{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }
لم نُخلق في هذه الأرض لنعمل ونكسب ونأكل ونشرب ، ونحمل هم المال . .
وإن كانت أساسيات ضرورية لعمارة الأرض وخلافتها ، وهو جزء من عبادة الله . .
لكنها أنستنا السبب الأساسي الذي خلقنا لأجله . .
أغلب الناس الآن يخشون على رزقهم مع أنه مكتوب، فيتحاسدون مع أن الحسد اعتراض على نعمة الله ورزقه، ويبالغون في السعي له وكأنه الهدف والغاية في هذه الحياة . .
أستغرب من بعض الأشخاص الذين يقيمون الدنيا ويشعرون بأن الحياة انتهت عندما يُطردون أو تتم إقالتهم من وظيفة، ألم يُكتب رزق الإنسان وهو في بطن أمه؟ ألم يُكتب عمله وأجله؟ وشقياً كان أم سعيداً؟ فلماذا نخاف؟
يقول - تعالى - :
{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } . .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } . .
{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } . .
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } . .
على قدر الهدف يكون الانطلاق :
في طلب الرزق قال : " فامشوا " . .
وللصلاة " فاسعوا " ,
وللجنّة " فسارعوا " ,
أمّا إليه ففرّوا ,
فمع حسن التوكل بالتقوى والعمل الصالح والنية الصادقة ؛ لم يُطلب أكثر من المشي \ سبب . .
ولكي نستوعب معنى السبب . .
الصدّيقة مريم - عليها السلام - ، في أوج ضعفها وقلة حيلتها ، وفي مكان منعزل لوحدها ،
لم ينزل الله عليها الرطب وهو قادر حتى بغير معجزة ، بهبة رياح أو أي سبب آخر . .
لكنه أراد منها سبباً ليسقطه عليها
وإن جئنا للسبب نفسه في أصله لم يكن في الحقيقة كافياً ..
في مخاضها وضعفها وألمها لا يمكن لهزة يدها ان تسقط تمرة واحدة ، لكنه لم يكن أكثر من سبب لحدوث الأمر . .
علاقتها مع الله وقربها منه وأنها نذرت حياتها لطاعته وعبادته وحبّه ، لا يوجد سلاح أقوى من ذلك . .
مكّنتها هذه القوة من أن تواجه مجتمعاً كاملاً عندما حملت ابنها بين يديها وأتتهم به ، أتتهم بأمر لا يصدقه عقل بشري، وحقيقة أقرب للخيال لم يسبق أن جاء بها أحد من قبل ، في حين لم يتجاوز عمرها في ذلك الوقت السادسة عشرة . . !
المرأة الوحيدة التي تفرّد ذكر اسمها صراحةً في كتابٍ مُعجِز . .
أمّنا حواء ، امرأة فرعون ، ملكة سبأ ، زوجات ابراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، زوجات النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وبناته ، نساء الأنبياء والأولياء الصالحين ، لم يُذكر اسم احداهنّ كما هو غير السيدة مريم عليها السلام . .
. . .
الإسلام لا يدعوا إلى التواكل ، وأخذ العبادة حجة لانتظار الرزق دون عمل ،
لكن بمعرفة الأولوية للعبادة والتوكل أولا ، ثم السعي . . بلا إفراط ولا تفريط . . .
قيل لأعرابي : لقد أصبح رغيف الخبز بدينار!
فأجاب : والله ما همني ذلك ولو أصبحت حبة القمح بدينار، أنا أعبد الله كما أمرني وهو يرزقني كما وعدني .
( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) . .
من يحرصون على المال بشكل مبالغ فيه ،
لست أنت من تحفظ مالك ولا حتى من تكسبه ، إنما رزق يساق إليك بعمل سعيك . .
واقرؤوا في قصص التجارة مع الله / لا مع الناس ، تجدون العجب العُجاب في منهاجٍ قائم بحد ذاته . .
عجباً في سعة الرزق وراحة النفس مايختصر علينا طرقاً كثيرة ، وعرة ومتشعبة ، لسنا مضطرين حتى إلى المشي فيها . . .
المفضلات