بسم الله الرحمان الرحيم ..
أحييكم بتحية الإسلام .. فالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
الحمد لله رب العالمين .. باعث الأنبياء و الرسل بالحق المبين .. و الصلاة والسلام على نبينا محمد و آله وصحبه اجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، و إنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
أما بــــــــــــعد ..
أيها الإخوة و الأخوات لا زلنا وإياكم مع حلقات سلسلة السبيل إلى الجنة ، هذه الجنة التي كان السابقون يسارعون إليها مجاهدين النفس متحملين لأعباء الفانية ( الدنيا ) .. حتى كانوا من حزب الله و رسوله .. في أحد الأيام قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سارعوا إلى جنة عرضها السماوات و الأرض ، فقال عمير بن حمام رضي الله عنه : بخ بخ ، فقال له عليه الصلاة والسلام : ما حملك على قول بخ بخ ، قال : لا شيء يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها ، فقال : إنك من أهلها ".. فإذا بعمير يلقي بتمرات كانت بيده وهو يقول : إنها لحياة طويلة حتى آكل هذه التمرات ، فإذا به يحث الخطى و يدخل في غمار الحرب فقاتل حتى قتل .. "وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ " .. هذه الجنة التي ذهبت لأجلها الدماء و سالت ، وطارت فيها الرقاب و مالت عن الأجساد .. فهذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في معركة مؤتى حمل الراية حتى تكون راية الإسلام هي العليا بعد زيد بن حارثة رضي الله عنه الذي استشهد في نفس المعركة فمسك راية الإسلام بيده اليمنى فإذا بها تقطع ، فأخذها بيده اليسرى فقطعت هي الأخرى ، فسقط على الأرض ليحتضن الراية بعضديه رضي الله عنه والسهام تنهال لتتكسر على ظهره و صدره وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة رضي الله عنه .. و هو يقول :
يا حبذا الجنة و اقترابــــها ... طيبة بارد شــرابــها
و الروم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها
فإذا بروحه تفيض إلى بارئها .. قال عليه الصلاة والسلام : " رأيته يطير في الجنة بجناحين " .. هذه الجنة فما السبيل إليها ؟؟؟
من أهم الذرائع و الوسائل الموصلة إليها طلب العلم الشرعي .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة " .. فعلى العبد أن يتعلم أسماء الله و صفاته و معانيها .. و القرآن الكريم و تفسيره ، و السنة الصحيحة و معانيها .. أضف إلى ذلك الأحكام الشرعية للأفعال و العبادات و ما يترتب عند الإخلال بركن من أركانها .. هذا من العلم المحمود و المطلوب .. فالله جل وعلا جعل كل ما في الكون من حوت في البحر و طائر في السماء و نمل في جحر الأرض يستغفرون لمعلم الناس الخير ، قال عز وجل : " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" ..
من أعظم ما نشغل به أوقاتنا حين شغرها وفراغها أن نطلب العلم الشرعي ، أن نتعلم القرآن و تفسيره .. فمن الناس و يا آسفا من جاوز عشرات السنين و مع هذا لا يفهم القرآن و لم يتدبر في معناه مع أنه عربي لا يفهم حتى قصار الصور فإذا سألته عن أقصر سورة في القرآن لأجابك : إنها سورة الكوثر ، ولكنك حين تسأله عن معناها أو سبب نزولها لقال : ما أدري ؟؟ .. و هذه سورة الإخلاص كل المسلمين صغارا وكبارا يحفظونها ، ولكن من من الرجال والنساء يعلمون ما معني كلمة الصمد .. قليل من الناس .. قال جل وعلا : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَماءُ " .. فأهل العلم هم الذين يخشون ربهم حق الخشية ويقدرونه حق قدره ..
يقول العلامة الرازي في فضل العلم الشرعي :
نهـــــاية إقدام العقــــول عقـــال ... و أكثر سعي العالمين ضــــلال
و أرواحنا في وحشة من جسومنا ... و غايـــــــة دنيــــانا أذى ووبال
و لم نستفد من عمرنا طول بحثنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم قال : لقد تأملت الطرق الكلامية و المناهج الفلسفية ، فما وجدتها تشفي عليلا ، و لا تروي غليلا ، ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن ... ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ، فتجدهم حيارى مضطربين ، ليسوا على يقين من أمرهم ، وتجد من هداه الله الصراط المستقيم منشرح الصدر ، هادئ البال ) - انتهى –
المفضلات