قام بضربِ رأسه بالطاولة بأقصى ما يملكُ من قوةٍ ، لدرجةِ أنه شعر بدوارٍ شديد .
ولكنّ ألم تلكَ الضربةِ ، وشعوره بالدوار ، لا يعادل المجزرة التي بداخله ، كانتْ روحه تموتُ بداخله ، بعد كلِّ الخيبات التي مرتْ عليه ، مرتْ عليه مرةً واحدةً جعلتْ روحه المزهرة تذبل وتتلاشى كل ذرات الأمل بها ، كان يشعر بأن روحه تُقتَلَع شيئاً فشيئاً كان يشعر بمجزرةٍ تقام في غياهب ظلمات قلبه ..
ولم يكف ذلك الطرق العنيف على الباب ، ولا محاولة فتحه ، وصوت صراخ أحدهم يدوي في الخارجِ بكل قلقٍ جسيم !
- أيها الأحمق ! زيك .. زيـك .. زيـــــــــــــــــك ! إفتح الباب أيها الـ ..
ظل يشتمه ويحاول فتح هذا الباب بشتى طرقه ، أما المدعو زيك ، فلقد وقف من على الكرسي ، وأخذ يدور حول نفسه متمتماً :
- أنا .. أنا .. سيء الحظ ! سيء الحظ ..
ظل يتمتم بذلك طويلاً ثم مد يداه ليقوم بشدّ شعره وهو يضحك بهسترية قائلاً بجنون :
- إنه حلم ؟ أجل إنه حلم ! بل كابوس ! ولكنني سأستيقظ منه قريباً أجل ! أجــــــل !
أخذ الآخر يحاول كسر الباب ولكنه لم يفلح ، هتف لرفيقه بالداخل :
- زيك ، زيك يا معتوه ! أرجوك لا تقم بشيء أحمق !
تعثر فجأةً بشيءٍ ما ، فنظر إلى ما جعله يسقط على وجهه بهيجانٍ تام ، فتفاجأ بكونه ذلك الشال الصوفي الذي لاطالما تعلق برقبته ، فنظر إليه لوهلةٍ وهو يسترجع ذكرياته مع هذا الشال ، فإلتمعتْ عيناه ببريقٍ ينذر بالشؤم ، نظر إلى السقف بسرعةٍ وكأنه سيهرب منه ، جلُّ تركيزه كان موجهاً إلى المروحة المتعلقة بوسط سقف الغرفة ، لم يستغرق ثوانٍ حتى شرع في تنفيذ فكرته المجنونة ورفيقه أخذ يبكي مترجياً إياه ألا يؤذ نفسه متمتماً ببعض الكلمات الضائعة ، بينما كان زيك قد ثبتَ الشال الصوفي حول رقبته ، وقام بدفع الكرسي بقدمه ليقع أرضاً ، ليصدر صوت تحطم عظام رقبته ، مكملاً جريمته البشعة في حق نفسه ...
" رغم إنني تأثرتُ كثيراً لموته إلاّ إنني أدركتُ بأن هذا لن يغير شيئاً من حياتي فلقد كان وجوده كعدمه . كان ( كالجسد بلا روح ، فقد أُعدمتْ روحه قبل أمدٍ طويل ) "
المفضلات