* ** * ** *
تتلاشى كلمات الوصف تصاغراً أمام صرح الجمال الأسمى ، كتلاشي تلك الربابات خجلاً عن حُضن سمائها . .
وكأنها نوافذ حُلم تطلّ علينا من عَـلٍ . .
تتفتح أمام قلوبنا ورعاً، لتُبصر بطُهرها سِحر السّماء .. وما بعدها . .
. . .
في هذا العالم المتفرّد كونٌ آخر . .
تلال من الأحلام الملوّنة بألوان الطيف . .
وجبال بلوريّة قزحيّة . .
بِرَكٌ من جَمال .. وقصورٌ من خَيال تشبه حلوى الغزل والقطن . .
رسومات وأشكال عشوائية، متشابهة ومختلفة ، تغطّي قزحيّتها اللامعة بأوشحةٍ من حرير . .
وكأن في عشوائية تكوينها تفسيرأً لعبثية الأقدار . .
* * * * *
في رحلة السمو بالعين والقلب ، يقظةُ خيالٍ جامح انصبّت في العقل لوهلة . . جاءت لتسرقنا من كآبة الأيام . . وترمي في الوجدان حيرة لذيذة . .
أنحن من يرسم من أجنحة الملائكة أحلاماً ورديةً سماوية ؛ أم أنّها من سِحرها ترسمنا خيالاً حالك البياض !
* * * * *
يا لمعة الألماس . . يا لؤلؤ الأنفاس . . يا نرجس الإحساس . .
يا فتنة الغيم التي اكتملت . . هل إنّ بُعدكِ عن منالي جمّلك ؟!
يا عبقاً مُحيّا في ظِلال العشق سحراً . . أنا ما سوّلتُ لك . . !
من رذاذ ظلالكِ انفضّ الصباح بنوره . . يمشي الغَمامُ ليلقى طُهراً ، أو مَلَك . .
* * * * *
ولديمةِ الهَطْل المُطهّر هَيبةٌ ’
أخْشَعَـت جوّ الصّمت في حرمِ الجمال . .
صمتٌ يخالجه ضجيج مشاعرٍ في ثورتها الصاخبة، تواري فضح اضطرابها خلف وهلة الانبهار ، أمام لوحةٍ خياليّة . .
يُراءى لها ذاك الرّكام الأبيض المتفرّق ، كحبّات لؤلؤٍ تناثرت في بحر اللّازَوَرد ، ألقاً ونَسَـقاً . .
* * * * *
وربابةُ حسنٍ عابرة . .
تعزفها الرياح لحناً أزلياً سرمديًّـا ، يعلو ويخفُت على مرّ الزمان . . يعود بالنّاظر إلى نقاء الطفولة المنسيّة ؛ ليرسم فكرةً بيضاء عن معنى الوجود . .
تَبرُق من وَدَاعة الصِّبا صَبابةٌ تفنى في ذروة كمالها . .
لتغزِل من خواطرها أحلاماً تمرّ مرّ السحاب . .
تطوف في موكب البَـهَـاء . .
وتُحرِمُ في ميقاتها الأبدي، في رحلة كونيّة . .
وتُمطِر من فرط الحبّ فرَحًـا . . أو تمضي كسحائب ربيعٍ خاطفة . .
لتعود إلى كينونتها الأولى . . في برزخ الذّكرى تموتُ وتُولدُ . .
« صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ » . .
فالله يُزجي سحابه ليؤلّف بينه . .
ثم يصبّ من مُزنه هَتوناً أبلَج يسقي الرّمَق فيرويه زلالاً . . .
* * * * *
في غمامةِ الصَّـبّ ؛ ريش حمائمٍ يتناثر . . التقط أحدَها فنانٌ ليرسم لوحة الغيوم على سقف الكون . .
يستلهم من قداسة السماء ما يُضفي من نسيم الطُّهر سحراً يُقشِع ضبابة الحزن عن عيون الناظرين . .
« فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ » ،
مطراً يتنزّل بألوان الحياة على الأرواح الباهتة . .
كتائهٍ وَجَد في دموع الوَجْـد ما يغسل روحه ، ليستخرج سود الأحزان من قلبه . .
يُخَيَّل إليه أنّه ذاك الشّهاب الهاوي بين فراقد الغيث،
كقطرة ندىً تهوي من زجاجةِ عِطر ..
لأنّه هوَ الحُلُـم والتأويل . .
* * * * *
لذا ؛ كلّما شعرتَ بزحمة الأيام . . فقط انظر نحو السماء . .
ففيها من التجلّي والرّفعة ما جعل شاعرها يبدع في أبياته واصفاً :
احمِل بغيمگ عالماً مُتثاقلاً
واهطُل على حُرَقِ الزّمان نسيمًـا . .
وانثُر على الدّنيا غِناك كما الثّرى
وارفع سماءگ للفضا تگريمًـا . . ~
المفضلات