يظنُ البعضُ أني في ضياعٍ
وأني قد أضيعُ من أعولُ

ولا يدرون أن الظرفَ قاسٍ
كداءٍ لا يميت ولا يزولُ

ومن في الناس إن ناديت صاحٍ
يحس يحن يفهم ما تقولُ

كذا الشكوى لغير الله ذلٌ
لها وجعٌ يكابدهُ العليلُ

فإما شامتٌ بك أو عذولٌ
سخي النصح يسرد بل يطيلُ

بليغٌ في الحديث جواد قولٍ
وعند المال افاكٌ بخيلُ

وإما مشفقٌ بك من بعيدٍ
بما أرداك يدفعه الفظولُ

وشكوى الناس عيبٌ فيه ذلٌ
وما أنا بالضعيفِ ولا الذلولُ

إذا ما الدهر أبكاني زماناً
وخاصمني المقرب والخليلُ

وعاتبني الحبيب وزاد هجري
وطال البعدُ وانقطعْ السبيلُ

وظنَ بي الأحبة سوءَ ظنٍ
وأهل القال في قالن وقيلُ

فلا والله ما بلغوا مراداً
فمثلي لا يطأطئ أويميلُ

أنا نقمٌ أنا عيبان طودٌ
تزعزعه الزلازل لا يحول

نشأت بأرض صحراءٍ وعزٍ
ومن أهل البلاغة والعقول

ومن آل بن حربة نعم قومي
كذا يأتي من الأصلِ الأصيلُ

تفرق شملنا في كل أرضٍ
وباعد بيننا الخطب المهولُ

فوا أسفي على ما مس أرضي
وما أفنى بها الرجلُ الدخيلُ

وكنت إذا الزمان قسى بحالي
وجارت بي الليالي والفصولُ

لجأت لها فكان بها ملاذٌ
يطيب بهِ المفارقُ والعليلُ

وأيمُ الله أنك خير أرضٍ
حباه الله مجدها الرسولُ

لها في القلب حبٌ لا يضاها
بها الأحباب والزمن الجميلُ

وحضن دافئٌ وحبيب قلبٍ
وخلٌ منصفٌ وأخٌ نبيلُ

بلادُ اليمن والإيمان أمست
كوحلٍ فيه تقتل العجولُ
ّ
لتفني بعضها بقرون بعضٍ
فإما خانعٌ بكِ أو قتيلُ

فما عادت كما كانت أماناً
كواها الجدب أضعفها النحولُ

وليس لقاعدٍ فيها أمانٌ
وليس لراحلٍ عنها قبولُ


بقلم الشاعر/
أبو نزار أمين حربه