تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال
الحمدُ لله الذي أتمّ النعمة علينا ، وأكرمنا بصيام رمضان ،
نسأل الله أن يغفرَ لنا تقصيرنا فيه ، ويتقبّله منّا القَبولَ الحسن.
شاء اللهُ أن نلتزمَ البيوتَ هذا العام أكثرَ من قبل ، حتى بتنا لا نخرجُ إلّا للحاجات القصوى
ولضروريّات الحياة ، ولعلّنا خلال هذا الوقت أو ما يسمّى [ جائحة كورونا ] رتّبنا أولويّاتنا
وغيّرنا جداولنا ووصلنا لمرحلة الاكتفاء ، وربّما كثيرًا من الأفكارِ قد تبدّلت أيضًا .
لا أخفيكم سرًّا أننا قد افتقدنا في رمضان هذا العام الصلاة في المساجد ، ولسنا نحن النساء
بالمداومين على الصلاة فيها اللهمّ في رمضان للتراويح والقيام ورحلات العمرة والحج،
وإلّا فصلاتنا في بيتنا أفضل.
وأقول، وهذا شعوري الصغير البسيط ... الذي ليس كشعور أي رجلٍ آخرَ قد كان المسجدُ بيته الثاني،
وملاذهُ الآمن، وسكنه الدائم ، وراحتهُ الأبديّة ، ولقاءَهُ بإخوانه وأحبابهِ هناك متواصل !
ليس شعورنا مثل شعورهِ أبدًا.. فالخطبُ عنده أعظمُ وأجلُّ.
ولن أنسى هذا الأمرَ ما حييت فقد ذكرتُ هذه اللحظة في تغريدةٍ في تويتر،
عن إمام مسجد الحيّ الذي نسكنه ، عشرونَ سنةً وأنا أسمع صوته يصدح في الأرجاء- نادرًا ما يتنحّى
عن المئذنة- يبكي وتخنقه العبرات وهو يردّد ( صلّوا في بيوتكم .. صلّوا في بيوتكم ) .
كم تردّد في الكتبِ قصص الأوّلين معَ الطواعينِ وأمثالها من الأمراض ، وما حدث مع المسلمينَ فيها،
والله ما خطرَ ببالي أن نعيشَ نحنُ مثل تلك الأيّام في هذا الزمان مع فارقٍ كثير من توفّر سبل الراحة في حقبتنا
ولله الحمدُ من قبلُ ومن بعدُ، وكثيرًا ما ذكّرتُ أهلي والنّاس من حولي أنَّ الله يرحمنا والله يرحمنا!
إنّه اللطيف الخبير، اللهُ الذي يسدُّ بابًا بحكمتهِ ورحمتهِ ، ويفتحُ بابينِ بحكمته ورحمته!
الذي خلقني فهو يهدينِ .. يهدينا بإذنِهِ إلى الخيرِ حيثما كان ، ويرشدنا - إن شاء الله- إلى العيشة الهنيّة في الدنيا والآخرة.
وطبعًا سارعَ النّاس في نشرِ عبارات الطردِ من المساجد.. ماذا فعلنا كي يطردنا الله من بيته ؟
وتصوير قبلة المسلمين وصحن المطاف خاليًا ووضع أبيات حزينة في هجرِ الكعبة،
فيؤذون قلوبهم وقلوب المؤمنين ، ولازالت الصلاةُ في الحرمين تقام بفضل الله!
جزى الله خيرًا هيئة شؤون الحرمين إذ غيّرت من وضعيّات الكاميرا
وعدم تركيزها كثيرًا على المطاف من أجل مشاعر المسلمين ..
وعلى الرغمِ من هذا فإنَّ الله أباحَ لنا الرُّخَصَ وهذا من رحمتهِ-تعالى-، فيُصرُّ بعض النّاس على جعلها نقمة وعقاب!
وأنقل تغريدة للدكتور نايف العجمي قال فيها:
" لماذا يُصرُّ البعضُ على التفسير الانتقامي لتعطّل المساجد، وكأنَّ الله قد غضب علينا، فطردنا منهــا!
لماذا يشوّه صورة الرخصة بترك الجمعة، ويفسّرها بالطردِ من رحمة الله؟!
لماذا يستمر على المشهد الرثائي والبكائي عند كل مناسبة يُذكر فيها المسجد؟
الرخصة ليست عقوبة، والجائحة ليست انتقامًا "
المؤمن مأمور بالصبر وعدم الجزع والقنوط ..
وعلى ذكرِ هذه الثلاث ، تذكّرت قصّة يعقوب- عليه السلام- الذي لو كان أحدُ آخر في مكانه ما ثبتَ مثل هذا الثبات!
غابَ عنه أحبُّ أبناءهِ والسبب أبناؤه الآخرون !
وبعدَ سنين طويلة جدًا أُخِذَ الابن الآخر ( أخُ يوسف ) من إخوته ، وابيضت عيناه من الحزن،
والتزمَ الشكوى فلم يشكو إلّا لله ، ومن امتحانٍ لآخر ومع ذلك يقول لبنيهِ:
" يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ * إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"
فاليأس والقنوط من رحمة الله من صفات القومِ الكافرين ، والمؤمن قويّ لا ييأس من رحمة الله بل يحسن الظنّ بربّه.
ولا ننسى أنّ المحن تُبطِنُ المنح ، و الأمر قد يبدو ظاهرهُ شرُّ لكن تغيب عنّا مواطن الخيرة فيه ولا تظهر
عندنا بسرعة ولا يصلُ إليها النّاس حالًا .... ولا يغيبُ عن [ المُدبِّر ] علاّم الغيوب أيُّ من ذلك.
وانتقلت كل هذه الأفكار من بداية كورونا عبورًا برمضان حتى يومنا هذا ليلة العيد ،
يقولون كيف نفرح؟ لن نحتفل بالعيد ! كيف نعيّد واحنا بهذا الوضع ؟
طيّب وما يمنَعًكَ أن تفرح؟
وأنت آمن في بيتك،
عندكَ قوتُ يومك و معافىً ..
ذكرَ د.محمد بن غالب العُمري في تويتر:
" فرحةُ العيد تتناسب مع الاستعداد له، والفرح بتمام الصيام، وبلوغ الشهر،
ولا تتناسب مع عبارات الحزن والعويل على فوات رمضان .... "
وذكرت الأستاذة لولوة المطيري كلماتٍ جميلة معبرة في تويتر أيضًا تقول:
" شرّعوا أرواحكم لاستقبال بهجة العيد ففيه تُعظَّمُ الشعائر، استمطروا المسرّات بضحكات الأطفال،
وبمساندة المحتاجين وحبّ المساكين ، ورغم الظروف التي باعدتكم عن أرحامكم أفشوا التهاني وتلقّوها
في هواتفكم ، وجمّلوا بيوتكم بالمودّة والأمان... "
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في فتح الباري [ 8/420] :
( وهذا التزيّن في العيد يستوي فيه الخارج إلى الصلاة والجالس في بيته، حتى النساء والأطفال )
فتزيّن للعيد حتى ولو لم تخرج للمصلّى
جاء في تغريدة للشيخ الدكتور محمّد ضاوي العصيمي:
" لئن مُنِعتَ من الصلاةِ في المصلّى وزيارة الأرحام والأصحاب ظِلَّ هذا الحظر، فلن تمنعَ من إظهار
مظاهر العيد بما تستطيع ، المهم أن لا تجعل هذا اليوم يومًا عاديًّا كسائر أيّام السنة فهو عيد أهل الإسلام،
وإظهاره من تعظيم شعائر الله ، ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب. "
قبلَ الختام،
أشكرُ كل شخص قد نشرَ مطبوعاتٍ للعيد في وسائل التواصل ، وملصقات ملوّنة للأطفال،
ويعرض الأفكار لإحياءِ هذه الشعيرة حتى في ظلّ جائحة كورونا، جزاهم الله خيرًا .
مخرج ~
- لم أبتَع ثوبًا جديدًا للعيد هذا العام، لا لي ولا لابنتي ، وكذلك أهلي ،
لكن الحمدلله هنالك الكثير من الثياب الجميلة الأخرى التي تحلّ محلّ هذا الأمر البسيط،
ما يمنعني أن أرتديه مرّة واثنتان وثلاث ما دامت نيّتي عيدًا ..
- والحمدُ لله على نعمة الهواتف اليوم ، اتّصال صوت وصورة ..
اتفقنا أنا والعائلة أن نتزاورَ هاتفيًّا عبر مكالمة فيديو لتبادل التهاني ونحنُ في أبهى حلّة إن شاء الله ..
- أعدّت أختي سلّة مغلّفة بأكياس حلويّات للأطفال لتوزيعها على الأطفال وأهل البيت..
ومشاركتي ستكون بإعداد وصفة خبز للفطور أحبّوها في رمضان ، أدعوا لي تضبط xD
عيدكم مبارك أيّها الأحبّة ،
وكل عام وأنتم بخير
ليلةُ عيد 1441 هــ
المفضلات