كابوس لا ينتهي!
أفاقَ من شرودِهِ بعد أن سُكِبت القهوة على بنطالِهِ، كأنَّ الرياح التي حَمَلَت الأترِبَة والتي أغمَدَت ثيابَهُ لم تكفِهِ، زمجَر على زميلهِ غضبًا..
إذْ أنَّهُ من تسبَّب في دفع كوب القهوة السَّاخِنة بعد إلقاءِ الملفَّاتِ بإهمال، لم يبالي الأخير بل قهقه مستهزِئًا على سوءِ حظِّه،
فلا يكادُ صباحَهُ يخلو من تلوُّثِ ثيابِهِ!
استقامَ قاصِدًا دوراتِ المياه، ولم يُلقِ بالًا للأرضِ المُبتلَّة والتي لاحِقًا ما بلَّلت طرف بِنطالِه، لم يشتُم حظَّه.. اليوم أفضل من كارثة
الأمس لِذا هُو شاكِرٌ لموقِفِه، بالمناديل الورقيَّة حاول تنشيف بقعة القهوة، لكن لم يُفلِح.
خرجَ من دوراتِ المياه؛ كانت أنظارُ بعض المتواجدين تنصرِفُ لِلبقعة، لم يُرهِقوا أنفُسَهُم بالتفكير لِذا هُم فقط ألقَوا حُكمًا ساخِرًا ظنًا
مِنهُم بأنَّهُ لا يزالُ طِفًلا! لم يشعُر بالحرج، أو حاول ألَّا يُشعِر نفسَهُ بذلك.
عاد لمكتبهِ الذي يَضُمَّهُ هُو وعِدَّة مِن مَن يشارِكهُ العمل، وكعادَةِ الرِّقابة الدَّورِيَّة الشَّهرِيَّة قَدَمَ المُدير وثُلَّةٌ مِن مُساعِدِيه، كان مُديرهُ
قاسيًا للدَّرجَةِ التي تسمَحُ له بالنَّظَرِ للأخير بازدراءٍ.. فما أحبَّ هيئتهُ في حياتِهِ أبدًا!
تجاهَلَ مُديرهُ لِعلمِهِ بأنَّهُ إن رفع بصرَهُ له فسوفَ يَلِجُ لنقاشٍ طويلٍ سقيمٍ معه!
كانَ ينوي دائمًا أن يُقدِّم استقالَتَهُ لِمُقتِه لهذا المُسِنّ كما يُكنى، كما أنَّهُ يعاني من كابُوسٍ يوميّ فضيع أثناء عملِهِ هُنا، لكنَّهُ فقط
يتحمل كَون الأجر الذي يقتاضُه من وظيفتِه عالٍ - وإن لم يستحِقّ هذا العناء -.
- تمَّت -
المفضلات