الصفحة رقم 14 من 14 البدايةالبداية ... 4121314
مشاهدة النتائج 261 الى 278 من 278
  1. #261
    حجز و لي عودة

    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة تُوتْ مشاهدة المشاركة
    هااااييي آمممي 3>
    لا أعلم لماذا ولكنني أشعر بأنك - مهسترة - biggrin
    الحيقة أنني لا أعقب على ردودك لأنني نسيت أحداث البارت هذه ماذا كانت، وأخشى أن أجيب و - أحرق القصة بأكملها - laugh
    لكنني حقا سعيد لوجودك embarrassed

    مهسترة بالفعل laugh
    لا عليك اعتقدت ذلك بالفعل لا أحد بإمكانه تذكر حتى ما كتبه هههههههههههههههههههه
    اخر تعديل كان بواسطة » Amai chan في يوم » 30-06-2018 عند الساعة » 12:38
    attachment
    تصميم Lady Ɖeidara نياا ~ شكرا نياا 031




  2. ...

  3. #262
    Part 16

    طرق سريع على الباب شتت اندماج الجماعة الملتفة حول أرائكٍ سماويّة، تبعه دخول جنديٍ يلهث قائلًا:
    - جلالتكم، جاءنا رسولٌ من سيلنيا.
    قطب المعنيّون الأربعة في ريبة، إلا أن شيئًا من الأمل دب في أوتراهم " لعله جاء خاضعًا بهذه السرعة؟"
    وقف الحاكم ليونارد بحلّته المهيبة وعباءته الملكية مواجهًا الجندي قائلًا برزانة:
    - استدعه للدخول.
    وما هي إلا ثوانٍ حتى فتح الجندي الباب مستدعيًا رجلًا في مقتبل العمر، وبشكلٍ لفت نظر المتواجدين، رأوا في هيئته ثقةً عالية جدًا، وكبرياءً بالتأكيد لن يكون في من سيأتي منكسرًا يطلب السماح وإيقاف الحرب، وهنا دب شيءٌ من التوتر في أرجاء تلك الغرفة قطعه سخريةٌ أطلقها جون الذي وضع رجلًا فوق الأخرى مسندًا ظهره في محاولةٍ لزعزعة ثقة القادم وبث بعض الدفء في داخله عوضًا عن موجة البرد التي سرت:
    - هل استسلمت سيلنيا قبل انتهاء اليوم الثاني حتى؟
    ولكن عكس ما كان يبغي جون، ظهرت تعابير سخريةٍ على وجه ذلك الرسول الذي حاول كبت ضحكةٍ إلا أنه كما بدا للجميع تعمد إظهارها عوضًا عن ذلك بشيءٍ من المبالغة، وبشكلٍ غريب كان واثقًا متماسكًا دون أن يكترث أنه قد يُقتل في هذه الأثناء.
    مرر حدقتيه الرماديتين على الموجودين متفحصًا إلى أن وقفت حدقتاه على الحاكم كارل متجاهلًا بوقاحةٍ الحاكم ليونارد الذي كان واقفًا أمامه، قال وقد مد يده برسالةٍ إلى الحاكم ليونارد بينما ينظر إلى الحاكم كارل:
    - بل إنها دعوة من الحاكم ريتشارد لحضور مأدبة إعدام الأمير أليكساندر.
    جفل الحاكم كارل كما جفل بقية الموجودين، الأمر الذي جعل جورج المتجاهل تمامًا للقادم، يرفع رأسه ويديره باتجاهه مصدومًا!
    - " ماذا يحدث ؟ "
    قال كارل في محاولةٍ لإبعاد هذه الشبهات في نفسه بشيءٍ من الحدة:
    - إن أليكساندر يدرب الجنود الآن!
    - بل في زنزانةٍ إنفرادية في سيلينيا.
    بدد دخول نيكولاس كل أواصر التكذيب الذي دبت في كارل، ليقول نيكولاس الذي وقف متفحصًا القادم بريبة:
    - سمعت اسم أليسكاندر؟ هل من أحد يبحث عنه؟
    سأل الحاكم ليونارد مسرعًا:
    - لقد كان معك في المعسكر، أليس كذلك يا نيكولاس؟
    قال نيكولاس مقطبًا حاجبيه:
    - ظننتكم قد أرسلتموه لمهمةٍ أخرى، لقد غادر صباح اليوم قائلًا بأن لديه شيءٌ مستعجل!
    وضع الحاكم كارل يديه على رأسه شاحبًا كما لو أن جبال كاميليا الضخمة سقطت كلها فوق كاهليه ، كما صعق كل من جورج وجون اللذين نظرا إلى بعضهما في صدمة، بينما كان الحاكم ليونارد الوحيد المحافظ على رباطة جأشه، قائلًا وقد تقدم إلى جانب نيكولاس الذي لم يكن يفهم أيًا مما يحدث:
    - ماذا يريد سيدك؟
    ابتسم ولازالت تعابير السخرية باديةً عليه، وبالأخص عينيه الرماديتين اللتين كانتا تشبهان عينيّ الحاكم ليونارد في لونها، الفرق في ما تحمله من معنى بداخلها:
    - مُرْ جيشك بالانسحاب، وإلا سيعدم الأمير أليكساندر دون حضوركم.
    - ماذا تقول؟!!
    قال نيكولاس بحدةٍ وقد رمق الواقف بغضبٍ ممزوجٍ بصدمة، لم يكن يعرف ما يحدث حتى الآن.
    قال الحاكم ليونارد مراوغًا:
    - أتهددنا بإعدام الأمير أليكساندر الآن بينما جيشنا قد أوشك على الانتصار
    - بل أهددكم بإمكانية حضوركم وعدمها، فإعدامه مسألةٌ حتمية، ألا ينص على ذلك أبرز بنود عقد التحالف؟
    قال جملته الأخيرة لتتسع ابتسامته الساخرة مما جعل الحاكم كارل يزمجر غضبًا بعد أن ذاق ذرعًا مما يسمع:
    - قل لســيــدك بإنه إن مـسَّ شعرةً من ابنــي، سأشعـله وممــلكتــه نارًا!!!
    - سأتأكد من إخباره بذلك، ولنرى كيف ستشعل نارك
    أنحنى بسخريةٍ نصف انحناءة، ثم استدار منصرفًا، تاركًا تلك الأخبار الطاغية بضيقها على من بالغرفة.
    بدا لنيكولاس ما حدث، ليجد نفسه يضرب الحائط بقبضته غضبًا، لقد كان يملك جزءًا من مسؤولية ما حدث، لم يستفسر منه عن سبب انصرافه، لم يعر اهتمامًا تصرفات أليكساندر الغريبة وشروده الدائم هذا الصباح.
    لقد أصبح أليكساندر بالنسبة لنيكولاس كالأخ، بعيدًا عن ذكريات الماضي، لقد عاد نيكولاس أقوى من ذي قبل، جعل آلامه سببًا كافيًا لتجعل منه شخصًا أكثر تماسكًا وقوة، لم يفسح مجالًا لتلك الحقود الفارغة، لقد كان أكثر حكمةً من أن يكره أليكساندر لأنه بكل صدقٍ أفصح عن حبه لشخصٍ آخر بدلًا من أن يجعل حياة أخته سيئة إن كان قلبه متعلقًا بغيرها.
    بعد موجةٍ ثقيلة من الصمت، نطق جورج الذي كان دائمًا حاسمًا:
    - إذًا ماذا سنفعل؟
    قبض الحاكم ليونارد على ورقة الدعوة في يده متنفسًا بعمقٍ بعد أن كان واقفًا بلا حراك، ليستدير حيث الأرائك جالسًا مقابلًا للحاكم كارل الذي كان يفكر بعصبيةٍ واضحة، ليقول ليونارد بنبرة حازمة:
    - الخيار بيدك يا كارل، أيًّا كان أمرك سأقوم به.
    لم يجب الحاكم كارل، كان يصارع داخله بكل ما يملك من قوة، ينظر إلى نقطةٍ عمياء كأنه يحاول ثقبها بنظراته، يحاول جاهدًا السيطرة على نفسه، إنه حاكم بلاد، إنه يحتاج الآن إلى أن يكون أكثر صبرًا، أن يحافظ على هدوء أنفاسه التي بدأت تظهر متخبطةً بشكلٍ واضح والعرق البارد ينساب على جبينه بشكلٍ لم يشهده، لأول مرةٍ منذ استلم الحكم يتعرض لضغطٍ هكذا، هو مخيرٌ بين جحيمين، ما يفترض أن يختار؟ أن يرى ابنه يموت، أم ينتظر سماع خبر موت ابنه؟
    وبكل ما يملك من صبرٍ لمحاولة السيطرة على أعصابه، نطق بما يأمره عقله محاربًا لكل صرخةٍ دوت من قلبه، مقاتلًا كل خنجرٍ غرز فيه مع كل كلمةٍ ينطقها، لم يبعد عينيه عن مركز نظره، كأنه إن فعل ذلك سيفقد عقله، قال بصوتٍ خرج على قدر هدوءه، باردًا صعيقًا جافًا:
    - يجب أن أعود بجثمانه إلى كاميليا، مر الجيش بالانسحاب.
    دوى أنين خافتٌ في المكان، أغلق الحاكم ليونارد عينيه بعد أن وضع يده على رأسه.
    لقد كان القرار الحكيم، سيكون مستحيلًا إنقاذ أليكساندر على كل حال، وكيت... كيت تحتاج أحدًا يقف بجانبها في تلك اللحظة على الأقل، إن كان على أحدٍ منهم التضحية، فيجب إنقاذ الآخر، .. ذلك ما تمنى ليونارد أن يحدث على الأقل.
    وسرعان ما عصفت موجة ذعر ما إن أدرك الجميع بأن عليهم الآن أن يخبروا ديانا زوجة الحاكم كارل.. ، فلا وقت للتمهيد، الإعدام سيكون صباح بعد الغد، أيّ إن لم يشدوا الرحال الآن إلى سيلنيا لن يصلوا في الوقت المناسب حتى ...
    وقف الحاكم ليونارد قائلًا بحدةٍ إلى جورج الذي سرعان ما امتثل واقفًا:
    - جورج خذ أنت ونيكولاس مجموعةً من الجنود واسلكوا طريقين مختلفين، يجب أن يصل أحدكما أولًا على الأقل أسرع إلى أرض المعركة، ثم الحقوا بنا إلى سيلنيا،
    جون أذهب حالًا وجهز الخيل والحراس للسفر.
    ثم تقدم إلى الحاكم كارل، وقد انحنى نحوه واضعًا يده على كتفه قائلًا:
    - لن أؤملك بأملٍ زائف، ولكن لم يحن الوقت بعد، لتمسك رباطة جأشك، سأكون درعك وظلك، مهما كان.
    _____________________________
    سدلت الشمس آخر خيوطها مودعةً هذا الشق من الأرض، لقد بدأ الظلام يخيم بالفعل، ولكن ذلك لم يشكل فارقًا وسط تلك المعركة المشتعلة، لقد كانت الأجواء فيها مختلفة عن بعد 20 ياردة منها في جوانب الغابة، كأنما إعصار أصاب هذه المنطقة فملأها بالغبار الذي لم يتوقف ساعاتٍ متواصلة حاجبًا ضوء الشمس.
    كان جيش أورتيرا يتقدم بثقة قوية جدًا، قوته تزداد مع كل ساعة بفعل استراتيجية ابتكرها العبقري زاكس، جاعلًا من كل أربعة ساعات تبديًلا بين جيشه وجيش مايك، الأمر الذي جعل ساحة المعركة تقترب من حدود سيلنيا مع كل ساعة، إلا أن ضوضاءً دبت وسط جيش سيلنيا قد وصلت إلى مسامع جيش أورتيرا:
    - " سيعدم؟ "
    - " عثروا على أمير كاميليا متسللًا إلى قصر الحكم؟ "
    - " ماذا أكانت محاولة اغتيال؟ "
    على الرغم من أن المعركة محتدة، لا يوجد وقت فارغ للدردشة، إلا أن جيش سلينيا الذي كانت معنوياته محبطة جدًا من تقدم أورتيرا الغير متوقع، اشتعل حماسةً فجأة، فانتشرت الأخبار كانتشار النار في الهشيم، مما أجفل زاكس الذي وقعت على مسامعه جملة واضحة:
    - " صباح بعد غد، سيعدم أمير كاميليا أليكساندر"
    جاء صوتٌ عن يسار الأمير زاكس، كان تساؤلًا من أحد جنود أورتيرا الذي كان يقاتل ببراعةٍ ملوحًا بسيفه:
    - سيدي ماذا نفعل؟
    قال زاكس بحزم:
    - لا تكترثوا، واصلوا التقدم
    قال صوتٌ آخر كان قد طعن جنديًا من سلينيا في معدته:
    - قد تكون خدعة لزعزعتنا.
    أيده زاكس متقدمًا بكل قوته:
    - إن كان كذلك، فلسوف يرون أسوأ مما رأوا.
    وبكل حدةٍ حرّك فرسه لتدخل وسط معمعةٍ من جنود سيلنيا طاعنًا ما استطاع منهم، إلا أن صوت مايك من خلفه ناداه صائحًا:
    - زاكس توقف!!!! زاكـس انسحب!!!!!!!!!
    مما قلل من دفاع زاكس الذي اضطرب فجأةً ليغرس سيفٌ في كتفه الأيمن شاطرًا إياه إلى منتصف صدره.
    - زآآآآآآآآآآآآآآآآآآآكــــــــــــس !!!!
    صرخ مايك مذعورًا وهو يرى الدماء تتدفق من جسد أخيه الذي ترنح فوق فرسه ليسقط أرضًا على رأسه، رفع مايك علمًا أبيضًا وقد صرخ بملأ فمه:
    - انسحـــــــــــــــــــــــــــــــــاب.
    سرعان ما تراجع جيش أورتيرا إلى الوراء نحو المعسكر الطبي، بينما تقدم مايك عدوًا بخيله نحو جسد زاكس المضجر بالدماء، رفعه صارخًا:
    - زاااكس!! استيقظ يا زاكس!
    كانت حالته سيئة جدًا، السيف لا يزال مغروسًا إلى وسط صدره، كتفه في حالةٍ سيئة، كان شبه واعٍ، حدقتاه السوداوتان تنتقلان بلا حياة، ذهب أحد الجنود مستدعيًا فريقًا طبيًا، الذي جاء بالمعدات كاملةً، وقد خلت الساحة حتى من جيش سيلينيا الذي تلقى أوامرًا بالعودة لحضور مأدبةٍ ضخمة!
    انتزع أحد الأطباء السيف من جسد زاكس الذي صرخ متأوهًا بقوة وقد تدفقت الدماء بغزارة من الجرح الأخير الغائر، ليقول أحد الأطباء الذي بلل قطعةً كبيرة من القماش:
    - لحسن الحظ لم تصل إلى الرئة اليمنى، ولكن حال الذراع سيئة جدًا.
    قال آخر: أظننا لن نستطيع فعل شيء في هذا المكان، يجب نقله إلى المملكة حالًا!! لقد خسر الكثير من الدم، ولسنا نعلم إن تعرض الدماغ لإصابة أم لا، فقد سقط على رأسه من فوق فرسه كما تقول؟
    أدار رأسه حيث الجندي الذي كان قد استدعى الفريق الطبي، ليهز الأخير رأسه موافقًا.
    جاء جورج فوق حصانه عدوًا، بعد أن أذاع خبر الانسحاب، لينزل من فرسه فزعًا:
    - ربـاه!! انقلوه إلى المملكة فورًا!! - ثم أدار رأسه حيث مايك ليردف مسرعًا قائلًا: عليك أن تظل معه في المملكة، نيكولاس سيبقى كذلك، يجب عليكم تشديد الحماية حول كاميليا، وكذلك أورتيرا بالتأكيد.
    لم يبدو على مايك أنه استعاب شيئًا، لم يفهم حتى الآن سبب الانسحاب واضطراب جورج ونيكولاس الذي وصل بعده بهنيهةٍ، ولم يجد وقتًا حتى يستفسر بعد ما أصاب زاكس، وقف وقد تلطخت يداه وملابسه بدماء أخيه قائلًا برتباكٍ واضح:
    - ماذا يحدث يا جورج، ماذا يحدث؟
    ساعد جورج فريق الطوارئ من الأطباء على حمل زاكس الغائب عن الوعي نسبيًا إلى العربة التي جاءت مسرعةً لتقله إلى المملكة ليقول وقد أمسك بذراع مايك يجره إلى داخل العربة كذلك:
    - أشياء كثيرة حدثت يا مايك، لا وقت لدي للشرح، مجمل ما حدث أن سيلنيا ستقوم بإعدام أليكساندر، ولا أظن أن هنالك أمل في إنقاذه، إن زوجتي و أمي في أورتيرا، حالة أمي سيئة جدًا! انتبه لها!
    ثم امتطى فرسه مسرعًا نحو سيلنيا وهو يصرخ :
    - نيكولاس سار بالجيش عائدًا إلى المعسكر، عليكما حماية المملكتين!
    ثم سرعان ما غاب عن الأنظار بين أشجار الغابة التي حجبت تمامًا حتى نور القمر، لقد سبقه الجميع إلى هناك، سلكوا طرقًا مختصرة مع جيشٍ مصغرٍ لحماية الإمبراطوريين لم يشأ الحاكم كارل اصطحاب زوجته ديانا، لكنها أصرت بعد نوبةٍ من الانهيار والصراخ، لقد فقدت عقلها.

    _______________


    يتبـــع . . .

  4. #263
    لم يصدق ما فعله حقًا، لم يدخل أبدًا وسط المعركة، فرّ بفرسه داخل الغابة ما إن أدرك أن أليكساندر لم يكن هناك، وعلى الرغم من أن فعلته لم تكن أبدًا مشرفة، لم يشعر بالخذلان من نفسه، على العكس شعر بالفخر، لم يكن عليه أن يقاتل من لا يرغب بقتاله، كان واثقًا بأن كيت ستفرح بذلك إن أخبرها، وقد اعتزم فعلًا إخبارها بأنه سيقنع والده مهما كلف الثمن بألا يجعل من أورتيرا عدوة، هذه كانت مجمل أفكاره ليومين قضاهما داخل الغابة حتى غابت المعركة عن ناظريه تمامًا ليجد نفسه وسط قريةٍ لم يرها من قبل، كانت قرية ريفية بسيطة، صغيرة جدًا مقارنةً بمدينةٍ واحدة من مدن سيلنيا:
    - " ما هي حدودهǿ "
    تساءل وهو يمرر عينيه الخضراوتين على تلك الحقول الخضراء المليئة بأكواخٍ من خشب:
    - " يوجد حقًا من يسكن في أكواخٍ خشبية وأسطحٍ من سعف "
    كانت المواشي تسلك طريقها بلا راعٍ كأنها تعلم إلى أين يجب عليها التوجه دون من يقودها، الحقول كانت مليئةً بالمزارعين الذين يحصدون محاصيل الخضار لهذا العام، أشجار تفاحٍ وبرتقال، الكثير من حقول الذرة ، الكثير من الملفوف الأخضر والجزر.
    حتى أن الأطفال والنساء يساعدون في عملية الحصاد، لأول مرة يرى إدوارد هذا النوع من المشهد المسالم، إنه يبعد مسيرة يومٍ عن أرض المعركة، وهو بالتأكيد ليس جزءًا من أورتيرا ولا جزءًا من سيلنيا على الرغم من قربه.
    وبشكل غريب، شعر برغبةٍ جامحة في اصطحاب كيت إلى مكانٍ مسالمٍ كهذا، كأنه المكان المناسب لإبعاد الكآبة عنها والتي كانت ملازمةً لها بشدةٍ في الأيام الماضية:
    - " بالتأكيد ستحب كيت هذا النسيم اللطيف"
    ابتسم بلا شعورٍ منه، ولكن سرعان ما أدرك ما الذي يفكر به:
    - " لا أصدق أني أفكر بهذه السخافات؟.. "
    أدار فرسه قبل أن ينتبه له أحد سكان القرية، ليعود عدوًا إلى معسكر المعركة، ليس ليساهم فيها بل ليأمل أنها انتهت بأيٍ كانت النتائج ليعود إلى كيت حتى يخبرها بقراره الحاسم إزاء مملكتها.

    هذا ما كان يدور في دماغه، مشاهدٌ من السلام سكنت نفسه التي اعتادت على حلكة الظلام، لتشعل فتيلًا من الأمل، كاد أن ينتشر لولا وصول خبرٍ إلى مسامعه ما إن وطأت قدماه أرض المعسكر:
    - كانت ستهرب مع خطيبها السابق أمير كاميليا لولا أن كشفه أحد الحراس!
    - كيف تجرؤ وهي حبلى بحفيد للإمبراطور!
    -أوه جلالتك إدوارد!! أين كنت؟!!
    تبددت كل آمال إدوارد في لحظة، مشاعر السلام .. الرغبة العارمة في المصالحة لأجلها، لأجل أحدٍ ما، الرغبة التي لم تكن له، ولأول مرة يفكر بأحدٍ آخر، بشخص لم يكن يفكر به مطلقًا، بأنه كان الوحيد الذي عُمِر قلبه بالدفء إزاء تصرفاتٍ لم تكن إلا بدافع الاستسلام وليس الرغبة.
    تحشّرجت غصةٌ في حلقه، علقت واقفةً هناك، ليجتمع الهواء في أنفه كأنما يرفض الخروج وتلمع عيناه بينما اهتز طرف فمه ساخرًا، تبعته ضحكةٌ أخفى إدوارد على إثرها وجهه، لقد شعر بالدموع تتجمع في مقلتيه وقلبه يعتصر ألمًا، وكم كره كيف جعله ذلك يشعر بالضعف في هذه اللحظة.
    قال وهو يضحك راكعًا على رقبة فرسه وسط دهشة الجنود الذين تجمعوا حوله:
    - كنت أحمقًا، كنت أحمقًا، كنت أحمقًا - ثم رفع رأسه وقد تبددت كل تعابير السخرية ليحل محلها حنقٌ شديد ظهر في نبرته الصارخة بحدة: اللعنة عليك ، اللعنة عليك يا كيت.
    شد لجام فرسه البنيّ ضاربًا بطنه، لينطلق الفرس في سرعةٍ فائقة نحو مملكة سيلنيا.


    لقد كان إدوارد متأخرًا، فقد حلَّ الصباح بالفعل حينما دخل إلى مملكته التي كانت تعج بالاحتفالات منذ المدخل الغربي الذي دخله منه حتى وصوله إلى ساحة الإعدام المتمركزة في قلب المدينة وسط الكم الهائل لشعب سيلنيا، لقد تعمد الإمبراطور ريتشارد أن يقيم الإعدام وسط الشعب إذلالًا لكاميليا، وكأنما بذلك ينتصر مرتين، مرةً حينما أحبط كل تقدم أورتيرا، وثانية حينما صرّح بذلك متفاخرًا بإعدام عدوه أمام شعبه، وقد أمر بذخًا أن تقام الولائم في جميع مملكته مترامية الأطراف لثلاثة أيام.
    وهناك من بعيد، فوق منصةٍ عاليةٍ جدًا لتكون واضحة إلى كل من ينظر إليها أيما كان يقبع في عاصمة مملكة سيلنيا، رأى إدوارد أليكساندر مكبل اليدين راكعًا، كانت توجد فوق المنصة طريقتان للإعدام، إما الموت شنقًا وإما قطعًا للرأس بفأسٍ حادةٍ تسقط من فوق خشبةٍ نحو الرقبة مباشرة.
    كان أليكساندر يقف بينهما، وقد توسطت الشمس السماء أخيرًا ليغدو المشهد واضحًا، تعمد الحاكم ريتشارد أن ينتظر قدوم والديه و ليونارد وأبناؤه، وكذلك تعمد أن يصطحب كيت إلى جانبه أعلى المنبر ليكون نظرها محاذيًا منصة الإعدام، لترى بوضوحٍ موت حبيبها.
    انعطف إدوارد داخل زقاقٍ ضيقٍ متفاديًا زحام المتفرجين ليخرج إلى حيث بوابة البناء المرتفع المسوّر لمنصة الإعدام والمحروس من قبل جنود سيلنيا، وما إن رآه أحد الحراس حتى فتح بابًا على مصراعيه خلفه يقبع سلمٌ حجريٌ طويل يؤدي إلى مدرجاتٍ ضخمة حيث تجلس كيت ووالده، حيث تكون الجهة المقابلة لها منصة الإعدام، بينما عن يمين المدرجات التي يجلس فيها والده، مدرجاتٌ أخرى، بعيدة، لها بوابةٌ خاصة، يجلس فيها الحاكم كارل وزوجته ديانا، وحاكم أورتيرا وأبناؤه، بعد أن فشلت كل محاولات الصلح.
    كان سلمًا طويلًا، طويلًا جدًا، ولكن إدوارد لم يشعر أبدًا بطوله، لم يشعر بالتعب أبدًا، لقد كان يركض وسطه متفاديًا بعض الدرجات، يحاول الوصول أسرع ما يمكن، وقد ازدادت سرعة اعتلائه للسلم ما إن سمع صوت والده يصدح في كل أجزاء ذلك البناء:
    - إنها لحظة عظيمة، لحظة تتجلى فيها قوة سيلنيا، صدقها وإنصافها، حرصها للمحافظة على السلام، لحماية عقد التحالف الذي حمانا جميعًا ضد كل من يحاول الغدر بنا، والآن، وقد كنت أفكر ليومين كيف سيكون العقاب المناسب لمن يتعمد خرق العقد مزعزعًا الآمان مثيرًا للشغب، أدركت بأن قطع الرأس لن يكون إلا مكافأةً رحيمة، لا تناسب بجاحة الفعل، ولن أقبل بها أبدًا، لذلك الإعدام شنقًا هو العقاب المناسب، لكي يدرك المجرم أليكساندر أمير مملكة كاميليا أهمية البقاء حيًّا، وهو يحاول سحب الهواء إلى رئتيه ما استطاع دون جدوى.
    تلتها ضحكة مزلزلة خرقها صراخ كيت الذي جعل من إدوارد يصعد أربع درجات دفعةً واحدة، ساعده على ذلك طول ساقيه.
    وصل أخيرًا إلى المدرج لاهثًا وهناك رأى حارسان يحوطان بأكتاف كيت التي كانت تصرخ بذعر وهي ترى أليكساندر يساق إلى حبل المشنقة، رأى الحاكم كارل وهو يضع يديه على رأسه وزوجته ديانا تصرخ في ذعرٍ باكيةً بينما يعض الحاكم ليونارد على يده في صمت.
    وما هي إلا لحظات حتى وضع الحبل على عنق أليكساندر الذي لم يظهر ذرة انكسارٍ منذ أن ألقي به في السجن حتى وقوفه فوق المنصة، لم يبعد نظرته الحادة نحو الحاكم ريتشارد كأنه لا يكترث بأيٍ مما يحصل كأنه لم يعد يهتم حتى وهو يعلم بأنها النهاية الآن، بأن مسيرة حياته ستكون معلقةً فوق هذه المشنقة، ولكن صرخة ذعرٍ أطلقتها كيت شتت تركيزه ليحول ناظريه نحوها، أصاب سهمٌ قلبه ألمًا، لقد كانت تنتحب بصوتٍ مرتفع، سمعها تنادي اسمه بيأسٍ رافضةً ما يحدث، تمسك بيد الحاكم ريتشارد جاثيةً على ركبتيها:
    - لآآآآآآآآآآآآآ أرجوك لااااا، أليكساندر أليكســـــــاندر.
    ابتسم أليكساندر بألمٍ وهو يرى الحال قد تحول إلى هذا، لم ينظر نحو والديه، لم يرد أن يشعر بالضعف مع انتحاب والدته الذي كان مسموعًا, أبعد نظره عن كيت ليعيد النظرة الباردة نحو وجه الحاكم ريتشارد الساخر، والذي رفع يده مشيرًا إلى العد التنازلي حتى قال:
    - اسحب.
    التف الحبل على رقبةٍ أليكساندر، وبدأ يشعر به يحاول رفعه قسرًا، الهواء أصبح مروره صعبًا واحتقن وجهه بالدماء، لترتفع حدقتاه النيليتين إلى الأعلى في محاولة البحث عن آخر ذرة من الأكسجين، ولكن عيناه خانتاه لتسقطان مرةً أخرى على كيت التي ركضت إلى جدار المدرج صارخةً ويدها ممتدةٌ بيأسٍ كأنها ستصل إليه.

    كان آخر منظرٍ رآه أليكساندر، إدوارد الذي ركض جاذبًا كيت من ذرعها بقوة، قبل أن تعدم رؤيته وينقطع الأكسجين تمامًا، وتبدأ غريزة المحاولة للبقاء على قيد الحياة.
    :
    - أليكسااندر، أليكســــــــــــــــــآآآآآآآآندر، لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
    دوت صرخة عن كيت جعلت إدوارد يثور غضبًا متجاهلًا مشهد أليكساندر الذي يحاول يائسًا إزاحة الحبل عن رقبته وقد ارتفعت قدماه اللتين تتحركان بعنفٍ عن الأرض شبرًا، ليمسك إدوارد بكيت مسقطًا إياها أرضًا، رغم ذلك لم تنظر إلى وجه إدوارد حتى، تمسكت بالحائط تحاول الوقوف في ذعرٍ صارخةً باسم أليكساندر، لينهال إدوارد عليها ركلًا، أمسكها من شعرها ضاربًا رأسها إلى الحائط، ألقاها أرضًا ثم وقف داهسًا بطنها البارزة، وحين لم يرى أية ردة فعل منها سوى هذيانها باسم أليسكاندر، ركل وركل وركل وركل وركل وركل، ثم أخذ بجنونٍ يقفز على بطنها حتى دوت بصرخة حادة أعادت إدوارد إلى وعيه ليرى بركةً من الدماء تسبح تحتها.. لقد أجهضت؟
    :
    - أنزل أليكساندر، أنزله من فوق المشنقة فورًا!!!
    من خلف منصة الإعدام إلى حيث يقف الجندي القائم بأمر القصاص، دخل الأمير آرثر رغم إصابته، وقد أفزعه الاضطراب الذي أحدثه أخوه في هذه اللحظة، لقد كان الحارسان المكلفان بتثبيت كيت وقت ذعرها، مذعوران مما أصابها، مما جعل كل من في المكان يذعر أكثر، ولا يعلم أين يصب انتباهه على المشنقة التي تأخذ أليكساندر أم على اعتداء إدوارد على كيت التي غدت الآن تصارع الموت!
    ولم يجد ذلك الجندي من بدٍ سوى إطاعة أوامر أميره رغم اعتراض الحاكم ريتشارد الذي لم يأبه إلى ما حل بكيت، إلا أن الجندي كان مضطربًا كفايةً حتى لا يميز وسط كل تلك الضجة إلا صوت الأقرب إليه، ليرخي حبل المشنقة حتى يسقط أليكساندر على الأرض لاهثًا وعيناه زائغتان، لقد عاد الهواء إلى رئتيه، لقد عاد حيًّا!
    صرخ الأمير آرثر مخرسًا حتى والده الذي استشاط غضبًا:
    - سيؤجل الإعدام مؤقتًا، احملوا الأميرة كيت إلى طبيب القصر حالًا!!!!
    ثم أدار رأسه حيث كان يقف القائد سام خلف الباب المؤدي إلى المنصة طوال الوقت، لم يجرؤ على الظهور أمام أليكساندر إلا أن أمر الأمير آرثر أحاله دون ذلك:
    - أيها القائد سام، خذ أمير كاميليا إلى زنزانته.
    تردد سام قبل أن يتقدم مرغمًا حيث كان يسجد أليكساندر وكأنه يقبل الأرض لعودته حيًا.
    أمسك به من كتفه ليرفع أليكساندر رأسه لاهثًا وعيناه الزائغتان بدأتا تذبلان بضعفٍ وكأنما إعياءٌ اجتاحه محاولًا الإطاحة به، ولكن عينيه اللتين أضحتا زرقاوتين ببهت اتسعتا ما إن وقعتا وسط عينيّ سام الذي لم يستطع إخفاء ابتسامة الراحة حين رأى أليكساندر على قيد الحياة، تسمر أليكساندر حتى أن الهواء امتنع عن الدخول ما إن رأى الأوسمة فوق أكتاف بذلة سام وشعار مملكة سلينيا يزيّن صدره.. ولوهلة استعاد تلك الملامح قبل ثلاثة عشر عامًا، تلك العينان الزجاجيتّان اللتان ترمقانه بقلق، ذلك الشعر الحالك المبعثر بعشوائية.. ثم فقد وعيه وهو يهمس بلا شعورٍ:
    - سـ..ـام.


    - تم البارت 16 -

  5. #264
    .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالك ، لقد عدت اخيرا
    knockedout
    قررت طرد الكسل جانبا ، لنتقل للمهم الان
    ي فتاه روايتك لقد احببتها ،
    031 مالذي فعلته
    طريقتك في السرد والوصف جذبتني حقاً embarrassed
    أحب القصص الي تتحدث عن أكثر من مملكة و لكن نادراً
    تجد من يتقن الأحداث فيها لأنها تتشعب أكثر و أكثر
    جداً صعب على الكاتب أن يتقنها و كيف
    يجاري الأحداث - أسمحي لي أن أقول أبدعت ماشاء الله
    embarrassed
    لكن اشعر بأن هناك شئ ناقص ...
    اجل كيت لو فقط اثلجتي قلبي المسكين عليها مازالت تتعذب حتى النهايه
    003
    النهايه ي فتاه كيت المسكينه لما يجب عليها ان تضحي دائما
    ogre
    على الاقل لو عاش الصغير .... يال بشاعتهم فعلا مالذي فعلوه بها
    أليكس لاادري ماقول فعلا كافح ليحصل على كيت ولكن تأخر كثيرا
    tiredtired
    .
    الكسندر الاحمق وادوارد العصبي ريتشارد الشرير يريد السلطه فحسب
    ارثر اشعر وكانه العاقل بينهم ، لما نفي خارج البلاد ماللذي فعله اساسا هو لايهتم بالسلطه اذا لامشكله
    laugh
    الاطراف الاكثر معاناه كيت وادورد بالرغم من الاخير له يد بما حصل لكيت
    لكن هو عانى ايضا بل الجميع عانا بما فيه الكفايه
    sleeping:تجري الرياح بما لاتشتهي السفن:جولي ايضا اكثر نهايه تعيسه هناcry
    المسكينه احببتها فعلا لم قتلتيها حتى طريقة قتلها مؤلمه ogre<< سأقتلك ، من اين لك افكار كهذه tired
    لكن نيكولاس هو الجميل بينهم رغم ماعانها ابتسم الحظ في وجهه وسار فردا من عائله ليونارد003
    اكثر شي اعجبني وتأثرت به فعلا اهنئك بصراحه لقد عدلت عن فكرت قتلك ما ان تذكرته
    biggrin
    knockedoutليونارد فعلا لقد جسدت فيه دور الاب العطوف والملك العادل وضعته في موقف لايحسد عليه ابنته وشعبه
    تعجبني قوته وكيف استطاع الصمود هكذا
    hurt ، زاكس ايضا مالذي فعلته به انتي شريره شلت اطرفه لكن هو يعالج الان صحيح003
    ومماذا ايضا....
    فقط هذا ماستطعت استحضاره الان
    biggrin، عموما تقبلي مروري السريع هذاnervous
    اردت ان تكون لي بصمه هناا،،الان اريد رؤية الروايه في قسم المكتمله ي فتاه ogre
    واخيرا حقا اندمجت مع القصة أحببتها كثيراً حتى أنني اني قد تأثرت بأسلوبك في التعبير ..
    ..أعلم اني لم اوفيك حقك بهذا الرد ..لكن عقلي قد توقف حقاً ..
    laugh
    لّي امل حقاً ان أرى شيئاً ما آخر منكِ <<
    laughparanoid
    اتمنالك كل التوفيق embarrassed ،امل ان ردي لم يزعجك
    هذا مضحك الروايه لم تتنتهي هنا بعد وانا اختم ردي هنا
    laugh
    سأطير انا الان
    bandit
    في امان الله ~



  6. #265
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ع¤لفت مشاهدة المشاركة
    .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالك ، لقد عدت اخيرا
    knockedout
    قررت طرد الكسل جانبا ، لنتقل للمهم الان
    ي فتاه روايتك لقد احببتها ،
    031 مالذي فعلته
    طريقتك في السرد والوصف جذبتني حقاً embarrassed
    أحب القصص الي تتحدث عن أكثر من مملكة و لكن نادراً
    تجد من يتقن الأحداث فيها لأنها تتشعب أكثر و أكثر
    جداً صعب على الكاتب أن يتقنها و كيف
    يجاري الأحداث - أسمحي لي أن أقول أبدعت ماشاء الله
    embarrassed
    لكن اشعر بأن هناك شئ ناقص ...
    اجل كيت لو فقط اثلجتي قلبي المسكين عليها مازالت تتعذب حتى النهايه
    003
    النهايه ي فتاه كيت المسكينه لما يجب عليها ان تضحي دائما
    ogre
    على الاقل لو عاش الصغير .... يال بشاعتهم فعلا مالذي فعلوه بها
    أليكس لاادري ماقول فعلا كافح ليحصل على كيت ولكن تأخر كثيرا
    tiredtired
    .
    الكسندر الاحمق وادوارد العصبي ريتشارد الشرير يريد السلطه فحسب
    ارثر اشعر وكانه العاقل بينهم ، لما نفي خارج البلاد ماللذي فعله اساسا هو لايهتم بالسلطه اذا لامشكله
    laugh
    الاطراف الاكثر معاناه كيت وادورد بالرغم من الاخير له يد بما حصل لكيت
    لكن هو عانى ايضا بل الجميع عانا بما فيه الكفايه
    sleeping:تجري الرياح بما لاتشتهي السفن:جولي ايضا اكثر نهايه تعيسه هناcry
    المسكينه احببتها فعلا لم قتلتيها حتى طريقة قتلها مؤلمه ogre<< سأقتلك ، من اين لك افكار كهذه tired
    لكن نيكولاس هو الجميل بينهم رغم ماعانها ابتسم الحظ في وجهه وسار فردا من عائله ليونارد003
    اكثر شي اعجبني وتأثرت به فعلا اهنئك بصراحه لقد عدلت عن فكرت قتلك ما ان تذكرته
    biggrin
    knockedoutليونارد فعلا لقد جسدت فيه دور الاب العطوف والملك العادل وضعته في موقف لايحسد عليه ابنته وشعبه
    تعجبني قوته وكيف استطاع الصمود هكذا
    hurt ، زاكس ايضا مالذي فعلته به انتي شريره شلت اطرفه لكن هو يعالج الان صحيح003
    ومماذا ايضا....
    فقط هذا ماستطعت استحضاره الان
    biggrin، عموما تقبلي مروري السريع هذاnervous
    اردت ان تكون لي بصمه هناا،،الان اريد رؤية الروايه في قسم المكتمله ي فتاه ogre
    واخيرا حقا اندمجت مع القصة أحببتها كثيراً حتى أنني اني قد تأثرت بأسلوبك في التعبير ..
    ..أعلم اني لم اوفيك حقك بهذا الرد ..لكن عقلي قد توقف حقاً ..
    laugh
    لّي امل حقاً ان أرى شيئاً ما آخر منكِ <<
    laughparanoid
    اتمنالك كل التوفيق embarrassed ،امل ان ردي لم يزعجك
    هذا مضحك الروايه لم تتنتهي هنا بعد وانا اختم ردي هنا
    laugh
    سأطير انا الان
    bandit
    في امان الله ~


    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    -

    يا إلههيي فلففت لقد خشيت أنني أرفقت التشابتر الاخير بدلًا من السادس عشر خطأً laugh laugh
    من سيقرأ ردك ستحرق عليه الرواية بكل بساطة laugh ، لكني أستحق ذلك، أريد أن أراها بالمكتملة كذلك
    لذلك دعيني أكلفك بمهمة بسيييييطة، سأرفق السابع عشر الآن، لكن أريدك أن ترفقي تعليقًا ولو بسيطًا ، وسأرفق الثامن عشر والأخير بعدها مباشرةً laugh

    .
    .
    ك شخصي الحالي بعمر العشرين ، أراها ناقصة من جهات كثيرة جدًا لكنها كنت بداية لطيفة ذات الرابعة عشر لذلك لا أستطيع الاعتراض sleeping
    أما عن وحشية بعض الأحداث، فصدقيني لقد كنت رحيمةً جدًا بخصوص ذلك ولم أطبق ما أردته فعلًا cheeky
    اخر تعديل كان بواسطة » تُوتْ في يوم » 02-08-2018 عند الساعة » 14:02

  7. #266
    Part 17
    وكأن الجنون طغى على الحاكم ليونارد، ليخرج عن طوره حينما علم بأن كيت كانت حبلى في شهرها السابع وقد تعرضت لضربٍ فظيع يهدد حياتها الآن، وسط قاعةٍ ضخمة مليئة بحراس سيلنيا لأي خطرٍ قد يصدر من المجموعة الواقفة في وسطها مواجهةً الحاكم ريتشارد الجالس على أريكةٍ حمراء ضخمة، قال ليونارد بنبرةٍ غاضبة لم يشهدها أبناؤه من قبل:
    - اللعنة عليك أهكذا تتعهد بحمايتهǿ!!! ابنتي لن تبقى ساعةً هنا والآن!!!!!!
    كان طبيب مملكة سيلنيا واقفٌ إلى جانب الحاكم ريتشارد، وقد بدت عليه تعابير التوتر فقد كان يخشى أن يدلي بحقيقةٍ تجعله ميتًا في ثوانٍ، إلا أنه وبعيدًا عن انتمائه لا يزال المريض أهم بالنسبة له -كما حاول أن يظهر أمام الحاكم ليونارد- ، لذلك تحدث بتوترٍ قائلًا:
    - جلالتك إن حالتها خطيرة جدًا لن تستطيع الصمود في الطرق الوعرة!
    - اخرس!!!
    ألقى بنظرةٍ مهددة نحو الطبيب الأشيب، ليصمت الأخير مطأطأً رأسه، ثم ألقى بنظرة حادة نحو الحاكم ريتشارد الذي كان يبتسم بسخريةٍ متأملًا الجماعة الغريبة أمامه بين غاضبٍ وقلق ومصدوم..، فقد كان ليونارد الأكثر غضبًا، بينما كان جون قلقًا بشدة، أما بالنسبة لديانا فقد كانت شاحبةً تمامًا، ولم يكن جورج يظهر عليه أي تعبير، كان ينظر بتعابيرٍ خالية ككارل تمامًا.
    أردف ليونارد قائلًا وهو يتقدم بخطًا مسرعة اتجاه ريتشارد كأنما ينوي إبراحه ضربًا :
    - ستعود ابنتي الآن إلى أورتيرا، ولن يربطها بكم شيء
    إلا أن حرس سيلنيا وقفوا أمامه في حمايةٍ لريتشارد مانعين تقدمه، في تلك الأثناء تقدم جورج بخطًا ثابتة، وقد أمسك شعره البني الطويل بشريطٍ أزرق كلون ملابسه ليقول برزانة:
    - نريد أن نرى كيت.
    لكن الطبيب الذي كان مطأطأً رأسه رفعه مجيبًا ولازال التوتر باديًا عليه:
    - لا يمكن الآن، إن حالتها سيئة.
    هنا استشاط ليونارد غيظًا ليصرخ وقد دفع الحارسين بقوةٍ ليسقطا:
    - ماذا تفعل هنا إن كانت حالتها خطيرة!!!!!
    تلعثم الطبيب فقد كان يحاول جاهدًا لفت انتباه الحاكم ريتشارد الذي تجاهله كليًا، لم يكن واقفًا هناك إلا لأنه جاء ليستأذن شيئًا، الأمر الذي جعل الحاكم ريتشارد يدرك فجأة بأن كلام الحاكم ليونارد منطقي، ماذا يفعل طبيب القصر هنا بينما يفترض به أن يعاين حالة كيت الخطرة؟
    أدار الحاكم ريتشارد رأسه إلى الطبيب وعلى وجهه ارتسمت تعابير التعجب، ليقول الأخير وقد تصبب العرق من رأسه:
    - لقد جئت لأقول... سيعيش أحدهما.. من أنقذ...
    طغت الصدمة حتى على ريتشارد الذي توقع حتمًا موت الطفل! ليقول وقد انتصب واقفًا:
    - ألم يمت الطفل ؟ أيمكن أن يعيش؟!
    - أ..أجل، ظهر بأن الأميرة في بداية شهرها الثامن، احتمال عيش الطفل كبيرة فقد اكتمل نموه تقريبًا، وما بقي سيجعله تحت المراقبة.. ولكن سيكلف ذلك حياة الأميرة..
    صرخ ريتشارد وقد لمعت عيناه بحماسٍ مفاجئ:
    - هل أنت أحمق؟ بالطبع سيكون عليك إنقاذ الطفل!!
    - اللعنة عليك أيها السفاح!! بل أنقذ كيت!!!!!!!
    صرخ جورج وقد ألقى بتحفةٍ أثرية كانت بجانبه.
    ظهر التوتر أكثر على الطبيب ليقول:
    - إن إنقاذ الطفل لا يضمن عيشه، إنقاذ الأميرة سيضمن عيشها أكثر.. ولكن..
    فقد ليونارد طوره فجأة ليتقدم وقد رمى بكل الحراس الذين وقفوا لمنعه متجاهلًا أسلحتهم التي أشهروها، شادًا الطبيب من ياقته قائلًا:
    - ولكن ماذǿ ولكن ماذǿ ولكن مـاذǿ!!!!!!!!!
    نظر الطبيب إلى عينيّ الحاكم ليونارد الرماديتين قائلًا:
    - يجب استئصال رحمها.... إنها عملية خطرة خصوصًا في سوء حالتها الآن، لذلك لا أضمن عيشها كذلك، لقد فقدت الكثير من الدماء.
    بُهتت تعابير ليونارد تمامًا كما طغى الفزع على وجه جون وجورج في آن واحد، أرخى ليونارد قبضته قائلًا بفزع:
    - ما هذا الهراء الذي تقولـ..ـه ؟
    ندت ضحكة مجلجلة عن الحاكم ريتشارد الذي قال كمن انتصر:
    - لم تعد صالحةً إذًا، أنقذ حفيدي فقط.
    لم يستطع الحاكم ليونارد أن يحتمل أكثر من ذلك، فلم يجد نفسه إلا وقد انقض على الحاكم ريتشارد ولكمه بشدة، مما جعل الحراس من حوله يندفعون نحو الحاكم ليونارد مشهرين بسيوفهم، ومحيطين بالقادمين الآخرين الذين مازالت الصدمة طاغيةٌ على تعابيرهم.. لم تكن ديانا في حالٍ تسمح لها بالتفكير فيما سيحدث لو أصبحت كيت غير قادرة على الإنجاب، فلم تكن تضمن عيش ابنها من أساس، ووقوفها الآن أمام الحاكم ريتشارد مع زوجها ليس إلا آخر ومضة أمل تحاول فيها استعادة ابنها، ومضة أمل يائسة، آخر فتيل..

    - إيـــاك ومس ابنتي بسـوء يا ريتشارد، إيـــاك!!!
    رغم أن الحراس قد أبعدوه، وسيف أحدهم موجه إلى رقبته إلا أن الأب إن ثار غضبًا لأجل ابنه لن يهدأ حتى يفرغ كامل غضبه في من يستحقه، كيف إن كان الوحيد ويصارع الموت الآن؟
    لم يكن يكترث لأيِّ ما قد يحصل له، حتى مع كونه حاكمًا لبلاد، لقد وضع كل ذلك جانبًا، الآن هو قادم بصفته أبًا لابنٍ يحتضر.
    نظر بنظرةٍ خاليةٍ من أي رحمة نحو ذلك الطبيب الذي انتصب بجانب الحاكم ريتشارد منصاعًا لكل أوامره، ليقول ليونارد آمرًا بعصبيّه:
    - إياك والتجرؤ على استئصاله، ستعود ابنتي معي إلى أورتيرا، انتهى العقد الذي بيننا.
    - ذلك مستحيل قد تموت في الطريق!
    ضحك ريتشارد مرةً أخرى قائلًا:
    - وكأنني سأسمح بذلك، إنني سيدك وعليك إطاعتي، تلك المرأة أصبحت بالية، ستنقذ من في بطنها والآن انصرف.

    عضّ الحاكم ليونارد على شفتيّه محاولًا السيطرة على أعصابه، تنفس الصعداء كمن يحاول استعادة هدوئه إلا أن ريتشارد الذي جلس مرةً أخرى على أريكته الحمراء ناظرًا إلى الحاكم كارل باستهزاء أفسد كل محاولات الحاكم ليونارد في الهدوء، خصوصًا حينما نطق ساخرًا:
    - الآن لن يكون على ابنك العناء، ولا على ابنتك أنت الآخر، سيلاقيان حتفهما معًا، أوه أسطورة حب جديدة.
    وكالعادة البشعة هزّت ضحكته النتنة أرجاء المكان، ولولا يد جورج التي أطبقت على قبضة والده لاستقرت تلك القبضة في وجه ريتشارد لا محالة، استدار ليونارد خارجًا، تبعه أبناؤه، وكارل الذي لم يرى بدًا في مناقشة ريتشارد حول أي شيء، على الرغم من انهيار زوجته باكيةً بعد أن تيقنت ألا أمل مرجوٌ من ريتشارد، إلا أنه أطبق على يدها وكأنه يحاول أن يدب الدفء في داخل أوصارها المرتعشة.

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    يتبع ..
    اخر تعديل كان بواسطة » تُوتْ في يوم » 02-08-2018 عند الساعة » 14:07

  8. #267
    رفض قطعًا الخروج من غرفة العمليات حيث مُددت كيت فوق سريرٍ أبيض وحولها الكثير من الأطباء، توسل إليه أحدهم وهو يعلم أنه إن رفع صوته خصوصًا في لحظات غضب وتوتر إدوارد قد يموت فورًا أو ينفى على أسوأ تقدير، لذا قال وهو يحاول جاهدًا ألا يخطئ في هذه الأجواء العصيبة:
    - أرجوك سيدي يجب أن تخرج، إنها غرفة عمليات لا يجب على أحدٍ غير الأطباء التواجد هنا.
    لم يعر المعني أي اهتمام، فقد كان جالسًا يعض على قبضته بتوترٍ بينما يشاهد السرير الملطخ بدماء كيت، اختلطت المشاعر في داخله حتى بدأ بعضها يمزق بعضًا، لا يعلم هل هو الندم أو القهر أكثر ما يؤلمه الآن، أو هو حبه الأحمق الذي أصبح يخرجه عن طوره باستمرار.
    إلا أنه بدأ يتيقن بأن أكثر ما يمزقه الآن ليس إلا ندمًا على فعلته، لقد تمسك بآماله كثيرًا فلم يحتمل أن يراها تتبدد في لحظة.
    دخل كبير الأطباء بعد محاورةٍ عنيفة وموترة شهدها أثناء استشارته للحاكم ريتشارد ليصرخ قائلًا وقد اندفع مسرعًا نحو كيت التي كانت تهذي إثر الألم فلم تكن فاقدةً للوعي كليًا:
    - لننقذ الطفل.
    تعجب الأطباء فقد كان يتوقع الكل إنقاذ الأميرة ليقول أحدهم بتردد وهو ينظر إلى خلفه حيث كان إدوارد يجلس شاردًا:
    - إنه يرفض الخروج يا سيدي.
    ألقى رئيس الأطباء نظرة سريعة نحو إدوارد ليقول وقد أعاد نظره سريعًا إلى بطن كيت البارزة والمليئة بالكدمات الختلفة:
    - تجاهله.
    وما إن أمسك بالمشرط ليشق به بطن كيت حتى استفاق إدوارد من شروده ليندفع ممسكًا بيد الطبيب مما سبب اضطرابًا وسط الغرفة البيضاء تلك:
    - ما الذي ستفعله؟!!!
    سأل إدوارد صارخًا، ليقول رئيس الأطباء بحدةٍ غير مكترث لمكانة من أمامه وقد أبعد يد إدوارد بقوة:
    - أنظف ما بدأته!
    تحولت تعابير إدوارد من التوتر إلى البرود ليقول من بين أسنانه وقد أمسك بياقة الطبيب مهددًا:
    - إن كانت نيتك تنفيذ ما أمرك به أبي فدعني بسرورٍ أحشر هذا المشرط وسط حنجرتك، أتحسبني لم أكن أعلم بأنك ذهبت إلى والدي متجاهلًا إياي؟!!!
    - أنت من فعل بها هذا.
    - وأنا من سيأمرك ما ستفعل بها بعد ذلك
    قالها بحدةٍ ليتنهد الطبيب مغمضًا عينيه وهو يعلم ألا خيار أمامه الآن سوى إطاعة أميره المجنون وإلا سيموت على يده فعلًا، فلم يكن إدوارد من النوع الذي يهدد دون أن يثبت فعلًا بأنه سيفعل ما يقول.
    قال الطبيب على مضضٍ وقد أبعد بهدوءٍ يد إدوارد عن ياقته:
    - ماذا تريد أن أفعل بهǿ
    - أنقذها.
    - ماذا عن طفلك الذي بين أحشائها، يجب أن أنقذ أحدهما.
    - تخلص منه.
    لم يبدو على إدوارد الاكتراث بما قد يحل بالجنين أبدًا، فقد كانت ملامحه باردة جدًا مما جعل الأطباء الآخرين يتهامسون في توترٍ فيما إن كان مختلًا أم ماذا، إلا أن رئيس الأطباء قال ببرودٍ وقد اتكأ على حافة الطاولة المربعة الحاملة للأدوات الطبية:
    - سيكون علي أن استأصل رحمها وقد لا تحتمل ذلك، فبفضل أحدهم تهشم تقريبًا، وقد خسرت الكثير من الدم.
    دبّت القشعريرة في جسد إدوارد ليلاحظها الطبيب حينما ازدرد إدوارد ريقه شاردًا فجأة نحو الأرض، ارتسمت تعابيرٌ مصدومة سرعان ما التحمت بعينيه ليقول الأمير إدوارد وعيناه الخضراوتان ترتعشان بشدة:
    - إياك أن تمسه... أنقذها وحاول علاجه، ليس وكأنه مستحيل؟
    - ليس مستحيلًا ولكنه خطر جدًا.
    - لا أكترث، إنها مهمتك وعليك إتمامها على أكمل وجه.
    ألقى بتلك الكلمات ثم عاود الجلوس مرةً أخرى مع تعابيرٍ شاحبة وفكٍ مرتعش.
    أخذت حدقتاه الخضراوان تتنقلان بقلقٍ بين الأدوات الحادة التي يمسكها الأطباء، تلك الأعشاب الغريبة الموضوعة على المنضدة لأشياءٍ لم يفهم ما هي، يرى محاليلًا غريبة، إنه لأول مرةٍ وسط غرفة عمليات يشهد تحفة الأطباء، ولوهلة شعر بالذعر ما إن رأى مشرطًا مُرر فوق بطن كيت التي كانت تأن بضعف بينما يثبتها طبيبان واحدٌ عند كتفيها وآخر عند قدميها.
    - " لعلك مريضٌ فعلًا، لعلك تشكو من شيءٍ في دماغك، سحقًا لك، اللعنة عليك، إنك من فعلت كل هذا، لما أنت فزع جدًا حينما ترى الأدوات الحادة تُغرز في جسدهǿ لما تتألم مع كل أنين لها كأنك غير قادرٍ على سماعه؟؟، آآه تبًا لك يا إدوارد، تبـ.. "
    * شهق بفزعٍ* واقفًا وقد توقف سيل الشتائم الذي ألقاه بعنفٍ لذاته ما إن رأى كائنًا صغيرًا جدًا ملطخًا بالدماء يخرج من بطن كيت، صغير جدًا حتى أن الطبيب كان يحمله بيدٍ واحدة، يمتد من سره حبل طويل قد اتصل بداخل كيت، رأى الطبيب وهو يقطعه، وذعر جدًا..
    - " إنه ابني..... "
    شعر برغبةٍ في التقيġ لقد رأى أحشاءً لأول مرة، لا يذكر بأنه كان ضعيفًا اتجاه الدماء ولكن ما هذǿ ماذا بحق الله يفعلون الآن!!!، كأنه كان يشهد مذبحةً بطيئة.
    تصبب العرق من رأسه رفع يده المرتعشة ماسحًا ما تساقط منه على جبينه وهو يرى الأطباء قد تغيّرت حركتهم من بطء وسكينة إلى سرعةٍ وتوتر، وهنا أدرك قطعًا بأنها اللحظة الحاسمة التي ستتحدد قدر كيت إما أن تعيش أو تموت كما حدث مع ابنها الذي كان بحاجةٍ إلى أكسجينٍ ليعيش، ولولا أنه خرج إلى الحياة بتلك الطريقة لتعيش والدته، لكان قد عاش الآن بدلًا من أن يوضع على المنضدة المفروشة بقماشٍ أبيض ويلف به..
    لم يميّز إدوارد ما سقط من عينيه، إن كان عرقًا تصبب من جبينه حتى أسفل عينيه أم كان دمعًǿ لم يعلم إن كان حارقًا فعلًا كما قيل عندما يسيل على الخدين، فقد كان وجهه يشتعل حرارةً بالفعل..
    وحينما وصلت الأوضاع إلى أكثر مما يستطيع تحمله، وجسد كيت ينتفض بعنف وقد تبدل الأنين الضعيف إلى صرخات حادة، وجد نفسه يركض إلى الباب خارجًا، لقد كان عذابًا بطيئًا، بدأ يشعر به يسلب أنفاسه...
    في بادئ الأمر صبر مقنعًا نفسه بأنه يستحق ذلك، يستحق أن يعذب نفسيًّا على ما فعل، ولكن الآن... لم يعد يستطيع التفكير في ما يستحق فعلًا، لقد بدا خائفًا جدًا، ولم يكن واثقًا في استعداده لمواجهة الحقيقة.
    لم يشعر بنظرات آرثر المستند على الحائط ناظرًا له وهو كاشفٌ عن صدره المضمّد، لقد كان يتلقى العلاج قبل بضع ساعات وما إن علم بأن كيت في الغرفة المجاورة حتى وقف منتظرًا آخر الأخبار.
    كان يشعر بالشفقة نحوها، لم يكن ذنبها كل ما يحصل، عداوة الأباء ليس على الأبناء تحمل عواقبها، هذا ما كان يدور في خلجات نفسه ما إن شده مظهر أخيه المضطرب، لأول مرة يرى فزعًا كهذا يرتسم على تعابيره، لأول مرة يرى هندامه غير منظمٍ بتاتًا ، خصلات غرته الكستنائية التصقت بجبينه المعرق، شفتاه باهتتان، لم يكن كذلك حتى وهم كانوا مقدمين على تلك الحرب المفاجئة، تعابيره في تلك الأثناء كانت باردة جدًا، خالية من أي تعابير.
    لفت نظر آرثر جنديٌ قد اقتحم غرفة العمليات فجأة، وقد ألقى بسؤالٍ سمعه آرثر:
    - ماذا حصل لحفيد الحاكم؟ لقد أرسلني لأطّلِع على الأخبار.
    وعلى الرغم من أن الأطباء لم يكونوا في حالةٍ تسمح لهم بالإجابة على التساؤلات، إلا أن رئيس الأطباء أجاب وقد ظهر جليًّا اختلاقه للحديث، لم يكن يكترث إلى تعابيره ما لم يكن أمام الحاكم ريتشارد، كان لا يخشى شيئًا سواه:
    - لقد اكتشفنا بأنه قد مات وسط بطن الأميرة كيت، لذلك إننا ننقذها الآن، وأرسل رسالةً إلى الحاكم ريتشارد بأنها لم تعد ذات منفعة لذا فعليه أن يرسلها مع عائلتها إلى أورتيرا.
    لم يعلم آرثر ما المغزى مما قاله، هل كان يود لكيت أن ترتاح من هذا العناء؟ أم أنه سئم من محاولة إنقاذها فهي - بلا منفعة - كما قال؟ ، ولكنه تيقن أن اصطحابها إلى أورتيرا مع ظروفها هذه ليس إلا انتحارًا، كيف ستصمد في طريقٍ يأخذ أسبوعًا على الأقل؟! لن تستطيع أبدًا - مع جسدٍ كهذا- أن تسلك طريقًا مختصرًا أبدًا.

    توقف إدوارد عن الحركة ما إن سقطت على مسامعه عبارة الطبيب على الرغم من أنه كان يدور في فناء المبنى بتوترٍ وقد قرر أخيرًا أن يخرج لأن رئتيه لم تعودا تستطيعان استنشاق هواءٍ كافٍ داخل هذا المكان المغلق.. استدار عائدًا نحو الغرفة وقد أسرع الخطى وارتسمت بدلًا من تعابير القلق، تعابير الغضب شادًا قبضته وقد برزت عروق ودجيه، حتى صرخ قائلًا:
    - أتمـزح معـي؟! كيف ترسلها وهي على هذا الحـــال؟!
    كاد أن يدخل مندفعًا للكم الطبيب على هذا القرار الخالي من أي مسؤولية، لولا تدخل آرثر الذي أمسكه من صدره بيده السليمة قائلًا:
    - اهدأ.
    رمقه إدوارد بنظرةٍ حـادة قائلًا:
    - لا تحشر أنفك.
    ولكن نظرةً ارتسمت في عينيّ آرثر بثت سكينةً في داخل إدوارد، سكينةً لم يعتقد بأنه قد يتلقاها من أحد، وكأن تلك الكلمة كانت أكثر ما يحتاجه في هذه الأثناء بالذات، كأنه كان يحتاج أن يخبره شخصٌ ما على الأقل بأن كل شيء سيكون على ما يرام.
    لانت تعابيره دون شعورٍ منه، أخذ صدره يعلو ويهبط وعيناه الخضراوتان لم تفارقا عينيّ شبيهتها، ذلك الدفء الذي اختلج في صدره جعله يردك كم كان خائفًا، ولوهلة شعر برغبةٍ في معانقة آرثر الذي كان يقبض بكفه على كتف أخيه مهدئًا، ولكن تلك اللحظة ليست إلا محضًا من الهراء، يستحيل أن يقدم عليها ولو كانت علاقته بأخيه وطيدة، لم يجرؤ قط على معانقة أحدٍ طوال حياته، لم يشعر برغبةٍ كتلك أبدًا، ولكن الآن.. كره كم كان يشعر بالضعف، بالعجز، وكأنه لا يساوي وزن حشرة، أهكذا تأتي رغبة المعانقة؟ أن تشعر بنفسك لا تساوي حشرة؟.. أسند ظهره إلى الجدار بجانب أخيه مغمضًا عينيه وقد تنفس الصعداء ملأ رئتيه، وقف هناك صامتًا، ولكنه هد&#225; ولا يعرف ما سيكون عليه أن يفعل، فقط هدأ وظلّ صامتًا.
    ______________________________
    دخل بصفته قائدًا لجيوش سيلينيا بكل ثقة إلى ذلك النفق المظلم أسفل قصر الحكم، لقد كان مكانًا قاتمًا لولا شعلاتُ نارٍ معلقة أعلى جانبي النفق تضيءُ الطريق، نزل الدرجات الحجرية التي تؤدي إلى قبوٍ قاتم أكثر، ترتفع فيه درجة الحرارة ويقل فيه الأكسجين ليجعل الداخل يشعر بالإعياء على الدوام، وقف عند بوابة القبو حارسٌ متجهم الوجه على الدوام، ولا يلام في ذلك فمن سيحتمل أن يبقى حارسًا لذلك المكان طوال اليوم؟، ما إن رأى ذلك الحارس سـام القادم وشاراته الخمس تزيّن كتفيه وصدره حتى انحنى باحترامٍ فاتحًا الباب الحديدي ليدخل سام إلى أسوأ مكان يخبئه قصر سيلنيا، وهناك كانت قدما أليكساندر مكبلتين بسلسةٍ حديدية ثقيلةٍ جدًا، معيقةً إياه عن القيام بأي حركة حتى تمديد رجليه، رفع أليكساندر رأسه بثقلٍ وعيناه الزرقاوتان خاليتانٍ تمامًا فلم يأكل منذ حادثة الصباح ولم يخرج عن إطار الصدمات التي تلقاها، بدأً من كونه لازال حيًا حتى رؤيته لسام، الأمر الذي أكد له أنه لم يكن إلا حلمًا غريبًا، فكيف بمدربه وصديقه الذي كان بمثابة أخٍ أكبر أن يأتي فجأة بعد أن اختفى طوال تلك السنين ما لم يكن ذلك هذيانًا.
    ولكن شهقةً خرجت من أليكساندر جعلته يفيق تمامًا ما إن ظهرت ملامح سام واضحةً مرةً أخرى أمامه وتلك الشارات على كتفيه وصدره تحت شعار سيلينيا،
    - سـ..ـ ..سـ..ام ؟
    - أصص.
    قالها سام وقد وضع سبابته عند شفتيه مسكتًا أليكساندر الذي لازال مبهوتًا مما يرى، أدار سام رأسه نحو الحارس الواقف عند باب الزنزانة قائلًا بصوتٍ عالٍ وقد بدا لأليكساندر أن ما يفعله لم يكن إلا إدّعاءً فلم يكن ينظر إليه حتى:
    - لقد تقرر ميعاد إعدامك الآخر، إنه في صباح الغد، -صمت قليلًا ثم أردف مخاطبًا الحارس فعلًا هذه المرة: ما هذا ألم تطعموه منذ الصباح؟ لقد نسيت إطعامه أيها الحارس إنني لا أرى حتى ماء، اذهب واجلب له طعامًا سأحرس مكانك.
    بدا التوتر على الحارس فقد أدرك فعلًا بأنه قد نسي حتى أنه كان يحرس آدميًا من حقه أن يأكل، انحنى معتذرًا ثم انصرف مسرعًا رغم بدانة جسده.
    راقب سام الحارس حتى اختفى عن ناظريّ عينيه الزجاجيتين، ليدير رأسه نحو أليكساندر وقد ركع بالقرب منه ووجهه مقابلٌ لوجه أليكساندر ليقول مخفضًا صوته قدر المستطاع:
    - اسمع يا أليكساندر، أعلم بأن لديك الكثير من التساؤلات، ولكن لا وقت للشرح، سأفتح أصفادك، وسأعطيك ساعة، إن أصبحت الساعة الواحدة فجرًا سوف يكون ميعاد تبديل الحراس، سيكون الحارس الآخر صديقًا لي، سيساعدك على الهرب من هنا، سأترك لك عند الغابة فرسًا بنية سيوصلك إليها صديقي، إنه يدعى ليون، يجب أن تذهب بأسرع ما يمكن، أتفهم؟
    لم يبدو على أليكساندر أنه اكترث لأيٍّ مما قاله سام على الرغم من العجلة التي بدت واضحةً في نبرته وحركاته، لقد كان ينظر شارد الذهن في ملامح سام وسؤالٌ يتردد في مخيلته:
    - " أأتخيل ذلك ؟ أم هو سام حقًǿ إنه يشبهه حتمًا"
    وعلى الرغم من أن تلك التساؤلات طغت على دماغ أليكساندر إلا أنه نظر ببرودٍ إلى سام الذي فتح أصفاده قائلًا:
    - مثّل بأن الأصفاد لازالت مغلقة، يجب ألا يشعر الحارس الآخر بأنني حررتك منها
    - كيف لي أن أثق بك؟
    قالها ببرودٍ لم يختلف عن تلك النظرة التي رمق بها سام الذي رفع رأسه مصدومًا كأنه لم يتوقع أن يسمع تيك الجملة، ولكن أليكساندر كان محقًا، لقد اختفى سام منذ ما يقارب الثلاثة عشر عامًا، اختفى فجأةً دون أن يقول لأليكساندر أي كلمة، دون أن يودعه حتى وهو الذي كان يرافقه طوال يومه، كمعلم ومدرب وصديق وأخ، لقد كان شيئًا كبيرًا لأليكساندر، كان قدوةً على الرغم من أنه لم يكن إلا حفيدًا لكبيرة خدم قصر كاميليا، وها هو يعود فجأة واقفًا أمام ناظريّ أليكساندر كرجلٍ ذو منصبٍ ضخم لأسوأ أعداء كاميليا، حينها علم سام ألا أمل في أن يثق به أليكساندر هكذا بعد كل هذا الغياب، ولأليكساندر الحق بالتأكيد.
    تنهد سام قائلًا باستسلام:
    - إنني نصف سيليني يا أليكساندر، والدي من سيلينيا، ووالدتي من كاميليا، لقد قتلا على يد ريتشارد، وستشعر بالسخف إن أخبرتك أنني قدمت للانتقام، لقد كانت رغبةً طفولية نبغت بداخلي وقد انتظر مني الأمر سنواتٍ حتى أصل لما أنا عليه، لكي أكون أقرب التابعين لريتشارد وأغدر به، ولقد وصلت إلى ما أنا عليه بالفعل، ولكن حينها لم أعلم ما هي الخطوة التالية، لقد رأيت الأمان في هذه المملكة مترامية الأطراف، إن فعلت أمرًا أحمقًا انتقامًا لبريئين سيكلف ذلك تضحيةً كبيرة من مئات الأبرياء، وعلى الرغم من أني لازلت أمقته تمامًا، لم أعرف كيف أوظف انتقامي، لكني عرفت الآن، سأخرجك من هنا، يجب أن تعود مع جيشٍ ضخم إلى سيلينيا، عندها إن كنت حيًّا سأمهد لك الطريق - صمت قليلًا ولكنه أردف كمن تذكر شيئًا:
    - ولكن مبدئيًا، اذهب إلى كاميليا وعد بجيشين ، أحدهما من الجهة الغربية كما الحرب الأخيرة، والآخر من الجهة الجنوبية، فليس هناك تعزيزات كافية، إنها أضخم ثغرةٍ في سيلنيا، وليتحرك الجيش القادم للجهة الجنوبية قبل الجيش الآخر.
    لم ينتظر حتى أن يجيب أليكساندر فقد بدأ يسمع خطوات الحارس قادمةً في النفق، ليقول مسرعًا وقد أمسك يد أليكساندر:
    - أعلم بأنه أمر صعب، ولكن حاول أن تثق بي مرةً أخرى، الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، لا تنسى.
    ووقف محاولًا التراجع أسرع ما يمكن إلى البوابة لكنه اصطدم بالحارس الذي كان يحمل وعاءًا به خبز وحساء وقربة ماء، بدا على الحارس الارتياب، مما دفع سام إلى أن يدعو بألا يكون قد سمع شيئًا، حياه الحارس بانحناءةٍ بسيطة ليخرج بعدها سام مسرعًا.

    _________________________

    دهش الحاكم ليونارد ما إن جاءه أحد حراس سيلنيا بالخبر:
    - ستجهز عربةٌ خاصة للأميرة كيت وستعود معك إلى أورتيرا، لقد أنقذ أطباء سيلنيا حياتها.
    كانت بضع كلمات إلا أنها دبت سرورًا عظيمًا في صدر ليونارد الذي وقف فرحًا وقد أدار رأسه إلى ابنيه اللذين لم يكونا متأكدين مما تجري عليه الأمور، وبالطبع لم يكن ذلك يخفى على الحاكم ليونارد، لكنه كان راضيًا بأن يأخذ ابنته سواءً كانت على قيد الحياة أم ميتة، وعلى الرغم من أن الآخريّن اللذين كانا يجلسان على أرائكٍ بنيّة إلى جانب بعضهما البعض لم يكونا يستطيعان مشاركة آل آرسيون بفرحتهم فقد دمر الحارس القادم آخر أملٍ قائلًا:
    - يأمر الحاكم ريتشارد بخروجكم من المملكة حالًا مع حاكم أورتيرا، إنه يمنعكم من حضور قصاص الأمير أليكساندر، كآخر معروفٍ يفعله لكم.
    قال ذلك ثم انصرف مغلقًا الباب، وقد طغت أجواءٌ ثقيلة على صدور الموجودين زادت مع أنين ديانا التي ارتمت على صدر الحاكم كارل في ضعف.
    تنهد الحاكم ليونارد بضيقٍ على ما آل عليه الحـال وقد جلس على إحدى الأرائك البنية مقابلًا ابنه جون الذي قال بقلق:
    - إنني لا أشعر بشعورٍ جيد إزاء ترك كيت تعود الآن معنا، لقد خرجت لتوها من غرفة العمليات! إن حالتها سيئة، لن تصمد أبدًا، كما أنه يستحيل أن نسلك الطريق القصيرة هكذا.
    وافقه جورج قائلًا:
    - معه حق، إنني أشعر بأنها مكيدة، إنني أقترح أن ننقسم إلى قسمين، جزء يرافق كيت من الطريق الطويلة، وجزء يذهب مسرعًا إلى المملكة، ويرسل جماعةً لحماية المتبقين، إنني أخشى أن تكون مكيدة اغتيال!
    غمغم الحاكم ليونارد شاردًا، وقد كان يشغل تفكيره ما سيحصل لأليكساندر، ولكنه قال بعد أن وقف وقد أصبح لا يطيق هواء سيلنيا مطلقًا:
    - فليذهب أحدكما ويفحص تلك العربة إن كانت حقًا تحمل كيت في داخلها، وليستعد الجميع، سأذهب وكارل من الطريق الطويلة، وعليكما أن تذهبا من الطريق المختصرة وتعززان الحماية قدر المستطاع للمملكتين، اتركا الحراس معنا.
    أومأ له جون وجورج وقد انتصبا مغادريّن ليدير ليونارد رأسه إلى حيث كارل وزوجته، صمت مطولًا فقد كان حالهما سيئًا جدًا، إلا أنه قال بعد هنيهة حازمًا:
    - أعدك بأني سآخذ انتقامك كما يجب.
    رفع كارل حدقتيه الخاليتين من الحياة دون أن يجيب، وما هي إلا بضع دقائق حتى وقف ممسكًا بيد زوجته، متجهًا إلى الباب ومن خلفه مضى الحاكم ليونارد.
    __ ____ ____ __ _ _ _ _______
    يتبع ..

  9. #268
    خارج القصر، وقفا مشرفيّن على العربات اللاتي عُدّت من أجلهم ، كان جورج يناقش مسألة الطريق وما أصبحت عليه الخطة مع مجموعة الجنود القادمة معهم من أورتيرا، بينما وقف جون ينظر من حوله وقد اختفى لمعان عينيه البندقيتين كلون شعره مع غروب الشمس التي غادرت سماء سيلينيا منذ ساعات، كان يبحث عن طيف العربة التي قيل أنها أُعدت لأجل كيت، حتى تقدم نحو أحد حراس سيلنيا قائلًا وقد تجاهل نظرة الاشمئزاز الذي رمقه الحارس بها:
    - أين هي العربة الخاصة بالأميرة كيت؟
    أجاب الحارس باقتضاب:
    - وما أدراني؟
    زفر جون بضيق مشيحًا بوجهه فلم يكن يريد أن يدخل في شجار وهو أخيرًا سيعود إلى دياره، ليرى عربةً مربعة الشكل يجرها فرسان بنيّان قادمةً من مبنى خلف القصر، تابعها بعينيه حتى توقفت أمامه بالقرب من بوابة الخروج الكبيرة المؤدية إلى الغابة، نزل منها الرجل الذي كان يقودها قائلًا:
    - إن الأميرة كيت نائمة بالداخل بعد العملية، أرجح ألا يزعجها أحد فقد يستغرق نومها عشر ساعات متواصلة، وإن استيقظت يفضل أن تحقن بالمسكنات التي جهزها الفريق الطبي، لإن حالتها لازالت خطرة.
    رفع جون حاجبه باستنكار ليتجه نحو العربة دون أن يجيب السائق، نظر إلى دخلها فوجد كيت ممدةً إلى سريرٍ في وسط العربة، دخلها متفحصًا نبضها ليشعر به مستقرًا وكأنها تغط في نومٍ عميق، تنهد جون في ارتياح ليخرج مغلقًا أبواب العربة بهدوء كي لا يوقظها، وقد أومأ برأسه لجورج مشيرًا إلى أن كل شيء على ما يرام.
    أدار جون رأسه إلى السائق قائلًا:
    - دع العربة وعد إلى حيث كنت سيقودها سائق آخر، - أدار رأسه إلى مجموعةٍ من حراس أورتيرا مختارًا أحدهم وقد أردف: قد أنت عربة كيت ولكن فلتختر الطريق السليمة والمسطحة، وأوقف العربة بجانب العربات خارج بوابة القصر ريثما يأتي والدي والحاكم كارل وزوجته.
    أومأ السائق بالإيجاب ثم قاد العربة إلى حيث تقف العربات الأخرى في انتظامٍ على يمين الغابة.

    على بعد يارداتٍ كان يقف إدوارد متتبعًا العربة وعلى تعابيره ارتسم قلقٌ واضح، لقد رفض بقوةٍ أن تذهب كيت مباشرةً إلا أن الجنود قابلوه بعدم الامتثال لأوامره فقد كانت أوامر الحاكم ريتشارد الذي وافق على اقتراح رئيس الأطباء خشية أن يورطه موت الأميرة في مملكته ببعضٍ من الإجراءات السياسية في اتحاد الدول.
    وما إن رأى العربة تتجه إلى الخارج، حتى بدأت حالة جنونٍ تعصف به لتجعل رأسه يتحرك بشكلٍ آليٍ يمنةً وشمالًا وهو يتخيل موت كيت في الطريق بسبب عدم قدرتها على الصمود:
    - " لا.. لا... لا.. لا... لا... لن أسمح، أبدًا، لن أسمح أبدًا... بأن تموت....لا.."
    وكأن صاعقةً أصابت جسده، انتفض مسرعًا إلى حيث يربط فرسه وقد بزغت فكرةٌ في رأسه، لم تكن أقلَّ جنونًا مما آل عليه حاله، ليمتطي فرسه مسرعًا إلى الغابة، مارًا من أمام آرثر الذي أصابته الريبة الشديدة من تعبير إدوارد الجاد، ليمتطي فرسًا رآها أمامه متتبعًا إدوارد الذي توقف على بعد بضع خطوات من عربة كيت، انتظر قليلًا حتى رأى سائقها يترجل منها مبتعدًا يتحدث مع أحد الحراس الآخرين، ليغتنم بذلك الفرصة مقتربًا من العربة مع فرسه، ترجّل من فوق فرسه السوداء، ليفتح العربة حيث جسد كيت النائم، مرر يده فوق وجنتيها الدافئتين ليقول بألمٍ:
    - آسف على كل ما فعلته بكِ، هذه المرة.. سأنقذك فعلًا، أرجو أن تسامحيني.
    قالها سريعًا ثم ما لبث إلا وقد حملها بين ذراعيه متسللاً خارج العربة، مغلقًا الباب بهدوء كي لا يشعر به الحراس الآخرون، ولأن الظلام قد حل ولا إضاءةً بالقرب من الغابة فقد نجح في التسلل دون ملاحظة أحد، ليمتطي فرسه وقد أسند رأس كيت إلى صدره منطلقًا إلى وسط الغابة.

    لم يكن يعلم بأن ثمة من يلحق به، فقد كان صوت حوافر الخيل قد أصم أذنيه عن سماع حوافر خيلٍ آخر كان يمتطيه آرثر الذي قال بغضبٍ وقد كان يقود فرسه بيدٍ واحدة فقط:
    - ذلك المجنون، ماذا ينوي فعله الآن! تبًا لم أحضر سيفي.

    نزل إدوارد منحدرًا قويًا، وانعطف شمالًا بعد أن قفز فرسه بضعف قفزاتٍ متفاديًا مجموعةً من الصخور كانت تسد الطريق، مما جعل كيت تستيقظ فزعةً وقد بدأت بالأنين دون أن تعيّ أين هي الآن، فلم تكن قد استيقظت كليًّا بفعل المخدر الذي لم يبدأ مفعوله تمامًا بعد، بدا على إدوارد التوتر الشديد ما إن سمع أنينها، فهو يعلم بأن أمامه يومًا كاملًا حتى يصل إلى مبتغاه ولتوها الطريق بدأت فهل ستحتمل كيت طريقًا وعرًا كهذا أصلًǿ
    شدها إلى صدره وقد أصبح يقود الفرس بيده اليسرى فقط مهدئًا إياها وقد كان يشك أن سماعها لصوته قد يهدئها أو يزيد من أنينها:
    - لا بأس، لا بأس، تحملي قليلًا، سأنقذكِ، صدقيني.
    لم تتوقف عن الأنين، لم يلتئم جرحها بعد ولازالت رحمها متضررة، أيّ جنونٍ قد أقدم عليه إدوارد، ليس وكأنه لا يعي ذلك ولكن كان هدفه يحتاج إلى مثل هذه المجازفة، إنه يعلم بأن والده لن يفرط بها ما لم يعلم بأنها ستموت لا محالة فهي تحتاج إلى العناية الطبية الدائمة، وهو لم يرسل معها حتى طبيبًا، لقد كانت خطةً واضحة، وهو سيفسدها مهما كان حيًّا، هذا أقل ما يفعله لأجلها تكفيرًا عما فعل.
    مسّد شعرها الفاحم محاولًا تهدئتها وقد طرأ في ذهنه طريقٌ مختصرٌ أكثر إلى حيث وجهته، على الرغم من كونه أشد وعورةً من سابقه إلا أن لا وقت لديه، فدخل دون ترددٍ وسط الغابة الملتحمة الأشجار، وهو يعلم أن دخولها ليلاً تهورٌ فادح لولا أنه يحفظها عن ظهر قلب، ليقفز من فوق جدولٍ متخطيًا الحجارة على جانبيه، ليقابله وادٍ جاف نزله بسرعةٍ أطلقت على إثرها كيت صرخةً مدوية أسقطت قلب إدوارد إلى جوفه، ليشدها إلى صدره أكثر، وقد شعر بيدها تتشبث بقميصه الأبيض وقد بدأت فجأة تتأوه باكيةً.
    لم يستطع أن يقول شيئًا كمن لا يملك الحق حتى في المواساة وذلك صحيح، فلا حقّ لديه ليواسي الشخص الذي تضرر بسببه، أخفض يده من على رأسها ليحيط بخصرها ممسكًا إياه جيدًا فقد كان عليه أن يقفز إلى قمةٍ صخريةٍ أخرى، حتى صرخت كيت بحدةٍ مع استقرار فرس إدوارد على الأرض، أبعد إدوارد يده وقد شعر بسائلٍ لزجٍ سرعان ما اتضح له ليشهق فزعًا ما إن أدرك بأن غُرز عملية بطنها قد فُتحت.
    أوقف فرسه جانبًا وقد بدأت يداه في الارتعاش مرةً أخرى كما في المساء، وثقل جسد كيت بأكمله مرتمٍ على صدره، نظر إلى الجرح الذي سالت دماؤه، ليمسك بالسترة القماشية الصفراء التي فوق قميصه الأبيض ليجعل منها ضمادةً لجرح كيت محاولًا إيقاف النزيف، ضغط به على جرحها ليعاود العدو بأسرع ما يمكن فلم يكن واثقًا من قدرة كيت على الاحتمال أكثر...

    ____ ____ ____ ____ ____ ____ ___ ___

    - أين كيت ؟!!!
    صرخ بذلك ليونارد وقد خرج عن طوره، لقد اختفت كيت من العربة ببساطة، وأسوأ ما في الأمر أن جنود سيلينيا تحلّقوا حول العربة في استغراب، لم يكن باديًا على أحدهم أنه يعلم ما قد يحدث.
    حاول جورج ثنيَّ والده عن الدخول إلى القصر إلا أنه دخل قسرًا حتى أوقفه حراس سيلنيا مشهرين بسيوفهم يتقدمهم الملازم ويليام قائلًا باستنكار:
    - ما الأمر الآن أيها الحاكم ليونارد؟
    - أين كيت أيها السفلة، ما هي خطة سيدك؟!!
    قطب الملازم ويليام حاجبيه قائلًا بغضب:
    - ما هذا الهراء الذي تتحدث به، أتتهم الحاكم ريتشارد زورًا!
    - إذًا فسّر لي لما هي ليست بالعربة الآن!!
    تقدم الملازم ويليام وعلى وجهه ارتسمت تعابيرٌ مرتابة بدت واضحةً إلى ليونارد تمامًا، ولكنه صدق أنه ليس إلا تمثيلًا، حتى توقف ويليام مستنكرًا وهو يرى العربة فارغة، أدار رأسه حيث الحاكم ليونارد قائلًا:
    - لا شأن لنا بهروب ابنتك! لقد انتهى ما بيننا ويجب أن تعود الآن إلى مملكتك قبل أن نقوم بتدابير أخرى.
    انتاب الحاكم ليونارد حنقٌ شديد، ولكنه تدارك كل ذلك فلن يكون جيدًا لصورة حاكم مملكةٍ أن يتصرف بطريقةٍ غير مسؤولة كأن يقدم على لكم ملازمٍ في بلاد أعدائه.
    أدار رأسه إلى جورج الذي كان ينتظر إشارةً ما، إلا أنه أشاح نظره عنه ووسط دهشة الجميع ترك العربة التي أُعدت لأجله وامتطى خيلًا قائلًا جملة واحدة:
    - إلى أورتيرا.
    ثم انطلق يعدو مسرعًا، تنهد جورج الذي جمع خصلات شعره البنية الطويلة قبل أن ينطلق خلف والده، ومن خلفه جون وكذلك عربة الحاكم كارل.

    أكثر ما في الأمر جنونًا أن ردة فعل الحاكم ليونارد أعطت إيحاءً بعدم اكتراثه لما قد حلَّ بابنته الوحيدة والتي غدت مريضة كذلك، إلا أن ما يخفى على الجميع بأن الحاكم ليونارد كان حتمًا عائدٌ إلى أورتيرا كي يأتي بجيشٍ يسحق سيلنيا عن بكرة أبيها، وهذا بالضبط ما كان يتردد في دماغ الحاكم ليونارد الذي كان يكبح نفسه كي لا يصرخ إثر الضغط الذي تعرض له.
    _ _ _ _ ______________________

    كان جل ما يشغل تفكير ذلك الحراس الواقف أمام تلك الزنزانة الحديدية بعض جمل متقطعة سمعها وهو عائدٌ بالطعام مساء اليوم،
    - "‘أعلم أنه صعب، ولكن حاول أن تثق بي مرة أخرى، الساعة الواحدة صباحًا، لا تنسى "
    قطب ذلك الحارس البدين حاجبيه الكثيّن متسائلًا في داخله:
    - ما الأمر الجلل حول الساعة الواحدة صباحًǿ لقد أصبحت الواحدة بالفعل، ولما عليه أن يثق به مرةً أخرى؟ لدي شعور سيء حيال ذلك.
    وما هي إلا لحظات حتى رأى جنديًا أصلع الرأس كان يشتهر دائمًا بشبهه الكبير ببنية جسد القائد سام. اتسعت عينا الحارس ما إن قال الجندي ليون:
    - إنه وقت المناوبة، اذهب لترتاح.
    أدرك الحارس ما يحدث ليقول في نفسه مصدومًا:
    - " القائد سام.. مقدمٌ على خيانة الحاكم!، يجب أن أخبر الحاكم ريتشارد"
    لم تكن رتبة هذا الحارس تسمح له بأن يصل إلى الجناح الملكي ولكنه سيفعل المستحيل لأجل ذلك، كيف لا وفي ما اكتشف أمرٌ عظيم قد يجعله يصبح ضمن الحرس الملكي! ، أومأ إلى الجندي ليون على مضض قبل أن يعتلي درجات السلم الحجري مسرعًا، مما أدى إلى استغراب ليون الذي لم يكترث كثيرًا بل سُعد لكون الأمر لم يحتاج وقتًا طويلًا وسيكون هروب أليكساندر أسرع مما خطط له.
    تابع ليون بنظره الحارس البدين إلى أن اختفى وقع خطاه عن مسامعه ليولج الدخول سريعًا حيث الحجرة المظلمة إلا من نور مصابيح السلم، ليرفع أليكساندر عينيه الزرقاوتين وقد أضناه التعب مرتابًا، ألقى بنظرةٍ حادة إلى القادم، فقد كانت طبيعة الحُكم أن يتوقع أفراده أسوأ الأشياء، كأن يكون كل شيء ليس إلا مكيدةً مثلًا، وأنه سيغتال في السجن بدلًا من القصاص أمام المل&#225; إلا أن ليون ابتسم رافعًا يديه إلى الأعلى في محاولةٍ لتهدئة أليكس قائلًا:
    - إنني ليون، أظن بأن سام أخبرك عني.
    تقدم إلى حيث الأصفاد على قدميّ أليكساندر، ليزيحها بخفةٍ كي لا تصدر صوتًا، أمسك بذراع أليكساندر ليساعده على الوقوف، ثم مد إليه سيفًا كان معلقًا على ظهره، مما أثار استغراب أليكساندر ليقول:
    - كيف استطعت أن تأتي بسيفي؟
    ابتسم ليون قائلًا:
    - إنها صلاحيات سام بالطبع، هيّا إن فرسك تنتظرك، انزع هذا الرداء والبس ردائي.
    نزع ليون الرداء الأحمر المطرّز بلونٍ فضي من على كتفيه كما زيُّ جنود سيلينيا ليظهر لأليكساندر أنه ارتدى ردائين متماثلين فوق بعضهما، ابتسم أليكساندر لا شعوريًّا مطريًّا على ليون:
    - إنها خدعة رائعة.
    ارتدى السترة الحمراء، ثم أمسك بخصلات شعره المتبعثر ليربطه بشريطٍ كان كحزام لردائه السابق، لقد أدرك فجأة بأنه قد أطال شعره الذهبيّ حتى أصبح يصل إلى أسفل عنقه، لقد أشغلته الحرب كثيرًا عن الاهتمام بنفسه كما السابق، ثبّت سيفه على خاصرته، وانتعل حذاء ليون الذي أدرك بأنه قد نسيّ أمر الحذاء تمامًا، ثم أخبره بأن يتبعه على كل حال، ليصعدا درجات السلم بحذرٍ شديد ثم ينعطفان بعد النفق المظلم إلى ممرٍ ينتهي بباب أتضح إلى أليكساندر أنه باب الخدمة الخاص بالخدم، همس ليون في أذن أليكساندر قائلًا:
    - تصرف على سجيتك.
    وما هي إلا لحظات حتى غادر الاثنان باب الخدمة إلى المطبخ ثم من المطبخ إلى بوابة خارجية إلى حديقة القصر الخلفية التي تؤدي مباشرةً إلى الغابة.
    ولكن جلبةً حدثت فجأة بداخل القصر جعلت قلب أليكساندر يقع في جوفه ما إن رأى تعابير ليون الفزعة والذي قال:
    - لم يكتشفوا مكانك بعد، اركض!!
    ركض الاثنان وقد اختفيا وسط أشجار الحديقة ليواجها بوابة القصر الخلفية المؤدية إلى الغابة، توقف ليون وأمر أليكساندر بالتوقف دون أن يصدر أيّ صوت، تابع بعينيه وجهيّ الحارسيّن اللذين لم تكن ملامحهما واضحةً تمامًا بسبب الظلام إلا أن العصبية التي كانت تبدو من حركة جسديهما أكدت لليون أن الخطة لازالت تسير بنجاح حيث نادى في الوقت الذي سمع صوتًا من القصر ينادي:
    - جيمس افتح البوابة...
    -” لقد قبضوا على القائد سـام! "
    وهنا انتاب أليكساندر الفزع حيث أدار رأسه يبحث عن مصدر الصوت كأنه ينتظر أن يرى سام يعدو خلفه، ولكن يد ليون شدّته بقوةٍ إلى خارج أسوار القصر، ليقول وقد تشتت تمامًا:
    - ليون لقد أمسكوا بسام، ماذا سيحصل له؟!
    - لا وقت لذلك، اهرب بسرعةٍ إن الحصان فوق أول تلٍ سيكون أمامك، وإلا ستكون تضحية سام سدًا.
    - ماذا تقصد؟! بماذا ضحى ؟
    أغمض ليون عينيه وقد ارتسمت تعابير مكفهرّة لم تبدو أبدًا تشبه تلك الابتسامة التي قابله بها قبل دقائق فقط:
    - سأظلل الطريق، اذهب يا أليكساندر، إنني لا أقوى على شرح ذلك..
    ولكن صوتًا صدح بقوةٍ قد أجفل كل من أليكساندر وليون جاعلًا من ليون يدفع أليكساندر وسط الغابة الذي ركض بسرعةٍ شديدة وعلى مسامعه سقطت أرعب عبارةٍ سمعها حتى الآن:
    - إلى سـاحة الإعدام فليجتمع الجميع سيقوم الحاكم بإعدام الخونة.
    ولوهلة تملك أليكساندر الرعب من أن يدير رأسه إلى الخلف، وركض بكل ما أوتي من قوةٍ حتى سمع صهيل خيلٍ كانت مربوطةً إلى شجرة ليمتطيها ضاربًا بطنها، ليعدو ذلك الفرس بكل ما أوتي إلى وسط الغابة، وحين شعر أليكساندر بآمان مفاجئ فلم يشعر بأحدٍ يتبعه ولم يسمع حوافر فرسٍ آخر، توقف ليجمع أنفاسه ويميّز الطريق أمامه، حتى تناهى إلى مسامعه شبح صوتٍ لم يعلم هل سمعه أم كان يتخيله:
    - أعــــــــدم.
    إلا أنه رأى بوضوح ذلك النصل الحاد المعلّق إلى أعمدةٍ خشبية يسقط مباشرةً فوق عنق شخصيّن ميزهما تمامًا رغم بعد المسافة، رأى ذلك الرأس الأصلع يتدحرج من فوق المنصة، ورفيق طفولته سـام ورأسه الذي كان يحمل أحلك شعرٍ رآه أليكساندر.. يتدحرجان أرضًا.

    - تم البارت 17-

    الفصل التالي سيكون الفصل الأخير ...

  10. #269

  11. #270


    انتهت مدت الحجز الكبير بحجم راسي ولم اعد ليس وكأنه شئ غريب عني
    biggrin
    المهم انا هنا لأطالب بالجزء الخير
    smoker
    لاجل الاشباح الهائمه هنا ،
    laugh
    روايه جميله كهذه لا يجب التأخر في انزال فصولها.
    embarrassed



    فعلا لقد فضحت الكثير بردي الاخير ولو لم اقصد هذا:تضحك:
    laugh
    كنت منغمسه في كتابة وتذكر الاحداث المأساويه
    squareeyed
    لكن تستحقين
    laugh لا ابدا ربما كان على اخفاء النص فقطknockedout
    مع هذا انا لم احرق الكثير لاتنكري هناك مصائب لم اذكرها بعد ogre

    سأختفي الان : تٌتمتم بتهديد ما:
    اخر تعديل كان بواسطة » ڤلفت في يوم » 12-08-2018 عند الساعة » 12:00

  12. #271
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ع¤لفت مشاهدة المشاركة


    انتهت مدت الحجز الكبير بحجم راسي ولم اعد ليس وكأنه شئ غريب عني
    biggrin
    المهم انا هنا لأطالب بالجزء الخير
    smoker
    لاجل الاشباح الهائمه هنا ،
    laugh
    روايه جميله كهذه لا يجب التأخر في انزال فصولها.
    embarrassed



    فعلا لقد فضحت الكثير بردي الاخير ولو لم اقصد هذا:تضحك:
    laugh
    كنت منغمسه في كتابة وتذكر الاحداث المأساويه
    squareeyed
    لكن تستحقين
    laugh لا ابدا ربما كان على اخفاء النص فقطknockedout
    مع هذا انا لم احرق الكثير لاتنكري هناك مصائب لم اذكرها بعد ogre

    سأختفي الان : تٌتمتم بتهديد ما:


    ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
    فعلًا لم تحرقي الكثير استنادًا لدسامة الأحداث بالتشابرات الأخيرة laugh

    الكسل وما يفعل sleeping
    الحقيقة ليس الكسل فقط * ينسى أمرها تمامًا*
    الآن سأرفق التشابتر الأخير وأودها أخيييررررررررررااااا في المكتملة cry

  13. #272

    Part 18 \ THE END

    تبع دخوله إلى تلك القرية الهادئة مع بزوغ أولى خطوط الشمس صراخه وقد سقطت بين يديه والعرق يتصبب من رأسها:
    - طبيـــــب، هل من طبيــــــــــــــــب؟!!!
    كان صراخه هو الضوضاء الوحيدة في تلك القرية النائمة، حتى أنه غطى على أصوات العصافير التي استيقظت ليومٍ جديد، وأخرس الديكة عن الصياح ذعرًا، لتبدأ أضواء مختلفة تفتح بداخل تلك المنازل الخشبية الأشبه بأكواخٍ بسيطة، يتبعها نوافذٌ نصف مفتوحة تستطلع الضجيج الغريب، كان حصان إدوارد هائجًا بسبب هيجان إدوارد إثر ضربه المتكرر لأسفل بطنه، أخذ يصهل بشكلٍ متواصل يرفع قوائمه إلى الأمام ثم ينزلها على الأرض كحركةٍ معترضة على كل هذا العنف الذي يحصل فوق ظهره، وما هي إلا لحظات حتى خرج رجلٌ عريض المنكبين أسمر البشرة بفعل الشمس، بانت على تعابيره الخشنة أنه قد استيقظ لتوه والأرجح أنه استيقظ بسبب صراخ إدوارد قال وقد تقدم نحو إدوارد الذي نزل سريعًا راكضًا إليه:
    - من أنت وماذا تريد؟
    - لاحقًا، لاحقًا، جئ لي بطبيب الآن حالًا!!!
    صرخ إدوارد في وجه ذلك الرجل الذي بدا واضحًا بأنه لم يعجب بإدوارد كثيرًا، ولكن ما إن سقطت عيناه العسليتان على كيت والدماء الرطبة لطخت بطنها حتى صرخ إلى ابنته التي تبلغ من العمر حوالي العاشرة كانت تقف خلف باب تنظر بخوفٍ إلى القادم الغريب:
    - استدعي الطبيب مارك حالًا!!!!
    ركضت تلك الطفلة ذات الشعر الأسود القصير إلى منزلٍ خشبيٍ يقع نهاية الشارع على الضفة اليمنى، ليفتح رجل كبيرٌ في السن ، يرتدي جلبابًا أبيضًا كلون لحيته الطويلة ممسكًا بعصا تساعده على المشي، نظر بثباتٍ إلى إدوارد دون أن ينطق بشيء، تقدم إليه إدوارد ركضًا وقد تملكه شعورٌ بعدم الثقة في ما قد يفعل عجوز هَرِم كهذا، ولوهلةٍ شعر بأن فعلته كانت حمقاء تمامًا، وأنه كان عليه تركها تسافر مع عائلتها، ولكن ماذا ينفع الندم الآن؟
    قال إدوارد وقد بدأ العرق يتصبب من جبينه حتى أن وجهه كان محتقنًا بالدماء، مضطربًا:
    - أنقذها أرجوك، إن رحمها متضررة، ولكن لا تزله أبدًا!
    تفحصه العجوز الطاعن بالسن دون أن ينطق ببنت شفّةٍ مما جعل دماء إدوارد تبدأ بالغليان، إن كيت تحتضر بين ذراعيه بالفعل، وذلك العجوز لا يفعل شيئًا سوى التحديق بلا تعابير، كاد أن يلقي إدوارد بشتيمةٍ ثم يزيح ذلك العجوز ويقتحم داره، إلا أن ذلك العجوز أفسح الطريق إلى الداخل قبل ذلك قائلًا بصوتٍ ضخم قد تجلّى فيه وقّار رهيب:
    - ادخل.
    دخل إدوارد مسرعًا إلى ذلك الكوخ الذي بدا متواضعًا جدًا مقارنةً بمشفى القصر، كان متوسط الحجم بالنسبة لغرف القصر العادية، تملأ جدرانه زجاجات لأعشاب غريبة، رأى سريرًا خشبيًا بدا غير مريحٍ أبدًا حتى مع أن ملآةً بيضاء قد غلفته وشعر بأن جسد كيت الهزيل بين يديه لن يقدر على تحمل هذه الصلابة فوجد نفسه بدلًا من وضعها فوقه، يجلس مسندًا جسدها إلى صدره، يشعر بحرارة جبينها الذي لامس رقبته، بدأت بالارتعاش حتى خالها إدوارد تحتضر، فصرخ بالطبيب الكهل الذي كان ينادي أحدهم من أحد غرف ذلك المنزل:
    - افعــــل شــــيئًا بســـــــرعة، إنــــها تمـــــــوت الآن!!!!
    تقدم إليه ذلك الطبيب باتزان قائلًا بحدة:
    - ابتعد.
    صرخ إدوارد مضطربًا:
    - ما هذا الهـــراء الذي تقـــوله؟ أين أبتـــعد بها؟
    - ليس هي، بل أنت، ضعها وابتعد عن السرير.
    اضطرب إدوارد كان غاضبًا كفاية، شعر بالحنق ولم يعجب بتاتًا بطبيب تلك القرية، ولا وقت للبحث عن طبيب آخر طبعًا، استقام بلا حيلةٍ وقد أزاح جسدها عن صدره لتلفح به برودة أرعشته مكان رأسها الذي كان العرق قد اتخذ منه مسارًا، وضعها بحرصٍ على ذلك السرير الخشبي ليُصدم حينما رأى وجهها، لم يكن قد ألقى عليه نظرةً بعدما فعل ما فعل، لم يجد وقتًا حتى يرى تلك الملامح التي غدت شاحبةً جدًا أضعاف شحوبها وقت العملية، حتى أن شفتيها اللتين لطالما اكتنزتا بحمرةٍ قوية، كانتا باهتتين جدًا لدرجة أنهما كانتا بلون وجهها الذي غدا مصفرًّا، لقد فقدت أضعاف الدماء التي فقدتها قبل العملية وأثناءها، ارتعشت أوصال إدوارد فزعًا، ولوهلةٍ شعر بأنها قد ماتت فعلًا، لم يقدر على التحرك، تصلب وهو يرى ذلك الوجه الذي لوهلةٍ لم يتعرف على ملامحه، العرق كان غزيرًا بشكلٍ لم يره من قبل حتى مع أسوأ التدريبات العسكرية التي خاضها وأكثرها صرامةً لم يشهد ذلك أبدًا، مما أفزعه أكثر، ودون شعورٍ منه رأى نفسه قد سقط جانبًا أرضًا، رفع رأسه بسرعةٍ مذعورًا ليدرك بأن الطبيب العجوز قد دفعه بقوة، أدرك عندها شيئًا واحدًا لم يكن يناسب ذلك الجو أبدًا: " ما هذه القوة التي يتحلى بها هذا الهَرِم ؟ "
    لاحظ شخصًا آخرًا أخذ يتحرك بسرعةٍ فوق جسد كيت الذي استسلم تمامًا عن أيّ أنين أو حركة، ليرى امرأةً شابة في مقتبل الثلاثين، تربط شعرها الأشقر كذيل حصان، عاقدة الجبين وقد بدأت في تمزيق رداء كيت، نظر إليه الطبيب بطرف عينه الرمادية قائلًا:
    - إن لم تكن زوجها فاخرج من هنا.
    أدرك إدوارد انه لازال ساقطًا على الأرض، ليتحرك مسرعًا قائلًا وقد بدأ قلبه بالخفقان بعنفٍ شديد:
    - لا ، .. لا، أنـ..ـا زو..ج، أجل زوجها، آه يا إلهي ماذا بها لا تتحرك هكذا؟
    التمع في عينيّه الخضراوتين فزع رهيب، كانت يداه لازالتا ترتعشان كما حال شفتيه، كان يخشى أن يلقي نظرةً إلى جسد كيت الهزيل فركز كل نظره إلى ذلك العجوز الذي لم يبادله النظرات أبدًا، ولم يغيّر من تعابير وجهه الفارغة، مما زاد ذعر إدوارد الذي ورغمًا عنه لمح الدماء بلونها الأحمر القاني وهي تلطخ بياض ذلك الملآة، ومرةً أخرى عصف إلى دماغه رغم عدم تناسب الأجواء أبدًا سؤالٌ آخر: " لماذا بحق الله اختاروا الأبيض ليكون لون ملآةً لغرف العمليات؟ "
    وما هي إلا لحظات حتى شهق فزعًا وهو يرى يديّ تلك المرأة الشابة تفتح جرح عملية كيّت موسعةً إياه ليدخل ذلك الطبيب الكهل أصابعه الطويلة إلى داخل الجرح مباشرةً، صرخ وقد دفع بكل قوته ذلك الطبيب ليبتعد صارخًا:
    - ماذا تفـــــعــــل؟ أتقتلــــها؟!! ابتعـــــــد!!!!
    لكن ذلك الطبيب لم يتزحزح، وهنا أردك إدوارد مدى صلابة ذلك الجسد الذي يبدو لوهلةٍ هزيلًا، وبنظرةٍ ألقاها ذلك العجوز أجفلت إدوارد لأول مرةٍ ليتصلب دون حراك قال ذلك الطبيب:
    - لا تقحم أنفك في ما لا تفهمه، إن لم تكن تريد مني إنقاذها فخذها واغرب عن هنا.
    عضّ إدوارد شفته السفلية محاولًا كظم غيظه ، وحينما لم يقدر أدار ظهره وخرج مسرعًا إلى شوارع القرية ليكتشف أن الشمس قد أشرقت، وأن القرويين قد خرجوا من منازلهم بالفعل، كلٌ إلى عمله وإن كان قد لاحظ أن بخروجه فض جمعًا غفيرًا تمركز أمام منزل الطبيب.

    داخل الكوخ قالت تلك المرأة متسائلةً وقد وضعت أعشابًا بنفسجية اللون إلى داخل جرح كيت:
    - لما كنت قاسيًا جدًا؟ لقد كان مضطربًا.
    كان يخيط داخل جرح كيت عروقًا قد تمزقت ليقول بنبرته الوقورة:
    - ألم تدركِ من ذاك؟
    رفع رأسها لتقول وقد ظهر التعجب جليًا في عينيها الرماديتين:
    - أهو شخص أعرفه؟
    - إنه أمير سيلنيا، إدوارد.
    شهقت بفزعٍ وألقت نظرة متوجسة إلى جسد كيت الراقد بلا حراك قائلةً بصدمة:
    - إ..إذًا.. هذه، .. هذه أميرة أورتيرا؟
    أومأ الطبيب قائلًا:
    - أحسبها كذلك.
    - كيف عرفت أنه أمير سيلنيا لا أحسبه يظهر بكثرة؟
    - رداؤه لقد كان يرتدي العباءة المالكة، ثم إن أوضاع المملكتين مضطربة بالفعل، قبل يومين كانت حرب مندلعة بينهما.
    همهمت تلك المرأة الشابة بفزعٍ ثم عادت مرةً أخرى تعالج الجرح الغائر.
    _ _ _ _
    كان يريد أن يبتعد إلى مكان يستطيع أن يصرخ فيه ملأ رئتيه ولكنه في ذات الوقت لم يشعر بالأمان لفكرة ابتعاده عن كيت، لذا أسند ظهره إلى جدار ذلك المنزل وقد انحنى واضعًا يده على رأسه:
    - " ماذا فعلت... ماذا فعلت.... ماذا فعلت..."
    لم يشعر بنفسه وقد بدأ يضرب رأسه بيديه، ورغبة بالبكاء تحشرجت لتقف وسط حلقه آلمت أنفه كأنما عطس وسط ماء، ما هذا الضعف؟ شعر بجسده خائر القوى وهنا أدرك أنه لم ينم أو يأكل شيئًا مذ أيام الحرب، :
    - " أيوجد وقت للتفكير بالطعام والنوم الآن؟، سحقًا لك إدوارد، سحقًا لك"
    شد خصلات شعره الكستنائية باضطراب، قلبه مع كل دقيقة يزداد خفقانًا لم يعد يستطيع أن يحتمل الانتظار، لقد شعر بأن الوقت لا يتحرك أبدًا، شعر بالاختناق، أراد أن يرتاح بأي طريقة تساءل في نفسه وقد بلغ اليأس منه مبلغه:
    - " ماذا عن الموت؟ ماذا لو انفجر قلبي ومت ؟ "
    وما أثار سخريته ليجعله يضحك بازدراءٍ على حاله، أنه قد وجده حلًا مثاليًا ليكرر لا شعوريًا:
    - ينفجر قلبي وأموت؟ هه .. ينفجر إذًا، ما هذا الهراء يا إدوارد، ما هذا الهراء...
    فجأة شعر بنسيمٍ لطيفٍ بعد أن كانت الشمس تسقط أشعتها الملتهبة حارقةً رأسه ليدرك بأن شيئًا قد أظله، رفع رأسه مسرعًا ظنًا منه بأنه الطبيب، ولكنه فزع حينما رأى وجه آرثر بدلًا عن ذلك.:
    - مـاذا تفع..ـل هـ..نـا؟
    وقف وقد أطل برأسه إلى خلف أخيه مذعورًا ليقول آرثر بهدوء:
    - أنت بالفعل غير مُتَنَبَأٍ أبدًا، لا يوجد أحد، أتيت وحدي.
    حوّل حدقتيه الخضراوين إلى أخيه قائلًا:
    - كيف عرفت مكاني؟
    - لحقت بك.
    في الحالات العادية كان ليصرخ في وجه آرثر على تطفله، ولكنه لسببٍ غريب لم ينتابه أي شعورٌ بالغضب وإنما تنهد لوهلةٍ ولا يعلم ما السبب؟ هل لأنه يشعر بأن آرثر معه على ذات القارب؟ أسند إدوارد ظهره إلى الحائط بارتياح بدا واضحًا، ليقول بهدوء:
    - لماذا لحقت بي؟
    أسند آرثر ظهره إلى جانب أخيه قائلًا:
    - خشيت أن تفعل شيئًا مجنونًا، وقد فعلت فعلًا.
    لم يجب إدوارد وإنما شرد في العشب الأخضر الذي يكسو أرض تلك القرية باستثناء ما بين المنازل فقد كان طريقًا ترابيًا صلبًا، ليردف آرثر وقد نظر إلى إدوارد قائلًا بعتاب إلا أنه كان دافئًا لسببٍ ما:
    - ماذا كنت تفكر به بحق الإله ؟
    تعمد آرثر عدم ذكر كيت، لقد بدا واضحًا بأن إدوارد على شفا الانهيار بالفعل، لم يتوقع آرثر سماع إجابةٍ من إدوارد ولم ينتظر ذلك، إلا أن إدوارد بعد دقيقةٍ من الصمت أجاب قائلًا ولازال شاردًا:
    - لقد شعرت بأنها إن ابتعدت ستموت ببطء، أعلم بأني أبدو كمجنون الآن، بل إنني أراني مجنونًا أيضًا، على الرغم من أني أنا من فعل كل ذلك بهـا، أنا من جعلها تعاني الآن وطوال السنة الماضية، إلا أنني شعرت -وصدقًا كان شعورًا لا يطاق- بأنها دوني لن تستطيع العيش، هل كنت أنا من لن يستطيع العيش دونها؟ - رفع رأسه ناظرًا إلى آرثر الذي كان مطأطأً رأسه بصمت ليردف الأخير قائلًا: إنني مجنون ألست كذلك؟ كيف أشعر بأني لن أستطيع العيش لأجل شخصٍ كان يثير حنقي فقط، .. إنني أحمق، آآهه ..
    غطا عينيه بيديه متنهدًا بأسى، لم يقدر آرثر على النطق بأي شيء، فهو حتمًا لا يستطيع أن يواسي هذا الشخص، حتى وإن بدا مثيرًا للشفقة، فهل سيقول له مثًلا " لا بأس؟ " حتمًا لا مجال للمواساة، تنفس آرثر الصعداء مشيحًا وجهه إلى السماء، ليقول بعد أن اعتدل مواجهًا لأخيه:
    - ما تفعله ليس أمرًا صائبًا،
    نظر إدوارد نحو آرثر وارتسم الإرهاق على وجهه كأنه يقول لا طاقة لي بما ستقوله، إلا أن آرثر لم يكترث ليردف قائلًا:
    - أعلم بأنك أخذتها لتصحح ما فعلت، وأعلم بأن أخذها إلى أورتيرا لم يكن إلا انتحارًا، إلا أن أخذك لها في هذه الطرق الوعرة فوق ظهر حصانٍ أعزل ليس أكثر انتحارًا من ذاك، الفرق أن ذهابها إلى أورتيرا كان انتحارًا بطيئًا، بينما أخذك لها إلى هنا ليس إلا استعجالًا بموتها، ولست تملك الآن إلا أن تدعو أن تحصل معجزة لكي تنقذها، أعلم بأنك تعلم كل ذلك، ولكن جئت الآن لأخبرك بأنك زدت اضطراب المملكتين بفعلك هذا، إن أورتيرا حتمًا لن تصمت عما حصل، بالتأكيد ستفكر بأنها فعله مقصودة من سيلنيا، وكاميليا بالتأكيد قد أعدم أميرها الآن، لن تكون أقل غضبًا، -سكت هنيهة ليردف قائلًا: ما أحاول قوله هو أن عليك أن تعود إلى سيلنيا لتحميها، إنك الوريث المستقبلي كذلك.
    اعترض إدوارد منفعلًا وقد عَلت نبرته دون أن يكترث بأنه قد يُسمع:
    - يستحيل أن أترك كيت هنا وأرحل، يستحيل!، ثم ماذا تفعل أنت؟! إن كان ضميرك مستيقظًا لما لا تعود وتحمي - المملكة- إنك أميرها بالفعل!
    رفع آرثر يده اليمنى المضمّدة قائلًا:
    - يستحيل أن أقاتل مع هذه اليد، إنني لا أستطيع حمل السلاح جيدًا باليد اليسرى، كما أنك أكثر قوةً وخبرةً مني، لذلك، عليك الذهاب، وأنا سأظل حتى تشفى كيت.
    نظر إدوارد بشكٍ نحو آرثر ليقول بهدوء:
    - وكيف لي أن أثق بك؟
    بادله آرثر النظرات لكن خاصته كانت باردةً جدًا كما نبرة صوته حينما قال:
    - لو كنت أريد أن أفعل بها أمرًا سيئًا لكنت قد منعتك من أخذها، ولو أردت لها سوءًا كذلك لم أكن لأتدخل كلما ألقيت بنوبات غضبك عليها، إنني أخبرك أنني لن أفعل شيئًا، سأمكث بالقرية حتى تتعافى وعندها سأرسلها لأهلها، أعلم بأن هذا ما تريد فعله مذ البداية، أليس كذلك؟
    نظر إلى أخيه مطولًا وقد ارتسمت تعابيرٌ باردةٌ على وجهه ليومئ بالإيجاب صامتًا، أنزل رأسه شاردًا، " لم عليه أن يطيع أخاه؟"، لم يكن يكترث يومًا بما قد يحل بالمملكة، أو لعله كان يكترث لأجل الحُكم، فلم تكن حياته على كل حال تتمحور في غير ذلك، إلا أنه لم يعد مهتمًا فعلًا بما قد يحصل لها، كأنه سئم مما قد سارت عليه الأمور، ولكن كلام آرثر كان صوابًا، تلك هي حياته فلا فائدة من الفرار والمماطلة، رفع رأسه إلى آرثر قائلًا:
    - أقسم أنني سأفصل رأسك عن جسدك إن حصل لها مكروه أو خدعتني.
    أومأ آرثر بهدوء وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة مطمئنة لم يبادله بها إدوارد الذي اقتحم الكوخ قائلًا وقد حاول قدر المستطاع أن يبعد عينيه عن جسد كيت:
    - إنني مضطر للذهاب بضعة أيام، سيبقى أخي هنا.
    لم ينتظر إجابة، بل لم يعلم بأن كل ما دار من حديثٍ بينه وبين آرثر قد سمعه الطبيب العجوز ومساعدته بكل وضوح.
    انطلق راكضًا إلى فرسه حيث امتطاه متجهًا إلى مملكة سيلنيا.
    _ _ _ _ _ __ _ _ _


    يتبع . .

  14. #273
    .
    .

    لم يعد الانتظار أحد قواميسه الآن، ما إن حط قدمه في مملكته حتى صرخ آمرًا كل المعسكر من جنود جيشه بالتجهز التـام لشن حربٍ الآن، الأمر الذي أدهش جنوده وأدى إلى انتشار الشائعات حول ما حدث في سيلنيا، وما إن دخل قصره ومن خلفه أبناؤه والحاكم كارل - الذي ترك زوجته في قصر الحكم تحت عناية طبيب القصر، فقد كانت في حالة يرثى لها - ، حتى استقبله خبرٌ كَدِرٌ زاد حنقه وانعدام صبره، حيث استقبله ابنه الثالث مايك قائلًا على وجهه إمارات الحسرة:
    - إن حالة زاكس، سيئة جدًا..
    كان الأخير متوترًا جدًا ولم يعرف كيف يتدرج بذلك مع علمه بأن أوضاع القادمين ستكون أكثر سوءًا من حالة أخيه، فقد كان يتوقع أن أليكساندر قد أعدم بالفعل، كانت عيناه البنيتان تلمعان بشدة إثر تجمع الدموع وكذلك جبينه إثر العرق، لم يكن ضعيفًا ولكنه شهد حالة أخيه الأكبر وهي تتدهور من سيءٍ إلى أسوأ بدءًا من قرار الأطباء بقطع يده المصابة إلى تلف أعصاب الشق الأيمن من جسده، الأمر الذي لم يتوقعه أحد الأطباء..، أي أصبح مشلولًا نصفيًا، وقد علم بذلك قبل لحظاتٍ فقط، لم يكن قد استطاع السيطرة على مشاعره تمامًا، ورؤويته لوالده هيّجت مشاعره، لطالما كانت تلك قدرة الأباء الخارقة، مهما حاولت أن تبدو متماسكًا أمامهم تتبعثر في لحظةٍ فقط ، إثر نظرةٍ واحدة.
    كانت تعابير الحاكم ليونارد مكفهّرة وما إن حط على مسامعه ما قاله مايك حتى تنهد بضيق مشيحًا وجهه،
    - " لا ليس هذا بعد."
    سأل مايك قائًلا بنبرةٍ هادئة إلا أنها لم تكن دافئة أبدًا:
    - أين أمك؟
    - أغشي عليها... إن نيكولاس معها.
    تخطى ابنه داخلًا أقرب قاعة كانت أمامه ليقول آمرًا إياه:
    - نادِ نيكولاس وتعالا هنا.
    انطلق المعني وقد زاد قلقه، بينما دخل البقية إلى قاعةٍ مؤثثة بأرائكٍ بيجية وطاولاتٍ بيضاء، جلس عند أقرب أريكةٍ وتحلّق البقية حوله وكذلك مايك ونيكولاس الذي دخل قلقًا.
    قال ليونارد بحزم:
    - سنقوم بشن هجومٍ على سيلنيا، الآن، ولذلك سننقسم إلى أكثر من جيش، لن نهدد سيلنيا - صمت وقد شرد ذهنه في الطاولة البيضاء المستطيلة أمامه ليردف بنبرةٍ باردة جدًا دون أن يبعد عينيه عنها: سنبيدها.
    لم يكن نيكولاس ومايك على علمٍ بما حدث، أصابهما التوتر والريبة حينما بحثوا عن لمحةٍ أو شيء عما آلت إليه الأمور في سيلنيا، فلم يجدا إلا تعابيرًا باردة وأوجهًا مصفرّة، مما زاد رعبهم أكثر.
    لم ينطق أحد أو يستفسر عن كيف ستتم إبادة سيلنيǿ وكيف سيسير الجيش، وما هي التقسيمة الجديدة فلا زاكس ولا أليكساندر موجودان الآن، بدا الحاكم ليونارد مستغرقًا في التفكير، وكذلك الحاكم كارل الذي لم ينطق ببنت شفّة، وشعر مايك بأن حلقه جاف جدًا فلم يقدر على التحدث، ويبدو أن نيكولاس يشعر بالمثل، اكتفيا بالصمت منتظرين أن ينطق أحد آخر، ولكن ما شتت موجة الصمت الموتّر المُحِل على تلك الغرفة، دخول أحد الجنود مسرعًا دون أن يطرق الباب، انحنى حينما رأى أن الأنظار كلها تحولت إليه بشيءٍ من الغضب، ليقول متوترًا وقد تقدم إلى حيث الحاكم ليونارد:
    - هنـ... هناك أخبار وصلتنـا عن مملكة ايسنالي...
    خفق قلب نيكولاس بعنفٍ فجأة، ليردف الجندي مسرعًا وقد اضطرب وهو يحاول قدر المستطاع تجنب النظر إلى حيث الأمير نيكولاس:
    - إن الأخبار تملأ أورتيرا، لقد عادت جميع قوافل التجار التي كانت متجهة إلى هناك، لقد قُتل الحاكم سامث مسمومًا من قِبل خادمٍ في القصر، الآن سيّد الخادم نفسه ملكًا للبلاد، وأنشأ جيشه الخاص، كما أنه يقتل كل من يرفض أن ينصاع إلى حكمه، فرض الحصار على المملكة ومنع التجار من الدخول، كان ذلك قبل ثلاثة أسابيع، أوضاع المملكة سيئة جدًا...
    صمت حينما لم يرى أيّ ردة فعل، وشعر باضطرابٍ كبير وكل الأنظار تحولت إليه دون أيّة ردة فعل ليقول وقد بدأ حلقه يجف..:
    - ظننت بأن ذلك سيكون مهمًا لجلالتك.. عذرًا على وقاحتي.
    انحنى ثم انصرف مسرعًا إلى الخارج، كانت تعابير نيكولاس مبهوتة لم ينطق بشيء، صمت وقد شعر بحملٍ ثقيل جدًا قد هبك على صدره، ليس لأن والده قد مات، فـ وبشكلٍ غريب لم يشعر بأي مشاعرٍ إزاءه لقد كرهه من أعماقه، ولكن إزاء مملكته، شعر بأنه يحمل المسؤولية الكبرى اتجاهها الآن خصوصًا، ولكنه لم يجرؤ على قول ذلك للحاكم ليونارد، فكيف سيذهب ليستعيد مملكته دون جيش؟ وكيف سيطلب ذلك من الحاكم ليونارد في خضم هذه الظروف السيئة؟، سرعان ما رفع حدقتيه السوداويتين بثبات كأنما لم يهتم بما قيل للتو ليتفاجأ بالإنظار وقد تحولت
    إليه، تقوّست شفتاه بارتباكِ فلم يتملكه بعد قالب الثبات، لم يستطع أن يقول شيئًا وعبثًا حاول أن ينظر كأن لا شيء يهمه، كانت لحظات ثقيلة من التوتر أبعدها صوت الحاكم ليونارد الرزين الذي قال:
    - جون، ستذهب ونيكولاس لتحرير مملكة ايسنالي، لقد حان الوقت أسرع مما توقعت.
    نظر نيكولاس بصدمةٍ إلى الحاكم ليونارد ليقول وقد دُهش تمامًا:
    - ولـ..لكن جلالتك، ماذا عن حرب سيلنيǿ إنك بحاجة إلى الجيش.
    - أتظن بأن ثلاثمائة رجلٍ قد تؤثر على جيشٍ من ثلاثة مماليك ؟ إن مملكتك تحتاجك الآن، وأظن بأن كثيرًا من الجنود قد انصاعت إكراهًا، ستجد مؤيدين إليك ما إن تحط هناك، اذهب.
    لازالت الدهشة باديةً على نيكولاس الذي قال:
    - إنك بحاجتي الآن، لا زاكس وأليكساندر يستطيعان المشاركة، وفضلك علي لا أستطيع ألا أرده بأنانيتي!
    ألقى الحاكم ليونارد نظرةً حادة إلى نيكولاس ليقول موبخًا:
    - أأرواح شعبك لا ماهية لها الآن؟ هل ستجعلهم يموتون عذابًا بينما تشارك في حربٍ أخرى؟ إن كنت تحسب بأني قد أخسر دونك فأنت مخطơ حتى ولو نقص اثنان منا، لدينا من قادة الجيش ما يكفينا ويكفيك، أتكفيك ثلاث مائة رجل؟ أم تريد المزيد؟
    شعر نيكولاس بالخزي فلم يكن يقصد أن يكون غير مسؤولٍ اتجاه شعبه، ولكنه كان يرى فضل الحاكم ليونارد كبير جدًا عليه، حينما آواه وأطعمه ولم يجعل حياته تنتهي بلا أيّ معنى، أردف الحاكم ليونارد بنبرةٍ حانيةً فاجأت نيكولاس خصوصًا وسط هذه الأوضاع الموترة:
    - ستبقى كواحدٍ من أبنائي، لا تحسبني أرسلك بعيدًا.
    ابتسم نيكولاس بألمٍ وقد لامسه ذلك جدًا، لم يسمع كلمةً دافئةً ك " ابني" من والده الحقيقي أبدًا، لم يتوقع أن سماع كلمةٍ كتلك ستؤثر به هكذا، تمتم وقد وقف وانحنى للحاكم ليونارد باحترامٍ قائلًا:
    - شكرًا لك، لن أستطيع أن أرد لك دينك ولو أهديتك روحي، سأبقى مخلصًا لك ما حييت.
    انتصب واقفًا وقد وقف معه جون ليتجها إلى حيث المعسكر، ولكن فجأةً فُتح الباب ودخل من خلفه رجلٌ لم يُعرف للوهلة، بل بدا غريبًا أن يسمح الحراس بدخول رجلٍ غريب أشعث الشعر، باليَّ الملابس، شاحب الوجه إلى دخل قصر الحكم، ولكن ما إن اتضحت تعابيره حتى أجفل جميع الحضور وساد صمتٌ رهيبٌ فجأة، تقدم القادم بثباتٍ رغم شحوب تعابييره نحو الحاكم كارل الذي شعر بالإعياء لوهلةٍ لتحبس انفاسه تمامًا بعد أن وقف القادم أمامه مباشرة، قال الحاكم كارل وقد ارتعشت أطرافه كمن صعقه البرق:
    - أليـكســ..ـانـ..ـدر ..
    ودون شعورٍ وقف وقد طغت مشاعر الأبوة على أية مشاعرٍ أخرى، ليأخذ القادم بين يديه ويحتضنه إليه بشدة، كمن لم يصدق ما حدث ورغم ذلك لا يود أن يكذّب ما يرى، وحينما شعر بحرارة جسد ابنه قال غير مصدق:
    - أليكساندر.. إنك أليكساندر،... ذلك ليس خيالًا، أليكساندر... يا إلهي، أليكــسانـــدر.
    لم يتوقع أحد أن يرى الحاكم كارل شديد الصرامة قويَّ الشخصية، يبكي بصوتٍ مسموعٍ كما يحدث الآن، خصوصًا وقد ارتسمت تعابيرٌ باردة جدًا على وجهه مذ أمر ريتشارد بمغادرة سيلنيا، كأنه لم يعد يهتم بما يحدث، لم يتوقع أحدٌ أن ينفجر هكذا، أخذ يشد على ابنه أكثر، لم يكن مصدقًا ما حدث، " إنها معجزة، معجزة " أخذ يردد ولكن ما هي إلا دقائق حتى هد&#225; لقد كان الأمر مريعًا كأنك ترى ميتًا قد بُعث حيًا فجأة، لقد كان يحاول طوال ساعات الطريق إلى أورتيرا أن يقنع نفسه بموت ابنه وأن يتأقلم مع ذلك.
    تنفس الصعداء ثم ابتعد عن ابنه وقد حاول قدر استطاعته ألا يجعل فرحه يظهر جليًا لذا قال بشيءٍ من الصرامة المصطنعة وهو ينظر إلى وجه ابنه الذي لازال متجهمًا شاحبًا:
    - كيف أتيت؟ ماذا حصل ؟
    كان الجميع ينتظر سماع هذه الفقرة خصوصًا، لم يكونوا قادرين حتى على النطق أو عناق أليكساندر، كانوا متصلبين ينظرون فقط، ووجوههم تحمل ما يدور في أذهانهم دون أن يحتاج أحد لينطق " ماذا حدث بحق الله؟ ماذا حدث؟"
    أخذ الأمر وقتًا طويلًا من أليكساندر الذي لم يغيّر من وضعيته، فقد كان لا يزال واقفًا أمام والده دون أن تتغير ملامحه، ودون أن ينظر إلى عينيه، كانت حدقتاه الزرقاوتان تنظر شاردةً إلى الأرض، لقد كان لسانه ثقيًلا جدًا ولم يستطع عقله أن ينتقي كلماتٍ مناسبة، لم يسعفه حتى في إلقاء أية كلمات، كانت رأس سام المتدحرجة فوق منصة الإعدام الشيء الوحيد الذي كان يتردد في دماغه طوال مسيرة هروبه وحتى وصوله إلى معسكر الجيشين وصراخ الجنود بذعرٍ وهم يرون القادم وحتى وصوله إلى هنا أمام والده، لم ينطق شيئًا حتى وضع الحاكم ليونارد يده على كتف أليكساندر ناظرًا إلى وسط عينيه كأنه يحاول تحفيزه لأن يتحدث، اكتشف حينما حاول أن ينطق ببضع كلماتٍ بأن حلقه جاف جدًا، وأن صوته لم يكن صوته، خرجت كلمات مهزوزة، ضعيفة، باهتة ولكنها كانت مسموعة:
    - سـام، ... لقد حررني، ورأيت رأسه وهو يقطع.
    عض على شفته السفلية وقد شعر بحلقه يؤلمه بشدة وأنفه قد حبس الهواء فجأة، شعر بالرؤية تغدو ضبابيةً ولكنه تنفس بهدوء مردفًا وقد رفع رأسه متفحصًا الوجوه حوله، كانت مصدومة ومتعجبة في آن واحد " من سام ذاك؟" باستثناء الحاكم كارل الذي كان مصدومًا ومندهشًا، ليقول:
    - لقد.. رأيته ضمن صفوف سيلنيا، حسبته قد خان كاميليا.
    لم يجب أليكساندر كأنه لا يملك وقتًا ليتبادل مع والده قصة سام وما حدث له، ليقول مسرعًا بحزمٍ وقد مسك زمام الأمور فجأة:
    - لقد أخبرني سام بثغرةٍ لدى سيلنيا، لقد قال أن نتجه بجيشين أحدهما من الجهة الغربية كما الحرب الأخيرة، والآخر من الجهة الجنوبية، فهي الجهة الأضعف في سيلينيا، وعليه سأقود الجيش المتجه من الجهة الغربية، وأرجح أن يقود جورج الجيش الآخر، لقد قال أن الجهة الجنوبية يجب أن تتأخر قليلًا عن الجهة الأخرى، ليسهل جعل سيلنيا تضطرب وتتشتت، سيستطيع الجيش الجنوبي أن يتغلغل وسط سيلنيا، ويتجه مباشرةً إلى قصر الحكم، بينما الجيش الآخر إن استطاع التقدم بقوة سيستطيع حصار المملكة، وعندها لن يستطيع ريتشارد الهرب.
    بدت فكرة مرضية لكلا الحاكمين اللذين سمعا بإنصاتٍ ما يقوله أليكساندر، ليردف الحاكم كارل:
    - سيكون هناك جيشٌ احتياطي بقيادتي.
    وافقه ليونارد قائلًا:
    - وجيش احتياطي آخر بقيادة مايك، وسأظل أعزز حماية المملكتين.
    أومأ جميع من في الغرفة، متجهين للاستعداد للحرب القادمة، كلٌ في طريقه وليذهب قادة الجيوش لشرح الاستراتيجيات الجديدة، وتقسيم الجنود.
    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ ______
    كان الاضطراب يملأ سيلنيا بأكملها، خصوصًا بعد أن انتشر خبر هروب أليكساندر أمير كاميليا وكيت أميرة أورتيرا وإعدام قائد جيوش سيلنيا سام، ومساعده الأقرب إليه ليون، الأمر الذي أكد للحاكم ريتشارد الذي كان يلعن منذ الصباح كل من يمر أمامه، أنها فعلة مخطط لها، ومحبوكة بعناية لتنطلي عليه، شعر بالذل إزاء ذلك، وكيف خدع هكذا وهو العظيم ريتشارد، وما زاد غضبه أكثر اختفاء ابنيه وسط كل هذه الفوضى، كان يصرخ في وجه الملازم ويليام الذي تلقى كل التوبيخ والشتام بسبب ابنيّ الحاكم:
    - أين ذهب اللعينان إدوارد وآرثر؟!! أين اختفيـا!!!!!
    كان الأخير مضطربًا فلو قال كلمةً لا تعجب الحاكم سيقوم بفصل رأسه مباشرةً خصوصًا وأن الحاكم انعدمت ثقته بكل من حوله بسبب خيانة سام الذي كان الأفضل بالنسبة له فلم يعد يثق بأحدٍ، لم يعرف ويليام ما يقول، لذا ظلَّ صامتًا، ولولا دخول حارسٍ فجأة قائلًا:
    - إن الأمير إدوارد في جناحه.
    لكان الملازم ويليام في عداد الموتى، لافتراض الحاكم ريتشارد بأنه قد يكون يخفي عنه شيئًا.
    زمجر الحاكم ريتشارد وقد كان شعره الأبيض مبعثرًا على غير تسريحته المعتادة والتي تمتاز بكون خصلات شعره ممسدة بأكملها إلى الخلف في ترتيبٍ تام، إلا أنها الآن كانت عشوائية بفعل ركله وتحطيمه لما في الغرفة لحظة معرفته بخيانة سام، مما جعل الحارس الذي قَدِم ليوشي به يتلقى جزءًا من ذلك الإعصار بدلًا من الشكر والتحفيز والترقية كما كان يتوقع.
    قال بزمجرةٍ أرعدت ذلك الحارس ليتراجع إلى الخلف بحركةٍ تلقائية:
    - اذهــــــــب حــــــالًا واستــــدعــــه إلــــى هنـــــا!!!!
    خرج ركضًا إلى جناح الأمير وقد كان يشعر بأن أيّ تأخير سيودي بحياته.
    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _



    يتبع ..

  15. #274
    انتصفت الشمس في كبد السماء ناشرةً أشعتها الحارقة، إلا أن الجيشين قد قررا التحرك بالفعل دون اكتراثٍ إلى مدى سوء الأحوال الجوية، وبالفعل انفصل كل جيشٍ مذ ساعةٍ إلى طريقه فقد اتجه أليكساندر نحو المعسكر القديم من طرقه المختصرة ليجعل الوصول أسرع، ولينصب معسكرًا خاصًا بالحرب في مكانٍ أبعد من المعسكر السابق أقرب إلى سيلنيا لكي يكون التقدم أسرع، بينما اتجه جيش جورج إلى وسط الغابة وقد حرص على أن يسلك الطريق الأطول لكي لا تضيع تضحية سام هباءً.
    مرّت عدة ساعات وقد بدأت الشمس بالغروب ليقول أحد الجنود في جيش جورج والذي كان يماشي جورج عن يساره من فوق الفرس:
    - سنضطر إلى أن نمر على قرية بين سيلنيا وأورتيرا يا سيدي.
    أجاب جورج دون أن يزيح نظره عن طريق الغابة أمامه المليء بالأشجار الضخمة المتشابهة:
    - ألا سبيل من تفاديهǿ
    - بلى يمكننا أن نمر من الغابة محاذاةً لها، ولكن قد يرانا أحد، فمصب النهر في تلك الجهة، هو مصدر المياه لتلك القرية.
    - هل هي ضمن سيلنيǿ
    - لا يا سيدي، إنها ضمن مملكة معادية لسيلنيا، لكنها مستقلة تقريبًا ومسالمة كذلك، ولكن قد يصل إليها شيء من ضرر الحرب، إنني اقترح أن ننصب معسكرنا بالقرب منها، هناك مكان جيّد جدًا.
    - يبدو أنك تعرف الكثير حول هذه المنطقة.
    توتر ذلك الجندي قائلًا على مضض:
    - إن والدتي من تلك القرية يا سيدي..
    - كم نحتاج لنصل إلى هناك؟
    شعر الجندي بالثقة عندما رأى الأمير جورج قد ولّى له بعضًا من الاهتمام خصوصًا وقد توقف ناظرًا إلى وجهه أخيرًا:
    - أعرف طريقًا مختصرًا سيساعدنا.
    - إذًا انطلق ووجهنا هناك، أحتاج إلى التحدث مع رئيس القرية.
    انطلق ذلك الجندي منعطفًا إلى يسار الغابة، ليلحق به جورج وبقية الجيش، واجهتهم تلالٌ مختلفة، ومنحدرات صخرية منخفضة، نزلها ذلك الجندي لينعطف خل أحد التلال المرتفعة ويتسلق جبلًا صخريًا واسعًا ذو قمةٍ منخفضة، وتوقف فوقه لتقابله قريةٌ فسيحة خصبة الأرض، تملؤها حقول الخضار والفاكهة ومراعي البهائم من بقارٍ وخراف وغيرها من المواشي والدواجن، كانت حيّةً بشكل ملفت للنظر، جميلةً ببساطتها، قال الجندي مبتسمًا وقد كان يشعر بالفخر إزاء ذلك المنظر:
    - ها هي يا سيدي.
    أخذ جورج نظرةً مطولة تأمل فيها القرويين بشتى الأعمار يعملون بدأب، وقد كانت الأجواء في تلك القرية مختلفة عما حولها، فقد كانت تحيطها الجبال لتجعل نسيمها لطيفًا وأجوائها مريحة جدًا، كانت تنعم بسلامٍ رهيب، قال جورج بعد أن نزل من ذلك المنحدر:
    - اتبعني وثلاثة من الجنود، والبقية فلتنتظروا هنا.
    نزل الجندي من خلفه مع ثلاثة جنود آخرين كانوا الأقرب إلى جورج، ليشدوا بمظهرهم المهيب ودروعهم سكان القرية، الذين ركضوا إلى وسطها بفزع، الأمر الذي جعل جورج يسرع في عدّوِه أكثر حتى لا ينفر السكان قبل وصوله، وحينما أصبح وسط شوارعها الترابية وبين بيوتها، كان السكان قد احتموا بداخل بيوتهم أو خلف مزارعهم، ليقول جورج بصوتٍ جهوريّ:
    - عليكم الآمان سكّان هذه القرية، إنني جورج أمير مملكة أورتيرا، أريد أن أتحدث مع رئيس هذه القرية، أمن عمدةٍ هنǿ
    كان أحد الشبان اليافعين يحتمي خلف المنزل الأقرب إلى جورج ليظهر قائلًا بصوتٍ متفاجئ:
    - سميث!! إنه سميث!!.
    أدار الجندي الذي أشار إلى القرية رأسه نحو الشاب الأشقر ليقول بعد أن ارتجل من فوق فرسه:
    - أهلًا يا مايكل، لقد غدوت يافعًا! ، إنني مع أميري هنا اذهب سريعًا ونادي على السيد جيمس.
    همس ذلك الشاب باضطرابٍ إلا أن صوته كان مسموعًا إلى جورج الذي أدار رأسه بتعجب حينما قال جيمس:
    - أجئتم لأجلهǿ لم نأتي بها نحن إلى هنا أقسم لك بذلك، يقال بأن من جاء بها كان أمير سيلنيا بنفسه!
    قال جروج بحزمٍ وقد بدا الموضوع مريبًا جدًا:
    - من تقصد؟ عمَ تتحدث؟
    أجفل الشاب ليقول متهربًا:
    - سأنادي على الرئيس.
    ثم ولّى راكضًا وقد بدت الجموع تطل برأسها من النوافذ أو الأبواب أو حتى تأتي وسط الشارع وقد ملأها الفضول إزاء القادمين الجدد، ليس وهو لم يمضي ساعات مذ قدم لهم ضيف غريب أيقظهم من نومهم فجر اليوم.
    تقدم رجل كبير في السن متزن في مشيته، هادئ النظرات، له لحية قصيرة سوداء يتخللها شيء من الشعر الأبيض على الرغم من كبر سنه إلا أنه لازال يحتفظ ببعض شعراتٍ سوداء، قال بعد أن انحنى باحترامٍ إلى الأمير جورج الذي ارتجل من فوق فرسه متقدمًا إليه:
    - أهلًا بجلالتك ، وطأت سهلًا، تفضل ادخل.
    أشار إلى بابٍ مفتوح على بعد عدة ياردات، إلا أن جورج قد شغله ما قاله الشاب قبل قليل ليسأل بحزمٍ قائلًا:
    - بماذا أتى أمير سيلنيا هنǿ سمعت شابًا يتحدث عن ذلك، هلّا وضحت لي ما يقصد؟
    رفع الرئيس جيمس حاجبيه السوداوين متفاجئًا كما بدا للجورج ليقول:
    - ألم تأتي لأجل ذلك؟
    قطب جورج حاجبيه باستنكار، وهنا أدرك بأن المسألة تحتاج إلى شرحٍ مطوّل لذلك تقدم إلى حيث المكان الذي أشار إليه جيمس، ليلحق الأخير به، وما إن وطأت قدم الأمير جورج إلى داخل مقرّ إدارة القرية كما بدا له حتى قال:
    - لقد جئت لأسألك التعاون، ولأن مملكتك معادية لسيلنيا سأتحدث بوضوح، علمًا بأن جنودي يحيطون بالقرية الآن، سنغزو سيلنيا اليوم، وسيحضر على سكان قريتك الخروج طوال أيام الحرب، وبالنسبة لتمويل ما تحتاجه قريتك سأرسل رسولًا إلى أورتيرا ليمولها بكل ما تحتاج إليه طوال فترة حصارها، والآن ماذا يقصد ذلك الشاب المدعو مايكل؟
    كان ذلك المدعو جيمس مصدومًا فقد شعر بالاضطراب فجأة لجدية ما آلت إليه الأحداث، ليقول وقد كان خائفًا مما قد يفعل جورج بشدة:
    - ولكن يا سيدي، إن أميرًا لسيلنيا متواجد في قريتنا بالفعل....
    ألقى جورج نظرةً حادة وقد أمسك بسيفه كمن يستعد لإبادة خائن:
    - أتأوي عدوًا لك في قريتك؟!! ألا تعلم شروط عقد التحالف؟!
    - أرجوك يا سيدي اهد&#225; دعني أشرح لك، لقد جاء أميرا سيلنيا فجر اليوم وبين أيديهم امرأة مصابة، لقد كانا يطلبان علاجها، كانت تحتضر، ولم نعلم بأنهما أميرا سيلنيا إلا حينما أخذنا المرأة إلى طبيب القرية ليعالجها، وقد غادر صباحًا أحدهما ومكث الآخر في منزل الطبيب... ومما تقال الشائعات، بأن المرأة كانت الأميرة كيت... لقد توقعت بأنك جئت لأنك علمت أنها هنا... هذا كل ما في الأمر، سأكون تحت رعـايـ..
    - ماذا!!! كيت هنǿ! أيـــــن خذني الآآآن!!!
    لم يترك جورج المجال لجيمس حتى ينهي حديثه فقد خرج وهو يبحث بعينيه إلى كيت كأنه سيرى طيفها في مكانٍ ما، خرج الرئيس جيمس والعرق يتصبب من جبينه، ليتقدم جورج قائلًا:
    - إنها في ذلك المنزل يا سيدي.
    أدار جورج رأسه إلى سميث ليأمره قائلًا:
    - اذهب وأمر الجنود بإحاطة القرية حالًا!!!
    استقل سميث فرسه الأشهب وذهب مسرعًا إلى حيث أمره جورج، بينما أردف جورج قائلًا للثلاثة المتبقين:
    - اتبعوني!
    ثم أسرع الخطى إلى ذلك المنزل الذي أشار إليه جيمس، وبأدبٍ بالغ دون أن يقتحمه طرقه عدة طرقات، لتفتح امرأة شابة في بداية الثلاثين من عمرها، وقد بدت متعجبةً إثر الصخب الذي كان يجري في القرية لتقول وقد أخذت تتفحص جورج الواقف أمامها:
    - ماذا تريد أيها السيّد؟
    قال بنبرته الحازمة المعتادة ووجهه الخالي من التعابير:
    - إنني الأمير جورج أمير مملكة أورتيرا، سمعت بأن أختي الصغرى كيت هنا، أرجو منك أن تجعلني آخذ نظرةً لأتأكد من صحة ذلك!
    شعر باضطراب حدث في الداخل، حيث لاحظ ظلًّا لجسدٍ عريض المنكبين طويل القامة قد تحرك فجأة، مما جعل جورج يستل سيفه مبعدًا بهدوء الشابة وقد دخل إلى وسط المنزل المتوسط الحجم بجدرانه التي تملؤها قوارير أعشاب طبية، لتقع عيناه على الطبيب العجوز وقد كان يخيط جرحًا لامرأةٍ ذات شعرٍ أسودٍ طويل ممدةٍ وسط تلك الغرفة، ليقول ببرودٍ دون أن ينظر إلى جورج:
    - ألا ترى أن من غير اللائق اقتحام غرفة عمليات هكذا أيها الأمير؟
    لم يعبأ جورج لما يقوله الطبيب، خفق قلبه ما إن رأى ذلك الجسد ليتقدم دون اكتراثٍ ليرى ملامح المستلقي، ولكنه لاحظ آرثر الذي انتصب مضطربًا في أحد زوايا المنزل، ليتقدم نحوه بثباتٍ مشهرًا سيفه، دبّ في داخل آرثر هدوء مفاجơ ليرفع يده السليمة بهدوء وهو ينظر إلى وسط عينيّ جورج الذي قال بصرامة وبرود مخيف:
    - ماذا يفعل أمير سيلنيا متخفيًا ؟
    - لمعالجة كيت.
    وضع جورج نصل السيف عند رقبة آرثر الذي لازال رافعًا يده هادئًا دون أن يزيح نظرته إلا أن الطبيب العجوز صرخ بحزمٍ قائلًا:
    - لا أكترث إن كنتما أميران، إنكما الآن وسط غرفة عمليات أخرجا إن كان لديكما ما تتقاتلان لأجله.
    حرك جورج حدقتيه العسليتان دون أن يحرك جسده نحو الطبيب الغاضب، أمر الجنود الذين دخلوا معه ببرود:
    - قيدوا أمير سيلنيا وخذوه رهن الإعقتال إلى سجن هذه القرية، وليحرسه اثنان منكم.
    امتثل الثلاثة جنود لأمره، ليقودوا بذلك آرثر الذي لم يعترض وسار بخضوع معهم.
    أدخل جورج السيف إلى غمده، ثم انحنى باحترامٍ للطبيب العجوز قائلًا:
    - آسف على ما حدث، وشكرًا لك لجهودك، كيف حال كيت؟
    لم يجب الطبيب بل عاد يضمد جراح كيت، ليردف جورج وقد شعر بأنه يحتاج إلى شرح موقفه:
    - لقد علمت بأنها هنا من قبيل الصدفة، وكنت متفاجئًا، لقد خطفت بالأمس.
    رفع الطبيب عينيه الرمادية نحو جورج أخيرًا، سكت لفترةٍ ثم قال وقد عاد يضمّد جراحها:
    - حقيقةً لا يبدو لي أنها خطفت، بل كانت محاولة إنقاذ.
    - ماذا تقصد؟
    - لولا أنها لم تصل في الوقت المناسب لكانت ميتة بالفعل، لا أعلم من أجرى لها العملية الأولى، ولكنه كان يتعمد قتلها، ويبدو لي أن من أتى بها كان يعلم ذلك.
    - أهو الأمير آرثر من أتى بها إلى هنǿ
    - بل الأمير إدوارد من جاء متوسلًا.
    ألقى جورج ضحكة سخرية قائلًا:
    - أتمزح معي؟ إنه من فعل بها ذلك!
    أكمل الطبيب عمله دون أن ينطق، وما إن انتهى حتى أخذ غطاءًا أبيضًا لحفَّ به جسد كيت الراقد ليقول بعد أن رفع عينيه نحو جورج:
    - أيًّا يكن، لقد صحح خطأه، تفادت مرحلة الخطر، وسيحتاج رحمها إلى عدة سنواتٍ حتى يشفى تمامًا، تستطيع أخذها بعد يومين، وغالبًا ستفيق من رقادها غدًا.
    لم يصدق جورج ما يسمع، ألم يكن رحمها متضررًا إلى درجة لا يمكن بها إنقاذه؟ ألم تكن على وشك الموت؟ أيقول أنه ببساطة أنقذ حياتهǿ
    تقدم جورج وألقى بنظرةٍ إلى وجه كيت المتمدد وكأنه يحاول التأكد إن كانت أخته فعلًا أم لا، لوهلةٍ لم يتعرف عليها.
    - " ما هذه الهالات الداكنة أسفل عينيكِ..؟ كيف للتجاعيد أن تظهر حول فمكِ وأنت لا تزاين في التاسعة عشر؟ لماذا وجهك شاحبٌ هكذǿ "
    شعر بالحنق الشديد، لقد كانت سنةً واحدة، لما تبدو أخته أكبر بعشرين سنة! ، مسّد شعرها لعدة دقائق، ثم انصرف قائلًا:
    - سأدعها تحت رعايتك، وسأجعل أحد الجنود يحرسها إن لم يكن في ذلك إزعاج لك.
    اكتفى الطبيب العجوز بأن أومأ برأسه دون أن ينطق بشيء، بينما كانت مساعدته تنظف ما خلفته تلك العملية التي استمرت عشر ساعاتٍ بالفعل.
    _ _ __ _ __ __ ___ __ _ _ _ ______ __ _ _ _ _
    يتبع ..

  16. #275

    .
    .
    اضطر إلى أن يسمع توبيخ والده المطوّل لساعتين بينما يتلقى شتى أنواع الشتام والضرب بكل ما تصل إليه يد والده، والذي ازداد غضبًا حينما علم بأن آرثر لا زال مفقودًا.
    وبالطبع لم يخبر إدوارد والده بأنه يعلم بالفعل أين أخوه، فقط جلس على ركبتيه شارد الذهن يتلقى كل ما يُرمى عليه دون أن ينطق ببنت شفة، فجأة شعر بأنه نضج بشكلٍ لم يلحظه من قبل، بأنه أصبح يرى كل أفعال والده التي لطالما كانت أكثر ما يثير غضبه وسخطه وعناده، ليست إلا سخافات عليه ألا يلقي لها بالًا، وبشكلٍ غريب شعر بأنه لا يكترث بكم يوبخ وبكم زجاجة أو تحفةٍ أو حتى خردةٍ ضُرب بها، لقد وجد بأنه يستحق ذلك، حتى لو كان ذلك من أكثر شخص أصبح يمقته أكثر من ذي قبل، وجد العبرة في الألم بغض النظر عن القائم به، وبالرغم من الألم كان داخله مرتاحًا، راضيًا، وإن كانت كيت تشغل باله وما آل لها، إلا أنه كان مرتاحًا بأنه لم يكن جبانًا على الأقل، بأنه حاول على الأقل، بأنه كان صادقًا.. ونادمًا...
    - سيــدي ، جلالـــــتك، إن جيشًا ضخمًا قادمٌ من أورتيرا بقيادة أليكساندر أمير مملكة كاميليا!

    لم يكن إدوارد يعلم عن هروب أليكساندر ولا عن موت سام، لذا وقف مصدومًا كما فعل والده ينظران نحو الملازم ويليام الذي قَدِم لاهثًا وقد كان مضطربًا تمامًا، فحفنة كبيرة من الجنود كانت تحترم سام كثيرًا وتقدره، ورغم علمها بأنه قد خان بلاده كانت آسفةً عليه ولم يبدو أنها كرهته!.
    استشاط الحاكم ريتشارد غضبًا ليصرخ بابنه قائلًا:
    - ستواجهه أنت، ستواجهه بنفسك، لم يراك أحد في المعركة السابقة، لذلك ستكون أنت الذي بالمقدمة وإن لم تقطع رأس ذلك الوضيع سأقطع رأسك!!!
    لازال إدوارد مصدومًا ، كان يفترض بأليكساندر أن يكون معدومًا هذا الصباح، ماذا حدث؟ قال وقد بدأ عقله يتشتت :
    - ماذا حدث؟ كيف لأمير كاميليا أن يكون حيًّا ؟
    زمجر الحاكم ريتشارد غاضبا:
    - اخرس واذهب الآن !! لقد هرب ذلك اللعيّن، لقد هرب بزوجتك الحمقاء، وأنت كنت أحمقًا لا يعلم شيئًا مما يحدث!
    رفع إدوارد حاجبه الأيسر مستنكرًا،
    - " إذًا يحسب أن كيت هربت معه ؟ ، ذلك أفضل، لا أحد يعلم أين هي، ولن يعلم أحد، سيموت على يدي هذه المرة، إن لم يكن لكيت أن تكون مقدرةً لي، فلن أجعلها تكون له، أبدًا. "
    خرج وقد كان ذهنه مشغولًا بقتل أليكساندر لا الفوز بالحرب، تبعه الملازم ويليام حيث اتجها إلى معسكر جيش سيلنيا.
    وما هي إلا ساعة حتى استعد إدوارد بكل ما يلزم، لبس درعه وسنّ سيفه ، امتطى حصانه وأعد جيشه، ثم تقدم عدوًا إلى حيث أرض المعركة خارجًا من بوابة سيلنيا الضخمة، وما هي إلا نصف ساعةٍ حتى ظهر طيف أليكساندر فوق حصانه الأبيض، في المقدمة، تبادلا النظرات مباشرة، وما هي إلا دقائق حتى صرخا في وقت واحدٍ:
    - تــــــــقـــــــــــدمـــــوا!
    وفجأةً كأن الوقت لم يكن نهاية فترة الظهيرة، وكأن الشمس التي كانت تحرق بأشعتها كل ما سقط تحتها، لم تكن موجودة، كأنها غربت فجأة، وعمَّ المكان ظلمةٌ مفاجئة، إنه إعصار الحروب، غبار حوافر الخيل، دخان النيران التي اشتعلت بفعل الأسهم التي أمطرت السماء، التحم الجيشان، ومنذ اللحظة الأولى والموت يقف فوق تلك الساحة يجمع غنائمه، اصطدمت السيوف بقوةٍ في حركاتٍ مراوغة، ولم يكن أليكساندر ولا إدوارد بحاجةٍ إلى سهامٍ نارية ليقتلا بعضهما، كان الشرار الذي يلمع في عينيهما إزاء احتكاك سيفهما كفيل بأن يشعل غابةً إن سقطت شرارة واحدة على ورقة شجر ضعيفة، ولكن بقعة المعركة كانت صحراءً قاحلة، وهذا أكثر ما يجعل تضاريس تلك المنطقة غريبة، فلا مطر هطل منذ سنواتٍ على هذه البقعة ليدب الحياة فيها بينما انتصبت غابةٌ ضخمة على الجانب الأيسر منها تمامًا.
    لم يشعر أليكساندر ولا إدوارد بأنهما يسيران تبعًا للخطة التي أعداها، فما إن رأى أليكساندر إدوارد ، حتى شعر بأن الحرب بأكملها لن تكون في أحدٍ إلا فيه، شعر بحنقٍ شديد وهو ينظر إلى تفاصيل وجه إدوارد ويتذكر بوضوح اللقاء الأول الذي دار بينهما، حنق جعله يكر بقوةٍ منهالًا على جسد إدوارد الذي كان يشعر مع كل تلك المعدات التي كانت فوقه بالحر الشديد وكأن الرؤية بدأت تتموج في ناظريه، رأى سيف أليكساندر يلمع بسبب أشعة الشمس نازلًا فوق صدره، ولوهلةٍ شعر بالخدر إلا أنه استيقظ مع اصطدام السيف فوق درعه مسقطةً إياه، ليرفع سيفه وبضربةٍ مراوغة يبعد سيف أليكساندر ويبتعدان عن بعضهما بضع خطوات، وقد غدا إدوارد أعزلًا لا درع يقي صدره.
    _ ___ _ _ __ _ _ ___ _ _ _ _ _ _ _________

    وصلت جورج رسالة من رسولٌ قد أرسله أليكساندر منذ ثلاث ساعات بأن عليه التحرك نحو سيلينيا الآن.
    وها هو بالفعل بدأ يرى مشارف البوابة الجنوبية المخبأة -والتي لم تكتمل بعد- خلف الغابة كبوابةٍ سرية على بعد ياردات قليلة، لا يحرسها إلا حارس واحد بدا متمللًا، تفحص جورج المكان جيّدًا حتى لا يكون كمينًا فقد كان هادئًا بطريقة مريبة جدًا.
    وحينما تأكد أنه بالفعل لا حياة فيه، ضرب بطن فرسه مشهرًا بسيفه وقد صرخ بأعلى صوته:
    - إلى الأمــــام!!
    ورأى الحارس المتملل يقف فزعًا، ثم يدخل بأسرع ما لديه إلا أن فرس جورج كنت أسرع من قدميّ ذلك الحارس الهزيل، ليطعن بنصله يسار صدر الحارس ويرديه قتيلًا، ثم يدخل من الفراغات التي لم تكتمل بعد وجيشه إلى داخل سيلنيا وقد ذعر الشعب ليتراكض إلى داخل منازلهم، لم يقم جورج بقتل أحد من العامة، لم يعرهم اهتمامًا بل تقدم مسرعًا إلى قصر الحكم الذي لم تصله الأخبار إلا متأخرًا عن دخول جيشٍ لأورتيرا بغتةً إلى وسط سيلنيا، وحينما خشي جورج أن يكون دخولهم هذا انتحارًا أمر أحد الجنود أن يذهب إلى المعسكر ويأمر الجيش الاحتياطي أن يتوغل وسط المملكة وأن يسيطر على كل الطرقات والمنافС وبالفعل، خرج أحد الجنود الذين يثق بهم جورج إلى المعسكر حيث كان الأمير مايك مع جيشٍ كاملٍ مجهز، بينما حاصر جورج قصر الحكم وقد قتل كل من حاول أن يتقدم مانعًا إياه، وقد خرجت جيوشٌ احتياطية من خلف القصر والتفت لتواجه جيش أورتيرا الذي أجهز عليها وانقض مزمجرًا، وهنا استغل جورج الفرصة وجعل القيادة لسميث الذي كان مقاتلًا جيّدًا ومؤهلًا لقيادة جيش، وأمر حفنةً من الجنود أن تتبعه، ذهب إلى جانبٍ آخر لقصر الحكم مستغلًا الغابة التي تحيط به، ثم وكما توقع اكتشف مدخلًا قد عززت حمايته ببضعة جنود، أمر جورج جنوده الخمسة عشر بأن يختبئوا خلف الأشجار، وأن يستلوا أسهمًا ويطلقونها نحو الجنود الذين يحرسون البوابة، كانوا قرابة العشرين رجلًا، وفي حين غرةٍ أطلق جنود أورتيرا سهامًا أصابت بعض أولائك الجنود في مقتلٍ ، بينما اضطرب الشق الآخر وهو يبحث عن مصدر الأسهم، وهذا بالضبط ما كان يريد جورج، الذي أمر مجموعةً أن تذهب من الجهة اليمنى، ومجموعةً من الجهة اليسرى، وأن يتقدم هو ومجموعة أخرى إلى الأمام، كي يزيد اضطراب أولائك الجنود، وبالفعل، لم يستطع الجنود تحديد مصدر الصوت القادم، فما إن شنوا هجومًا على الجهة اليمنى حتى أرعبهم القادم من الجهة اليسرى، ليركضوا إلى الأمام في محاولة فرارٍ فيكتشفون بأنهم قد حوصروا تمامًا، ويرفعون أيديهم باستسلام، ولكن ماذا يتوقعون؟ لا وقت لجورج ليجمع أسرى، أمر بإطلاق الأسهم ثم دخل غير مكترثٍ إلى وسط الحديقة الخلفية للقصر، وقد تبعه الجنود بعد أن تأكدوا من موت أعدائهم، توقع جورج بأن الوقت الذي استغرقه الآن كفيل بدخول مايك وجيشه إلى سيلنيا بالفعل، فتوجه مخاطرًا بحياته ومن معه إلى داخل قصر سيلنيا، مفزعًا الخدم الذين أخذو يصرخون في ذعر متراكضين بطرقٍ هستيرية إلى أماكن عشوائية لينقذوا أنفسهم، وما هي إلا دقائق حتى لمح جورج مجموعةً أخرى قادمة من حيث الحديقة الخلفية للقصر، اتضح له بعد أن اقتربوا أكثر بأنها المجموعة التي يقودها سميث بالفعل، ليبستم كمن انتصر، لقد كانت حساباته دقيقة، مايك قد وصل بالفعل بما أن سميث تبعه، وأيضًا مائة رجلٍ من جنود أورتيرا قد اقتحموا قصر حكم سيلنيا، ليصرخ جورج قائلًا:
    - توغلوا إلى الداخل وأبيدوا كل من يواجهكم، احتجزوا النساء ولا تقتلوهن، حتى الضعاف من الخدم، اقتلوا فقط من يقاتلكم، ثم ركض مشهرًا سيفه إلى السلم الكبير المكسو بالسجاد الأسود وسط تلك القاعة الفسيحة، وقد قاتل كل جنديٍ وقف أمامه ، لم يجعل مجالًا لأحدهم لكي ينقض عليه، سار سريع الخطى حتى رأى الحاكم ريتشارد مفزوعًا وقد كان يحاول أن يستقل درج الخدمة الخاص بالخدم، والذي ركض وسطه مسرعًا يحاول الهروب، ليتبعه جورج وعلى وجهه اعتلت ابتسامة نصر لم يعتقد يومًا بأن ترسم بهذا العمق في وجهه، لم يحتاج أن يركض كثيرًا فقد أردك حينما استقل درج الخدمة خلف الحاكم ريتشارد بأن جميع المداخل قد تمت السيطرة عليها بالفعل من قبل جنوده، فها هو السلم الضيق هذا مسدود أمام الحاكم ريتشارد الذي ارتسمت على وجهه تعابير هلع شديد، استل معها سيفه متقدمًا نحو جورج فلم يكن في الحقيقة جبانًا ضعيفًا، إلا أن جنديًا من أورتيرا تقدم وجرح بسيفه قدميَ الحاكم ريتشارد، ليسقط غير قادرٍ على تحريكها، رغم ذلك لوح بعنفٍ بسيفه أمام وجه جورج الذي لم تغادره تلك الابتسامة التي استفزت ريتشارد حتى النخاع، وما هي إلا لحظات حتى أصاب جورج يد ريتشارد ليسقط السيف متدحرجًا إلى أسفل السلم، أشهر جورج سيفه نحو عنق ريتشارد ليجفل الأخير فزعًا محاولً الهرب ولكن قدماه خانتاه فسقط من فوق الدرج حتى أسفل أقدام جنود أورتيرا الذين أمسكوا به قائلين:
    - ماذا نفعل به جلالتك ؟
    قال جورج وهو ينزل من السلم إلى الطابق الأرضي:
    - كبلوه، واتبعوني.
    كبل الجنود ريتشارد الذي كان يقاوم ويشتم ما استطاع، ليقوده الجنود رغمًا عنه وقدماه تنزفان بشدة خلف الأمير جورج الذي قادهما إلى الخارج حيث استقل فرسه وكذلك فعل الجنود وقد ثبت أحدهم الحاكم ريتشارد فوق ظهر فرسٍ أسود.
    ألقى الأمير جورج نظرةً نحوهم ثم قال، أغلقوا فمه وغطوا وجهه، صرخ الحاكم ريتشارد معترضًا ولكن قبل ذلك حبلٌ متين لُف بعنفٍ حول فمه مخرسًا إياه، ثم غطى أحد الجنود رأسه بكيس كان بحوزته ليعدم رؤيته تمامًا، ضرب جورج بطن فرسه ثم تحرك مسرعًا وقد تخطى المعركة التي كانت محتدة تقريبًا في بعض جوانبها وسط مملكة سيلنيا، وقد رأى مايك وهو يتوجه نحو معسكر سيلنيا مباشرةً مدمرًا إياه، وجنود مملكة أورتيرا يسيطرون على كل البوابات ويسرعون لحصار كل الحدود كي لا يلجأ العدو إلى طلب يد العون من مملكةٍ أخرى، اتسعت ابتسامة جورج ثم أكمل طريقه إلى حيث انتصبت تلك المنصة شاهقة الارتفاع والتي كانت المعلم الأبرز وسط تلك المملكة، ليصعد درجاتها الطويلة حتى يصل إلى منصة الإعدام، إلى حبل المشنقة تحديدًا، رُمي حاكم ريتشارد عند حبل المشنقة، وأمر جورج بتحرير رأسه من الكيس لكي يرى نظرة الفزع على وجهه، والتي كانت أكثر مما توقعها جورج، الذي اتسعت ابتسامته أكثر عن ذي قبل وهو يرى ريتشارد عاجزًا عن فعل شيء، يتلوى يمينًا وشمالًا يتدحرج مبتعدًا قدر استطاعته وكأنه بذلك يستطيع أن ينقذ نفسه، إلا أن أيدي الجنود الخمسة الذين كانوا مع جورج أطبقت عليه ليقودوه وأمام عينيه الفزعتين إلى حبل المشنقة حيث جعلوه قسرًا يقف على قدميه الجريحتين فوق منصةٍ خشبية، منتظرين أوامر جورج الذي أومأ لهم بالإيجاب دون أن يحرر الحبال عن فم ريتشارد ويديه، وضع الحراس حبل المشنقة، ثم ابتعدوا ليركل أحدهم المنصة الصغيرة وكما كانت عينا ريتشارد الخضراوتين زائغتين من الخوف أصبحتا زائغتين أكثر حينما التف الحبل على عنقه وشعر بكل وزنه معلقٌ يضغط على رقبته، ولأنه كان كبيرًا في السن، وعظامه كانت هشّةً أصلًا، لم يكن يسعه حتى أن يحرك قدميه المصابة فقد سمع جورج صوت فرقعةٍ أدرك معها بأن رقبة ريتشارد قد كسرت بالفعل، وأن جسده سكن عن المقاومة، وهنـا وقف على المنصة الخشبية الصغيرة للمشنقة بجانب جسد ريتشارد المتدلي وعيناه الزائغتان بذات نظرة الفزع وصرخ بملئ صوته:
    - إن الحـــــــكــــــم لأورتيــــــــــــــرا..
    وفجأة صوت هتــــاف دب في كل أواصر تلك المملكة من قبل جيش أورتيرا، .. لقد انتصر.. لقد انتصرت أورتيرا!
    _ _ _ _ ____ __ _ __ _ _ _ _ _ _ _ _ ______

    لم يتوقفا لدقيقةٍ واحدةٍ حتى، ولم يعيا بما يحصل حولهما، وما آلت إليه أحوال جيشهما حتى مع كونهما قادا الجيش بالفعل، كانا مشغولين باحتكاك سيوفهما، وبتبادل نظرات الكره، لم يكونا يحتاجان لأن ينطقا الكلمات تعزيزًا لحدة القتال، فلم يكن بوسعهما أن ينطقا بشيءٍ وسط شرار عينيهما، هل رأيت يومًا الأزرق يلتحم بالزمرد؟ كما كان الحب يولّد أساطيرًا تُخلّد في التاريخ، كان على المؤرخين أن يكتبوا ملحمةً تُخلِّد أسطورة الكره التي كانت بين هذين الاثنين، كان على التاريخ أن يوقف الزمن للحظة حتى يجعل من هذا المنظر الغاضب المشتعل، وتلك التعابير الخشنة التي ما كانت لتخرج على من سواهما أن تخلّد في لوحةٍ أثرية!، ولكن التاريخ لم يكن عادلًا إزاء الكره فلم يصوّر منه فنًا، ولم يجعل من أسطورة، أليس التاريخ جبانًا ليجسد الحب والعذاب لأجل الحب فقط؟، أليس الكره شعور كذلك؟ أليس شعورًا صادقًا كذلك؟! أليس هو التراجيديا الحقيقية!
    لم يكن على أحدهما أن ينطق ولكن إدوارد، لم يشعر بغليله يشفى حتى مع كل الضربات التي وجهها إلى أليكساندر، حتى مع كونه قد جعله أعزلًا بلا درعٍ مثله، لم يشعر بعد بأنهما قد تساويا، لازال يشعر بأن أليكساندر يتقدمه بخطواتٍ لا يستطيع إدوارد نفسه لحاقه بها، فلم يجد في انتصاره إلا أن يستفزه بالكلمات، لعله يصبح راضيًا ويستقر الاضطراب داخله، قال ولازالت تعابير وجهه تلقي مقتًا لم يشهده أحد من قبل، جاعلًا حدقتيه الزمردتين تنظران إلى وسط عينيّ أليكساندر كأنها ستثقبها، من كان يقول بأن أعلى مراتب الكره تجعلك لا تطيق النظر إلى وجه من تكره، قد أخطأ تمامًا، بل شدة الكره أن تحوّل عينيك إلى سلاحٍ ثاقبٍ تحرق به من تمقت.
    قال إدوارد بصوتٍ مرتفعٍ ليُسمع وسط ضوضاء الحرب ولكنه خرج باردًا رغم وضوحه:
    - إن كان غرضك أخذها فلا تزعج نفسك فلن تقدر على ذلك.
    بادله أليكساندر نظراتٍ باردة صقيعًا كلون عينيه ليقول وقد هجم بكل قوته إلى صدر إدوارد الذي تفادى ذلك بمهارةٍ إلا أن توازنه اختل قليلًا فوق فرسه:
    - سنرى من سيتكلم بثقةٍ نهايةً.
    تجاهل إدوارد ما قاله أليكساندر ليقول محاولًا استفزازه أكثر:
    - لقد أنجبت طفلةً جميلةً، تحمل لون شعري وعينان كعينيّ والدتها.
    وكأنه قد مسّ الوتر الحساس في داخل أليكساندر لينقض عليه كمن مُس ويضرب بكل ما أوتي من قوةٍ دون أن يجعل لإدوارد مجالًا، لم يتوقف لحظةً ليتنفس، أخذ يضرب بجنونٍ تارةً إلى يمين إدوارد ثم يهجم إلى يساره وتارةً يقصد وجهه ورقبته، إلا أن إدوارد قد استطاع أن يصد كل ذلك وإن كان بصعوبةٍ بالغة، فقد شعر باضطراب تنفسه ومرةً أخرى شعر بحرارة الشمس الشديدة تسقط بشكلٍ عموديٍّ على رأسه لتجعل الرؤية تعود متموجةً، تذكر فجأة رغم ألا وقت يسمح له بالتذكر أنه لم يأكل شيئًا مذ أربعة أيام، وهنا ضحك بسخريةٍ فجأة على قدرة جسده الهائلة على الصبر دون أن يشعر بالجوع، فتح عينيه بصعوبة والنظر لازال متموجًا، وكأن أليكساندر أمامه أصبح دوامةً من الألوان الذهبية والبيضاء والزرقاء والحمراء، بدأ يشعر بذهنه يغيب فجأة ومرةً أخرى تذكّر في الوقت الخاطئ وجه كيت متمتمًا بلا وعيٍ منه جملةً كان قد كررها لنفسه كثيرًا:
    - إن كانت غير مقدرة لي، فلن أسمح أبدًا بأن تكون مقدرةً لـ... اااغغ
    تقيأ دماءًا فجأة وقد فتح عينيه على أوسعهما وفجأة بدأت الرؤية صافيةً تمامًا كما لم تكن من قبل، رأى وجه أليكساندر وقد تشكل بأبشع تعابيرٍ صادفها بحياته، ونصل سيفه الذي يلمع بفعل أشعة الشمس مغروسٌ وسط صدره، وعمّ السواد عينيه فجأة.

    - لقد سيطرت أورتيــــــرا على سيلنيـــا، لقــــد قتل ريتشــــــارد
    صوتٌ صدح وسط تلك الحرب المشتعلة ليشتت جيش سيلنيا الذي اتضح أنه لم يبقى منه إلا بضعة رجالٍ كانوا ينتظرون باستماتةٍ أوامر قائدهم الذي لم يكن يعلم بأيٍّ مما يحصل حوله.
    بدأت الرؤية في أرض المعركة تغدو أكثر وضوحًا، توقفت السيوف عن الالتحام ولم تعد السماء تمطر سهامًا، وهناك اتضح لأليكساندر كل ما يحصل حوله، حينما أدرك بأن أورتيرا بالفعل انتصرت، نظر إلى قبضة السيف التي كان يمسكها بقوةٍ ليستلها ببطءٍ من ذلك الجسد الذي كان ينظر إليه بأكثر النظرات حقدًا إلى آخر لحظة، وإذ بجسد إدوارد يهوي من فوق الحصان الأسود إلى أرض المعركة، لحظاتٌ استغرقها أليكساندر شاردًا إلى سيفه الملطخ بالدماء حتى رفعه صادحًا:
    - لقد انتصرت كاميليـــا، لقد قُــــــتل إدوارد أمـــــــــــير سيلنيـا.

    وهنا أيضًا دبّت هتافات النصر لتملأ المكان بأكمله.




    بعد مرور عــامين.

    أصبحت سيلنيا جزءًا متحدًا من أورتيرا وكاميليـا، وانتصر جيش نيكولاس وأصبح حاكم ايسنـالي، خضع زاكس لجلسات علاجيّة قد تساعده في أن يستطيع تحريك الشق الأيمن من جسد، أما بالنسبـة إلى كيت فقد أعادها جورج إلى أورتيرا بعد أربعة أيامٍ من انتهاء الحرب، وقد شهدت بحسن معاملة آرثر لها، لينفى بدلًا من قتله، لا تزال رحمها لم تشفى تمامًا، ورفض أليكساندر أن يتزوج غيرها، فأقسم أن ينتظرها وإن كان طوال حياته.


    - تمت -

    الأربعاء - 27\6\2012 - 8 \ 8 \1433 هـ - 1:10 ص
    الجمعة - 21\7\2017 - 27\10\1438 هـ 2:39 ص

  17. #276
    ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

    لا أصدق أنني أنهيتها هنا الآن ، لا أصدق بأنني سأقوم بتتويجها وسام " المكتملة "
    بعد أن كانت سنينًا تتنقل بين طيّات الحالة المستمرة ...
    ونعم ، لقد كشفت التاريخ الفعلي لوقت انتهاءها وقد أكملتها في مكسات بعد سنة من ذاك الوقت ... أستقبل قطع الرقاب بكل خضوع، تفضلو * يدلي رقبته مستسلمًا*
    أعلم بأن جميع متابعينها القدماء قد تلاشوا، ذلك مؤلم للأمانة .. كنت أتمنى رؤيتهم ورؤية ردود أفعالهم بعد انتهاء هذه الرواية ..
    إلا أنني مؤمنة بأنه إن لم يعد أحد منهم فذلك عقاب إلهي على تأخري ، وردعًا لأمثالي من تكرار هذه الحركة المشينة *
    بالفعل لديه رواية أخرى ولازال يتأخر بالكتابة biggrin*

    بإذن الله سيكون هناك من يعطيها الاهتمام الذي تستحقه ..
    شكرًا لكم دائمًا ، مكسات كان المحطة الأولى التي انبثقت منها هذه البذرة .. وكان لزامًا أن نريه كيف نضجت ..
    هذا الابن العاق .. في الحقيقة يحبكم، إلى اللقاء.

  18. #277
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة تُوتْ مشاهدة المشاركة
    ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

    لا أصدق أنني أنهيتها هنا الآن ، لا أصدق بأنني سأقوم بتتويجها وسام " المكتملة "
    بعد أن كانت سنينًا تتنقل بين طيّات الحالة المستمرة ...
    ونعم ، لقد كشفت التاريخ الفعلي لوقت انتهاءها وقد أكملتها في مكسات بعد سنة من ذاك الوقت ... أستقبل قطع الرقاب بكل خضوع، تفضلو * يدلي رقبته مستسلمًا*
    أعلم بأن جميع متابعينها القدماء قد تلاشوا، ذلك مؤلم للأمانة .. كنت أتمنى رؤيتهم ورؤية ردود أفعالهم بعد انتهاء هذه الرواية ..
    إلا أنني مؤمنة بأنه إن لم يعد أحد منهم فذلك عقاب إلهي على تأخري ، وردعًا لأمثالي من تكرار هذه الحركة المشينة *
    بالفعل لديه رواية أخرى ولازال يتأخر بالكتابة biggrin*

    بإذن الله سيكون هناك من يعطيها الاهتمام الذي تستحقه ..
    شكرًا لكم دائمًا ، مكسات كان المحطة الأولى التي انبثقت منها هذه البذرة .. وكان لزامًا أن نريه كيف نضجت ..
    هذا الابن العاق .. في الحقيقة يحبكم، إلى اللقاء.
    ما شاء الله مبااااااااااارك تهانيي الحارة من أعماق أعماق أعماق قلبيe411
    أشاركك تماما مشاعر الفرحة والابتهاج بهذا الانجاز العظيم ما شاء الله لا قوة إلا بالله!!!
    انهاء رواية على مكسات!!!! ما شاء الله لا قوة إلا بالله...
    لحظة لحظة..
    يبدو أن الحماسة أخذتني فنسيت أنني لم أكن من متابعي الرواية المخلصينe40b
    صحيح أنني قرأت أجزائها الاولى، وكنت انوي التكملة خاصة بعد أن عرفت - اثر تسللي خلسة- بأن النهاية قريبةem_1f605 ولكنني حتى الان لم أجد الوقت لقراءتها، ولكن من خلال ما قرات، فإنني أثني بشدة على اسلوبك الجميل ما شاء الله ^^
    ____
    المهم هذه العبارة استوقفتني:
    "وردعًا لأمثالي من تكرار هذه الحركة المشينة"
    e107
    هذا ما أفكر فيه دائما، وأرجو أن يأتي اليوم الذي احتفل فيه بإنهاء روايتي هنا إن شاء الله
    ياااااااااااااااارب يسهل
    دعواتك لأمثالكe405
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    sigpic268332_2
    يسعدني دعمكم ومعرفة آرائكم حول رواية ومانجا "مدرسة الفروسية" ^^
    https://nebrasmangaka.com/

  19. #278
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة تُوتْ مشاهدة المشاركة
    ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

    لا أصدق أنني أنهيتها هنا الآن ، لا أصدق بأنني سأقوم بتتويجها وسام " المكتملة "
    بعد أن كانت سنينًا تتنقل بين طيّات الحالة المستمرة ...
    ونعم ، لقد كشفت التاريخ الفعلي لوقت انتهاءها وقد أكملتها في مكسات بعد سنة من ذاك الوقت ... أستقبل قطع الرقاب بكل خضوع، تفضلو * يدلي رقبته مستسلمًا*
    أعلم بأن جميع متابعينها القدماء قد تلاشوا، ذلك مؤلم للأمانة .. كنت أتمنى رؤيتهم ورؤية ردود أفعالهم بعد انتهاء هذه الرواية ..
    إلا أنني مؤمنة بأنه إن لم يعد أحد منهم فذلك عقاب إلهي على تأخري ، وردعًا لأمثالي من تكرار هذه الحركة المشينة *
    بالفعل لديه رواية أخرى ولازال يتأخر بالكتابة biggrin*

    بإذن الله سيكون هناك من يعطيها الاهتمام الذي تستحقه ..
    شكرًا لكم دائمًا ، مكسات كان المحطة الأولى التي انبثقت منها هذه البذرة .. وكان لزامًا أن نريه كيف نضجت ..
    هذا الابن العاق .. في الحقيقة يحبكم، إلى اللقاء.
    عمل رائع عزيزتي
    أعتذر على التأخير الغير مبرر بالرد على قصتك
    صراحة نوعا ما أصبت بالصدمة من الأحداث و لم أتمكن من الرد
    لأكون صريحة النهاية لم ترضيني تماما em_1f629 و لكن أحترم ذوقك و إبداعك
    أسلوبك جميل جدا و أيضا لا يجب دائما أن تكون نهاية مرضية و سعيدة و هكذا
    لذا التغيير شيء جيد أحسنتي

    أيها الإبن العائق عائلة مكسات أيضا تحبك و تقدر وجود إبن مبدع لديها laugh

    توته بودي لو أقرأ أي جديد من قصتك لذا لو سمحتي ابقي على تواصل مع هذه الأخت السحبة nervous التي ستحاول الرد عليك و لو كان بوقت متأخر

الصفحة رقم 14 من 14 البدايةالبداية ... 4121314

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter