مرحبًا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالبداية (طوارقُ الحنين) هي أيّ صورة أو رائحة أو نبرة تفتَح لكَ بابًا
كنتَ ظننتَ أنك نسيتَه في ماضِيكَ الذي تربّع علَى عرشِ النسيانْ ... أو هذا ما ظننته !
تَسِيرُ أيامكَ بسُكات, بين يومٍ منسِيٍّ مُتكرّرٍ يطويهِ السُّباتْ.
توقِنُ بَعدَ أن تبدَأ بحِسابِ سَنواتِ عُمركَ لِتجدَ أنّ العدَدَ فَقط يَزدَاد...
دُونَ تغيّر تكَادُ تَذكُره ...! فَظَننْتهُ المُراد.
ظننتَ الحياةَ هانَتْ والحقائِقَ بانَتْ، والأحزانَ كُلّ الأحزَان قدْ لانَتْ...
لكِن للحنينِ طَوارقْ...
كبَريقِ صورةٍ مِن مَاضٍ مَهزومٍ ,أو ألحَانِ أغنيةٍ ظننْتَها نشيدَ نصرٍ مَوعُود.
فإنْ طَرَقك الحَنينُ فهوَ كالسّيْلِ يَعودُ بالسُهادْ.
ستُهدَمُ صَوامِعُك, ستُقضّ عُزلَتُك، ستَغرقْ مَدامِعُك, وستَحْترق كلّ معالمِ الصُمود ...
فلا يبقى مِمّا شيّدتَه سِوى الرمَاد.
سَتتذكّر تلكَ القَهوةَ المُرّة الّتِي لمْ تكُن تَشكُو بها إلاّ المَذاقْ.
ستَتبَنّى الأحلامَ وسَتُدرِكُ مَاتعْنيهِ سَكرَةُ العُشّاقْ.
أتَظُنّ سَيْلَ الحَنِينِ قَد يَرفق بنَاطِحاتِ آمَالك !
أو ببُروجِ غِناكَ المُدّعَى ...!
لا
سَتُنَاديهِ وتَرتجِي بنَهجِ الأنينِ أنْ يعطِب ذَاكرةَ العُهُود،
أو يَدُكّ جِدْرانَ الصَدى كَيْ لايعُود.
لَإنْ كَتبْت لذِكْرَيَاتِك الرُقُود الأبَديّ،
وقُلتَ أيُّ صَدىً ذَا الذِي لاتُبدِّدُه صَيْحاتُ الضَّجَرُ المُتَكرّر ... !؟
إلاّ ذلِكَ الأثَر الّذِي فِيهِ جرحُكَ أبَى أنْ ينْدثِر.
أوْ زهْركَ الذَابِل الذِي قسَى كقسْوَةِ قلْبِك المُتحجّر.
وعَهْدُكَ المَاضِي الّذِي شَكّلَ تَقَاسِيمَ الدّهَر
قد انكَسرْ...
بكُلّ بُرودٍ حَالَفكَ النِسْيَانْ,
فظَننْتَ النَصْرَ , ظنَنْتَ الثَبَاتْ.
لكنِ الّذِي بَاغَتَكَ،
وعاندكَ حُبٌ يَعِيشُ كسَرابٍ تَراهُ , وكُلّمَا اقْتَربتَ,
فارَقكَ.
فلَمّا ظَنَنْتَه اختْفَى !
كانَ سرابًا يُحَاصِرُكَ مِنْ كُلِّ اتّجَاه.
فقُلتَ كَفَى ...
فغَفوْتَ غَفْوَتَكَ الّتِي غَفلْتَ بهَا...
ثُمّ عادَ يَحتضِنكَ النّسْيَان.
فغَدوْتَ كمَا كُنتَ
بَقايَا إنسْانْ.
.
تلْكَ صُورةٌ مَعدُومَة،
وذلِكَ جَسدٌ خَاوٍ
لا يَكادُ يكُون إلاّ ظِلاً يَمُرّه العُمرُ
وكأنّ شَيئًا مَاكَانْ.
.
فتبَسَمْتَ وقُلتَ :
قَدْ كَبُرتُ،
قَدْ قسَوْتُ،
وقَدْ اعتَدتُّ...
وقُلتَ لكُلِّ ألمٍ يلِمُّ بكَ،
وكُلَّ فقْدٍ يحِيطُ بكَ :
تلكَ كغيْرِها
سُنَنُ أكْوَانْ ...
.
إلاّ الحنين وذاك الزمان!
إلا السّيْل ، فكلّما زخّ المَطرُ عادَ
بعدَ أن فاتَ الأوانْ.
.
.
.
كان معكمْ :
المفضلات