إنها العضلة التي تضخ الدم من القلب إلى سائر الجسد ومن سائر الجسد إليها
معلومة علمية بحتة . تأمّلها ! ماتجد فيها ؟
سُبحان الله إن مافي القلب يؤثر على مافي الجسد سائره , فترى الذي تسارعت نبضاته ازداد عرق جبينه وانتفضت أطرافه , فيكاد الغضوب إن أطاع الشيطان أن يهب لسحق من أمامه سواء بعضلات يده أو بعضلة لسانه .
* أدرك أخي للمسلم أن مافي القلب هو الإيمان ومايؤمن به الإنسان يؤثر على سائر جسده بل على سريرته ومسيرة حياته كلها ومصيره !
قال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب "
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "القلب ملِك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملِك طابت جنودُه، وإذا خبث الملِكُ خبثت جنوده"
قد يعبر بالقلب عن العقل , يقول تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) , (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا)
و قلبُ الشيء : وَسَطُهُ ولُبُّه ومحضه
ولو تأملنا تعبيراتنا المتعارف عليها لوجدنا معانٍ كثيرة , فنقول :
أبيض القلب , أي طاهره , حسن الطبع سليم النوايا لاسوء فيها
بسيط القلب , طبيعي على الفطرة , ساذج !
جامد القلب , ثابت وقاسي , لايتأثر بسهولة
دافئ القلب , لطيفٌ ذو حنان وعطف
سليم القلب , نقي صافي النية , صالح الضمير
ضعيف القلب , ويُقصد به الجبان
أعمى القلب , أي أعمى البصيرة لايهتدي للحق
مريض القلب , ذو شك ووسوسة , ذو حقد وغل .
وهناك تعبيرات أوسع اتخذت طريق الأمثلة :
فنقول بلغت القلوب الحناجر , تعبيرًا عن الخوف وضيق الموقف وشدة الأمر .
بلا قلب , وهذا نفي معنوي مقصود به غياب الرحمة.
حفِظه عن ظهر قلب , أي كما هو النص والسياق مطبوع في صدره بتفصيله دون تغيير .
حدثني قلبي , أي علّمني وهو الإحساس والشعور والخاطر حين يخامر المرء.
من كل قلبي , أي بتمام إرادتي ومشيئتي , فتشمل العزم والإخلاص في العمل.
فتحت قلبي له , أي بحت بأسراري وأظهرت الخفايا التي أكنّها.
قلبًا وقالبًا , تُشير إلى الكليّة وهو شمول الأمر للظاهر والباطن.
من القلب إلى القلب , هو ذلك العطاء الصادق ’ المكلل بالإخلاص.
أما أنواع القلوب فقد ذكر منه الله تعالى في كتابه :
القلب السليم : المخلص المطيع لله , الخالي من الانحرافات
القلب المنيب :دائم الرجوع والتوبة لربه
القلب الوجل : وهو الذي يخاف الله عز وجل
القلب التقي : وهو الذي يعظّم شعائر الله
القلب الحي : المؤمن بالله , الشكور غير الكفور
القلب المريض : وهو الذي أصابه مرض من أمراض القلب والتي سنأتي على ذكرها إن شاء الله
القلب الأعمى : الذي لا يرى الحق والصواب
القلب الآثم : الذي يكتم شهادة الحق
القلب المتكبر : وهو الذي يتكبر على الناس ويجادل في الحق بل ويحاربه
القلب الغليظ : منزوع الرأفة والرحمة
القلب القاسي : لايعرف الله ولا يذكره
القلب الغافل : وهو الذي يغفل عن أداء دوره ووظيفته في الحياة
إن قلوبنا تشمل علومنا , مبادِئنا , أفكارنا , أسرارنا وكُل مايخطر فموقعه القلب
لهذا كان هو المُحاسب (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم)
ولأن جمال القلب ينعكس على جمال المرء وبشاشته وطلاقته وحُسنه, بل وينعكس على عمل الإنسان وتعاملاته وألفاظه
فلا عجب , فإنه عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل ؟
قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال: "هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" .
يقول أحدهم : "عجبت لمن يغسل وجهه عدة مرات في النهار، ولا يغسل قلبه مرة واحدة في السنة"
فالقلب بحد ذاته شُبّه بتشبيهات كثيرة , بالكتاب , وبالبحر وبالعالم أيضًا فإن فيه حركات وطقوس , فيه تقلّبات وأمزجة , فيه لهو وتقلب
فيه دليل وزيغ , فيه بصيرة وعمى ... فضبطه هو العمل السامي في هذه الحياة
فالقلب يولد نقيّ نظيف , كالصفحة البيضاء التي لم تتعرف الحروف والألوان بعد
يقول صلى الله عليه وسلم : "تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء
وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه
وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض"
حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختار المفردات التي تجعل المرء يشمئز فقط من سماع صفات القلب البالي !
فسلامة القلب والصدور وبياضها نعمة وهبة من الرحمن وهي من عطياته لأهل الجنة حين يدخلونها بفضله
إذ يقول تعالى : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) .
المفضلات