السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه احدى اعمال محمد صالح المنجد من سلسلة أعمال القلوب
لان السلسلة طويلة حاولت اختصرها بشكل يفيد الاخرين وقمت بكتابتها
وافادتكم بها اتمنى من الله عزو وجل ان يجعل لي اجراً فيها ~
بسم الله نبدأ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين , نبينا محمد وعلى اًله وصحبه أجمعين .
سنتحدث اليوم عن منزلة التقوى ,
التقوى خير زاد للدار الآخرة , قال الله تعالى : ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىظ° غڑ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )
والتقوى ميزان التفاضل بين الناس , قال عز وجل : ) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ غڑ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
والتقوى منبع الفضائل , ومستودع الشمائل : فالرحمة والوفاء والصدق والعدل والروع والبذل والعطاء كلها من ثمراتها
وهي الأنيس في الوحشة , والمنجية من الهلكة .
ولأجل شرفها وفضلها فقد أمر الله تعالى بالتعاون من اجلها , فقال سبحانه وتعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)
لأنها الموصلة لمرضاة الله تعالى .
فما التقوى ؟ وكيف تحصل في قلوبنǿ وما ثمراتها ؟ وما درجاتها ؟ وما الأسباب المعينة عليها ؟
التقوى لغة :
أصل التقوى في اللغة : قلة الكلام . ومنه قولهم التقي ملجم .
والتقوى المرادة هنا مأخوذة من الاتقاء : وهو جعلك حاجزاً بينك وبين ما تكره .
والتقوى هي الاسم من( اتقى ) والمصدر (الاتقاء )
وأما المعنى الشرعي :
فقد ذكر العلماء في تعريفها عدة عبارات, فمن ذلك :
قال ابن تيمية -رحمه الله - : التقوى ( فعل ما أمر الله به , وترك مانهى الله عنه )
وقال ابن القيم - رحمه الله - : (وأما التقوى : فحقيقتها العمل بطاعة الله ايماناً واحتساباً , أمراً ونهياً , فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقاً بوعده , ويترك ما نهى الله عنه ايماناً بالناهي وخوفاً من وعيده .
كما قال طلق بن حبيب :" إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى .
قالوا : وما التقوى ؟ قال: أن تعمل بطاعة الله , على نور من الله , ترجو ثواب الله , وأن تترك معصية الله , على نورِ من الله . تخاف عقاب الله " وهذا أحسن ماقيل في حد التقوى )
وقال ابن رجب - رحمه الله - : ( أصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين مايخافه ويحذره وقاية تقيه منه )
وقال ابن كثير - رحمه الله - : ( التقوى : اسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات )
وقال أبو السعود – رحمه الله - : التقوى ( كمال التوقي عما يضره في الآخرة)
وقال المبار كفوري - رحمه الله - : (المتقي من يترك ما لا بأس به خوفاً مما فيه بأس )
وقيل : ( التقوى: هي الخوف من الجليل , والعمل بالتنزيل , والقناعة بالقليل , والاستعداد ليوم الرحيل )
وسأل عمر بن الخطاب ابي بن كعب " رضي الله عنهما " عن التقوى
فقال : هل أخذت يوماً طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم : فما عملت فيه ؟ قال : تشمرت وحذرت . قال: فذاك التقوى
قال ابن المعتز :
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشِ فوق أرض الشوك يحذر مايرى
لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
وقيل أيظاً في التقوى : ( أن لايراك حيث نهاك , ولا يفتقدك حيث أمرك )
فإذا نهاك أن تجلس في مجالس يكفر فيها بآيات الله , ويستهزأ بها فلا يجدك هناك , واذا امرك ان تكون في المسجد
والصلوات الخمس والجمعة فلا يفتقدك هناك .
والتقوى تطلق في القران الكريم عدد من الأمور :
1- فتأتي بمعنى الخشية والهيبة , كما قال تعالى : ( وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) أي : اخشوني وهابوني , وكذلك في قوله
(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ) أي خافوا هذا اليوم ومافيه , وقال سبحانه : ( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا )
قال ابن رجب : تارة تضاف التقوى إلى اسم الله عز وجل
كقوله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) فإذا أضيفت التقوى إليه سبحانه فالمقصود: اتقوا سخطه وغضبه وهو أعظم ما يتقى , وعن ذلك ينشأ عقابه الدنيوي والأخروي , قال تعالى : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ )
وقال سبحانه : (هو أهل التقوى وأهل المغفرة)
فهو سبحانه أهل أن يخشى ويهاب ويجل ويعظم في صدور عباده حتى يعبدوه ويطيعوه , لما يستحقه من الإجلال
والإكرام وصفات الكبرياء والعظمة وقوة البطش وشدة البأس
وتارة تضاف التقوى إلى عقاب الله , والى مكانه كالنار : ( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )
أو إلى زمان العقاب كيوم القيامة , كما قال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ )
2 - وتأتي التقوى بمعنى الطاعة والعبادة , كقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ )
يعني : أطيعوه حق الطاعة واعبدوه حق العبادة , قال ابن مسعود "رضي الله عنه " في تفسير الاية :
(أن يطاع فلا يعصى , وأن يذكر فلا ينسى , وان يشكر فلا يكفر )
3 - وتطلق التقوى على التنزه عن الذنوب , وهذه هي التقوى في الاصطلاح , قال عز وجل : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَظ°ئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ )
التقوى من أوجب الواجبات وقد دل على ذلك نصوص كثيرة من القران الكريم والسنة الصحيحة وكلام السلف الصالح , فقد امر الله تعالى ووصى بها في أكثر من اية , قال تعالى : ) وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ غڑ)
قال القرطبي - رحمه الله - : ( الأمر بالتقوى كان عاماً لجميع الأمم )
وقال ابن تيمية – رحمه الله - : ( والتقوى واجبة على الخلق , وقد امر الله بها ووصى بها في غير موضع , وذم من لايتقي الله , ومن استغنى عن تقواه وتوعده )
المفضلات