بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه الى يوم الدين
بعد غياب طويل عن منتدى النور الحبيب
عدت بعَبْرةٍ وعِبْرةٍ أوصلها للناس عسى أن ينفع الله بها
----------------
----------------
هذه الحياة ..
على ماذا التمسك بها؟
ومن أجل أي شيء؟
لانحتاج طول تفكير لندرك بأنه لا قيمة لها
ورغم علم الكثيرين بحقيقتها
إلا أنهم آثروها على الآخرة
وإن لم يكن قولهم كذلك
فلسان حالهم وأفعالهم تدل على ذلك
وصدق الله العظيم اذ قال :
"بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى"
اليوم ,, وبقليلٍ من الغوص في الذكريات
ذكرتُ اجتماعا حضرته قبل عامٍ مضى
فصدمت ..!
ذلك أنني لتوي اكتشفت أن جميع من كان حاضرا في ذلك الاجتماع
أصبحوا الآن في عداد الشهداء
كلهم رحلوا إلا شخص واحد .. واحدٌ فقط .. أتعلمون من هو؟
بلى ،.. إنه أنا
خنقتني العبرة ، واعترت فؤادي الحسرة
تلعثمت بالبكاء ولم أدرِ ماذا اقول..
آخرهم كان عمي رحمه الله وتقبّله وتقبّلهم في الشهداء
هذه الحسرة لا تفتئ تُغرِقني بين الحين والآخر
كلهم نالوها إلا أنا..
لم استحقّها بعد
لعل ذنوبي هي من حرمتني منها
كم أتألم عندما افكر هكذا
أبكي حزنا لفراقهم
ويجتاحني الشوق والحنين للقائهم
وأتألم حسرةً لعدم لحاقي بهم
وأدعوا الله .. الله وحده..
كما كنت جليسا لهم في الدنيا .،
أن لايحرمني مجالستهم في الآخرة
...
بعد كل هذا
مالذي تعلمته منهم؟
مالذي استفدته من استشهادهم ؟
اليكم بعضا مما تعلمت:
علمتني الشهادة:
نبذ الكسل
عندما كان ينادى لصلاة الجماعة كنت أشعر أحيانا بالتعب والكسل فلا أذهب
لكن الآن عندما ينادى لها
أذكر عمي وأذكرهم وأذكر عظيم ما نالوه من أجر وثواب
وكيف سبقونا الى هناك
فأنتفض وانهض واذهب للصلاة في المسجد
أحاول يائسا اللحاق بهم
رغم يقيني بأنني مهما فعلت لن أصل لمنزلتهم
إلا إن أكرمني الله بنيلها
علمتني الشهادة:
الاستقامة على الطاعة والدوام عليها
تذكرت كيف كان عمي قبل الثورة وأثنائها
من دكانه الى المسجد ومن المسجد الى دكانه بلاكلل ولاملل
محاضرات، دروس ،كتب، قرآن، حديث
ظل هكذا حتى لقي الله عزوجل.
كيف كان استشهاده؟
استشهد في يوم جمعة في العشر الأخير من رمضان مجاهدا في سبيل الله.
فالله أكبر على ما أحسبه فيه.
علمتني الشهادة:
كيف أطلبها بلا خوف ولا تردد
ذكرت أحدهم ممن كان في الاجتماع وهو صديق عمي
كيف كان أسداً في الحق
لايخشى في الله لومة لائم
كنا عندما نتردد في شيء ٍ يكون هو سبّاقا اليه
حينها ،،كان عمي رحمه الله ينظر الي وانظر اليه تعجباً
من اندفاعه وشجاعته
عندما كانت الناس خائفة وتخرج في المظاهرات متلثمة كان يكشف عن وجهه
ويمسك كاميرته بكل ثبات يصورها
يتصل بالقنوات ولايستعمل حتى اسما مستعارا
في النهاية وبعد كل هذا
كيف كان استشهاده ؟
استشهد والدبابة تطأ رأسه الطيب
فالله أكبر على ما أحسبه فيه
علمتني الشهادة:
اغاثة الملهوف ولو كان ذلك يعني التضحية بالنفس
تذكرت استاذي الحبيب
كيف اندفع بسيارته الصغيرة نحو ساحة مليئة بالقناصة لاغاثة جريح يناجي على الأرض
كيف انهمر رصاصهم على سيارته واستشهد ومن معه بعد ايام متأثرا بجراحه .
استشهد وهويغيث ملهوفا
فالله أكبر على ما أحسبه فيه
علمتني وعلمتني وعلمتني ..
تعلمت الكثير وماهذه الا أمثلة بسيطة
هؤلاء أشخاصٌ تعلمت منهم في حياتهم وتعلمت منهم في استشهادهم
...
أعلم الآن تمام العلم أن الله يصطفي خيار خلقه للشهادة
أعلم كثيرا من أفعالهم الطيبة التي كانت تؤهلهم لينالوا هذا الشرف العظيم
وماخفي عني ويعلمه الله أفضل واعظم
ليس كل الناس ينال هذه الجائزة لا والله
هي اصطفاء من الله عزوجل
وإن كنت سأبكي حقاً
فسأبكي على نفسي
فأنا المسكين الذي لم ينلها
أما هم، وأنا الذي سمعتهم يطلبونها بلسانهم ..
ورأيت سعيهم لها بأفعالهم
أحسبهم ممن نالها والله حسيبهم
إنها ليست جنة بل جناتٌ ونعيم وحورٌ عين كأمثالِ اللؤلؤِ المكنون
...
فيا شباب الأمة أفيقوا فوالله ان هذه الدنيا حطام
هذه الحياة زائلة ونحن ماضون فيها الى زوال
فاختر لنفسك اما ان تموت وليس في رصيدك شيء للآخرة وإما أن تموت وأنت تملأ رصيدك بالطاعات
...
هي عَبَرات جليسٍ في الدنيا لأشخاص عبروها الى الآخرة ويرجوا أن يكون جليسا لهم فيها هناك
كُتبت هنا لعل وعسى يأتي يوم وينال صاحبها الشهادة وتكون هذه الكلمات عملا صالحا يلقى به مولاه
وتكون طريقا لغيره لينالها
تلك المرتبة السامية التي من نالها فقد فاز فوزا عظيما
إنها الشهادة في سبيل الله
...
اللهم إني كنت جليسهم في الدنيا
فلا تحرمني أن أكون جليسهم في الآخرة
اللهم ألحقني بهم بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين
بارك الله بكم ونفع بكم الإسلام وأهله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات