أحلام .. و أحيانا ، أشعرها واقع .. خيال يطاردنى ، احاول الهروب .. و لكن ، شئ ما يشدنى إليه .. مواقف و أحداث ترافق ذلك الخيال .. رائحة مميزة اشمها منبعثة من يدى فجأة ، و تعبر من امامى دمعة أحدهم ، تليها ابتسامة هادئة.. أسمع طلق نارى ، احدهم ينادى اسمى ، و فجأة سيارة حمراء تظهر ..و يصرخ أحدهم بإسمى .. أحاول الصراخ ، او الفرار ، المقاومة .. و لكن لا فائدة .. تقترب السيارة .. اكثر .. فأكثر .. فأكثر .. و أكثر..
أأأصررخ فجأأة .. لأجد نفسى على فراشى ، كان حلماً .. اتنفس بقوة .. مجرد حلم ..
قد بدأت قطرات العرق تتجمع كثيرة على وجهى و عنقى ، الظلام دامس .. و الشرفة نصف مفتوحة .. يتسلل منها ضوء خافت ، أُهدئ من روعى قليلاً .. و استجمع قوتى و هدوئى ، ارفع الغطاء عنى ، جالسة على طرف فراشى قليلاً ..
اقوم متوجهة نحو الشرفة ، متجاهلة لحظات ترافقنى كثيراً .. اخطو بضع خطوات فى وسطها ، اسمع صوت ضحكات خفيفة يصحبها بعض النسيم الهادئ ..
ابتسم لدى رؤية نوين تجلس على طاولة صغيرة عند مدخل الحديقة ، و ليوناردوا مستند الى باب زجاجى كبير يطل على الحديقة من جهة و على غرفة المعيشة من جهة اخرى ، تتعالى ضحكات ليوناردوا هذه المرة .. و يتبادلا الضحك فى مرح .. اشعر بالبرد إثر بعض الهواء الخفيف ، اعود إلى الداخل و ابقى الشرفة نصف مفتوحة فقط ، اعود جالسة إلى سريرى ، انظر الى الساعة المجاورة .. ماتزال الساعة الحادية عشرة إلا الربع ، يبدو اننى غفوت باكراً اليوم ..
أسند رأسى إلى الوسادة و أحاول تهدئة روعى قليلاً ، لا بأس يا ريلينا .. كان مجرد حلم .. لا تفكرى .. لا تفكرى فيه حتى يا ريلينا .. كل شئ سيصبح على ما يرام ، ستكونين بخير .. كونى واثقة ..
و أستسلم للنوم بكل رضا ..
~ * ~
اليوم لدى الكثير الكثير من الأعمال ، و ليس عندى ادنى فكرة كيف سأنجزها جميعها .. اعلم انها فكرة سخيفة و طفولية ، و أعلم أننى قاربت على إتمام التاسعة عشر من عمرى ، و لكنى احيانا اتمنى ان يكون لدى بديل و تؤام يقوما بدلاً عنى بتلك الأعمال التى لا تنتهى ..
تنهدت بقوة بعد تلك الأفكار .. كفانى تفكيراً سخيفاً و لأصب تركيزى على تلك الاوراق العالقة فى يدى منذ ساعات ..
استيقظت باكراً اليوم ، قبل الثامنة بقليل .. اخذت حماماً سريعاً و انتقيت ثوب أنيق تلائم لونه مع لون السماء ، أحب هذا اللون ..
اسدلت شعرى و نزلت متهادية الى الحديقة ببعض الأوراق و كأس من العصير ، و شرعت فى عملى على احدى الطاولات فى الحديقة ، قد انتقيت ابعد طاولة .. فقط لأننى احسست اننى اريد الإبتعاد عن البيت ما يكفى لصب تركيزى كاملاً فى عملى هذا ، من وقتها و ها أنا أجلس فى مكانى لم أتزحزح عنه قيد أنملة .. قد إقتربت الساعة من العاشرة ، و لم ألمح أى من ليوناردوا ولا نوين ..
أفكر فى الذهاب للسؤال عنهم ، او البحث إن تطلب الأمر .. و لكن ، ما إن عدت للداخل حتى أقبلت نوين فى طريقها للخارج ، ابتسمت لدى رؤيتها لأهتف مسرعة : " كنت فى طريقى للبحث عنكم "
ضحكت ضحكة خفيفة هاتفة : " من منا يبحث عن الأخر ايتها الشقية .. اتظنيننا سناجب نختبئ فى الحديقة "
ضحكت مرددة : " بل تختبئون فى الحدائق ليلاً فقط "
إستدارت معى نحو غرفة الطعام حيث ليوناردوا لم يجلس بعد ، ما إن رآنى حتى إقترب منى يقبل جبهتى مبتسماً هامساً : " صباح الخير ريلينا "
اجبت بإبتسامة : " صباح الخير .. يبدو على عينيك النعاس الشديد ، ألم تنم جيداً ؟! "
ضحك ضحكة ممتزجة ببعض النعاس قائلاً : " إسألى نوين .. هى التى لم تتركنى اذهب لغرفتى حتى بعد منتصف الليل "
اسرعت نوين مدافعة : " أواكنت تريد الذهاب و ترك كل الأعمال على عاتقى انا و تلك الصغيرة ايها الكسول ، فليكن فى علمك ، لن تغادر إلى غرفتك اليوم ايضاً قبل ان يحوز عملك على رضا السيدة الحاكمة "
ضحكت انا و نوين معاً ضحكات عالية تابعت انا بعدها : " كفاكم حديثاً و كأنكم كنتم منشغلون بالعمل .. من يسمعكم لا يتصور انكم كنتم تتبادلون الضحكات ليلاً فى الحديقة "
نظر إلىّ ليوناردوا و انا أتم كلامى متوجهة نحو الكرسى كى اتخذ لى مقعداً ، و اتممت ضاحكة : " اواكنتم تظوننى لا اسمع ضحكاتكم من غرفتى! "
تبادلا النظرات ضاحكين ، متخذين مقاعدهم حول الطاولة ، ليقطع دقائق الصمت التالية أخى هاتفاً : " بالمناسبة ريلينا .. لديكِ موعد مع الطبيب اليوم ، لا تنسى رجاءً "
صحت بضيق : " أوه لا ، لا أريد الذهاب .. ارجوك ليوناردوا ، انا حقاً بخير ولا احتاج لذلك الرجل "
ابتسم ليوناردوا بحنان هاتفاً : " لا تقلقى عزيزتى سأذهب معك .. فقط نريد الإطمئنان أنك بخير "
- " اوه .. بحقك ليوناردوا .. أنا حقاً فى أحسن حال .. و لا اشكو اى شئ .. ارجوك لا اريد الذهاب.. "
أجاب عنى : " عزيزتى لا استطيع مغالبة قلقى عليكٍ .. اود التأكد من انكٍ لن تشكى اى شئ مستقبلاً "
- " ليوناردوا تعرف كيف تكون حالتى عندما اعود من تلك الجلسات ، انا حقاً سأكون بأحسن حال .. ترى اننى لم أذهب للطبيب منذ وقت ليس بالقصير و ها انا بأفضل حال ، لم اعد اشكو اى شئ سوى بعض الأحلام التى لن تلبث ان تختفى مع الأيام "
تنبهت إلى ما قلته .. لأستدرك قائلة : " أقصد .. اننى ، لا احلم الآن باى شئ مزعج .. فقط انا بخـ .. "
رفعت أنظارى نحوه ليترك ما فى يده من طعام مقاطعنى قائلاً : " إذاً .. ماتزال الأحلام تراودك ! "
لم استطع الإجابة ، ليتم كلامه : " سنذهب اليوم للطبيب ريلينا .. ولاتحاولى عبثاً ثنـ.. "
قاطعت جملته نوين هاتفة بهدوء : " لا بأس يا ليوناردوا ، لا تجبرها على ذلك .. إن تكرر الحلم مرة اخرى فقط خذها للطبيب عنوة .. و لكن أظننى اراها بأحسن حال الآن حقاً ، فكر جيداً ، اظننى اراها تتحسن كلما مرت الأيام .. لا اظنها بحاجة للطبيب الآن "
شعرت برضا ما إن تنهد ليوناردوا بقوة ، لأتنفس انا الصعداء .. قاطعت نوين راحتى اللحظية قائلة : " و لكن كونى على يقين يا ريلينا انه اذا تكررت الأحلام ثانية ستذهبين للطبيب ، موافقة ؟؟ "
استسلمت لأمرى هاتفة " حسناً .. لا خيار لدى "
- " إذاً .. هل ماتزال الأحلام تضطربك كما فى السابق ..؟؟؟ "
سألنى ليوناردوا بقلق و شجعتنى نظرات نوين على الإجابة .. تركت ما بيدى و بدأت بالتذكر قائلة : " رأيتها مرة أخرى .. انها هى السيارة الحمراء ذاتها ، و طلق نارى يليه نداء اسمى .. و شخص ما .. ارى دمعه .. و ارى بسمته .. "
اخذت انفاسى تضطرب ، و بدأت اشعر بالحرارة تنبعث من كلماتى ، لأقاوم و أتابع : " السيارة كانت ستصدمنى .. احدهم اخذ يصرخ بإسمى .. و .. و .. "
اخذت قطرات العرق تتجمع و تتساقط من جبينى ، و من السخونة المنبعثة فى وجهى ، شعرت و كأننى أكاد احترق ، قام ليوناردوا من مقعده و اسرع نحوى مربتاً على شعرى و كتفى مردداً : " لا بأس يا ريلينا .. لا بأس ، كان مجرد حلم .. لا بأس ، دعك منه .. لا تكملى .. "
لم انتبه لكلامه جيداً ، لأتابع قائلة : " كنت اشم رائحة اعرفها .. كانت جميلة ، انا واثقة من اننى شممتها قبلاً .. و هذا الصوت الذى سمعته .. و كأننى سمعته من قبل ، انا واثقة .. أنا ... "
غصت فى صدره و انا اكاد ارتجف من تلك القشعريرة التى صابتنى .. ضمنى لصدره بقوة و هتف بحنان : " اصمتى يا ريلينا .. لا بأس .. لا بأس ، عزيزتى .. دعك من كل هذه الأوهام ، انا معكِ هنا .. لا داعى للخوف ، لن يمسك أحد بسوء .. لا تخافى ريلينا .. اعدك ألا أتركك وحيدة ابداً صغيرتى .. اعدك "
مرت بضع دقائق حتى استردت قوتى .. لا اعلم لم ً لم أشعر بوجود نوين فى الغرفة فى ذاك الوقت !
لا أعلم إن كانت قد غادرتها ام ماتزال معنا ، فضّل ليوناردوا ان اذهب لغرفتى كى أستريح لبعض الوقت ، و ساعدنى على النهوض .. و لكن ، حينما وقفت كى اقوم من مكانى ، لمحتها تقف بجانبنا .. تنظر إلى الناحية الأخرى ، و كأنها تتجنب النظر نحونا ..
يدها اليمنى تضغط على ذراعها اليسرى بقوة ، و إن كنت فى وعيي الكامل كنت لأجزم أن كتفها كان يرتجف و كأن قشعريرة تسرى بها .. وضع ليوناردوا يده على كتفها للحظة ، ثم سحب يده و أكمل معى طريقى نحو غرفتى ..
~ * ~
" ما يقرب من عشرة أشخاص .. يحيطوننى و انا جالسة الى كرسى ما .. امامى كعكة كبيرة الحجم .. ارتدى ثوباً وردى اللون .. و انفخ فى شمعات قليلة زينت وجه الكعكة .. اسمع تهليلات و ضحكات تحيطنى .. و لكن لا اتبين سوى وجه نوين .. "
تقترب الساعة من الرابعة عصراً .. انهض من فراشى جالسة مسندة رأسى للخلف ، احاول مرة اخيرة تبين ملامحهم ، و لكن بلا فائدة .. تمر دقائق قليلة قبل ان اقوم من فراشى نحو الحمام .. اغسل وجهى بالماء البارد فى محاولة منى لمسح تلك الصورة ، ارش الماء البارد على وجهى كى استفيق من ذاك الشرود..
اتوجه نحو خزانتى .. استخرج جيب باللون الروزى الفاتح تصل إلى ركبتي ، باديه ابيض سادة ، معطف طويل يصل طوله إلى فوق الجيب مباشرة ، له نفس لون الجيب ، و اتوجه للمرآة ..
تثبت عيونى على إنعكاسى فى المرأة لبضع لحظات .. و كأننى أتخيل أحدهم يقف خلف ظهرى ، ملامح مبهمة ، فقط خيال .. يضع يده على كتفى ، و استشعر احساس نظرات مؤلمة .. انفض رأسى متخلصة من تلك الأوهام ، أنشغل بترتيب شعرى ، و ابدأ بإرتداء ملابسى ..
أمسك المعطف على ذراعى و ألتقط حقيبتى و أغادر غرفتى .. مغلقة الباب من ورائى ..
توجهت نحو مكتب نوين .. طرقت الباب و أطللت برأسى هاتفة : " نوين .. هلا ترافقيننى ؟ "
اجابتنى نوين الجالسة إلى مكتبها و بيدها بعض الأوراق بإبتسامة : " إلى أين ريلينا ..؟ "
أجبتها : " مشروع إتحاد المساكن و المدن العمالية "
صمتت قليلاً قبل أن تترك ما بيدها هاتفة : " حسناً لا بأس ، انتظرى قليلاً فقط حتى أستعد "
- " لا بأس .. سأكون عند ليوناردوا "
خرجت من المكتب متوجهة نحو مكتب أخى مباشرة .. طرقت الباب بهدوء و أنا أدير مقبضه و أدلف للداخل ، لم يكن على مكتبه كما توقعت .. بل كان واقفاً إلى باب زجاجي كبير يطل على الحديقة ، مديراً رأسه نحوى .. ما إن رآنى حتى إبتسم بهدوء متسائلاً : " هل إستيقظتٍ .. ؟ "
ضحكت بهدوء مجيبة : " لم أنم حتى أستيقظ .. "
ابتسم مرة أخرى موجهاً نظره نحو معطفى هاتفاً : " إذاً .. إلى أين تذهبين الآن ..؟ "
أجبت بهدوء : " لدى إجتماع فى مركز الإتحادات السكنية "
- " و هل أنتٍ واثقة انكٍ تقدرين على الذهاب وحدك "
إبتسمت هاتفة : " لا تقلق ليو .. نوين آتية معى "
- " و لكن يمكنك تأجيله ريثما تتحسنين صغيرتى "
- " أنا بخير ليوناردوا لا تقلق .. ثم إن نوين لن تتركنى كما تعلم .. "
تنهد بهدوء و ارتياح قائلاً : " لا بأس ريلينا ، و إن أحسستٍ بالإرهاق يمكنك العودة .. فقط لا تضغطى على نفسك عزيزتى .. "
ابتسمت و أنا أقترب من كرسى قريب من المكتب ، تركت عليه الحقيبة و المعطف قائلة : " نسيت بعض الأوراق .. سأحضرها و اعود "
ما إن رفعت رأسى لاخرج ، حتى شعرت بباب المكتب يًفتح و شخص يطل منه .. ربما لا اعرفه ، و لكنى رأيته .. لم اتبين من هو ، لأنه بنفس اللحظة إذا بى ألمح شئ ما على المكتب ..
شئ أجبرنى على الإلتفات إليه .. حملقت فيه بقوة للحظتين .. اتسعت حدقتا عينى بقوة ..
كتمت صرختى بكلتا يداي .. و لم اشعر سوى بجسدى يتهاوى ليرتطم بالأرض بقوة ..
~ * ~
ظلام يخيم على غرفة واسعة .. من خيالاتها المنعكسة تراها غرفة مكتب تبدو الفخامة عليها برغم الظلام و انعدام الرؤية الواضحة ، خيال طويل لشخص ما يقف بالقرب من المكتب .. تلمع عيونه بحزن كامن و هو يحدق فى صورة ما يمسكها بإحدى يديه ..
يستند بيده الأخرى على رف المكتب محاولاً التماسك ، أو فقط إظهار التماسك .. ينفتح الباب بهدوء ، و يخطو خيال أخر الغرفة بهدوء ، يقترب من الخيال الأول .. ينطق اخيراً صوت هادئ حزين :
- " زيكس .. أرجوك يكفى .. نقترب من الساعة التاسعة و انت على هذه الحال "
لا يبدو أن الخيال الأول عازماً على الرد ، ليكمل الصوت قائلاً : " ترى ما حالت إليه الأمور .. لست بقادرة على رؤيتك تعانى هكذا ، و لست بقادرة على المساعدة.. علنا نقدر جميعاً على التماسك إن كانت الأمور أوضح "
يقف الخيال الأول للحظة و كأنه تمثال من الصلب .. ثم تتحرك قدمه ، تليها الأخرى .. يدير ظهره لمصدر الصوت الناعم ، يتحرك نحو باب زجاجى كبير يبعد عنه قدر متر او اكثر بقليل ، و ما تزال الصورة بيده اليمنى .. يدفع الباب الزجاجى بهدوء بيده اليسرى ، و يخطو خطوات قصيرة للخارج .. يقف قليلاً ، رامياً بصره إلى ما وراء الأخضر الذى يبدو اسود ، إلى ما وراء الحديقة ، إلى ما وراء السماء التى تبدو صفحة سوداء ..
و فى الغرفة المظلمة ، لا يزال الخيال الثانى يقف حيثما كان .. يتمتم بهمس :
" زيكس .. اعلم انك لن تنسى و لن تسامح .. ارجوك .. فقط حاول ، من أجلهم .. فقط .. "
~ * ~
أفتح أحد الأدراج المجاورة لسريرى .. أمد يدى إلى ورقة مطوية ، اسحبها و اقرأ ما بها ..
إحساس غريب ينتابنى .. قشعريرة تسرى بجسدى ، ارمى بصرى نحو الأباجور الثابت على الدرج الصغير بجانبى ، أشرد قليلاً فى الضوء الشارد الباهت الذى يخرج منه فى رحلة نهايتها سريرى ، و بالكاد يصل إلى وجهى .. انقل بصرى نحو الشرفة النصف مغلقة .. أحملق فى مساحة السماء الظاهرة منها .. و اتمتم بهمس : " بعيداً .. بعيداً .. "
"
كلما حاولت الإبتعاد ، اعادنى الشوق .. و كلما قررت العودة ، ترغمنى دمعتك على الذهاب .. لا أعلم الى متى سأمنع يدى من مسح دموعك .. الى متى سأمنع نفسى من التحليق حولك .. إلى متى سأرسمك لوحة ، فقط فى خيالى ..
كم اشتاق لبسمة ترسمها شفتاكِ .. الى متى سأظل بعيداً .. بعيداً .. بعيداً .."
~ * ~
اما خارج الغرفة .. خارج القصر .. و خارج الحديقة ، خلف أسوارها العالية .. خلف أبوابها الفاصلة .. يقف خيال .. لحظات مطولة تمضى ، قبل أن يتحرك هذا الخيال ، مردداً بنبرة خافتة حزينة : " بعيداً .. بعيداً .. بعيداً .. "
يدير ظهره للقصر ، و يتمتم بكلمتين من خفوتهما لا تكاد أذنه تسمعهما .. و يسير شارداً لا يكاد يعى العالم من حوله ، فقط يسير .. حتى يختفى عن الأنظار ..
~
إلى هنا أقف
أكون سعيدة إن أطلعتمونى على الإنطباع الأول..
لربما تكون البداية قد نالت شيئاً و لو يسيراً من إعجابكم ~
المفضلات