،
1 Scene
.. صرخةٌ شقت كَبِدَ سماءٍ جَنُحَ ظلامها ..
قمر الدم باح ضيّهُ
.. عن أرضٍ للقنوط مُستقرها ..
:
.. سُـحــبٌ سـرمـدٌ بـاح جـوفـها ..
بأمطارِ دمٍ قانٍ لونها
:
.. عالمٌ هو للتيهِ سبيل ..
وليأسهِ سَليل
.. ولآناءِ ليله الطويل عويل ..
:
.. ليلهُ أشاب الوِلدان ..
ونهاره للسَقم عنوان
:
.. دموعه كانت تذرفُ للأرض راويةً ..
قصة خيلٍ أنهكها جموحُ فارسها
.. قصة سيوفٍ أدمت راحة مستلّها ..
:
.. أرض الـوغـى قــد ازدانــت ..
بجثامِن من كانوا لها ملبينا
:
.. عـظـامُ رميـمٍ تبعثرت ..
من سفسفةِ ريحٍ صرصرينا
:
.. طعونِ الغدر تشكلت دمائها ..
لترسم لنا بكل أساويها
:
Scene 2
" ما يؤخذ بالسيفِ لا يُسترد إلا بمثله "
بالسيوف تقارعا فكان اللقاء
وبها كان الفُراق ~
وما بين اللقاء والفراق
كانت الـمـلـحـمـة ~
:
مؤلمٌ هو أن تخسر كل شيء
في اللحظة التي تظن أنك بها
ملكتَ كل شيء
:
تحكي ملحمتنا
قصة خضوعٍ وكبرياء
قصة خنوعٍ وإباء
قصة خُيلاءٍ حُق لها
فكان لها من اسمها نصيب
" غاتس " ~
:
كانت العزلة رفيقه الوحيد
وكان الصمت ديدنه
وكان النصل الذي لا يكل
جوابه الوحيد
محارب ترعرع بين الصخور
بين أمواجٍ هادرة لا ترحم
محارب ربى وحيدًا وعاش وحيدًا
إلا من وضيعٍ رباه في صغره
ليتاجر بجسده الضئيل بعد ذلك من أجل حفنة من المال
لينطق عندها محاربنا بأولى إجاباته
في الحياة
وكم كان في إجابته حينها بليغًا ~
:
كانت النجوم عين الأب له
وكانت جُذعُ الشجر حضن الأم له
صرير ريحها كان صوت
السلوان له
:
هائمًا على وجهه
تتلقفه ميادين الوغى يمنةً ويسرة
يقوم تارة ويتعثر عشرة
:
حتى كانوا ~
كانوا له أمًا لم يذق طعم
أحضانها يومًا
كانوا له أبًا يربت على أكتافه
:
كانَ له الصاحب والخليل
كانَ له الظل والظليل
كانَ لهُ سهمًا لا يميل
:
إلا أن عزته أيقظته من حلمه
الجميل
لتذكره بماضيه التليد
:
ليفترقا بمثلِ ما اجتمعا عليه
.. [ بالسيفِ وَحَدِّه ] ..
:
لينتصرَ لكرامتهِ وعزته
ويخسرَ بعدها كل شيء ~
:
Scene 3
من أبرز ما يميز هذه الملحمة
الخالدة تميزها بصناعة شخصياتها من الصفر
الأمر الذي فشلت فيه معظم
الأعمال المنافسة
التي تهتم كثيرًا بالحاضر وتهمل الماضي
واضعةً المتابع أمام الأمر الواقع
ليتقبل الشخصية كما هي
الأمر الذي تميز فيه بيرسيرك أيما تميز
فبناء شخصية غاتس وعلاقته
برفاقه تم بشكل مطول ودقيق
ليتعايش المتابع معها
بشتى مراحلها لحظة بلحظة
بأفراحها وأتراحها
وحتى آخر لحظاتهم معًا
قبل أن يبيعهم الوضيع غريفث
ليشتري بهم حياته ثمنًا بخسًا ~
:
Scene 4
من أهم عناصر تميز أي عمل
قطباه الرئيسيين
" البطل / الشرير "
وقد نجح في ذلك بيرسيرك برأيي الشخصي
تمامًا ، بل لن أبالغ إن زعمت
أنه العمل الوحيد الذي نجح فيه البطل
والشرير في الإقناع
قد يخالفني بعض العاطفيين في غريفث
إلا أنني أشدّد على أنه يجسد الشر
الحقيقي
الشر الخالص البعيد عن مفهوم الشر
التقليدي المبتذل
وشخصية الشرير النمطية المستهلكة
الشرير الذي يقف بالظلام
ليطلق ضحكاتٍ ساذجة بمناسبة وبدون مناسبة
غريفث شر حقيقي
شر يمثل كل ما هو قبيح وحقير وبغيض
ووضيع في العالم
شخص وصولي لا يتردد برهة في مصافحة
الشيطان نفسه ، حتى وإن عنى هذا أن يبيع
شرفه وفطرته ليتمكن من تحقيق هدفه
شخص لا يمانع من بيع كل من يحب
من أجل ذاته النرجسية
ومن أجل أضغاث أحلامه .
لا يوجد من هو أحقر من غريفث
بالتالي لا أرى من يستحق
أن يكون ملك الشر سواه ~
:
من جهة أخرى
فـ ميورا نجح بتقديم بطله بشكل مثالي
لا أبالغ إن قلت أنه البطل
الأفضل على الإطلاق بين الأعمال قاطبة
فـ غاتس تعرض لما لم يتعرض له أي بطلٌ آخر
معاناة حقيقية يندى لها الجبين
لا معاناة مفتعلة تحاول دغدغة مشاعر متابعيها
يأسًا لعل وعسى أن يقع " الإقناع "..
معاناة شكلت بل حفرت شخصية غاتس الصلبة اليوم
التي جعلته لا يؤمن بمبادئ تخلت عنه في أشد أزماته
وأدارت له ظهرها
بعد أن ظل يطاردها لوحده
حياة عصيبة شكلت منه وحش اليوم
حياة تعلم منها أن الرغد لن يكون إلا بالسيف وحده
في عالم يمتهن من الغابِ شريعةً له
أولم يجسد ميورا هذا الأمر
بمقولة " ما يؤخذ بالسيفِ لا يُسترد إلا بمثله "
:
Scene 5
كثيرًا ما يُعاب على الفن الشرقي " الياباني خصوصًا "
خطوطه الحمراء التي تقيد
وتضيق من هامش الإبداع
وتقتل كثيرًا من جماليته
فضلاً عن سهولة توقع أحداثه وتطوراته وخط سيره
" فالأبطال دائمًا وأبدًا بخير "
إلا أن بيرسيرك استطاع التحرر من هذه الآفة
وحطم أغلالًا تثقل كاهله وتمكن من تبوء مكانه
على قمة أعمال هذا الفن
فـ بيرسيرك يكاد يكون هو العمل الوحيد
الذي تلتغي أمامه كل القيود والخطوط الحمراء
بل وتشعر أن من خطها يستمتع بتمزيقها
وبعثرتها مع رياح عالمه الثائرة
وربما كان هذا السبب الذي جعله عملاً منبوذًا
لدى صناعة الأنمي في اليابان
التي تبحث عن القيم والمبادئ والأعمال التي تنمقها
الأمر الذي جعل هذا الفن يدور
في دائرة مفرغة لا نهاية لها
بسبب تجّار الكلمة الفارغة وقطيعها
فتشابهت الأعمال وتشابهت الشخصيات
لدرجة كبيرة
بل أن التشابه وصل لمرحلة خطيرة
بوصوله للتشابه حتى في الجمل والعبارات بشكل كبير
وما هُراء أعمال الشونين عن الصداقة والتسامح
إلا نموذجًا لذلك ~
لذلك شذّ بيرسيرك عن سربه وحلق في فضاءٍ
لا ينافسه فيه أحد ..
لأنه نشد القمة التي أعجزت الجميع
.. في بيرسيرك فقط ..
الموت يحوم فوق رؤوس الأشهاد
هذا المشهد تحديدًا أثبت أن بيرسيرك
عمل مختلف في مضمونه
أحرق والدته بدمٍ بارد لا لشيء
سوى ليدفن معها زمنًا لا يسره.
.. في بيرسيرك فقط ..
بطله شيطان مريد أكثر
منه بطل يتمسك بقيمه ومبادئه
وما أنانيته وتضحيته برقبة بريءٍ في آرك " الفارس الأسود "
إلا برهانٌ على ذلك~
شجاعة ميورا وجرأته
جعلته يصعد الحلبة التي خاف الجميع من صعودها
فكانت له القمة
بما أنه دفع مهرها ~
:
المفضلات