إن الحمد لله تعالى نحمده,نستعينه ونستغفره ونستهديه,ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا,
من يهد الله تعالى فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله,
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله،وخير الهدى هدى محمدٍ صلى الله عليه وسلم،وشر الامور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة،ووكل ضلالة في النار-أعاذنا الله وإياكم من النار ..آمين-,,اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في العالمين
إنك حميد مجيد،وبارك على محمد وعلى آل محمد في العالمين إنك حميد مجيد، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
أحبتي في الله ,,بفضل الله تعالى وبرحمته,لا زلنا نتواصل معا ,مع هذه السلسلة الطيبة المباركة,
شرحا,ومتابعة لمتن الأربعين النووية على قائلها الصلاة والسلام,وعلى من جمعها سحائب رحمة الملك العلام,
وبعد طول الغياب,والذي نعتذر عنه جدا,نعود معا إلى جو دروسنا الحبيبة,فمرحبا بنا بينكم,ومرحبا بكم معنا في درسنا الجديد.
كنا في درسنا الماضي قد تعرضنا لشرح حديث جليل من أحديث الأربعين ,والذي عنونا له بـ: حرمة دم المسلم,
وكنا قد تعرضنا فيه للحالات التي يحل فيها دمه,بشيء من التفصيل,الذي يوصل المعنى,بإذن الله.
واليوم,بإذن الله تعالى ,نتعرض للحديث الخامس عشر لهذه السلسلة,وهو حديث جليل لا تقل أهميته عن سابقيه,
حديث جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الخير للإنسان المسلم,
وهذه المرة بإذن الله تعالى,ولأول مرة في هذه السلسلة,رأينا ان نقسم هذا الدرس إلى جزئين
فيتقلص بذلك حجم الدرس,ويسهل استيعابه,ولا تشق قراءته بإذن الله عز وجل ,
راجين من المولى تبارك وتعالى ان يوفقنا في ذلك.
ونذكر بدروسنا السابقة,لمن فاتته.أو من اراد المراجعة,أو من أراد الإفادة والإستفادة:
الدرس الحادي عشر
الدرس الثاني عشر
الدرس الثالث عشر
الدرس الرابع عشر
وبدون إطالة ولا إطناب ,نترككم مع الجزء الاول من الدرس الخامس عشر
الحديث الخامس عشر : آداب إسلامية
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ: أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل
خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ".
رواه البخاري ومسلم.
تمت في درس سابق ,ولمن أراد التذكر .
"يؤمن" : المقصود بالإيمان هنا: الإيمان الكامل، وأصل الإيمان التصديق والإذعان.
"اليوم الآخر": يوم القيامة.
"يصمت": يسكت.
"فليكرم جاره": يُحَصِّل له الخير، ويَكُفّ عنه الأذى والشر.
"جاره":ويطلق الجار على ثلاث :
الساكن معك في البيت لقول الشاعر :أجارتنا بالبيت إنك طالق
ويطلق على من لاصق بيتك أو باعده حتى أربعين مسكنا,أو كما هو معروف عند الناس ,
ويطلق أيضا على من يسكن معك في البلدة لقوله تعالى :"ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا "
"فليكرم ضيفه": يقدم له الضيافة (من طعام أو شراب) ويحسن إليه.
* يحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يعتبر أدبا من الآداب العظيمة على أعظم خصال الخير
وأنفع أعمال البِرّ، وهو كما قال أهل العلم صنو من حديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"
قال الإمام النوي رحمه الله تعالى :قال الإمام الجليل أبو محمد بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب
في زمنه : جميع آداب الخير تتفرع من أربعة احاديث وذكر منها هذا الحديث الشريف,إظافة إلى قوله صلى
الله عليه وسلم :" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وقوله :"لا تغضب" وقوله :"لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" .ولقد من الله تعالى علينا بشرحها في السابق
إلا حديث "لا تغضب",والذي سيكون الحديث التالي بأمر الله تعالى .
* ويدل حديثنا اليوم,على انه من صفات المؤمن الصادق التقي الذي يخاف الله عز وجل ,ويتقيه,ويخاف مما سيحصل له في اليوم الآخر ويرجو رحمة ربه
من صفاته ومن كمال إيمانه,وتمام إسلامه انه لا يقول إلا خيرا ,وإلا فإنه يصمت,كما دل على أنه جواد كريم,يكرم جاره ويحسن إليه,ويكرم ضيفه ويؤدي حقه.
وهذا عموم ما يدل عليه الحديث الشريف,,فنفهم من ذلك على أن الحقوق مقسمة إلى قسمين : حق العباد,وحق الله عز وجل .
* وحق ربنا عز وجل ,مبناه,ومداره مراقبة الله تعالى في الأفعال والأقوال,والحركات والسكنات.
وأعسر شيء في هذه المراقبة أن تكون في اللسان ,هذه القطعة الصغيرة من اللحم,لكنها عظيمة الجرم,باستقامتها يستقيم المرء,
ويستقيم قلبه, قال صلى الله عليه وسلم :"لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه "ولهذا كان
أول ما نبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم,فقال:" فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ" فهو أعسر شيء من حيث العمل ،والصمت متراخ في الأمر
عن قول الخيرولهذا كان الأول,وهو المقدم,وقد نفسر هذا الامر بطبيعة البشر,فالإنسان ميال إلى الكلام أكثر منه إلى الصمت ,فعلى المسلم
ان يسعى في أن لا يقول إلا ما فيه خير ,أو دلالة على خير ,فإن لم يجد,فحري به أن يصمت ,موافقة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في
قوله :"أو ليصمت".لئلا يقع في محرم,أو يدعو إلى محرم,فكل اقوال العبد محفوظة عليه,إما يجازى بها,أو يحاسب عليها , قال تعالى :" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ
إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ "،وقال تعالى :" لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ " فالصدقة واضحة,والإصلاح بين الناس
كذلك,والمعروف هو ما عُرف حسنه في الشريعة ويدخل في ذلك جميع الامر ,بالواجبا والمستحبات ,وجميع النهي عن المحرمات والمنكرات.
إذن فقوله صلى الله عليه وسلم :" فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ " أي فليقل ما فيه صدقة وليقل ما فيه معروف وليقل ما فيه إصلاح بين الناس ,
أما غير ذلم مما لا خير فيه,فهو مأمور بتركه فقد يكون من المحرم ,وقد يكون من المكروه,وحتى قد يكون من المباح ,لأنه قد يؤدي إلى محرم,
قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:"..فعلى هذا يكون الكلام المباح مامورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة ان ينجر إلى المحرم أو المكروه وقد يقع ذلك كثيرا ".
المفضلات