من عالم الذكريات
(4)
أخواني و أخواتي الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. هذه الحلقة أخصصها للحديث عن حالي مع يوم الخميس مواكبة لما بدأه البعض منكم بالحديث عن ذكرياته فيه.. و لعلي أفعل ذلك عبر المفردات الصغيرة الآتية:
1- كانت العادة أن يتم الاستيقاظ مبكرا صبيحة ذلك اليوم.. لا أذكر أن الساعة الثامنة صباحات كانت تمر علي فيه و أنا في الفراش إلا في بعض الظروف الاضطرارية..
2- بعد الاستيقاظ يكون الافطار الاعتيادي ثم الانتظار حتى حلول موعد فترة الرسوم المتحركة.. كان الوقت ينصرف آنذاك في اللعب في حديقة التي أمام المنزل حيث المراجيح و الزحلقانيات و حيث الأرض التي فيها مساحات واسعة و شاسعة نوعا ما و مليئة بالتراب و بالرمل حيث يمكن اللعب بهما أو إضافة الماء ثم تشكيل ذلك الخليط على شكل قوالب أو أشكال محددة ( أنفاق - قلاع .. الخ)..
3- كان في الحديقة و أمام المنزل مباشرة وردة صغيرة حمراء اللون.. كنت أتعهدها بالعناية و الرعاية منذ كانت بذرة صغيرة.. كان ذلك كل يوم خميس.. كنت أخرج بإبريق من الماء ثم أسكبه على المكان الذي دفنت فيه بذرتها و أجلس مدة أنظر إلى حيث انسكب الماء و أتساءل و أنا أدقق النظر جيدا: هل خرج شيء؟ هل ظهرت بعض معالم الحياة؟.. الخ .. و لا زلت أذكر فرحتي الغامرة عندما استيقظت صبيحة يوم لأجد الوردة و قد خرجت الزهرة فيها و كانت بلون وردي جميل جدا و الحق أني وقفت مدهوشا مذهولا مأخوذا بروعة و جمال ذلك المنظر..
4- كان في ذلك اليوم بالتحديد برنامج رياضي في القناة الأولى يقدمه مذيعان رياضيان (لا تحضرني أسماؤهما الآن) كنت كثيرا ما أقطع لعبي إن كنت ألعب و أعود إلى المنزل إن كنت خارجه لمشاهدته و تطبيق تمارينه التي كان يؤديها.. و لا زلت أذكر عبارته الجميلة: ( الآن خذ نفس).. كان برنامجا جميلا فيه الكثير من التهوين و التيسير على المبتدئين في الرياضة..
5- عندما يحل وقت فترة الرسوم المتحركة فلا يكون هناك من شغل سوى الجلوس أمام التلفاز و إصغاء السمع لها.. كانت تلك الفترة تبدأ بالنسبة لي منذ الانتهاء من عرض برامج اليوم الذي يأتي بعد القرآن الكريم..
6- يمكن اعتبار ما سبق هو الجزء الوحيد من اليوم الذي كان يحكمه تنظيم الوقت بحيث يفعل الشيء الفلاني في ذلك الوقت و الشيء الفلاني الآخر في هذا الوقت..الخ أما ما بعده و حتى نهاية اليوم فليس يحكمه إلا حاكم واحد اسمه الفوضى..
7- كان من ذلك مثلا أن يكون وقت اللعب متاحا طيلة الوقت و كيفيته أيضا غير محددة.. كان الأمر كيفما اتفق وقتا و كيفا.. فأحيانا كنت أمكث في المنزل و ألعب بـ ( صخر) أو ( كمبيوتر العائلة) أو ( نينتندو).. و أحيانا أخرج لألعب مع الأصدقاء (شطرنج) أو (ريسك) أو (منوبولي) أو (كلودو) أو (أونو) أو (ورق) أو أي لعبة تحلو للحاضرين.. و بالمثل أيضا فقد كنا نكمل اللعبة حتى النهاية و أحيانا نقطعها في عبث صار يتعاظم في نفسي بغضه مع مرور الأيام..
8- بين الظهر و العصر يكون الحال مثلما سبق، لكني كنت غالبا ما أهجع في المنزل و أقضي الوقت في اللعب أو القراءة..
9- بين العصر و العشاء يعود الحال إلى ما كان عليه قبل الظهر و إن كان يختلف عنه أحيانا بذهابي مع العائلة لزيارة عائلة صديقة و التي تستمر -أي الزيارة- في أحيان كثيرة إلى ما بعد العاشرة مساء.. كنت في أثنائها أقضي الوقت في اللعب مع ذكور العائلة و غالبا ما يكون بـ ( صخر) و أي لعبة عندهم و أحيانا كنت آخذ بعض أشرطة الكارتدج التي عندي لكي نلعبها معا هناك..
10- أحيانا و بين العصر و المغرب يحالفني الحظ بأن أعثر على فيلم (كونغ فو) في القناة الثانية مترجما إلى اللغة العربية كتابيا.. حيث أشاهده و أسلي نفسي به..
11- نادرا ما كنت أهتم بأي شيء يتعلق بالمدرسة في ذلك اليوم إلا بعض الاجتهادات الشخصية في حل واجبات الأسبوع صباحا قبل فترة الكرتون أو بين الظهر و العصر قبل الخروج للأصدقاء.. كان ذلك نادرا إلا إن كان هناك اختبار شهري أو امتحان نهائي؛ إذ في تلك الحالات يكون الوضع هو الاستنفار منذ صبيحة الخميس للمذاكرة و الاستعداد لما هو قادم..
12- في المساء المتأخر( بعد الحادية عشرة و حتى الواحدة و النصف ليلا) يكون التلفاز ذو القناتين (الأولى و الثانية) إما مدارا على المصارعة الحرة (في القناة الأولى) أو فيلم السهرة (في القناة الثانية) فأجلس ما شاء الله لي أن أمكث من وقت إن راق المكوث و طاب لي و إلا فالانصراف إلى اللعب بما توفر في البيت من ألعاب صخر و إخوته أو مشاهدة شريط أنيمي..
13- أحيانا أيضا و بعد العشاء يكون الأهل قد قرروا أن يكون البرنامج هو الخروج إلى إحدى الحدائق بعد صلاة العشاء حيث نصطحب معنا الشاي و القهوة و ساندويتشات الدجاج(شاورما)و الفلافل و بعض المكسرات.. نمكث هناك إلى ما شاء الله أن نمكث.. و يمضي وقتنا نحن الصغار في التزحلق و التمرجح و الجري هنا و هناك ثم العودة لتناول ما لذ و طاب ثم العودة لمزاولة ما سبق.. وهكذا.. كان وقتا جميلا يجعل الخميس قمة في المتعة و الحلاوة..
14- كان ذلك الوضع حتى نهاية السنة الخامسة الابتدائي و بعدها وعيت على نفسي و صارت الأمور أكثر انتظاما بفضل الله و توفيقه..
كل الود،،
حارث
المفضلات