الصفحة رقم 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 67
  1. #1
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله

    رسالة في قدم حمامة ~

    كم وددتُ أن أربط رسالةً
    بإحدى قائمتيها
    نداء استغاثةٍ
    فقط ليُعرف أننا لم نمت جميعاً هنا بالسجن
    غير أني لا أملك لا ورقةً ولا قلماً ولا خيطاً
    لذا
    وجدتني كما حلم يقضة قائلاً
    عندما تستعيدين حريتكِ
    وعندما تصبحين في الضوء وتحلقين باتجاه السماء
    توقفي قليلاً عند شرفة داري
    هي داري
    حيث ولدت وحيث تحيى أمي
    إنها في مراكش ، في المدينة
    سوف تعرفينها
    إنها الشرفة الوحيدة المطلية بالازرق
    فيما الاخرُ جميعها مطلية بالاحمر
    الباب مفتوحُ على الدوام
    تهبطين وتذهبين إلى الفناء
    في وسطه شجرة ليمون وساقيها
    أمي تعشق ذاك المكان
    وتسطفيه لراحتها
    سوف تقتربين منها وتحطين على كتفها
    وسوف تدرك بالتأكيد أنكِ وافدةٌ إليها من قبلي
    يكفي أن تنظري إليها وسوف تقرأ في عينيكِ رسالتي
    أمي الغالية ، إني حيّ ، أحبكِ
    لا تقلقي بشأني ، بإذن الله وبعون إيماني ، سوف أنجو
    غالباً ما أفكر فيكِ ، وكم أحقد على نفسي لأنني تسببت لكِ بالاذى جراء ما فعلت
    اعتني بنفسكِ ، هذا الاهم

    ~ الطاهر بن جلون
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 
    attachment

    em_1f423


  2. ...

  3. #2
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    نكاية بالفراغ الذي يتركه في كل مرة بعدك ..
    الفراغ الذي أعجز عن ملئه بالكلمات المناسبة ..
    الفراغ ذاته الذي صُنِع من جلده ألم العالم ،وما في يد الوقت من سياط ..
    أفكر بأن أرسل لك رسالة بالبريد ،
    على أمل أن يقرأها كل ما في بلادنا من قتلة و مخبرين.


    كل كلمة
    تقولها
    تَطرد من رأسي
    رصاصة ...
    كل وردة،
    تُفرِغ
    قبراُ
    من الذاكرة.
    -
    وما يخيفني
    يا حبيبي؛
    أن
    الزنازين
    الانفرادية
    لا تتسع
    للاثنين معاً ؛
    ( السجين
    والغفران)..
    -
    قبل أن يرتكب حرباً
    على العالم
    أن يعد للعشرة
    لكن
    ماذا سنفعل بقاتل
    لا يستطيع العد
    إلّا مستعيناً
    بجثثنا ؟!
    -
    وهم يتفقدون
    قتلى الحرب
    وهم يبحثون عن وجوه أليفة
    في أكوام تلك الجثث
    المجهولة الهوية
    كنت معهم
    كنت بينهم
    أبحث أيضاً
    عن
    جثتي.
    -
    على عكس ما توقعناه
    كل تلك النوافذ المشرّعة
    التي استوقفت غربتنا
    كانت لأناس غادروا
    تاركينها هكذا ؛
    _ مفتوحة
    و مضاءة _
    ليخدعوا
    بها
    اللصوص..


    الغرباء
    لصوص
    الألفة.
    -
    حصان ميّت ،
    نهر من جليد ،
    حطب ،
    ساعة بلا وقت ،
    عين مفقوءة ،
    ويدك ..
    يدك التي تكفي لأحرك في قلبي المشهد من جديد..
    -
    أخاف عليك
    من أناس يصوبون بنادقهم
    خارج المرايا
    على كل ما لا يشبههم..
    من أبواب مغلقة..
    من مفاتيح خاطئة..


    أخاف عليك
    من قابيل آخر
    تكاثرَ
    حين
    طعنةً بعد طعنة
    لم يقتله
    النّدم.

    ~ كاتيا راسم
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  4. #3
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    نامي أيتها الحرب نامي ..
    نامي إن أردت في سريري ،
    نامي في شِعرٍ كثيرٍ كتبته فيك وعنك..
    نامي أيتها الحرب إلى أن يذهب أطفالنا إلى المدارس
    إلى أن يعود آباؤنا المتعبون من المخابز
    نامي إلى أن يلتقي عاشقان في باب توما ويعودان محملين بالوعود ..
    نامي إلى أن يصل المسافرون إلى وجهاتهم محفوفين بعين الله و دعاء الأمهات ..
    نامي كبستاني متعبٍ تحت شجرة
    نامي كمتشردٍ تحت جسر..
    نامي إن شئتِ في سريري..
    نامي أيتها الحرب نامي
    إلى أن يولد كل الأطفال
    إلى أن يكبر كل الأطفال..

    ~ كاتيا راسم
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  5. #4
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    يعبرون، أفراداً وجموعاً، ولا أحد ينظر إليه.
    إلى أين تذهب نظراتهم، لا يعرف. أين تحطُّ النظرة إنْ لم تحطَّ على ناس؟!
    يسمع أنيناً تحت الأقدام. ويعتقد أنَّ من يئنُّ هناك هي العيون.
    انتشلِ العيونَ من التراب وضعْها على الغصون، فالأشجار تريد أيضاً أن تنظر.
    انتشلْها وضعْها على الحجارة، فربما الحجارة تريد أن تمشي وينقصها النظر، أو على الأقلّ تريد أن ترى من يقعد عليها.
    ليس عدلاً أن لا يكون للنظرات مكان.
    ليس عدلاً أن لا تعرف العيون إلى أين تذهب نظراتها.
    وإن احترتَ إلى أين ترسل نظرة فضعْها على الطريق. قد يمرُّ أعمى ويكون في حاجة إليها.
    قال هذا والجموع تعبر ولا أحد يلتفت إليه.
    نظرات، يتيمة، في فضاء فارغ.
    تمنَّى لو يخلق لها أباً، أمّاً، أخاً، رفيقاً...
    نظرَ، ولم يرَ رحْماً.
    نظرَ، ولم يرَ.
    كأنه كان هو العابرين.
    ومثلهم لم يعرف إلى أين تذهب نظرته.


    ~ وديع سعادة
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  6. #5
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    نصائح مخلة بالذوق العام ..
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  7. #6
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    بعدد الأشخاص الذين أردتهم عمراً وأرادوك لحظة
    بعدد المدن التي ولدت فيك ولم تولد فيها
    بعدد الاحلام التي اتخذتها قناديلاً فاتخذتك حطباً
    بعدد المشاعر التي تمسكت بها فأخذتك إلى الهاوية
    بعدد الذين طرقت أبوابهم بدافع الشوق وفتحوا لك بدافع الفضول
    بعدد القوائم التي أعددتها تحت اسم واحد بينما سقط اسمك من قوائمه
    بعدد الكلمات التي ابتلعتها في اللقاءات التي وصلت حرارتها تحت الصفر
    بعدد الاموات الذين دفنتهم في قلبك وما زالوا خارجك أحياء
    بعدد الطرق التي حاولت أن تشقها فشققت قدماك دون أن تصل
    بعدد الاسئلة التي مسختك استفهاماً لكثرة ما أقامت فيك
    بعدد الحدود التي قطعتها فكشفت لك خرافة الممنوع
    بعدد الرغبات التي تحققت بعد فوات الشغف
    بعدد المرات التي قلت فيها سأنسى
    بعدد ما تذكرت بعدها
    بعدد الذين قاطعوا نومك ليسألوك : هل نمت ؟
    بعدد التي كسرتها لتجبر كسر روحك
    بعدد ما تركت اثار دمعك على الوسائد
    بعدد ما فتحت بريدك أملاً في أمل
    بعدد المرات التي تفقدت شاشة هاتفك بحجة رؤية الساعة التي ما زالت في نفس الدقيقة
    بعدد الحقائق التي صارت أكاذيب
    بعدد الاكاذيب التي اتخذت حقائق
    بعدد الغيابات التي قضيتها في الحضور البعيد
    .
    .
    احسب عمرك ..

    ~ ندى السعيد
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  8. #7
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله

    مأساة مجهول

    مأساة اليائس الذي ألقى بنفسه من الطابق العاشر إلى الشارع،
    أنه بينما كان يهوي رأى من النوافذ حياة جيرانه الحميمة: مآسيهم المنزلية الصغيرة، الغراميات القسرية، لحظات السعادة القصيرة،
    وكل تلك الأمور التي لا تصل أخبارها قطّ إلى درج البناية المشترك.
    وهكذا تبدل مفهومه تماماً عن العالم في اللحظة التي ارتطم فيها برصيف الشارع،
    وتوصل في النتيجة إلى أن تلك الحياة التي غادرها إلى الأبد، عبر بوابة زائفة،
    تستحق أن تُعاش.

    ~ غابرييل ماركييز
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  9. #8
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    متى شخنا إلى هذه الدرجة ؟!
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  10. #9
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    1-
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  11. #10
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    2-
    الصور المرفقة الصور المرفقة
    اخر تعديل كان بواسطة » EnG.aLr7aL في يوم » 10-03-2017 عند الساعة » 22:00

  12. #11
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    3-
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  13. #12
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    4-
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  14. #13
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    5-
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  15. #14
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    6-
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  16. #15
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    7-
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  17. #16
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    Final
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  18. #17
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    ء ء ء ء ء ...
    الصور المرفقة الصور المرفقة
    • نوع الملف » jpg rsVA7.jpg (42.6 كيلو بايت, 32 زيارة)
    • نوع الملف » jpg rsVA7.jpg (47.3 كيلو بايت, 30 زيارة)

  19. #18
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله
    ,
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 

  20. #19
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله

    الذراع

    من السياج إلى شجرة السدر، ومنها عبر النافذة، استطاع حازم التسلل إلى غرف حياة في ليلة من ليالي نيسان الدافئة. وجدها نائمة على جنبها فوق السرير الخشبي، وقد دسّت يدها اليمنى تحت الوسادة، وكانت تلك عادتها منذ الصغر، كما لو أنّها تريد بذلك الإمساك بأحد أحلامها ومنعه من الطيران مع ريش تلك الوسادة.
    انحنى فوقها ليطاول بأصابعه خصلة من شعرها كانت تعبث بها، وهي تفكر فيه، قبل أن يدركها النعاس وتنام. أزاحها عن إحدى عينيها، وجثا على ركبتيه بإزائها، راح يتأمل وجهها تحت ضوء شمعة وضعت على دولاب صغير بجانب السرير. قبّل أرنبة أنفها، ذلك الأنف الذي طالما تغزل به قائلاً إن الله خلقه من شمّ حواء لورود الجنّة، فأجفلت هي للحظة وفتحت عينيها. وما إن تراءى لها وجهه، حتى سارعت إلى معانقته. ثم طبطبت بيدها على المكان الفارغ على السرير، فقفز هو كهرّ سعيد واستلقى إلى جوارها، مفسحاً لها المجال لتوسّد ذراعه.
    وبينما هو يحدثها همساً، وقد لا يحدث ذلك كثيراً، نامت حياة.
    لم يعرف حازم أن حبيبته غفت إلا بعد انقضاء نصف ساعة، كان قد همس بخلالها في أذنيها الكثير من كلمات الحب، التي اعتاد أن يقولها كلما سنحت الفرصة واستطاع التسلل إلى غرفتها بتلك الطريقة التي لا تحدث إلا في مسرحيات شكسبير. وكانت هي تحب الإصغاء إليه، ولا تقاطعه أبداً، بل تلتزم الصمت بينما هو يردد تلك الكلمات التي يقتبسها من دواوين الشعراء، فتشعر في حينها كما لو أنها غلت في صدره طوال النهار ونضجت، قبل أن يقولها. لهذا لم يشعر بأنها نامت في تلك الأثناء.
    مضت نصف ساعة أخرى، وحان موعد انصرافه، إلا أن حازم لم يشأ إيقاظ حبيبته.
    قال مع نفسه:
    «ما زال هناك متسع من الوقت... لن أزعجها
    كان يدس يده الأخرى تحت رأسه، ويحدق إلى الأعلى بنظرة متأملة، متفائلة، فيبدو في حينها كما لو أنه على وشك اختراق السقف بتلك النظرة الساهمة، ورؤية ما يليه، حيث السماء الشاسعة هناك، أو لعله القمر، قمر نيسان الذي يشبه وجه حياة النائمة بوداعة، أو هكذا يبدو في عينيه على الأقل، فعين الرضا لا ترى عيباً، كما يقول كاسياس في يوليوس قيصر.
    «تُرى، بماذا تحلم؟»
    تساءل حازم، وودّ لو يلج في حلم حبيبته ويحرسه من مداهمة الكوابيس. أحس بفرح طفولي لم يشعر به منذ أن كان طفلاً صغيراً يلوذ بحضن أمه، وعدّ تلك الساعة من أجمل الأوقات التي قضاها برفقة حياة، تمنى لو تمتد إلى أبعد من كونها ساعة من ستين دقيقة، إلى أيام وأشهر وأعوام. لكنه كان يدرك أن لا شيء من ذلك سيحصل، ولا بد أن يغادر في النهاية.
    مضت ساعة أخرى وحياة ما زالت نائمة بوداعة، وثمة ابتسامة كزهرة تفتحت على شفتيها هنا، بدأت ذراع حازم تؤلمه، لكن لا يبدو أنه سيوقظها. كان يرى أن نوم حبيبته على ذراعه فرصة لن تتكرر، وحتى لو تكررت فلن تمتد لأطول من هذا الوقت. استأنس بذلك، نسي ألمه وآثر البقاء لساعة إضافية. فالشباك مفتوح والشجرة ما زالت في مكانها، والطريق سالكة إلى الأسفل، ويستطيع النفاذ في أي لحظة يشعر فيها بالخطر، رغم أن ثمة وقعاً لأقدام أحدهم صار بالإمكان سماعه من وراء باب الغرفة الموصد بالمفتاح. وهو التهديد الذي توجس حازم منه في البداية، قبل أن يزول بزوال وقع الأقدام، و يعود كل شيء إلى سكونه المعتاد، إذ لم يعد يُسمع حينئذ سوى أنفاس حياة، شهيقها وزفيرها اللذين يترددان بدعة وهدوء.
    استمر وضع العاشقين على ما هو عليه حتى الفجر، عندما بدأ حازم يشعر بالإرهاق ويفقد الإحساس بذراعه. وعلى الرغم من ذلك، لم يحبذ إيقاظ حياة، فربما تلاشى حلمها وأشعرها ذلك بالحزن. ففضّل البقاء لبعض الوقت، ما دام لم يقتحم أحد خلوتهما حتى ذلك الحين، فعسى ولعل تستيقظ من تلقاء نفسها قبل شروق الشمس. كان مستمتعاً بإيثاره، ملتذاً بألمه وخدر ذراعه وتنميلها الموجع. كان يفكر أو يتخيل إلى أي حدّ سيكون ذلك مدعاة للتفاخر في ما بعد، حين سيتزوجان وينجبان ويرويان لأولادهما تفاصيل تلك الليلة التاريخية والمأثرة الرومانتيكية العظيمة.
    فكر حازم في إراحة عينيه لدقائق، فأغمضهما وغفا. لم يخطر له أن الدقائق في مثل هذه الحالة قد تمتدّ إلى ساعات. لقد حدث ذلك معه مرات عديدة. كان يستيقظ من النوم ليذهب إلى الجامعة وفي عينيه بقايا نعاس يظن أن عدة دقائق إضافية من النوم ستكون كافية لتبديدها، لكنه دائماً ما يستيقظ بعد ساعات. وهذا هو ما حصل معه تماماً في غرفة حياة، عندما وقع في الفخ نفسه، واستغرق بالنوم، ليستفيق بعدها على طرق أحدهم الباب.
    كانت الشمس قد أشرقت، لهذا لم يشك في أن الطارق هو أم حياة، جاءت توقظها لكي تذهب إلى الجامعة. وكان من المفترض أن يسمع صوتها وهي تنادي ابنتها من وراء الباب، وتوبّخها على تأخرها في النوم كالعادة. إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث. لم تتفوّه المرأة بكلمة واحدة تدلّ على أنها جاءت من أجل هذا الغرض. كانت تطرق. تطرق فحسب، من دون أن يفعل طرقها المتواصل فعله ويوقظ حياة التي كانت لا تزال ملتصقة بذراعه، مستغرقة في نومها العميق. حتى أنها لم تتحرك من مكانها، أو تحاول أن تغيّر من وضعها في أثناء النوم.
    حاول حازم تحريك أصابع يده، لكنه لم يستطع. لقد فقد الإحساس بتلك اليد تقريباً، كما لو أن الدم تخثّر في عروقها وشلّ حركتها.
    استمر الطرق، الأنثوي، الأمومي، لأكثر من عشر دقائق، قبل أن يتوقف. ويعود السكون إلى الغرفة. ذلك السكون المريب، الباعث على القلق، الذي دائماً ما يخيم على بيوت الأشباح. حرّك حازم يده الأخرى. كان على وشك أن يلامس شعر حياة، التي ما زالت تنعم بنومها العميق، والهادơ لكنه، كالعادة، خشي أن يُفزع حلماً ربما كانت تحلم به وقتها، فعدل عن ذلك، غير عابئ بذراعه المتصلبة، التي يبدو أنها فقدت قدرتها على الحركة بشكل فعلي.
    أحسّ بتسارع ضربات قلبه، وتساءل عما إذا كان خائفاً، أو أن ضغط الدم في شرايينه ارتفع خلال الدقائق العشر الماضية، وسبّب له كل هذا الاضطراب الداخلي العنيف. كره انطباعه الأول بشأن ما انتابه بينما هو يسمع الطرق على الباب، فهو لا يخاف، وطالما جازف قبل هذه المرة، ولم يشعر يوماً بأنه خائف، وسيستمر في خوض هذه المغامرة حتى تستيقظ حياة. هكذا قرر حازم، فلا بد أن تستيقظ حبيبته، لا يعقل أن تنام إلى الأبد. ستنهض وتتمطى مثل لبؤة أخذت كفايتها من النوم، تلتفت إليه وتبتسم ثم تقبّله، وتسأله عن الوقت، وحين تعرف كم تأخرت في النهوض تقفز من السرير مثل قطّة مذعورة لترتدي ثيابها على وجه السرعة، وتهرع إلى الجامعة. لكنه سيخبرها أن الأوان قد فات على ذلك كثيراً، وأن الوقت يقترب من منتصف النهار.
    وفعلاً، تناهت دقات الساعة الجدارية في الأسفل إلى أذني حازم. إنها الثانية عشرة ظهراً، وحياة ما زالت نائمة.
    سمع خطوات على الدرج الصاعد إلى الأعلى، فازدادت ضربات قلبه على نحو خال معه أن مضخة الدم والمشاعر تلك على وشك الانفجار.
    «نعم... أنا خائف!» اعترف حازم، ثم استدرك ذلك بقوله مع نفسه: «خائف عليها.
    لكنه، رغم ذلك، ما زال عازماً على عدم إيقاظها، حتى وهو يسمع اليد التي بدأت تطرق الباب حينذاك، بتشنّج وتعنيف هذه المرة، لم يخطر له أن يهزها، أو يطبطب على خدّيها، أو يرش وجهها من ماء القدح الموضوع على طاولة صغيرة بجانب السرير حتى تستفيق ويبدأ بتقريعها بقوله:
    «هيا انهضي يا عزيزتي... كفى نوماً لهذا اليوم... لقد انتهت السهرة منذ وقت طويل، وها نحن على وشك أن نُقتل!».
    لم يفعل حازم ذلك. لم يجرؤ على انتهاك حلمها وإزعاج نومها حتى لو اضطرّ إلى دفع حياته ثمناً لأجل ذلك. راح يترقب، منصتاً إلى الطرق المستمر على الباب، منتظراً أن ينادي الطارق باسم حياة، ويؤنبها على كسلها وبقائها نائمة حتى وقت متأخر، أو قد يدعوها إلى النزول لتناول طعام الغداء، فلا بدّ أنها جائعة، ولم تأكل شيئاً منذ عشاء الليلة الماضية. لقد خمّن حازم أن الطارق قد يكون والدها، يبدو ذلك من خلال الطرق ذي الطابع الرجولي، القاسي والخشن. على العكس من الطرق الذي كان قد سمعه صباحاً، كان طرقاً ناعماً وخفيفاً بأطراف الأصابع، استشفّ منه أن الطارق هو أم حياة. حياة التي بقيت مستمرة، بتصميم عجيب، في نومها العميق وسباتها اللامتناهي لثلاثة أيام، لم يفلح في إيقاظها شيء، بما في ذلك الطرق المتواصل، المتفاوت، حسب جنس الطارق وطباعه ودرجة قرابته منها و مدى رغبته في إيقاظها من عدمه.
    وكان حازم يعتمد على حدسه، طوال الأيام الثلاثة الماضية، في تحديد هوية الطارق، يفعل ذلك من خلال تصنيف نوع الطرق الذي يسمعه في كل مرة يأتي أحدهم لإيقاظ حياة. فكان يعرف شقيقها الصغير من طرقاته الناعمة التي بالكاد تُسمع. ويعرف جدتها من طرقاتها الرفيقة الواهنة. ويعرف من الطرقات الغاضبة، الطائشة، أن ثمة أخ مرتاب، مستفز مثل ثور، يقف وراء الباب في ذلك الحين و يتساءل مع نفسه: تُرى ماذا دهى هذه الفتاة؟!
    إلا أن أحداً لم يفكر في أن ينادي حياة. لاذ الجميع بالصمت، وكأنهم أصيبوا بالصمم، وأصبحوا لا يجيدون فعل شيء في هذه الحياة سوى الطرق على باب حياة النائمة.
    وبالتزامن مع نهاية اليوم الثالث، عند منتصف الليل، بدأت الرائحة تفوح من جسد حياة. كانت رائحة زنخة أزكمت أنف حازم الذي ما زال مصرّاً على عدم إيقاظها. زعم أنَّ ما صار يشمه من تلك الرائحة الكريهة، رائحة التحلل المرعب، ليست سوى رائحة عطور، مسك، ريحان، أو ربما ياسمين. فمثل حياة، وهذا ما كان يؤكده مراراً، لا يمكن أن تنبعث منها سوى رائحة الورود. فأنف الرضا هو الآخر لا يشمّ سوى الروائح الطيبة، حتى وإن كانت تنبعث من جثة متفسخة. لم يزعجه انتفاخ جسدها وازرقاقه في ما بعد. ربما أرعبه في البداية أن ثمة ديداناً كريهة بدأت تخرج من تحت جلدها، لكنه اعتاد ذلك بمرور الوقت، حتى بدأ لحمها بالترهل والجفاف، وأصبحت أشبه بمومياء، جلد على عظم.
    لكن حازم لم يضجر و لم يتذمر. لم تشعره عملية التفسخ الرهيبة تلك بالغثيان، أو أنه افترض ذلك وأقنع به نفسه. فقد أحبها لذاتها، وعشق روحها وكينونتها. لهذا، لا يبدو عابئاً حتى وإن استحالت تلك الحبيبة إلى هيكل عظمي بليد. وهو ما حصل في النهاية.
    و كان حازم، قبل سنوات طويلة، كلما أراد أن يلمس حبيبته، أو يداعب شعرها، أو حتى يهمس لها: أحبكِ ! يعدل عن فكرته.
    كان يخشى، إذا ما فعل ذلك، أن يزعج نومها ويسبّب ذلك تلاشي حلمها.
    أما الآن، بعد أن تلاشى حلمها، وتحجّر في مكان ما من المجهول، فصار يخشى على عظامها أن تنهار.
    فلبث في مكانه، لا يفعل شيئاً سوى الإصغاء إلى أيدي الزمن وهي تطرق باب غرفة حياة، أو ربما باب تابوتها، أو قبرها الموصد إلى الأبد.


    ضياء جبيلي
    * روائي وقاص عراقي. مجموعته القصصية الثانية «حديقة الأرامل» التي تصدر عن «دار سطو للنشر والتوزيع»
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 
    اخر تعديل كان بواسطة » EnG.aLr7aL في يوم » 21-04-2017 عند الساعة » 10:50

  21. #20
    FIGHTING gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ EnG.aLr7aL











    مقالات المدونة
    3

    مسابقة الميجا سبورت الكبرى مسابقة الميجا سبورت الكبرى
    حملة إلا رسول الله حملة إلا رسول الله

    سفر الخروج .. العشاء الاخير (1)

    لن أذهب هذا اليوم ..
    سأتصل وأخبرهم بذلك !
    كلا ، لن أتصل !
    فأنا لست مسئولا عن الأرقام السرية لسلاح نووي !
    يجب أن أتوقف عن إعطاء الأمر كل هذه الأهمية !
    فقط عد إلى النوم وتأكد أن هذا العالم سيستمر تماما كما لو كنت مستيقظا !
    وأنك لن تصلب لغيابك عن العمل دون عذر !
    كانت هذه الأفكار التي تراودني وأنا على سريري ، بعد أن أيقظني أسوء وأقبح شيء في غرفتي .. المنبه !
    ومثل ما ينتهي دوما هذا الحوار الغبي بيني وبيني ،
    ارتديت ملابسي ، ووضعت من العطور ما يكفي لكي أحتل أنوف الآخرين !
    وأدرت محرك السيارة ، وجلست أحدق في بيوت شارعنا التي ليست مضطرة للذهاب إلى العمل .. !
    حتى رأيتها تخرج !
    مرتبكة ،
    خائفة من شيء ما لا تعرفه ، لكنها تشعر به !
    قدمها بالكاد تلمس الأرض ، كأنها تخشى من البلل !
    تخطو خطوة ، ثم تعيد النظر إلى هناك ..
    إلى الباب الموارب ،
    حيث الكف التي تشير إليها بالتقدم لأنه لا بد من ذلك !
    كانت خطوتها الصغيرة تقص شريطا جديدا من أشرطة العمر!
    وضعت قدمها على عتبة الحافلة ، وكانت اللحظة الفاصلة
    بين كل الأشياء التي تعرفها ، وبين العالم الجديد ..!
    حيث الوجوه والأسماء التي ليس من بينها وجه الجدة أو الأم والأب ..
    ولا "عمي محمد" !
    كان ذلك هو اليوم الدراسي الأول لـ "ريوم"* !


    فاحت في المكان رائحة الطبشور !
    سرت في عظامي رعشة الطابور!
    وعادت كل الأشياء التي حسبتها غابت !
    جدول الحصص
    أسماء المدرسين
    وجوه زملاء الدراسة !
    وشيئا قديما يشبه "الوشم" في قلبي يدعى :
    " خانة توقيع ولي الأمر ! "
    لا شيء أكثر وجعا في قلب اليتيم من أن يعيد شهادته دون توقيع ولي الأمر !
    يجب أن تتوقف المدارس عن مثل هذا التعذيب !
    كانوا يقتلون أبي مرة في كل شهر ! فأدفنه بين أسماء المواد والدرجات في جنازة لا يمشي فيها سواي !
    الأكثر إيلاما من غياب أبيك ، أن يذكرك الناس في كل مرة أنه غائب !
    وهذا ما يفسر "عقدة التوقيع" لدي !
    فكثيرا ما ألقيت "القبض علي" وقد ملأت ورقة فارغة بتواقيعي ، وبالحجم الكبير !
    كانت صرخة بأثر رجعي في وجوه المدرسين ، ومحاولة لملأ "الخانات" التي ما زالت في القلب وفي الذاكرة !


    هذا صباح مختلف ،
    "ريوم" أصبح لديها حقيبة .. دفتر وقلم !
    ابتسمت ..
    وانغرست في قلبي شوكة !
    إنني أكبر وأصبح "أغبر" كل يوم !
    تعتادني نفس الفكرة
    أن أفعل كما تفعل ربات البيوت ، حين يقمن بتعليق سجاد بيوتهن على "البلكونة" ثم ينفضن الغبار بالمقشات !
    أحتاج إلى بلكونة ومقشة كبيرة لأنفض كل هذا الغبار والتعب عن قلبي !
    أحتاج إلى أكثر من هذا ..
    أحتاج إلى أثاث جديد ، وتغيير كثير من المقاعد التي هجرها من أعدت لهم !
    صوت لا أعرف من أين .. يحدثني
    " البداية تشبه النهاية وهذا هو سر الحكاية !
    ولو تأملت الدوائر لفهمت المعنى من كل هذا !
    وإن لم ترَ الأشياء على حقيقتها هذا الصباح فلن تراها أبدا !
    وإن لم تكتب شيئا هذا الصباح فلن تكتب أبدا ! "


    أتوقف عند المحطة لتزويد سيارتي بالوقود ،
    ولا أعرف أين يجب أن أذهب لملأ روحي بالوقود ؟!
    إنني أنضب .. وسأتوقف عن العمل قريبا !
    أتأمل عامل المحطة "أبو بكر" الذي لا يتوقف عن الابتسام وكأنه أحد ملوك الأرض !
    رغم أنه ليس سوى عامل بسيط ، تذوب أجمل سنين عمره تحت شمس جزيرة العرب من أجل "حفنة ريالات" !
    هذه الدنيا عجيبة ..
    الذين يعرقون "الأكثر" يجنون "الأقل" !
    والذين يجنون "الأقل" يبتسمون "الأكثر" !!
    أتذكر سنوات المصنع ..
    حيث كنت أنا الآخر عاملا ، يجب أن ينظف منطقته قبل انصرافه !
    أيضا من أجل "حفنة ريالات" !!
    أفهم الآن جيدا كيف أن أي ثورة يكون وقودها عمال المصانع !
    وأن قناع هذا العالم يسقط ،
    ويظهر وجهه الحقيقي في المصانع .. وفي عرق العمال !
    ينقر زجاج ذاكرتي بلطف وجه رجل يدعى "بهادور" !
    كان وردة نبتت في جدران المصنع ،
    كان غلطة مطبعية في هذا المكان !
    أتذكر ذلك الصباح جيدا ، حين كان يشير إلى أن آتي إليه
    لم يكن يتحدث العربية ولا الانجليزية ، وكان حديثنا فقط بالإشارة !
    كان من الواضح أنه يريدني لشيء مهم ، لا يحتمل التأخير !
    اصطحبني إلى دُرجه القريب من الماكينة التي يعمل عليها ، أخرج كيسا بلاستيكيا ملفوفا بعناية ..
    أخرج ما بداخله .. وكانت تفاحة !
    شعرت وكأنني أهوي في مصعد إلى شيء أبعد جدا من القبو !
    عامل مصنع لا يتجاوز راتبه 300 ريال ، يقوم باقتطاع شيء من ماله كي يشتري لك تفاحة لأنه يراك نحيلا ويجب أن تأكل !
    عامل مغترب حين يريد إجراء مكالمة هاتفية مع أهله يضطر لإلغاء وجبتي طعام !
    يجب أن يتوقف الطعام عن الدخول عبر فمه ، كي تستطيع مشاعره الخروج عبر نفس الفم !
    صراع آخر وشوط جديد .. بين الجسد والروح !
    وكان ينتصر لروحه !
    كبائن الاتصال هي أصدق ما تبقى في هذا العالم التقني !
    كمية الحزن والصدق التي تفوح من كبائن الاتصال ، كافية لغسيل الكثير من القبح الذي ينتشر في هذا الكوكب !
    جرب فقط أن تتصل من كبينة اتصال وستشعر أن روحك أصبحت "أنظف" !
    وهذا ما أفعله في كل مرة أسافر فيها ..!
    رغم أنني لست مضطرا للتخلي عن أي وجبة !
    وما زلت بين الحين "والحنين" أذكر "بهادور"
    أراه في عمال المحطات
    أتذكره فجأة دون مقدمات ،
    حين يتعطل التكييف ويعرق جبيني !
    أو حين أقضم تفاحة !!


    في المصنع ..
    لم نكن نحلم بأكثر من ارتداء ثوب ، شماغ وعقال !
    أن يكون لكل منا تحويلته الخاصة ، وأن يكون بمقدورك وضع عطر قبل ذهابك إلى العمل !
    فالتفكير في وضع عطر في هذا المكان هو نكتة سمجة لا يضحك منها ولا يتقبلها أحد !
    فالعرق هو سيد العطور هنا !
    وهذا ما حصلت عليه الآن !
    مكتب ، تحويلة خاصة
    ثوب وشماغ .. وكثيرا من العطور كافية لاحتلال أنوف الآخرين !
    لكن الأمر لم يكن جميلا إلى هذا الحد كما كنا نتصور !
    وهذا ما كنت أفكر فيه وأنا أدخل إلى مكان عملي ..!
    هذه وظيفتي الخامسة ، وهي الأطول حتى الآن !
    أمضيت في هذا المكان ثلاث سنوات وثلاثة أشهر حسب التقويم ، لكنها يوم واحد حسب ما أرى !
    لأنها جميعا متشابهة في الملل والرتابة !
    أنا أيضا "تتجمد" أجمل سنوات عمري ، في مكتب من أجل "حفنة ريالات" !
    وإن كانت أكثر بكثير من ريالات "أبو بكر" ، ومن ريالات المصنع !
    نحن لا نعمل ،
    فقط نتواطأ مع الوقت كي يمضي وتنتهي فترة "السجن الوظيفي" !
    وهذا ما يحدث كل يوم ،
    تغيب الشمس فأخلع صفحة التقويم وأغادر المكتب !


    لا شيء يصيبني "بالسكتة الفكرية" مثل أذان المغرب !
    في اللحظة التي تموت فيها الشمس ، فتشعر أن جميع الأشياء إلى أفول
    وأن كل هذا النهار ،
    أطفال المدارس
    العصافير
    زحام الناس ،
    مجرد كذبة !
    تمسك بتلابيب روحك مئذنة .. تهزك بعنف
    تؤكد لك ..
    سيبقى "الله أكبر" !
    أشعر أنني أتلاشى كالذر.. ويطويني الأثير !
    هذا الدين يصيبني بالذهول في عمقه !
    يمر في بالي المشهد الذي يقع فيه الأمير "أندريه" جريحا تحت جواد نابليون في رواية "الحرب والسلام"
    وكيف كان "أندريه" مأخوذا بشخصية الإمبراطور الفرنسي في ما مضى
    لكن الآن وهو ملقى على الأرض والإمبراطور فوقه مباشرة ، كان يحدق في السماء الواسعة .. فشعر بتفاهة نابليون وعظمة السماء !
    تماما كما أشعر الآن بتفاهة كل "نابليونات" الأرض .. وعظمة المآذن !


    لم تكن لدي رغبة في العودة إلى المنزل ،
    فذهبت إلى المقهى !
    في المقهى تشعر أنك مع الناس ، لكنك تبقى وحيدا !
    تكون قريبا منهم ..
    تختلط رائحة قهوتك بدخان سجائرهم ،
    وتخدش أصواتهم صيوان أذنك !
    وبعيدا جدا ..
    تحتضر بينهم ،
    تناديهم بكل ما فيك من صمت !
    فيواصلون أحاديثهم ، ويبقى كل على طاولته !
    المقهى مثل "البلكونة" ..
    بقعة مخاتلة تقف على الحافة بين البيت والشارع !
    تشعرك بألفة المنزل ، وتصب في أذنك صخب العابرين !
    في المقهى فقط وفي البلكونة ، أشعر أنني أجلس في مكاني !
    قريبا من الناس .. بعيدا عنهم !
    لا أنضم لهم .. ولا أتمرد عليهم !
    فقط أراقبهم ، وأمد يدي للغة لعلها تتنازل وتصافحني !


    كانت اللغة كريمة معي هذه الليلة !
    لمست أطراف أناملي فغادرت المقهى ..
    وتركت خلفي فنجان قهوة فارغ ، وورقة مليئة بكلمات تتخبط على السطر كما تتخبط السمكة حين تخرجها من الماء !
    كان صدري المالح بحرا لهذه الكلمات ، والآن أمضي وأتركها تلاقي حتفها في الهواء الطلق!
    كانت الكتابة لدي أشبه ما تكون بمحاولة لإرشاد الناس إلى مكاني !
    مثل ما يفعل الرهينة ، حين يترك في كل مرة ورائه شيئا من أثره ، ليمكن المنقذين من تتبعه وإطلاق سراحه ..!
    فكنت أترك خلفي ملامحي والطرق التي أسير فيها !
    أتركها على شكل استعارة أو أبيات شعر مبتورة !
    ولم يجدني ،
    ولا أطلق سراحي أحد !
    فعلمت أن الكتابة صرخة تقول فيها للذين سيأتون من بعدك :
    " لقد كنت هنا ! "
    هذه آثاري ،
    هذا حرفي وإحباطي
    وهذه الأشياء كما بدت لي وعشتها !
    ليس لأنك تريد منهم إنقاذك ،
    ولكن كي يعلموا ..
    أنك من هنا عبرت ، وتركت خلفك أثرا ومعنى !
    وكانت هذه الكلمات هي التي تركتها خلفي هذه المرة :
    الصور المرفقة الصور المرفقة attachment 
    اخر تعديل كان بواسطة » EnG.aLr7aL في يوم » 20-04-2017 عند الساعة » 23:42

الصفحة رقم 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter