من اجله
وكل ما تقدم بالعمـر تفرعت تلك الهموم وزادت حتى شملت كل جوانب الحياة
ومن الهموم التي تشغل تفكير الإنسان هي إيجاد مسكناً خاص يريحــه من عناء التنقل من مكان إلى آخر ومن عناء الأعباء المالية
ويالها من فــرحة عندما يتمكن الإنسان من الحصول على ذلك المسكن ويسعى إلى تجهيزه استعداد للانتقال إليه
فتجد حاله في مسكنه القديم والذي يبقى فيه لفترة وجيزة حتى ينتهي من ذاك الجديد المنتظر
تجده لا يهتم بما يخرب أو يعدم اي جزء من اجزاء المسكن القديم
فكلما حصل شئ أو تضرر شئ
يقول لأهله صبرا احبتي فقريباً سننتقل إلى منزل أفضل وأحسن
فكانت المصائب التي تنهال عليهم من أضرار ذلك المسكن تهون وتتلاشى أمام
مستقبل قريب مشرق بمسكن جديد يترقبونه
فما فعل صاحب المنزل ليهون على أهله تلك الهموم هو ربطها بالانتقال إلى منزل جديد
وكذلك الهموم الأخرى فلو تعلم المسلم ربط كل ما يتعرض له في الدنيا بالجنة
ربطا حقيقيا بيقين
لهانت عليه أمور كثيرة ولأصبحت الدنيا صغيرة في نظره
قال بعضهم - وقد مات ابن له:
وهون ما ألقى من الوجد أنني *** أجاوره في داره اليوم أو غدا
هذا الرجل تذكر أن هذه الحياة معبر وطريق إلى الآخرة، وأن الجميع مسافرون إليها. وسيستقرون هناك، في دار عدن بإذن الله تعالى
فيها ملتقى الأحبة والإخوة
وحينئذ يجتمع المسلم بكل من يحب في الجنة في نعيم دائم لا انقطاع له ولا زوال، وحياة أبدية فسل نفسك وعللها بقرب اللقاء،
فالموعد هناك إن شاء الله تعالى،فربط مصيبته بفقد ابنه للقياه يوم الخلود
وقال عليه الصلاة والسلام: (( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة )) [رواه مسلم
فلما الحزن
يعقوب عليه السلام وطال عليه الأمد لم ييأس من الفرج، ولما أُخذ ولده الآخر لم ينقطع أمله من الواحد الأحد، بل ربط مصيبته بقوله تعالى أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وما ضاع يونس في بطن الحوت لانه ربط أمره بقول لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]
يقول العلماء: ( ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه)
وايوب عليه السلام الذي صدق فيه قول الله تعالى (((إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ))
ايوب كان ذا مال وبنين ابتلي بالمرض لاكثر من 13 عاما ففقد المال والاولاد
واعتزله الناس وعاش وحيدا فقط مع امراته التي لم تتخلى عن زوجها لحظة
فذات يوم كانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها
قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك،
فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحاً، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة
المرأة المصابة بالصرع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
وكلنا يعلم بمـرض الصرع وقسوته على الإنسان
ذهبت فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها بالشفاء. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيكِ). فاختارت المنزل الدائم عن المنزل الفاني
وهو أن تصبر على مرضها ولها الجنة في الآخرة
^_^
المفضلات