السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احييكم وكل عام وانتم بخير بمناسبة الشهر الفضيل اعاننا الله وإياكم لصيامه وقيامه
اشكر ادارة الجادة والأخت حزن القوافي على الموضوع الرائع والفكرة الجميلة وعلى الدعوة الكريمة بأن اكون ضيف الموضوع
هذه السنة اعتقد اننا لو نكتب اغلبنا راح يكتب مثل بعض بسبب ازمة الفايروس الي شلت العالم بأسره ووضعتنا في اواضع ماعهدناها ولم يعهدها العالم الحاضر في اغلبه ولعل في ردات الفعل المجتمعات شهادة ان للبشر حريات يصعب ان تخطف منهم في يوم وليلة فالناس لن تحتمل حتى لو كان لمصلحتها .
فلهذا قضاء الوقت في المنزل ونعدام النشاط الخارجي كان هو لغة البشر في الشهور الثلاثة الماضية وطبعا شخصيا تشوف فيها ايجاب وسلب الأيجاب كونه جعل الناس يعيدو حسابتهم في طريقة حياتهم وروتينهم اليومي و النظر بمنظار ايجابي لأبسط الأمور التي كان قد يتملل منها بالأحوال العادية اصبحت نعمة مفتقدة وايضا الجمعة في البيوت و الترابط الأسري اصبح اقوى من قبل اما السلبية طبعا هي منع قضاء الأحتياجات واقتصارها في اوقات معينة فتصبح مثل ساعة سباق لتلبية النواقص وايضا من منظار اخر متناقض ان قضية منع التجول بدلا من ان تخفف الأزدحام زادت الأمر لأن البشر تجمعو في ساعات معينة بدلا من ان يتفرقو على مدار 24 ساعة ! صار الكل يطلع خلال 6 ساعات وهذا يزيد الأمر سوء فبدلا من تدخل السوبر ماركت في ساعات متأخره يكون فاضي الأن مضطر تصف بالطابور في كل مرة تشتري ابسط الأمور ,
الناحية الأيجابية بالنسبة لي انك الأن تنام براحة بدون اي ازعاج لشوارع ولا حتى زحمة المدارس الي كانت تكفيني عن المنبة ( كل ساعة لازم اصحى ^_~ ) اما بالأحوال الجديدة الوضع سلام وهدوء خيالي ( خاصة جيرانا على كثرتهم ماشاء الله عندهم ارتياب من الأمراض شكلهم نزلو القبو من ثلاثة شهور مالهم حس ) المهم انها راحة وهدوء
وحتى على صعيد النشاطات يالله لك الحمد اننا في العام 2020 الأنسان ماراح يمل نهائيا بسبب تطور التقنية و كثرة الرفاهية من حوله بأمكانك التواصل بالصوت والصورة وكتابيا مع كل اقاربك او اصدقائك او تتابع اي مادة او تشتري اي شيء عن طريق الأونلاين سواء مادة رقمية او حتى التوصيل شغال وهذه نعمة ولله الحمد . فلهذا قضاء الوقت بالمنزل ومع الأهل يعتبر اجازة مثالية ماراح يحلم فيها احد ^^
ودخول رمضان ايضا حمل نفس اجوائه السنوية إلا انه اصبح اكثر هدوء وسلام و خف الجنون الخارجي للبشر لأن ماشاء الله البعض من يدخل الشهر تجيه حالة هوس في التسوق والخروج المنزلي لأي سبب فتلقى الشوارع مختنقه و البيوت فارغة والكل جالس برا بسبب وغير سبب والي عنده شغل مو لاقي له مساحة بسبب الناس الفاضية الي تزحمك على الخالي
ومن جنون الناس في رمضان قد اتكلم في موضوع قد يكون لاحظه البعض ^^!
من يلاحظ ان في شهر رمضان بالتحديد تزيد مشاكل الناس وكثرة طلباتهم سواء بشكل منطقي او غير منطقي لكن الغالب يميل الى الألحاح و الهيجان النفسي لأثارة الأمور على مختلف الأصعدة فتجد البشر تسرف في كل شيء !
فعلى سبيل المثال كلنا بالحجر المنزلي من شهرين تقريبا والأحياء مقفلة لادخول ولاخروج لكن من دخلنا الشهر كانت تأتي اتصالات على احد اخواني من رئيسه بالعمل يطالب فيه ان يكسر الحجر ويتوجه للعمل فلما طلب منه ايميل بالشغلة هذه تراجع وقال ( لا حاول قدر المستطاع وان ماقدرت خلاص !) الأمر صراحة ماكان غريب علي شخصيا مررت بأمور كثيرة في على مستوى العمل حيث ان الأدارات والشركات من يدخل شهر رمضان يصحو الضمير فجأة ويركزو على العمل و تكثر الزيارات الميدانية وتفتح جميع الملفات وتمنع الأجازات و يغلق على الناس ويضيق عليهم
ايضا الأمر مايقتصر على بيئة العمل فتجد ربة المنزل مثلا مايبقى شيء بالمطبخ ماتسوي له جرد واعادة هيكلة كاملة ^^ والناس تنقض على الأسواق الحجة عيد والسبب شيء نفسي داخلي مايعرفون تفسيره الوضع في زحمة وضجة طوال الشهر لدرجة ما ان ندخل شهر شوال ونمضي فيه اول اسبوع إلا اننا في صمت رهيب وهدوء تام وكأن الناس نامت او نام الي كان يتحكم فيها وقد يسمي البعض تلك الأيام بالكئابة لخروج الشهر الفضيل لكن بالواقع هو اختفاء تلك الشعلة الغريبة من نفوس الناس
فهل كانت تلك الشعلة في نفوس الناس تحثهم لطاعات بل تشغلهم لأمور دينيوية ؟ هنا السؤال الي يقدر يجاوب عليه الكل بالنظر لمن حوله
يعني نتكلم عن شهر رمضان ياجماعة هو شهر عبادة وشهور العبادة توظف لطاعات الله وتقلص الأعمال والحكومات اغلبها تلقص ساعات العمل فيها مساعدة لصيام ومساعدة للأجواء الروحانية فيه ! مادفع الجميع للأستنفار والمطالبة بالعمل بالشكل هذا ؟ اذا الرزنامة في الجوالات ( المصنعة خارجيا ) تصنع الشهر باللون الأحمر مثله مثل الأجازات بالمجتمعات الغربية دلالة واعتراف بكون الشهر يصنف كأجازة دينية للمسلمين , فمن الغريب ان تكون الأدارات نائمة 11 شهر وتشتغل وتتحرك في هذا الشهر بالذات ! وكذلك البشر ماتشوف النواقص و المشاريع إلا في هذا الشهر والأمور اغلبها تستنفر في هذا الشهر
وسوسة النفس
يقال ان هذا من الشيطان ومن وسوس له الشيطان عمله فكل عمل يعمله البني ادم يقول غرني الشيطان وصرفني للأنشغال عن طاعة الله وحثني على اشغال عباد الله والتضيق عليهم
شفت محاضرة لشيخ الشعراوي رحمه الله تكلم فيه عن وسوسة النفس و وسوسة الشيطان ! وتطرق الى ان النفس البشرية ان اعتادت على شيء واقدمت عليه فهذه وسوستها فأن يكون الأنسان عبد للمال وجمعه فأنه يسعى في هالشيء بكل الطرق او يكون الأنسان متملق ومنافق لمن هم اعلى منه فتجده مايتوقف عن التملق والنفاق فهذه عادته ونفسه , مالشيطان فيها يد قد يكون الشيطان زين له العمل مرة لكن نفسه اعتادت على هذا وادمنت عليه !
قد يوسوس الشيطان لك في خير اقبلت عليه بأن تكون معتاد على الصدقة لكن في مرة عندما اقبل عليك المحتاج تكلم في صدرك وسواس يحثك ان هؤلا محتالين وصدقتك لاقيمة ولا اجر فيها ! هذه وسوسة الشيطان ! او مثلا نويت الصلاة او قراءة القرأن فخرجت لك خيارات اخرى بصرفك عن قرارك ! هذه وسوسة شيطان ! وسوسة الشيطان ان تمنعك وتدعوك لخيار اخر وانت تقبل عليه فقط !
لكن عادة النفس وادمانها للعادة السيئة بشكل مستمر هذه وسوسة نفس ! فالنفوس تحتاج لتهذيب ومحاسبة الذات هي افضل بداية لتخلص من العادات سيئة
فكذلك مايحدث مع الناس في هذا الشهر ! التضيق على العباد و الركض لحاجات دنيوية وصرف المال والوقت عليها ماهي إلا وسوسة البشر في نفوسهم ! وفي شهر رمضان تختفي شياطين الجن وتزدهر شياطين الأنس مكانها ! فتجد التهيج يصل اقصاه في جميع نواحي الحياة والأسراف في كل شيء على مختلف الأصعدة , وايضا ان يكون منع الناس من بعض شهواتهم لفترة من الوقت بالصيام يكون مقابله فرط بنواحي اخرى وامور اخرى اي كالطاقة او التيار الذي يجد له مخرج اخر غير الذي اغلق عنه وكلها تدخل في سياق ضعف النفس البشرية
لهذا هو شهر روحاني وشهر عبادة قبل ان يكون عادة فأفضل حل هو كسر بعض العادات والاوعي والتأني قبل الأقبال على اي شروع وتهذيب النفس ومحاسبتها في هذا الشهر لأنها غالبا تكون عبارة عن تفرغه طاقة سلبية وكلها لاتخدم العبد ولا عمله في الدنيا والأخرة
ملاحظة
انا ما اصف كل من يتسوق بأنه مدفوع بطاقة شريرة ^^! لكن الأسراف في كل شيء امر خاطئ وهذا متفق عليه
***
بعيد عن هذا حاب اختم الرد بقصة قريتها قبل فترة من كتاب عيون الأخبار
قال بشار بن سعيد : كان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له عروة بن مرثد ويكنى أبا الأغر، نزل ببني أخت له في سكة بني مازن وبنو أخته من قريش . فخرج رجالهم إلى ضياعهم ، وذلك في شهر رمضان ، وبقيت النساء يصلين في مسجدهم ، فلم يبق في الدار إلا الإماء فدخل كلب يعتسّ ، فرأى بيتا ، فدخل ، وانصفق الباب ، فسمع الحركة بعض الإماء ، فظننَّ أن لصا دخل الدار ، فذهبت إحداهن إلى أبي الأغر ، وليس في الحي رجل غيره ، فأخبرته فقال أبو الأغر : ما يبتغي اللص منا ؟ ثم أخذ عصاه ، وجاء حتى وقف على باب البيت ، فقال : إيه يا ملأمان أما والله إنك بي لعارف وإني بك أيضا لعارف ، فهل أنت إلا من لصوص بني مازن ، شربت حامضا خبيثا ، حتى إذا دارت الأقداح في رأسك ، منّتك نفسك الأماني ، وقلتَ : دور بني عمرو ، والرجال خلوف ، والنساء يصلين في مسجدهن فأسرقهن . سوءَةْ لك ، والله ! ما يفعل هذا الأحرار لبئس والله ما منتكَ نفسك ! فاخرج ، وإلا دخلت عليك ، فصَرَمتكَ مني العقوبة . لأيْمُ الله لتخرجن أو لأهتِفنَّ هتفة مشؤومة عليك ، يلتقي فيها الحيّان عمرو و حنظلة ، ويصير أمرك إلى تباب . ويجيء سعد بعدد الحصى ، ويسيل عليك الرجال من هاهنا وهاهنا ولئن فعلت ، لتكوننّ أشأم مولود في بني تميم .
فلما رأى أنه لا يجيبه ، أخذ باللين ، وقال : اخرج يابُنيّ ، وأنت مستور ، إني والله ما أراك تعرفني ، ولو عرفتني لكنتَ قنعت بقولي واطمأننت إليَّ . أنا عروة بن مرثد أبو الأغر المرثدي ، وأنا خال القوم ، وجلدة مابين أعينهم لا يعصونني في أمر ؛ وأنا لك بالذمة كفيل خفير ، أصيّرُك بين شحمة أذني وعاتقي لا تضار . فاخرج فأنت في ذمتي ، وإلا فإن عندي قوصرّتان : إهداهما لي أبن أختي البار الوصول فخذ احداهما فانتبذها حلالا من الله تعالى ورسوله .
وكان الكلب اذا سمع الكلام أطرق ، وإذا سكت وثب يريغ المخرج .فتضاحك الأعرابي ثم قال : يا ألأَمَ الناس وأوضعهم ، ألا يأني لك أنّا منذ الليلة في واد ، وأنت في آخر . إذا قلت لك السوداء والبيضاء ، تسكت وتطرق ، فاذا سكتُّ عنك تريغ المخرج . والله لتخرجن بالعفو عنك ، أو لألِجنَّ عليك البيت بالعقوبة .
فلما طال وقوفه ، جاءت جارية من إماء الحيّ فقالت : أعرابي مجنون ، والله ما أرى في البيت شيئا ! ودفعت الباب ، فخرج الكلب شدّا ، وحاد عنه أبو الأغر مستلقيا ؛ وقال : الحمد لله الذي مسخك كلبا ، وكفاني منك حربا , ثم أضاف : ما رأيتُ ليلة كالليلة . ما أراه إلا كلبا . أما والله لو علمتُ بحاله لولجت عليه .
وكل عام وانتم بخير
المفضلات