"هاجس في قلبي يخبرني أن أختفي للأبد!"
استهللت ليلتي السوداء بمسامرة النجوم من خلال شرفتي العاليه بينما أرتشف رشفات من قهوتي المرّة ، تنحتّ السحب لتُظهر المترقب المنير الذي كان يتربّص بي دون علمي وأحاديث لاتنتهي ودّ مشاركتي بها فأستمع له بلا أذنان..بل بأحاسيسي الدافئة، انبسطت أسارير وجهه وأخفى وراء عينيه كلماته البائسة،نَظرْتُ إلى قسمات وجهه المتألقه فتدفقت ذكرياتي أمام ناظريّ..وكأنني أرى شريط حياتي وأعيش كل لحظة من ماضيي، رجعت بذاكرتي للوراء وتذكرت لحظاتي العصيبة..لحظات قاسية لم أعرف ماذا أفعل..!
حينما أشارت علي أصابع الاتهامات ولم أجد من يستمع إلي..! وأخرى عندما تخلى عني صديق عزيز فطعنني طعنة عميقة بقلبي بعدما ألقى علي كلمة قاسية ثم رحل وابتسامة خبيثة لم تفارق ثغره، لم أنسى دموعي اليائسة التي ذرفتها وشهقاتي المستمرة..، ظلّ طيف الموت يلاحقني حتى أصبح جزءً من روحي..فكم مرة حاولت الانتحار؟ ولكن محاولاتي تنتهي بفشلي الذريع؟!
في لحظة ما..كان مبتغاي للموت أقوى، لم أتردد في وضع قدماي على حافة مبنى شاهق،كانت الرياح تداعب شعري القرمزي وعيناي السوداوتين تتمنيان هلاكي المحتوم،كم تمنيت أن تسكن نبضات قلبي..أن يتوقف الدم في عروقي..أن أفقد أنفاسي..أن أرحل للأبد.
هبت رياح قوية لتدفعني لأسفل، كم تقت إلى لحظة كهذه أن ترى نهايتك وشيكة..كم رفرفت روحي من السعادة، انفرجت شفتاي ببتسامة سعيدة فأغمضت عيناي وبسطت ذراعي لأعانق الأرض التي كنت أخطو عليها خطواتي يوماً، لكن..شيء ما جذبني سريعاً قبل أن أتذوق نشوة سعادتي، يدٌ ما تشبثت بمعصمي بقوة وكأنها لاتود تركي، سحبتني سريعاً قبل أن ألقى حتفي..
شاب عشريني بشعر ترابي كان يلهث بشدة والعرق يتصبب من وجهه الحليبي، أطال صمته وعيناه الزمرديتان تحدقان بي فلم يكسر صمته إلا بعد دقائق..
"أأنتِ سعيدة لأنك أقلقتني وجعلتني أبحث بكل زاوية من المدينة لأجدك..؟"
تنهد بعمق وأغلق عيناه
"كم أنتِ مزعجة وحمقاء..لاتفقهين شيئاً"
فتح عيناه مجدداً وكانت صفحة عيناه باهتة وحزينة..ووجهه زاد شحوباً أكثر مما هو عليه، لقد كان شيئاً فجائياً لي لاأعرف من يكون هذا الشخص ومن أين أتى؟! لكني أشعر بأني رأيته من قبل إنه شعور أشبه بفقدان ذاكرتي، حدقت بوجهه ففغرت فمي مصدومة بالذي يحدث أمامي، هجرت الكلمات جوفي فلم أجد مايسعفني غير تقطيبة حاجِبَيّ المرفوعان،نظر إلي بنظرة مواسية فوضع كفه على كتفي
"الموت لايأتيكِ حينما تريدين بل يخطفكِ فجأة من جحركِ..هذه الحياة لاتستحق أن نيأس بشأنها لأنها لاتنتهي بلحظة.."
اغمض عينيه بارتياح بعدما رأى التماع عيني
ثم ابتسم ابتسامة شجية
"اعتنِ بنفسك رجاءً"
منذ تلك اللحظة اكتسبت أملاً جديداً وهربت فكرة الموت مني بسبب ذلك الشخص..
طُردت تلك الذكريات العَسِرة من تلقاء نفسها وخَرجْتُ من دوامة تفكيري حينما قَطَعَ صوت الصرير أحاديثي التي كنت أشكيها للقمر، لم تمتنع مقلتاي من تبليل خداي الناعمان..
هتفت بتساؤل مُتحير
"من تكون..؟"
أنت الأمل الذي يكون نصب عيني
أعطيتني الإلهام بلا مقابل
لن أنساك مهما حييت
أرجوك كن بخير~
أتمنـى أن تكون سعيداً للأبد
وتتحقق جميع أحلامك وامنياتك
المفضلات