تخللتْ أشعةُ الشمسِ ستائرَ الغرفةِ السميكة في خجلٍ ، ملامسةً وجهها الملائكي الجميل ، فلم تقاوم رغبتها في فتح عينيها التان تميزتا بلونِ البندق ، سرعان ما جلستْ محركةً ذراعيها في محاولةٍ لـ إبعاد النوم ، مع تثاؤبها الرقيق ..
أزاحتْ اللحاف الثقيل عن قدميها الحافيتين ، وإبتعدتْ عن السرير متوجهةً إلى النافذةِ مزيحةً عنها الستائر السميكة ، لتدخُل كميةً مهولةً من شعاعِ الشمس باعثاً في جسدها كميةً من الحيوية و النشاط ، مما جعلها تتقدم لفتحِ تلكَ النافذة فهبتْ نسمةُ هواءٍ عليل داعبتْ خصلاتِ شعرها البني المائل للسواد ، فتحتْ رأتيها مستنشقةً الهواء النقي الناتجِ من الشجرِ والسهول الممتدةِ حول المنزل من كلِّ الجوانبِ ، لطالما حمدتْ الله على عيشهم في هذه المنطقةِ البعيدة عن البشر وعن مشكلاتهم ..
جلستْ على حافةِ النافذةِ وهي ترسلُ أنظارها للغيومِ وهمستْ لها :
- إذاً يا غيمتي اللطيفة ، أخبريني أين كنتِ بـ الأمسِ ؟
صمتتْ لوهلةٍ وكأنها تنتظرُ رد السحابةِ عليها ، ولكِّن السحابة لم تفعل ، مما جعلها تضُمُّ يديها الصغيرتين إليها وهي تقول :
- لا بأس يا سحابتي ، أعلمُ بأنكِ خجلةٌ ، ولكن ليس هنالكَ أية شيءٍ يستدعي الخجل ، ولكن لا بأس ، فكثيرٌ من السحب الأخرى حصل لها ما حصلَ لكِ ! ممممممم ، أهّا !! ما رأيُكِ بأن أحكي لكِ قصة ؟
صمتت منتظرةً ردها ولكنها لم تتحدثْ ، مما جعلها تنفثُ الهواء من رأتيها لتتطاير خصلات شعرها البنية ، وهي تقول بعبوس :
- يالعنادكِ ، ولكن لا بأس يقال بأن الصمتَ علامةُ الرضى ، سأحكي لكِ عن قصةٍ لا طلما حكتها أمي لي عنها ، كان يا مكان في قديم الزمان كان هنالكَ زهرة ، تدعى أقحوان ، وقد كانتْ زهرةً وحيدةً لا تملكُ من هذه الدنيا سوى صديقتها ذرة النور ، كانتْ تستيض فجراً مستقبلةً صديقتها وتودع صديقتها بالدموع الحارة عند غروب الشمس ، وفي يومٍ من الأيام ، بدأت أقحوان بالذبول وهي تبكي وتبكي ، علها تعود لأيام شبابها ولكن من يستطيع ؟ ظلتْ كذلكَ ليلةً كاملة متمنيةً أن يبزغ الفجر بسرعةٍ علها ترى صديقتها ذرة النور ! ولكن هيهات ، هيهات .. فلقد ذبلتْ قبل أن ترى ذرة النور ..
صمتتْ وإبتسمتْ ، وكادتْ تنطقُ شيئاً لولا صوتٌ لاطالما كرهتهُ :
- نور .. نــــور ! ألم تستيقضي بعد ، هيا تعالي أم إنكِ لازلتِ تحدثين السحابة ؟ إنزلي يا نور ! لقد سئمتُ من تفاهاتكِ و تصرفاتكِ التي كـ الأطفال ...
تأفأفتْ وهي تنزلُ من أعلى حافةِ النافذة وهي تهتفُ :
- إني قادمة يا سحر إني قادمة !
نظرتْ إلى صديقتها السحابة وهي تقول :
- إلى اللقاء يا صديقتي ، إذهبي الآن ! وداعاً !
قالتْ ذلكَ وهي تنزلُ إلى الأسفلِ ، مودعةً سحابتها العزيزة ...
~ إنتهى
المفضلات