أهل الحديث طــــــويلة أعمارهم
ووجوهم بدعا النبي منضّره
وسمعت من بعض المشايخ أنهم
أرزاقهم أيضا بـــــــه متكثره
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم باليمن والبركات،
موضوعنا اليوم بسيط كبساطة السؤال في عنوانه إن شاء الله > أتمنى ذلك حقًا
وجبَ التنويه قبل كل شيء ، أننا لسنا علماء ، ولا طلبة علم ، أوقد نكون جزءًا بسيطًا من الصنف الثاني،
إن أحسنّا النيّة وأصلحناها.
في الترمذي عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول:
" نضر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه،
ورب حامل فقه ليس بفقيه."
قال الترمذي: حديث حسن.
وعلى ذلك ، فالكلام القادم ، مصاغ بأسلوب بسيط كي يفهمه جميع أنواع الناس ، طلبة العلم وغيرهم ،
الكبار والصغار ، و من رُزِقَ الفهم ، و من لم يفهم فلعلّه ينقل الكلام إلى غيره أملاً أن يكون ممّن ذكره
الرسول-عليه الصلاة والسلام- في حديثه أنّه ( حامل فقه ليس بفقيه ) و الدّعاء له بالنضارة والبهجة والحسن،
فيالكَ من محظوظ أن تشملك دعوة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
انتشرت تلكَ الرسائل منذ بدأ الثورة التنكلوجيّة للمعلومات ، و ظهور أجهزة الآيفون و الأندرويد ، وغيرهم ،
بل وربّما قبلهم، لكنّ الحقبة الحالية كانت لها الصدارة في ذلك .
عمّ أتحدّث ؟
أتحدّث عن الرسائل التي تصلنا في تلكَ الأجهزة ،
وتحتوي على أحاديث يزعم أنها مروية عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، فما أكثر الرسائل التي احتوت على أحاديث موضوعة،
بحيث يرسل لي [ خالد ] رسالة فيها [ حديث ] و أرسلها أنا بدوري لـ [ محمد ] حتى أكسب أجرًا،
وأفاجَأَ تمامًا برسالة من [ خالد ] يعتذر فيها للجميع عن الحديث الذي أرسله أنّهُ [ ليسَ صحيحًا ]
و هو من [ الموضوع ] ، و أعيد إرسال الرسالة الثانية أعتذر فيها لـ [ محمد ] وغيرهم !
وهذه حكايتي مع ظهور برامج التواصل الاجتماعي
كانت موجودة أيام بداية عالم الانترنت والمواقع والمنتديات،
لكنّها الآن منتشرة بشكل لا يصدّق لسهولة الضغط على زر [إرسال]!
لذلك ، ما هو الحديث الموضوع ؟
-الحديث الموضوع لغةً: هو اسمُ مفعول من (وضعَ الشيء) أي ( حطّه) سُمِّيَ بذلك لانحطاط رُتبَتِه.
-اصطلاحًا: هو الكذب، المختلَق، المصنوع، المنسوب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
رتبتُهُ:
-هو شرُّ الأحاديث الضعيفة، و أقبَحُها، وبعضُ العلماء يعدُّهُ قسمًا مستقلًا، وليس نوعًا من أنواع الأحاديث الضعيفة.
حكم روايته:
-أجمعَ العلماء على أنه [ لا تحلُّ ] روايتُهُ لأحدٍ عَلِمَ حالَهُ في أيّ معنى كان إلا [ مع بيان وضعه ] لحديث مسلم:
" من حدَّثَ عنّي بحديث يُرى أنّهُ كذب فهو أحدُ الكاذبَيْنِ ". (مقدمة مسلم بشرح النووي)
و " يُرى " المقصود فيها [ يَظن ] ..
للوضاعين في صياغة الحديث طريقان:
1) إمّا أن يُنشِىءَ الوضّاعُ الكلام من عنده، ثمّ يضعَ له إسنادًا ويرويَهُ ..
2)و إمّا أن يأخذَ كلامًا لبعضِ الحكماء، أو غيرهم ويضعَ له إسنادًا .
هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر فى سنده ؟
أجابَ السؤال الامام ابن القيم-رحمه الله-فى [المنار المنيف] (ص 25 – 26) قائلًا:
"فهذا سؤال عظيم القدر ، وانما يعلم ذلك من تضلع فى معرفة السنن الصحيحة ،
واختلطت بلحمه ودمه ، وصار له فيها ملكة ، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن
والأثارومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه ، فيما يأمر به وينهى عنه ،
ويخبر عنه ويدعو اليه ، ويحبه ويكرهه ، ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول-صلى الله عليه وسلم-،
كواحد من أصحابه.
فمثل هذا: يعرف من أحوال الرسول-صلى الله عليه وسلم-وهديه وكلامه، وما يجوز أن يخبر به، ومالا يجوز،
وما لا يعرفه غيره ، وهذا شأن كل متبع مع متبوعه ، فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله ،
من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه ومالا يصح : ما ليس لمن لا يكون كذلك" هـ .
-يُعرَفُ الحديث الموضوع من دون النظر في إسناده، وهذا يساعدنا كطلبة عاديين أو أشخاص
من مجتمع غير متبحّرين بعلم الأسانيد ولا متخصصين أن نميّزَ الأحاديث فيما بينها ،
يعني مجرّد تركيز وذكاء بعد الاستعانة بالله ستعرف أنّ هذا الحديث موضوع :
أ-إقرار الواضع بالوضع:
كـإقار أبي نوح بن أبي مريم بأنّه وضعَ حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس.
" ويجدر بي التنبيه أنّه لا حسنة للوضع، ولو كانت نيّتك حسنة ولو كنتَ تريد أن تقرّب الناس إلى الله،
لا يجوز أن تكذبَ على النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وتقوّلَهُ شيئًا لم يقُلهُ هو "
ب-أو قرينة بالراوي:
مثل أن يكون الراوي رافضيًّا، والحديث في فضائل أهل البيت.
كمثال : ( علي خير البشر ، من شكّ فيه كفر ).
الحديث واضح وضوح الشمس ، أنه ليس من قول الرسول-عليه الصلاةوالسلام-.
ج-أو قرينة في المروي:
مثل كون الحديث ركيك اللفظ، أو مخالفًا للحسّ، أو مخالفًا لصريح القرآن.
"فهذا نلاحظ أحيانًا حتى كبار السن في البيت ينتبهون له، مجرّد ما يسمعونه يقولون لك وينكرون عليك،
هذا الكلام غير صحيح أليس الله يقول في كتابه كذا ، فكيف تقول أن الرسول قال كذا ؟ "
"وقد أجمعت الأمة، على أن [الحديث الصحيح] لا يخالف القرآن أبداً لأنه بيان للقرآن،
وهو وحي من عند الله فلا يمكن أن يخالف القرآن وإلا فسد الدين بالمعارضة (السنة وحجيتها ومكانتها في الإسلام) .
"قال الشافعي رحمه الله: "إن سنة رسول الله لا تكون مخالفة لكتاب الله بحال، ولكنها مبينة،
عامة وخاصة" (الرسالة للإمام الشافعي)
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما فى [تدريب الراوى]للسيوطى ( 0 1 / 276 ):
"المدار فى الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وان لم ينضم اليه ركة اللفظ ،
لأن هذا الدين كله محاسن ، والركة ترجع الى الرداءة ، وأما ركة اللفظ ، فلا تدل على ذلك ،
لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغيّرَ ألفاظَهُ بغير فصيح ،
نعم إن صرّح بأنّه لفظ النبى-صلى الله عليه وسلم-فكاذب ...." اهـ .
"ومن المعلوم أن معارضة السنة بالقرآن مذهب رديء تبناه أهل البدع والضلالة من المعتزلة ومن سار على منوالهم،
وأما السلف رحمهم الله، فكانوا منزهين عنه، وقد رد العلماء قديماً على من عارض السنة بالقرآن، وبينوا فساد منهجه وضلاله."
(موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية).
" أيضًا إنّ الرسول-صلى الله عليه وسلّم- قد أوتيَ جوامعَ الكلِم ، فأسلوبه مُحبب للقلب ، يسرُّ المسامع والآذان،
فعندما تأتي أحاديث موضوعة بسهولة نميّزها بأنّ الأسلوب فيها مبتذل وضرب الأمثال فيها لا يضربه حتى الشعراء
لسوءه ولسخافته ، وأحيانًا الإعراب، نجد الحديث كلّه ليس له محل من الإعراب ! "
هنا في هذه الصفحة أمثلة لأحاديث منتشرة لا تصح ، [كلها] لا تصح ، و هي ما بين موضوع وباطل وضعيف:
http://www.dorar.net/spreadH/8
وكان التابعون وأتباعهم ومن جاء بعدهم يسألون الرواة أنفسهم:
قال الذهبي – رحمه الله – في (( الميزان )) . ( 2 /242) :
(( سهيل بن ذكوان – عن عائشة ، وزعم إنها كانت سوداء ، فكذبه يحيى ابن معين ))
وقال عباد بن العوام : قلت لسهيل بن ذكوان : أرأيت عائشة ؟ قال : نعم ، قلت : صفها لي قال :
كانت إدماء ، قال عباد : كنا نتهمه بالكذب ، قد كانت عائشة بيضاء شقراء )) ا هـ .
وفى (( اللسان )) (3 / 142 ) : وقال ابن المدينى : حدثنا محمد بن الحسن الواسطى ، عن سهيل بن ذكوان ،
قال : (( لقيت عائشة بواسط )) ، ا هـ .
وهكذا يكون الكذب ، فقد ماتت عائشة قبل أن يخطط الحجاج مدينة واسط بدهر ، ا هـ
مثال لأحاديث موضوعة:
*راح تنصدمون من أحاديث نرددها ظنًّا منّا أنها صحيحة-، ربما كان لها أصل صحيح، لكنها بهذا اللفظ لم يقلها
رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، أو أنّها ليست ( مرفوعة عن النبي ) بل (موقوفة عن صحابي) أو (مقطوعة عن تابعي).
-((ليس لفاسق غيبة)) . "الأسرار المرفوعة" للهروي (390).
-((المؤمن كيِّس فطِن حذر)) . موضوع . "كشف الخفاء" للعجلوني (2/2684) .
-((يعاد الوضوء من الرعاف السائل)) . موضوع. "ذخيرة الحفاظ" لابن طاهر (5/6526) ."الضعيفة" (1071) .
-((طلب الحلال جهاد، وإن الله يحب المؤمن المحترف)) . ضعيف ."النخبة البهية" للسنباوي (57).
-((عليكم بالشفائين: العسل والقرآن)) . ضعيف. "أحاديث معلَّة ظاهرها الصحة" للوادعي (247) . "الضعيفة" (1514) .
1)التقرب إلى الله-تعالى-:
وذلك بوضع أحاديث تُرَغِّبُ الناسَ في الخيرات، وأحاديث تخوّفهم من فعل المنكرات، وهؤلاء الوضّاعين ينتسبون إلى الزهد
والصّلاح، وهم شرُّ الوضّاعين، لأن الناس قَبِلَتْ موضوعاتهم ثقةً بهم.
ومن هؤلاء: ميسرةُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ، فقد روى ابنُ حِبّان في [ الضعفاء] عن ابن مهديّ قال:
" قلتُ لميسرة بن عبد ربه: من أينَ جئتَ بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا قال: وضعتُها أُرَغِّبُ الناس."
(تدريب الراوي/ الجزء الأول)
2)الانتصار للمذهب:
لاسيما مذاهب الفرق السياسية، وذلك بعد ظهور الفتنة، و ظهور الفرق السياسية، كالخوارج والشيعة،
فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يُؤَيِّدُ مذهبها.
3)الطعن في الإسلام:
وهؤلاء الوضّاعون قومُ من الزنادقة لم يستطيعوا أن يكيدوا للإسلام جهارًا، فعمدوا إلى هذا الطريق
الخبيث، فوضوعوا جملةً من الأحاديث بقصد تشويه الإسلام والطعن فيه، ومن هؤلاء:
محمد بن سعيد الشامي، المصلوب في الزندقة، فقد روى عن حُمَيْدٍ عن أنسٍ ، مرفوعًا (الرفع: أي إلى النبي):
" أنا خاتم النبيين لا نبيّ بعدي، إلّا أن يشاء الله " ولقد بيّنَ جهابذة الحديث أمرَ هذه الأحاديث ولله الحمد والمنة.
4)التزلّف إلى الحكّام:
أي تقرّب بعض ضعفاء الإيمان إلى بعض الحكّام بوضع أحاديث تناسب ما عليه من الحكّام من الانحراف، مثل قصة
غِياثِ بن إبراهيم النَّخَعيِّ الكوفيِّ معَ أمير المؤمنين المهدَيِّ، حينَ دخلَ عليهِ وهو يلعبُ بالحمامِ ، فستق بسندهِ على
التوِّ إلى النبي-صلى الله عليه وسلّم-أنّه قال:
" لا سَبَقَ إلّا في نصل أو خُفِّ ، أو حافرٍ ، أو جناح" فزادَ كلمة [ جناح] لأجل المهديّ، فعرف المهدي ذلك، فأمر بذبح الحمام،
وقال: أنا حملتُهُ على ذلك.
وطرَدَ هذا الوضّاعَ المتزلّفَ، وعامله بعكسِ قصدهِ.
5)التكسّبُ وطلبُ الرزق:
بعضُ القصّاصِ الذين يتكسّبون بالتحدّث إلى الناس، فيوردون بعضَ القصص المسليّة والعجيبة، حين يستمع
إليهم الناسُ ويعطوهم، كأبي سعيد المدائني.
زعمت فرقة من المبتدعة، سُمُّوا بالكَرامِيّةِ، جوازَ وضع الأحاديث في باب [ الترغيب والترهيب ] فقط،
واستدلّوا على ذلك بما رٌويَ في بعضِ طرقِ حديث " من كذَبَ عليّ متعمّدًا" من زيادة جملة [ ليضلّ الناس] ولكنّ هذه
الزيادة لم تثبت عند [ حفّاظ ] الحديث.
وقال بعضهم: ( نحن نكذبُ له، لا عليهِ ) وهذا استدلال في غاية السخف، فإنّ النبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- لا يحتاجُ
شرعُهُ إلى [ كذّابينَ ] ليُرَوِّجوهُ .
وهذا [ الزعمُ ] خلاف [ إجماع المسلمين ] حتى بالغَ الشيخ أبو محمد الجويني، فجَزَمَ بتكفير واضعِ الحديث.
خطأ بعض المفسرين في ذكر بعض الأحاديث [ الموضوعة] في تفاسيرهم:
لقد أخطأ بعضُ المفسّرين في ذكرهم أحاديثَ موضوعةً في تفاسيرهم من غير بيان وضعها.
لاسيما الحديث المرويّ عن أُبّيّ بن كعب في فضائل القرآن سورةً سورةً، ومن هؤلاء المفسرين:
أ-الثعلبي.
ب-الواحديّ.
ج-الزمخشريّ.
د-البيضاوي.
هـ-الشوكانيّ.
أ-كتاب الموضوعات لابن الجوزي،
وهو من أقدم ما صُنِّفَ في هذا الفنّ، لكنّه متساهل في الحكم على الحديث
بالوضع، لذا انتقده العلماء وتعقبوه.
ب-اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي،
وهو اختصار لكتاب ابن الجوزي، وتعقيبُ عليه، وزياداتُ لم يذكرها الجوزي.
ج-تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة،
لابن عراق الكنانيّ، وهو تلخيص لسابقيه، وهو كتاب حافلُ مهذّب مفيد.
الكتاب الأخير لأنه الأفضل بينهم ، رفعته لنا الأخت زهرة الألب مشكورةً.
الكتاب نسخته لن أقول ممتازة ، لكنها جيدة جدًا
المفضلات