في كتابه (ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء) تمنى الناقد المصري البارز رجاء النقاش أن يمنح الشعراء العرب بعض الأهمية للتاريخ الذي يضم مواقف هي الشعر نفسه مُستشهدا بقدرة شاعر مثل اليوناني قسطنطين كفافي على أن يكتشف في التاريخ قصائد كانت تنتظر من يغوص خلف الحدث ليصل الى الجوهر الانساني.
وفي كتابه الجديد (ملكة تبحث عن عريس) يسلط النقاش أضواء على مواقف تاريخية في حياة نساء عربيات وأجنبيات تسبب بعضها في تحويل مجرى التاريخ في بلادها وفي العالم كله كما حدث مع الملكة ماري أنطوانيت التي قال انها تسببت في انطلاق الثورة الفرنسية من غرفة نومها.
والكتاب الذي صدر هذا الاسبوع في سلسلة (كتاب اليوم) عن دار أخبار اليوم بالقاهرة يقع في 224 صفحة متوسطة القطع ويضم 16 فصلا منها فصل عن زواج الملكة فيكتوريا (1819 - 1901) التي جلست على عرش بريطانيا 64 عاما ابتداء من عام 1837 وفصلا عن سميرة موسى عالمة الذرة المصرية التي قتلت عام 1952 في الولايات المتحدة الامريكية في ظروف غامضة.
وأشار النقاش الى أن الثورة الفرنسية التي انطلقت عام 1789 تعود جذورها الى عام 1766 عندما فكر لويس الخامس عشر ملك فرنسا في أمر زواج حفيده لويس السادس عشر الذي كان في سن الثانية عشرة واختار له أميرة تصغره بعام واحد هي ابنة امبراطورة النمسا ليضمن وقف الصراع بين البلدين متصورا أن الزواج السياسي سيجد حلولا لمشكلات عجزت عن حلها الجيوش.
وتم الزواج عام 1770 وشهدت الليلة الاولى للزواج مشكلة سببت قلقا لدى الأُسرتين بل عاصمتي البلدين اذ "فوجئت العروس الجميلة ماري أنطوانيت أن زوجها لويس السادس عشر يعاني من عجز واضح وفادح" لعيب عضوي استمر سبع سنوات الى أن تخلص منه الزوج عام 1777 بجراحة أعادته الى الحالة الطبيعية.
وقال النقاش ان صعود لويس السادس عشر الى عرش فرنسا عام 1775 بعد وفاة جده لويس الخامس عشر كان من الأسباب التي دفعته للتعجيل باجراء الجراحة حيث أصبحت القضية سياسية تخص وراثة العرش الفرنسي إذ لابد أن يكون للملك وريث من زوجته التي أصبحت ملكة.
وأشار الى ان الملوك والأمراء في أوروبا كانوا يسخرون في مجالسهم ورسائلهم من عجز الملك الذي لم يعُد سرا بل تحولت تلك المأساة الى "أغان شعبية انتشرت في كل مكان وأصبح الجميع يرددون هذه الاغاني التي تسخر من الملك والملكة وكانت كلها أغنيات رمزية ولكنها مفهومة للجميع... انقلبت هذه الاغاني الى أشعار فاحشة."
وقال ان فرنسا والنمسا ومعظم العواصم الاوروبية عاشت أزمة سياسية ناتجة عن أزمة في غرفة نوم الملكة إذ أدى عجز زوجها طوال سبع سنوات الى نتائج وصفها بالخطيرة والمأساوية منها أنه سقط تحت إرادة زوجته التي بحثت عن وسائل أخرى للتعويض عن عجز الزوج منها السهر ولعب القمار والبحث بجنون عن الجديد في الأزياء والجواهر كما امتد نفوذها الى إدارة شؤون البلاد دون أن تكون لديها الدراية أو الحكمة الكافية.
وأشار الى أنها ظلت صاحبة الكلمة في كل شيء حتى بعد أن أُجريت للملك جراحة وأصبح زوجا حقيقيا وأبا لأُسرة.
ونقل النقاش عن الكاتب ستيفان زفايج أنه قال في كتابه (ماري أنطوانيت) ان "تحطيم الهيبة الملكية في فرنسا لم يبدأ مع سقوط سجن الباستيل وانما بدأ بهذه القصة الزوجية في قصر فرساي."
المفضلات