الصفحة رقم 11 من 12 البدايةالبداية ... 9101112 الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 201 الى 220 من 237
  1. #201
    الى الغالية شارون فينارد !!

    الصراحة أنني لن أستطيع أن اخرس هناlaughlaugh..
    بشأن رد الأخت العزيزةŚummєя:
    خذي عامر كيفما تشائين.. لكن فارس!عليك أن تقاتليني أولاً للحصول عليهlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaughlaugh..
    فارس لي!
    ومن أراد القتال ..
    أقمنا عليه الحرب !!!
    ثم هزمناه..
    وبقيت أملاكنا .. لنا!!
    em_1f60e e30e



    .
    بِآلإستغفآرِ .. ♥
    ستسعدُون ، ستنَعمون , ستُرزقون من حيثَ لآ تعلمون
    [ أستغفرُ الله آلعظيمَ وأتوب إليه ]

    ♥ رابط روايتي على الواتباد ♥


  2. ...

  3. #202
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة Śummєя مشاهدة المشاركة
    الى الغالية شارون فينارد !!



    فارس لي!
    ومن أراد القتال ..
    أقمنا عليه الحرب !!!
    ثم هزمناه..
    وبقيت أملاكنا .. لنا!!
    em_1f60e e30e



    .
    laugh..بلاش حروب وقتال نحل الموضوع بطريقة سلميةlaughlaugh«أنظر من الذي طلب القتال أولاًlaughlaugh

  4. #203
    هيروكي تم الموافقة على النزالlaugh
    ..+أشعر بأن الأمور ستكون مختلفة في القصر وكأننا سنواجه تغيرات غير متوقعة عند الوصول لقصر أل بلكين؟!

  5. #204
    attachment
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لقد عدتُ هناااا embarrassed
    بما أنّه بقي الفصل التاسع فقط للرد عليه فقررت أن يكون الرد هنا في منزل الرواية e106
    مع أنّه سيكون مختلف عن الردود ال8 للفصول السابقة بشكل السكرينات..
    لكن ان شاء الله يعجبكِ هذا أيضًا embarrassed


    الفصل بدأ بمشهد صادم منذ البداااااااااااية!! بدون مقدمات أو شرح عما سيحصل e107
    نجد فارس ونور مباشرة محاطين برجال مسلحين مرة ثانية!!!!!!
    وكم خفت عليهما وأنا أقرأ .. هذه المرة لا يوجد مناد وليس عندهم اي دعم اضافي e411
    وجاءت في بالي الكثيييير من التوقعات السيئة وكدتُ اتوقف عن القراءة واتي لاستجواااااابك!!!!
    لاني لن احتمل اي سوء أخر قد يصيبهما !!! e413

    كانت انفاسي محبووووسة في حالة حماس ممزوج بالرعب والقلق وأنا أقرأ em_1f62b
    وكم اندهشت لذكاء فارس وهو يخرج من هذه المصيبة أيضًا..
    لكن لكن .. أنا أعرف ان كلامه عن نفسه لم يكن بهذه السهولة cry
    خاصة شخص مثله مليء بالكبرياء والشرف، مملوء بالحنق والغضب على ما حصل له
    أن يعترف بالحقيقة المجردة كما هي هو أشبه بعصر ليمونة وكيلو ملح على جرحه المتقرح بالأساس!! e403


    قبل فصل واحد كان يضن أن القوة عنده فقط، وأنه صاحب اليد العليا في هذا السفر! cheeky
    عندما أخبر نور أنه يستطيع سلبها حريتها بكل دناءة وحموضة!!!
    لكن تدور الدائرة بسرعة شديدة وتقف الأقدار في صف نور هذه المرة cheeky cheeky cheeky
    عندما يلتفت فارس ولا يجد إلا الاعتراف بحقيقته كي يتم انقاذهم من الوضع الصعب الذي هم فيه!! em_1f615
    وعلى الرغم من صعوبة الكلام على نفسه، وكسره لك الكبرياء الذي تحلى به طوااااال الرحلة
    لكنه مع هذا فعل!! وأنقذ الوضع!!!! وارتاحوا هو ونور في تلك القلعة قليلًا بسب حنكته وسرعة بديهته!!
    اااااه اتمنى حقًا أن يحضى فارس بالسلام، فهو يستحقه!! e411



    بعدها مشهد الحوار بينهم وبين قائد القلعة.. e106
    وآآآه لو تعلمين كم أحب الحوارات في روايتك، وكم أنا مفتونة بها!! e106e106e106
    أنا حرفيًا تتلبسني روح الكاتب عندها، وأقرأ السطور مرارًا وتكرارًا وأنا أحاول ارتشاف الطريقة ninja
    واركز قدر الأمكان حتى أستطيع كتابة اشياء مثيلة لها أو مقاربة على الأقل!!
    الحوار به توجس خفيف من ناحية نور، نوع من القلق الممزوج بالعنفوان من ناحية فارس..
    وحكمة وقوة من ناحية القائد الذي يجيب اجابات مختصرة انما شافية جدًا.



    يسعدني أن نور أرتاحت في القلعة، وتم أكرامها بما يليق بها :قلب:
    ثم يأتِ بعده المشهد المفضل في هذا الفصل embarrassed حوار نور وفارس الغريب جداااااااااااا
    في الحقيقة حوار مؤذي للسامع laugh
    أعني فارس كما ظننت تأذى بشدة مما فعل وتقرحت جروحه مرة أخرى، ونور انتبهت على هذا تمامًا
    وبدل أن يتقبل مواساتها وشكرهها، هو يعود للتهديد والوعيد بشكل مبطن! tired
    أعني اتفهم نفسيته بالطبع، لكن بالنسبة لي اتمنى لو يتوقف عن استخدام الكلمات الحامضة معها laugh
    وبغض النظر عن مجرى الحديث فقط كان ممتع جدًا قراءته واعادته أكثر من مرة embarrassed
    خاصة الشرط الأخير .. لم اتوقع هذا!! em_1f615
    وأخشى بشدة أن يزل لسان نور، أو أن تتحقق مخاوف فارس في منعه من الرحيل!!!!
    أعني أريد بالطبع له أن يتورط ويبقى laugh لكن اريد أن يكون خياره بطريقة ما :تفكير:



    مشهد ظهور الأميرة كان لطيف جدًا، وصفكِ له رائع ما شاء الله خاصة جمالها وتشبيهها بالقمر..
    والحوار بينهما كان يليق باميرة، تتكلم بدماثة وحكمة وشيء من شخصية قوية!!
    اشعر انها غامضة أيضًا، بعض تعبيراتها احتجت وقت لأفهمها ..
    نور تبدو لي رائعة وهي ترد على الأميرة بكل احترام وتفهم وتعطيها اجوبة مثاليييية!!

    ومن ثم مشهد خروجهم إلى السطح!!! يا الله !!!!
    ما هذا الوصف الجميييييييل كعيوووون تلمع لمعانًا مبهرااااااااااااااااا: e106e106e106e106
    كيفية وصف السهول والجبال والسماء والطيور المحلقة!!! اااااه اريد ان احتفظ بهذا الاقتباااااااس لدي :قلوووووب: e106


    لكن كل ذلك الجمال يبدأ بالفناء دائمًا عند ذكر الحرب!
    الحرب اللعينة مع مآسيها وضحاياها وكل ألامها .. تكون ردود فعل القراء مختلفة عليها e403
    لكن لا يشعر بهذه اللوعة والهم والتفكير الطويل المرهق إلا من عاش في قلبها وارتشف الكثير من اللحظات الصعبة فيها.. e403
    لذا فالحوار بينهما ذكرني بالكثير من الاحداث التي رأيتها وسمعت عنها.. خاصة الكلام عن الضحايا!!
    ومع أن الكلام أحتوى على اسماء لم افهمها حقيقة، لكن جو الرثاء وصلني بكل جوانبه وتفاصيله

    عسى ان يحل السلام على جميع بلاد المسلمين يارب...



    الاميرة تبدو وكأنها متحمسة لوجود نور جدا، لدرجة أنها ستريها كل اماكنها المفضلة في القلعة laugh
    هناك ذاك المشهد الغريب عن الحارس والشاب من القرية..
    أنا محتارة في هذه الحادثة للحق، وأعلم انكِ ككتابة لن تتعبي نفسك بكتابة مشهد كهذا من غير سبب ninja
    لذا هل هذا الشاب له دور في الاحداث لاحقًǿ أشعر أني احببته وأريد أن أعرف المزيد عنه..
    أم ظهوره كان ثانوي فقط لأبراز قوة شخصية الأميرة وحكمتها، وتعاملها المذهل مع الجنود والرعية بشكل عام..
    أم كان خطوة منكِ لأظهار التوتر في التحضير للمعارك؟! والكلام الرائع حول كيف يترك الشاب اهله وبلدته للمشاركة في الحرب..

    وهناك تلك النظرة الاخيرة!!! والاستدارة الغريبة من الاميرة.. في داخلي شك لكن لا استطيع البوح به cheeky
    لانه توقع غير معقول بالنسبة لي لذا فسأحتفظ به حتى يحين موعد كشفك انت عنه .. cheeky

    وجملة نور الاخيرة بدت لي ايضًا دليل .. وكلغز يجب أن احصل على حل له!!!!!
    *تحمسسسست جدًاااااااااااااااا* e106e106e106


    المشهد الأخير يبدو وكأنه يلخص أحداث الفصل بالكامل.. بل وربما أحداث الرواية بشكل عام منذ بدايتها..
    والكلام عن الدولة وأثر الانسان.. وكمية الحكمة بين السطور..
    أجد نفسي مرة اخرى اقف ذاهلة امام فلسفة الرواية والشخصيات وفلسفة الكاتبة نفسها
    وكم تبدو هذه السطور رائعة وتضيف هالة من الروحانية الابداعية للرواية!!
    وكم اغبط هذا الاسلوب الرهيب في التعبير .. ما شاء الله تبارك الله!!! e411e411e106
    لا اعتقد أن عندي اضافة على الكلام المكتوب فأنا اوافق تقريبًا عليه جميعًا.. بل يقتلني الحماس لأعرف كيف تأتين به!!


    رائعة أنت هيرو ككل تفاصيل وزوايا روايتك!! e411 :قلوووب:
    بل رائعة بكل خلجات وأسرار شخصياتكِ ورهابة الفكرة والاسلوب..
    أنا مأسورة بها تمامًا منذ بداية قراءتي لها.. بل ومنذ تكلمنا عنها للمرة الأولى ..
    ولن ابالغ ان قلت انها النموذج القدوة الذي اريد لضياء ان تصل له ذات يوم ان شاء الله!!



    اسعدكِ الرحمن غاليتي وادام عليكِ فضله وكرمه embarrassed
    اشعر بالفرح اني تمكنت من الوصول معكم الى هذا الفصل قبل نزول الفصول الجديدة e106e106
    وانتظرها بفاااااارغ الصبر ان شاء الله
    خاصة انها ستكون مشبعة وطويلة وتستحق كل هذا الشوق لقراءتها.. e405


    وعلى فكرة أشتقنا لبراء ايضا laugh مع أنه لا يوجد مناسبة لذكره في الرد
    لكن يعني ما معقولة اكتب رد كامل مكمل وما مذكور به اسمه laugh
    >> تسليك لبراء laugh
    بليز دونت كيل مي laugh

    يلا يلا خلاص بروح انا :المستحي:
    في أمان الله e418

















    اخر تعديل كان بواسطة » كاروجيتا السيان في يوم » 06-03-2021 عند الساعة » 20:47 السبب: إضافة وسام ^^

  6. #205
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة شارون فينارد مشاهدة المشاركة
    laugh..بلاش حروب وقتال نحل الموضوع بطريقة سلميةlaughlaugh«أنظر من الذي طلب القتال أولاًlaughlaugh
    هروب تكتيكي laughlaughlaugh

  7. #206
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    yrgMfBW







    attachment

    10

    خلف الظلال سمعت..
    فصرتُ متلهفة لرؤية عينيك وهما تحدّقان بشرودي
    والآن أيّها الصديق أخبريني ثمَ أخبرني عن وجودي
























    attachment


















    داي
    خان الحاضرة



    تقلّبت بتعب شديد تكمل نومها على جانبها الآخر ، ويديها المنهكتين تخفقان في التشبّث القويّ بلحافها ، وحينما استقرّت على جنبها الآخر انعكس عليها شعاع الشمس من زجاج مقابل

    لترتعش أهدابها ، وتتحرّك يدها الثقيلة ترفع اللحاف مغطيّة به وجهها ، وما كادت تكمل صنيعها حتى هتفت مصعوقة واللحاف يتطاير أمامها في الهواء

    " يا ويلي ! ! "

    قالت تلك الكلمة وهي تلف خمارها حول رأسها بعجلة وتدفع باب الغرفة بطيش وهلع ، وانطلقت تعبر السلالم وهي تنطق بعباراتها المتتابعة بأنفاس متسارعة حرجة وخطوات قدميها السريعتان تصدران جلبة وإيقاعا على الأرض الخشبية

    " لقد اتفقنا على التناوب في النوم .. "

    " عليّ أن أنام قليلا ثم أهبط إلى ردهة الخان حيث يحرس هناك ... "

    " وأنتظر عند غرفته في طرف الرجال ليأخذ هو قسطا من الراحة .."

    لتنتهي السلالم ، وتسرع في العدو عبر الأروقة نحو الردهة السفليّة الواسعة ، كان جسدها قد استعاد خفّته بطريقة ما لينتقل ذلك الثقل والإنهاك في قلبها الوجل

    تظنّها المرة الأولى في حياتها ، التي تعدو بسرعة فيها وترغب في الوصول إلى مرادها سريعا بينما هي لا ترغب في ذلك في الوقت ذاته !

    ولكنها وصلت ، لاهثة ، حرجة ، خجلة

    لتراه أمامها ، ينظر إليها حانقا ..بعينين حمراوين !

    امتقع وجهها وتضاعفت حمرته من فرط الخجل وحينها كان على شفتيها المبيضّتين من الحرج أن تنطق

    لتضغط بقوّة عليهما وتنفجر الأحرف منهما بحياء وأسف كبير

    " أعتذر ، أرجو أن تسامحني ..."

    وبينما كان الهواء يمر عبر شفتيها التي ما عادت تدرك ما يجب عليها قوله

    نطق فارس صارّا على أسنانه بنفاد صبر وهو يكاد يفرغ ما في معدته من فرط حاجته للنوم

    " سأغفو في تلك الغرفة ، إيّاك والابتعاد عنّي حتى لو طالت غفوتي أتفهمين ؟ ..تبقين هنا ! "

    لتومئ نور بذعر حقيقي ، وهي تحرّك بصرها تجاه باب الغرفة القريبة التي أشار عليها بيده ، لتظهر فهمها الجيد لما يقوله ، ولم تكن سوى لحظات حتى أبصرته نور يلج مترنّحا داخل تلك الغرفة ، لتغلق عينيها بارتياح مؤقت وظهرها يتكئ على جدار الردهة وأنظارها تعود مجددا نحو باب الغرفة التي ولج إليها وهي تهمس بشرود " حتّى إنّه لم يحكم إغلاقها ! " وفي تلك اللحظة ذاتها تدفّقت كلماته في ذهنها لتنفي برأسها وعينيها تبرقان بوميض محمرّ هادئ

    " لماذا لا أفهم ..لماذا أعجز على فهم الأمر كما يوضّحه هو ويخبر عنه مراراً ..."

    ولكن أفكارها تلك انقطعت بسبب ضحكة خافتة وشقيّة انطلقت من مكان ما ، لتقطّب حاجبيها بخفّة وقبل أن يميل وجهها باحثا عن مصدر الصوت وصلت إليها و بوضوح تلك الهمسات المشاكسة المتخللة بالضحك الخفيف

    " قال لها لا تبتعدي عنّي ..."

    " غاضب يعجز عن إخفاء حبّه .."

    لتدور عينيها من فظاعة ما تسمعه وتلتفت من فورها صوب أصوات تلك القرقرة المشاكسة

    فإذا بها تلمح طفلين يركضان نحو الرواق المؤدّي لمطبخ الخان ، لم تتمكّن من مقاومة فضولها بشأن هذين الطفلين سليطي اللسان !

    فاتجهت بخطوات خفيفة نحو ذاك الرواق خلفهما ، بينما كانت تحدّث نفسها بأنّها في حاجة إلى الطعام في جميع الأحوال





    e022





    نطقت المرأة النحيلة وهي تغرف بعضا من الحساء من قدر ضخم جدا " أظنّك لجأتِ للنوم فور وصولك هل نزلتِ في الخان عند الفجر ؟ "

    أومأت نور تجيبها بوداعة وفكرها منشغل بالوالج والخارج في ذلك المطبخ الفسيح

    " أجل وصلنا عند الفجر ولم نتوقف البارحة أبدا للمبيت "

    رفعت المرأة حاجبيها متفاعلة مع حديث نور ، ونطقت بتعاطف وهي تناولها صحن الحساء الممتلئ

    " أعاننا الله على ضراوة الأسفار .." ثم استأنفت حديثها وهي تناولها صحن آخر صغير وفارغ

    " قطع الخبز في ردهة الخان لم تنفد منذ الصباح "

    فنطقت نور بعفويّة تامّة " أهي طازجة يا سيّدتي ؟ "

    لتجيبها المرأة بحماسة " بالطبع ! نضجت في فرننا من يدي صاحبة الخان "

    كانت عينا المرأة قد اتجهت بشكل تلقائي نحو سيّدة أكثر امتلاءا منها ، وحينها أدركت نور أن تلك المرأة هي المقصودة في الحديث ، وما إن تحرّكت نور من مكانها مغادرة المطبخ مع صحن حسائها إذ بعينيها تتسّعان لسماع صوت نبرة مألوفة قبل وقت قريب ، لتلتفت سريعا وقد عاد فضولها السابق للتدّفق في ذهنها ، فإذا بها ترى طفل يتحدّث بتلك اللكنة المشاكسة الرنّانة مع تلك السيدة صاحبة الخان !

    كانت تلك السيدة تبدو في غاية الانشغال ، ولكنها التفتت للصغير وتحادثت معه بعفويّة ودودة ، تبادلا بضع كلمات وركض ذلك الطفل المشاغب سريعا ، بينما ظلّت تلك السيدة تضحك بخفّة وهي تنفي بوجهها

    هل ذينك المشاكسين أبناء ملّاك الخان ؟

    لم تتمكن نور من كبت فضولها الذي لم تجد له تفسيرا ، أتريد معرفة ذينك الطفلين لمعاقبتهما على ما تفوّها به أم ماذا ؟

    ولكنها اقتربت سريعا من تلك السيّدة قبل أن تنغمر في انشغالها من جديد

    " هل هو ابنك يا سيّدتي ؟ "

    كان وجه نور البشوش كفيلا بأن يتلقّى إجابة رحبَة ، وقد كان الأمر كذلك تماما

    حيث ضحكت السيدة وهي تنفض ذرات العجين في ثيابها ثم نطقت تجيبها بإسهاب

    "صارا كأولادي بعد وفاة والدتهم "

    وكانت نبرة الضحك قد تلاشت في أواخر عبارتها وأردفت بعبارة متأثّرة قليلا وهي تلتفت نحو استخراج إحدى الأواني الكبيرة

    " إنّهما يتيما الأبوين ..وغريبين ، لذلك يندمجان بسرعة مع الغرباء في الخان "

    قطّبت نور حاجبيها غير قادرة على سؤال المزيد وهي ترى السيدة تبتعد عنها بتلك الأواني وتنشغل في حديث مرتفع الصوت مع العاملين في المكان





    e022





    كانت لا تزال جالسة في الردهة الواسعة ، في ذات المكان الذي حذّرها فارس من مغادرته ، تسلّي نفسها بمتابعة الوافدين إلى الخان ، والمغادرين منه ، تنصت بعفوية بريئة إلى ما يدور حولهم من كلام وهم يغادرون ويلجون ، تتّكئ بخدّها على راحة يدها بينما ينطلق سيل أفكارها متأمّلا سرّ الحركة المتجددة في هذه المدينة الصغيرة !

    كان مناد قد قالها يوما ما في خضمّ حديثهم عن الطريق والمدن ، داي مدينة صغيرة لكنها كثيرة العامر ! وعليها القوافل صادرة واردة

    تنهّدت بخفوت شديد وحديث مناد يطلّ على ذهنها ، ما أحوال ذلك الدليل الصحراوي ؟ أيّ شيء يدفعه للاختفاء هكذا !

    " لقد رأيت نبل العم مناد مرارا ولا أظنّه أبداً يخون عمي إسحاق في أمانته .." نفت برأسها ضاغطة على شفتيها بحيرة ، ثمّ رفعت حاجبيها بتوسّل وهي تكمل حديثها الهامس مع نفسها " أرجو أن يكون خيرا وإلا يجب من سبيل لمعرفة أنباءه ! "

    " المعذرة .."

    انطلقت تلك الصيحة الطائشة لتعقبها النسمات إثر حركة الطفلين الراكضين ، لتتحرّك عينا نور حولها مستيقظة من شرودها ، فهمست لنفسها من جديد

    " ماذا حصل ! ...ألم ألحظ مرور الطفلين ؟ لمّ يعبرون من هنا ! "

    و في تلك اللحظة تراءت لذاكرتها تلك السيدة الودودة وهي تستخرج أواني كبيرة وتنطق بقولها

    " إنّهما يتيما الأبوين ..وغريبين ، لذلك يندمجان بسرعة مع الغرباء في الخان "

    لتقطّب نور من حاجبيها ، وتتحرّك من مكانها بسلاسة ومن دون تفكير ، متجّهة نحو الطرف الذي خرجا منه

    فاجأها النسيم المتوهّج بضياء الشمس وهي تجد نفسها بجوار جدار خارج من الخان ! حاولت أناملها التمسّك بالجدار الخشن وعينيها تراقبان عجلة الطفلين الراكضين

    " لماذا يخرجون من هذا المكان ؟ من الواضح أنّهم لا يريدون من .."

    لتنقطع تلك العبارة بتأوّه شديد منها ، و تُجبر بواسطة يدها التي تعرّضت للالتواء على الالتفات والانسحاب نحو الوراء

    " مُخطئ من يظنّك عاقلة ! " نطق بذلك حانقا وهو يدفعها ناحيته بقسوة ، في الوقت الذي أجابت فيه نور بين نبضات قلبها المرتعدة التي كما لو كانت حلّقت في الهواء من فرط قوّة سحبها السريعة

    " أتركه ..سينفصل معصمي عن يدي ! "

    رفع حاجبيه وقد اتسعت عينيه الخضراوين المعتمتين من الغضب

    " حقا ! وأنا سينفصل عقلي عن رأسي ! " أكمل جملته صارخا في وجهها بحدّة

    " أتحاولين الفرار ! بعد كل الــ ..." ليجد نفسه مضطرا على قطع حديثه المحتدّ ، بسبب ملامح التوسّل الغريبة التي حلّت على وجهها ...كانت نور لا تزال تضع إصبعها على شفتيها وتتحدّث بحرص وهمس

    " .. لأنّهم لا يريدون أن يراهم أحد ! "

    قطّب حاجبيه وقد بدا كأحمقا في نظر نفسه وهو يسألها بنفاد صبر ممزوج بالفضول والحيرة

    " من هم الذين لا يريدون أن يراهم أحد ! "

    أجابته بعينين لامعتين وملامح بدت جديّتها غير منطقية بالنسبة له

    " الأطفال ! "

    وما إن أشاح بعينيه التي عاد الغضب بالتدفّق في حدقتيهما ، حتى أسرعت نور بالسبق في الكلام مجددا

    " أريد أن أعرف ما يخبّئه الأطفال ولن أتراجع عن ذلك ! "

    " أذكر أنني أمرتك بالبقاء قرب الغرفة ! لا اللعب مع الصغار ! "

    نفضت ذراعها التي يحكم فارس قبضته على معصمها ونطقت بعناد وهي تضغط على أحرف كلمتها الأولى

    " طلبتَ منّي البقاء قربها وفعلت ذلك تماما ! ولكن الآن أريد ملاحقة هذين الطفلين ! "

    لينفض فارس ذراعها وهو يحرر معصمها من قبضته ناطقا بحنق وتهكم

    " فعلت ذلك تماما !! ... ومالذي تفعلينه هنا تلاحقين الصغار ! ألم أخبرك أننا سنغادر على الفور ! "

    لم تكن حريصة على ملاحقتهما حتّى هذا الحدّ ! ولكنها تفاجأت برغبة العناد القويّة تتأجج في داخلها وهي تصرّ على ذلك بشكل مطلق

    " لن أغادر قبل أن أكمل ما شرعتُ فيه ! يمكنك المغادرة إن أردت "

    نطقت بذلك والتفتت من فورها تكمل الطريق من ذلك الجدار ، بينما كانت أنفاسها تتسارع وضربات قلبها تتقارع في صدرها بسبب خوضها لهذه المواجهة الفارغة دون أن يكون في طرفها منطق ولا حكمة






    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 18-02-2021 عند الساعة » 07:21
    .

    و إذا يْنَفْعّك الله
    حاشا يضرّك إنسان

    e032


    my blog
    goodreads


  8. #207
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية


    حينما تتبعّت نور طريق الزقاق من طرف الجدار حيث اتجّه الطفلين المشاغبين قبلها ، وجدت الجدار متّصل بجدار آخر في نهاية الزقاق ، ليقابل ذلك الجدار كومة ما بدت كجدار رديء الصنع وعندما تقدّمت نحو الأمام تحادث نفسها بتساؤل عن سبب هذه الكومة التي جعلت من آخر الزقاق يبدو كحظيرة مغلقة ، كانت قد أغفلت إخفاء وقع خطواتها ، ليرتفع رأس ما خلف تلك الكومة تتبعه جلبة سريعة وعجولة وحينها أسرعت نور أيضا بالاقتراب مطلّة عليهما من ذاك الجدار القصيرة
    " لمَ تُخفيان كلّ شيء هكذا ! "
    لينظر لها أحد الطفلين بعينين متسعتين بدهشة وتعجّب من هتافها المتطفل بينما تكمل نور كلامها بإلحاح مصطنع " هل هو شيء لا يرضى عنه الكبار ! "
    لينطلق لسان ذلك الطفل صارخا وقد اشتدّ اتساع عينيه من الخوف هذه المرة
    " لا على الإطلاق "
    وقبل أن تجيب نور منتشية بنصرها وصل إليها صوت الطفل الآخر ، الذي كان أكثر حدّة ونعومة
    " لا حاجة للخوف يا فرناس ، فهذه الغريبة غاضبة من مشاكستنا لها هذا الصباح ولذلك هي ستحاول تعريضنا للعقاب .."
    التفت الطفل يكمل كلامه مثبّتا عينيه الوامضتين في عينيّ نور المذهولتين بثقة صوته الهادئ الغريب
    " .. هذا ما سيفكّر به الكبار في الخان يا أخي "
    لتقطّب نور حاجبيها مخفية ضحكها من موضعها في هذا النقاش مع طفل صغير
    " يبدو أنّك طفل ذكيّ جدا ! "
    رفع ذلك الطفل حاجبيه متباهيا ومع تلك الحركة تدلّت ضفيرة شقراء على كتفه !
    وبنظرة انتصار وتحدِّ كان قد أجاب
    " بل طفلة ! "
    لتتسع ابتسامة نور بحرص ، حتى لا يتسلل إليها مظهر وديع لا يتلاءم وفحوى الكلام
    " حسناً أيّتها الطفلة ، على أخيك أن يشكرك على تهدئته ! وأنا بدوري مدينة بشكر مقابل لك ! "
    رفعت الطفلة حاجبها بينما كان أخوها لا يزال ينظر بحذر وتربّص
    " تشكرينني لأنني أنقذتك من الخجل المريع حين لن يصدقك أحد ... صحيح ؟ "
    لتجيبها نور نافية برأسها وهي تحافظ على تلك الابتسامة التي تصطنع التحدّي
    " غير صحيح ، بل لأنّك ذكّرتني بمشاكسة هذا الصباح ! .."
    قالت نور جملتها تلك والتفتت تشير نحو فارس الذي كان متكئا على الجدار ، يحرّك ساقه بسخط ووجهه يتأجج من نفاد الصبر
    " ... وكنتما تتحدثّان عن هذا الفارس ! صحيح ؟ "
    و في تلك اللحظة تماما ، التي تسلل الخوف فيها إلى الطفلة المتباهية ، كان فارس قد التفت بوجهه الحانق نحوهما بسبب انتباهه للحديث
    ليتضاعف خوف الطفلين وتصفرّ وجوههما ارتعادا من وجه الفارس المحمرّ من الغضب وعينيه الحانقتين !
    تلاقت أعين الطفلين لثواني سريعة ، ليهتف الطفل بشفتين مرتعشتين
    " حسنا "
    ازداد اتساع عينيه الموجّهتين صوب نور " سنخبرك بما نخبّئه ! "
    كان اتساع عينيه جليّا ، لاحظ بصر نور جريان الماء في حوضهما ! لتتقطّب حاجبيها سريعا من الحيرة
    ولكن جوارحها انتفضت من جديد مع صراخ الطفلة الرنان في وجه أخيها
    " كيف تفعل ! وتحطّم كل ما انتظرناه !! "
    أجاب الصغير صائحا وقد تهاوت الدموع من عينيه كالأنهار " ما من سبيل آخر ! "
    غار قلب نور ملتويا في أحشائها ، وعادت عينا فارس الحمراوين تحدق ناحيتهما بشيء من الاهتمام !
    كان الصغير يستأنف كلامه بين شهقاته المترددة " قد تشي بنا الفتاة ! وإن لم نذهب اليوم فلا أعلم متى سيحصل الأمر ! "
    أطرقت الطفلة برأسها كما لو كانت تخفي الدموع المرتعشة في أطراف جفنيها " بل قد لا يحصل أبدا بعدها ! "
    " أرأيتِ يا فوز ! ثم تذكري ما كانت تقوله والدتنا بأنه ما من مشكلة إذا أخبرت سرك للغرباء ! "
    رشفت الطفلة لتخفف من وطأة دموعها وهي تجيب " نعم هذا صحيح ، ولأن والدتنا غريبة .."
    رفع الطفل حاجبيه ببراءة يكمل حديث أخته " فجميع أهل البلدة يعرفون أسرارها ...فهل كان ذلك سيئا لها ؟
    نفت الطفلة برأسها وقد ضاعفت من إغلاق عينيها التي كانت الدموع تتقاطر من بين أهدابها المتشابكة
    " لا ..لم يكن سيئا "
    وضع الطفل يده الصغيرة على كتف أخته هامسا " فوز ! "
    أومأت الطفلة برأسها وهي تمسح دموعها بظهر كفّها " تحدّث يا فرناس "
    ليتجه بصر الطفل تجاه نور ، ينظر لها بعينين تشعّان قوة وشجاعة وثقة ، في وجهها الذي أنهكته الحيرة الشديدة ، تقطّبت حاجبيها من جديد ، وعينيها تنظران للطفل بذهول ممزوج بشرود
    كان صوت الطفل مدويّا
    " السر هو ..أنا صائغ ! "
    وقبل أن تستوعب نور ما كان يعنيه الصغير ، انتفضت الطفلة تنظر لأخيها بغضب وتصحح جملته
    " بل نحن صاغة ! "
    همست نور بشرود كما لو كانت تحاول فهم ما سمعته
    " صاغة ؟ "
    أجاب الطفل بثقة بدت مضحكة نسبة لحجمه ومظهره
    " نعم نعم ، ولذلك يجب أن تفهمي .."
    تكمل الطفلة كلام أخيها " بأننا نقوم بأعمال الكبار ! "
    ارتفع حاجب نور تدريجيا مع استيعابها للأمر ، لتنطق باستنكار وقد احمرّ وجهها من الانفعال
    " أتحاولون الذهاب للعبث في المصهرة !!! "
    ليرتعدا كليهما من ملامحها وكلامها الصارم ، ويشرعا بسبب ذلك الوجل في البوح بأحاديثهما
    " كلا ..بل سنحقق وصيّة والدنا ! "
    قال الطفل جملته تلك وأخرج من جيبه قلادة مضحكة الصنع
    لتستأنف الفتاة محاولة إقناع نور، بعينين مرتعشتين وقلقتين
    " بعد أن غادر أبي إلى المشرق ولم يعد ! صنعت لنا أمي هذه .."
    أكمل الطفل " حتى لا ننسى العهد ! "
    نفت نور برأسها وهي تقترب نحوهما ببطء وبعينين حانيتين
    " يا أولاد .."
    جلست القرفصاء أمامهما وسحبت كفيهما نحوها بلطف
    " لا تسيئا فهم كلام والدتكما في غيابها ! ما من أم ترسل طفليها إلى المصهرة "
    لينفض الطفلين يديهما من كفّي نور بعنف ويصرخا في وقت واحد " كلا ! "
    بينما استرسلت صيحة الطفلة الباكية في وجه نور " لا تتحدثي عن شيء لا تعرفيه ! "
    تلألأت عينا نور بوجل ، وأسرعت تجيبهما بحاجبين مرتفعين بتوسّل
    " بالطبع تريد منكما الوفاء بعهدكما ..ولكن في وقت آخر ! حينما تكبران ! "
    " لقد صنعت لنا والدتي هذه حتى نبدأ مبكّرا "
    كانت القلادة تتدلى من قبضة يده القوية حينما نطق بذلك الصوت الهادئ العميق
    لتتسمّر عينا نور نحو ملامحه الهادئة وجريان دموعه الشفافة على وجنتيه
    كانت تهمس في داخلها بأنه لا يبدو لها طفلا عاديا !
    وبينما كانت نور غارقة في نظراتها الحائرة تلك تجاه الطفل ، لاحظت الطفلة انتباه نور للأمر بطريقة مختلفة
    لتستغل الأمر وتشرع في سرد حكايتهم ، بلهجة ثابتة وصوت حزين
    " كان عمي هو أفضل صائغ في الدنيا ! "
    حرّكت نور بصرها تجاه الطفلة ، التي استرسلت في حديثها بينما أضاءت الشمس عينيها البنيتين
    " ولكن حينما مات ، تعاهد أبي وأمي على أن نكون نحن مثله
    على أن نرثه .."
    ليكمل الطفل حديث أخته والدموع لا تزال ملتصقة على وجنتيه
    " و حتّى تكون صنعتنا جزء منا كما كان عمّي ..علينا أن نبدأ مبكرا كما بدأ هو "
    ثم ارتفعت حاجبيه بأسى " ولكن لا أحد في البلدة يمكنه أن يفهم هذا ! "
    لتكمل الطفلة بحاجبين متوسّلين " كم عانت أمنا في صنع هذه القلادة التي ترينها مضحكة بلا شك ! "
    سالت دمعة الطفلة وهي تنطق ببقية كلامها " ولكن عهدها لأبي كان أشد احتراقا في صدرها من نيران المعدن ! "
    في ذلك الوقت ، كانت نور ترمش بعينيها اللامعتين ، مانعة إياها من إذراف الدموع ، وتمدّ يديها من جديد تمسك بكفيّ الطفلين
    بصوت هشّ ونظرات دافئة كانت قد سألت " صاحبة الخان ..هل هي الشخص الوحيد الذي يرتبط معكم بالقرابة هنا في داي ؟ "
    نفى الطفلين برأسهما
    " كلا ..لا تربطنا قرابة بأحد في داي ، ولكنهم أهلنا "
    تكمل الطفلة كلام أخيها " فنحن لسنا غريبين عن داي كوالدينا ! "
    ليسترسلا الطفلين في الحديث بعد ذلك ، بالتناوب عن بعضهما
    " ولكن لا أحد هنا يعرف عمي كما عرفه أبواي !
    لذا فلا أحد يمكنه أن يفهم كم يجب أن نكون صاغة بارعين ! لا أحد ! "
    " ولذلك نحن نفعل ما بوسعنا لإقناع العم في المصهرة "
    كانت حيرة نور وأسفها يزدادان كلما ازداد كلام الطفلين ، لتهمس بخفوت للطفلين من جديد وهي تشدّ على كفيهما
    " ألم يعلم أحد من أقربائكم بوجودكم في داي دون أهلكما ؟ "
    حرّكت الطفلة كتفيها تجيب ببديهية " أهل داي هم أهلنا "
    ليكمل أخيها الكلام بإسهاب أكثر وعينيه البنيتين تبرقان في وجه نور
    " فليس لنا أقرباء ، بعد وفاة عمنا العزيز وزوجته ترك والدينا مكناس وجاءا إلى داي ، وهم الآن أهلنا ! "
    تقطبت حاجبي نور على الفور، إذا فهما مكناسيين ؟ من الشمال ؟ ، ولكنها سألت من جديد مدفوعة من حيرتها وفضولها الشديد حيالهما
    " وماذا عن أخوالكم يا صغيريّ ؟ ألم يحاول أحد من داي إرسال البريد لهما ؟ "
    حرّك الطفل كتفيه مجيبا " أمنا رومية ..إن كان لنا أخوال فسيكونون بعيدا جدا ! "
    ارتفعت حاجبي نور بتعاطف وقد ازداد ضغطها على كفيّهما بحنان " مع من نشأت والدتكم ! أليس .."
    " قالت أمي أنهم قد غادروا إلى القيروان بعد زفافها "
    تكمل الطفلة " ولكن أمي أرسلت بريدا تسأل عنهم قبل موتها ، ولكن لم يُعثر عنهم هناك ! "
    " لقد عثر الرسل فقط على جيران قدامى لهم ..يبدو أنهم غادروها منذ سنوات .."
    وقبل أن ينهي الطفل حديثه ، ارتعش صدره ليرتعد صوته بعد ذلك وتعود الدموع إلى التجمع في عينيه
    " لقد ..لقد أخبرناك بكلّ شيء ! "
    يرتشف بأنفه مكملا كلامه بتوسل " أسرارنا وأسرار أمي التي يعرفها الجميع "
    ليتداخل صوت ارتشاف آخر من ثقل الدموع ، وتنطق الفتاة بعينيها البنيتين الدامعتين
    " هيا ..لا تكوني قاسية معنا ! يجب ألا يوقفنا شيء عن هذا الطريق ! "
    "كما كان عمي هكذا فقط سنصير مثله "
    " لقد كان معدما صاغ المجوهرات ، أتعلمين ما معنى هذا ! "
    كانت قد سمحت للدمعات بالترقرق على وجنتيها بهدوء ، ابتسمت لهما بوادعة تجاريهما في حديثهما الهام
    " أَحَقّا ؟ "
    التمعت عينا الطفلين لسؤال نور ، فاستأنفا حديثهم بحيوية أكبر
    لتومئ الطفلة بحماسة تطايرت معها ضفيرتها الشقراء " نعم ! تماما كما نخبرك ! أخبرتنا أمي .."
    تلعثمت من عجلتها في الحديث وأخذت ترمش بعينيها بشكل مضحك لتعيد ترتيب كلامها وهي تحرّك رأسها مع كل كلمة من جملتها
    " أعني أن أبي أخبر أمي وأمي أخبرتنا .."
    ليكمل الطفل سريعا كلام أخته متحمسا للإخبار بالقصة " بأنه كان يجمع حطام الزجاج الملون من البيوت القديمة للأثرياء ! .."
    " ويقصّه ببراعة لتصير جوهرة في قلب الخواتم والأقراط ! "
    " لقد أخبرتنا بأنه كان سيصير أثرى الأثرياء ! ..ولكن .."
    التفتت الطفلة لأخيها تبتسم في وجهه كما لو كانت تطمئنه أو تذكره بشيء ما ، ثم عادت ببصرها تجاه نور قائلة " ولكننا من سنفعل وننقش اسمه الطيب في أجمل قصر ! "
    وحينها اختلط الأمر على نور ، كانت الدموع قد أثقلت أهدابها ولكنها ضحكت في وجه الصغيرين في الوقت ذاته ، كم كانت براءتهم مضحكة بشكل حزين ؟
    بعد ضحكتها تلك ، ازدادت دموعها ، حتى تسللت شهقة من صدرها الذي تأجج حزنا وبهجة بسبب الصغيرين
    كم كان ذلك غريبا !
    وفي تلك الأثناء كانت الطفلة قد هتفت بأخيها " فرناس " ومن ثم أومأت له
    ليومئ لها بدوره ويلتفت لإخراج شيء ما ، استدار الطفل ومن ثم عاد مقابلا لنور ، وفي يديه شيء ما
    هتفت الطفلة لنور ببشاشة " أنظري !"
    كانت نور تزيل الدموع عن أهدابها بحافة إصبعها وتركّز النظر على الصندوق الذي يحمله الصغير نحوها
    وضع الطفل الصندوق أمامها ثم قام بقلبه ، لتتسع عينا نور من جمال زخرفته المنقوشة ، ومن ثم تحركت عينيها تجاه الأسلاك النحاسية اللامعة التي وضعها الطفل بجانب الصندوق
    هتف الصغير " أنظري ..سنصنع قالبا نحاسيا ونجلبه للدنيا لأوّل مرة ! "
    وتوهّج وجه الفتاة الجميل باتسامة ساحرة وهي تنطق بجذل
    " قالت أمي : وهج نيران عملكم الأول سيكون نسيما على قلبي ! "

    وهنا شهقت نور باكية ، شهقت بقوة وغطّت وجهها بكفّيها المرتعشين ، تبادلا الطفلين النظرات فيما بينهما بارتباك وقلق ، لتتحرك يد الفتاة نحو نور ، ولكنها بتردد ظلت تتأرجح في الهواء ، بينما كان الطفل ينظر لأخته بعينين متسعتين آسفتين " ماذا فعلنا لها يا فوز ! "
    أومأت الطفلة نافية تجيب ببراءة " لا أجيب .. و ولكن .."
    ليأخذ الطفل نفسا ويحسم ما ترددت أخته في فعله ، يضع كفه على كتف نور الجالسة القرفصاء أمامهم
    وينحني برأسه نحو رأسها المحشور بين كفيها هامسا بارتباك
    " لمـ لماذا تبكين ؟ "
    حينها مسحت نور الدموع من على وجهها بكلتي يديها ، لتنظر بعد ذلك في وجه الصغيرين ، تبتسم لهما ، وأهدابها المبللة ترمي بقطراتها على وجنتيها في كل رمشة ترمشها
    " لأنني أحببت والدتكما كثيرا ، وتمنيت لو رأيتها يوما ما ! "
    شهق الصغيرين وهتفا في الوقت ذاته
    " إذا ..تعالي معنا إلى المصهرة لأجلها !! "
    انهالت الدموع مجددا من عيني نور وهي تبتسم لهما وتضحك في الوقت ذاته
    " بالطبع يا أجمل طفلين ! أنا قادمة معكما ! "


    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629

  9. #208
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية






    كان الطفلان يركضان أمامهما وفي كل مرة يلتفتان نحو نور وفارس يشيران لهما بأيديهما حتى لا يضلّان الطريق ، الطريق إلى المصهرة !
    ولكن ابتسامة نور كانت تقترب نحو التلاشي كلما ابتعدت خطوات الطفلين العجولين عنها ، ويظلّ فقط ذاك الظل الثقيل للفارس الساخر يحوم بقربها
    كان ينطق متهكما محركا ذقنه بنظرات ساخرة " ذكية ! "
    يرفع حاجبيه مكملا كلامه باللهجة ذاتها " أذكياء جدا سلالة ابن بلكين هذا "
    توقفت نور تغمض عينيها غير متمكنة من الاستمرار في تجاهل سخريته ، وحينها التفتت نحوه لتوجّه له كلامها بنظرات حادة نافدة الصبر ، ولكنه قبل أن تنطق ، استعجل في نطق جملته الثانية وهو يشير لها بإصبعه وحاجبيه لا يزالان مرتفعين بسخرية
    " ورحماء أيضا ! "
    أخذت نور نفسا جديدا قبل أن تفتح عينيها من جديد وتنطق بحدة " على الأقل لا تتحدث عن عائلتي ! "
    حرّك فارس رأسه بابتسامة مائلة مسترسلا بلكنته الساخرة في الحديث " صحيح أفهم سبب غضبك "
    أخذ نفسا بانتشاء وهو ينقل بصره نحو الطريق أمامه " ذكاؤك صار يذهلني مؤخرا ! "
    رفعت نور حاجبها لتلتفت نحوه بنصف وجهها هذه المرة " هلّا تكرّمت علينا وأخبرتني بسبب غضبي إذا ؟ دعنا نرى ذكائك الرفيع ! "
    " تعلمين كيف تحاول عائلتك التوفيق بين الأمرين بشكل مريع ! "
    تزداد حدةّ تقطيبة حاجبيها وتلتفت تنظر نحوه بكامل وجهها ، لتتسلل ابتسامة شامتة لا تكاد ترى من شفتيه وعينيه ويسرع في إكمال كلامه في اللحظة المناسبة
    " كيف تفكّر بذكاء حتى حينما يتعلّق الأمر بالشفقة ! "
    ضيّقت نور من عينيها بحدّة ، كان انقباض صدرها المؤذي لأنفاسها ثقيلا ، ثقيلا حتى استهانت بسلامتها وهي تنظر في عينيه وتنطق بحنق خافت " ألهذا الحد أنت ناقم على عائلتي لأنك وقعت أسيرا عندهم ! "
    كانت صدمتها أكبر ، وضربات قلبها قد تضاعفت في تقارعها وهي تسمع ترددات ضحكته الساخرة تنتشر في الأرجاء !
    لتنفي نور برأسها مستنكرة لما جرى بلا انتباه منها بينما يعيد فارس نظره نحوها وقد لمعت الدموع من فرط ضحكه في عينيه القاتمتين
    " ماذا ! أتظنين نفسك ستغضبينني بتلك الكلمات الرخيصة ! "
    نظراته الموجهة صوب عينيها ، أرسلت لها وميضا قاتما ، ارتعدت منه نور وانقبض منه قلبها ، وحينما كانت تتراجع خطوة للابتعاد ويدها تتحرك بشكل غير مقصود تجاه قلبها ، كان فارس قد أكمل كلامه بلكنة لا تقل ضراوة عن نظرات عينيه ذات الوميض المخيف
    " لست حانقا حتى على الشخص الذي أسرني ! أتعلمين لماذا ؟ "
    ليردف سؤاله بابتسامة مصطنعة مريعة ارتعدت لها أطراف نور
    " لأنني سأخرجه من باطن الأرض وأقتلع رأسه جزاءا على ذلك !! "
    كانت نور تبتلع من ريقها دونما أن تزيح عينيها الغامقتين المرتجفتين عنه ، وقد كان الأمر كما ظنّت ، فقد كان واضحا من شرارة عينيه واتقادها بأنه لم ينتهي من كلامه بعد !
    " لذلك عليك أن تكوني سعيدة جداً ، بأن الذي أسرني ليس فردا من عائلتك ! .."
    ليردف مجددا كلمته الأخيرة بغلظة ، غلظة ارتعدت لها مفاصل نور كما لم ترتعد من قبل !
    " أتسمعين !!! "
    لترمش عينا نور باضطراب وهي تبذل ما بوسعها حتى لا تترنّح أمامه من الثقل الذي أصاب دمائها الجارية في يديها وساقيها
    " وأيضا ، لا يجوز أن توصفي بالذكية حتى ولو كان ذلك لأجل السخرية منك ! "
    كان خاطرها يقول لها وافقيه فحسب ، إن كان يراكِ حمقاء فلتكوني كذلك ! ليفاجئها صوته كما لو كان حاضرا في حديث خاطرها
    " حمقاء بالفعل ! " ثمّ أشار برأسه نحو الطفلين الذين يركضان أمامهما ويتوقفان في كل مرة يتباطأ فيها سيرهما
    " هل كان صعب عليك أن تدركي أنهما من عائلة منكوبة ؟ "
    كانت نبرة صوته قد اعتدلت في حديثها ، ولم تعد في عينيه تلك الشرارة القاتمة التي تصيح قائلة سأهوي بسيفي على من يعترض حديثي !
    الشيء الذي سكن له إحساس نور ، وسمح لها بالانتباه لما يقوله
    " عائلة منكوبة ! "
    رددت جملته تلك بقلق و خوف دفين من حكاية قديمة تجهلها !
    " لمّ عليهم أن يكونوا كذلك ؟؟ "
    تساءلت بعينين وجلتين مستعدتين لرفض الحقيقة
    ليضيّق فارس من عينيه يجيبها وبريق عينيه يلاحق الطفلين الذين استأنفا الركض أمامهما
    " رجل مات هو وزوجته ، وبعد موتهما يفرّ أخيه إلى مكان بعيد ..إلى مدينة صغيرة ومكتظة وفي قلب جبل ! "
    يزيد من تقطيب حاجبيه مسترسلا في حديثه " ..ثمّ ذهب إلى المشرق ويختفي ! "
    ليلتفت نحوها بعد ذلك ويهتف قائلا " ألا يبدو هذا واضحا بالنسبة لك ! "
    اتسعت عينا نور وقد توقفت في مكانها " و أمهم كذلك لم ترسل للعائلة التي نشأت معها أي خبر ..إلا قبيل وفاتها ! "
    أومأ فارس وعينيه لا تزالان تحدقان بالصغيرين " تماما خوفا من الملاحقة ! أما عن والدهم .. "
    نظرت نور تجاه فارس تنتظر تخمينه عن الأمر كما لو كان شاهدا عن الحادثة
    "فقد قُتِل في محاولته للبحث عن مأوى آخر لعائلته ! "
    هنا تهاوت كلماته على قلبها كاللهيب ليتضاعف اتساع عينيها بشكل مريع ، كانت قد توقفت عن الحركة ، توقفت عن الحديث
    نفت نور برأسها هامسة لنفسها بذهول
    " إنّه محق تماما ! فالمرأة في الخان قالت بأنهما يتيما الأبوين ! " انتهت من حديثها الداخلي ذاك وعاد بصرها منتبها لما حوله ، فإذا بعينيها ترقبان قفا فارس أمامها ، لتضيّق عينيها وقلبها ينبض بوجل هامسة لنفسها من جديد " إنني أرافق قائدا آرغونياً ! "











    ما كل هذا الضجيج ؟
    ما كل هذا الوهج ؟
    دارت نور حول نفسها مدفوعة بفضول عينيها التي احتارت فيما ستراه ويقع بصرها عليه
    كانت تلك الأصوات حادّة وقويّة ، أصوات فؤوس ؟ صرير العربات ؟ صياح العاملين ! أزيز النيران ؟
    لتوقظها يد أحد الطفلين من دهشتها تلك بصوت كان عليه أن يكون عاليا جدا حتى يُسمع في هذا المكان
    " لا تقفي في مكان الأغرار ! مكاننا لا يزال أكثر بهجة ! "
    التفت وجه نور مصعوقا نحوهما " كلا ! المكان سيكون أكثر خطرا .."
    بعينين بريئتين نفت الطفلة بوجهها مجيبة نور " ليس لأننا نرغب في ذلك ! ولكن العم الذي يساعدنا .."
    يكمل الطفل كلام أخته " العم رئيس المصهرة ! .." ويشير بإصبعه إلى الأمام ، ليتجه بصر نور حيث أشار
    وتتسع حدقة عينيها حينما كان بصرها يتجاوز أكوام الخشب وأحزمة القصب ، ركام النحاس ، العاملين الذي يجرون العربات المليئة بقطعه اللامعة ، والأفران المتلاصقة التي تداعب النسمات لهيب نيرانها المتمايلة ! حتى أبصرته خلف كل ذلك ، رجل ضخم البنية ، قد تلوّنت بشرته بوهج النيران الحمراء ، يحمل كيرا ضخما ينفخه في قلب النيران ، كان يقف بجسده الضخم هناك ، خلف أكبر الأفران !
    لسبب ما ، كان خفيّا على نور نفسها في تلك اللحظة ، ما إن وقع بصرها على رئيس المصهرة ذاك ! الذي منح الأمل لذينك الطفلين بإعانتهم على تحقيق حلمهم الصغير ، حتى التفتت نحو فارس وصاحت نحوه بصوت مرتفع ليتمكن من سماعها
    " فارس ، نحن ذاهبون نحو آخر الأفران ! "
    كان فارس قد التفت مستمعا لجملتها ، ولكن ذهنه المنشغل بما كان فيه ، لم يسمح له بالإدلاء بأي اعتراض !
    فقد أومأ لها بما يعني أنه لاحق بهم ، ومن ثم عاد بصره نحو تلك العربات التي كانت قد مرّت من جواره وتوقف العامل عن سحبها لانصرافه المفاجئ والعجول لشيء آخر ، كانت تلك فرصته لوضع يديه على حجارة النحاس اللامعة التي لم يرَ لها مثيلا من قبل !
    كان فارس قد ضيّق عينيه هامسا لنفسه وهو يتحسس ملمسها " الحجارة زرقاء كأي نحاس ! فما بال سبائكهم بيضاء اللون ! " ومن ثم يرفع يده عنها متأملا في اتجاه آخر الأكوام النحاسية التي لم يشرع بعد في تقطيعها وتنقية معدنها و التي تمتلئ بها صناديق وضعت على الأرض استعدادا لصهرها في الأفران المتلاصقة !
    كانت تلك العربات المليئة بالقطع الزرقاء اللامعة تتجه نحو مكان أبعد ...نحو أكبر الأفران !










    كان وجه رئيس المصهرة محمرّا ، والعرق يتصبب بغزارة من بين صدعيه ، وصدره ، وعضديه الضخمين العاريين ، أنفاسه كانت قويّة ، كتيّار رهيب ، حدّثت نور نفسها وهي تحدّق به بذهول بأن أنفاسه قد تكون كافية لإذكاء النار دون الحاجة لذلك المنفاخ الجلدي الكبير !
    وحينما انتبه ذلك العم لصياح الطفلين هاتفين باسمه ، التفت لهم بوجهه الأحمر ضاحكا ! مصدرا صوتا قويا وودودا في الوقت نفسه !
    ما أجمل أن يكون صوت المرء مريحا ومُشْعرا بالأمان حتى حينما يكون لحنه في غاية الخشونة والضراوة !
    حدّثت نور نفسها بذلك وشيء ناعم جدا يلفّ قلبها بينما تقف في مكانٍ أصواته تربك النفس وتثقب الآذان !
    صاح العم نحوهما بينما عادت عينيه سريعا بالانشغال لما كان يقوم به
    " قالبكما جاهز ؟ !! "
    ليصيح الطفلين يجيبانه وهما يقفزان في مكانهما
    " أجل يا عمي "
    " لم تغفلا الرمل والصلصال ..."
    " كلا يا عمي .."
    تطايرت ألهبة النيران مع نفخته العالية ، وبينما أبعد المنفاخ عن فمه وكان صدره العريض يرتفع ويهبط بشدة صاح يخاطب الطفلين مجددا
    " الماء والصمغ !! "
    " حتى تتماسك رمال صندوقنا الخشبي يا عمي لم ننسى "

    ليضحك العم فخورا بإجابتهما بينما يعود للالتفات نحو عامليه مستأنفا صراخا آخر ! ومن طرف قريب يتعالى صراخ آخر ، كان الجميع يعمل صارخا ! وبعد حصول شيء ما في كل مرة ، كانت تتعالى ضحكاتهم في الأجواء بينما يصفعون صدور بعضهم البعض صارخين بجذل بكلمات من الفخر والحبور !
    في المرة الأخيرة قبل أن ينشغل العم بمجاراة الصغيرين ، كان قد حان موعد ضحكة مدوّية بعد ارتفاع لهيب جديد في الهواء ! تحركت يد العم مع صيحته القوية تلك نحو أحد العاملين معه ضاربا صدره بقوة !
    لترمش عينا نور وتنطق مذهولة بصوت مسموع " لم يمت !! " وإذا بها تصعق بوجه الرجل الأحمر ينظر نحوها ويجيبها ضاحكا " بالطبع لن يمت ! من تظنين رجالي أيتها السيدة !! " ليقهقه بعد جملته تلك مظهرا بأنه لا ينتظر منها جوابا وعلى الفور يتجه نحو الصغار وهو يمسح يديه الملطختين بالرماد الغامق في ثيابه
    " أرياني صندوقكما يا صغيريّ هيا "
    كان صوته خشنا أجشا حنونا بشكل عجيب !
    لتجيب الطفلة باعتراض مهذب " ولكن يا عمّي ألن نذوّب أسلاكنا أولا ! "
    ليمدّ الطفل يديه وفيهما تلك الأسلاك نحو العم ، ولكن العم ضحك ببشاشة في وجهيهما قائلا
    " صواب ما تقولانه ولكنني للتوّ أذبت نحاسا صافيا لكما ! "
    يكمل كلامه بإيماءة مشجعة " وأسلاككما هذه سنذوّبها لعمل آخر ما رأيكما !! ؟
    ابتسمت نور وهي ترى موافقة الصغيرين بطيب خاطر على اقتراح العم ! لتعود عينيها ناظرة تجاهه وعقلها يحدّثها مذهولا بذكاء وطيبة هذا العم ! لا وقت له لمجاراتهم في تذويب أسلاكهم بخوف وحرص عليهما ! ولكنه يظهر الأمر لهما على نحوٍ مختلف تماما ومرضٍ تماما !
    ولكن عقل نور وقلبها وكل جسدها قد جفل دفعة واحدة لصيحة العم المدوية
    " هل أنتما مستعدين !!! "
    بينما يقبض الطفل أيديهما ويشدان أنفاسهما قائلين " باسم الله .. "
    وفي صحن عميق غرف العم من النحاس الذائب المنحدر من إحدى أطراف فرنه الكبير ، لينقله في لمح البصر ، ليصبّه في صندوقهم الفريد !
    انعكس في أعين الصغار ذاك المزيج الأحمر المتوهّج الذي يتدفّق بلمعانه البهيّ نحو داخل صندوقهم !
    بينما ظلّ ذلك المشهد متسمّرا ثابتا في عينيّ نور السوداوين ! ذاك الشعاع الأحمر السائل ، الذي اجتمعت فيه خواص النار والماء !
    تحركت شفتي نور هامستين " كيف يمكنني أن أنسى شيء كهذا ! "
    لم يكن الأمر يسري ببطء حول نور ، لم يكن هناك توقف ودهشة وذهول ! كان كل شيء يمضي بوتيرته السريعة تلك ، كما لو كان صدى كلام العم وهو يخاطب الطفلين بحزم يجاور مسمعها
    " والآن ستنتظرا حتى يجفّ جيدا ! لا تستعجلا في رفعه أبدا هل هذا مفهوم ؟ "
    لقد أجابا الطفلين بالموافقة دونما شك ، وقد كانا جذلين سعيدين بلا شك ! حتى أحست نور بنفسها تصطدم بهما فجأة ..لا بل كانا يحضنانها !









  10. #209
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية

    ربتت نور على شعرهما الأشقر ، وبعينين بنّيتين تنظران بمحبة كبيرة نحوها تحركت شفتي الطفلين ناطقين بخجل " شـ شكرا لكِ " لتبتسم لهما نور بوجنتين محمرّتين ورأسها يميل لإجابتهما بتعجب " على ما تشكرانني يا صغار ؟ كنتما ستفعلان الأمر لو لم ألاحقكما منذ البداية ! "
    ليطرق الطفلين بعينيهما بصمت ، وتتسع عينا نور كاتمة ضحكتها وإحساسها بالغباء
    " أم تراكما خدعتماني أيها الشقيين !! "
    " كلا كلا ..ولكن فقط .."
    " كان طريقنا سيكون مليئا بالصعاب حتى نصل للعم في آخر المصهرة ! ولكن بمجيئكما معنا .. "
    لتكمل نور كلامهما بابتسامة مرحة " ..لم يقل أحد لكما غادرا بعيدا أيها الصغار ! " ومن ثمّ أردفت مغيّرة نبرة صوتها هاتفة كما لو تذكرت شيئا للتو
    " ولكن انتظرا لحظة ! "
    جفل الطفلين لذلك ونظرا لها بأعين متسعة بريئة
    لتقطّب نور من حاجبيها ناطقة باعتراضها
    " أخبرتماني أنكما صاغة ! ولكنّكما لستما كذلك ! "
    احمرّ وجهي الصغيرين ونطق أحدهما باعتراض شديد
    " لا نقبل قولك هذا ! "
    تجيبه نور كاتمة ضحكها على انفعالهما السريع
    " أنت صفّار يا صغيري ، فأنت تذوّب النحاس ! "
    ليهتف الصغير مجددا " كلا بل صائغ ! "
    وتضيف أخته سريعا " يا سيدتي فقط لأننا في داي أرض النحاس ، فنحن نعمل بالنحاس ! "
    " ولكن سنرى ان استمريت بالقول أنني لست صائغا بعد أن تري هذا ! "
    اتسعت عينا نور لرؤية السوار والخاتم الفضييّن الذين أخرجاهما من ثيابهما ! ، سوارا كهذا ! معدنه أسلاكا متداخلة فحسب ..كيف يمكنه أن يكون مذهلا هكذا ! كما لو صيغ من الفضة !!
    كانت نور تتأمل مجوهرات الصاغة الصغار وهي تقلّب الخاتم بين يديها ، لم يكن خاتما منقوشا عليه ! إنما كان الخاتم هو النقش في حد ذاته ! بتلك الأسلاك بيضاء اللون التي التفّت حول نفسها بزخرفة أنيقة !
    أيقظها من تأمّلها الجميل ودهشتها صوت أحد الصغار بنبرة محبطة " لو كان بحوزتنا حجارة بألوان جميلة ..كانت صنائعنا لتصير أجمل ! "
    رفعت نور حاجبيها وهي تجيبهما بذهول دون أن ترفع عينيها عن المجوهرات التي بين يديها
    " لا ينقصها جمالا يا صغيريّ ! فقط من أين عثرتم على معدن الفضة ؟ "
    أجابها الصغير بابتسامة نصر " هذا هو نحاسنا الذي تظنين من يذوّبه صفّارا لا صائغاً ! "
    بينما تفصح الصغيرة وملامح الانتشاء والبهجة تتكلل في ملامحها " إنه نحاس داي يا سيدتي ! لونه أبيض مثل الفضة ولا يعادله نحاس آخر في أي مكان بالدنيا ! "

    ارتفعت حواف حاجبيها بذهول وهي تستذكر كلام مناد عن داي الذي وافق ما رأته من ازدحام حاضرتها رغم صغرها ! إنه لأجل النحاس إذاً !!
    لتحرّك عينيها نحوهما وتنطق بعينين متّقدتين
    " ولكن أنتما مذهلين حقّا ! لتصنعا حليّا جميلا كهذا دون أن تساعدكما الأحجار الكريمة على ذلك ! "
    لتفغر أفواه الصغيرين وتزداد عينيها الاتساع بريقا وشعاعا
    " هل أعجبك عملنا يا سيدتي ؟ "
    هبطت نور على ركبتيهما نحوهما ، لتستقر راحة كفّها على كتفيهما وهي تنطق بحنان
    " هل قلت أنكما لستما بصائغين قبل قليل ؟ .."
    تنفي برأسها ونظرات عينيها الحانيتين متعلّقتين بهما " الآن أنا أعتذر عن ذلك ! فقد أدركت أنكما لستما فقط صائغين ! بل أنتما أفضل صاغة في الدنيا ! "
    تبادلا الصغيرين النظرات اللامعة وقد احمرّت وجوههما البريئة خجلا من مديحها ، لتلعق الطفلة شفتيها وتنطق مقاومة خجلها " هل هل تحبين ارتداءها ؟ أعني لو أهديناها لك أتوافقين ! وهل سترتدينها ؟ "
    رمشت نور تنظر للطفلة بذهول " بالطبع سأحب ارتداءها ! ولكنني فقط سأحزن لو سلبت ما صنعتماه منكما "
    ليرفع الطفل حاجبيه هاتفا بنبرة مقنعة " لدينا الكثير يا سيدتي ! "
    " ثمّ ..الصاغة لا يصيغون الحليّ للاحتفاظ به ! "
    رفعت نور حاجبيها معجبة بإجابة الطفلة ، بينما عقّبت على كلام الطفل الذي لا يزال في ذهنها
    " صنعتم الكثير منها ! هنيئا لكم !! "
    وفي تلك اللحظات كان فارس قد وصل لتوّه نحوهم ، لتهتف به نور فور انتباهها لوصوله
    " أنظر أنظر إلى ما يصنع هؤلاء بالنحاس ! "
    تقول ذلك وهي تمدّ راحة يدها تريه السوار والخاتم اللذين بداخلها " أنظر كم هو حُليّ مذهل !! "
    ليميل حنكه بنظرات فارغة وهو يجيبها ببرود " هذا جيد ..." ثم يردف وهو يحرك رأسه حول المكان " ان انتهيتم فيجب أن نرحل الآن لا وقت لدينا !! "
    لو كانوا بمفردهما لم تكن لتحمرّ أوداج نور حرجا من ردّه اللامبالي على حماستها ، ولكن بدا الأمر محرجا لها أمام الصغار ، ليلتفت لها الطفلين بعد أن حملقا نحوه للحظات ، واضعين كفّيهما على كتفيها لمواساتها
    " لا تجعلي هذا الأمر يحزنك .."
    " على كلّ حال ففي عالم الصاغة لا مكان لرأي الذكر إن كانت الأنثى حاضرة "
    اتسعت عينا نور رافعة حاجبيها بدهشة وقد أذهلها إحاطتهما بتفاصيل الصنعة رغم سنّهما الصغير
    " ويلتاه ! أنتَ لستَ صائغ فحسب يا صغيري ! أنت تاجر أيضا !! "
    لتزمّ الطفلة شفتيها بضحكة مباغتة بينما يرفع الطفل إصبعه وقد رفع حاجبيه كما يفعل الخبراء حينما يتحدثون عن شؤونهم " هذا لأن الصياغة تتداخل مع التجارة كثيرا يا سيدتي "
    عجزت نور عن ضبط نفسها وهي تنفجر ضاحكة من ملامح الطفل الذي كان يتحدّث بثقة وخبرة ، ليندمج الطفلين معها ضاحكين وهما يعيدان النظر لبعضهما البعض في كلّ مرة ، وحينما نطق أحد الطفلين قاطعا نوبة الضحك تلك ، كانت نور تبالغ من اتساع عينيها الدامعتين من الضحك منتبهة لحديثه بلطف
    " قلتِ ستحبّين ارتداءها صحيح ؟ "
    قالت الطفلة ذلك بوجه بشوش وهي تمدّ يدها نحو السوار الذي بيد نور ، لتراقبها نور كاتمة ضحكتها وهي تراها تُلبسها السوار
    " هذه السوار هديّة من الصائغة فوز ! " نطقت الطفلة بذلك بعد انتهائها من إلباسها إياها ليمدّ الطفل يده بعد ذلك نحو الخاتم الذي لا يزال بحوزة نور ، يتناوله منها ثم يقوم بإدخاله في إصبعها " وهذا الخاتم هديّة من الصائغ فرناس ! " قالها فرناس بوجه بشوش وهو يلتفت بنظراته تجاه أخته بحبور
    لترفع نور أطراف حاجبيها السوداوين ، مُقلّبةً بصرها بين كفّها التي كلّلها الأطفال بالحليّ ! وبين وجهيهما المبتهجين ، ولم تكن سوى ثواني ، حتى سحبت الطفلين إلى حضنها بقوّة ، وبكل ما أوتيت ذراعيها من قوة ، كانت تعصرهم في حضنها مغمضة العينين .
    في طرف آخر كان فارس مستندا على جدار في الأنحاء المجاورة ، رافعا حاجبيه بتهكّم وعينيه تحدّقان نحوهم ، بينما ينطق متمتما وعينيه تنضحان بالفراغ
    " فتاة تخلو من المنطق ! "














    أنتما أفضل صائغين في الدنيا

    كانت تلك آخر جملة هتفت بها نور ، والرياح التي تتضاعف سرعة هبوبها ُمع سرعة فرسها تدفع بأطراف خمارها في الهواء ، ليتلاشى هتاف الطفلين المودّعين لهما ، اللذين كانا يلوّحان بأيديهما ويركضان على طول الطريق الجبلي الخارج من مشارف داي
    لم تعد نور تسمع صوتا من هتافاتهم المودّعة ، كم كان ذلك غريباً ! ألا ترغب في انقطاع ذاك الصوت عنها ، بينما كانت في الوقت ذاته هي من تسرع في الابتعاد عنه بقيادتها السريعة للفرس القويّة التي تمتطيها
    " أيعقل شيئا كهذا ! "
    فكّرت نور بذلك ، رافعة حاجبيها بتساؤل بينما تمسك كلتي يديها بلجام فرس تسابق انسياب الريح بين فارسين واحد عن يمينها وآخر عن شمالها
    " أن نرغب شيئا وألّا نرغبه في الوقت ذاته !
    إلى أيّ قدر نحن نملك خياراً فيما تختار قلوبنا ؟ "
    أوقفت نور سيل أفكارها ،وهي تقطّب حاجبيها وتشدّ لجام فرسها بقوّة شديدة مغيّرة مسار ركضها ، كانت الخيول الثلاث قد استدارت نحو اليمين والجة ذاك الطريق على نحوٍ متتالي ، لترتفع من بين حوافر خيلهم ذرات الغبار ، طافية حولهم كالدقيق المتناثر ، يا لروعة الفرس القويّة ! لم يكن ذاك الغبار ليعمي عينيها أو ينقص من ضراوة عدوها !
    تحدّث نور نفسها بذلك من جديد
    لو كان غبارا فحسب ما يعترض طريق حياتنا نحن البشر
    لربما سيكون سهلا تحصين أعيننا منه ، ولكن الغبار الذي يتربص بأعيننا لا يحمل ذات اللون ولا يحمل ذات الصورة !
    إنه متلوّن ومتشكّل ، متفاني الأساليب في الإيقاع بنا و خداعنا بشكل مختلف في كلّ مرة !
    إنها شباك لا تشبه الشباك التي حفظتها الطيور !
    لقد حُمّلنا الأمانة
    وتباعا لذلك كان علينا أن نستعد لمواجهة أكبر الأخطار
    لأننا لا نفعل ذلك لأجلنا فحسب
    بل لأجل جميع الأرض التي حملنا أمانتها !



    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629

  11. #210
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    attachment







    سبتة
    قصر الأميرة زوجة العاصم بن داود






    كان الطائر يلتف حول نفسه ، مصفقا جناحيه بشغب حول رذاذ نافورة المياه ، يهدل بصوت جميل حزين
    " أسعيد هو أم حزين " تساءلت الأميرة نزهون بهمس وهي تضيّق من عينيها الفضيّتين !
    لتطبق جفنيها وتأخذ نفسا عميقا ، كما لو كانت تقاوم بذاك النفس سيل من المعاني تتدفق نحوها دون رحمة
    كررت الخادمة مناداتها الخافتة للمرة الثالثة " سيدتي الأميرة ! "
    فانتبهت الأميرة نزهون بعينين اتسعتا فجأة نحو مخاطبتها " ربابة ! " بحاجبين مقطبين بقلق نطقت ربابة " مولاتي .. لا أراك بخير ! "
    لتنفي نزهون بوجهها تجيب خادمتها بجديّة وأرق " كيف للخير أن يكون من نصيبي بعد كل ما .."
    لتقاطعها ربابة وعينيها الخضراوين تلمعان برحمة " كلا يا سيدتي ..أنتِ لم تقترفِ ذنبا ! "
    تسمّرت عينا نزهون تنظران في وجه ربابة بيأس بينما أكملت ربابة كلامها بهمس لحوح
    " سيدتي ..كان ذنبهم ! "
    بينما نطقت نزهون فجأة ولون وردي يطفح في عينيها الرماديتين
    " أريد مغادرة سبتة يا ربابة " وحينما كانت ربابة تحدق بعيني نزهون الدامعتين بصمت كانت نزهون قد استأنفت حديثها والعبرة تتخلل نبرات صوتها وتربكه
    " فقد تعبت من رؤية هذه المعاناة التي أعدت إشعال وقودها .."
    أطبقت ربابة شفتيها بقوة والدموع تتجمع في عينيها ومن ثم أومأت برأسها قائلة " ليكن ما يريحك يا أميرتي "
    لتبتسم نزهون في وجهها وتنطق بشرود " أشرفي على تجهيز أغراضي وأخبريني فور الانتهاء منها ..حسنا ؟ "
    كانت ربابة ستسأل إن كانوا سيغادرون منذ الليلة ! ولكن قلبها المنقبض آثر الصمت ، لتكتفي برد الابتسامة لسيدتها وتغادر نحو داخل القصر ، تاركة الأميرة خلفها ، جالسة على الأريكة الخشبية المنبسطة التي يغطّيها فراش بقماش حريري أنيق ، أمسكت بقوة بطرف من قماشه وعينيها تجوبان المكان بهدوء يناقض إحساسها وحركة يدها
    " أنينها يتراءى لي حيثما اتجه بصري في هذا المكان ! أيعقل أن أكون ! .."
    تنفي برأسها مستأنفة حديثها مع نفسها بشرود " أيعقل أن أكون قد غرست خنجرا من الخيبة القاتلة في صدرها ! "
    لتغمض عينيها فاسحة المجال لدمعتيها بالمرور عبر أهدابها البنية ، لتسيل بصمت على خدّيها ، حلّ من حولها صمت حينها إلا من صوت خرير المياه ، حتى الطيور توقفت عن التغريد في وقت واحد ، في تلك اللحظة تحركت شفتيها بأسى
    " بذلت كل جهدي لأجل هذا السوء
    فعلت كل ما بوسعي ..
    بينما أنتَ ..لم تظهر أمامي أبدا !
    أعدل يا هذا يا بـ... "
    لتنقطع جملتها تلك بهتاف هامس سريع ، انقبض له قلبها واتسعت له عينيها وهي تلتفت ناظرة بذهول تجاه ربابة
    " ماذا حصل !! ؟ لما الـ "
    " لقد وصل بريد إلى القصر قبل قليل يا أميرتي "
    ليزداد اتساع عيني نزهون بينما يصدر احتكاك مجوهرات جبينها الياقوتية رنينا دقيقا عند حركة نهوضها السريعة
    " لم يصل أي بريد للقصر منذ مجيئنا ! "
    أجابت ربابة بوجه محمر وأنفاس لاهثة " نعم يا سيدتي !! "
    لتقطّب نزهون من حاجبيها وقد اكتسى وجهها طابعا مختلفا من الجدية ، لا يشبه حالها الذي كانت عليه
    " و أين البريد الآن ؟ "
    لتجيب ربابة بسرعة ودقة " خنساء تأخذه إلى تماضر في هذه الأثناء "
    " أسرعي ..أخبريني أين تماضر ورافقيني "





    رفعت يدها المزينة بالحليّ النادر ، تزيل بأناملها برنسها الأنيق عن رأسها ليرتفع ذقنها تلقائيا بعد ذلك كحركة اعتيادية من طبيعة تصرفاتها ، كان صوت حفيف فستانها اللامع مسموعا بسبب عجلة خطواتها على سجاد القصر الطري !
    " سيدة تماضر"
    " سيدة تماضر "
    لتلتفت السيدة تماضر عن خنساء التي كان هتافها قد سبق الهتاف التالي بلحظات !
    كانت الحيرة واضحة في ملامح تماضر التي التفتت تجيب هتاف الأميرة الذي بدت عجلته و لكنته الاستباقية واضحة لها
    " الأميرة نزهون ! "
    تجاهلت نزهون إحساس التعجب الذي نضح به وجه تماضر النحيل بينما قطّبت ربابة من حاجبيها الشقراوين بخفوت ونفسها تحدثها بأن وجه تماضر كالمرآة .. عاجز عن إخفاء ما يعتري داخلها !
    كانت نزهون قد نطقت بوجه بشوش نضح بابتسامة لا يُخفى تصنعها " سيدة تماضر , أود لو نتحادث في أمر ما ..."
    و تومئ برأسها مكملة حديثها " ..الآن "
    ليرتفع حاجب تماضر ببطء وتتحرك شفتيها ناطقتين بلهجة متسائلة
    " خيراً إن شاء الله ! "
    فتومئ نزهون بإيماءة طمأنة لتماضر ومن ثم تنتقل نظراتها تجاه خنساء وقد ارتفعت حاجبيها وهي تنطق سريعا " خنساء عزيزتي يمكنك وضع ما يديك في الصندوق الذي بالرواق المجاور ريثما تذهبين وتطلبين تجهيز دواء لألم الرأس ! " ومن ثم التفتت من فورها تجاه ربابة التي تقف بجوارها ، بدت ملامحها طبيعية في ما عدا اتساع مبالغ في عينيها الفضيتين ، كان يعني لربابة شيء ما
    " وأنتِ يا عزيزتي هلا انتظرتني بالخارج ؟ ريثما أدعوك ؟ " لتومئ ربابة بحزم وترفع حاجبها بحرص حتى لا تنتبه تماضر لحركتها " أمرك مولاتي "
    وفي تلك الأثناء كان وجه تماضر قد التفت تدريجيا تجاه خنساء التي أومأت بالفعل للأميرة نزهون وتحركت نحو خارج الردهة التي ظلّت فيه تماضر ونزهون وحدهما بعد أن غادرت ربابة المكان أيضا
    وحينها كانت تماضر قد نطقت وملامح الريبة جلية في تجاعيد أسفل عينيها " أتشكين من شيئا يا مولاتي الأميرة ؟ "
    لتجيب الأميرة متمكنة من إخفاء توتّرها " كلا يا سيدة تماضر ليس بالأمر الجلل ..أرجو أن تعذريني إنه سؤال فحسب ! "
    ليزداد ارتفاع حاجب تماضر بينما تبذل نزهون ما في وسعها لعدم إظهار ملاحظتها لملامح تماضر المشككة
    " سؤال فحسب ! بدوتِ على عجلة و ..قلق ؟ "
    لتتنهد نزهون بخفوت قبل أن تجيبها قائلة " نعم ..كنت سأسأل إن آلمك رأسك بشكل غريب وغير معتاد .."
    كانت تماضر تتابع حديث نزهون بحاجبين مقطبين من فرط الانتباه والقلق ، بينما تسترسل نزهون في كلامها
    " ..حينما تحتسين فيها عصير المساء ! "
    لتنفي تماضر برأسها محافظة على تقطيب حاجبيها " كـ كلا .." ثم أرخت تقطيب حاجبيها مردفة بملامح ليّنة ممزوجة باللباقة والجدية بشكل محكم
    " مولاتي أنا لا أغادر إلى الحديقة بعد ذلك لو تناولت عصيرا في المساء ! "
    ترفع الأميرة نزهون من حاجبيها محدّثة نفسها بأن تماضر قد حلّت اللغز سريعا ! ولا يليق بها إطالة الأمر كي لا تبدو في موقف النمّام النازع لسلام القصر ! ولكن !
    حدّثت نفسها مجددا " هل أنهت ربابة عملها يا ترى "
    " أ أنت على ما يرام يا أميرة ؟ "
    كانت عينا تماضر تتفحصانها بحذر بينما نفت نزهون برأسها كما لو كانت تطرد شرودها
    " يا لبراعتك يا سيدة تماضر ! "
    قالت ذلك بلهجة شاردة بينما أردفت سريعا وعينيها تنظران في عيني تماضر بأسف
    " لم يخطر ببالي شيء كهذا إني لأشعر بالخجل منكِ "
    لتقترب تماضر من نزهون تربت على كتفها بلطف وتنطق بنبرة متسامحة
    " لا عليك يا أميرة ، فقط تمنيت لو .. "
    كانت نزهون تجيب مجارية ومجاملة من هناك وهناك ، وذهنها تماما عند الرواق ، وربابة والصندوق والبريد .



    كانت يد ربابة ترتعش والرسالة المعطّرة فيها ، وضربات قلبها تتقارع مع كل حرف تردده في عقلها ، وعينيها الخضراوين تدوران في المكان !
    " إنها رسالة واحدة فقط ! إن أخذتها ستلاحظ خنساء اختفائها !! "
    ومن ثم أخذت تفرك يدها الأخرى وهي تنظر نحوها بامتعاض وقلق شديد " وما بال رائحة الطيب القوية فيها ! التصقت بيدي وثيابي !! "
    لتقطّب من حاجبيها ويلمع بريق عينيها الجميلتين بإصرار وتفتح الرسالة كحلّ أخير للمعضلة

    " أظنك حانقة على تماضر الآن
    ولكن اصبري قليلا فقط .
    إنني قادم إلى سبتة وسنخرج إلى الحديقة معاً "

    وما إن اتسعت عيناها بدهشة لما رأته داخل الرسالة حتى سمعت وقع خطوات قريبة ، لتدسّ الرسالة في مكانها في الصندوق بسرعة وخفّة .





    " لذلك لم يكن من الممكن أخذها معي يا سيدتي ! "
    لترتفع حواف حاجبي نزهون ناطقة بقلق " أيمكنك تذكر كل ما فيها بدقّة ؟! "
    ببريق خضرة فستقية في عينيها كانت ربابة قد أجابت " لأيّ شيء تمّ تحفيظنا القصائد الطوال في الأندلس ؟
    "
    لتظهر ابتسامة تدريجية على وجه الأميرة نزهون بينما أردفت ربابة وهي ترفع حاجبيها بفخر " كيف يمكنني أن أقف عاجزة أمام رسالة صغيرة كهذه يا مولاتي الأميرة ؟ "
    وحينها نطقت نزهون وهي تنظر لربابة بعينين بشوشتين فخورتين " إذا فلتسمعيني الرسالة "
    فأومأت ربابة بثقة " حرفيّا يا مولاتي
    "في السطر الأول أظنك حانقة على تماضر الآن
    في السطر الذي يليه ولكن اصبري قليلا فقط ، مع وجود نقطة بعد هذه الجملة
    في السطر الثالث إنني قادم إلى سبتة وسنخرج إلى الحديقة معاً
    و لم يكن هناك نقطة في آخر سطر من الرسالة ! "

    لتضغط نزهون على شفتيها وتمتلئ عينيها بالدموع بينما تنظر لها ربابة بقلق وتنطق سريعا
    " مولاتي ..واضح أن الرسالة لأجل مهجة ! ولكننا لا نعرف المرسل بعد ! "
    ترفع نزهون من أهدابها مقاومة المزيد من الدموع وهي تجيب " إنه البراء يا ربابة ! "
    تتساءل ربابة وهي تنظر في عيني نزهون الدامعتين
    " يقينا ! ؟ "
    لتهتف نزهون حينها وهي تنظر لربابة بنفاد حيلة واستسلام " لأن البراء لا يضع النقاط في نهاية الحديث يا ربابة ! إنما يضعها في نهاية الجملة التي يظنّ أنها فعلا ستنتهي ! "
    اتسعت عينا ربابة بألم لحالة نزهون حينها ، بينما أكملت نزهون حديثها بنبرة مستاءة
    " سينتهي معنى جملة السطر الثاني لأنه سيأتي إليها ولن تعد في حاجة لهذا الطلب منه
    لن تنتهي الجملة الأخيرة لأنها شيء سيفعله لاحقا وسيستمر ! "
    تساءلت ربابة مجددا " سيستمر !! أيعني هذا عودته النهائية لقصر والدته ! "
    لتحدّق نزهون بالفراغ أمامها وهي تجيب " ربّما ..." ومن ثم تنتبه بنظراتها وتوجّهها تلقاء ربابة " ربابة أسمع أحدهم بأمر تجهيز أغراضي ؟ "
    لتنفي ربابة من فورها " من حسن طالعنا لم يسمع أحد ! فور أن هممت بالدخول للقصر رأيت الخنساء تستلم البريد من أحد فتيان القصر في الحديقة "
    وحينها أومأت نزهون بارتياح " هذا جيّد ، لأنني سأقوم بتأجيل مغادرتنا إلى ما بعد مجيئه .."
    نهضت من مكانها بسرعة وهي تكمل حديثها " فهناك شيء ، انتظرت طويلا أن تحين الفرصة لأسمعه إياه ! "
    تابعت ربابة خطوات الأميرة نزهون المغادرة للغرفة ، وغصّة تعتصر قلبها مع حديثه العابر " لن تكون نتيجة هذا اللقاء جيدة أبداً ، ولكن انتظارك الطويل هذا .. يثنيني حتى من محاولة إقناعك بالمغادرة لعدم لقائه ! "






  12. #211
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    attachment




    ضغطت على الرسالة في يدها بقوة ، والدموع الملتهبة في عينيها تحجب عنها أي شيء حولها ، لترتفع حاجبيها محاطة بأفكارها من كل جانب ، وتطفق دمعات عينيها بالانحدار على وجنتيها
    " لو كانت في وقت آخر ..لكنت الآن أحلّق فرحا !! "
    تشهق وترتفع يدها الخالية من الحليّ تغطّي شفتيها المرتجفتين وهي تغمض عينيها بقوة تعصر جفنيها
    " ولكن لم ! .."
    تهتف باكية من جديد وجسدها يهتز باكيا متكورا على نفسه " ولكن لمَ .."
    لترفع رأسها نحو السقف الذي لا تراه ، وخيطين من الدموع الوضيئة يسيلان باستقامة وهدوء على خدّيها المحمرّين
    " لمّ يشعر قلبي ..بهذا الارتواء ! لمّ لا يفهم قلبي ..لمــ .."
    ارتعش صدرها ولسانها وعجزت عن إكمال كلامها ! ولكنها نفت برأسها وقد شحبت نظرات عينيها
    لترمش دموعها الثقيلة وتبلل أطراف وجنتيها مع كل رمشة منهكة لها ..
    كانت تهمس حينها " سأفعلها ...ولو كان ذلك فنائي .."




    " أشمّ رائحة شيء ما ! "
    تضع زيّانة يديها في منتصفها بنفاد صبر مجيبة خنساء " منذ الصباح وأن تطنّين بهذه الجملة فوق رأسي ! "
    تتسع عينا خنساء بجديّة زادت من استفزاز زيّانة " بالتأكيد ! لأن هناك شيء جلل على وشك الحدوث في قصر الأشباح هذا ! .."
    تكمل كلامها وقد تمكنت أخيرا من زيّانة التي بدا شيء من الوجل ظاهر على ملامحها
    " شيء سيجعلك تندمين على تمنيكِ رؤية حياة تذبّ في أرجاءه كباقي قصور الدنيا ! "
    لتحرّك زيّانة رأسها كما لو كانت تبحث عن الهواء ومن ثم تخاطب خنساء باستسلام وعصبية
    " هل معكِ دليل يخوّل لك إخافتي بهذا الشكل !! "
    وهنا ترفع خنساء حاجبيها بمشاكسة " يا صاحبة الأدلة ! "
    " خنساء !!! "
    لتجيب خنساء من فورها عاجزة عن كتم ضحكتها " حسنا لا تغضبي أكثر !! نعم معي ! "
    لتقطّب زيّانة حاجبيها بينما تستطرد خنساء في الحديث " الرسالة التي وصلت إلى مهجة ! "
    تغمض زيّانة عينيها بتململ ونفاد صبر " سمعنا حكايتها !! "
    " قلت انتظري وإلا سأجعلك تندمين ! "
    لتردف زيانة مستدركة زلّة لسانها " نعم صحيح ستخبرينني الآن بدليلك ! "
    " رأيت ربابة جارية الأميرة نزهون وأنا كنت أحملها لتماضر ..قبل دخولي إلى القصر ! .."
    تحافظ زيانة على صمتها وهي ترى تغير ملامح خنساء في الحديث
    " وبعدها يا زيّانة ..اختفت الفتاة فجأة ! وبعدها ظهرتا أمامي هي والأميرة نزهون فجأة ! "
    " تعمّدت الأميرة نزهون ألا أعطي الرسالة لتماضر قبل أن تتحادث معها ، وجعلتني أترك الرسالة في الرواق .."
    لم يكن أي مما ذكرته خنساء مقنعا ولا مرضيا لزيّانة ، ولكن عينيها اتسعتا بقوّة حينما ..
    " كانت رائحة الرسالة تفوح من ربابة حينما عدت ! "
    ليفغر ثغر زيّانة بدهشة " إلا رائحة الرسالة !! "
    ترفع خنساء من حاجبها فخورة بذكائها وتسترسل في محاولاتها لإفزاع زيّانة " و أنا بدوري لن أفوّت هذه الفرصة .."
    لتدور حدقتا عين زيّانة وتقاطعها بتهكم " لا تقوليها أرجوك ! ستخبرين البراء بملحمتك هذه ليأخذك إلى قرطبة ! صحيح ؟ "
    و في الوقت الذي انطلقت فيه ضحكة صاخبة من ثغر خنساء كان باب الغرفة اللتان تجلسان فيها قد فُتح فجأة !
    لتلتفتا بوجهين ممتقعين نحو الباب الذي فتحت دفّتيه المزركشتين دفعة واحدة ! ليجدا تماضر أمامها بوجه ينضح بالقلق
    " سيد القصر .."
    لتشهق الفتاتين مقاطعتين حديث تماضر بهلع " سيدي البراء هنا !! "




    التوت عنق فرسه السوداء اللامعة وهي تبالغ بمطّ عنقها نحو السماء الملبدة بالغيوم الملطّخة بحمرة الغروب !
    كان صهيلها مدويّا ، وفريدا ، مما ينبئ كل من يسمعه بمجيء العقاب ووصوله !
    كلا ..بل مجيء ابن أميرة بلنسية المتوفاة
    البراء بن عاصم
    لم تمضِ سوى لحظات حتى وصل بفرسه التي لن تنقص من سرعة عدوها عند باب القصر !
    ليقفز مترجلا عنها بعجلة ، وبحركة طفيفة من يده يعدّل من موضع سيفه الأنيق ويرتفع ذقنه تلقائيا بعد ذلك كحركة اعتيادية من طبيعة تصرفاته ! ومن ثمّ يتقدم نحو درج القصر تاركا فرسه من خلفه تصهل وحوافرها تارة تضرب الأرض وتارة تتأرجح في الهواء !
    كانتا الخنساء وزيّانة قد وصلتا هناك ، عند عتبة القصر وعينيهما تبرقان وقلبيهما يضطربان بإعجاب ووجل ! في الوقت الذي كانت فيه تماضر واقفة في منتصفهم تتقدمهم بمسافة طفيفة، والتجاعيد الدقيقة تحيط بابتسامة وجهها النحيل
    بصوت رخيم ووقور كانت تماضر قد نطقت " سيدي الأمير ..أهلا ومرحبا أنرتم داركم وقلوب أحبّائكم "
    وما إن انتهت من جملتها تلك حتى أسرعت بتناول يده وتقبيلها ، ليسحبها العقاب سريعا ووجهه يومئ لها بامتنان
    " تقرّ عيني برؤيتك سالمة يا تماضر "
    لتتقدم بعد ذلك الخنساء نحو العقاب تقبّل يده باحترام وتنطق بعبارات الترحيب والامتنان وبشكل متتالي وسريع قامت زيّانة بذات الأمر ، ليومئ لهما العقاب وعينيه تجوبان بينهما " أراحتني حقا رؤيتكما بهذا الحال "
    لتبتسم خنساء وتجيبه بطبيعتها العفوية " لا يجوز أن نخبركم عن سر صمودنا ونحن لا نزال عند عتبة الباب ! .."
    لتشير بيدها المزيّنة بحليّ أنيق وتكمل حديثها " ليتفضل مولانا الأمير "
    ابتسم لها العقاب بود وهو يجيبها " لكنت أتمنى أن أفعل ذلك ..ولكنني على عجلة من أمري "
    لتتسع أعين الجميع حينها ويكمل مستأنفا كلامه " ولكن سرّ صمودكم هذا قد أثار فضولي ! "
    قال ذلك وعينيه تنظران للفتيات بلين ، ليحمرّ وجه خنساء خجلا وتجيب " و ..لـ ..لم يكن بالأمر الهام يا مولاي ..كان "
    لتنطق تماضر بتعاطف بدلا عنها " قالت ذلك لأجل دعوتكم للجلوس والراحة يا سيدي .."
    لتومئ خنساء موافقة بعد كلام تماضر ، وحينها نطق العقاب مخاطبا كلتا الفتاتين هذه المرة
    " إذا أخبراني ..هل أنتما بخير ؟ "
    تومئ الفتاتين برأسيهما بينما يستطرد هو في حديثه سريعا " ألا تشكوان أي شيء ؟ "
    لتكرر زيانة ايماءتها المتوترة بينما تنطق خنساء بمشاكسة " أما عن الشكوى فنعم يا مولاي ! "
    ليتساءل العقاب ضاحكا من أسلوب خنساء " مما تشكو خنساء يا ترى ؟ "
    ترفع خنساء من حاجبيها وتجيبه ببراءة مضحكة " الوحدة يا مولاي ! "
    لتتسع ابتسامة العقاب مجاريا إياها في الحديث " ربما ترغبين في الزواج ؟ "
    وحينها أجابته خنساء بوجه محمرّ " في الحقيقة يا سيدي ..لو أحصل على ..على قلب عالم "
    كانت كف زيّانة تغطي ثغرها محاولة الحفاظ على هدوء ضحكاتها ، بينما يجيبها العقاب وقد احمرّ وجهه من الضحك
    " يؤسفني أن معارفي وأصدقائي من أهل المال لا العلم يا عزيزتي "
    وحينها عجزت زيّانة على كتم ضحكتها الرنانة ، وبدلا من وصول تأنيب تماضر لها ، كانت تماضر نفسها تضحك بشدة مرافقة ضحكات الجميع !



    في ذلك القصر الذي حلّ ضجيجا غير مألوف عند عتبة بابه الكبير
    كان هناك قلبين قد همسا
    " إنها فرصتي ! "
    لتركض مهجة حافية القدمين نحو مطبخ القصر ، وفي اتجاه آخر تنتهي نزهون من تعليق آخر قطعة مجوهرات تزيّن بها جبينها ..



    كان قد انتهى من ضحكه لتوه وبعينين تجوبان المكان نطق لسانه بالسؤال الذي كان ينتظره الجميع
    " أيـن .."
    ولكنه أبتر جملته حين وقع بصره عليها !
    ليقطّب حاجبيه مجيبا ترحيبها البشوش به
    " أتساءل .. أيّنا يقع على عاتقه الترحيب بالآخر هنا ؟ "

    لتتهاوى تلك الجملة مدوية على مسامع الحاضرين ، أخذت الأميرة نزهون نفسا في سرّها وقد اتخذت قرارها بالصمود حتى النهاية ، لتحافظ على ابتسامتها وتلتفت تجاه الآخرين الذي اكتسى الامتقاع ملامحهم من سوء الموقف
    " هلاّ تركتمونا لوحدنا من فضلكم "
    ليرفع العقاب من حاجبيه بحيرة متهكمة بينما تومئ تماضر وتأمر الفتاتين المتلهّفتين لمشاهدة المزيد بمرافقتها

    تابعت الأميرة نزهون مغادرة الجميع بعينيها ومن ثم التفتت بهدوء تلقاء العقاب الذي كان واقفا في مكانه وقد برقت القتامة في عينيه الرماديتين !
    وفي مقابل فضّة عينيه القاتمة كانت فضّة عينيها تكتسحها حمرة عجزت عن إخفاءها في حوضهما
    ليتردد صدى صوتها ثابتا وبديعا في جنبات المكان
    " ربما لا يروق لك مجيئي إلى القصر بلا دعوة من صاحبه "
    قطّب العقاب من حاجبيه البنيتين وقد تسّمرت عينيه الفضيتين تحملقان بها فارغة من أية عاطفة
    " اختصري وأخبريني لمّ أنتِ هنا ؟ "
    لترتفع حواف حاجبيها ، ذهولا من إصراره على عداوته وصدّه ! وترمش عينيها بفتور وهي تجيبه
    " حسنا ..لأخبرك إذا ! "
    وفي الوقت الذي تحركت فيه يدها تستخرج شيئا ما من نطاقها الذهبي
    كانت مهجة قد وصلت أخيرا دون أن يكون لها علم بالموقف السيء الذي حصل لنزهون والذي صرفت الجميع بسببه !
    لتقترب بخطواتها الثابتة ونظرات عينيها تتّقد نحو القريبين الأميرين !
    كم هما متشابهين !
    حدّثت نفسها بذلك وحاجبيها يتقطبان دون إرادة منها
    هل تخدعني بتلك الرسالة يا براء !
    كان قلبها ينبض ويرمي بتلك الكلمات بين شرايينه
    وأنت قادم لأجل مناقشة أمور تهمّك مع ابنة عمك التي لا تخفي عنها شيئا ولا تخدعها !
    كانت ضربات قلبها تزداد اضطرابا مع ازدياد حدّة الكلمات التي تراود ذهنها
    كما تخدعني وتستخف بي ...أنا !!
    توقفت أخيرا قربهما ، وبيدها المنهكة من مسح دموع وجنتيها ، تناولت يد العقاب تقبّلها ، وبصوت جاهدت لتجعله يبدو طبيعيا كانت قد نطقت بعد ذلك
    " مرحبا بك ..بعودتك .."
    كانت عينا العقاب تتفحصها بريبة ، وجهها الشاحب ، عينيها المنتفختين ، شعرها المضفور والمضموم على طرف واحد ، ويديها وجبينها وفستانها لا تتأرجح منهما قطعة حلّي واحدة !
    ليقطّب حاجبيه قبل أن ينطق وعينيه تنظران إليها بقلق كبير
    " مهجة ! أأنت بخير ؟ "
    ناح قلبها من أعماق أحشائها " هذه النظرات الدافئة ! "
    لتغرق عينيها في الدموع وتسرع مجيبة إياه
    " كلا ..أقصد نعم "
    لتضغط شفتيها بعد زلّة لسانها تلك
    بينما يحمرّ وجه العقاب ولكن بلطف تستقر راحتي كفّيه على كتفيها
    " أ أنت مريضة ؟ "
    تنفي مهجة برأسها ولكنها تنطق على نحوٍ مغاير
    " نعم ! "
    ليضع ظهر كفه على جبينها ويشرع محدّثا نفسه
    " لا تعاني من حمّى ..أو أعراض سم ! ..وبالنظر لحالها .."
    ولكنه قطع حديثه الداخلي سريعا وخاطبها بحزم قائلا
    " سنرى مما تشكين فيما بعد ولكن الآن أسرعي بتجهيز أغراضك ! "
    لترفع نزهون حاجبها ، وقد شعرت بتضاعف ما تراه من مفاجآت !
    بينما اتسعت عينا مهجة السوداوين ببراءة
    " إلى أين ! "
    أجابها بلكنة عجولة " مررت فقط لأخذك معي ..أسرعي واجلبي فقط ما تحتاجين إليه من أغراض ! "
    ليترك مهجة متسمّرة في ذهولها ذاك ويلتفت من فوره تلقاء نزهون ناطقا بعجلة
    " كنتِ ستخبرينني عن السبب .."
    تريّثت نزهون في الحديث للحظات ، حتى ابتعدت خطوات مهجة العجولة عنهما
    لتمدّ له الورقة التي بين يديها بعد ذلك
    بمجاهدة ، منعت كفّها النحيلة من الارتعاش ، وبصوت بذلت كل قواها لتجعله قويا وقد كان
    " هذا لأننا في حاجة إليك .."
    كان قد تناول تلك الورقة التي مدّت إليه وفتحها بحركة خاطفة وسريعة
    وما إن وقع بصره على محتواها حتى ...
    رفع عينيه نحو نزهون من جديد
    كانت عينيها الفضيتين تشعّان قوة وهما تنظران إليه
    ولكن كلّا !
    قطّب العقاب حاجبيه محدّثا نفسه بأنهما تشعّان ضعفا وغرورا !
    ليحرّك الورقة في يده نحوها وعينيه الفضيتين تبرقان بشيء ..كان كخيبة الأمل فيها
    " تتنازلين عن أملاكك لي ! "
    تحافظ نزهون على ثباتها ، وترفع حاجبيها تجيبه بقوة بدا تصنّعها واضحا في عينيه
    " لأجل عائلتنا ..نعم أفعل ! "
    لينفي برأسه قائلا وعينيه لا تزالان مثبتتين نحوها
    " لا تكون هذه الأمور برأي المرأة ! أتعلمين لماذا ؟ "
    كانت قد ضيقت من عينيها منتظرة الصدمة الجديدة التي سيتحفها بها
    " لأنّها تملك قلبا قد يُهينها لو فعلت ! "
    اتسعت حدقتا عينيها وتسمّرت تنظر إليه باستنكار بينما استطرد هو غير مباليا
    " لو كنت مكانك لانشغلت بأعمال أملاكي في بلنسية ! إنه لمضيعة من الوقت جلوسك في قصري هنا ! "
    كانت قد هتفت بحرقة أخيرا
    " أردت ترميم ثغرا ! "
    ليقطّب من حاجبيه مجيبا " بمناسبة الحديث عن هذا ..هل أنت من آذى الفتاة ! "
    لتحدّق به للحظات بغير فهم ، بينما يوضح مقصده بعجلة
    " مهجة ! "
    مال وجهها مستغربا وقد زلّ لسانها في إجابته
    " وهل أجرؤ ؟؟ "
    لم يتجاوب العقاب معها هذه المرة ، مكتفياً بتوجيه نظرات فارغة نحوها ، وقد كان ذلك كفيلا بمضاعفة الحرارة والضيق في داخلها
    كانت الحمرة قد اكتست وجهها ، وثبت وهج عينيها الفضيتين بضراوة أمام تغيّر لونه النقيّ ، كانت ستنطق بما ستندم عليه ولكن ...
    تحركت عينيها صوب الجميع الذين عادوا رفقة تماضر التي تحمل معها أغراضا لمهجة ، لتصمت ، وقد اختارت مراقبة ما يحصل ويجري مقطبة الحاجبين في صمت !
    لم يكن صوت تماضر بتلك الثقة المعتادة حينما نطقت
    " مولاي الأمير ..أتأمرون بتجهيز عـ .."
    ليقاطعها العقاب بشيء من الفظاظة
    " كلا ، ليجهّزوا فرس مهجة فقط ! "
    اتسعت أعين الجميع تلقاء العقاب و من ثم حدّقت جميعها بمهجة التي تقف بجواره معصوبة اليد !
    ببطء وبشكل خفيّ رفعت نزهون حاجبها بينما نطقت تماضر بصعوبة
    " سيدي ، ستخرج بها في جولة قصيرة ؟ "
    ولكنّ العقاب تجاهل تماضر على نحوٍ متعمد ملتفتا نحو مهجة
    كان قد سألها بجدية وبعجلة
    " يمكنك امتطاء فرسك بمفردك صحيح ؟ "
    لم تكن عينيه الحريصتين لتسمح بأي إجابة أخرى
    لتومئ مهجة من فورها وبصوتٍ منهك تجيب
    " بالطبع ! "
    ليعود بنظره تجاه تماضر يخاطبها بجفاء
    " أرجو منكِ الاعتناء فيما يحتاج حقا ويستحق ! "
    مجددا خفقت قلوب الجميع هذه المرة ، بينما تسارعت نبضات قلب تماضر وتقطّبت حاجبيها بصمت
    " لمَ لا تبدو مهجة كالأخريات ؟؟ أتعلمين ؟ أم إنها في جولة قصيرة هنا ! "
    رمى بتلك الكلمات في وجه تماضر محمرّ الوجه مقطّب الحاجبين !
    بينما ظلّ صدى صوته مترددا في آذان الجميع بذهول ! كانت عينا نزهون متسعتين وقد اتسع ثغرها دون أن تشعر به من فرط ذهولها ، بينما لم تنتبه الفتاتين خنساء وزيانة لنفسهما وهما تنطقان بصوت مرتعش
    " نقسم أننـا .."
    أشار العقاب ناحيتهما بكفّه قائلا " أنتما محلاّ لثقتي ولا تزالان .."
    ليلتفت بصره صوب تماضر على الفور حينها ، كان وجهها ممتقعا ، بلمعة دمع تبرق في وسط عينيها
    " كان حزنها مفاجئا وعجزت عن إدراك سببه .."
    رمشت بعينيها تكمل كلامها المتلعثم " لذا كل ما استطعت فعله هو إراحتها يا مولاي ! "
    لتشرد عينا نزهون لثواني قبل أن تستجمع نفسها من جديد وتنظر نحو الجميع بما يوحي بالثقة والارتياح !
    كان العقاب يجيب تماضر حينها " سأتناسى ما رأيته اليوم يا سيدة تماضر ! "
    حافظ العقاب على تقطيب حاجبيه مكملا كلامه وقد عاد لعجلته السابقة
    " ولكن مرة أخرى فقط وتزول ثقتي ! " أكمل جملته وتحركت إحدى يديه على الفور ، تمسك بذراع مهجة بينما ناولته تماضر الغرض الذي كانت تحمله لأجلها








  13. #212
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    attachment

    أغمضت مهجة عينيها مستمتعة بعليل النسيم وهو يداعب وجهها وأطراف خمار رأسها الناعم ، كان الهواء مشبعا بروائح أزهار الحديقة العبقة ، كما لو كانت تلك الروائح دليلا على وجودها حينما لا تبصر الأعين ألوانها في عتمة الليل أو ضياءه الخافت !
    كان الفتى المسؤول عن الخيول قد أنهى تجهيزه لفرسها، وتقسيم وضع أغراضها بين سرجي الفرسين ، فرسها وفرس العقاب ، دون أن تنتبه مهجة لذلك ،غارقة في إحساسها الغريب ذاك !
    لتستقرّ راحة كفّ العقاب على رأسها بعد ذلك بينما يميل وجهه نحوها
    " مهجتي ! "
    حركّت مهجة رأسها على نحوٍ سريع ، وعينيها المنتفختين تنظران من فورهما صوب العقاب
    في الوقت الذي انقبض فيه قلب العقاب مجددا بسبب غرابة حالها وتصرفاتها
    كانت مهجة قد نطقت بصوتها المنهك ذاك
    " غريب جدا أنت اليوم ! "
    ليرفع العقاب من حاجبيه متعجبا
    " أنا ؟؟ "
    لتومئ مهجة برأسها وهي تمط شفتيها
    " نعم أنت ! تكلّف نفسك ثقل مجيئك إلى القصر ، فقط .."
    ليقاطعها وقد ابتسم تلك الابتسامة التي تبثّ الحياة في عينيه
    " حتى آخذ منه الشيء الوحيد الذي يهمّني فيه ! "
    نظرت له مهجة بصمت ، كانت نظرات عينيه حانية جدا ، الأمر الذي ضاعف من تمزّق أنسجة قلبها المخذول
    لتمتلئ الدموع في عينيها دون أن تدري ، وينطق لسانها بحماقة تتضاعف كلما كانت معه
    " لست طفلة حتى تخدعني ..أتيت لسبب آخر وقررت اصطحابي بعد ذلك "
    لم يكن العقاب منصتا لكلامها بسبب انشغاله بتلك العينين الغارقتين في الدموع !
    ضاقت عينيه الرماديتين وهو يربت على رأسها بلطف
    " مالذي يُبكي مهجتي ؟ "
    صاح قلبها مصارعا قروحه " لست مهجتك ! " بينما أطرقت برأسها وأجابت
    " فقط لأنني أشعر بالتعب ..ثمّ .."
    أشارت بعينيها تجاه فرسها " هل حقا سأمتطيه وحدي ؟ "
    ليومئ العقاب لها ويجيبها بلهجة مطمئنة " لا تقلقي ، الخان الذي سنذهب إليه قريب جدا ! "





    e022









    تـــادلة



    كان الجواد يصهل رافعا حوافره الأمامية حينما شدّ فارس لجامه بقوة إليه وهو يحدّق نحو الأمام معقود الحاجبين " ما كل ذاك الازدحام هناك ! " ينطق بذلك بنبرة حذرة وعينيه اللتين أضاءت الشمس خضرتهما تتجهان صوب الفارس الذي كُلّف من قلعة الحاكم ابن سارة بمرافقتهما
    يجيبه ذاك الفارس وهو يستدير إليه بفرسه " هذا لأننا قد وصلنا إلى تادلة بالفعل ! "
    ضاعف تقطيبه لحاجبيه بينما كانت يديه تشدّان لجام الجواد الذي يرفض أن يقف ساكنا في مكانه " أيبدو لكَ هذا الازدحام طبيعيا ؟ "
    " نعم بالنسبة لتادلة فهو كذلك .."
    استدارت نور بفرسها نحوهم حيث توقّف فارس على حين غرة ، وبصرها يجول بينهما بفضول صامت ، في الوقت الذي كان فيه فارس بن سارة يجيب ريبة فارس واستفساره
    " لأنها مقصد لقوافل التجار أيضاً ، ربّما بدت لك حركة القوافل في داي أقلّ ازدحاما ، ولكن ذلك لأن الناس يطلبون القطن أكثر من النحاس ! "
    تساءلت نور بعفوية وقد صار فرسها مجاورا للفرسين الآخرين " أيبيعون القطن في تادلة ! "
    حدّق بها الفارس للحظات بعينين فارغتين ، قبل أن ينفجر ضاحكا من سذاجة سؤالها " كلّ الثياب القطنية بالمغرب تُعمل من قطن تادلة يا سيّدتي ! .."
    كانت سخونة الهواء المحيط بهم قد ضاعفت من حرارة خجلها حينما أردف ذلك الفارس سريعا وملامح الضحك لا تزال بادية على وجهه " وفوق ذلك تجد قوافل الأقطار الأخرى مكانا لها أيضاً ! ..أيبيعون القطن في تادلة ؟ .." تتردد ضحكته من جديد وهو يحرك رأسه نافيا " أعذريني يا سيّدتي فقط ، ربّما لأنك لا تعرفين هذه الأنحاء فلا يمكنك تخيّل كما بدا سؤالك مضحكا ! "
    في تلك الأثناء كانت عينا فارس غائمتين تنظران على امتداد الطريق المنحدر المؤدي للمدينة ، لا يعرف أي شيء عن هذه البلاد ولا عن مدنها ! ولكن مما يبدو عليه الحال فهو يتجوّل بين الأماكن التي تُنبضها بالحياة ! ، لم يتصور أنه سيفتقد وجود مناد بهذا الشكل ! فرغم كل العجائب التي يأتي بها وتصرّفاته التي تبدو أحيانا أشدّ عليه من تصرّفات نور نفسها ..لا تزال رفقته أأمن وأفضل من رفقة أحد جنود تلك القلعة التي كشف فيها سرّه !
    " ..بالتأكيد ..حينما نستريح هنا قـ .."
    انتبه فارس لتلك الكلمات ليقطع حديثه الداخلي سريعا ويلتفت نحوهم ناطقا بلهجة حازمة " كلا لن نستريح ! "
    رفع ذلك الفارس حاجبيه باستغراب " ما بكَ يا رجل ! هل ستسحق ابنة سيّدك في سفر متواصل مرير ! "
    ليجف حلق نور وهي تسرع في الحديث " كلا يا سيدي الفارس ، وأنا لا أرغب في الاستراحة ! فقط خجلت من الإسراع في الاعتراض على عرضك "
    لتتبع كلماتها المتراصة تلك بابتسامة مهذبة ، التمعت عينا فارس محدّقة بتصرّفها ، فقد كان الشحوب جليّا في ملامحها ، حتى تلك الابتسامة الأخيرة ، عجزت عن إخفاء ذلك
    ليشيح فارس عينيه عنها متجها بهما نحوه ، ينطق مقاوما حنقه " هل يمكننا العبور من أطراف المدينة أو بواديها ؟ ستكون هناك الكثير منها بما أنهم يبيعون القطن الكثير ! "
    يحرّك الفارس كتفيه عاجزا عن إخفاء عجبه " يمكننا ولكن لماذا ؟ لندخل للمدينة ونمر عبر السوق لمخرجها الآخر ! "
    التفتت عينا نور تحدّقان بفارس الذي نطق سريعا " لماذا ؟ في الحقيقة لأن سيدتي تفضّل ذلك ..هي تحب المرور من البراري حيث يمكنها الاستراحة لبعض الوقت ومواصلة الطريق كما ترغب ..." ينتهي من ذلك ويتجه بعينيه تجاه نور ، ينطق والشرر يتطاير من خضرتهما التي تُفسخ الشمس لونهما كلّما تمكّنت من الأفق
    " أليس كذلك يا سيدتي ؟ "
    لتبتلع نور من ريقها وتجيب بدون أي تفكير " أجل بالطبع .." وإذا بها تلتفت بوجهها الذي تجمّدت ملامحه نحو الفارس الآخر وهي تنطق بصوت يتخلله الإلحاح " نعم يا سيدي الأمر كذلك ! أرجو أن تدّلنا على طريق نتجاوز به المدينة عبر البراري ! " أنهت نور جملتها الطويلة تلك وأنفاسها تتصاعد على نحوٍ مكتوم ، لا تعرف لم تعاود تلك الذكرى العودة لذهنها في هذه الأثناء بالذات ! أ لأنها تخاف من انفجار غضبه وحنقه عليها ! كل ما يجري الآن لن تكون نتيجته سوى شيء كذلك ! تشيح بعينيها نحو اليمين تنظران في الفراغ ، ونبضات قلبها تتصاعد بذعر من وقوع ذلك الشيء مجددا ! تلك العينين الحانقتين وتلك اليدين الضاريتين اللتين تعنّفان كتفيها بقسوة وذاك الصوت يتردد مدويّا في أذنيها
    " لأن ذاك الاسم هو الذي اختاره لي والدك عندما صرت عبدا له !!! هل تسمعين !! تسمعين !!!! "
    " نور ! " هتف فارس باسمها دونما تفكير وعينيه تبصرانها تشيح بوجهها وتغمض جفنيها بقوة ، بينما اكتست الحيرة ملامح ذاك الفارس وعينيه المتفحّصتين تراها كما لو كانت تحاول الفرار من كابوس ما ! وفي تلك الأثناء كان فارس قد خدشه بنظرة تخفي شيء من السخط ! بينما يتحدّث عنه في داخله متمتما " لا ينقصني سوى هذا الذي لا يكفّ عن حملقة عينيه ! "
    كان ذاك الفارس يحدّث نور وعيني فارس تحدقان فيه بامتعاض " لا تبدين بخير أبدا يا سيدتي ! "
    لتنفي نور بوجهها الشاحب سريعا " فقط لأنني اشتقت لمدينتي وأهلي وأخشى طول الطريق "
    حرّك الفارس كتفيه يجيبها مبتسما " لقد اقتربنا بما يكفي لتطمئنّي .."
    يشير بذراعه نحو الطريق المنحدر المؤدي للمدينة وهو يكمل كلامه معها " فما إن نعبر تادلة اليوم حتى تتبقى أمامنا مدينتين فحسب ! "
    أيقظ كلامه إحساسها بالقلق من الطريق، لتضغط نور على شفتيها قبل أن تنطق باحتجاج " الحق معك ..ولكن طريق بين مدينتين لا تعني يومين يا سيدي الفارس ! "
    ليرفع الفارس حاجبيه وقد أفحمه كلامها " حسنا ... ولكنك توشكين على الوصول كيفما كان الحال ، فقط أبعدي عنكِ هذا القلق فهو سينهك جسدك وقد يبطئك عن الوصول ! .."
    كانت نور تومئ له بامتنان بينما يستأنف هو حديثه " وأيضا ..كفّي عن قول سيدي الفارس ! أخبرتك مرارا أن اسمي تيزمت ، نادني به فحسب "
    أنهى كلامه بابتسامة بشوشة لتضغط نورعلى شفتيها مبتسمة على نحوٍ طفيف " كما تحبّ أيها الفارس تيزمت ! "
    " حسنا لا يجب أن نتأخّر أكثر ! " قالها فارس بلهجة ملولة وعينيه تدوران بسأم ، لتستطرد نور حديثها مع تيزمت على الفور " أجل ..هلّا دللتنا على طريق البراري ! "

    e022

    " علينا أن نتوقف عند إحدى الآبار يا سيّدتي ! "
    " صدّقني لستُ سيّدة أحد ! " قالت نور ذلك في سرّها ، وعينيها تنظران نحوه بإنهاك ثم تتجهان صوب فارس وهي تسأله بالإنهاك ذاته " أيمكننا التوقف في هذه الأنحاء لأجل الخيول ؟ "
    برقت عينا فارس وقد خطرت فكرة بباله عند سؤالها ، لينطق من فوره " بالفعل سنضطر لذلك ، ويفضّل لو نجد مكانا قرب بئر ما ..تيزمت نحن سنبطئ سيرنا هنا لا يجب أن نبحث معا عن بئر قريب فسيَدتي قد ألمّ بها التعب ! "
    يقول ذلك وهو يشدّ لجام فرسه موقفا إياه بينما يفعل تيزمت ونور الأمر ذاته ، ينطق تيزمت بعفوية " سيكون علينا الدخول للمزارع على كل حال وحتما سأجد آبارا هناك "
    كانت نور تفكر مقطبة حاجبيها زامّة شفتيها " مالذي يفكر به فارس ! لمَ يخبره أنني متعبة ! " لتنطق بصوت مسموع سريعا فور انتهاء تيزمت من كلامه " حسنا هلاّ سبقتنا إلى هناك ؟ يمكنك الإشارة إلينا فيما بعد فقط كيلا نتأخر فقد أنهكني الحرّ حقّا "
    " حسنا إذا فقط انتبها ..عليكما البقاء عند هذا الطريق الواسع حتى أرسل بإشارة لكما ! "
    أسرع فارس بتساؤله " لمَ علينا الانتباه ؟ هل هناك خطب في الأنحاء ؟ "
    رفع تيزمت حاجبيه مجيبا وهو يحرّك لجام فرسه مستديرا به " كلا ، فقط نحن لا نزال في الطريق البري لتادلة ، الأطراف الأخرى تخرجكم من تادلة وأنا لا أعرف إلى أين تؤدّي على وجه التحديد "
    كان فارس لا يزال محدقا به مقطب الحاجبين بينما أسرعت نور بقولها " حسنا نحن سننتظرك هنا فحسب "
    وحينما أشار لهما بكفّه وقد انطلق مبتعدا عنهم بفرسه ، زفرت نور بإنهاك وهي ترخي ذراعيها للأسفل ، لينطق فارس الذي كانت عينيه تراقبانها " يبدو أنَكِ منهكة بالفعل أيتها السيدة ! "
    قال ذلك رافعا حاجبيه ، بينما تجيبه نور وقد امتعضت بشدّة من نبرة التهكّم في كلامه " إنني كذلك بالفعل ..مرافقة تيزمت لنا تنهكني حقا ، رغم أنني أراه شخصا جيدا للغاية ولكن .."
    كرر فارس كلمتها مقطّبا حاجبيه هذه المرة " ولكن .. ؟؟ "
    تنهّدت نور بعمق قبل أن تلتفت بكليّة وجهها نحوه " ليته فقط لا يعرف الحقيقة ! " أمال فارس بحنكه رافعا إحدى حاجبيه " ولمَ على هذا الأمر أن ينهكك هكذا ! "
    لتتسع حدقتي عينيها السوداوين محدّقتين فيه باستنكار " لأنني لا أرغب في مواجهة غضب فارس أسير ..تجاوز منتصف الطريق لاسترجاع حريّته "
    تسمّرت عينيه الخضراوين اللتين أغمقت ظلال الأشجار المعمرة من لونهما ، بينما استغلّت نور بطئه عن إجابتها لتنهال كلماتها وعينيها تتّقدان بحرارة "أتظنني لا ألحظ حنقك الذي يتدفّق إلى عينيك بسبب تصرفات تيزمت وكلامه ! أنت تفقد السيطرة على إحساسك تماما ! لا يمكنك حتى التفكير بأنه لا يدرك الأمر على حقيقته وتعذره على ذلك ! "
    حدّث فارس نفسه بعينيه المحدّقتين نحوها " أتحاول هذه الفتاة تأنيبي أو ما شابه ! " ليحرّك عينيه بعد ذلك نحو المكان ويجيبها بصوت مسموع " أنتِ التي لا تدركين الأمر على حقيقته يا نور ! "
    اتسعت عينيها تنظران في عينيه ، بينما يضيق من عينيه مكملا حديثه معها " لذا إن كان هناك من سأعذره فسيكون أنتِ "
    لم تجد نور شيء لقوله ، لم يكن أي من تلك الجمل أو الكلمات التي تبادرت إلى ذهنها في تلك اللحظة شيئا ملائما لتتفوّه به " الصمت أفضل من التصرّف كحمقاء " حدّثت نور نفسها بذلك مختارة الحفاظ على كرامتها أمامه
    " يمكنك أن تسألي لمَ فكّرت في إبعاد تيزمت لبعض الوقت ! "
    تجيبه نور متجاهلة إحساس الإحراج الذي انتابها لانكشاف أمرها له ،وهي تتساءل إن كانت حيرتها في إيجاد ما تقول واضحة حتى هذا الحد !
    " بالطبع ، فقد أصررت على مغادرته لكي أعرف ! "
    يومئ فارس برأسه على نحو متتالي كما لو كان يشجعها " جيد .." ثم يقطّب من حاجبيه بجديّة مكملا حديثه
    " اسمعيني يا نور ، عدم ارتياحك لوجود تيزمت أمر منطقي .."
    التمعت عيني نور تنظران نحوه بقلق بينما كان يسترسل في حديثه الجاد بصوته الأجش الذي يحاول إخفاضه
    "بالسفر معه أكون كمن يمضي حاملا نقض عهده في يديه ! هذا الأمر يشتت ذهني كثيرا ويفقدني السيطرة على إحساسي تماما كما تقولين ! "
    تتقوس أطراف حاجبيها نحو الأعلى وبريق القلق يتضاعف في عينيها حينما كانت تهمس بصوت مسموع " عهدك ذاك ..مع أختي نُضار ! "
    " علينا أن نجعل تيزمت يشكّ بنا ! " يقول ذلك بشكل مباغت وعينيه تتقدان بإصرار ، لتنفي نور بوجهها وعينيها تتسعان بدهشة " مالذي تقوله ؟ "
    تزداد حدّة نبرة صوته وهو يحاول إخفاضه من جديد " لا يمكنه أن يظلّ برفقتنا حتى الوصول إلى فاس ! وأنت تعلمين ذلك ! "
    " بالطبع أفهم ذلك ، ولكن فقط ..." كانت ستسأله لمَ بالضبط يريده أن يشك بهم ! ولكنها انتبهت للأمر سريعا لتصمت وتتسع عينيها محملقة به !
    وحينها نطق فارس مقطبا حاجبيه " بالضبط ! ها قد فهمت الأمر ، لا يمكننا الفرار منه وهو يعلم أنك ابنة المستعين ابن بلكين ! "
    تومئ نور بشتات وهي تكمل حديثه " سيجب علينا أولا إقناعه بأننا .."
    يرفع فارس حاجبيه ناطقا بحزم وهو يشير بإصبعه " بأننا محتالان .." بتر فارس جملته منتبها للتجهم الذي اكتسى ملامحها فجأة ، ليضغط على شفتيه مغيّرا مسار حديثه " عليكِ أن تنسي التفكير بمن التقيت بهم هناك ! "
    لم تقوَ على الصمت هذه المرة ، لتشتعل عينيها الغامقتين ناطقة بانفعال " كيف أمكنك ذلك مرّة أخرى ! كيف يمكنك أن تخمّن ما يدور بخلدي هكذا ! "
    " لأنك ببساطة لا تحاولين إخفاءه ! " قال ذلك بعينين فارغتين ثم أردف " التفكير في إحساسهم بالخيبة منك بعد ذاك اللقاء الجميل .. أمر سيزيد من إنهاكك وإنني أتساءل إن كان بحوزتك من القوة ما يكفي لتحمّل كل هذا ! "
    نفت نور وهي تشيح بعينيها " كلا ..لقد صرتُ أشعر بأن فاس بعيدة عنّي ، أكثر من أي وقت آخر ! "
    نضحت عينيه بالإصرار من جديد وهو يخاطبها بحزم " إذا اسمعيني ..بمجرد خروجنا من تادلة سنسعى لإثارة شكه حولنا ! "
    يكمل فارس كلامه تحت نظرات نور الصامتة والحذرة " حينما سنصل إلى قلعة مهدي سنكون قد أغرقناه في شكه حولنا ، وأيضا .."
    يرفع من حاجبيه مستدركا " لقد صارت تصرّفاتك ذكيّة مؤخرا !
    رغم أنه أمر يريحني أكثر ولكنني أطالبك بالعودة إلى صفاتك القديمة ! "
    تقطّبت عينا نور تدريجيا وعينيها تنضحان بثورة خامدة بينما كانت تلزم نفسها على الاستمرار في الصمت والإنصات
    " تصرفي بحماقتك التي اعتدتها منكِ لأقوم بتقريعك بشدّة أمامه ! " يكمل حديثه وقد رفع من أطراف حاجبيه مجددا " وبعد ذلك سنتعمد التظاهر بالانتباه ، سنجعله يرى وبوضوح أننا ننتبه لما حصل ونغيّر طريقة حديثنا ! فتصبحين أكثر عنفوانا وأصبح أنا أكثر أدبا معك .."
    كانت نور تومئ ضاغطة على شفتيها حينما انتبها لإشارته من بعيد ، ليهتف فارس ساحباً إليه لجام فرسه وهو يخزها بقدمه " هيا بنا ...لا تنسي أيّا مما قلت ! "

    e022



  14. #213
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    attachment

    رياح دافئة ، بل ساخنة ، تلفح وجهها بتدفّقها الهادئ الساكن نحوها ..لمَ تحسّ بتلك النسمات ناعمة كما لو كانت بملمس الحرير ؟
    أكان ذلك بسبب ما تراه مترنحّا في كلّ صوب من حولها !
    تهيم عينيها تجاه الأغصان التي كانت تدحرجها النسمات بدلال ...أتراها تلاعب أزهارها العجيبة ؟
    وما إن عادت عيني نور إلى الأمام حتى اتسعت عينيها على أشدّها وهي تنظر بذهول إلى التلة المنخفضة على مدّ بصرها
    كانت الأشجار المُزهرة على مدّ البصر ، و تلك الأزهار البيضاوية الرقيقة مختلفة الألوان مُنتشرة على أغصانها !
    أحسّت نور بشيء يخلب لبّها ، وهي تلتفت يمنة ويسره كلّما توغلت في سيرها بينها ، عينيها المشدوهتين لا تكفّان عن متابعة النظر لتلك الأزهار مفرطة النعومة
    الصفراء منها بدت كقناديل صغيرة بين أوراق الشجر الخضراء ، أما الوردي والأحمر منها فقد كانتا كأزهار الجلّنار ! وتلك الزرقاء ..توهّجت بين الأغصان كالغيم في غروب المساء !
    " أنا لم أرَ من قبل ..أزهارا بألوان شتّى على نفس الشجرة ! "
    تهمس نور بذلك هابطة من فرسها ورأسها هائما بما وقع عليه بصرها من رونق ورواء ، وما إن استقرت قدميها على الأرض حتى انعكست في حدقتي عينيها الأزهار البنفسجية المتناثرة عليها !
    لتتسمر نظراتها الشاردة عليها لثواني قبل أن تهوي نحو الأرض جالسة القرفصاء ، وهي تمدّ يدها نحو تلك الأزهار ، تحملها برفق بين أنامل إصبعيها ، تمرّر لمساتها على بتلاتها الهشّة بينما تنطق كما لو كانت تهمس في أذنها " لم يخطر على بالي أن تكوني وأخواتك أزهارا تتعاقب عليكم الألوان ! ... ظننتكم أزهارا مختلفة ! "
    تتّقد عينيها وأطراف حاجبيها تتقوسان " هل البنفسجي هو لون ذبولكم يا عزيزتي ! يا له من ذبول دافئ وجميل ! "
    " سيّدتي ..عذرا منك ولكن علينا إلقاء السلام على الفلّاح صاحب البئر "
    التفتت نور لنداء تيزمت القريب ، ليقع بصرها على الفلّاح الذي انتهى من مصافحة فارس ، لتنهض من فورها ، مستعدة لإلقاء السلام وهي تنفض جانبي ثيابها
    " إذاً.. هل أتيتم مع قوافل التجّار ؟ "
    قال الفلاح ذلك بملامحه البشوشة وبصره يجول بينهم ، ليسرع فارس في الإجابة " نعم...نحن نرافق قافلة والدها " يقول ذلك وهو يشير إلى نور ، ليتدخّل تيزمت مجاريا الحديث " بالتأكيد تعلم كيف هو ازدحام سوق تادلة ، لذا اخترنا العبور من هنا لترتاح الفتاة وتتقوّى للسفر "
    كان الفلاح يومئ مبتسما ، ليتحدث بعد انتهاء تيزمت من كلامه "بالفعل أحسنتم الصنيع ! .."
    بينما يستأنف كلامه وهو يتوجه بنظرات ودودة نحو نور" حزرت بأنّك ابنة تاجر ! فبنات التجّار يحببن الزهور "
    لتنطق نور من فورها بابتسامة مهذّبة " كلّ قلب تائق مُحبّا للزهور يا سيّدي "
    يرفع الفلّاح حاجبيه مُعجباً بإجابتها " من أي تجار أنتم يا ابنتي ؟ "
    " من فاس يا سيّدي "
    ليصدر الفلاح صوتا استدراكيا " من فاس ! لا يحق لي العجب إذاً ، فالأمر كما يقولون .."
    تتسع ابتسامة الفلاح مكملا حديثه
    " أهل فاس يحرصون على أناقة كلامهم حرصهم على أناقة بنيانهم ! "
    احمرّت أوداج نور بينما كان الفلّاح يستأنف حديثه وهو يلتفت تجاه تيزمت وفارس " هل انتهيتم من ملء قرابكم ؟ أسرعا لآخذكم معي اليوم سنضيّفكم في البراري ! "
    على الفور كان فارس قد أجابه بالرفض قائلا " كلا لا .." ليسرع تيزمت في مقاطعته وهو ينطق بلهجة حرجة " نعتذر حقا يا سيّدي ولكننا على عجلة شديدة ! " لتضيف نور بذات القلق الذي اكتسى ملامح تيزمت " تؤسفنا خسارتنا لضيافتكم يا سيدي ولكن والدي سينتظرنا عند الطريق وسيسيئه تأخرنا عنه ! "
    أضاف فارس مغلقا الثغرة الوحيدة في كلامها " فوالدها على عجلة من أمره وبالكاد يسمح لاستراحة الخيول ! "
    يضغط الفلّاح على شفتيه بخيبة أمل وهو يستمر في محاججتهم " ولكن لم يتبقى الكثير عليها ! إن اتجهتم إلى قلعة مهدي تقتربون من فاس ! "
    لتميل ابتسامة النصر في وجه فارس وقد سُنح له في الأرض ما كان يبحث عنه في السماء ، ليسرع في إجابة الفلّاح بما يصحح به ما رآه تصرفا أحمقا منها سابقا لأوانه !
    " وجهتنا ليست فاس يا سيدي ، نحن نجدّ السير نحو سلا ! "
    لتتجهّم ملامح تيزمت وهو ينظر محملقا في فارس بينما يتجاهل الأخير ثقل إحساسه بتلك الحملقة نحوه !
    " إن كان الأمر كذلك فلا بأس ..." يتجعّد جبين الفلاح وهو يرفع حاجبيه " في حقيقة الأمر إن تادلة أرض تفني بروحها لأجل الضيافة والإكرام .. ولكن أهلها ورثوا خواص نباتها الأثير ، فتمنطقوا بليونة قطنهم ورأوا قبول الاعتذار من ضيوفهم .."
    كانت نور قد أسرعت في الإجابة متنسّمة الصعداء " أشكركـ .."
    ولكنه قاطعها سريعا مشيرا بإصبعه " كلا لم أنتهي بعد ! فتادلة تقبل عذركم ولكنها ستجود بروحها عليكم ! .."
    يكمل كلامه رافعا حاجبيه باستسلام " هكذا العُرف لدينا ! "
    لتنطق نور بتردد بينما عينا الفارسين تحدّقان بعدم فهم نحو ذلك الفلّاح وقد صار فلاّحا متحذلقا في عينيهما
    " هلّا أفصحتم لنا عن غايتكم يا سيّدي ؟ "
    ليضحك الفلاح منتشيا بملامح القلق والريبة في وجوه ثلاثتهم " لا يفهم الناس الفلّاح حينما يريد أن يصير أديبا .."
    كانت نور تقول " حاشا ..." بينما كان يكمل " نحن نقبل اعتذار المسافر عن الضيافة يا أبنائي ولكن بشرط منحه حكمة من أرضنا !
    فتادلة أرض روحها الحكمة ...وبمنح حكمتها تكون قد وفّت بعهدها وأفنت روحها للضيافة والإكرام ! "






    " بانسياب ودعة ، تأخذها النسمات الساخنة نحو الأرض ، لتهوي بها على التربة الدافئة "
    أشار إليها الفلاّح وهو يستأنف حديثه مع ثلاثتهم بعد أن أجلسهم أسفل إحدى أشجار القطن الكبيرة
    " قبل ذبولها واقتلاعها بأرقّ نفحات النسيم ، لم تكن بنفسجية اللون كما ترونها ! "
    يُبطئ من نطقه ويضاعف المدود بين الأحرف مسترسلا في حديثه وهو يقلّب نظره بين الجميع
    " بل تعاقبت عليها الألوان البديعة ، فقد ارتدت هذه الزهرة شتّى أنواع الحلل التي يتباهى بها الزهر والنوار
    تألقت بشعاع الزرقة ، والأحمر الوضيء وبالوردي الهادئ والأصفر البهيج !
    ولكنّها ورغم هذا الدلال ، الذي لم تحظَ به جلّ الأزهار ، تسرع في رحيلها الهادئ الميمون ...
    ربّما رغبت في البقاء على أغصان شجرتها الحانية ، ولكن بعد اكتمال بهجة ألوانها ، رأت أن ترمي بنفسها في سبيل اللوزة التي تحمل القطن في أحشاءها !
    أزهار القطن في الأرض .. هي قوس قزح السماء .." يصمت لثواني مبتسما ، ثم يردف مضاعفا من اتساع ابتسامته ليرتفع حاجبيه تبعا لذلك
    " لأن تعاقب الأحوال وتغيّرها تكون سببا في الإزهار يا أبنائي ! "
    نطق بذلك وصمت مجددا ، كما لو كان يعيد السكون لملامحه التي تحفّزت بجملته الأخيرة
    " فبعد الغيوم التي يتلبّد بها الأفق ، والماء الذي ينهار من كبد السماء و التي كادت تتصدّع من دويّ الرعد بين جنباتها ..تُزهِر السماء بتجلّي قوسها الملوّن لأعين الناظرين !
    وكذلك حكاية أزهارنا ! فبعد تغيّر أحوالها وألوانها تختار مفارقة الشجرة بدلا من التسمك بها ! "
    كان الفلاّح يشير بإصبعه مسترسلا في حديثه
    " لأنّ تغيّر الأحوال سبيلا للتدبّر والإبصار ! وفي تينك الأحوال كان تفكيرها قد طال بها وهي تتحادث فيما بينها ..."
    توقف الفلّاح عن الحديث لثواني مغيّرا نبرة صوته لصوت مُتسائل رقيق
    " إنني لَأُسعد أعين الناظرين بتألقي وبهجتي على أغصان الشجر ،ولكن ماذا عساه يكون نفعي إذا ما قورن بالأصواف الناعمة التي ستحملها ألواز شجرتي للناس ! "
    ليرفع حاجبيه بعد ذلك يسترجع حديثه بنبرة صوته ، وقد أصابه الحبور لرؤية ثلاثتهم قد ارتفعت حواجبهم وهم ينظرون نحوه بأعين منتبهة
    " وحينها لم تبالي تلك الزهرة بشيء وهي تطير مع الهواء مفارقة أغصانها في أبهى حللها وألوانها ! كان ذاك الصنيع هو إزهارها .. سعيدة بذلك الرحيل الناعم ، وهي تراه سيكون سببا في إعمار الأرض بأجود نسيج للثياب !
    لطالما سمع الفلّاحون نداء زهراتها التي تشبه الأبواق وهي تقول لهم : إياكم وإقصار النظر في أنفسكم ! تأمّلوا العالم الواسع من حولكم ، وأينما كان الخير والإثمار أذيبوا أنفسكم في صهد مصهرته ! "
    كان قد غيّر نبرة صوته مجددا كما لو كان يقلّدها في حديث سمعه يوما ما ، ليعود لنبرة صوته مرة أخرى وهو يشير براحة كفّة
    " ولذلك فإن أرض تادلة جميعها ماهي إلا زهرة قطن جميلة !
    لا تفكّر البتة في إظهار ذاتها بالشهرة أو المديح ! بل تختار لتكون هي الزهرة جميلة الصورة والمعنى التي اختارت أن تكون سببا !
    وهذا الطريق هو سبيل في غاية الوعورة يا أبنائي !
    لأنه لا يقدر على اختياره سوى أولئك الذين تمازجت في أرواحهم خواص القوّة والنعومة ! "







    attachment












    سبتــــة



    كانت يدها مستقرة على حافّة النافذة الخشبية ، رياح ناعمة تندفع إلى النافذة كما لو كانت قد هبّت فقط لتلفح وجهها ، كانت رياح باردة ، تزيد من ارتجاف قلبها وقدميها ! غير مصدّقة بأنها تقف الآن قريب من ذلك المكان ! ذلك القصر المخيف ! حيث سيقت إليه مع زوجها الحبيب ..أسارى مضطهدين !
    أطبقت جفنيها لتلسعها دمعاتها الملتهبة من ضراوة حرارة قلبها وقهره ، وحينما رفعت أهدابها المبللة من جديد كانت الرياح الباردة قد هبّت من جديد وأسرعت بتجفيفهما !
    ذلك الإحساس أجفلها ، وظلّت تحدّق بفراغ الهواء كما لو كان يعاديها ! لترتخي ملامحها بعد ذلك وتبتسم بشرود
    " أوّاه ...إنني في سبتة ، ليس غريبا إحساسي هذا
    سأشعر حتما بكل ما حولي يعاديني ويهددني "
    لتتنهّد بعمق ويستقر جبنيها على طرف النافذة هذه المرة
    " لنستأنف طريقنا إلى فاس ..هيا يا عزيزي البراء أيّ شيء هذا الذي ستأخذه من قصرك قبل مواصلتنا للطريق ! .."
    تنطق بتلك الكلمات ، بحاجبين متوّسلين ، وقلب منهك من فرط ضرباته وكوابيسه !
    ولم تمضِ ثوان على اتكاء جبينها على طرف النافذة حتى أجفلها صوت صهيل الخيول ! لتنتفض وهي تنظر عبر النافذة نحو الأسفل !
    وحينما ميّزت فرس العقاب استعجلت بنزولها دون أن تتعرف على هويّة القادم الآخر !






    كانت مهجة تتساءل وهما يلجان باب الخان " هل رفاقك هنا ؟ "
    بينما كان العقاب يجيبها وهو ينزع البرنس من على رأسه " الأحمر هنا وسنلتقي مع شهـ .." قطع جملته حينما رآها أمامه ، تخفي قلقها وانزعاجها منه كعادتها !
    بينما تسمّرت مهجة في مكانها تحدّق عينيها في تلك المرأة المجهولة التي تتحادث مع العقاب بعفوية لم تشهد أحد يحادثه بها سواها من قبل !
    لتقطّب مهجة من حاجبيها وهي تتابع تفصحها لتلك المرأة ذات العينين السوداوين الجميلتين ، بخمار منسحب عن مقدمة رأسها ليظهر جليا شعرها الحريري المفروق على الجانبين !
    " إذا مالذي جلبته من .."
    توقفت عن تساؤلها ا الذي أدركت سذاجته متأخرا ! لتتصلّب عينيها وهما تقعان على مهجة واقفة بالجوار !
    لم يساورها أدنى شكّ بأن الفتاة التي تراها الآن هي ابنتها !
    ليفغر ثغرها وتتسع عينيها بينما يهوى قلبها من مكانه كما لو كان يرتطم بين قدميها !
    أمسك العقاب بها سريعا حينما انتبه لترنّحها بينما كانت عينيها الممتلئتين بالدموع كـقطع من الزجاج المهشّم تنظر في عينيه بألم مريع ، كانت تنظر في عينيه كما لو كانت تتأكّد منه بحرقة ولوعة ، ليثبت بدوره بصره عليها ، وبحركة من رأسه وشعاع من عينيه كان يرجوها أن تتمالك نفسها !
    " روضة ..أأنت بخير ؟ أنطلب الطبيب ؟ "
    كانت روضة تنظر له بأسى ولوم وإحساس الهوان يأكل قلبها ، وفي الوقت الذي كان العقاب يحاول بكل جهده أن يتجنب نظراتها الأليمة تلك ...صُعق بصوت مهجة وهي تجيب بدلا عن الذي يوجّه لها الحديث
    " كانت بخير قبل أن تنظر نحوي ! ربما تحسبني شبحا ! "
    كان جسد روضة يرتعش من رأسها على أخمص قدميها ! كما لو كانت الدماء قد انطلقت تجري مسمومة في عروقها !
    ولكنّ جوارحها التقطت صوت مهجة رغم ذلك ، وانطلق فمها المرتعش يجيب بنبرة مهتزّة ضعيفة الأنفاس
    " كلا يا عزيزتي حاشا أن تكوني كذلك .."
    لم تقدر روضة على إكمال حديثها ، حيث طفقت يديها ترتعش بوتيرة أكبر وتهاوت على الأرض بعد أن عجزت ساقيها على الصمود أكثر !






    " كيف تفعل هذا بي !! "
    صاحت بهمس ! بشفتيها المبيضّتين المملحّتين ، كانت عينيها تتأجّجان غضبا في عينيه ، وقد تجعّد وجهها بسبب اعتصاره محاولا كتم نحيبه عن الغرف الأخرى !
    تحدّق بها عيني العقاب بذهول ، وقد صبغ الأسى قتامة على لونهما المضيء
    كان قد نطق أخيرا بحاجبين متوسّلين
    " أرجوكِ أعذريني ..." ولكن عينيه اتسعتا على أشدهما وهو يتراجع للوراء بعد أن تحركت يدي روضة المرتعشتين تدفعه ضاربة صدره والدموع تنهال من عينيها كالسيل
    " أتظننّي جسدا بلا روح !! "
    لتتّقد عينيه بحرارة ويجيبها مسرعا ممسكا كتفيها بقوّة
    " كلا ..كلا .."
    بصوتها المبحوح وحاجبيها المتوسلين ووجهها المحمر كانت قد هتفت في وجهه
    " إذا ؟؟؟!! "
    ليجيبها هامسا ويده الحانية تربت على كتفها
    " فقط اهدئي واسمعي سببي في ذلك ! "
    لتنفي روضة بوجهها الذي امتلأ بنقاط حمراء حول عينيها وعلى عظم وجنتيها النحيلتين
    " أي سبب هذا ؟ .."
    تكمل كلامها بشرود ووميض عينيها يبث حطاما ويأسا نحوه
    " أي سبب ؟ يجعلك تجمعني بابنتي التي لم أحظى بنعيم رؤيتها من قبل هكذا فجأة ! "
    ليعضَ العقاب على شفتيه بقسوة بينما كانت روضة تستأنف حديثها دون توقف
    " ابنتي ! التي لطالما رأيتها فقط في أحلامي وخيالاتي ! "
    كان لون عينيه قد تلاشى هذه اللحظة ، لينتشر ذلك اللون القرمزي واضحا وصريحا في حوضهما
    بينما تشتد نبرة صوتها وتتضاعف تجاعيد اعتصارها لوجهها
    " كم مرة تخيلت لقائي الأول بها ! حتى أكون جاهزة له !
    حتى أكون رائعة في عينيها منذ أول لحظة ولمحة منها !
    كم مـ .."
    ولكن صوت العقاب المتهدج قد قاطعها سريعا ، بنظرات منهارة تراه جاثيا أمامها ممسكا بكفّها المرتعش النحيل !
    " اغفري لي .."
    اتسعت عينا روضة المبللتين وهي تراه يقبّل يدها والدموع تنهمر من مقلتيه
    " أرجوكـِ .."
    ليرفع العقاب وجهه ناظرا إليها من جديد ! محمرّ الوجه ودموع فضيّة تسيل على وجنتيه !
    كما لو كانت عينيه قد أزالتا بتلك الدموع لونهما لتكتسي لونا مغايراً ، أحمرا باهتا و حزينا
    كانت عينا روضة ترتعش وهي تنظر للحالة التي صار عليها ، لتتحرك شفتيها هامستين بخفوت وراحة كفّها تستقر على شعره الكستنائي الكثيف
    " براء عزيزي .."
    حدّقت عينا العقاب بها باتساع ، منتظرة سماع ما سينطق به صوتها الضعيف
    " أخبرني عن سبب فعلتك الشنيعة هذه ! "
    قالت ذلك بصوت حنون لا يمتّ بأي صلة لظاهر جملتها ، ليجد العقاب نفسه مجبرا على الابتسام حتى وإن كانت المرارة تنهش قلبه !
    " مررت للقصر للقائها والاطمئنان عليها ،وبالطبع جلبها معي كان أمرا يمكنني أن أتريث فيه وأنبئك عنه قبل وصولها ولكن.."
    كانت روضة تنصت لها مقطبة الحاجبين بينما يكمل حديثه متنهدا " لكنني وجدتها في حال سيء ! لم يسبق وأن رأيتها عليه من قبل ! ولم يكن الوقت ليكفي أبدا لأعرف سببه يا روضة .."
    ولكن روضة احتجّت مجددا رافعة لأطراف حاجبيها بأسى " ألم يكن الوقت ليكفي لإنبائي بالأمر بأية طريقة قبل وصولكما ! "
    قطّب العقاب من حاجبيه وهو يتذكر أن الأمر كان ممكنا لو لم يلتقي بابنة عمه البغيضة ! كان سيستغل الوقت التي تجهز فيه مهجة أغراضها بإرسال أحدهم إلى الخان ..ولكن بالطبع هو ليس أحمقا حتى يكسر إحساس روضة أكثر ويخبرها بسبب كهذا !
    وقبل أن يستقرّ عقل العقاب على فكرة أخرى يبوح بها لروضة كانت روضة قد نطقت مستطردة
    " ولكن .."
    تضيق عينيها مكملة حديثها " ولكنّك قلت لي أنّك ستجلب شيئا من القصر ؟ كنت عازما على ذلك منذ البداية !! "
    ليكتم العقاب ابتسامته هذه المرة ويجيبها سريعا " نعم ، ولكنني أخبرتك بأنني سأتريث وأرسل لكِ خبرا !! "
    حدّقت عينا العقاب بعيني روضة المتشككتين بينما استأنف حديثه مخفيا قلقه
    " حتما يا روضة ! ولكن ما حصل في القصر بعد ذلك أشغل عقلي وأنساني ما يتوجب عليّ فعله ! "
    أكمل كلامه وظلّ يحدّق مجددا في ملامح روضة الصامتة وأهدابها المنسدلة ، لينطق من جديد بنبرة لحوحة
    " أنا أعترف بالخطأ الشنيع ولكن ..سامحيني "
    لعقت روضة من شفتيها وأومأت إيماءة بالكاد تُلمح أو ترى ، لكنه أسرع بالضغط على كفّها مجددا وعينيه تتقّدان نحوها بإلحاح
    " هيا يا أمي العزيزة ..سامحيني كما تفعلين دائما ! "
    لتتحرك شفتيها مبتسمتين رغم انطباقهما ، بينما استغل العقاب ارتخاء ملامح وجهها ليردف سريعا
    " وأنا أعدكِ بأنني سأكفّر عن ذنبي .."
    كانت روضة تجيبه بلا شك , في الوقت الذي كانت فيه مهجة تواجه صراع روحها في مكان آخر











  15. #214
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    كانت جالسة على سرير منخفض ووثير ، والذي يكاد يفقد وثارته من فرط اهتزاز جسدها واهتزاز ذلك السرير معه !
    رفعت قبضة أسنانها القاسية على شفتيها تنطق متأففة وعينيها تنظران في فراغ ينقل بصرها لمكان آخر تماما
    " كيف !! لمَ لم أجده هناك ! كنت متأكدة أن قارورة السمّ بجوار طحين الخردل في آخر ركن صناديق البقول ! "
    تحركت يدها بارتعاش ساحبة خنجرها البديع من حزامها !
    لتسحب غمده السميك عنه ، وعلى الفور تتقاطر على نصله بقع شفافة من دموع عينيها
    كانت قد شهقت بارتجاف وقد حجب عنها فيضان عينيها رؤية أيّ شيء حولها
    ظننت أنني سأفعلها وأسممّك ،،ولكن القدر لم يكتب لي ذلك !
    لتنفي برأسها وهي تمسح دموعها التي انحدرت على وجنتيها
    " أظنها حماية من الله ..ربّي الرحيم بي ..حتى حتى لا أظلم نفسي .."
    تشهق بين كلماتها وهي تواصل مسح كل دمعة يسيلها حوض عينيها
    " لذا ..
    وحتى أخفف عن نفسي مرارة العذاب
    سأجعلك تعاقبني وتكرهني ! "
    لتتأمل نصل خنجرها الذي يطابق لونه أكثر لون عينين مألوف لها ولقلبها
    " سأطعنك بهذا ..بلا سم ! لن يؤذيك حقا !
    ولكنّه ..سيخفف من لهيب قلبي ، حينما أرى غضبك مني وحسرتك وكرهك لي !!
    حينما أرى يأسك مني ..حينها سأتمكن من الطيران
    ولو كان جناحي مكسورا
    ولو كان ريشي منتوفاً
    ستتمكن روحي من المشي حينها ..ولو كانت دماء جروحي سترسم آثار مسيري في الطريق !!
    ليكن ..
    ربّما يقتلني ذلك الألم
    وينقلني إلى هناك.. حيث الرحمة الأبدية "



    دفعت مهجة باب غرفتها بهدوء ، كانت الردهة مظلمة أمامها إلا من ضوء مرتعش لسراج بعيد
    لتقطّب حاجبيها متسائلة " أيعقل أنهم قد أخذو تلك المرأة الغريبة إلى الطبيب ؟ "
    لتكمل خطواتها خارج غرفتها وتستدير مغلقة الباب من وراءها بحذر ، كانت تحدث نفسها وهي تخطو خطواتها في تلك الردهة المستطيلة بأنه إن لم يغادر الخان فسيكون في هذا الطابق بلا شك !
    تقطّب من حاجبيها بينما يتضاعف ارتعاش ساقيها وهي تمرّ بجوار أولى الغرف
    " اهدئي يا مهجة ! عليّ التأكد من خلوّ الغرف أولا ، عليّ أن أعرف أيها غرفته ثانيا ! "
    همست في نفسها بذلك وهي تطرق على باب الغرفة الأولى بهدوء تام ، لتدفع الباب بعد ذلك بحذر ، فإذا بالباب مفتوحا والغرفة خالية إلا من برنس مرمي على الأرض
    " إنه برنس الأحمر ! ليست هذه الغرفة ! "
    همست لنفسها مجددا بذلك واستدارت مغادرة الغرفة عائدة حيث الرواق المظلم ، وقبل أن تمدّ راحة يدها نحو الغرفة التالية ، كانت قد سمعت صوتا ما
    توقفت يدها في الهواء حيث كانت ! بينما ازدادت شدة تقطيب حاجبيها لفرط انتباهها
    لتمشي بضعة خطوات أخرى للأمام نحو الصوت ، وخاطرها يحدّثها متسائلا
    " ألا تزال تلك المرأة الغريبة تنوح ؟ "
    " لمَ هذا الإصرار ؟ ما الضير لو أخبرناها بالأمر ؟"
    خفق قلبها لسماع صوت العقاب من تلك الغرفة ، وفي الوقت الذي تحركت فيه يدها نحو قلبها لتهوّن من حدّة ارتجافه
    " ما الضير ؟ كيف سنخبرها بالأمر دون أن ..دون أن يزول حبها لوالدتك من قلبها ؟ "
    اخترق ذلك الصوت الهش الناعم مسامع مهجة كطنين حاد ، لتتضاعف حدة ضربات قلبها ويطفق تقارعه في وسط صدرها
    " أخبرتكِ بأنني قد أجد طريقة ما لإخبارها بكل شيء .. باستثناء هذه النقطة ! "
    ازداد التصاق رأس مهجة بذلك الباب وقد تجمّدت جميع أطراف جسدها من فرط المزيج بين خوفها وفضولها
    " كيف ستجعلها تصدّق أمر كهذا بحكاية ناقصة يا براء ! ستجد نفسك مضطرا بعد ذلك لكشف الأمر برمّته !! "
    " لمَ تستبقِ الأمور هكذا ؟ "
    " لأنني لا أريد أن يتعذب قلب ابنتي بإحساس الخذلان والخيبة ! "
    اصطكّت أسنان مهجة روعا وهولا مما نطق به ذلك الصوت الملتاع والمتهدّج !
    " إنها تحب والدتك كثيرا ، لا أريد أن أكسر سلامها بعد كل هذه السنين وأعذبها بمأساتنا القديمة ! "
    " إذا أتظنينني أنتِ جسدا بلا روح هذه المرة ! "
    خيّم صمت للحظات استطاعت فيه مهجة أن تسمع صوت أنفاسها العنيفة قبل أن يعود صوت أحد المتحدثيْن من جديد
    " أأحتمل عذابك وأنتِ ترين ابنتك بجوارك هكذا ...أأحتمل حسرة عينيك وأنت تتمنين لو تدرك أمومتك لها ! "
    تكاد يدها التي كممت بها فمها تقتلع حنكها من فرط قوة انكماشها حوله ، بينما تحملق عينيها في الباب المغلق أمامها لتلتقط مسامعها ذلك الصوت الذي أذاب تصلّبهما القاسي لتنجرف الدموع كالسيل من حوضهما
    " أتحتمل عذاب مهجة إذا ؟ بإخبارها بتلك الحكاية المريعة ! لا يمكنني أن أختار عذاب ابنتي بدلاً عني ! ..
    "
    غاصت نظرات العقاب أسفا في عينيّ روضة المحمرّتين ، أي بريق طاهر هذا الذي يرتعش في حوض عينيها الآسيتين !
    ليضغط على شفتيه ألما ويقطب حاجبيه تأثّرا وهو يتناول كلتيْ يديها نحوه
    " أنا حقا مضطر لجلبها معنا يا روضة ! "
    كانت تنفي بوجهها كما لو كانت ترجوه التوقّف عن الاعتذار إليها بينما يسترسل هو في اعتذاره ومبرره مدفوعا بتأثّره وحزنه على حالها
    " لا يمكنني أن أقوم بخطّتي في فاس وهي بعيدة عنّي ! "
    لتتقطب حاجبيها على نحو خفيف وتنطق متسائلة ببراءة " وما علاقة خطّة فاس بالأمر ؟ "
    أشاح العقاب نظره عنها للحظات ، فكر بأنه لم يخبرها من قبل بحقيقة ما تعنيه مهجة له وما يعنيه لها ، ومن الواضح أنها ليست في الوضع الأمثل لإخبارها بشيء كهذا
    ليرفع حاجبيه متصنعا العفوية في حديثه " لأن ما سنفعله هناك سيمنعنا من الخروج منها قبل تحقق الهدف ! "
    تميل شفتي روضة وهي تضغط عليهما مع استمرارها في الإنصات لكلامه
    " فلا أدري متى يحصل هذا لذا فلا أدري متى سأتمكن من العودة للاطمئنان عليها "
    يكمل حديثه بنبرته المقنعة رافعا حواف حاجبيه نحوها
    " وتعلمين أن ثقتي بمن يحومون حول القصر محدودة ! لذا لو اختفيت عن القصر أشهرا طويلة لن يكون ذلك جيدا لنا ولها .."



    كانت مهجة قد غادرت مبتعدة عن ذاك الباب منذ زمن
    منذ أن سمعت ذلك الصوت المتهدج ينطق باسمها
    " أتحتمل عذاب مهجة إذا ؟ بإخبارها بتلك الحكاية المريعة ! لا يمكنني أن أختار عذاب ابنتي بدلاً عني ! .."
    لتركض أسفل الدرج وكفّيها تغطّيان أذنيها الذي ما انكفّ صدى تلك العبارة يتردد فيهما ، كانتا أذنيها تطنّان مع كلّ دوي يتجدد من ذاك الصدى حتى شعرت بهما كما لو كانتا تتآكلان من حرارة قاسية تنخر داخلهما وخارجهما
    لتتوقف عند آخر الدرج في الأسفل ، وثقل رأسها المريع يمنعها عن المضيّ رغم تغلّبها على ارتعاش ساقيها المرتجفتين !
    كان أحد العاملين في الخان قد اقترب منها وعلامات الجزع تكتسي ملامحه
    " أ أنت على ما يرا .."
    ولكن الغثيان الذي ألمّ بها كان قد ضاعف من إقلاقه ليلتفت من فوره هاتفا بصوت مسموع
    " أحد نزلاء خاننا مريض !! "
    كانت مهجة ترفع رأسها وعينيها بصعوبة ويأس محاولة الحديث مع ذاك العامل لأجل التكتّم عن حالها
    ولكنّها اضطرت لرؤية الزحام من حولها دون أن تقدر على النطق بشيء وطنين رأسها يحاصرها مع الغثيان العنيف



    كان العقاب ثانيا ركبته بجوار الفراش الذي استلقت عليه مهجة وقد أُسند ظهرها على وسادة كبيرة صلبة بعض الشيء
    تتابع عيناه الرماديتان عمل الطبيب بانتباه وقلق ، بينما كانت روضة جالسة في ذات الغرفة ، تنظر من مكانها حيث تستلقي مهجة بينما تغطي بكفّها شفتيها المبيضتين والدموع تنحدر من عينيها بصمت تام
    ازدرت مهجة رشفة من الدواء الذي أسقاها إياه الطبيب ، لتطبق شفتيها بعد ذلك ممتنعة عن فتح ثغرها من جديد
    كان صوت الطبيب رزينا حينما نطق بإلحاح " أرجوكِ يا ابنتي .."
    كانت مهجة مصرّة على الامتناع حتى تحركّت عينيها صوب العقاب حينما أحست بكفّه على رأسها
    لتتسع حدقة عينيها مع انقباض رهيب لقلبها وهي ترى نظراته المتوسّلة نحوها لترتفع حواف حاجبيه وينطق بصوت غائر في الدفء
    " لا تفعلي هذا بي "
    لم تستجب بشيء ولم تحرّك بصرها عنه ، كانت منشغلة بتفحّص عينيه المنتفختين !
    لم ترهما على هذا الحال حينما أتى لاصطحابها ! رغم أن تماضر قد أمرت بإشعال جميع مصابيح القصر حين وصوله !
    هل لهذا شأن بالهرف الذي سمعته قبل قليل ؟ هل بكى لأنه صُعِق مثلها بوجود امرأة تقول أنها أمها !
    في الوقت الذي اختفت فيه مهجة عن حضورها منهمكة في أفكارها تلك، كان العقاب قد سمح للطبيب بالمغادرة لشؤونه بعد أن استلم صحن الدواء منه ، ومن ثم التفت تجاه روضة التي كانت تشرئب عنقها للنظر حيث مهجة وأشار لها بالاقتراب والمجيء
    كانت أنفاسها متضاربة وهي تتأمّل ملامح ابنتها لأوّل مرة في حياتها ! كيف لم تدرك في صباح اليوم ولم تحس بحصول شيء كهذا في مساءه !!
    تنطق ووجهها يرتعد بلا إرادة منها
    " لمَ هي تتعرّق هكذا ؟؟ "
    ليجيبها بلطف متجّها بنظره إليها " يقول الطبيب أنه جيّد لها ..لا تقلقي "
    كان يودّ لو ابتسم في وجه روضة بعد عبارته الأخيرة ولكن ذهنه المشغول بها قد أسرع بإعادة بصره نحوها
    ليربت على رأسها من جديد وبعينين متقدّتين كان قد نطق وقد أنساه لهفه واهتمامه وجود روضة بجواره
    " مهجتي .."
    لم تدرك متى أقفلت أجفانها ، ولكنها متيقنة بأنها أحست به يربت على رأسها ثانية ، كانت قد رمشت عدّة مرات قبل أن تثبت عينيها السوداوين تنظران في عينيه من جديد
    وحينها ابتسم العقاب على الفور ، مشعّة عينيه ببريق حبّه وهيامه بها
    " هلاّ أذنتم لهذا الدواء بالولوج من باب ثغركم الرفيع ؟ "
    لم تكن ترغب في ذلك ، لكنّها ابتسمت ابتسامة صغيرة وذاك البريق الجوهريّ يتقّد في سواد عينيها
    " كم هي جميلة وبريئة فتاتي ! "
    لتتسع ابتسامتها على الفور ومن ثم تمتلئ عينيها بالدموع في الوقت ذاته ! بينما يضجّ عويل قلبها في صدرها
    لن أسامح نفسي ..لن أعفو عنها ..كيف يستمرّ هذا الإحساس البغيض ! كيف أستمرّ في رؤيته نعيما في قلبي وبهجة لعمري !
    كيف يرفرف إحساسي بالحب والابتهاج لمن ..لمن ..لمن قتلت عائلته أهلي !! "
    لتفلت شهقتها من ثغرها المطبق ودموعها الساكنة !
    وحينها فقدت روضة تمالك نفسها ، وزحفت بركبتيها تسرع في الالتصاق والدنوّ من ابنتها ! لتتسع حدقتي العقاب وهو يرى كفّيها المرتعشين يحيطان بوجه مهجة ! ومن ثمّ تتحرك أناملها الناعمة بحركة غير متّزنة تمسحان وجه ابنتها المبلل بالدموع
    لم تنتبه روضة لثغرها الذي عجزت عن إطباقه ، من هول أنفاسها المتسارعة والمرتبكة ، من هول الإحساس العميق الثقيل في قلب صدرها !
    كانت أهدابها الطويلة ترتفع نحو الأعلى بينما الدموع تتقاطر على وجنتها النحيلة وهي تهمس لنفسها بخليط من الأسى والطرب !
    " إن وجه ابنتي بين كفيّ ! أنا أكفكف دموعها كما تفعل أيّ أم مع ابنتها ! ..أنا ..أنا .."
    كان قلب العقاب ينفطر متمزّقا وعينيه تراقبان ارتجاف روضة من رأسها لأخمص قدميها من فرط حنينها وانفعالها ! ولكنه لم يشأ أن يبتعد ويترك روضة بمفردها لتبثّ أشواقها مع ابنتها الوحيدة، رغم كونه حقّا لها ، ولكن لأنّ مهجة لا علم لها بالأمر... !
    حدّث العقاب نفسه بذلك مقطّب الحاجبين وضربات قلبه تتقارع في صدره على نحوٍ لم يعهده من قبل !
    شهقت روضة وابتسم وجهها المبلل لرؤية بريق عيني مهجة أمامها !
    لترتفع حاجبيها ويهتف داخل قلبها " أي سحر في عينيها ! " بينما انكبّ وجهها على الفور يقبّل جبين مهجة بعمق ..
    ظلّ جسد مهجة متسمّرا حتى بعد قدرتها على فتح عينيها لرؤية تلك المرأة ، التي تغمغم على رأسها وتمسح كل دمعة تهمّ بالجريان عبر خدّيها ، وحينما انتهت روضة من قبلتها العميقة وحوّطت وجه مهجة بكفّيها الناعمين ظلت عينا مهجة متسمّرتين نحوها بلا وميض ، لتتضاعف ضربات قلب العقاب حينها ، ويشعر بقلبه كما لو صار ماء مغليّا يجري بين جنبات صدره !
    كانت عينا مهجة كالبحر في الليالي الداجية ! حالك ومريب ، ودمعاتها الأخيرة السابحة في حوض عينيها بدت للعقاب كآخر أمواج الليل الساكنة ، التي تليها جلبة الرعد بأصواته المجلجلة في السماء !
    بدون أن ترمش عينيها ، كانت قد قطّبت من حاجبيها ونطقت بصوت واهن
    " من أنتِ ؟ "
    ابتلعت روضة من ريقها في اللحظة التي شعرت بسكون قلبها وتوّقفه عن النبضات ، كان العقاب في حالة مريعة من فقدان السيطرة ، تفضحها عينيه المغرورقين بالدموع رغما عنه !
    ليعود إحساس روضة بعودة نبضاتها على نحوٍ عنيف وساحق ، بينما ترتعش حدقتا عين العقاب مصعوقا من جملتها
    " هل هي من جواريك ؟ "
    أحسّت مهجة بثقل تلك اللحظة وهي تقلّب نظراتها بينهم بعجب شديد
    لتستجمع روضة ما تبقّى من نفسها وتسرع مجيبة بابتسامة وشفتين مرتعشتين
    " نعم .."
    بينما ألحق العقاب إجابته سريعا جدا " إنّها بمثابة أمّي "
    لتسيل دمعة ساخنة من عين روضة بينما يكمل العقاب حديثه مبتسما في وجه مهجة وضربات قلبه تؤذي صدره الملتهب
    " أعرفها مذ كنت طفلا يا مهجة ، إنها امرأة حنون جدا وأرى أنّك ستحظين بحنانها تماما كما حظيت به أنا ! "
    لترفع مهجة من حاجبيها على نحوٍ ضاعف من إبراز جمال أهدابها المتعرجة
    " لا تكذب هكذا ! "
    لتتجمّد نظرات روضة وهي تشهق بخفوت بينما وجد العقاب نفسه يضحك مرغما وهو يجيبها بعينيه اللامعتين
    " أليس عيبا ما تقولينه ؟ "
    تجيبه مهجة من فورها وقد ضاعفت من رفع حاجبيها " كلا ! ..لأنّك تكذب بالفعل ! "
    كانت عينا روضة تنتقلان بينهما بقلق وعدم استيعاب لمنطقية ما يجري
    " لمَ تظنينني كاذبا ؟ هل كذبت عليكِ من قبل يا مهجتي ؟ "
    تلاشت ضحكة العقاب وهو يلاحظ انكماش ملامح مهجة والعتمة التي اكتست عينيها ، ليقطّب حاجبيه والحيرة من حالتها الغريبة تضاعف من اللهيب في صدره !
    ولكنها تجاهلت التعقيب على جملته الأخيرة عندما نطقت " لم أظّنك كاذبا ؟ .."
    التفتت بعينيها تجاه روضة وهي تكمل حديثها " لأنني كنت سأعرفها أيضا لو كان ذلك حقا ! "
    ليجبر نفسه على الابتسام هذه المرة " مهجتي ! كنا نفترق حينما أذهب إلى بيت جدي في بلنسية صحيح ؟ "
    تتسمّر عينا مهجة الحالكتين عليه دونما جواب بينما يستأنف حديثه متجاوزا تلعثم اختلاق الكلام ببراعة " كانت مربيتي في قصر جدّي هناك ! "
    لتشيح مهجة بحدقتي عينيها تحدث نفسها بحذر كما لو كانت تخشى أن تزلّ وتنطق بما يدور بخلدها أمامهم
    " أيعقل أنهم كانوا يرفضون ذهابي معهم بسبب احتجازهم لوالدتي هناك ! .." تقطّب حاجبيها متجاوبة مع حديثها الداخلي " ..كلا ..تلك اللفافات تقول أنهم قتلوها ! ... "
    همست روضة وهي تنظر للعقاب بوجل والتياع " هل هناك خطب بابنـ ..بها ؟ فقط أخبرني !!! "
    ليجيبها العقاب وتقطيب حاجبيه لم يزِل عن وجهه مذ تلاشت ضحكته عجبا من التغير المفاجئ لملامحها
    " شيء ما قد حلّ بها .. في غيابي !! "


    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629

  16. #215
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية




    e032



    أميرتي العزيزة ، الأميرة كنزة بنت القائد ابن سارة ، قد يخيب ظنّك بي قريباً ، ولكنني أرجو من كل قلبي ألا يخب ظنّك في أثرك الذي نثرتِ طيب نفحه على روحي !
    بل إنني لأجسر على القول ، بأنه لا يحق لك ذلك يا مولاتي الأميرة ! فمذ يوم لقائنا الذي كان ذاته يوم الافتراق ، أخذت كلماتك تغوص منسابة في ذهني في كلّ ما تقع عليه عينيّ ويفقهه قلبي !
    أثر وردتك الذابلة قد رأيته عياناً ، رأيته في أثر كلماتك التي ما انفكّت تلاحقني بذكاء عبقها ، وبعد تساؤلي عن هذا فقط ، وجدت الجواب !
    كلّ ما قلته يا أميرتي كنت قد شاهدته عيانا ! أثر تلك الوردة التي يكون عزاءا عظيما يخفف حزنها ! ولكن بإدراكك فيما بعد ، أنه ليس بشيء تتوق لتحقيقه الدول والممالك فحسب !
    فالإنسان أيضا ! كل إنسان عليه أن يفعل ويترك أثراً !
    كيف لي لم أنتبه لذلك من قبل ! وأنا التي عاينت أثر نسيج تارودنت في مدينتي فاس قبل أن أرى أنامل سيداتها وفتياتها ينسجان ذاك الأثر في مكان آخر ! في قلب بلاد السوس الدافئة !
    كم طفلة في مدينتي ابتهجت بثوب رقيق حريري نسجته يدا السيدة زينب الرواندية وتلميذاتها !
    كم زوجان تبادلا هدايا الحليّ الوضّاء شبيه الفضّة الذي أذابه رجال داي الأقوياء بحرارة قلوبهم و وجوهم الباسمة !
    كم إنسان نام قرير العين في فراشه بذلك الثوب القطني الناعم الذي جمعته أنامل عائلة تادلية كريمة ؟
    صدقاً يا أميرتي ! هذا هو ما رأيته في رحلتي وسفري ، فنسيج تارودانت ، ونحاس داي ، وقطن تادلة ، يصل أثرهم لكل مكان !
    في كلّ بلاد المغرب وما حولها ! حتى يستقرّ يوما ما عند بيوت البشر ، يغوص أثرهم الكريم في قلوب البشر وحياتهم
    تماماً كما تكتظ بهم أسواق مدينتي العزيزة ، هناك حيث يجتمع النهران ، نسيم القيروان وعليل قرطبة .


    e022









    قلـعة مهدي


    كان قلبها يغوص في مخاوفه كلّما كشفت الطريق معالم وجهتهم ، الأفق يزداد قتامة بتلبد الغيوم الرمادية ، والتي ماثلت في لونها صخور الحصن الحصين في جبل شامخ استقرّت أبخرتها على قمّته !
    تقطّبت حاجبيها وهي تختلس النظر للمكان من حولها بتوجّس ، صار صوت حافر فرسها ثقيلا على أذنها وهو يقرع تلك الأرضية الرمادية ذات الحجارة المعبّدة المرصوصة ، صاعدا طريقا لا يمكن اعتباره وسيعا بذلك الاكتظاظ الطفيف ، حيث اضطر جميع المسافرين بإبطاء سيرهم و مجاورة بعضهم بعضا في ذلك الصعود الحاد ، الذي يأخذهم طريقه الشاهق نحو بوّابة القلعة الحصينة
    لم يكن فارس بحال أفضل والحسرة تعصف بعقله لأنه لم يفترض مفارقة مناد في الطريق ، ولم يتّخذ اللازم لمعرفة ما يجب معرفته من المدن التي سيعبرون منها ! ، ليهمس في نفسه بذلك ساخطا وعينيه تتقّدان في ذلك المكان الذي يخيّم عليه لون من الزرقة ، أما كان على مناد نفسه افتراض وقوع شيء كهذا وإنباءه بمروره على مدينة مفرطة التحصين كهذه في الطريق !!!
    يحدّث نفسه بذلك وقد اتسعت حدقتي عينيه بوجل وهو يرى الجند على بوابة القلعة يلقون النظر على حُجج جميع الداخلين !
    لينتفض لسان نور بعد أن لمحت عينيها ذلك أيضا ، وتنطق من فورها بما يلائم خطّتها السابقة مع فارس ولكن دون أن تنوي ذلك في الحقيقة !
    " لماذا يتفحّصون جميع الداخلين ! ولماذا نمشي جميعنا مصفوفين هكذا ! " تقول ذلك وتعود جائلة بعينيها في الصفّ المزدوج رهيب الانتظام على مدّ الطريق المعبّد المبنيّ من أسفل القلعة حتى بوّابتها في أعلاها !
    " ألا ترين الجنود ! كيف يفترض بالناس أن تفعل في مكان محصن ! " ، انتبه تيزمت من جديد لنبرة صوت فارس الزاجرة وهو يجيب نور ! ليرفع حاجبه ارتيابا وهو يراقب رد نور وتصرّفها ، بينما كانت نور تجيب بعفويتها والقلق يبرق في عينيها الغامقتين " أليست قلعة مهدي مدينة ! " ، كان ذلك سؤالا أحمقا جداً منها رغم أنه لم يخفى على فارس بأنها لا تحاول تنفيذ ما اتفقا عليه في هذه اللحظات ! إنما هي الصفة التي اعتاد عليها منها ،تصير حمقاء جدا حينما تشعر بالخوف !
    ليبالغ في زفرته ملفتا نظر تيزمت لما يجري وهو يجيبها بنفاد صبر مصطنع " هناك مدن محصّنة ! متى فقط تريحيننا من غبائك هذا ! " ، ما إن وقعت تلك الجملة على أذن تيزمت حتى توقف تفكيره وأدار برأسه نحوهما ، لتوقظ ملامحه المصعوقة انتباه نور ، وتسرع في التصرف محاولة تأكيد شكوك تيزمت نحوهما !
    تضغط على شفتيها وتخطف نظرة نحو تيزمت ثم تنهر فارس بقولها " أنت ! لتعرف ما تقول لسيدتك !! "
    ليرفع فارس جبينه من فوره ويجيب متصنعا تلعثما خفيفا " الـ نعم ..المعذرة يا سيّدتي ، فقط إنني أفقد أعصابي ..خشية عليك بالطبع ! "
    " هذا صحيح ! " أجابت نور سريعا ومعالم القلق تطفوا في عينيها من جديد " تيزمت ماذا سنفعل ! "
    ليجيبها تيزمت وعينيه تدوران بينهما بنظرات فارغة " أرسلني القائد ابن سارة معكما لأسباب كهذه ! فلا حاجة للمبالغة في الخوف والانقضاض على بعضكما البعض هكذا ! "
    شتمه فارس في داخله وعينيه تحملقان به بصمت بينما كانت نور تسأله من فورها " هل سندخل بوصاية القائد ابن سارة ! "
    " الأوضاع في هذه المدينة أكثر ارتباكا مما قد تتوقعين ! ولكن بحوزتي طريقة ما .."
    برقت عينا فارس فور سماعه لجملة تيزمت الأخيرة لينطق من فوره " ألا يفترض بنا معرفة شيء عن طريقتك هذه ! "
    " بالطبع يجب ذلك ! ولكن هل تمكنت من قول شيء بسبب شجاركما ! "
    رمشت عينا نور متسائلة إن كانت تصرفاتهما قد أثارت شكوكه حقا ! بينما أشاح فارس عينيه مقاوما رغبته في إخراسه
    " سأريهم حجّتي وأخبرهم بأنكم ضيوف القائد بن واريلوشن .."
    لتقاطعه نور من فورها بصوت هامس كالذي بدأ حديثه به " ماذا ! لماذا قد يصدقونك بهذه البساطة ! ومن يكون القائد واريلوشن هذا !! "
    هنا قطّب فارس من حاجبيه محدّثا نفسه بأنّ ما يعوّل عليه تيزمت في خطّته لا يمكن أن يكون الادعاء الذي سيدلي به ، بقدر ما هو مرتبط بهويّة المدّعي نفسه !
    " لأنني على صلة حقيقة بهذا القائد ، وأيضا هناك جنديّ ينتظر وصولي عند بوابة القلعة ... "
    " هل هو قائد هذه المدينة ! " أسرعت نور بالهمس بذلك ووميض القلق يأبى الانحسار عنهما
    "لا ولكنه من بني ورايلوشن ...بني ماروى ، واريلوشن ، وانتقفاكن ، بني تسكدلت ...وثلاثة غيرهم يستوطنون هذه الأنحاء ، من الطبيعي أن تكون قوّتهم حاضرة بالمدينة ! "
    نطق فارس دون أن يزول تقطيب حاجبيه " هل يتشاركون حكم المدينة ! "
    " إنها مدينة تنفلت منها الأمور دون أن يظهر ذلك عليها ! لذلك يكفي أن تكون قائدا مهُمّا لتُحترَم مكانتك "
    " ولكن هذا التقدير محدودا كما أرى ! بكونك تحتاج جنديّا تعرفه عند باب المرور رغم حجّتك القويّة ! "
    قال فارس ذلك بصوت محتقن ، وعقله يكاد يتفتت من هول التفكير في طريقة المغادرة بدونه !
    تسللت ضحكة تيزمت بصوت أعلى من حديثهم الهامس " محدوديته لا تنفي نفعه يا صديقي ! ومن ثمّ عدد الجنود الذين يقدّرون هذا القائد بالذات أكبر مما تتخيل !
    تساءلت نور والقلق يتمكن من وجهها أكثر من ذي قبل " ولكن هل سيتوجّب علينا أن نلـ .."
    ولكنها بترت جملتها حينما اقترب من مسامعها بعض الضجيج ، لتلقي نظرة نحو الأمام وتجد الجند مصفوفين عند بوابة المدينة ! ليتضاعف قلقها في تلك اللحظة ضاغطة على شفتيها بقوّة بينما كانت عينا فارس تتأجّجّان بقلق مماثل وهما تراقبان جنديّا يغيّر مسار وقوفه نحو طرفهم ، قطّب فارس حاجبيه وقد كانت تخميناته في محلّها ، فلم يمرّ إلا القليل حتى صاروا عند بوابة المدينة للعبور وإذا بذلك الجندي يهتف باسم تيزمت ومن ثمّ يطالبه بإخراج حجّته لأجل العبور ، وما إن فعل تيزمت ذلك تحت التفاتات صريحة من الجند الآخرين ، أشار تيزمت أخيرا نحو نور وفارس ليقول مخاطبا صديقه بنبرة جذلة " هؤلاء ضيوف القائد بن واريلوشن ! " ليرفع ذلك الجندي حاجبيه ويجيبه بنبرة تحمل شيء من المعنى بينهما " أهلا وسهلا بضيوف قائدنا ! " ليصمت لثواني تبادلا فيها نظرات كادت تهوي بقلب نور ! حتى استأنف ذلك الجندي كلامه بابتسامة متصنعة " أين حججهما ؟ " ليرفع تيزمت حاجبيه مجيبا بعفوية مصطنعة بدوره " في داخل المدينة ! " ليتدخل جنديّ آخر كان يراقب سير الحديث منذ البداية " كيف هذا ! "
    " قافلة أغراض الضيوف سبقتهم إلى داخل المدينة وقد حمل الخدم الحجج فيها في بعض الكتب بالخطأ ! "
    رفع الجندي الأول كتفيه مخاطبا الجندي المتدخل والمحتد " حسنا.. أنت شاهد على دخول تلك القافلة ! "
    " حسنا .." أجاب ذاك الجندي وشيء مفرط الحدة يبرق في عينيه " ولكن ليحرصوا على إخراج حججهم العالقة بالكتب فور وصولهم ! " انتهي من قول ذلك وأشار بكفّه كإشارة لهم بالعبور ، وفي تلك اللحظة ذاتها ضرب الجندي الأول كتف تيزمت بخفة كما لو كان يودّعه وهمس في أذنه شيء ما



    نـهاية الفصل

    e032






  17. #216
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مفاجأة صحيح !

    من شدة الدهشة من نفسي لا أعرف مالذي يتوجّب عليّ قوله الآن
    إلا أنني أظن بأن وصول الفصل العاشر بعد هذه الفترة أمر يستحق أن أقيم احتفالا على شرفه >.<

    هناك شيء واحد الآن يلحّ على ذهني لقوله ألا وهو

    إنني أحبكم للغاية
    وأرجو من كل قلبي أن ينال الفصل إعجابكم وأن يكون بالشيء الذي يستحق انتظاره حقا e022




    كونوا بخير يا رفاق e022

  18. #217
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة Śummєя مشاهدة المشاركة
    attachment
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لقد عدتُ هناااا embarrassed
    بما أنّه بقي الفصل التاسع فقط للرد عليه فقررت أن يكون الرد هنا في منزل الرواية e106
    مع أنّه سيكون مختلف عن الردود ال8 للفصول السابقة بشكل السكرينات..
    لكن ان شاء الله يعجبكِ هذا أيضًا embarrassed


    الفصل بدأ بمشهد صادم منذ البداااااااااااية!! بدون مقدمات أو شرح عما سيحصل e107
    نجد فارس ونور مباشرة محاطين برجال مسلحين مرة ثانية!!!!!!
    وكم خفت عليهما وأنا أقرأ .. هذه المرة لا يوجد مناد وليس عندهم اي دعم اضافي e411
    وجاءت في بالي الكثيييير من التوقعات السيئة وكدتُ اتوقف عن القراءة واتي لاستجواااااابك!!!!
    لاني لن احتمل اي سوء أخر قد يصيبهما !!! e413

    كانت انفاسي محبووووسة في حالة حماس ممزوج بالرعب والقلق وأنا أقرأ em_1f62b
    وكم اندهشت لذكاء فارس وهو يخرج من هذه المصيبة أيضًا..
    لكن لكن .. أنا أعرف ان كلامه عن نفسه لم يكن بهذه السهولة cry
    خاصة شخص مثله مليء بالكبرياء والشرف، مملوء بالحنق والغضب على ما حصل له
    أن يعترف بالحقيقة المجردة كما هي هو أشبه بعصر ليمونة وكيلو ملح على جرحه المتقرح بالأساس!! e403


    قبل فصل واحد كان يضن أن القوة عنده فقط، وأنه صاحب اليد العليا في هذا السفر! cheeky
    عندما أخبر نور أنه يستطيع سلبها حريتها بكل دناءة وحموضة!!!
    لكن تدور الدائرة بسرعة شديدة وتقف الأقدار في صف نور هذه المرة cheeky cheeky cheeky
    عندما يلتفت فارس ولا يجد إلا الاعتراف بحقيقته كي يتم انقاذهم من الوضع الصعب الذي هم فيه!! em_1f615
    وعلى الرغم من صعوبة الكلام على نفسه، وكسره لك الكبرياء الذي تحلى به طوااااال الرحلة
    لكنه مع هذا فعل!! وأنقذ الوضع!!!! وارتاحوا هو ونور في تلك القلعة قليلًا بسب حنكته وسرعة بديهته!!
    اااااه اتمنى حقًا أن يحضى فارس بالسلام، فهو يستحقه!! e411



    بعدها مشهد الحوار بينهم وبين قائد القلعة.. e106
    وآآآه لو تعلمين كم أحب الحوارات في روايتك، وكم أنا مفتونة بها!! e106e106e106
    أنا حرفيًا تتلبسني روح الكاتب عندها، وأقرأ السطور مرارًا وتكرارًا وأنا أحاول ارتشاف الطريقة ninja
    واركز قدر الأمكان حتى أستطيع كتابة اشياء مثيلة لها أو مقاربة على الأقل!!
    الحوار به توجس خفيف من ناحية نور، نوع من القلق الممزوج بالعنفوان من ناحية فارس..
    وحكمة وقوة من ناحية القائد الذي يجيب اجابات مختصرة انما شافية جدًا.



    يسعدني أن نور أرتاحت في القلعة، وتم أكرامها بما يليق بها :قلب:
    ثم يأتِ بعده المشهد المفضل في هذا الفصل embarrassed حوار نور وفارس الغريب جداااااااااااا
    في الحقيقة حوار مؤذي للسامع laugh
    أعني فارس كما ظننت تأذى بشدة مما فعل وتقرحت جروحه مرة أخرى، ونور انتبهت على هذا تمامًا
    وبدل أن يتقبل مواساتها وشكرهها، هو يعود للتهديد والوعيد بشكل مبطن! tired
    أعني اتفهم نفسيته بالطبع، لكن بالنسبة لي اتمنى لو يتوقف عن استخدام الكلمات الحامضة معها laugh
    وبغض النظر عن مجرى الحديث فقط كان ممتع جدًا قراءته واعادته أكثر من مرة embarrassed
    خاصة الشرط الأخير .. لم اتوقع هذا!! em_1f615
    وأخشى بشدة أن يزل لسان نور، أو أن تتحقق مخاوف فارس في منعه من الرحيل!!!!
    أعني أريد بالطبع له أن يتورط ويبقى laugh لكن اريد أن يكون خياره بطريقة ما :تفكير:



    مشهد ظهور الأميرة كان لطيف جدًا، وصفكِ له رائع ما شاء الله خاصة جمالها وتشبيهها بالقمر..
    والحوار بينهما كان يليق باميرة، تتكلم بدماثة وحكمة وشيء من شخصية قوية!!
    اشعر انها غامضة أيضًا، بعض تعبيراتها احتجت وقت لأفهمها ..
    نور تبدو لي رائعة وهي ترد على الأميرة بكل احترام وتفهم وتعطيها اجوبة مثاليييية!!

    ومن ثم مشهد خروجهم إلى السطح!!! يا الله !!!!
    ما هذا الوصف الجميييييييل كعيوووون تلمع لمعانًا مبهرااااااااااااااااا: e106e106e106e106
    كيفية وصف السهول والجبال والسماء والطيور المحلقة!!! اااااه اريد ان احتفظ بهذا الاقتباااااااس لدي :قلوووووب: e106


    لكن كل ذلك الجمال يبدأ بالفناء دائمًا عند ذكر الحرب!
    الحرب اللعينة مع مآسيها وضحاياها وكل ألامها .. تكون ردود فعل القراء مختلفة عليها e403
    لكن لا يشعر بهذه اللوعة والهم والتفكير الطويل المرهق إلا من عاش في قلبها وارتشف الكثير من اللحظات الصعبة فيها.. e403
    لذا فالحوار بينهما ذكرني بالكثير من الاحداث التي رأيتها وسمعت عنها.. خاصة الكلام عن الضحايا!!
    ومع أن الكلام أحتوى على اسماء لم افهمها حقيقة، لكن جو الرثاء وصلني بكل جوانبه وتفاصيله

    عسى ان يحل السلام على جميع بلاد المسلمين يارب...



    الاميرة تبدو وكأنها متحمسة لوجود نور جدا، لدرجة أنها ستريها كل اماكنها المفضلة في القلعة laugh
    هناك ذاك المشهد الغريب عن الحارس والشاب من القرية..
    أنا محتارة في هذه الحادثة للحق، وأعلم انكِ ككتابة لن تتعبي نفسك بكتابة مشهد كهذا من غير سبب ninja
    لذا هل هذا الشاب له دور في الاحداث لاحقًǿ أشعر أني احببته وأريد أن أعرف المزيد عنه..
    أم ظهوره كان ثانوي فقط لأبراز قوة شخصية الأميرة وحكمتها، وتعاملها المذهل مع الجنود والرعية بشكل عام..
    أم كان خطوة منكِ لأظهار التوتر في التحضير للمعارك؟! والكلام الرائع حول كيف يترك الشاب اهله وبلدته للمشاركة في الحرب..

    وهناك تلك النظرة الاخيرة!!! والاستدارة الغريبة من الاميرة.. في داخلي شك لكن لا استطيع البوح به cheeky
    لانه توقع غير معقول بالنسبة لي لذا فسأحتفظ به حتى يحين موعد كشفك انت عنه .. cheeky

    وجملة نور الاخيرة بدت لي ايضًا دليل .. وكلغز يجب أن احصل على حل له!!!!!
    *تحمسسسست جدًاااااااااااااااا* e106e106e106


    المشهد الأخير يبدو وكأنه يلخص أحداث الفصل بالكامل.. بل وربما أحداث الرواية بشكل عام منذ بدايتها..
    والكلام عن الدولة وأثر الانسان.. وكمية الحكمة بين السطور..
    أجد نفسي مرة اخرى اقف ذاهلة امام فلسفة الرواية والشخصيات وفلسفة الكاتبة نفسها
    وكم تبدو هذه السطور رائعة وتضيف هالة من الروحانية الابداعية للرواية!!
    وكم اغبط هذا الاسلوب الرهيب في التعبير .. ما شاء الله تبارك الله!!! e411e411e106
    لا اعتقد أن عندي اضافة على الكلام المكتوب فأنا اوافق تقريبًا عليه جميعًا.. بل يقتلني الحماس لأعرف كيف تأتين به!!


    رائعة أنت هيرو ككل تفاصيل وزوايا روايتك!! e411 :قلوووب:
    بل رائعة بكل خلجات وأسرار شخصياتكِ ورهابة الفكرة والاسلوب..
    أنا مأسورة بها تمامًا منذ بداية قراءتي لها.. بل ومنذ تكلمنا عنها للمرة الأولى ..
    ولن ابالغ ان قلت انها النموذج القدوة الذي اريد لضياء ان تصل له ذات يوم ان شاء الله!!



    اسعدكِ الرحمن غاليتي وادام عليكِ فضله وكرمه embarrassed
    اشعر بالفرح اني تمكنت من الوصول معكم الى هذا الفصل قبل نزول الفصول الجديدة e106e106
    وانتظرها بفاااااارغ الصبر ان شاء الله
    خاصة انها ستكون مشبعة وطويلة وتستحق كل هذا الشوق لقراءتها.. e405


    وعلى فكرة أشتقنا لبراء ايضا laugh مع أنه لا يوجد مناسبة لذكره في الرد
    لكن يعني ما معقولة اكتب رد كامل مكمل وما مذكور به اسمه laugh
    >> تسليك لبراء laugh
    بليز دونت كيل مي laugh

    يلا يلا خلاص بروح انا :المستحي:
    في أمان الله e418

















    و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    سمر !

    حسنا سأصدقك القول، أنا متأكدة أنني قرأت ردّك هذا قبل اليوم، ولكنني الآن، وحينما كنت أقرأه، كان الخفقان الجميل والسعيد يرفرف في كل ثنايا قلبي e022

    لقد احترت بأي شيء كانت سعادتي أكبر ؟

    هل لكلامك الجميل جدا بخصوص رأيك في أسلوب الرواية وحواراتها
    أم عن حديثك البديع جدا عن فكرتها وفلسفتها وحكمتها
    أم عن انتباهك وملاحظتك لأدق التفاصيل التي ( أُضمر في داخلي ) الرجاء والرغبة الشديدة لتتم ملاحظتها من القرّاء دون أن أصرّح بها
    أم عن إحساسك العميق جدا بتفاصيل ما تشعر به شخصيات الرواية وما تمرّ به من خطوب !

    أنا حقا ذابت عيناي وهما تتابعان حديثك عن فارس في بداية مشهد هذا الفصل وما يليه، وأقول في نفسي، كيف لها أن تكتب كل ذلك عنه ! كيف شعرت أولا وكيف عبّرت ثانياً !

    أتعلمين، لقد لاحظت مؤخرا كم أن متعة الكتابة تزداد وتزدان حينما يقرأها كاتب آخر e022
    لهذا، حقا أحب أن نكتب جميعا لتزداد بهجتنا
    بهجة كالتي ارتسمت في وجهي اليوم بقراءتي لردك للفصل الأخير...أوه لحظة !

    لقد صار ما قبل الأخير !

    أنا سعيدة ومبتهجة وجذلة بكل كلمة قلتِها هنا
    أريد أن أقول شيئا لا يوجد أجمل منه:
    أرجو من كل قلبي
    أن يسعدك رب العالمين كما أسعدتِني
    e022




  19. #218
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية

  20. #219

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


    أولاً أنا سعيدة جداً جداً جداً بعودة هذه الرواية الرائعة مرة أخرى، بعد قرأتي لهذا الفصل أدركت كم كنت أفتقد الرواية والفصول وطريقة سردك المميزة والشخصيات الرهيبة والأحداث الحماسة«هذا الفصل تحديداً حدث فيه الكثير وبطريقة ما وجدت نفسي أعود للفصل الثامن لمراجعة بعض الأشياء اعتقاداً منى أنني قد أخرج بأجوبة لكن ما حدث هو أن الأمور ازدادت تشابكاً في عقلي..
    بالمناسبة لقد كانت الأحداث حماسية فعلاً لدرجة تحبس الأنفاس منذ البداية عند ظهور نور في داي في ذلك الخان ومن ثم تتبعها لفوز وفرناس«كالعادة اسامي ملائمة و خيالية. وفجأة تذكرت أنك قلت أن الفصل الحادي عشر سيعجبنا« ياااااااااااااااااااااهوووووووووووووووو ترى كيف سيكون الفصل؟ إذا كان العاشر بهذه الروعة ترى كيف سيكون الحادي عشر« ضاعفتي حماسي بشكل جنوني..
    حسناً لنبدأ: واحد..اثنان..ثلاثة..انطلااااااااق

    خلف الظلال سمعت..
    فصرتُ متلهفة لرؤية عينيك وهما تحدّقان بشرودي
    والآن أيّها الصديق أخبريني ثمَ أخبرني عن وجودي
    e411e106e411e106 هززت يدي مع الهاتف بحماس لأنني سأقرأ مثل هذه العبارات مرة أخرى بداية الفصل أو بداية أحداث شخصية أخرى..

    تظنّها المرة الأولى في حياتها ، التي تعدو بسرعة فيها وترغب في الوصول إلى مرادها سريعا بينما هي لا ترغب في ذلك في الوقت ذاته !
    حسناً..لا استطيع ذكر عدد المرات التي ضحكت فيها في بداية الفصل بدء من استعجال نور الشديد وهي تركض مسرعة لأنها غرقت في النوم ومن ثم تجد فارس أمامها حانقاً على ذلكem_1f606em_1f606em_1f606..فكرة أن نور ربما ستكون سعيدة لأنها اغضبت فارس ولكن لا كانت خائفة وخجلة بدلاً عن ذلك ولها الحق في ذلك أعني عندما تصفين غضب فارس أنا عن نفسي أشعر بالخوفlaughlaughlaugh ..
    +
    نأتي لموجة الضحك الكبرى التي انتابتني بسبب تعليق الطفلين الفظيع بشأن نور وفارس «يمكنني حتى الآن تخيل الصدمة على وجه نورlaughlaugh«بصراحة حتى بعد ما تعديت الفقرة بمسافة فإذا بي اتذكرها فاضحك مرة أخرىlaugh..
    أمم حسناً في البداية أصابني فضول حقيقي بشأن تتبع نور اللحوح لهما ومن ثم السر الذي يخفيانه وهو أنهما صاغة 031031ياللمفاجأة والكياتة في نفس الوقت..
    ملحوظة: الظرافة واللطافة في تلك الفقرات لاتوصف بمجرد كلمات تمنيت لو أنني كنت معهم في ذلك المشهد وهما يسردان قصة عمهما ووالديهما وكيف يجب أن يكونا صاغة بارعين، رغم أن الأمر فيه لمسة من الحزن لكن طريقة سرد الأطفتل كانت ظريفة، خصوصاً عندما قال فرناس بشكل مفاجئ:
    "السر هو..أنا صائغ"
    حسناً ضحكت في البداية على الطريقة التي قالها بها لكن بعد مضي عدة ثوان من ذلك كان لكلمة "صائغ " وقع رنين الجرس على أذني وولهذا كنت بحاجة للعودة للفصل الثامن»لي عودة لهذه النقطة فيما بعد..
    ملحوظة رقم 2: الطريقة التي اجبرت بها نور الطفلين على قول السر كانت في غاية الذكاءlaughlaughlaugh..لاشك في أنهما قد ادركا أن قول بعض الأسرار أفضل من النظر إلى عيني فارس المحمرتينlaugh..
    بالمناسبة بعد قراءتي لهذه الفقرة وإلى ما بعدها:
    وتتسع حدقة عينيها حينما كان بصرها يتجاوز أكوام الخشب وأحزمة القصب ، ركام النحاس ، العاملين الذي يجرون العربات المليئة بقطعه اللامعة ، والأفران المتلاصقة التي تداعب النسمات لهيب نيرانها المتمايلة ! حتى أبصرته خلف كل ذلك ، رجل ضخم البنية ، قد تلوّنت بشرته بوهج النيران الحمراء ، يحمل كيرا ضخما ينفخه في قلب النيران ، كان يقف بجسده الضخم هناك ، خلف أكبر الأفران
    هل زرت مكان كهذا من قبل؟e106e106e107...اعني كل شيء وصفتيه هناك كان دقيقاً فعلاً حتى حوار عم المصهرة ذاك مع فوز وفرناس عن تجهيز قالبهما والصمغ والرمل والماء وتذويب النحاس وإلى ما ذلك، تساءلت عندها أيضاً ما إن كنت قد جربت عمل شيء كهذا من قبلbiggrin..
    وأيضاً اعجبني وصفك لصوت عم المصهرة عن كون صوته خشن ولكنه شديد النعومة على القلب أو شيء من هذا القبيل أعرف أشخاصاً يمتلكون هذا النوع من الأصوات فعلاً لذا أعجبني كثيراً وضعها هناe106e106em_1f49e..
    وأجمل ما في ذلك كله الهدية التي أهدها الطفلين لنور وعن كون الصاغة يصنعون المجوهرات ليس للاحتفاظ بها، فرناس وفوز طفلين رائعين حقاً ويتمتعان بالحكمة والظرافة والذكاء أيضاً ونور محظوظة حقاً في كل مكان تذهب إليه تتبعها أقدارها الجميلةe106em_1f495em_1f495 اعتقد أن هذا أجمل مافي رحلتها المأساوية هذه وهي تدرك هذا الأمر أيضاً«أينما تذهب يتحفونها الأخيار بالهدايا والحكم والكلمات الجميلة031031031.
    هذه الجزئية كانت مليئة بالمتعة والظرافة وأي شيء جميل واستمتعت فيها للغاية واندمجت معها إلى أقصى حد حتى أنني اعدت قراءة بعد الفقرات مراراًem_1f49e..


    أحم أحم..الآن نذهب الآن للمهم em_1f60e:....

    حسناً حسناً عندما عدت للكلام المكتوب على اللفافات أول شيء خطر في بالي هو تخمين هوية المتكلم في المرة الأولى قلت لربما كان والد نزهون ولكنني لم اعرف كيف.. ثم خطر لي أنه قد يكون والد العقاب لكن قلت أن المتكلم يخاطبهم طبعاً كيف يمكن أن يكون هو، ثم في النهاية قلت لربما يكون هذا والد نور نفسه والاحتمال أيضاً بدا لي عسيراً وفي النهاية راسي انضرب وبطلت أخمن هوية المتكلم هنا..ثم إنني تذكرت أن والدة مهجة يفترض أن تكون ميتة بسبب عائلة العقاب نفسها و لكنها هنا وتعامل العقاب كأنه ابنها ثم رأسي انضرب للمرة الثانية..اتذكر أنه كانت هنالك إمرأة تنزف أو شبه ميتة عدما كان العقاب صغيراً ووالدته تحمل مهجة وكان قد دار حديثاً بينهما عن كون أن والدا مهجة مذنبين أو شيء من هذا القبيل ولكن والدة مهجة حية هنا بطريقة ما وثم رأسي انضرب للمرة الثالثة..
    وتذكرت أيضاً حديث السيدة روضة عن كون أنها تود أن تأخذ تثأر من المذنب نفسه أي والد نور وهذه المرة رأسي انفلق .
    حسناً حسناً *تحاول أن ترتب الأفكار في رأسها* هل هذا يعني أن والدة مهجة نجت بطريقة ما من تلك الكارثة وظن الناس أنها ميتة ومن ثم اكتشف أن هنالك سوء فهم حدث جعل عائلة مهجة يبدون وكأنهم مذنبين؟! ومن ثم اكتشف أن المذنب الحقيقي هو والد نور ولهذا أم مهجة تحاول الانتقام لزوجها وعندما عرف العقاب بذلك أخذ يتعامل معها وكأنها والدته أم ماذǿ وأم العقاب الأميرة مادورها في كل مايحدث عدا أنها أخذت مهجة وربتها كأبنتهǿ هل كان هنالك قلادتين إحداهما مزيفة والأخرى حقيقية وبطريقة ما بسبب خطأ من والد نور عائلة العقاب أخذت المزيفة وعائلة نور أخذت الحقيقية مع أن المفترض أن يحدث العكس ؟!«لا اعلم ما إن كنت قد طرحت هذه التساؤلات من قبل لكنني أريد أن أعرف حقاً ما حدث *دمووع*..
    الشيء الوحيد الذي افترضته من كلام فوز وفرناس والذي ربما قد يكون صحيحاً هو أن هنالك صلة قرابة تربطهما مع عائلة مهجة ربما يكون عمهما الصائغ هذا هو والد مهجة نفسه الذي قتل ووالدتهما هي نفسها التي ذُكرت في تلك اللفافات على أنها زارت قصر العقاب وقصر المتحدث وإلى ما ذلك.. كان هناك حديث عن خالة لمهجة وأعتقد أنها ربما تكون والدة فوز وفرناس أو واحد من هذان الاحتمالات أو الثلاثة لست متأكدة:
    إما الأم خالة مهجة..
    إما العم والد مهجة..
    إما كلاهما صحيح..
    وبصراحة فارس أثبت أن أنه ذكي لكي يلاحظ أن عائلة الطفلين منكوبة ونور ستأخذها كملاحظة أو كتلميح عندما تستنتج هذه الأحداث لاحقاً«أنا متشوقةةةةةةةةة لمعرفة ما يجري...


    نذهب للجزئية الثانية سبتة..

    أمم وصول العقاب المفاجئ للقصر كان صادماً ومربك بالنسبة لي أعتقد أن جميع من في القصر مرتبك أيضاً هل أخذها فقط ليفاجئ بها السيدة روضة؟ لاأعلم لكن ماالذي كان يعتقده بالضبط عندما يظهر مهجة هكذا بشكل مفاجئ أمام والدتها كانت ردة فعل الأخير كانت ملائمة مع الموقف لكن غريب أن مهجة لم تتعرف على والدتها من الملامح اتساءل لو أنها اقتنعت فعلاً بأن السيدة روضة والدتها كيف سيحدث هذا ياترى؟! +إنها مثيرة للشفقة وتعيش في حالة ارتياع وعدم فهم وتخبط عنيف، لكن فكرتها التي كانت تخطط لها لجعل العقاب يكرهها لا أراها فكرة سديدة سيسألها في النهاية لماذا تفعل ذلك وستضطر لتفكير في شيء منطقي ولن تجد في النهاية سبيل إلا قول الحقيقة ولو أنني أعرف أن الفصل القادم سيكتشف العقاب سبب تغيير مهجة المفاجئ..
    صحيح لم أحب تأنيب العقاب هذا للسيدة تماضر بسبب حالة مهجة ، هل مهجة طفلة؟ أم هو احمق بزيادة؟ ماالشيء الذي كان بوسع السيدة تماضر فعله لها إن كانت لا تعلم شيئاً، والذي ضاعف غضبي هو ان مهجة وقفت كالتماثيل دون أن تقول كلمة واحدة دفاعاً عن السيدة تماضر وأن الذنب ليس ذنبها + الشيء الثاني الي ضاعف غضبي لأربعة أمثال الاول عندما تحدث معها باللطف المزعج الذي دائماً مايحدثها به.
    "ما الذي يبكي مهجتي؟ "
    كم أود أن اضرب رأسه مع الحائطtiredangrytiredangry::angry..
    + ماخطب نزهون فجأة تريد أن تتنازل عن أملاكها للعقاب هكذا بشكل مفاجơ ماسبب هذا التصرف؟! ..
    هي والعقاب يكرهان بعضهما حقاًlaughlaugh ويبدو أن سبب الكراهية هي حادثة الصائع تلك؟! «أوه لا أعلم حقاً لكنني أخمن وأخشى أن تكون تخميناتي هذه كلها خطأlaugh..


    بالنسبة لنور وفارس تبقى لهم مدينتين مالم تلاحقهم مصائب في أخر مكان دخلوه أتمنى أن تصل لفاس قريباً بلا أي مشاكل حقاً« آخر مكان استقروا فيه يسبب لي ارتباك صراحة، وأريد أن أعرف ما الذي سيحدث بعدها ، الطريقة التي يحاولون بها التملص من ذلك الفارس ذكية ومضحكة في آن واحد ونور المسكينة..شعرت بخوفها حقاً لا ألومها على ذلك نظراً لأن آخر مرة عرف فيها أحدهم هوية فارس انتهت بكارثة، لكن الكارثة الحقيقية هي لو عرفت نضار شيئاً من هذا« مازلت أفكر عن ربع المصيبة تلك التي ستفعلها. ربما تطلب منه شيئاً آخراً بعد أن يعيد نور..
    أريد أن أعرف أيضاً ما إن كانت شخصية فارس ستستمر معنا حتى النهاية حتى لو عادت نور لفاس، أعلم أنه يتوق بشدة لحريته لكن لو كان سيبقى أي دور سيلعب يا ترى..


    " وحينها لم تبالي تلك الزهرة بشيء وهي تطير مع الهواء مفارقة أغصانها في أبهى حللها وألوانها ! كان ذاك الصنيع هو إزهارها .. سعيدة بذلك الرحيل الناعم ، وهي تراه سيكون سببا في إعمار الأرض بأجود نسيج للثياب !
    لطالما سمع الفلّاحون نداء زهراتها التي تشبه الأبواق وهي تقول لهم : إياكم وإقصار النظر في أنفسكم ! تأمّلوا العالم الواسع من حولكم ، وأينما كان الخير والإثمار أذيبوا أنفسكم في صهد مصهرته ! "
    كان قد غيّر نبرة صوته مجددا كما لو كان يقلّدها في حديث سمعه يوما ما ، ليعود لنبرة صوته مرة أخرى وهو يشير براحة كفّة
    " ولذلك فإن أرض تادلة جميعها ماهي إلا زهرة قطن جميلة !
    لا تفكّر البتة في إظهار ذاتها بالشهرة أو المديح ! بل تختار لتكون هي الزهرة جميلة الصورة والمعنى التي اختارت أن تكون سببا !
    وهذا الطريق هو سبيل في غاية الوعورة يا أبنائي !
    لأنه لا يقدر على اختياره سوى أولئك الذين تمازجت في أرواحهم خواص القوّة والنعومة ! "
    هذا كان من أجمل ما قرأت في هذا الفصل، يافتاااااةe106e106e106em_1f495em_1f495 اعجز عن وصف كمية الحكمة والروعة الموجودة هنا واظن أن الكلام موجه بشكل خاص لنور« كالعادة أينما تذهب يصادفها مثل هؤلاء الاشخاص الطيبين..مدينة القطن آه كم أريد أن أرى تلك الأزهار التي تتبدل ألوانها، هل هي حقيقية؟؟031...

    كما قلت سابقاً الفصل ملئ بالاثارة والتلميحات والمواقف الفكاهية وووواستمتعت للغاية وأنا اقرأه لدرجة أنه أخذ مني قرابة نصف يوم لحتى أكمله وطبعاً لأنني أعيد قراءة الكثير من المشاهدe20ce20ce20c..
    ولا استطيع أن اصف لك مدى رغبتي في قدوم الفصل القادم بما أنك جعلتي حماسي يشتعل بالفعل عن حديثك بالأعلىe106e106...












    اخر تعديل كان بواسطة » شارون فينارد في يوم » 20-02-2021 عند الساعة » 15:05

  21. #220
    حجز كبير لي هناااا e106 e106
    ياااه كم انتظرت الفصل، اسعدكِ الرحمن غاليتي embarrassed

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter