الصفحة رقم 7 من 7 البدايةالبداية ... 567
مشاهدة النتائج 121 الى 133 من 133
  1. #121

    -12-



    صوفي..






    ظننت أن العودة الى المنزل من شأنها أن تغدق شعوراً بالراحة التي لا وجود لها بجوفي منذ مدة، إلا أن ذلك لم يتحقق و أضحى هو بذاته مصدراً لعدم الإرتياح الذي يعم أوصالي بتملك تام.

    في مطلع الأمر حاولت الإنشغال بتنظيم غرفتي وخزانة الثياب وإضفاء شيء من روح النُزل الحميم عليها، وسرعان ما أمتدت محاولاتي اليائسة بخلق أجواء مستوحاة من حنيني لتشمل باقي أجزاء المنزل في ظل موافقة تامة من كلا والداي اللذين بلا شك قد أصابهم شيء من احباطي وتبدل طباعي وما ألفوني عليه.

    ولا أدري إذا ما كان في الأمر عزاء لي، إلا أني بت متيقنة من أن علة عذابي ليست نتيجة فشلي مع فيليب المُبقى على إعراضه وعدم اكتراثه، وأن جانباً كبيراً من تعاستي هو خلو المنزل من روح ألكسا المتوقدة، وهدوء الأرض من أصوات طقطقة أحذيتها العالية.
    ترى كيف تقضي أيامها الأن وهل هي على وفاق مع جورج أم أنها لا تزال على لذاعتها القديمة حيال أي شيء يقال في حضرتها! كلا هذا غير وارد، لقد شهدت على ولادة ألكسا جديدة أكثر جمالآ وتألقاً عن أي وقت مضى هذا الصيف وأظنها ستستمر في إذهالي في المستقبل، واجتاحتني ابتسامة صادقة وأنا أحاول تخيل ما سيبدو عليه أطفالها الأعزاء وبيتها المستقبلي وأي نوع من الأثاث ستختار، إنها من النوع الفاخر والذوق الراقي، سيكون تحفة لدى انتهاءه مما لا شك فيه وسأكون متواجدة خلال حفل الإستقبال أساعد في توزيع العصائر على الحاضرين.

    هدأت عن التفكير لبرهة وأرحت كفي على زجاج النافذة وأنا أراقب الشوارع المضاءة والمكتضة في الأسفل.. ترى متى غابت الشمس ومالذي أنجزته خلال النهار!هذا محبط جداً، عاودت التفكير في ذلك مجدداً وأنا أجر جسدي بعيداً عن النافذة نحو السرير حيث أردفت داخلياً:
    - أظن بأني سأخلد الى النوم مبكراً هذا المساء أيضاً

    ولكن عن أي مساء أتحدث، فأن لم أخلد الى النوم مبكراً منذ لا أعلم متى، وهل يعد التقلب على الفراش حتى وقت متأخر من الليل بالخلود الى النوم! أو لا يفترض أن أشعر بالراحة و الإنتعاش بعد كل هذا الإستلقاء!

    دفنت جسدي تحت الفراش وانكمشت على ذاتي لأجهش في البكاء، فقط ككل ليلة منذ أن عدت الى المنزل محاصرة بذلك الكم من مشاعر الخذلان والوحدة الخانقِين.

    وخلال نهار اليوم الخامس من عودتي الى العاصمة اصدر الجوال تنبيهاً صوتياً يفيد بتلقى رسالة، ألتقطه ببرود وابتسمت وأنا أقرأ رسالتها القصيرة:
    - أشتقت إليك

    طبعت سريعاً:

    - أحقاً!

    تأخرت بعض الشيء قبل أن تجيب:

    - الدراسة لن تبدأ حتى ثلاثة أسابيع، لماذا عدتي مبكرا!

    أجبت:

    - أصبحت أسبوعين الأن، وهل نسيت ما يجب فعله قبل بدايتها من حذف وإضافة، كما أريد أن أزود الجامعة بتفاصيل عملي ومدته حتى يتم اعتماده واختصار فترة تدريبي الأخيرة، ماذا عنك، كيف هي الأحول سيدة ألكسا!

    أرسلت:

    - لئيمة، لتفرحي بلقب آنسة البائس أما أنا فأرى الحياة من منظور مختلفٍ الأن

    ضحكت وأكملت:

    - وماذا عن جورج والعمل، وهل يسير الحظر جيداً!

    أجابت:

    - بالكاد بدأنا فيه وسأحرص على الإلتزام به، وهذه الإجابة تخص الحظر والعمل معاً، وجورج بخير ربما يعاني قليلاً مع مسألة اشتياقي!

    ضحكت مجدداً وإحساس أشبه بالدغدغة يسري في أصابعي وأخمص قدمي، من اللئيم بيننا بالضبط، إذاً جورج وحده من يعاني قليلاً مع مسألة الإشتياق! تراسلنا بعضاً من الوقت قبل أن تنهى من طرفها بغتة وأظن بأن جدتي عادت الى المكتب وستراها تهمل عملها ولن يشفع لها شيء آنها.


    الحديث معها منحني قليلاً من الحماس فقررت الخروج من المنزل لشراء بعض المستلزمات المهمة ولأشتم بعضاً من الهواء النقي، و لإستغلال طاقتي هذه على أكمل وجه حققت لصديقاتي من الجامعة رغبتهن واتفقنا على الإلتقاء في مقهى معين خلال ثلاث ساعات، وبدون تأخير بدلت ثيابي وأنطلقت في طريقي الى الطوابق السفلية مروراً بالردهة العامرة والبواب البشوش الى الشارع المكتض بالفنادق والمكاتب والمحلات التجارية.

    أفدني الخروج والإجتماع مع الفتيات كثيراً بذلك اليوم، وعلى ما يبدو وأن الجميع قد حظي بصيف حافل هذا العام، كل ما علي هو أن آمل أن تكون السنة الدراسية حافلة هي الأخرى.

    ترجلت من سيارة صديقتي بعد أن قام البواب بفتح الباب وشكرتها باسمة مرة أخيرة على التوصيلة قبل أن أهم بولوج الردهة، حيث تسمرت مكاني وأنا أرى فيليب بيرك بهامته التى لا تُخطأها الأعين يقف في قلبها ويتلفت في المكان وكأنه بإنتظار أحدهم، وقبل أن تسول لي نفسي رفاهية التفكير في أنه قد عثر علي أخيراً للحديث وجهاً لوجه أنضمت إليه من الداخل إمرأة رشيقة ومهندمة من الدرجة الأولى، كانت ترتدي ثوباً رائعاً وتتزين بالمساحيق وكأنهما في موعد غرامي! تبادلا الإبتسامات وبعض الكلمات التي يستحال أن تصلني من مكاني ذاك خلف الزجاج وراقبتهما بفزع وحرص شديد وهما يقفان أمام مكتب الإستقبال ليتسلم بطاقة الدخول الى الغرفة، وتبعتهما وهما يغادران سوية بإتجاه المصاعد.

    أسرعت بالدخول الى الردهة وأنا لا أكاد أرى من هول الصدمة، فلا يوجد تبرير مغاير لما يصوره المشهد، هي لن تكون شقيقته اليافعة شارلوت على الإطلاق بل هي أشبه بإمرأة في أواخر العشرينات كاملة النضوج، ومن ثم لماذا عساهما يجتمعنا في هذا الوقت وبهذا المكان وبتلك الحُلة إذا أردنا الإفتراض بأنه لقاء عمل، وما حاجته الى الغرفة! هذا كثير.

    تابعت بؤبؤة عيني شريط ارتقاء المصعد الذي ولجوا فيه حتى توقف عند الرقم السادس عشر، إنها احد أدوار المطاعم! سيتناولان العشاء سوية أولاً!

    لحقته بفارق بضع دقائق حتى لا أصتدم به أمام المصاعد وأفجر جم غضبي في وجهه، وحين وصلت الى وجهتي سرت بهدوء مميت في الممر نحو بوابة المطعم، عندها لمحت الطاولة المنمقة التى تخصهما وغرقت في تفحص تفاصيلها حتى أخرجني من شرودي حديث النادل القائم على الباب:
    -حضرة الآنسة صوفي، هل تودين القيام بطلبية الى الجناح أو حجز طاولة ما!

    هززت رأسي دلالة على النفي وتركته ينظر الى بذهول وأنا أحاول الحصول على بقعة جيدة بقربه وخلف مكتبه الطويل والأنيق لإستراق النظر، كان الإثنين يجلسان بجوار بعضهما البعض على نحو مريب وهنالك بضع مقاعد شاغرة حول الطاولة، سمعت النادل يرحب بأشخاص أخرين الى المطعم بضعة مرات بصوت مضطرب لربما حرجاً من مما كنت أقوم به بشكل فاضح، إلا أني لم أعر الأمر أي إنتباه سوى حين حضر من أنضم الى الطاولة ذاتها بعد أن قام فيليب مع السيدة ليتبادلوا التحايا فيما بينهم فأصبح مجموعهم أربعة رجال وسيدتين راقيتين، هنا شعرت بالإضطراب والحيرة كوني لم أعد أفهم شيئاً، وتزامناً مع استدارتي لسؤال النادل عن نوع الحجز الخاص بهم اعتراني تساؤل مهين عن لماذا أقوم بكل هذه السخافات؟، انتظر النادل سماع ما لدي مما أوحت به استدارتي، وأضطررت الى دس اعتذار خافت قبل أن أتسحب بعيداً عن المكان دون أن أنظر الى الوراء
    على هذه المهزلة أن تتوقف الأن ولن أسمح بإهانة نفسي أكثر مما فعلت!.


    ...


    ألقيت بجسدي على السرير وأنا أريد ليومي أن ينتهي عند هذا الحد دون الخوض في تفاصيل ما جرى أو أي ملامات لا طائل بي لتحملها، ولكن هيهات أن يقبل عقلي بهذه الإستراحة وقد فاجئته بما لا يخطر بالبال.. صوفي تلاحق رجلاً نبذها! ياللسخرية.
    أغمضت عيني فأخذتني وساوس كثيرة، و خيالات تخص تطورات الليلة بالنسبة لفيليب، ترى هل تغلب على مشاعره اتجاهي بهذه السرعة؟!

    أخفيت وجهي بين يداي وأجهشت في البكاء، ليس قهراً منه أو عليه وإنما على نفسي التي منيتها سلفاً بأني أحصنها من الوقوع رهينة مشاعر مماثلة، ترى ما ذنب قلبي ليتقلب في نار من القهر وما ذنب حلقي لتشويه الحموضة ولماذا تنتفخ عيناي من بكاءٍ لا مبرر له!

    انقضى شوط من الليل وأنا على تلك الحالة المضنية حتى أشارت عقارب الساعة الى الثانية عشر فجراً، وبلحظة ضعف وجنون قمت من فراشي أقصد الهاتف وطلبت تحويلة مكتب الإستقبال.
    - مرحباً سيدة أميليا هل تطلبين شيئاً؟!

    أجبت بعد قليل من التردد وأنا أحاول التستر على بقايا رنة البكاء في صوتي:

    - مرحبا عندك، في الحقيقة إنها صوفي.. أمي ترغب في التحقق من رقم الغرفة التي يقطن بها السيد فيليب بيرك كما أذكر!

    أجابت:

    -لحظة من فضلك.

    خفق قلبي بجنون خلال الثواني البسيطة التي قضيتها في الإنتظار وحتى قالت:

    - غرفة 1507 بالدور الخامس عشر

    تمتمت على عجل وأنا أغلق السماعة:

    - شكراً جزيلاً.


    ولأن لا اتراجع مجدداً كما حدث أمام المطعم أسرعت نحو باب المنزل، قابلتني أمي عنده فقلت مبررة وأنا أتابع المسير:

    - أراك لاحقاً

    وقبل أن تعلن احتجاجها كنت قد ولجت الى المصعد واراقب شقيه يلتقيان في المنتصف، تراجعت الى الوراء للإستناد على الحائط لدعم جسدي المرتعش ريثما يهبط الى الوجهة التي قمت بنقرها وهاهو يفُتح مجدداً، غادرته على وجل و سلكت جانب المنعطف الذي يقودني الى رقم الغرفة من خلال مرر معتدل الإضاءة، وعندما وصلت امام الباب تلاشت شجاعتي وتصلبت مكاني أحاول الإستماع الى ما يدور في الجهة المقبلة دون فائدة، وبطيش فكرت في أنه يحتمل أن تكون الغرفة شاغرة وأنه لا بأس بالقرع والتأكد ففعلت بفارق لحظات من استيعاب حماقتي.


    انفرج الباب وكأن له بوابه الخاص، إلا أن البواب المخلص لم يكن سوى فيليب الذي قابل وجودي بإجفال حقيقي كامل، ولا أدري لماذا تجاهلته وولجت الى داخل المكان وكأنه ليس المعني الأول بقدومي، ثم جابت عيناي أرجاء الغرفة الواسعة وطقم المقاعد الشاغرة في قلبها بتفحص أقرب الى الزوغان فلم أجد شيئاً!، عندها أطبقت بإحدى يدي على جبهتي وأنا أتمتم مع نفسي:
    - مالذي دهاني!

    استدرت بفزع وتنبه حين تحدث فيليب من بين صدمته بلسان ثقيل:

    - بحق الرب مالذي يجرى هنا صوفي!


    تلعثمت وأجبت بإندفاع آخرق يبعد كل البعد عن تعقلي:

    - لا شيء، لمحت اسمك في قائمة الزوار وأردت التحقق من أنك فيليب نفسه، انت في فندقنا اذا كنت لا تعلم!

    وبدت آماراته أكثر تعقيداً فزددتُ ارتباكاً وأردفت:

    - المعذرة هذا غير صحيح، لقد شاهدتك في الردهة برفقة تلك المرأة وعلمت لاحقاً من أنك تبيت الليلة هنا.. لم أتمالك نفسي فقدمت

    نطق أخيراً متسائلاً وقال ببطء:

    - أنتِ تقطنين هنا!

    أومأت بالإيجاب فأكمل:

    - واقتحامكِ قبل قليل، هل كنت تعتقدين بأني مع إحداهن؟

    تابعت الإيماء وتوقفت لحظة أن أبصرته يسير في اتجاهي، وبتلقائية كانت ساقاي ترجعان الى الخلف حتى منعني الجدار عن اكمال التراجع! اقترب الى حد جعل قلبي يتقافز من شدة الهلع، وظننت أني سأصرخ لولا أنه أخفض رأسه وغرق في الضحك، أهو جاد!


    هدأ قليلاً ورفع رأسه المحمر لتتقابل أعيننا في تلك المسافة المحرجة وقال من بين ابتسامته:

    - المعذرة يبدو بأني مخمور قليلاً، هل تعلمين من كانت المرأة قبل قليل!

    هززت رأسي بالنفي وأنا أهدأ داخلياً من سلمية نبرته واستعداده لتقديم الإجابات، وكأنه أراد انتزاع تلك الراحة الوليدة سريعاً إذ قام بالإقتراب أكثر ولم يكترث لشهقتي وهو يطبع قبلة على خدي الملتهب قبل أن يُسر في أذني:

    - كانت زميلتي في العمل وجماعة من الأصدقاء أتوا احتفالاً بعيد مولدي المتأخر

    أجفلت مما قال وتذكرته يُعرض في إحدى محادثاتنا قديماً من أنه يبلغ الثلاثين خلال شهرين! تلك الشهرين بالتأكيد انقضت وكلانا في القرية إذاً كيف غاب الأمر عن ذهني!!


    وكأنه قرأ الندم في عيناي فقال:

    - لا بأس لست مولعاً بحفلات الميلاد على أية حال، وإن لم يبالغوا في الإصرار لما رضخت ولكن يبدو أنه كان للأفضل فها أنت هنا، لم أكن أعلم أنك بالعاصمة، متى حدث هذا؟!

    وأتتني الشجاعة آنها غير أنها لم تكن مصحوبة بالغضب الذي تلاشى مع سماع نبراته الحنونة وإنما بعتاب لما قاسيته جراء اعراضه:

    - هذا لايهم، مايهم هو لماذا لم تجب على رسائلي !

    عندها ابتعد بفارق خطوات وأردف مستنكراً:

    - رسائل! لم يصلني شيء منها قطعاً

    وأمتقع لوني للحظات وأنا أعيد حساباتي بدقة، لحظة بالتأكيد أنا واثقة، تلفت ولمحت جواله متناثراً مع أغراضه فوق طاولة القهوة فتخطيته وألتقط الهاتف.. انه رجل عملي بحق لا يريد تضيع ثوان قليله في تأمين الهاتف برقم سري، هذا ما تبادر الى ذهني وأنا أقتحم شاشة الجوال وقائمة الإتصالات للبحث عن اسمي، طبعت أول أحرف اسمي ولم يظهر شيء، وعم جسدي الإضطراب حين عانقني من الخلف بحالته تلك ويديه تطبقان على يداي التي تمسك بالجوال والأخرى التى تكتب عليه، همس مجدداً:

    - أنت تبحثين بالطريقة الخاطئة.

    وطبع أمامي على الشاشة:

    - حـبـيـبـتـي

    ليظهر رقمي.. تشنجت للحظات وأردفت بتلعثم:

    - فيليب أنا.





    " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى "


  2. ...

  3. #122

    -12-





    تمتم:
    - يبدو وأنك لم تتلقي هديتي يوم الزفاف وبالتالي رسالتي فيها، لست غاضباً منك صوفي فٌكل منا لديه لحظات ارتباك وضياع، إنما أردت الإبتعاد ريثما تجميعن شتات أمرك فيكون هذا على وفاق مع لغة جسدك


    وأراح بيديه على قلبي بينما أكمل وهو يبالغ في الإرتياح مع لمساته الرقيقة لشعري ورقبتي:
    - هل تذكرين كيف هربتي مني في آخر مره! .. سعيدٌ من أن ذاك النفور قد زال، وأعلم بأننا قادرين على تجاوز كل العقبات الأخرى و كل ما عليك فعله هو الإيمان بنا فعل تفعلين!

    وبدى وكأني أفقد السيطرة إلا أن الذي كان يحدث حقيقة هو اطلاقي لعنان كل تلك المشاعر المكبوتة من قبل ومعها تشنجي وتحجري، التحرر وحده كان تجربة عظيمة و لا يوجد معنى من التشكيك في صحة أقواله بعد الأن فقد منحني اعترافاً أقوى مما أستحق! استدرت إليه وعانقته كالمحرومين فأطبق علي بلطف وأغدق وافر حنانه، تمتمت بآسي:
    - ظننت بأني خسرتك الى الأبد


    أجاب باسماً:
    - لم يعبرني هذا الظن ولا لدقيقة واحدة هل تمزحين!

    ابتسمت برضا، إنه مغرور بطريقته الخاصة، ولكنني سعيدة ولا يسعني وصف السكينة التي عمت أوصالي، وكان من الواضح أنه يعاني من ثقل رأسه لما شربه على العشاء من غرابة تصرفاته فهو شديد اللباقة في العادة خاصة فيما يخص اللمسات، إلا أن ذلك لم يمنعني من مجالسته على الأريكية طوعاً طيلة ماتبقي من المساء وحتى ساعات الشفق الأولى، تحدثت معه خلالها بكل ما فاته مدة انقطاعنا وشارك هو قدر استطاعته من بين انهاكه الشديد، استراح برأسه أخيراً على حجري وغط في النوم خلال دقائق.

    لقد استنفذت قواه بإتقان كما استنفذ صبري واستنزف مشاعري بالأيام الفائته، ولكن لا يزال ثمة ريبة في الأمر.. كيف يعقل أن لا تصله أي من رسائلي أو إتصالاتي!

    وحين بدأت أشعة الشمس بالظهور علمت من أنه يتوجب علي العودة قُبيل استيقاظ والداي، فستبدلت حجري بوسادة وأسدلت عليه الغطاء فوق الأريكة ثم تسحبت بهدوء عائدة من حيث أتيت كإنسانة أخرى.



    ~~~





    ألكسا ..



    سمعت صوت صفير الباخرة وأنا في العلية أكمل وضع اللمسات الأخيرة لسهرة الليلة، وكان صوتها بمثابة المنبه ليعلمني بأن الوقت قد حان للنزول ولحاقها قبل أن تغادر وأبقى بلا وسيلة مواصلات تقلني الى المدينة.

    هبطت درجات السلالم متعجلة وصادفت جدتي بالقرب من الباب الموصل للفناء الداخلي حيث استرعاها وجودي، رمقتها معاتبه وكأني أنتظر منها إقراراً على هيئتي فبتسمت وقالت:
    - لست بحاجة الى اشادتي فأنت دائماً مبهرة!

    عضضت على شفاهي السفلية بخجل وأسرعت بطِباعة قبلة على جبينها قبل أن أتابع طريقي نحو المرسي فالباخرة على وشك الوصول استوقفتني للحظات وناولتني وشاح الكشمير الذي كانت ترتديه وقبل أن أعبر عن اعتراضي أردفت بإصرار:
    - عنادك هذا لن يفلح معه ألكسا، كما أن الأجواء تزداد برودة في الليل فلن يضرك ابقاءه معك!

    زفرت بنفاذ حيلة وصبر وتبادر على وجهي ما كنت أحاول اخفاءه بالامبالاة وأنا أقول بإمتعاض:
    - سمعت خصامنا بالأمس؟

    أومأت وهي تمسح على عضدي:
    - ولست أنحاز الى صف أحدكما وإنما أود لو تحاولي احتواءه عوضاً عن إثارة سخطه

    قلت بحيرة:
    - إنه ساخط على الدوام مؤخراً وأتفه الأمور تخرجه عن طوره، ألك علم كم مرة شككت في قرار الزواج هذا وكنت أظن أن مثل هذه الأفكار لا تعبر عقلي البته!

    ضحكتْ وأردفت:
    - ألكسا البريئة دعيني أأكد لك من أن هذا الشكك سيرافقك طيلة حياتك الزوجية، تماماً كما سترافقك اللحظات التي تؤكد لك من أنك قمت بالإختيار الصائب وأنك المحظوظة الوحيدة بهذا الكون، الشد والرخي هما عنصرا الزواج الأكثر استدامة

    تنهدت بصخب وأنا أتذكر شجار البارحة على سماعة الهاتف، ذلك المجنون من يظن نفسه! .. لمحت جانب البحيرة فأبصرت العاملين يقومون بإنزال الجسر على المرسي، ودعت جدتي على عجل وأنا أصلح الوشاح فوق ثوبي الرقيق قبل أن أكمل طريقي، ولحسن الحظ فقد كنت على متن الراكبين لتلك الرحلة ..

    كانت الباخرة ممتلئة نسبياً في الداخل بكثير من السياح، غالبتهم فضلوا البقاء فوق سطحها للإستمتاع بمشاهدة جمال قرية الملكات وبيوتها المطلة على النهر أثناء المغيب بينما فضلت البقاء بالداخل فوق إحدى المقاعد القريبة من الشبابيك الممتدة على واجهة السفينة الأمامية بأكملها.

    ومن مكان جلوسي استطعت رؤية مجموعة أخرى من السياح يجتمعون حول فتحة مُسورة في قلب السفينة تكشف في بطنها عن عمال يقومون بإحراق الفحم بداخل أفران ضخمة تتغذى عليها الباخرة العتيق، وعلى رأس تلك المجموعة وقف عامل أخر يشرح للمستمعين آلية العمل وكميات الفحم التي تبتلعها سفينة بهذا الحجم الضخم وما الى ذلك من تفاصيل شاهدتها مئات المرات في كل رحلاتي الى المدينة، التي كانت
    في أغلب الوقت تقتصرعلى أسباب تخص العمل المزدهر بعد النجاح الباهر الذي حققه الزفاف الأول تحت اشرافي..

    فتلك الليلة السحرية جعلت أهالي القُرى يتحدثون عنها لبضعة أسابيع بعدها، وخلال ثلاثة أسابيع أخرى لدي زفاف أخر تتم الإستعدادت الخاصة به على قدم وساق، إلا أن الليلة بمثابة راحة قصيرة من جدولي المكتض وسأقضيها مع بضع فتيات جمعتنا صدف العمل وأنشأت بيننا رابطة صداقة لطيفة..كنت قلقة بعض الشيء في سريرتي إذ انها المرة الأولى التى نخرج فيها سوية في احتفال بهذا الوقت المتأخر، فقد اقتصرت لقاءتنا السابقة على تناول وجبة الغذاء أو السير على ضفاف النهر بصحبة كوب من القهوة والحديث عن متعلقات العمل ومشاغل الحياة، والعجيب أن كل واحدة منا تختلف عن الأخرى تماماً والشيء الوحيد الذي يجمعنا هو قيامنا على أعمالنا الخاصة بأنفسنا ..

    ألقيت نظرة خاطفة على ثوبي قبل أن أعاود الشرود في فساحة النهر من خلال النافذة، أرجوا من أنني لم أبالغ في التأنق مقارنة بهن، سيكون من المحرج أن أبرز أكثر مما أنا عليه .. واجتاحتني ابتسامة ساخرة، أيعقل أن أحسب حساباً لمثل هذه الأمور! .. لقد ألفت لفت الإنتباه منذ أيامي الجامحة في الثانوية وسنتي الذهبية الأولى في الجامعة، حيث كنت أسمع آنها همسات الحسد والإعجاب تقريباً في أي مكان أكون فيه بلا اكتراث مني، أم الأن .. تنهدت بهدوء .. هذا الجورج يدفعني للجنون من غيرته المفرطة، لا أصدق كم من مرة علينا الشجار قبل أن يدرك من أني لن أقوم بتغير شخصيتي في اللباس ليهدأ باله، الرحمة! يصور الأمر وكأني أخرج بلباس بائعات الهوى لا ثياباً أنيقة ليس إلا ..
    وعلى الرغم من كوني اعترض بشدة على موافقته فيما يصبوا إليه إلا أني بالفعل قمت بالكثير من التضحيات مع خزانتي الشخصية في سبيل ابقاءه راضياً ولو بالقدر القليل.. لا أصدق كيف مر على زواجنا خمسة أشهر دون أن يقتل كلانا الأخر! ..


    وصلت الباخرة خلال نصف ساعة أنقضت كالمح البصر فخرجت مع الجموع أقصد اليابسة وقبل أن أترجل من الجسر أعانتني يدٌ ما، تمتمت بالشكر دون أن أنظر الى صاحبها وأجتهدت في السير الى نقطة الإلتقاء الواقعة في الشارع الرئيسي من المدينة المبهرجة بإنارة و أجواء المساء الساحر، وما إن لمحتهن مجتمعات حتى اترسمت ابتسامة واسعة على شفاهي تزامناً مع شعور الراحة الذي اجتاحني، فخمستنا على ذات القدر من التأنق و الجمال الليلة .. تبادلنا التحية وأنطلقنا لتناول العشاء أولاً في المطعم التركي، حيث قمنا مسبقاً بحجز طاولة العلية المكشوفة بعيداً عن ازدحام الطابق السفلي وموسيقاه الصاخبة ..
    كان الإختيار موفقاً من جميع النواحي والطعام لذيذ، وباتت الأمسية تزداد تشويقاً مع أحاديثنا وانتقالنا الى مقهي فاخر حيث تصادفنا مع مجموعة من السياح المهندمين واندمجنا معهم سريعاً، حتى أن ثلاثة منا تجرأوا على مشاركتهم الرقص بينما أكتفيت بالمشاهدة وأنا أشعر بأن الوقت قد حان للعودة مع جورج الى ذلك الصندوق وإن كنت لا أرغب في الخوض في ادنى مشادة من شأنها انتزاع سعادتي بهذه الليلة، على أية حال فات الأون فقد أرسلت في طلبه ..


    تفرقت الفتيات في أنحاء المكان إما انشغالاً بمحادثات عرضية أو للذهاب الى دورة المياه وبقيت مكاني أراقب شاشة الجوال تارة وما يدور من حولي تارة أخرى حتى أخرجني أحدهم من تلك الدائرة بسؤاله:
    - أنت التى كنت في الباخرة عشية اليوم أليس كذلك؟


    رفعت رأسي للنظر إليه وسرعان ما شعرت بعدم الإرتياح الشديد لكونه يجلس في المقعد الأقرب لي على الطاولة العمومية الواسعة، وذلك لحقيقة أنه كان طاعن الوسامة الى الدرجة التي تشبهني كثيراً في لفت الإنتباه! ولأن التهرب بات مستحيلاً ونحن نتبادل النظر أجبته بإقتباض شديد:
    - هذا صحيح





  4. #123

    -12-




    ابتسم بحرج لا تخفى علي أسبابه مع البرود الذي لمسه في صوتي وأردف:
    - كما توقعت، أنتِ لم تنظري حتى الى الرجل الذي مد يد المساعدة لك ونحن نترجل من عليها!

    عقدت حاجباي الحادين وأنا أحاول استرجاع حديثه، بالفعل لا أذكر بتاتاً أني رأيت وجهه آنها فقلت:
    - المعذرة كنت على عجلة من أمري ولكن أشكرك مرة ثانية

    وبحماقة ظن أنه قد أحرز تقدماً إذ قال معترِفاً:
    - أرجوا أن لا تظني بي سوءاً ولكني لمحتك منذ أن أعتليت الباخرة من محطة النُزل العتيق ومنذ ذلك الوقت وعيناي تتبعانك بإنجذاب تام


    تمتمت في داخلي بإمتعاض: "
    الرحمة توقف أرجوك .." وفي الحقيقة لم أكن في مزاج يسمح لي بالرد عليه أو الإكتراث بملاطفته الرخصية حتى، وقبل أن أتفوه بكلمة ما قام أحدهم بسحب الكرسي الشاغر لي من الناحية الأخرى وجلس وهو يقول بصوت جعل مشاعر القلق تدوي كطبول الحرب في جوفي المرتعب:
    - إذا حبيبتي هل فاتني شيء

    نقلت بصري إليه بسرعة وانقياد، و أضطربتْ عيناي للحظات حيث كان بقميص العمل الباهت وسرواله المليء بأثار الطلاء، حينها ترفعت عن تفقد حذائه لأني أعلم تماماً من أنه سيكون الحذاء الذي يكاد ينهي حياتي الزوجية من شدة بشاعته! .. مظهره المشعث الذي لم يكن يليق بفخامة المكان ولا به جعلني أعجز عن التعبير، وخاصة أنه سيلتقى بصديقاتي للمرة الأولى الليلة..

    تحدث الرجل الدخيل معي بلباقة متجاهلاً وجود جورج بالكلية وكأنه لا يأخذه على محمل الجد، وكيف لي أن ألومه! وقال:
    - آنسة هل تعرفين هذا الرجل!

    بلعت ريقي بصعوبة وكنت بين خيارين إما أن أرفض الإجابة وأغادر المكان بهدوء وكأني أنكره بفعلتي أو أجيب بالموافقة وأكتم غيضي من اهانته ثم نتشاجر لاحقاً وعلى هذا المعدل فالإنفصال لن يكون نهاية غير متوقعة بيننا!


    أجبته بهدوء:
    - في الحقيقة إنه زوجي

    فتراجع الرجل على الفور وهو يكرر اعتذارته اللبقة وكان من الصعب أن لا أقرأ مشاعر الصدمة في قسماته التي لا تعني لي شيئاً مهما بلغت وسامتها، تزامناً مع انسحابه عادت الفتيات من حولي وقد شدهن رؤية جورج الذي عرف عن نفسه هذه المرة بثقة كبيرة، حيته الفتيات بوقار رغم تكرر ما رأيته من آمارات الأعين المصدومة منهن فودعتهن على عجل متعذرة بالإنهاك وغادرت المكان بأكبر قدر تحصلت عليه من الدماثة، وما إن ركبنا في السيارة العتيقة حتى همست له بوهن يحفه القهر:
    - أعدني الى جدتي في الحال!

    وتركت الإحساس بالطريق والواقع على حد سواء لأغوض في عالم من الحنق والغضب الشديدين، لماذا تعمد القدوم بتلك الهيئة وهو يعلم كم أنا حساسة حيال مظهري وبالطبع مظهره كوننا ننتمي الى بعضنا البعض الأن، لقد سمح لعدد لا حصر له من الظنون الخاطئة بأن تعبر أذهان الفتيات ومن رأنا على ذلك القدر من التناقض، فإما أن أكون من صنف أولئك الزوجات التي لا يكترثن بأزواجهن وغايتهن القصوى هي الظهور بمظهر حسن، أو أن ما جمعنا هو خطيئة حاولنا التستر عنها بالزواج، أو أي شيء يسيء له ولي في آن واحدة ..

    توقفت السيارة بعد برهة يسيرة فخرجت من قوقعتي لتفحص المحيط من حولي ووجدت أننا أمام المنزل الذي لا يريد الإكتمال مهما بذل فيه من جهد وعمل، فستدرت ناحيته مجفلة وقلت بسخط:
    - أي جزء من حديثي لم تفهمه!، أنا لن أبقى هنا الليلة ولا أي ليلة أخرى سيد جورج!..

    أجاب ببرود:
    - إذاً فالتعودي سيراً على الأقدام، أنا لن أذهب لأبعد من هنا

    وترجل من السيارة بغضب عبر عنه صوت اصتدام الباب، راقبته وهو يتخطى المنزل ليهبط التلة ويختفى عن عيناي دون أن ينظر الى الوراء.. وأجتاحتني وحشة مؤلمة آنها فأجهشت بالبكاء طويلاً حتى نفذ أخرُ ما تبقى من قوتي ..

    فُتح باب السيارة المجاور لي بعد برهة من الزمن ومد جورج يده لأترجل، أمسكت بها مستسلمة لرغبته وأنا أتمتم:
    - مغفلٌ كبير

    أجاب بروية وهو يضع على كتفي سترة ضخمة:
    - أنا كذلك ..

    ثم تبعته الى البيت وشعرت بالدفء بداخله مقارنة ببرودة النسيم في الخارج، فتحررت من السترة والوشاح وجلست بهدوء على المقعد وأنا لا أنوى القيام بأي شيء يتعلق بوضعنا إيجاباً كان أو سلباً.. وضع جورج على المنضدة أمامي كوب ماء وجلس على الأرض مقابلاً لي، ولأنه كان لا يزال بذات الثياب البغيضة أزحت عيناي عن مجاله سريعاً بتذمر واضح دون الإكتراث لأي سبب اتخذ الوضعية التى هو عليها، فأراح كفه على ركبتي وقال بلطف:
    - أظن أن ما فعلته الليلة لم يكن عادلاً ولكن رؤيتك بجانب الرجل أخرجتني عن وقاري

    أجبته بنفاذ صبر:
    - كفاك خداعاً جورج، كنت تنوي القدوم واصطحابي بهذه الثياب مسبقاً وصادف أنك وصلت ورأيته يجلس بقربي أين يكن ذلك الشخص..

    فقال بسخط:
    - لربما هذا صحيح ولكنه لا يعني أن رؤيته بجانبك لم تزد الأمر سوءاً

    أغمضت عيناي لبرهة لأجمع شتات فكري ثم قلت بهدوء مصتنع:
    - جورج إنه ليس الرجل الأول الذي يحاول مغازلتي ولن يكون الأخر، لقد عشت ما سبق من حياتي على هذا المنوال وأعرف كيف أتعامل مع المتطفلين جيداً فلا تشعر بالحاجة الى التدخل رجاءاً لأنك تزيد الأمر سوءاً لا غير!

    زفر بإنفعال وهو يقوم ويتراجع بعيداً وقال بغضب جلي:
    - إذاً على التعامل ببرود مع كل رجل يحاول مغازلتك وأتركك تهتمين بهم وحدك! أهذا ما سيجعلك سعيدة؟

    أجبته:
    - لندع قضية المغازلة جانباً فأنت أيضاً تتم مغازلتك من قَبل الكثير من السائحات فتجد صعوبة في منحهن احدى نظرات الموت التي جُدت بها علي كثيراً فيما مضى وتشعر بأن ابتسامة ود صغيرة لا تضر، هل قمت بجعل حياتك كالجحيم ياتٌري؟

    - إذاً مالذي تودين التحدث بشأنه ألكسا!


    شحت بنظري بعيداً ثم قلت:
    - كنت تعلم أني سأقضي الليلة مع صديقاتي، فلماذا اخترت القدوم وأخذي بهذا المظهر!

    تلعثم قليلاً وهو يقول بحرج:
    - عمِلت النهار بطوله ولم أحصل على الوقت الكافي لتبديلها، كما أني لم أكن أنوي الدخول حتى رأيتك بصحبة ذلك المغفل!

    هدأت قليلاً ولوهلة لم يبدوا الأمر بالسوء الذي كان عليه سابقاً بعد أن أوضحه بهذه الطريقة فقلت بهدوء:
    - هذا لا يعني أني سأغفر لك إذا فعلتها مرة ثانية ..

    ففهم تصريحي وأسرع بجتراري الى أحضانه ثم تمتم بدلال يخص نوعه:
    - هذا ليس عدلا! .. تبدين جميلة جداً الليلة

    رمقته ساخرة وقلت بتكهم:
    - ولو كان الأمر بيدك لحبستني في برج لا يصل إليه أحد

    رفع حاجبيه بمكر وهو يقول باسماً:
    - أنظروا إليها تستطيع قراءة أفكاري تماماً

    رمقته بلا تبسم هذه المرة وقلت بريبة:
    - مع من تظن أنك تتحدث بصيغة الجمع!

    ضحك بطريقة سخيفة وقال:
    - بعض أصدقائي غير المرئيين، إنهم ودودن للغاية فلا داعي للخوف

    لكزته على صدره وقلت بجدية:
    - توقف جورج، لا أحبذ هذا النوع من المزاح

    فقال وهو يتقدم مني على نحو مريب:
    - وماذا عن هذا

    ثم هجم علي بأنامله في بطني وجوانبي وأنا أصرخ ضاحكة وأحاول التخلص منه، ولم يتوقف حتى كدت أن أهلك .. دفعته بعدها الى الحمام ليزيل عنه أثار العمل وأنتهزت فرصة ابتعاده لأغط في النوم العميق تنفيذاً لأخر عقوباتي به الليلة ..



    ~~~

  5. #124

    -12-





    صوفي ..



    حين نحاول التخطيط لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا يهزمنا اليأس والإخفاق أكثر من مرة، ويالعجبي كيف يمكن للعفوية أن تصنع المعجزات .. كان فيليب يجلس في صالة المعيشة الخاصة بعائلتنا برفقة والدي ووالدتي بعد أن كون صداقة جيدة معهما قُبيل عدة أشهر مضت وهو منذ ذلك الحين يتردد على بيتنا إما لإصطحابي الى أحد مواعيدنا الغرامية البريئة أو لتناول وجبة العشاء التى هو دائماً مرحب بها على سفرتنا.

    قبول والداي له ولعلاقتنا عزز من مشاعري اتجاهه القدر الكبير، وحزنت من أجل ألكسا كونها اضطرت الى الخوض في تلك الدوامة العصبية المضنية في محاولة لإنتزاع موافقتهما، وأظنه جرى للأفضل كي يقدر كلاهما الأخر مع قصر المسافة الزمنية لتعارفهما.

    وصلتني رسالة نصية منه فعقدت حاجبي استغراباً كونه يجلس على الأريكة المقابلة لي بالضبط، وحين نظرت إليه أشار الى الجوال وهو يكمل محادثته الشيقة مع أبي، استجبت له وتفقدت محتوى الرسالة فإذا به يريد مني إحضار غرض ما من جيب معطفه المعلق بالقرب من الباب.. قصدته وأخرجت علبة محشورة به جعلت حاجباي يتعاقدان لوهلة، وحين فتحتها أسرني جمال الحجر الجميل وعبارة "هل تتزوجينني" محفورة في سقف العلبة المقابل، شهقت بسعادة وأظن بأني فقدت السيطرة على بضع دمعات مسحتها سريعاً وأنا أخفي العلبة في جيبي بإحكام ، عدت بعدها بهدوء وكأن شيئاً لم يكن!

    أعنت بعد ذلك والدتي في وضع أطباق العشاء وأنا أسترق النظر خلسة تجاه فيليب الذي بدى عليه الإضطراب بطريقة مضحكة كوني لم أعد إليه بشأن طلبه، وحين أنضم الجميع الى السفرة أرتديته بخفة تحت الطاولة وجعلت أتناول طعامي وكأن شيئاً لم يكن حتى أخرجت أمي الماء من فمها دفعة واحدة لتغطي جميع الأطباق بلا استثناء مع نوبة السعال التي انتابتها لحظة أن وقعت عينيها عليه، تنبه فيليب ثانياً وأرتسمت ابتسامة عريضة على شفاهه بينما أنشغل أبي في مساعدة أمي على التنفس بطريقة طبيعية مرة أخرى وسرعان ما علم هو الأخر ليغرقنا في دموعه وأحضانه، بينما صرخت ألكسا من فرط الحماس حين أخبرتها بالأنباء بذات الليلة وتماماً كما حدث معها تولت أمي مهمة الإعداد لحفل الخطوبة الذي تحدد ليكون خلال شهر في اجازة ما بين الفصلين الدراسيين حيث تكفلت بكافة تفاصيله حتى لا يشغلني شيء عن الدراسة، وأظن بأن ألكسا مدت يد العون لأنهما كانتا تتحدثان سوية على الهاتف بلا انقطاع.

    انتشرت الأنباء أسرع مما وددت وأنهالت التهاني تبعاً لذلك الى الحد الذي جعلني أهجر هاتفي طيلة النهر لأتمكن من انجاز فروضي، وكانت المحادثة الأقرب الى قلبي هي مع جدتي التي بكت على الهاتف وأبكتني من رقتها، ومع أن المستقبل لا يزال مبهماً إلا أني وجدت سعادة غامرة في إخبارها بأن فيليب يحاول بكل الوسائل لينتقل للعمل و العيش في مدينة الملكات على نحو كامل وهذا يعني بأننا يمكن أن نصبح متجاورات، أسعدتها الأنباء إلا أنها سرعان ما نهرتني عن التفكير في أي شيء بوسعه اعاقتي عن التركيز على انهاء الجامعة ولإظهار جديتها أنهت المكالة لأتفرغ للدراسة في الحال، أجبتها الى ما تريد وأنا لا أنكر سراحي بتفاصيل حياتنا المستقبلية بين الحينة والأخرى.


    ...


    حملت أخصائية التجميل أمتعتها ورافقتها حتى باب الغرفة لوداعها حيث دخلت علينا ألكسا ونحن نتحدث بجوار الباب وظنت من أني أنوى ارتكاب المحظور والخروج الى باقي أنحاء المنزل قبل انتهاءه فنهرتني وأهتمت بمسؤولية اصطحابها وتوديعها بالقرب من الباب ثم سرعان ما عادت الى.

    كانت ألكسا كعادتها تبدو خلابة في أي شيء ترتديه وخاصة في ثوبها الفضي لليلة، فقد أظهر جمال بشرتها الذهبية بإمتياز.. جلست معها فوق السرير وكانت الفرصة الوحيدة لنتحدث بهدوء قبل اعصار استقبال الضيوف المتوقع وصولهم خلال ساعتين وتعويضاً لليالي التي قضتها لدينا وأضعنا استغلالها لإنشغالها في الإستعدادت لهذا الحدث المرتقب، تأملتني برهة فضحكت وقلت بعجب:
    - ماذا هناك؟

    أجابت بجدية:
    - تبدين بارعة الجمال الليلة

    ابتسمت ملء الأشداق وقلت برقة:
    - هذا جيد من الفرح سماع ذلك منك

    وأردفت:
    - وماذا عن جورج، ألن يتمكن من الحضور الليلة؟ ظننته سيلحق بك ويأتي الى العاصمة؟

    أجابت وهي تشيح بعينيها بعيداً للحظات:
    - دعكِ منه إنها ليلتك أنت

    ولمحت حاجتها للكلام فأصررت:
    - بلى أريد أن أعرف ألكسا، مالذي يدور بينكما وهل أنتما على وفاق؟.. أنت لم تتحدثي عنه أو معه منذ أن أتيت الى هنا قبل أربعة أيام!

    ابتسمت محرجة:
    - وتحصينها!

    بينما تابعتُ اظهاري للوجه المكترث فأردفت بإستسلام:
    - نحن نتشاجر بشكل جنوني صوفي، أظن بأن قوانين أبي كانت صارمة عليه أكثر من اللازم وبات صبره ينفذ أسرع من المعقول وإغضابه من أسهل ما يمكن تحقيقه!

    تنهدت وقلت متسائلة:
    - أتفهم ذلك، إنكما بالكاد متزوجان وليلتان في الأسبوع أشبه بالحرمان ، وماذا عن المنزل!، هل شارف على الإنتهاء.. لقد مرت ستة أشهر منذ زواجكما أظن بأنه قد أنجز الكثير!

    أجابت:
    - بلى ولكن الإنتاج ليس بالسرعة الكافية، إنه يصر على بناءه وفقاً لمعايير معينه ويأبى التنازل، كما أنه محدود المصادر ويحتاج الى العمل بإستمرار لتغطية تكاليف مواد البناء الباهضة

    أرحت يدي على حجرها وقلت بإهتمام:
    - ثمة حل ما أنا واثقة، هل جرب التحدث مع عائلته لدعمه!

    فأطلقتْ ضحكة ساخرة وأردفت:
    - كاد عقله يطير حين عرضت عليه المساعدة بمرتبي ولا أظنني أكرر العرض بأي طريقة كانت

    وشعرت بالرغبة في اخراجها من قلقها للحظات فقلت مازحة:
    - وهل لازلت تحبينه كما في السابق!

    أجابت سريعاً وعلى نحو صادم:
    - بل أعشقه صوفي وكأن أحداً ما لم يعشق غيري، أهوه ولا أرى غيره في هذه الدنيا

    ابتسمت بسرور وأنا أربت على يدها:
    - سعيدة من أجلك، وثقي من أن كل شيء سيكون على ما يرام فقط أمنحيه حبك ودعمك وهذا كل ما هو بحاجته

    رفعت رأسها بإنتعاش أخيراً وقالت متعجلة:
    - هيا لتضعي الثوب أريد رؤيتك فيه أولاً قبل أن أنشغل بالإستقبال

    أستجبت لها وتركتها تعينني على إحكامه، ثم سرحتْ في نظرتها التأملية مرة ثانية فضحكتُ بحرج وأنا لا أجد الحاجة لسؤالها عن كيف أبدو، تأملنا المرآة الطولية للخزانة للحظات قالت فيها ألكسا بعمق:
    - ترى مالذي فعله بنا الصيف الماضي، أنظري كيف تغيرت حياتنا على نحو عجيب ساحر!

    أجبت بإرتياح:
    - أو تطيقين أن نعود الى ما كنا عليه!

    استدارت من فورها اعلاناً على احتجاها ثم قالت:
    -مستحيل، لن أعيش دون جورج في عالمي، هذا غير ممكن

    ضحكت وقاطعنا طرق على الباب، برزت بعده أمي ومن خلفها جدتي التي وصلت تواً من غرفتها في الفندق، عانقتهما كُلاً على حدى وسحبت أمي ألكسا في طريقها لأبقى مع جدتي وحدنا .. جلسنا متجاورتين وقالت وهي تمسح على خدي برقة:
    - أنت أعذب نسمة حلت بحياتي يا صوفي، وكأن الرب عوضني سنين الوحدة بوجودك.. رسائلك الغالية التي كانت تصلني في الأعياد بإنتظام جعلت تذيب الجليد في حياتي ولم أتذوق جمال الصيف سوى لدى قدومك أنت وألكسا الصيف الماضي!

    كادت دموعي أن تسيل بيد أن جدتي أسرعت بكفها وتقبيل عيناي، أردفت بعدها:
    - ولم تخبريني كيف عادت المياه الى مجاريها بينكما أيتها الجاحدة

    ضحكت بخجل وأن أتذكر غباوتي فيما مضي ثم وقلت:
    - تذكرين كيف وقع هاتفي في النهر!

    أومأت بالإيجاب فأردفت ضاحكة:
    - حين استعدت البيانات في الجوال الآخر كان أخر تحديث فيه يسبق تاريخ حفظي لرقم فيليب، وحين حاولت استرداد رقمه ومراسلته عكست أخر رقمين سهواً وكنت أُراسل الرقم الخطأ طيلة ذلك الوقت

    هزت جدتي رأسها بإنزعاج وقالت مكشرة:
    - لهذا لا أحبذ التكنولوجيا، لقد جعلتك تعانين دون أي سبب

    وعبر ذهني شيء ملح فقلت بعجل:
    - ولكن جدتي هل تمكنت من احضار ما طلبته!

    ابتسمت وهي تفتح حقيبة يدها حيث أخرجت مغلفاً صغيراً ناولتني إياه وهي تقول:
    - اضطررت الى استبدال مقاسه الحقيقي ليتناسب مع مقاس السفر، وشعرت وكأني لصة وأنا أحضره من العلية من بين حاجيات ألكسا المهملة، لا يبدوا من أنها قد لاحظته فقد كان مغلقاً حين وضعت يدي عليه

    ضحكت بتلقائية لظرافتها فربتت على كتفي وأردفت:
    - سأتركك وحدك لتفقد محتواه، وأظن بأنه يجب أن أكون الى جانب أمك الأن

    أومأت لها بالموافقة وشعرت بقليل من الإثارة حين اختليت بالغرفة وحيدة وهدية فيليب من ذلك الوقت بين يداي، لطالما اعتراني الفضول لأقرأ ما احتوته رسالته تلك ولن أجد فرصة مناسبة أفضل من يوم الإحتفال بخطبتنا للإطلاع عليها ففعلت.


    ~~~



  6. #125

    -12-



    ألكسا



    أكتملت معالم الزينة في البيت الذي أصرت صوفي على أن تحتفل بخطبتها فيه، وكانت الورود المنعشة تتماشى بألوانها الزاهية مع ثوبها الراقي وثياب كافة سيدات المنزل ..

    كنت أتفقد الأحوال في المطبخ الذي لم يضم سوى أكواب العصير الذي ستدور به العاملات على الحضور مصحوباً بالمقبلات الخفيفة ريثما يحين موعد العشاء المقام في مطعم الفندق، وبينما أنا كذلك إذ دخل علي جورج بحلة تليق بإحتفال الليلة وهو يبدو وسيماً أكثر من المعتاد، جحظت فيه بعضاً من الوقت ثم قلت بذات المشاعر:
    - ظننتك ..

    ابتسم وهو يرمقني بإعجاب من مكانه وقال بعدها معاتباً:
    - وكأني كنت أبيت معك الليلة الفائته!

    شعرت بالخجل الشديد من نفسي فأخذت بيده نحو غرفتي القديمة والتي لم يتبقي من معالمها شيء! وهنالك تحدثت بمرونة أكبر:
    - ليس الأمر وكأني لست سعيدة برؤيتك، لقد فاجئتني وهذا كل مافي الأمر .. هل تقابلت مع والداي!

    أومأ بالإيجاب وأشار لي بالجلوس قريباً منه ففعلت وأنا لا أعرف كيف أتصرف، لقد تشاجرنا بطريقة سيئة قبل سفري وظننت بأني لن أراه حتى أعود إليه مجدداً، وهنا أمسك بيدي وقال بروية:
    - ألكسا هنالك ما أود إطلاعك عليه

    فسحبت يدي بسرعة وأنا أتوجس خوفاً من الأتي ثم قلت مقاطعة إياه:
    - كلا جورج لا تقل ..

    عقد حاجبيه وقال مستنكراً:
    - ولكن هل تعلمين!

    تمالكت أعصابي وقلت على مضض:
    - كلا

    فأردف بدون مقدمات:
    - لقد تحدثت مع والدي، وسيساعد في إكمال البناء خلال شهرين، هذا يعني بأننا نحتاج الى شهرين أخرين نكمل فيها تأثيث المنزل ومن ثم يصبح جاهزاً للسكن

    أتسعت عيناي بذهول فأكمل جورج بجدية مقلقة:
    - ولكنه سيفعلها بالمساواة

    عقدت حاجباي بحيرة وانتظرته ليفسر فقال بوقار:
    - إنه لا يزال ناقماً علي لأني قررت ترك عالم المحاماة والإندماج في عالم البناء شغفي.. أنا لم أخبرك بذلك من قبل إلا إن أبي يعد أحد أشهر البنائين في أستراليا، وقد ترعرعت بصحبته في مواقع البناء واكتسبت جل خبارتي منه شخصياً، أعلمه مدرسي في المرحلة الثانوية عن رغبتي التي صرحت بها خلال احدى الحصص في امتهان البناء فثار غضبه وحاول بشتى الوسائل اقناعي بدخول مدرسة المحاماة منذ ذلك الحين ففعلت على أمل أن أرضيه بعضاً من الوقت ثم أعود لمزاولة ما أحب وأرغب، لم أكن على قيد الحياة طيلة سنوات الدراسة وكنت أكره نفسي علي انصياعها لرغبات الغير في حين أني واثق مما أحب وأريد على عكس الكثير، وبعد تخرجي لم يعد بوسعي انكار ذاتي أكثر مما فعلت فأعلنت التمرد وطُردت على اثرها من البيت رغم اغترابي طيلة سنوات الدراسة بعيداً عنه، ولأني لم أجد عملاً يقبل بي في أستراليا توجهت الى نيوزيلندا وبدأت العمل بها فأحببتها ثم ألتقيت بك والباقي تعرفينه!

    أرحت بجسدي على عضده وقلت بلطف:
    - ولماذا لم تخبرني بذلك منذ البداية!

    أجاب بهدوء:
    - أردت أن أنتهى من بناء منزل أحلامي أولاً لأثبت لك وله وللجميع من أني قادر على القيام بهذ العمل على أكمل وجه .. وأن تضحيتي بذلك
    المسمى اللعين لم تكن سدى


    مسحت على رأسه بدلال في محاولة لجعله يشعر بشعور أفضل وأردفت:
    - وماذا الأن!

    نظر الي بعمق وقال بثقة:
    - انه مدعوٌ الليلة، قامت والدتك بدعوته مسبقاً ويريد أن يكون منزلنا هو أخر أعمالي في البناء ومن ثم أعود الى سلك المحاماة مجدداً

    ارتعشت شفاهي لإدراكي بصدق تعلق جورج بمهنته فقلت على مضض:
    - وهل أجبته!

    أومأ باسماً:
    - كان علي بذل تضحية من جانبي للمحافظة عليكِ أنا أيضاً، وربما أستطيع مد يد العون في بعض المشاريع الصغيرة أثناء فراغي

    عانقته بشغف وأنا أود لو أن حزنه يغادره الى صدري ولا أراه بهذه الحالة، فبادلني العناق وهو يتمتم:
    - كنت أحمقاً كبيراً فيما مضي من شدة الهواجس التي أرقتني بشأن العقد، وإن لم أدرس المحاماة لم أكترثت له بالمرة إلا أن وجود ورقة خطيرة من ذاك النوع الذي بوسعه انتشالك مني قانونياً وإبطال زواجنا جعلني أفقد صوابي بإستمرار ثم ..

    همست له وأنا لا أكتفى من ضمه:

    -ثم ماذا؟

    أكمل بهدوء:
    - لا يسعني تحمل البقاء وحيداً بعد الأن، أريدك بجانبي كل مساء .. وهذا أحب الى من البناء بدون شك

    ابتسمت وقبلته على شجاعته، وإن كنت أكره أن يُرغم بهذه الطريقة على ترك مايحب، إلا أني مذنبة أيضاً في السماح بتلك الشروط في المقام الأول وكل ما علي فعله الأن هو دعمه بكل جوانحي، تبادر الينا أصوات بعض الحضور فعلمت انه يجب علينا الخروج لإستقبال المدعوين، اصلحت له ياقة بدلته وربطة عنقه ثم تأكدت من تعديل ما تداخل من المكياج بفعل الدموع قبل الخروج فاليوم سألتقي بعائلته أخيراً..


    ~~~






  7. #126

    -12-



    صوفي ..





    فُتح الباب مجدداً وولج معظم أفراد العائلة من والداي وجدتي وألكسا التى لحقها جورج على نحو مفاجئ ومفرح، ومن وراءهم فيليب الذي تقدم الى عناقي بخطوات بطيئة وكان متحرجاً عن عادته من مراقبة الجميع لنا.. صافحتُ جورج بحرارة وأنا أعرب له عن سعادتي بوجوده بجانب ألكسا التي بان عليها الفرق في البشاشة بشكل عظيم، وكانت ألكسا توثق لحظات دسي للزهور المتماثلة مع الطوق الذي يزين رأسي في جيب فيليب العلوي وتبادلنا للهمسات الغرامية بين الحينة والأخرى بمثابرة تامة رغم ما حدجتها به من نظرات متوعدة بلا فائدة ..

    وأخيراً سُمح لي بالخروج الى صالة المنزل لرؤيتها أولاً قبل وصول الضيوف فشهقت بسرور من جمال ما أصبحت عليه، وبعد التقاط بضع صور لنا فيها كان المدعون يتوافدون الى المنزل وجميعنا في استقبالهم ..

    تقابلت مع عائلة فيليب للمرة الأولى مبكراً ذلك المساء في أجواء من الخجل الشديد من ناحيتي، ووددت لو أننا ألتقينا بهم سوية قبل هذه المناسبة حتى نكون على معرفة ببعضنا البعض، إلا أنهم كانوا لطيفين جداً بلا استثناء مما خفف من ضربات قلبي المضطرب، وشعرت بأن ألكسا تمر بذات الموقف الصعب إبان حضور عائلة جورج التى لقيت حفاوة كبيرة من جانب والداي وجدتي كونهم حضروا خصيصاً من أستراليا لتلبية الدعوة، وراقبتهم بعضاً من الوقت فلمست إعجابهم الشديد بألكسا وتنفست الصعداء من أجل ذلك ..

    كما ساعدت كل من صديقاتي وصديقات ألكسا في إضفاء الكثير من المرح على الأمسية حتى حان موعد العشاء أو موعد الإحراجات من باب أولى حيث استفتحت أمي الحديث عن طفولتي مشيرة الى الجوانب المشينة على نحو خاص، والتي أرسلت الجميع الى حالة من الضحك الصاخب، وهكذا أصبح البقية يتناوبون على المنصة للإدلاء بما لديهم مع التذكير بأنهم تركوا الواقعات الأكثر شناعة الى حصيلة ليلة الزفاف المستقبلي..

    وكان أرق حديث من نصيب جدتي التى لمحتُ في عينيها كدراً طارِفاً لحقيقة أن خالتي رفضت الحضور وتحججت بالسفر كي لا تتقابلا، بيد أني أكد أجزم بأنهما ستكونان على مايرام في المستقبل العاجل لأنها لن تقوى على تجنبها الى الأبد وسبق لنا رؤية النتائج المذهلة مع أمي التى أصبحت تحدثها بصورة شبه يومية منذ عودتنا وخاصة بعد العشاء السار بتلك الليلة.

    ومع تأخر الوقت أخذنا بتوديع الأصدقاء تدريجياً حتى عاد أفراد العائلة المتوسعة الى صالة المعيشة التي عمل موظفوا الفندق على تنظيفها أثناء العشاء، تبادلنا أطراف الحديث في إطار من البهجة والإنبساط وغادرنا الكبار أولاً طلباً للراحة فبقيت مع ألكسا وتركنا جورج وفيليب سوية في توزان جيد بيننا..

    تحدثت أولاً وقالت بإنشراح:
    - كانت ليلة رائعة، تتناسب مع روعتك صوفي

    أجبتها ساخرة:
    - وكأنها لا تذكرك بشيء! .. زواجك وخطبتي يتشابهون في الكثير من الأمور، أولها أن كلاهما أُقيما في فندق

    ضحكت بلا انكار وأردفت:
    - وماذا غير هذا، أعنى انه من الطبيعي أن يتم الإحتفال بهذه المناسبات في الصالات والفنادق!

    فقلت:
    - وأن يبيت عدد لا بأس به من المدعوين في ذات الفندق، أهي مصادفة أخرى ياترى!

    اجابت بتحاذق:
    - إذاً مالذي ترمين إليه!

    قلت بشفافية:
    - أنها بهجة زفافك ألكسا.. انتقلت الى هذا اليوم وأسهمت في رسم تفاصيل بهجته القدر الكبير، فشكراً على ذلك

    رمقتني بأعين حادة وتحدثت بما يجوب في عقلها:
    - أنت كائن غريب هل تعلمين!

    ضحكت مطولاً ولم تتمكن من كبت ابتسامتها هي الأخرى، ثم أردفت بقليل من الجدية:
    - في الحقيقة صوفي كان هنالك سبب أخر لقدومي الى العاصمة غير حضور مناسبك

    رنوت إليها انتظاراً لسماع مالديها فأكملت بإمتعاض:
    - هذا مثير للحنق، لماذا لا أستطيع اخفاء اي شيء عنك في حين لا تخبرينني بشيء سوى عند نهاياته!

    أخرجت لساني ببراءة وقلت :
    - لا عليك أكملي فقط

    تنهدت وقالت من بين أسنانها:
    - لا تخبري أحداً، لقد قررت اكمال دراستي عن بعد في تخصص ادارة الفنادق

    أتسعت عيناي بسرور وقلت بحماس:
    - هذا رائع، إذاً أنت واثقة من أن هذا ماتريدين فعله؟!

    أومأت بالإيجاب:
    - أظن ذلك، كما أن على إحدانا الإعتناء بأملاك العائلة في المستقبل ألا تظنين آنسة ممرضة!

    رفعت حاجباي بمكر وقلت بغرور:
    - لا غنى لك عن الممرضة فيما يتعلق بشؤون الإدارة، تستطيعين القول بأن البعض يولد بمهارات شتى وأني إحداهم

    شهقت ساخرة وقالت وهي تقوم من مكانها:
    - الرحمة.. على أية حال على العودة الى غرفتي مع جورج وإلا نام على نفسه ولن تتمكن رافعة عندها من زحزحته عن مكانه اضافة الي أن عليه حمل أمتعتي، كما أني كريمة بما فيه الكفاية لأسمح لك بقضاء ما تبقى من الليل مع فيليب، وأحرصي أن لا يبيت هاهنا أهذا واضح!

    هززت رأسي مشفقة من ما قصدته من وراء كلامها، المسكينة تظن أن جميع الأزواج كحالتها، راقبتها تجتر أخي في القانون من ربطة عنقه وهو مستسلم لجبروتها بمحبة، كان مشهداً ظريفاً يليق بهما، قمت بعدها أقصد فيليب وأنا أقول بطيب نية:
    - هل ترغب بكوب من المــ ..اء..

    أخر أحرف الجملة تأخرت حتى استقريت فوق حجره والخجل يرفع معدلات الحرارة في جسدي، المجنون مالذي يظن بأنه فاعله في عقر دارنا!.. همست له بخجل وتلعثم:
    - توقف بوسع والداي الخروج في أي لحظة!

    تمتم محتجاً بجرأة:
    - ومالعيب في مغازلتك قليلاً ؟

    لكزته ووجهي يشتعل من جرأته وهدأت حين غير كفة الحديث متساءلاً:
    - مالذي كنتما تتحدثان بشأن أنت ووالداي خلال الأمسية

    ابتسمت من فضوله، هذا يعني من أنه كان يراقبني إذاً، وفي الحقيقة لن أخبره بأن والده سيفاجئه بملكية القصر يوم زفافنا، وأنه أسر لي بذلك وطلب مني الحفاظ على الأمر طي الكتمان حتى لا أبحث عن ارتباطات وظيفية بالعاصمة بعد التخرج من شأنها أن تحول دون عيشنا هناك، فأجبت بلا تصنع وأنا أعلم أني قادرة تماماً على تغير كفة الحديث دون أن يشعر:
    - لا شيء يخصك شخصياً ..

    نظر الى بجدية أربكتني ثم قال:
    - ظننت بأنك تخصينني الأن وكذا هو الحال مع أي شيء يحدث معك فهو يخصني على حدٍ سواء!

    أخفيت وجهي وراء يدي لأخفي تلك الإبتسامة السخيفة التي اجتاحتني ثم قلت بنبرة تتراقص أحرفها:
    - لا يزال عقلي يرفض التصديق من أن أياً من هذا يحدث بالفعل

    ابتسم:
    - إذاً عليك التصديق سريعاً لأن ما بيننا سيستمر في النمو و التطور الى مالا نهاية، وعليك مواكبتي لأني لن أكبح طموحي بعد الأن

    شعرت بقوة هيمنته على عقلي في كلماته الصارمة رغم عذوبة اللسان الذي نطق بها، وتلعثمت وأنا أقول على وجل:
    - أبوسعك الإنتظار ريثما أحصل على الشهادة على الأقل!

    تنهد ببطأ وأجاب بإمتعاض:
    - أظن بأنه لا مفر من ذلك

    عانقته بدلال وغبطة، وانساب ما جال في فؤادي بتلك اللحظات على لساني بكل سلاسة فقلت بإمتنان بالغ:
    - شكراً على وجودك بحياتي

    أردف بعمق وهو يطوقني بحنان:
    - سماحك بوجودي ورغبتك بها هي أقصى ما يتمناه المرء عالإطلاق..


    ~~~



  8. #127

    -12-





    ألكسا




    ولجنا الى غرفة الفندق التي نزل بها جورج قبل أن يفاجئني بمقدمه سابقاً هذا المساء، وكردة فعل أولى قمت بخلع الحذاء المميت وإلقاءه بالقرب من الباب بينما أسرع جورج بوضع الحقائب جانباً وإلقاء جسده على السرير..


    قصدته ليعينني على حل أزارير الثوب البارزة ففعل من مكانه وهو لا يقوى على رفع جسده، وتبادر الى ذهني وضع عائلته اللحظة فقلت متسائلة:
    - هيي جورج، أليس من الأفضل أن تبيت الليلة مع عائلتك!، أعنى لربما يكونوا بحاجة إليك أو أن لديكم ما تتحدثون بشأنه

    أجاب ببرود:
    - بدلي ثيابك وتعالي الى جواري في الحال..

    زفرت بحنق وأنا أضع منامة النوم، أهذا جزائي حين أحاول مراعاة مشاعر الأخرين! ورفعت الغطاء بإنفعال قبل أن أدس جسدي تحته، فزحف جورج بجسده على السرير ليصبح رأسه في مواجهتي، لم أتمالك ابتسامتي من الظهور وياله من طفل، انها طريقته غير المباشرة لأقوم بتخليل اناملي في شعره كما يعشق.. استسلمت لرغبته فأصدر تنهيدات توحى بالأرتياح ثم أردف:
    - شكراً لوجودك بجواري الليلة، لقد ساعد ذلك على تمالك اضطرابي من الإلتقاء بهم أخيراً.

    أجبته بلطف:
    - هذا واجبي، كما أني أشكرك على تحدثك معه مجدداً، فأنا أريد لأطفالنا أن ينشأوا بين أجدادهم في انسجام

    وتفاجأت حين رفع جورج رأسه بغتة وهو يرمقني متفحصاً حتى قال:
    - ألكسا أيعقل بأن تكوني حُبلى

    أعدت رأسه الى السرير بيدي وقلت بنبرة تكهم واستهزاء:
    - عد الى الإستلقاء رجاءاً وكف عن الكلام لليلة، أنا اعتقك..

    ومع ردت فعلي القاطعة إلا أن هاجساً عبر خيالي وجعلني أزيح رأس جورج بهدوء لأقوم من على السرير وأقصد الحقيبة الكبيرة، أخرجت منها علبة تحليل كنت أبقى عليها منذ زواجنا مما جعل جورج الذي كان يراقبني بعينيه يفز واقفاً من مكانه مما زاد من اضطرابي، لحقني الى الحمام فصددته عن الولوج من خلفي وتطلب قراءة التعليمات المرفقة على الصندق وقتاً إضافياً جعل جورج يقرع على الباب كل دقيقة بنفاذ صبر ليطمئن علي..

    اتبعت التعليمات وشعرت بأن انتظار ظهور النتائج هو اسوء ما في الحياة على الإطلاق ففتحت الباب وسمحت له بالولوج ليتحمل ذلك العذاب وحده، بينما ظللت أقابله بظهري على عتبة الباب وأنا أحتضن جسدي المرتعش، وشعرت بهبوط قلبي حين قال مجفلاً:
    - في أسبوعين! ..

    ألتقطت التحليل الصغير من بين يديه وأجفلت مرة ثانية، فهنالك خطين ومن ثم عبارة أسبوعين!، أهذا يعني بأني حامل في أسبوعين! هذا هراء


    خرجت من الحمام هائمة أقصد حقيبة يدي لأبحث عن الهاتف، وحين التقطته فجأني جورج بسحبه وهو يقول مستنكراً:
    - مالذي تفعلينه
    أجبت بإرتعاش:
    - سأتصل على جدتي لأسألها

    ضحك بسرور غير مبالياً بالذي كنت أمر به وقال:
    - لكنها لا شك نائمة الأن!

    حاولت استعادة الجوال منه دون فائدة وسرعان ما شرعت بالبكاء فناولني صدره لأبكي عليه وظل يربت على ظهري بحنان حتى هدأت ليبدأ هو طوراً أشبه بالمهرجين، فقد أصابته نوبة هستيرية من الضحك انتهت بالبكاء وهو يتمتم بأنه سيصبح أباً، ولم أكن ذات عون كبير له وقتها ولا بعدها لأني غرقت في صدمتي الخاصة التي لم أخرج منها سوى بعد سماع صراخات جميع أفراد العائلة لدى سماعهم تأكيد الأنباء عند عيادة الطبيب الذي أُخذت له صباح اليوم التالي فور أن أطلعهم جورج على نتائج التحليل مساء الأمس للقيام بتحليل الدم، عانقتني صوفي الباكية و من ثم أمي وظلت جدتي تنهرهما عن ذلك لأن لا يعتصران النطفة بداخلي وأكتفي أبي بالبكاء كعادته فأخذ فيليب يحاول تهدأته وجورج الذي شاركه البكاء.


    وخلال ٩ أشهر أخرى إلا أسبوعين كانت العائلة برمتها تعيد ذات المشهد الضاحك أمامي من بكاء وصخب مع اختلاف كونهم كانوا يلتفون حول الرضيع درسكو هذه المرة وفي المشفى المركزي بمدينة الملكات حيث تعمل صوفي زوجة فيليب في ذات العنبر.


    تزوجت صوفي بعد أسبوعين من حفل تخرج الجامعة وكنت آنها في شهري الخامس وأنتقلت بعد ذلك بوقت قصير الى مدينتنا الجديدة بصفة دائمة للعيش في القصر الذي أصبح ملكية فيليب بالتمام مع موافقة من كافة أشقاءه، وقبل ذلك بحوالي الشهر تقريباً أنهى جورج ووالده العمل على كافة تفاصيل المنزل الذي عشقته لحظة أن رأيته، كونه جسد أمامي مراحل علاقتي بجورج منذ أن كان لا يزال مجرد أخشاب مثبته على الأرض في موقع مميز الى أخر تفاصيله التي شملت غرفة الرضيع المنتظر بفارغ الصبر.


    وفي حفل استقبال الرضيع تقابلت خالتي التي أعلنت الصلح مع جدتي قُبيل زفاف صوفي في مشهد درامي تم تصويره بأكمله مع الرجل الذي أصبح زوجها مؤخراً، وأظن أنها تشاركنا أنباء حملها خلال فترة وجيزه كونهما يتوقان الى تأسيس عائلة في أقرب فرصة ممكنة..
    وكان عيد مولد صغيري الحبيب يوافق أشهر الصيف التى باتت تزداد تألقاً وبهجة كل عام ليثبت لنا مع قدومه من أن صيف نُزل المحيط ذاك حمل في طياته حظوظاً خفية وسحراً خاصاً بالشقيقات لا يزال يربطنا ويرافقنا حتى يومنا هذا.




    السبت، ١٥ أوغسطس
    الموافق لعام ٢٠١٥
    النهاية



  9. #128



    هاااااااه انفاااس السعاااادة ولله الحمد e414

    من جد رحلة كتابة هذي القصة من أمتع الرحلات ولو أني بدأتها من كم سنة وطمرتها في مجلدات اللاب حتى فتح الله علي وقررت أكمل التطور التدريجي لتحسين كتابتي وأسلوبي ..

    مثل ما قلت أن هذه القصة هي واحدة من ثلاثة، أختها الثانية بدأت فيها من زمان أيضاً ولكنها لا زالت مطمورة وستظل مطمورة بعضاً من الوقت لأني مو حابة أكتب في نفس الشريحة ورى بعض وإلا حصل التشابه والروتينية ولأني اشتقت للكتابة الخيالية >>> من زمااان عنك يالحبيبة e413e413

    عالم الخيال ممتع بشكل رائع ولكنه يحتاج مجهود جبار أكثر من أي نوع آخر ومحاولات حقيقة في الخروج بأفكار لم تطرح بعد وإن كان ولابد يقع جانب من التشابه الغير مقصود في كل الأحوال ..

    أجل هذا يعني اني مفكرة أخذ بريك من السلسلة وأنوع في قصصي ثم أرجع لها بإذن المولى في الوقت المناسب ..

    أتمنى تكون "نُزل المحيط" أحتفظت بلطافتها وخفتها لأخر قطرة.. ويسعدني مناقشتكم الأفكار والأراء المطروحة فيها " متعوب عليها ترى" لول، حاولت فيها أخذ بعين الإعتبار إنتقادات كثيرة اتوجهت لي على صفحات هذا المنتدى من قبل وبإذن الله اني قدرت أوفق بدون إخلال >> حتى الأن ما أتهزأت وهذي ظاهرة جيدة جداً
    e402em_1f605e415

    متابعين السر والعلن والخاص >> شكراً لكم جميعاً بكل اللغات المحبة للسلام، وجود من يقرأ لي هو لحاله نعمة وعقبال ما تقرأو كتابي يارب <<< لساعي مصرة عليه بس ما آن أوان خروجه بعد لأسباب ضعف الكفاءة التي يتم العمل على تحسينها smile

    love you all
    see you soon

    moon

  10. #129


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالكِ؟
    أتمنى أن تكونِ بألف خير

    أعجبتني النهاية كثيراً وكيف حدث اللقاء بين فيليب وصوفي على الأقل لم تحتج لشرح الكثير وإجباره لسماع تفاصيل ما حدث والاعتراف بحبها له
    أحب هذه الرواية لأنها لا تجبرنا على الشعور باليأس ثم الأمل وكل ذلك .. كالدرامات الكورية حين يفترقان ويعودان ويفترقان << دوامة أبدية تضجر!

    كدت أصرخ من الاندماج حين وجدت الخاتم في جيب معطفه وصحكت كثيراً حين ارتبك منتظراً إجابتها.. وجيد أن الخالة عادت لوالدتها أخيراً وسمحت لنفسها بلقائها..

    ضحكت كثيراً على أليكسا وجورج.. حسناً.. لقد كان مخطئاً بالظهور أمام صديقاتها بذلك المظهر... أعني حتى لو كانت لا تهتم هي بمظهرها كثيراً وشخصيتها مختلفة.. لا بد أن يظهر بأفضل ما لديه ولكان ذلك أفضل لُيحرج ذلك المزعج..

    لا بأس فمهما تكتبين سنظل بانتظارك وقراءة ابداعك

    أتعلمين.. كلما أقرأ جزءاً أتخيل نفسي جالسة على كرسي مريح في شرفة واسعة أمام الحاسوب المحمول وأشرب كوباً من القهوة وأمامي منظر بهي لبحر صافي وجو دافئ مريح.. إنها الحقيقة.. لا أجاملكِ :سعادة٢:

    لللأسف عقلي متوقف عن التفكير بسبب دوامة الكسل لذلك لا أجد ما أكتبه dead

    في أمان الله ورعايته وحفظه



    attachment attachment
    سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
    | قناعٌ قابلٌ للكسر |

  11. #130
    وااااه الفصل الأخير cry
    مبروووك منكسرة الإيقاع والفرح cry بجد اتمنيتها تطول بس حلو إني أشهد اكتمالها asian
    مبااااارك بسعادة خلاص laugh

    احم هذا كله حجز laugh
    بس أفضى أجي أفكه، بس ما أوعدك اليوم cry

  12. #131
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالك مون؟ أرجو أنك بخير حال
    آسفة بشدة على التأخير الفضيع بس انشغلت بالكثيييير مؤخرًا


    بحق، بحق، كانت رحلة ممتعة تمنيت لو تطول، لكنني لست حزينة على انتهائها، لربما لو طالت لضاع رونقها في الشد والجزر المخل بالحبكة، لكنك ما شاء الله، أحكمت كل شيء، وأمتعتني جدًا، فشكرُا جزيلًا عميقًا بعمق embarrassed > مشيلي إياها laugh

    تعليقي هذه المرة سينقسم إلى قسمين، الأول على الفصل خاصة، والآخر على الرواية عامة، ولنبدأ بالتعليق على الفصل.

    لشد ما أحببت هذا الفصل، فعلى الرغم من أنه حمل النهاية السعيدة لأبطالنا، إلا أنه حملها بواقعية جذابة، فمازالت ألكسا على طبعها الحاد، وما زالت الشجارات الزوجية قائمة، ومازالت العلاقات البشرية متذبذبة بين القرب والبعد، لم أر الصلح المبارك بين الأم والجدة، لكنك تطرقت لبدايته، مع تعليق الأمر وما سيحدث للجدة والخالة. أحب أنك لم تحيدي عن الواقع، لكنك أوصلتها بسلام، الله يبارك فيك وفي قلمك وفي مخيلتك مون. فبحق أسرتني جدًا

    أضحكني جورج بدا كطفل بالغ، في شعره الأشعث وملابسه البالية مع نظرته الحارقة في مخيلتي، بدا طفلًا ظريف، مسكينة ألكسا ومحظوظة به laugh، بالمقابل ابتسمت لتفهم فليب، الحمد لله إن ما صغر عقله وقلبها جد، والحمد لله إنه فهمها بلطف، كانت نهاية رائعة، أحس ما رح تصدقيني من كثر ما مدحت بس بجد استمتعت هذه الدرجة ما شاء الله.


    وتعليقًا على الرواية:

    يا ستي، تعرفي الدراما اللي تعطيك أمل، وتخفف عليك، وتمتعك وتخرجك بعبرة لطيفة ذكية، لقيتها هنا. لو رجعنا للقصة فهي قصة أختين، حب وعائلة، بالتالي أنت ما خرجت عن المألوف بالعكس أنت أستخدمت مواضيع مستهلكة من جانب جديد بالكلية، وهو جانب الأخوات، بشخصيات واقعية،جذابة وفريدة، وهذا إذا دل، دل على ذكائك وتمكنك ككاتبة، أنبهك إن هذه النقطة أبدًا أبدًا مو عيب بالعكس ميزة فريدة ما شاء الله، وهذا الشيء اللي يخليني أقرر وأنا مغمضة أحجز مقعدي من الحين في الرواية الجديدة، خيال أو واقع، فأنت صاحبة قلم يستحق الانتظار والتحية embarrassed

    للأسف بعد كل المناقشات حول الشخصيات، منا لاقية حاجة أعلق بيها جديد، غير إني انبسطت إن خلفية جورج ما كانت الدراما اللي في راسي laugh

    أما أدبيًا، بجد ما عندي ملاحظات لأنك محكمة كل حاجة ما شاء الله الله يبارك فيك وفي قدرتك، أو إن نقد روايتك حاجة فوق علمي فاعذريني على خلو الوفاض، الشيء الوحيد اللي هنبهك عليه الأخطاء الإملائية، وقدني أسهبت في البداية فيه.


    شكرًا جزيلًا على كتابتك الراقية، وعلى اللحظات الجميلة اللي عشتها وأنا أقرأ
    انتظر روايتك الجديدة بفارغ الصبر وإلى ذلك الحين انتبهي لنفسك وكوني بخير
    في أمان الله



  13. #132
    بما أن قوانين المنتدى تغيرت وصار من الممكن الرد على المواضيع القديمة smoker :

    قبل دقائق انتهيت من قراءة هذه القصة الرائعة والرائقة.
    وبالمناسبة.. إنها القراءة الثانية!

    لا أذكر متى كانت القراءة الأولى بالضبط، ولكني أتذكر انسجامي مع الأحداث خاصة أني قرأتها بعد اكتمالها، وأذكر كيف أنني منذ ذلك الوقت وأنا أفكر بشكل مستمر بأن علي إعادة قراءتها من جديد (وأنا من النوع الذي يكرر قراءة ما يحب)

    إنني شاكرة جدا على الوقت اللطيف الذي قضيته في الأيام القليلة السابقة بين أحضان هذه القصة ولطفلها الشديد، ولكم فوجئت بالعمق في الشخصيات الذي لا أذكر أنني لاحظته في المرة الأولى، وأظن بأن سبب انتباهي يعود لتطفلي على ردود الأعضاء وتعليقات الكاتبة حول الشخصيات والأحداث!
    استمتعت بقراءة ما كتبوه وزاد فهمي للشخصيات embarrassed


    moon child
    أثبت في هذه القصة وفِي روايتك الأخرى "أمواج متمردة" أنك دقيقة جدا وتعرفين ما الذي تتحدثين حين تصفين مكانا أو نظام عمل محدد! ما شاء الله؛ سلمت أناملك!
    ويفاجؤني بأن شخصيات قصة لطيفة كهذه لم تفلت منك بل بُنيت بمهارة في داخلك قبل أن تطلقيها لنا!

    أتمنى حقا لو تضعين لنا شقيقتَي هذه الرواية كي نستمتع مجددا بمثل هذه الرقة والهدوء embarrassed

    ختاما: في حفظ الله
    وأرجو أن تحققي حلمك ذات يوم بطباعة كتاب من تأليفك
    و.. أنا موجودة إذا احتجت محررة لنصوصك؛ لكن كم ستعطينني؟! laugh

    نلتقي مجددا في قصة أخرى إن شاء الله
    اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد

    sigpic348259_3

    أسباب في غاية القصر والبساطة للكتابة للمؤلف أحمد مشرف:
    https://drive.google.com/file/d/0B-LfJc_YRsHobjVQcTh1UHl3dkE/view

  14. #133
    لأول مرة أرى هذا الموضوع
    يبدوا مشوقاً بما أنكِ الكاتبة ^^
    حجز ..
    على الهامش :
    إذا كنتِ بهذا الإبداع وتتحدثين هكذا عن نفسكِ ، فماذا أقول أنا عن نفسي
    مازال المشوار أمامي طوييييل للغاية
    اخر تعديل كان بواسطة » بقلمي اصنع عالمي في يوم » 06-02-2021 عند الساعة » 21:14
    p_1930oq4i91

    بإختصـــار
    رأتها جالسة على كرسي في الحديقة العامة ، تكتب قصتها ، سألتها بلطفٍ :
    - ما الذي تكتبينه ؟
    رفعت الآنسة قلم رأسها إليها ، لتجيبها بنبرة باردة غير مبالية :
    - كل شيء تكرهينه !!
    كتابة وتأليف / الآنسة قلم


الصفحة رقم 7 من 7 البدايةالبداية ... 567

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter