6- " اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* "
بيّن سرعة الأنبياء-عليهم السلام- في التسليم والقبول لأمر الله-تعالى-؟
ولمّا علِمَ موسى ذلك، لم يبادر بالمراجعة في الخوف من ظلم فرعون، بل تلقّى الأمر،
وسأل الله الإعانة عليه، بما يؤول إل رباطة جأشِهِ، وخل الأسباب التي تعينه على تبليغه،
وإعطائهِ فصاحةَ القول، لإسراع بالإقناع بالحجّة.
7- "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى"
في الآية حثٌّ للدعاة أن يدعوا الله أن يزيل الهموم الثقيلة عنهم قبل مباشرة الدعوة، وضِّح ذلك.
أي: وسِّعه وأفسِحه لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري؛
فإن الصدر إذا ضاق لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.
8- "وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى يَفْقَهُوا قَوْلِى"
في الآية بيانٌ لأدب من آداب دعاء الأنبياء لربهم في حاجاتهم الدنيوية، فما هو؟
وذلك لما كان أصابه من اللثغ حين عرض عليه التمرة والجمرة فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه،
وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل بحيثيزول العِيُّ، ويحصل لهم فهم ما يريد منه، وهو قدر الحاجة،
ولو سأل الجميع لزال، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة.
9- "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" من الذي يضع للعبد المحبة في قلوب الخلق؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أحبه الله، وحببه إلى خلقه»،
وقال ابن زيد: «جعلت من رآك أحبك، حتى أحبك فرعون، فسلمت من شره،وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك».
10 - " وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى " كيف تدل الآية على فضل موسى عليه السلام؟
إذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ،
يبذل غاية جهده، ويسعى نهاية ما يمكنهفي إيصاله لذلك، فما ظنك بصنائع الرب القادر الكريم،
وما تحسبه يفعل بمن أراده لنفسه، واصطفاه من خلقه؟!
11- " اذهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـآياتِى وَلَا تَنِيَا فِى ذِكْرِى" ما الفوائد التي يجنيها الداعية من ذكر الله؟
يقول: ولا تضعفا في أن تذكراني فيما أمرتكما ونهيتكما فإن ذكركما إياي يقوي عزائمكما، ويثبت أقدامكما
لأنكما إذا ذكرتماني ذكرتمامنِّي عليكما نعما جمة، ومننا لا تحصى كثرة.
12- " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"
اذكر مظهراً من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده من هذه الآية.
قال يحيى بن معاذ في هذه الآية: «هذا رفقك بمن يقول: أنا الإله، فكيف رفقك بمن يقول: أنت الإله؟!».
13- " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى " ما المقصود بالحكمة في دعوة الناس؟
إذ المقصود من دعوة الرسل حصول الاهتداء، لا إظهار العظمة وغلظة القول بدون جدوى،
فإذا لم ينفع اللين مع المدعوّ، وأعرض واستكبر؛جاز في موعظته الإغلاظ معه.
14- " قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى" لماذا لم يقل فرعون: فمن ربي، وإنما قال: (فمن ربكما) ؟
وأعرض عن أن يقول: فمن ربي؟ إلى قوله: (فمن ربكما) إعراضاً عن الاعتراف بالمربوبية ولو بحكاية قولهما
لئلا يقع ذلك في سمع أتباعه وقومه، فيحسبوا أنه متردد في معرفة ربّه، أو أنه اعترف بأنّ له ربّاً.
15- "الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْواجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى"
على الداعية المؤثر أن يكون مقنعاً في حجته، كيف تستفيد ذلك من حوار موسى مع فرعون؟
(الذي جعل لكم الأرض مهداً) أي: فراشاً، وانظر كيف وصف موسى ربه تعالى بأوصاف لا يمكن فرعون أن يتصف بها لا على وجه الحقيقة،
ولا على وجه المجاز، ولو قال له: هو القادر، أو الرازق، وشبه ذلك؛ لأمكن فرعون أن يغالطه، ويدعي ذلك لنفسه.
16- " قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى"
لماذا اختار فرعون أن يتهم موسى بأنه جاء لإخراج فرعون وقومه من أرضهم؟
زعم أن هذه الآيات التي أراه إياها موسى سحر وتمويه المقصود منها إخراجهم من أرضهم والاستيلاء عليها
ليكون كلامه مؤثراً في قلوبقومه؛ فإن الطباع تميل إلى أوطانها، ويصعب الخروج منها ومفارقتها.
17- " قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى "
ما السر في اختيار موسى- عليه السلام- لمواعدة بني إسرائيل يوم عيد واجتماع عام؟
وإنما واعدهم ذلك اليوم ليكون علو كلمة الله، وظهور دينه، وكبت الكافر، وزهوق الباطل على رءوس الأشهاد،
وفي المجمع الغاص؛ لتقوى رغبةمن رغب في الحق، ويكل حد المبطلين وأشياعهم،
ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر، ويشيع في جمع أهل الوبر والمدر.
المفضلات