الصفحة رقم 12 من 12 البدايةالبداية ... 2101112
مشاهدة النتائج 221 الى 237 من 237
  1. #221
    e056
    سنحيا بعد كُربتنا ربيعاً كأنّا لم نذُق بالأمس مرّا.


    هل صليت اليومَ عليهِ؟


  2. ...

  3. #222
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    yrgMfBW





    LNi9mwy


    11

    حلّ الظلام وبَعُد المرام، حتّى أنار شعاع القمر
    وبعد العداء وجُرح الجفاء
    حلّ الصفا والوُد ازدهر









    قلعة مهدي


    بدا العالم في الطرف الآخر خلف تلك الجدران في غاية الاختلاف عنه أمام تلك الجدران ! ذاك الضجيج المتباين من مساومات التجّار حول الأسواق الوفيرة وأصوات ثغاء الأغنام بأجراسها المعلقة بين أصوافها أثار إحساسا عميقا بالغرابة في قلب نور ، الطرقات مكتظة ، والبشر يعبرون من الجهات الأربع ، تتقاطع مساراتهم في ذلك الازدحام رفقة أغنامهم وماشيتهم
    رفعت نور بصرها تنطق بتساؤل " هل السماء مكفهرّة أم أنها على وشك المغيب ! " لتعود ببصرها تلتفت به يمينا وشمالا مكملة حديثها بصوت جهوري يلائم ضجيج المكان " لا تبدو لي حيوية المدينة متلائمة مع سماءها ! "
    " نحن لسنا في داي يا سيّدتي ، ثمّ ..ربّما تكون مكفهرة نعم ! " أجابها تيزمت بشحوب قبل أن يسحب لجام فرسه بلطف قبالة أحد الخانات وهو يشير لهم بيده الأخرى " إنه أفضل خان بالمدينة سأكرمكم فيه على نفقتي " لتومئ نور برأسها هامسة بشكره على خجل وقد شرعت بالنزول من على فرسها ، وحينما همّ فارس بفعل الأمر ذاته انتبه إلى تيزمت الذي لم يتزحزح قيد أنملة من على فرسه ! ليخاطبه بلهجة جاهد لإخفاء نبرة العداء فيها " ألن تنزل معنا ؟ "
    رفع تيزمت جبينه يجيبه من فوره " أنا سأعود فيما بعد .." ليظهر فارس ملامح الريبة جليّة على وجهه وهو يهتف به " ولمَ ؟؟ "
    تنهد تيزمت مجيبا بملامح منهكة " لأجل تدبّر أمر الحجج ! "
    وهنا هتفت نور من خلف سرجها وإحدى يديها لا تزال ممسكة بجيبه " كيف سيمكنك تدبّر شيء كهذا الآن يا تيزمت ونحن لن نبقى طـويلا .."
    أجابها تيزمت سريعا وهو ينكز فرسه " لا تقلقي يا سيدتي ، سأتدبّر أمرا ممكناً "
    لم ينتظر الفارس أكثر ، لينطلق فرسه مهرولا حتى أخفاه خلف حشود المارّة التي تكتظّ بهم المدينة
    وما إن اختفى قفى فرسه عن أنظارها حتى التفتا من فورهما نحو بعضهما ، لتنطق نور وعينيها تبرقان قلقاً
    " إذاً ..لا أشعر أنه شك ولو قليلاً ! "
    كان فارس يجيبها وهو يتحرك ساحبا لجام فرسه نحو داخل فناء الخان " حتّى لو شكّ ولو قليلاً ..إنه ليس أحمقا ليظهر ذلك لنا ! " لينتهي من ربط حبل فرسه ومن ثم يستدير نحوها منتظرا انتهاءها من الأمر ذاته
    " وبغضّ النظر عما يراوده حولنا الآن .." كانت نور واقفة أمامه وقد تقطّبت حاجبيها بجديّة واتسعت عينيها بفضول حبس أنفاسها
    " نحن لن نكمل سفرنا معه ! " ليزول تقطيب حاجبيها ويتضاعف اتساع عينيها " و كيف ستقنعه بتركنا ! "
    احتدّت عيناه الخضراوين مع نبرة صوته الباردة " لن أقنعه بل سأتخلّص منه "
    " ماذا ! " انفجرت شفتي نور محتدّا بريق عينيها بضراوة " مالذي تعنيه بقولك سأتخلّص منه ! "
    لينفجر فيها بدوره وقد احتقن وجهه لمحاولته خفض صوته " ما تعنيه الكلمة بذاتها ! وأيضاً أنتِ من سيساعدني في ذلك ! "
    تصلّبت ملامح نور وقد فغر ثغرها وعينيها اللامعتين تحدّقان بالشرر الذي يتطاير من عينيه ، تلقائيا كان وجه نور يتحركَ كما لو كان ينفي ما يراه ، ليرفع فارس حاجبيه حتى التصقا بخصلات غرّة شعره الكثيفة " كنت أعلم أنني سأندم على قبولي شكرك الزائف لي يومها ! " نطق بذلك صارّا على أسنانه ، بينما ضيّقت نور من عينيها محاولة استيعاب ما كان يرمي إليه ، قبول شكرها ! بدا عصيبا عليها تذكّر كل حديث دار بينهما فيه شيء عن شكره خصوصا إن كان شكرا قد نطقت به ! أم كان إحساسا حبيسا في صدرها ؟ ولكن ..قبوله ! لترمش أهدابها ببطء في ذات الوقت التي هوت فيه جملتها على ذاكرتها !
    " إن كان الأمر كذلك ، فأنني على الأقل ...سأشكرك على إنقاذك لي .."
    لترفع بصرها نحوه متّسعة العينين من فورها بينما كان صوته الجاد ذاك يرنّ في أذنيها
    " لا أحبّ أن يشكرني أحد على شيء فعلته لأجل نفسي ! "
    ولكن بشكل عصف بخاطر نور ، لم تكن ملامحه التي تراها الآن لتشبه تلك التي رافقت نطقه بكلامه السابق حينها ! ، تصلّبت عينيها دون أي رمش ، محتارة ومفجوعة فيما تراه ، كيف يمكن أن يكون غضباً مثيرا لشفقتها ! أم ..ربّما ليست شفقتها ! ربّما كان ما تراه يثير غضبها ورفضها
    " لقد كان ذلك شرطا في اتفاقنا ، وكما ترين فقد نقضته "
    " إن أخبرتِ نُضار بهذا الأمر ، فلن تفي بوعدها لي "
    قطّبت نور حاجبيها بشدّة وتلك الكلمات تتدفّق على ذهنها بينما انعكست في عينيها السوداوين نظراته المتأججة ، كما لو كانت روحه تصارع للفرار من أسر زجاجها المخضرّ ! وجهه المحتقن يروي الحكاية ذاتها ، للمرة الأولى لم تخشّ غضبه ولو قليلا ! مالذي يبقيه معها على هذا الطريق حتى الآن ! لقد فاتت فرصته الضامنة لعودته آمنا لوطنه ! مالذي يبقيه حتى الآن ، محتقناً ، مختنق الأنفاس ، عيناه لا تكتمان شيئا تأباه روحه ! ترتعشان في حدقتيه بقلّة حيلة وضعف ! وهنا أدركت نور ذلك ، لم تخشاه هذه المرة أبداً ، لأن غضبه هذا لم يكن سوى غطاءً لألمه وقلقه !
    " إن كنت سأشكرك لا محالة ..فأنت تريده فعلا لا قولاً ! "
    نطقت نور بذلك وقد رفعت حاجبيها بينما كانت عينيها مثبّتتين عليه بثقة تامة ، ليومئ فارس باستهزاء وهو يحرّك حنكه بحنق " هل عليّ امتداح ذاكرتك الجيدة هذه ! "
    أجابته نور بثبات من فورها " لا " لتصمت للحظة كما كانت تجمع كلماتها وتكمل " ما طلبته منّي في المقابل كان الصمت وعدم الإفصاح لنضار بما وقع ! "
    لتتسمر عينيه وقد زالت ملامح الهزء من وجهه بينما كانت نور تكمل حديثها " وبما أنني لم أخل بهذا بعد ..فلا يحق لك أبداً القول بأن شكري كان زائفاً ! "
    كانت ملامحه جامدة وخالية من أي شيء حينها ، سوى من استمرار ذلك الاحتقان الذي ألمّ بوجهه
    " الحق معك ..تجاوزي ما قلته عن مساعدتك لي في هذا الشأن ! "
    بدا ذاك الجمود في ملامحه وتلك النبرة الخشنة في صوته وحدة مريرة انفعلت لها عينا نور المتّقدتين ، لينطق لسانها سريعا بما كانت قد عزمت عليه منذ بداية حديثها
    " ولكنني سأعتبر ذلك قبولا دونياً منك ! " حدّق بها وميض عينيه من أسفل حاجبيه المقطّبين بغرابة هذه المرة ، بينما كانت تسترسل في حديثها بصوت متأنٍّ صريح
    " أنت اعترفت أمام جميع من في الحصن بأنك عبدا لوالدي ! وبناءً على ذلك نعمتُ أنا براحة يصعب وصفها أو حتى تصوّرها في ذلك الحصن ! " لترتفع حواف حاجبيها وعينيها تبرقان بشدّة أسفلهما
    " هذا شيء لا يسدده صمت فقط ! "
    زفر على عجل وهو يعود بالنظر إليها بعد أن أشاح بوجهه للحظة " نور ! "
    كانت نور قد ضيّقت عينيها تستمع له بصبر وتجاهد نفسها لعدم مقاطعته بينما عاد الاحتقان لوجهه وهو ينطق صارّا على أسنانه " أخبرتك من قبل بأنّه ما من مكان للشفقة ! لا يعقل أن تتذكري كلّ شيء عدا هذا !! "
    لكنّ نور ضاعفت من اتساع عينيها وعناد لم تألفه عيناه منها من قبل كان ينضح فيهما
    " إن أردت أم لم ترد ! أنا سأفيك الحق كاملا في هذا ، لأنني لن أسعد بالعيش حاملة جميل شخص سيصبح عدوي يوما ما ! "
    ظلّت تتردد نبرتها الحازمة في ذهنه أطول وقتاً من ترددها في أرجاء المكان !
    ليتساءل بعد ذلك إن كانت الفتاة التي أمامه قد أخرسته مرّتين لتوّها !







    " أنا أتعهّد لكَ بشرفي ! ..."
    كان كفها النحيل قد تحرك مستقرا على صدرها وهي تنطق تلك الكلمات بابتسامة حارت عيناه في تفسيرها !
    " بأنني سأكون خير عون لك بإزالة أي شيء يعوق طريق عودتك إلى وطنك ! "
    ليرفع حاجبيه وعينيه لا تزالان تنضحان عجبا من صنيعها " أتساءل إن كنت تعين جيدا ما تتعهّدين به الآن ! "
    لتفلت ضحكة من نور وتجيبه محرّكة كتفيها بعجل " سأبذل كل ما بوسعي لتحقيق ذلك ! "
    لم يتمكن فارس من السيطرة على نفسه أكثر من ذلك ! حتى تسللت ملامح الضحك أخيرا على وجهه ممتزجة مع علامات التعجّب والحيرة الشديدة ،ليحرك ذقنه قبل أن ينطق وعينيه تبرقان بالضحك الذي لا تبوح به شفتيه " حسناً إذاً ! الليلة سأتخلّص من تيزمت وعليكِ القيام ببعض العمل لإتمام ذلك ! "
    رفعت نور حاجبيها محافظة على هدوء ملامحها وهي تنطق بثبات " أسألك من جديد مالذي تعنيه بـ أتخلص منه ! .."
    لترفع حاجبها مكملة كلامها " ..أتنوي قتله ! "
    " ليس أمامي خيار آخر " أجابها بذلك سريعا وقد عادت ملامحه الجادة بالهيمنة عليه
    وحينها أومأت نور برأسها وهي تجيبه " أتظن أنني قد أقتل أحد أبناء ملّتي لأجلك أيها الفارس ألفونصو ! "
    مالت شفتي فارس بسخرية قبل أن يجيبها بدوره " بالطبع لا ! و لقد أخبرتك بذلك للتوّ فقط لإيقافك عن منح عهود لا طاقة لكِ بها ! "
    ضحكت نور من فورها " أنتِ تحاول إهانتي ! ..." لتلعق شفتها على عجل وهي تكمل حديثها بملامح أكثر جديّة " عدم قبولي بقتله لا يعني التراجع عن عهدي ! "
    ليرفع حاجبيه بشيء من التهكّم هذه المرة " للأسف ..لا توجد أية وسيلة أخرى غير هذه ! "
    " بل يوجد ! يمكن التخلص منه في سفرنا مع الحفاظ على حياته بنفس الوقت "
    لم يرد التعامل بجديّة مع وعودها أو حتى كلماتها ..ولكن ذلك الاتقّاد من حرارة غامقة ترتعش في عينيها حبست أنفاسه وجرّت حدقتي عينيه للغوص في توقّعات أفكارها وتخيّلاتها !
    ليجد شفتيه كما لو كانتا قد استقلتا بالتصرف عنه ، تتحركان وتنطقان بتساؤل " وكيف يمكننا فعل ذلك ! "
    تجيبه بعينيها اللتين احتدّتا بجديّة وحزم " كم نحتاج وقتا لإخفائه عنّا حتى نتمكن من الفرار ؟ "
    " ليس أقل من يوم كامل ! " وما انتهى من جملته حتى حملقت عينيه في ردّة فعلها السريعة
    " سهلة وحلّها عندي ! لديّ طريقة لجعله ينام لفترة لا تقلّ عن يوم كامل ! "
    انتبهت نور لدهشته فور انتهاءها من جملتها الأخيرة ، لتنطق سريعا بسؤال تعرف إجابته
    " ما بك واجم هكذا ؟ ألا تعجبك خطّتي ! " ليرفع حاجبيه مجيباً "في الحقيقة ، إنها تعجبني أكثر مما يجب ! ولكنني فوجئت قليلا بخطتكِ هذه ! "
    وهنا ابتسمت نور تجيبه بنشوة ونصر " أنت فارس تفكّر فقط بالوظيفة تلو الأخرى !.."
    تحرك يدها نحو صدرها وهي تكمل حديثها مضاعفة من رفع حاجبيها " أما أنا فطبيبة أعتني بأكثر من شيء في آن واحد ! "
    " حسنا والآن ..هذه الفتاة تعجبني حقاً ! " قال فارس ذلك في سرّه بينما انشغلت نور في التفكير بتفاصيل خطّتها عاقدة إصبعيها حول ذقنها !
    ليهمس فارس في داخله مستأنفا تحليلات عقله " عقل الفتاة جيّد ، عدم ظهور ذلك عليها من الوهلة الأولى ينفعها أكثر مما يضرّ ! تستغل ما تعرفه من أجل ما تحتاج إليه ..تحلّل السبب وراء تصرّف أو منطق ما "
    فكّ تقطيب حاجبيه وبتر أفكاره حينما لمحت عينيه الخضراوين تلك الحيوية المفاجأة التي حلّت على وجهها
    " وجدتها ! اكتملت خطتي يا فارس ، لنرى إن كان سيعجبك ما سأقول ! "
    أجابها من فوره " إنني أسمعك ! "
    رفعت يدها تبدأ الإشارة للعدّ بأصابعها " أوّلا سنذهب إلى العطّار ، لنشتري ما نحتاجه ، عشبة ستنوّمه نوما كثير الاستغراق ! ثانيا سنشتري قِرَبا من الجلد ، ثلاث منها ! ثالثا سنشتري لبناً وسأسكبه في القِرَب الثلاث ..بالطبع سأخلط اللبن بالعشبة التي سنشتريها قبل سكبه في القربة الأخيرة ، ورابعا وأخيرا سنوهم تيزمت أنني أعرض تحديّا بيننا لينهي كل منا هذا اللبن غريب الطعم ! ونحن سنتظاهر بملامح ممتعضة من اللبن دون أن نشعر بها في الحقيقة ! ولكن على هذا التصنع أن يكون محدودا لأنه لا علم لي بحقيقة تأثير طعمه في اللبن ! ولكن فقط يمكننا مجاراة ما يظهره تيزمت من ذلك ! وما إن يخيم الليل في الخان ويغرق صاحبنا في نومه حتى نتسلل في قلب العتمة ! "
    أومأ فارس برأسه موافقا وهو يضيف فور انتهاءها من حديثها " جيد جدا ، ولكنكِ نسيت أمر الحجج ! إن حالفنا الحظ فسيكون قد أحضر حجّة ما لدخولنا ، سأفتش عنها في ثيابه أثناء نومه ! وكذلك لم تذكري لي اسم هذه العشبة التي ستستعملينها عليه !! "
    " سأبحث عن نبات الأفيقوون أولا وأرجو أن نعثر عليه ! لأننا حينها سنضطر للبحث عن نبات آخر أكثر خطرا وأبهظ ثمناً .."
    استأنفت حديثها بعد زفرة خفيفة " لأنّه وبالإضافة إلى كثرة استعماله من قبل الأطباء في التخدير وتسكين الأوجاع فهو يجلب من مدينة واحدة فقط بالمشرق "
    " ما يكون هذا النبات ومن أين يجلبونه ! "
    " إنّه الأفيون ! يجلب من أسيوط مدينة شهيرة ببلاد مصر ! "
    ترفع نور كفها وهي تستطرد الحديث بلهجة استدراكية " آه ..نسيت أمر آخر أيضا ، أنت من سيقع عليه تسديد نفقات الخطّة ! وأيضا إياك أن تعطي لتيزمت القِربة الخطأ فيضيع كل تعبي ! "
    انتهت من قول ذلك وهي تنطلق خارج الخان مسرعة في خطواتها بثقة وعنفوان لتعبر طرقات قلعة مهدي عازمة على تحقيق عهدها وهي تطرق أبواب حوانيتها وعطّاريها .




    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 20:05
    .

    و إذا يْنَفْعّك الله
    حاشا يضرّك إنسان

    e032


    my blog
    goodreads


  4. #223
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    فتحت دفّتي النافذة على مصراعيهما ، لتندفع نفحات الهواء النقيّة نحو وجهها
    كانت قد ابتسمت هذه المرة ، فلم تعد ترى كل شيء في سبتة عدوّا لها !
    التفتت مبتعدة عن النافذة دون أن تزول ابتسامتها المشرقة عن وجهها
    " لن أبكي مجددا ! سواء أدْرَكَتْ أمومتي لها أم لم تفعل ، سأبذل جهدي لأكون جديرة بأمومتي لها ! "
    كانت تكمل حديثها الداخلي وهي تلج إلى المطبخ بثوبها البسيط الأنيق ، بأكمامه المطرّزة التي شمّرتها عن ساعديها
    " سأسعى لأكون امرأة جديرة بالمحبة والتقدير في عينيها ! .."
    تقاطع أفكارها صرخة الأحمر المتحمّسة " يا للروعة !! "
    لتلتفت مبتسمة من فورها نحو عينيه الزيتيتين المتّقدتين بسعادة ، بينما يستطرد وهو يحمل أكياس الطحين نحو ركن في ذلك المطبخ
    " سأحظى مجددا بالفطور الشهيّ الذي تعدّينه يا خالتي روضة ! "
    يتسع ثغر روضة ضاحكا على كلامه بينما يردف كلاما زاد من إضحاكها
    " كنت أنا من يعد الإفطار والغذاء والعشاء دائما ،،لا أتذوق شيئا بسبب تعبي في تجهيزهم ! "
    لترفع روضة حاجبيها وهي تفتح إحدى أكياس الطحين وذراته تتطاير حول يديها
    " إذا ربّما أنت لا تجهّز الطعام بالطريقة الصحيحة ! لأنني أجهّزه وأستلذّه أيضا ! "
    تتسمّر ملامح الأحمر قبل أن تنطلق رنّة ضحكته المنعشة والمميزة
    لتتداخل معها ضحكة روضة الهادئة وعينيها مثبّتتين في عملها التي شرعت فيه ، ولكن الأحمر جلس القرفصاء بجوارها ونطق متسائلا
    " خالة روضة هل تغيّرت خطة سفرنا ؟ ألن نذهب إلى فاس ؟ "
    لتنظر روضة نحوه وهي تجيبه بنبرة متسائلة هي الأخرى " كلا ! لمَ تظنّ شيئا كهذا يا عزيزي ؟ "
    ليحرّك الأحمر أكتافه وهو يمدّ يديه مناولا القدر إياها
    "إذا لمَ استأجرنا هذا البيت وغادرنا الخان ؟ .." ليستطرد سريعا قبل أن تنطق روضة لإجابته
    " آه نسيت !! كل هذا لترتاح الأميرة ! "
    وما إن نطق بها حتى وصلهما صوتها من عتبة المطبخ " تقولها بحنق مكشوف يا هذا ؟؟ لسوء الحظ عادت عديمة النفع للسفر معكم ! "
    لتتسّع عينا الأحمر بانبهار مصطنع وهو ينهض من مكانه ويفرد ذراعيه في الهواء كما لو كان يرحّب بها بحرارة
    " لسوء الحظ ! بل لحسن الحظ! .."
    يكمل كلامه وهو يلتفت بعينيه حول المكان
    " هذا البيت الجميل بشحمه ولحمه كلّه استأجرناه لأجلك .."
    تزداد ضحكته وارتفاع حاجبيه الساخر
    " حتى ترتاحي جيّدا بل حتّى تشبعي من الراحة ! "
    كانت روضة قد نهضت من مكانها تراقب ما يجري بابتسامة هادئة وما إن أكمل الأحمر جملته الأخيرة حتى صارت بالقرب من مهجة
    لتخاطبها وعينيها تبرقان بسعادة مفرطة
    " كيف حالك يا جميلتي ؟ كيف أصبحتِ اليوم ؟ "
    لينكمش قلب مهجة في صدرها وعينيها تتفحصّان ملامح روضة وتصرفاتها
    " بـ بخير .."
    تتضاعف ابتسامة روضة وتستأنف بصوت حنون " لتكن كل أيّامكِ غارقة في بحور الخير يا حلوتي "
    لتعضّ مهجة على شفتها السفلى ثم تنطق بسرعة وتلعثم " شـ شكرا لك ! "
    وما إن انتهت من نطق جملتها تلك حتى ارتعدت كلتيهما من سماع شهقة تعجّب مدويّة ، اتسعت عينا روضة تنظر نحو الأحمر بذعر " ماذا هناك !! "
    " لا أصدق !! "
    قالها الأحمر وهو يحملق بمهجة " ما هذه الأخلاق النبيلة ! "
    لتقطّب مهجة من حاجبيها وتنطق من فورها " لقد استعرتها منك ليلة البارحة هل نسيت ؟؟! "
    وقبل أن يفتح الأحمر ثغره ليستأنف أو ربّما ليبدأ نزالا كلاميا معها ، ترددت بين أسماع الجميع أصوات سعال من مكان ما في ذلك المنزل
    لتشهق روضة وتنطلق راكضة كالسهم مغادرة نحو مكان الصوت، بينما قطّبت مهجة حاجبيها وهي تحدّث نفسها " واضح من ملامحها أنها أدركت من يكون صاحب السعال ! تماما مثلي أنا .." لتتحرك بخطوات ساكنة خلف روضة ، وعينيها وذهنها يراقبانها بخلسة وانتباه شديد !





    e328




    دفعت الباب مسرعة دون طرقه ، تستطرد ركضها حتى هوت جالسة قرب فراشه ، كان جالسا هناك وما إن أبصرتها عينيه الفضيّتين وهي تدلف مسرعة إلى غرفته ، حتى أسرع في سحب برنسا ثقيلا كان مرمي بجواره ، ولكن لم يكن الوقت ليكفيه ! فإذا بها جالسة على طرف فراشه ، مقطّبة حاجبيها السوداوين بغضبها الذي تراه عينيه مثال اللطف والمحبّة !
    لتسحب ذلك البرنس من يده بحركة سريعة من يدها ، وتتحرك بكلتي يديها تلبسه إيّاه وهي تنطق بتذمّر
    " أخبرتك ألف مرة أن الليالي لا تزال باردة ! أتريد قتلي بعنادك هذا !! "
    أجابها مستفزا وهو يرفع حاجبيه " أظنّك أنتِ من تقتلينني بقلقك عليّ ! "
    لتعدّل له برنسه بحركة قويّة من يدها كما لو كانت تنتقم من جملته بينما تحدّق فيه عينيها الواسعتين
    " أقتلك بقلقي !! "
    يستمر العقاب في استفزازه وهو يكتم ضحكته " نعم ! أنا لا أرتدي البرانس الثقيلة في أغلب الأحيان ولا أسعل ولا أمرض ! .."
    يستمرّ في حديثه وكتم ضحكته يزداد صعوبة من ملامح روضة الساخطة عليه
    " بينما حينما أكون معك لا تكفّ عينيك تلتهمانني بقلق متى أخرج وما أرتدي ! حتى أمرض في النهاية ! "
    لتفغر روضة ثغرها بدهشة ومن ثم تطبق على شفتيها بقوة وتتحرك راحة كفها تضربه على كتفه
    " أتجازيني بجزاء السنّمار هكذا ! .."
    بينما يزداد بريق عينيها اتقادا وهي تكمل حديثها بجديّة
    " ليتني لا أقلق ، كان يرتاح قلبي !! "
    ليبتسم العقاب وعينيه الفضيّتين تشعّان محبة لها
    " هيّا لا تغضبي ! كنت أمازحك ، اقلقي كما تحبين حتى لو كان ذلك سيؤدي إلى موتي ! "
    لتصيح صيحة مكتومة " لأكن فداك ! "
    وحينها أطلق العقاب كل الضحكات التي كتمها قبل وقت قصير ، وروضة تحدّق فيه بغضب تنتظر سكونه !
    " لن أسامحك إن كرّرتها ! "
    يجيبها وعينيه لا تزال تلمع من دموع ضحكه " قلتِها أكثر من مرة ! "
    بعينين صارمتين تجيب " صدّقني هذه الأخيرة ! "




    e328





    لم تكن عيني مهجة لتثبت على صحن حساءها الموضوع على خوان الطعام ، بل كان بصرها يجول بين الجالسين حوله بينما عقلها يسرد عنهم الأفكار ، ما رأته قبل وقت قصير قد أذهب بعقلها وأثار حيرتها الشديدة !
    من هذه المرأة ! لقد سمعتهم بأذنيها يقولان أنها والدتها ! ولكن تلك اللفافة تقول أنهم قتلوا والديها !
    كل ما حصل فيما مضى معها ولا يزال يحصل يدلّ على صدق تلك اللفافة ، ولكن ..ولكن ..إن كانت والدتها قد نجت من الموت بطريقة أو بأخرى ، كيف يُعقل أن تكون رابطتها مع البراء بهذه القوة ! رغم ما فعلته عائلته بها وبزوجها !
    ليجفلها صوت روضة رغم لطفه وحنانه
    " هل أعجبك الحساء يا عزيزتي ؟ "
    تومئ برأسها بصمت وهي تشعر أن لسانها يختفي أو ربّما يبتلعه حلقومها كلّما خاطبتها هذه المرأة
    وهنا يجلجل صوت الأحمر وهو يضع صحنه الفارغ على الخوان بنشاط
    " بالمناسبة يا زعيم ..لقد كانت تتلصص عليكما أنت والخالة روضة ! "
    لتختلط الجديّة ببريق عينيه وهو ينطق سريعا دون إرادة منه " متى ؟ " بينما يجيبه الأحمر مشيرا بحاجبيه
    " حينما كانت الخالة روضة تطمئن عليـ.." لينخفض مستوى صوت جملته بقلق حتى أبترها نهائيا !
    أمال العقاب بشفتيه وعينيه تنتقلان نحو روضة " أنظري يا روضة ! أفعالك تجعل رجالي يتطاولون عليّ "
    ترفع روضة حاجبيها بتحسّر " رجالك! أتعدّ هذا الصغير البريء منهم ! "
    ليكتم كلّ من العقاب والأحمر ضحكتهما ، وبوجهه المحمر ذاك تتحرك عيناه الفضيتين صوب مهجة
    " هذه عادة جديدة يا مهجة ! "
    ليحمرّ وجه مهجة وتجيب بحنق " نعم جديدة على نقيض عادة الأحمر في نقل الكلام ! "
    أراد الأحمر أن يجيبها ، كانت فرصة لتقريعها بكلام مريع تبادر إلى ذهنه ولكن عينيه الزيتيتين اتجهتا نحو العقاب أوّلا ، ليته لم يكن بالجوار !
    كان العقاب قد تحدّث في تلك الأثناء وهو يعدّل من جلسته
    " يفترض بالشهاب أن يصل اليوم ! "
    ليعقد الأحمر حاجبيه وقد طارت أفكاره السابقة بعيدا
    " ولكنّه قد لا يستعجل بالعودة بعدمـ.."
    ليقاطعه العقاب وعينيه تبرقان بشيء ما
    " كلا سيفعل ! فلدينا عمل هنا في سبتة علينا إنهاؤه قبل المغادرة "
    فغر الاحمر فاه بحماسة " أحقا يا زعيم ! ولكن .."
    " هناك امرأة أريد قتلها "
    كان العقاب قد قاطعه سريعا ، ليتسمّر انفغار فمه كما هو عليه مصدوما من الإجابة بينما شهقت روضة ومهجة بصوتين متفاوتين
    بقلق تحرّكت شفتي روضة " برا.." ثمّ كتمت صوتها بسبب تمرير العقاب لنظراته بينها وبين الأحمر ، لا يريدها أن تتحدث أمامه ! فهمت روضة ذلك ببساطة لتطبق شفتيها بامتعاض
    بينما عجزت مهجة عن الصمت أكثر لتنطق بعينين مرتعشتين " مـ من تكون ؟ "
    ليجيب الأحمر متطفّلا لإحراج مهجة " السؤال هو لماذا ! "
    ولكن العقاب كان قد أجاب متجاهلا تعقيب الأحمر ، وعينيه مثبتتين في عيني مهجة
    " روضة والأحمر ، إن كنتم قد أنهيتم فطوركما فإنني أريد الحديث معها على انفراد ! "




    e328





    تسمّرت عينا مهجة ليشتدّ اتقاد بؤبؤ عينيها نحو العقاب ، بينما يكمل العقاب حديثه بعينين شديدتي القتامة
    " .. ولكن فقط كيف أخرستك هكذا !! هذا أكثر ما يزعجني في هذا الأمر ! "
    ترتعش شفتي مهجة وهي تجيبه على الفور " سيدي أنت تهذي ! "
    ليميل بحنكه كاتما ضحكة لا يجوز إخراجها في هذا الموقف ونفسه تحدّثه بشدة تشابه الفتاة بوالدتها ! إنهما يمتلكان نفس هذه العادة العجيبة، فحينما تقولان كلمة سيدي فغالباً ما سترفقان هذه الكلمة بكلمة أخرى لا تليق بها !
    " لا يهذي من يأتي بدليله معه يا سيدة مهجة ! "
    لتقطّب مهجة من حاجبيها تجيبه وقد تضاعف قلقها " أخبرتك أنها لم تؤذني ..لم يؤذني أحد في القصر ! "
    وهنا انقلبت ملامح العقاب ليكشّر بملامحه ويصرخ في وجهها ضاربا سطح الخوان براحة كفه بقوة شديدة
    " هل أنتِ حمقاء أم تظنين من حولك حمقى !
    أيحلّ كل ذلك بك لأجل لا شيء !
    لقد سئمت هذا النكران الفارغ !
    "
    يضرب سطح الخوان بقوة شديدة للمرة الثانية وهو يصيح فيها هائجا " أنظري إليّ "
    و حينها اضطرّت مهجة لفتح عينيها التين أغلقتهما بقوّة ذعرا ووجلا من تصرّفه غير المألوف معها
    أما هو فلا يحتمل أن يرى المياه تنضح في تينك العينين حتى لو لم تسيلا على وجنتيها ، ليخفض من نبرة صوته يميل بجسده نحو الأمام مقلّصا المسافة بينهما
    " مهجتي ..ألم تتحوّلي إلى فتاة مُحبة ومتحمسة للأدب فور عودتك للقصر ! .."
    لتتسمّر عينا مهجة اللامعتين فيه دونما أي رمش في الوقت الذي كان يسترسل بكلامه ذاك دونما أي توقّف
    " ..لتصير المكتبة أثيرتك وغرفتك الثانية ؟ حتّى أثرت إعجاب السيدة أمّ العز في زيارتها لكم ؟
    ولكن ويا للأسف ، انقلب حالك بعدها فجأة على حال لم يسبق وأن رآك أحد عليه من قبل ! "
    يضيّق من عينيه بينما يتضاعف وهجها الفضّي " لم تكوني ترغبين أبدا بالحزن ..أحدهم نسج خيوطه السامّة حولك ، ولا يوجد غيرها تلك الهوجاء البلنسية ! "
    لتنفي مهجة برأسها وقد أنساها تصرّفه الحالي غضبه وثورته السابقة
    " أنا كنت أحاول ..لا شأن لنزهون ، ثم اسأل نفسك ما حاجتها لتفعل شيء كهذا بي ؟ "
    ليرفع العقاب حاجبيه بتعجّب " ما حاجتها ؟ "
    بينما تبتلع مهجة ريقها الذي كان ثقيلا في غاية المرارة ، تجيبه بعينيها المنهكتين
    " فكر قليلا يا براء ولا تؤذها بسبب خيالك ! إنها أميرة ...لا سبب لها لأذّيتي ولا حتى التفكير .."
    صاح العقاب مجددا " اخرسي مهجة ! .."
    يطرق بقبضة يده على سطح الخوان وعينيه تنظران إليها بحدّة شديدة
    " ..انفي الأمر مرة أخرى وأقسم أنني سأجعلك تندمين على ذلك ! نزهون هي التي أذتك ! وهو أمر لا أستغربه.. على العكس من ذلك سأتعجّب لو لم تفعل ! "
    ليصمت لثواني كما لو كان يجمع أنفاسه أو كلماته ليستأنف الحديث مجددا وبصره لا يزال يتقّد بحدة صوب مهجة
    " ولكن العجيب في الأمر هو ضعفك الشديد هذا !!
    أتخافين منها حتى هذا الحد ؟
    حتى بوجودك بعيدة عنها !! ..."
    لتزداد حدّة جملته الأخيرة ويرتفع صوته بها فاقدا صبره
    " ... أنا حقا سأفقد عقلي من هذا "
    وفي الوقت الذي تأكّدت فيه مهجة بأنّها في موقف حرج وبأنها في مأزق حقيقي ، كان العقاب قد انتفض ناهضا من مكانه ، ليصعقها صوته المدوّي في المكان " اتبعيني فأنت بحاجة إلى بعض التدريب ..." يقول ذلك ويفتح باب تلك الغرفة بغضب ثائر وهو يكمل بقيّة كلامه دون أن يلتفت إليها "حياة القصر هذه قد أفسدتك "
    لتدور عيني مهجة محدّقة في الفراغ وقد فغرت فيها هامسة لنفسها بوجل
    " لم يتذكر هذا الآن ؟ وبهذا الغضب وهذه الفظاظة التي لم يسبق لي رؤيتها منه من قبل ! "
    تنهض من مكانها والأفكار تعصف برأسها بين غضبه الشديد لإخفاء الأمر عنه وبين استحالة إخباره به وصعوبة اختلاق قصة أخرى تقنعه !
    تنفي برأسها وتضع راحة كفّها عليه وهي تسرع في مغادرة المكان " إنه يفقد عقله ! تدريب أم تراه يكون تعذيب ! "

    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 19:34

  5. #224
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    وضع العطّار أمامها وعاءين صغيرين ومن ثمّ استأنف حديثه
    " لا أعلم إن كنت ستتمكنين من ملاحظة الفرق بينهما ، لكن الخبراء في .."
    ليقاطعه صوت نور التي كانت قد رفعت طرفي أصابع يديها ، تشتمّ منهما ما قامت بفركه بهما من الوعاءين المختلفين !
    " الحق معك يا سيدي " تشير بيدها نحو أحد الوعاءين مكملة حديثها " هذا أجود بالفعل ! يُخيّل لي بأن الآخر قد تخلل فيه الهواء كثيرا وأبرد خواصه ! "
    يومئ العطّار مجيبا " لأنه قد مضى وقت على جمعه وتخزينه ولكن كما أخبرتك هذا لا يعني عدم نفع دواءه ! "
    لترفع نور حاجبيها متسائلة لأجل التأكد " ولكنّ يظل نفع ذلك أجود ! "
    " بالطبع ولكنك ستنفقين أكثر لأجله ! "
    لتزمّ نور شفتيها كاتمة ضحكتها وهي تجيب بنفس منتعش " لا عليك يا سيدي ، لدينا مال يكفي لذلك ! "
    انتهت من قول ذلك والتفتت تشير إلى فارس الذي كان ينتظرها في داخل حانوت العطّار ، متكّئا على إحدى جدرانه التي عٌلّقت عليها حقائب قماشيّة وسلال
    " إن لم يؤدّ دوائك هذا عمله جيّدا فسترجعين لي كل فلس أنفقته ! "
    رمشت نور بعينيها تحدق لثواني بملامحه الناقمة دون تصديق ! ليظهر همس داخلها إلى العلن دون أن تسعى لذلك " يا لك من بخيل ! " ليجيبها فارس بينما كان يسدد ثمن النبات " هل عليّ إضاعة المال في لا شيء حتى لا أصير بخيلاً في نظرك ! "
    ترمقه نور بطرفي عينيها وهي تجيبه بدورها " فقط عليك ألا تفكر كالبخلاء حتى لا تبدو بخيلا في نظري ! "
    التفت فارس يناولها الكيس مستأنفا حديثه معها " مجدداً ! إنني أقول الأشياء لأجل تنبيهك ! "
    لم تره نور في عينيه ، ذلك الوميض غامق الخضرة الذي يشعّ بالشكّ والاستنقاص ! ليشعرها ذلك براحة أكبر وهي تنطق بينما كانا يغادران حانوت العطّار " تنبيهي على ماذا ! لو كنت تشكّ ولو قليلا لما أنفقت فلسا ! "
    توقف فارس لحظة حينها وهو يلتفت نحوها باستنكار " لو كنت أشك ولو قليلا ! لقد فعلتُ ذلك مضطرا ..لا تحلمين بأنني أثق بمهارتك أو ما شابه ! "
    رفعت نور حاجبيها بمكر مستأنفة حديثها " لو لم تكن واثقا من مهارتي لما رضيت أن أختار الكيس الأبهظ ثمنا من نفس نوع النبات ! "
    مالت شفتي فارس كاشفة على ضحكة صغيرة بينما كانت عيناه تركّزان على الطريق أمامه " ذاك الشيء وافقك عليه العطّار نفسه ! " يكمل حديثه وهو يلتفت إليها " يمكنك القول إنني وثقت بالعطّار في الحقيقة ! "
    " قال العطّار أن ذلك سيؤدي الغرض ! ما قولك الآن ؟ "
    " إنها المرة الثالثة"
    همس فارس بذلك في نفسه بينما كانت عيناه تحدّقان ببضائع أحد الحوانيت في ذات الزقاق ، لينطق بعدها سريعا " سنشتري القرِب من ذاك الحانوت ! "
    " ولم ذاك الحانوت بالضبط ! " تقول نور ذلك بتعجّب وهما يتجّهان صوبه ، " لأنّ القِرَب التي يبيعها غير متماثلة في اللون ! " لتنفجر ضحكة نور وهي تلتفت تجاه فارس غير مصدّقة ما يتفوّه به ! نطقت وعينيها تدمعان من فرط ضحكتها " ماذا تقول ! أتخشى حقا أن نعطي لتيزمت القربة الخاطئة ! "
    أجابها فارس وهو يحافظ على جدية ملامحه بصعوبة " قد أعطيه القربة الخطأ وقد تنسين أنتِ في أيّة قربة وضعتِ الدواء ! "
    " ولكنـ .. "
    " أم أنك تفضلين المخاطرة بكارثة كهذه مقابل كبرياءنا ! "
    " لا أعرف لماذا أشعر بذلك ! " تتحدّث نور بذلك في سرّها وهي ترمقه بطرف عينها سريعا " رغم أنني لم أحضر مجلسا في إحدى خيم قيادة المعارك من قبل !
    آه نعم وجدتها ! ربّما يذكرني ذلك بما كانت تقصّه عليّ قمر بما تسمعه من مجلس الأميرة فانو وقادة الجند في قصر القائد عمر بن يينتان ! "
    دارت عيناها في ذاك الحانوت سريعا قبل أن تنطق بصوت مسموع هذه المرة " هذا الحانوت ملائم حقّا إنني أرى جميع الأحجام هنا ! "
    " أيهمك حجم القربة ؟ "
    " بالطبع ! لا يمكننا شراء هذه مثلا " تشير على إحداها مستأنفة حديثها " فهي صغيرة كما ترى .." بترت جملتها وهي تتجه إليه مشيرة له بعينيها تلميحا له على ما لا ترغب في قوله صراحة في الحانوت " نحتاج مقدارا كافيا من اللبن كما تعلم ! "
    " ماذا عن هذه ! "
    تناولتها نور من يدها لتقلّبها بين يديها وهي تجيب " تبدو ملائمة ! "
    " إذا سنشتري ثلاثا منها " نطق بذلك تلقائيا وهو يرفع قربتين مماثلتين لها ولكن باختلاف في ألوانها من حيث غمقه وخفوته
    بعدها اتجه فارس نحو صاحب الحانوت الذي كان يتعجّب من حديث الزبونين الغريبين ! وقبل أن يخرج النقود لتسديد ثمنها وقعت عينا نور على مهراس خشبي صغير لتغمض عينيها وتفتحهما بقوّة مصدرة صوتا استدراكيا " أوه كدت أن أنسى هذا ! " وتهوي من فورها نحو ذلك المهراس الصغير الذي كان في أدنى الأرفف ،حملته بين يديها وهي تهتف بفارس الذي استدار نحوها من فوره
    " نسيت ذلك ! أحتاج إليه كثيرا "
    لم يكن بإمكانه التأكد لسبب حاجتها له ! ولكنه اضطر لشراءه رغم ارتفاع ثمنه ! مدفوعا بنظرات نور الملحّة على شراءه دون أيّ تراجع
    ليتمكّن من الحديث أخيرا وهما يخرجان مجددا نحو الأزقة " هل كان حقّا مهمّا ! لم تذكريه حينما ذكرت كلّ خطّتك ! "
    نفت نور برأسها وهي تشد على أحرف كلماتها " لقد نسيت حينها ! بالطبع أحتاج إليه كثيرا كيف سأطحن العشبة بشكل جيد قبل خلطها باللبن أخبرني !!! "
    " حسنا " أجاب بلا انتباه لكلمته وعينيه تحدّقان بالسماء المكفهرة " السماء مكفهرة لا ترينا متى يقترب الغروب ! "
    لتضغط نور على شفتيها بقلق طفيف " فارس ، الوقت قد يفلت منّا ! "
    التفت إليها بنظرات مرتابة " مالذي تحاولين قوله ! "
    استدارت نور حيث المكان الذي توقّفا فيه لتوّهما " هذا زقاق خامل ! خلفنا جدار بلا نافذة ولا أحد يعبر من هناك ! "
    كان فارس منتبها لكلماتها وعينيه تتحركان تجاه الأشياء التي تتحدّث عنها ، بينما كانت نور تكمل حديثها
    " إنه المكان الملائم لأنهي فيه عملي .."
    " فهمت ما تحاولين قوله ! سأشتري الحليب وأعود إلى هنا ! "
    أومأت نور بنظرات جادة " بالضبط ! أنا سأكون قد انتهيت من دقّها جيداً ، علينا أن نكون في الخان بعد صلاة المغرب ! "
    أومأ فارس وهو ينطق بما يفكّر فيه " أنت من ستجلبينهم بعد أن تنتهي من الصلاة ..صحيح ؟ "
    " نعم ، سيكون تحدّيا من طرفي لكما ! "
    وما إن لمحت عينيها ريبة ما في عينيها حتى استطردت سريعا " أنا أكاد أثق بأن تيزمت سيقبل التحدّي ! إنه يظهر معاملة جيدة لي ولا أتوقع إقدامه على إهانتي هنا ! "
    ليرفع فارس حاجبيه ينطق أخيرا بما يؤرّقه " ماذا لو..لم يقبل ! كأن يقول أنه متعب أو منزعج أو أيّا كان ! "
    تسمّرت عينا نور وهي تضغط على شفتيها بصمت بينما استأنف فارس سريعا " حينها سأضطر لإرغامه !
    وأنتِ ستجدين طريقة لجلبه إلى هذا المكان بالذات ! "
    اتسعت عينا نور بقلق وقبل أن تنطق بشفتيها المترددتين أردف فارس يطمئنها بنبرة صادقة
    " أعدك يا نور بشرفي بأنني لن أؤذيه ولن أستقصد روحه أبدا ! "
    أطرقت نور بعينيها قبل أن ترفعهما من جديد ، ليتسع مدى بريقهما وهي تجيبه
    " سأثق بوعدك يا فارس ! لنفعل ما يلزم معاً ..حتى النهاية ! "









    دلف العقاب نحو ردهة الطابق الأعلى للمنزل متجها بخطوات ثائرة نحو السلالم ، وما إن وقع بصره على روضة التي كانت تنظر نحوه بخليط من الحيرة والوجل، حتى نطق من فوره وبسرعة دونما التوقف عن سيره
    " روضة اجلبي لي سيفين وستة خناجر ..."
    لتومئ روضة لا تتجرأ على السؤال ولا الاعتراض وعينيها تتابع عدوه السريع في نزوله عبر السلالم، وحينما التفتت لتجلب ما طلبه منها اتسعت عينيها مصعوقة بمنظر مهجة وهي تخرج من الغرفة التي كانت فيها نحو غرفتها بسرعة شديدة ومن ثم تخرج من جديد وقد غيّرت من ثيابها، أطراف الفستان البسيط مرفوعة للأعلى معقودة بواسطة النطاق القماشي السميك في منتصفها ، لفائف من القماش قد لفّتها حول أسفل ساقيها كما لو كانت تمنع الانتفاخ السفلي لسروالها من إعاقتها عن الركض أو العمل ، وما إن وصلت إلى حافّة السلالم تحت دهشة روضة المتسمرة في مكانها حتى جلست مهجة القرفصاء ترتدي الخفّ الجلدي طويل العنق في قدميها، ساحبة إياه حتى ساقيها لتربطه عبر خيوطه حولهما بإحكام، حينها لاحظت روضة ارتعاش أناملها وهي تربط تلك الخيوط بينما رفعت مهجة وجهها ونطقت في تلك اللحظة بلهجة عجولة متوسلة بدون أيّ تفكير " أرجوك يا خالة هلا ناولتني برنسي ..نسيته بالداخل "
    لتومئ روضة من جديد ، معقود لسانها من نطق السؤال ، مالذي يجري ؟ ولماذا السيوف والخناجر وما شأن ابنتها بالأمر ؟ لمَ تستعد على عجل بهذا الشكل ؟؟؟













    هتف بها العقاب بلهجة آمرة " اصعدي فرسك واتبعيني ..هيّا "
    يقول ذلك وهو يقفز ممتطيا فرسه، يحرّك قدمه يوكز بطن الفرس بقوة تماثل شدة سحبه للجامه ، وبعد أن رفع الفرس حوافره في الهواء وتردد صدى حاد من صهيله في جنبات فناء المنزل ، استدار به العقاب بحركة مباغتة مثيرا تطاير الأتربة وفتات الأعشاب من بين حوافر الفرس القوية ، وفي تلك الاستدارة ، كان قد صاح مباغتا مهجة " مهجة استعدي ..لن أنتظر وعليك اللحاق بي " ليردف صيحته تلك بضربة قوية على جانب فرس مهجة بسوط أخرجه من جيب سرجه، لتصيح مهجة بأعلى صوتها مرافقة هيجان فرسها وثورته جراء تلك الضربة ، كانت مهجة تصيح وهي تقاوم بكل ما أوتيت من قوة الإمساك بلجام فرسها وعدم فقدانها لتوازنها وسقوطها من عليه " براااااااء إنني بيد واحدة ألا ترى "
    لم تسمع منه جوابا بل رأته ينطلق بفرسها أمامه ، قال بأنه لن ينتظر وعليها اللحاق به ، لتعدو بها فرسها الهائجة خلفه بينما تتمسّك هي بذلك اللجام السميك ، مضاعفة كل قواها في يدها اليتيمة، وجسدها الخفيف يتزحلق أكثر من مرة مرتفعا عن سرجها ، بينما تتدلى ذراع يدها الأخرى يعصف بها الهواء شديد السرعة والتدفّق .












    كان العقاب يعدو بفرسه العجولة قابض القلب يشدّ ويرخي لجامها بيد واحدة هو الآخر ، ذارعه الأخرى التي يلف حول معصمها قطعة القماش السوداء كانت ممتدة نحو يمينه تخدشها حدّة موجات الهواء السريعة ، يزداد انقباض قلبه وتقطيب حاجبيه كلّما أحس بتراجع مهجة عنه، حيث يدرك ذلك ببساطة عن طريق خفوت صوت عويلها وصراخها المتداخل بالرياح الذي تضاعف سرعة خيولهم من شدّة هبوبها
    كانت مهجة حينها قد تأخّرت بالفعل ، يكاد عقلها يطير من رأسها وهي ترى فرس العقاب تتوغل في الابتعاد عنها ، لتنفي برأسها متطايرة الدموع عبر صدغيها وقد تجعّدت ملامحها من فرط صراخها وسخطها عليه " أخبرني على الأقل عن وجهتنا حتى لا أضيع في منتـ ..آآه ...لااا "
    أطارت قفزة الفرس بجسدها عاليا عن السرج ، لتضاعف من قبضتها المنهكة باللجام وتغمض عينيها والدموع تنهمر من عينيها كالنهر الجاري، لترتطم هابطة على السرج من جديد بطريقة فوضوية بينما تحرّك تلك الفرس عنقها اعتدادا بسرعتها وعنفوانها وهي تعود لوضعيتها السابقة، بحوافرها التي تنحت آثارها السريعة والقوية في تربة الطريق الرطبة .
    كانت مهجة تصيح والدموع لا تنكف عن الانهمار على وجنتيها " أنتِ مجنونة أيضا ، أنتما مجنونان ...النجدة " كان جليّا لمهجة أن هذه الفرس ولسبب ما هناك ما يطير بعقلها بعيدا عنها هي أيضا !
    ليست هي فقط من تحتاج اللحاق بالعقاب ، على ما يبدو هذه الفرس أيضا حريصة حتى السماء لتلحق بهما في أسرع وقت ، كان ذلك جنونيا ، ويد مهجة السليمة قد ألهبتها جروح آثار اللجام التي نحتت عليها ، ولكن لا مجال للتوقف ، وفي ذات الوقت لا تملك يدها تلك المزيد من الوقت ! سيصير إمساكها باللجام مثل عدمه بعد دقائق أو ربما لحظات قادمة ، حينها أدركت مهجة شيئا مريعا ، أدركت بأنها لا تملك خيارا أصلا !
    كان ذلك إحساسا تختبره للمرة الأولى في حياتها ، لا خيار أمامها ، لا حيلة لها ، لا فكرة تنقذها ..سوى الحفاظ على الاستمرار وعدم التوقف ، ازدادت سرعة فرسها ، ازداد ضعف يدها ، ازدادت ضربات قلبها ، كما لو كانت الدماء تتأجج من عروقه وتنطلق مسرعة بسرعة هذه الفرس تصب كل تلك الدماء نحو عقلها ، مرورا بكل أجزاء جسدها ، تاركة كل شيء من خلفها ينبض بضراوة !
    حينها ضيقت مهجة من حاجبيها هامسة لنفسها " الأفكار لا تنفد ! " لتردف عبارتها تلك بحركة سريعة من ذراع يدها المصابة ، بلمح البصر تفسح لها المجال للدخول عبر اللجام ، وبدلا من أن يحاط اللجام براحة اليد وأصابعها ، جعلته في باطن مرفقها بين زندها وساعدها ، كانت الخطوة التالية مخيفة جدا ، ولكن تضاعف سرعة الفرس كلّما اقتربت صورة فرس العقاب منهم كان أمرا مخيفا أيضا !
    لتضيق عينا مهجة وقد جففت الرياح القوية وجنتيها من أي أثر للدموع ، تهمس لنفسها من جديد بإصرار أكبر " نعم ..الأفكار لا تنفد ..لا تنفد ..لا تنفد ..إنني أشعر بها في أعماق قلبي " تضغط على شفتيها بقوة وتكمل همسها السريع " إنني أشعر في أعماقه ...بأنه ممكن ! طالما استيقن بذلك قلبي الضعيف المخلوق ..فإنه حتما إلهاما من خالقه العظيم !! " وحينها جازفت بترك يدها السليمة للجام ، وأسرعت بالنهوض عن السرج وهي تُدخل ذراع يدها السليمة بداخل اللجام كما فعلت تماما مع الأخرى ، كان ذلك وبشكل غير مفهوم لمهجة - التي كانت قد انحنت بشكل يكاد يكون متكورا على الفرس - قد ضاعف سرعة فرسها حتى لمحت لفافة معصم العقاب السوداء الأثيرة ...




  6. #225
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية

    قفز العقاب من على فرسه بوجه منتعش بينما كانت فرس مهجة التي تقدّمته لمسافة قصيرة تستدير نحوه بسبب انسداد طريقها بجدار شجري
    صاحت به مهجة وهي لا تزال في وضعيتها العجيبة تحتضن عنق فرسها " أما كان عليك منذ البداية أن تخبرني أننا ذاهبان لقرية بيلونش ! "
    لم يكن ذهنه حاضرا مع كلامها الساخط إنما فقط كانت عينيه تبرقان نحوها بوميض يشع سعادة وفخرا ، ليهتف بها مبتسما " كان ذلك رائعا ..أحسنت يا مهجتي "
    لمعت عينا مهجة تنظران نحوه بحنق هذه المرة ! ألا يرى الحال التي هي عليه ؟ لتعبّر عما يختلج صدرها هاتفة بسخط " حسنا إذا أسرع وساعدني على النزول ! "
    لتتردد ضحكات العقاب في تلك الغابة المخضرّة ، بينما تحدّق مهجة بوجهه الذي يحمرّ من ضحكه كالعادة ، لتتسمر عينيها فيه وهي على حالتها تلك بينما يغادرها عقلها محللّا بأنه إن كان وجهه قد احمرّ هكذا ، فهو يضحك من قلبه فعلا ولا يتصنع ! مالذي يضحكه بهذا الشكل !
    ولكن إجابة العقاب قد جاءت سريعة لتساؤلاتها بدون أي عناء " سأعدّ حتى الخمسة ..إن لم تكوني قد نزلتِ حينها سنعيد سباقنا الآن نحو مكان آخر ! "
    شهقت مهجة وهي تبالغ من تمسّكها بالفرس التي كانت تتمشى وتحني جيدها كأنها تتناول شيئا من الأرض
    " اجعلها عشرة على الأقل "
    " واحد ..إثنان .."
    ازدادت حدة صوت مهجة وهي تصيح به
    " كن بطيئا بالعد على الأقــــــــــل "
    " ثلاثة ..أربعة .."
    ثمّ صاح وقد قطّب من حاجبيه البُنّيين
    " اقفزي ...خمـ.."
    كانت مهجة على الأرض حينها ، تدلك ركبتها بيدها السليمة ، وحينما رفعت وجهها الملطّخ بالدموع تلقاء العقاب ، تفاجأت به يتوقف عن مشيه تجاهها والاقتراب منها ، وقبل أن يتسنّى لها التفكير بأي شيء ، كانت عينيها قد اتسعت على أشدها وهي تراه يسحب سيفين من غمدين معلقين على جانبيه ، ليشرع أحدهما في الهواء ويرميه في اتجاهها
    " انهضي بسرعة والتقطيه "
    هتف بذلك بصوت عال ، بينما لم تكن مهجة لتنتظر صيحته تلك حتى تنهض لالتقاط السيف قبل أن تجده متهاويا فوق رأسها
    صاحت مهجة مقطّبة الحاجبين بحدّة والعرق يتصبب من جبينها
    " مالذي تفعله يا براء !!! إنني بيد واحدة "
    غمامة داكنة كانت تخيّم على عينيه الرماديتين حينما أجابها هاتفا وهو يضاعف من تقطيب حاجبيه بقوة
    " لن تنالي شفقة عدوّك لأنك بيد واحدة ! "
    " ولكن .."
    " ألم تسعي لأن تكوني قوية كالمرابطيات يوما ما ؟؟"
    دار مقبض سيفه في يده بينما كان يكمل هتافه الحاد بها
    " هل كنت أضيع وقتي في سبيل مساعدتك على ذلك ! "
    ضغطت مهجة على شفتيها بقوة وقد احمرّ وجهها من شدّة الحنق والغضب ، لتصيح صيحة مدوّية بُح لها صوتها
    "بل أنتَ من أضعت كلّ جهدك !!
    أنت من أرجعتني إلى القصر بزعم حمايتي وتركتني فيه منذ زمن !!
    وأنا هناك ..نسيت كلّ شيء !! "
    مال حنك العقاب ضاحكا بسخرية وهو يجيبها بعينيه القاتمتين
    " لو كنتُ سأجعلك دائما بقربي ..صدّقيني لم أكن بحاجة لتدريبك !"
    ازداد اتساع عينا مهجة ، وغصّة عميقة شعرت بها تمرّ ملتهبة عبر صدرها ، بينما كان العقاب يستطرد حديثه غاضبا
    " قررت مساعدتك على ذلك لتكوني قويّة في غيابي وليس لأن تخرسك أميرة مدللة تلتقينها لأول مرة في حياتك !! "
    احمرّت أوداجها من جديد وسالت الدموع دفعة واحدة من عينيها
    " لا أقبل ..."
    ولكن العقاب كان قد انطلق مسرعا نحوها ، لتتراجع مهجة على الفور وتوجّه سيفها بشكل عرضي بيدها اليتيمة ، كانت تصيح وقد ارتجفت ساقيها مجبرة على المواجهة رافضة فضيحة الفرار
    " لا يمكـننـي بيـد وا.."
    بينما كان العقاب يصيح بها وهو يضرب سيفها بقوّة أطارته عن يدها وأرجعتها نحو الوراء لتتهاوى ساقطة على الأرض بضراوة
    " أين التي قالت لا أريد أن يسقطونني أعدائي سريعا !! "
    كانت مهجة منشغلة عن إجابته بالتحامل على نفسها والنهوض من تلك السقطة ، وما كادت تستقر واقفة على قدميها حتى فوجئت مجددا بسيفها يطير إليها ومعه صوت العقاب الذي رمى به نحوها يجلجل في جنبات الغابة
    " ما علاقة خسارتك لإحدى يديك حتى ترتعد فرائسك من نزهون !! "
    كانت مهجة قد وجّهت بسيفها نحوه ، تصيح ووجهها يتحرك تجاوبا مع انفعالها الشديد
    " أنا لست خائفة من نزهون !
    ولا منك حتىّ ! "
    ولكن العقاب تجاهل تلك الصيحة المدوّية ليهوي عليها مجددا بسيفه ، في هذه المرة لم تحاول مهجة صدّه على الفور ، بل حاولت التراجع نحو الوراء بخطوات سريعة قدر الإمكان ، قبل أن تضطرّ لمحاولة صدّ ضربته الثانية ، التي أطارت بالسيف من يدها مجددا ، وقبل أن تهوى على الأرض هي الأخرى كان العقاب قد شدّها من زندها بقوّة " تذكّري بأنني لم أجلبك هنا لكي تتبجّحي بالكلام ! إن كنت لا تخافين فإنني أريد رؤية ذلك ! " نطق بذلك بنبرة حانقة والشرر يتطاير من عينيه الرماديتين الناقمتين ، وما إن أنهى جملته تلك حتى رمى بها على الأرض ، ولم تمض سوى لحظات حتى اضطرت مهجة للإسراع في التقاط سيفها الذي اكتسب عادة مريعة بالطيران إليها
    نطقت مهجة بصوت مهتزّ والدموع تنهمر على خدّيها بينما سيفها يرتعش في يدها السليمة المنهكة
    " أنت لا تتخيل كم صرت أكرهك يا براء "
    دار مقبض السيف في يده بطريقة اعتيادية وهو يجيبها بلا مبالاة
    " بل إنني أتخيل كم تحاولين أن تكرهينني دونما أيّ فائدة ! "
    فغر فمها وقد أصعقتها عبارته تلك ! وبينما طفقت أحاديثها الداخلية بالجريان في عقلها وهي تعقد حاجبيها السوداوين بقوة ، اندفع العقاب نحوها مقاطعا كل خيوط أفكارها ، وهذه المرة لم تكن ضربته الأولى على سيفها بقوة الضربتين السابقتين ،حينها استشعرت مهجة الأمل من سماع صليل سيوفهما دون أن تطير في اتجاه وسيفها في اتجاه آخر ، ولكن العقاب ظلّ يزيد من قوّة سيفه ضاغطا عليها وصوت احتكاك السيفين يصدر رنينا حادا وفظيعا ، وبينما كانت مهجة تبذل كل ما بوسعها لاغتنام هذه الفرصة بالصمود معتمدة على القوّة في ساقيها ، كانت عينا العقاب التي لم يختلف لونهما عن لون نصل سيفيهما المتقاطعان تحدّقان بها بقوة وهو ينطق صارا على أسنانه " ضعف قلبك ينعكس على ضعف بدنك يا مهجة ! "
    حينها صاحت مهجة بشكل فاجأ العقاب ، صاحت وهي تحرّك ذراع يدها المصابة وتلفّها حول ذراع يدها الممسكة بالسيف بينما تضاعف من الاستعانة بقوّة ساقيها وهي تزيد من صلابة قدميها وتوغّلهما في الالتصاق بالأرض كما لو كانت تستعير قوّة من ثبات الأرض وصلابتها
    حينها اتسعت عيني العقاب ، وقد أحس بشيء من القوّة في صدّتها ، قطّب حاجبيه محدّثا نفسه بأن هذا القدر البسيط من القوة كافيا وبزيادة بالنظر لحالة مهجة المزرية !
    ليتراجع نحو الوراء وقد رفع سيفه عن سيفها وبعدها أداره في يده لقلبه رأسا على عقب وأغمده بسرعة حيث يتدلّى غمده من إحدى جانبيه
    حدّقت به مهجة دون فهم والعرق يتصبب بغزارة من صدغيها ، كانت عينيها تنظران بريبة وتخوّف حينما نطقت " ماذا ؟ ..."
    أجابها العقاب مبتسما بحلاوة " لست سيئة في السيف ! "
    ليرتفع حاجبي مهجة بسعادة عفوية ويتسع ثغرها ، كما لو كانت جملته تلك قد أنستها كل ما قبلها
    بينما عاد المكر يكتسي ملامح العقاب من جديد حتى استطرد قائلا
    " ولكن لنرى إن كنت لا تزالين جيدة في تفادي الخناجر "
    لتزول ملامح البهجة سريعا من على وجه مهجة الذي بات يلمع محمرّا من فرط التعرق
    " لم أكن يوما جيدة في تفاديها !
    أنا جيدة في رميها فحسب !! "
    ولكن العقاب تجاهلها كما فعل أكثر من مرة ، وهو يبتعد عنها أكثر ، ليهتف بصوته الذي جعله يعلو في أرجاء المكان ليصل لمسامعها
    " حينما تكونين بيد واحدة ستكون مهارة ساقيك أفضل "
    كانت الريح تهبّ في تلك الأثناء ، متخللة أشجار غابة بيلونش المثمرة والكثيفة !
    على مدّ بصرها ، كان العشب يتموّج مع امتداد الريح وعبورها نحوه ، ولكنّها لم تكن على يقين إن كانت البرودة التي تسللت إلى أعماق أعماق قلبها ، بسبب هذه الريح المشبعة بروائح الثمار الموسمية أم بسبب ما تعيشه رفقه العقاب في هذه الأثناء !
    ها هو يلقي توصياته وملاحظاته لأجل تدريبها ، كما كان يفعل سابقا ، حينما كانا معاً يعيشان أولى أيام حياتهما بعد مصرع والدته الأميرة
    أيقظتها صيحته المدوّية " مهجة لا تشردي !!! "
    لتنحني على الفور متفادية ذلك الخنجر الطائر وما إن التفتت نحوه حتى استقرّ منغرسا في أول شجرة معمّرة واجهت طريقه !
    أخذت مهجة نفسا عميقا وعينيها تحدّقان بصلابة انغراسه في جذع الشجرة ، ليصلها صوت العقاب بما يوافق حديثها الداخلي
    " سأرمي الخناجر كما ترين ..بكلّ قوّتي "
    عادت تلتفت نحوه بحركة سريعة من وجهها ، وإحدى قطرات مياه وجهها قد تعلّقت متشبّثة بذقنها تماما كما كانت متعلقة هي بفرسها الهائجة !
    استأنف العقاب كلامه وخنجرين يستعدان للانطلاق من بين يديه المرفوعتين نحو الأعلى
    " هفوة منكِ ستكون النهاية
    إن خسرت صدّ نصفهم ، ستركضين على فرس هائجة حتى التلال المطلة على القرية ! "
    كادت مهجة تمزّق شفتها السفلى من شدة الضغط عليها بأسنانها ، ولم تكن لتجيبه بشيء فقد كانت عينيها مثبتتين بتركيز نحو يدي العقاب من بعيد
    وما إن رمى العقاب بتينك الخنجرين حتى أسرع بإطلاق الثالث والرابع ، لتجد مهجة نفسها مضطرة للتعامل مع أربعة خناجر طائرة نحوها في الهواء ، وبينما أطلقت ساقيها مع تلك الرياح الناعمة طفق عقلها يحدّثها بأن البراء كان محقا ! إنها خفيفة بشكل ممتاز لملاحقة تلك القطع الحديدية الحادّة والمسنّنة
    وحينما لمحت إحدى الخناجر يتهاوى على الأرض لم تعره اهتماما لتصبّ تركيزها على الثلاثة المتبقية في غضون ثوان ، كان الخنجر الثاني يوشك على أن يتهاوى ، ولكنها أسرعت بضربه بنصل سيفها لتعجّل من موعد سقوطه بينما أسرعت بالقفز نحو الخنجرين الآخرين ليضرب نصل سيفها الهواء بشكل متقاطع أسقط الخنجرين على التوالي، وما إن استقّرت قدميها على الأرض حتى أحسّت بحفيف الخنجرين الأخيرين، لتستدير دون أن يقع بصرها عليهما حتى، وتنهي أمرهما بنفس الطريقة، ضربة متقاطعة في قلب الهواء، ترفع ذراعها في الأولى لتسقط بها الخنجر الأول وحينها يضطرب ذلك الخنجر ضاربا الخنجر الآخر وقبل سقوط الأخير تلاحقه بالتفافة سريعة لتنهي أمره بإنزال ذراعها هاوية بنصل سيفها عليه في الضربة الثانية !



    حرك العقاب ذراعه ،يمسح جبينه بقطعة القماش الملفوفة حول معصمه ، بينما كانت عينيه مثبتتين نحو الأمام ، نحو مهجة التي أقبلت تركض نحوه كما كانت تفعل دائما بعد كل تدريب تتقنه .. حينما كانا معا في أولى أيام حياتهما بعد مصرع والدته الأميرة !
    صارت مهجة أمامه تماما ، وقد انحسر خمار رأسها ، والتوى جزئه الحريري الطويل حولها بشكل فوضوي ، كانت تهتف بأنفاس متسارعة وجذل وقد تدلّت ضفيرة شعرها نحو الأمام من كتفها
    " لقد فعلتها ..لقد فعلتها !! "
    كان العقاب يتأمّل وجهها المحمر المتصبب عرقاً ، وعينيها اللتين قد أبصر الحياة تعود في بريقهما !
    ولكنه في الوقت ذاته كان يقاوم لكبت ضحكته بسبب حالة خمارها الفوضوية ، ليجيبها مبتسما وعينيه ترسلان شعاعا مُحبّا لعينيها
    " أرأيت يا مهجتي ؟ أنت لا تزالين قوية !"
    نطق بعبارته تلك وتحركت يديه نحو خمارها وقد أفلت ضحكته أخيرا ، انتفخت أوداج مهجة ونطقت باحتجاج بينما كان العقاب ينزعه عنها لتنظيمه من جديد
    " كنت منشغلة مع أستاذ قاسي في التدريب ، هل كنت تتوقع بقاءه مرتّبا بعد كل هذا التعذيب ! "
    كان العقاب قد أنهى تنظيم خمارها ، ولكنه أنّقه على طريقة ارتدائها إياه في داخل القصر ، كان حاسرا عن مقدمة رأسها بعض الشيء ، وقد جمع طرفيه الطويلين نحو الخلف ، ليربطهما هناك بلفّهما على نحو أنيق لتنسدل بقية أطراف الخمار كالستار الحريري حتى أسفل ظهرها ، ومن الأمام كان يكشف جزء من شعرها اللامع المبلل وبعض من خصلاته ملتصقة بجبينها وناحية صدغها ، أما ضفيرتها فكانت لا تزال متدلية على كتفها وقد برزت بوضوح أكبر بعد رفعه لأطراف الخمار .
    رمشت مهجة بعينيها الواسعتين وهي تلاحظ شيء مخفي من عدم الرضا في نظرات العقاب أمامها
    " ألا زلت أبدو مضحكة لك ؟ "
    رفع العقاب حاجبيه يجيبها وقد أحست بلمعان عينيه وهما تنتقلان من شرودهما إلى الانتباه بالنظر إليها من جديد
    " على الإطلاق .."
    لتلين عينيه دون أن تبرز ابتسامته " بل تبدين لي كغزالة من البشر ! "
    برز احمرار وجنتيها رغم احمرار وجهها قبلا ، ولكنها جفلت سريعا لبقية كلامه المصحوب بنظراته المتفحصة لها
    " ولكن لمَ لا ترتدي أيّ من حُليّك ؟ "
    لم تظهر مهجة أي شيء من تلك الهوّة الباردة التي أحسّت بها تعصف داخلها بقسوة ، لتجيب محركة كتفيها مدّعية بساطة الموقف
    " نحن في التدريب ، لمَ عليّ .."
    ولكنه قاطعها سريعا بنبرة أخافتها بسبب شدة هدوئها !
    " حينما أتيت لأخذك من القصر أيضا !"
    في الوقت الذي اتسع فيه ثغر مهجة وهي لا تزال تبحث عن الكلمات في ذهنها كان العقاب قد قطّب حاجبيه واستأنف حديثه
    " لا أرى حتى قلادة في عنقك الآن !
    لقد أزلت أقراطك أيضا ! "
    نفت مهجة برأسها وهي تجيبه لتخليص نفسها
    " كنت تعلم أنني لن أكون سعيدة في القصر ..أخبر.."
    ولكنه قاطعها ليتحدث تماما في اتجاه آخر
    " حسنا هذا يكفي
    تبقّى التدريب الأخير !! "
    زعقت مهجة وقد اتسعت عينيها بشكل ساحر
    " أتمازحني ! ظننت أننا انتهينا ..ثم ..ثم بعد أن نظّمت خماري أيضا "
    ابتسم العقاب بمجاملة ونطق يجيبها وهو يخرج السيف من غمده
    " لا تقلقي سأعيد تنظيمه لكِ من جديد "
    ظلّت مهجة تنظر نحوه منتظرة أوامر التدريب الجديد بتخوّف ، لتتسع عينيها وهي ترفع جسدها لالتقاط السيف مجددا
    " أولا ستحاولين إسقاط سيفي ومن ثم ستواجهين سيفي برمي الخناجر حيث أتّجه ! "
    زفرت مهجة والسيف يتدلى من يدها بسخط " هذا مستحيل يا براء "
    ليجيبها العقاب وهو يأخذ وضعية ملائمة لصدّ ضربة السيف
    " لا تقلقي ...حينما سأرضى عن إحدى ضرباتك سأعتبرك قد أسقطتِ سيفي !"
    لتميل شفتي مهجة بحماسة وتنطق بلهجة متسائلة
    " أيمكن أن أطلب شيئا مقابل نصري ؟ "
    ضحك العقاب و قد ثبت عينيه عليها " لا يمكنك "
    نفضت مهجة ذراعيها بسخط كبير وهتفت متأففة " لماذا !! "
    بينما عادت تقطيبة حاجبيه وهو ينطق بجدية
    " هيا مهجة .."
    وهنا تراجعت مهجة خطوات نحو الوراء ، تمدّ ذراعها التي تحمل السيف ، بنظرات جادّة تنظر نحو قبضة يدها على مقبض السيف ، تنظر إليها بينما تقطّب من حاجبيها وتبالغ من قبضتها عليه
    لم تكن قد هدأت أنفاسها بعد من كل التدريبات السابقة ، ابتداءً بذلك السباق المخيف ومرورا بطيرانها مع السيف مرارا وتكرارا بسبب ضربات العقاب وملاحقتها لتلك الخناجر الطائرة ، ولكنه قد قالها !
    إنه التدريب الأخير ...لقد انتصرت في ذلك السباق ، لقد قال أنها ليست سيئة في السيف ، لقد أخبرها أنها لا تزال قوية بعد ملاحقة الخناجر !
    لتزداد من تقطيب حاجبيها بتدفق تلك الأفكار حول رأسها ، وهي تزداد حرصا على بذل أقصى ما بوسعها لأجل هذا التدريب الأخير



  7. #226
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية

    غرست أناملها تتشبث بعشب الأرض بقوّة شديدة ، كانت تلهث بشدة حتى تحول لهاثها إلى سعال حاد ، بينما كان العقاب محافظا على صبره ، وهو يقف في مكانه يرمق بعينيه الرماديتين الناقمتين وجهها الذي صار قانيا محتقنا من شدّة الاحمرار وضيق النفس
    حاولت مهجة النهوض عن طريق استناد يديها على الأرض ، ليرتفع جسدها عن الأرض قليلا ، وحينها عاودها السعال الشديد ليضطرها لبصق لعابا مرّا من ثغرها من جديد
    ولكنها أمسكت بالعشب من جديد ، كان يتقطّع في كل مرة تفعل ذلك ولكنها مضطرة للاستمرار ، عينيها تنظران لذلك الخنجر المرمي غير بعيد عنها وعقلها يحفزّها لضرورة الزحف نحوه والإمساك به بين يديها أولا ، وبعدها ستنهض ، عليها أن تنهض ، لتمتدّ أناملها وتخرط العشب وهي ترفع ذلك الخنجر المرمي في يدها ، وبمجرد إحكام قبضة يدها عليه ، رفعت وجهها الذي يتصبب عرقا نحو العقاب ، وحينما تحرّك شعاع الشمس عاكسا بريق عينيها السوداوين ، كانت مهجة قد نطّت من مكانها ، ليتلون شعاع الشمس الذهبي على صفحة وجهها المتوهجة بالاحمرار
    رفعت مهجة ذراعها بأقصى ما تستطيع ، عينيها السوداوين تتابعان حركات العقاب ونظراته ، لتخفي ابتسامتها عن شفتيها وتلف ذراعها رامية ذلك الخنجر في غير الاتجاه التي كانت توجهه صوبه ، وعلى الفور تطلق ساقيها بكل ما أوتيت من قوة من الطرف الآخر وهي تستخرج من نطاقها خنجرها الأخير ، كان العقاب هناك بعد أن أفشلت خطّته لإضاعة خناجرها الأخيرة وخسارتها ، وما إن أخرجت الخنجر من نطاقها حتى ارتفع صوت اصطدامه المدويّ بنصل سيف العقاب ، ليعقب ذلك صوتا حادّا بسبب احتكاكهما
    كان جبين العقاب يتصبب عرقا وقد ابتلت خصلات غرة شعره ، فتركيزه الشديد على مستوى محدد من القوة يكون ملائما لقدرات مهجة دون أن يعجزها ودون أن يكون سهلا عليها في الوقت نفسه ، لم يكن بالأمر الهيّن ، ولا سيّما وهو يحاول صدّ ضربة خنجرها هذه ، برفع مستوى نصل السيف لإفقاد توازن خنجرها ، كان جهدها يستحق التقدير ، وفي ذات الوقت لا يريد التهاون معها بمجاملتها سريعا والسماح بفوزها .
    ضغطت مهجة على شفتيها بإصرار ، وهي تتراجع خطوة للوراء ، ومن ثم تعيد الكرّة لضرب نصل سيفه بخنجرها الأخير ، كان العقاب قد ضاعف من صدّه لضربتها لتلك لتصيح مغمضة عينيها بقوة وبذات تلك القوة كانت تحافظ على ذلك الخنجر في قبضة يدها التي ارتعدت من صلابة الضربة ، لم تكن تلك القشعريرة التي سرت في عروق يدها لتوقفها ، وبدلا من استسلامها للألم ظلّت تتراجع في كل مرة بسرعة وتعود بقوة تهوي بخنجرها على نصل سيفه من جديد !
    هل رأى ذلك الشرر يتطاير من ضرباتها السريعة على نصل سيفه ! قبل ثواني فقط كاد أن ينهي الأمر ويخبرها بفوزها ولكنه لم يرد تفويت روعة ما يراه ! ليتحرك مناورا هو الآخر ويبتعد عنها مراقبا سرعة ركضها وهي تلحق به وخنجرها يهوي على نصله بسرعة وقوة فائقتين !
    كان ذلك صليلا رائعا ! عذبا ، هكذا فكّرت مهجة في عقلها ، تطير ضفيرتها السوداء الطويلة ، بينما ينثني خصرها في التفاتتها السريعة التي تطاير معها خمارها المخملي بتناغم ، ومع دويّ صليل الضربة الأخيرة تذكرت آخر لحظات يدها المصابة ! التي فقدتها بعد أن أسقط منها العدوّ خنجرها الحبيب ! وحينها فكّرت بأنّها لا تقدر على كره القتال بالخناجر رغم خسارتها ليدها بسببها ! تماما كما لا تقدر على كرهه رغم ..
    قُطع سيل أفكارها حينما انتبهت للعقاب يرمي بسيفه في لحظة ويمسك بمعصمها يسحبها إليه، ليستقر جبينها على صدره بينما أحاط رأسها براحة كفّه الأخرى ، هدوء تام كان قد لفّها في تلك اللحظات التي ما عادت تميّز فيها حتى أصوات طيور الغابة ، لتنتبه بعد ذلك لصوت ضربات قلبه اللاهثة ، وحينها شقّت ابتسامة واسعة وجهها المتعرق ، لتحرك رأسها من مكانه وينطق لسانها وعينيها تبرقان في عينيه
    " لقد جعلتك تلهث أيها الفارس المغوار ! "
    كانت كفّه لا تزال على رأسها رغم تحريكها له لتتمكن من النظر في عينيه ، ليجيبها سريعا بتينك العينين اللتين استبدلت قتامتهما بوهج مُريح
    " سعدت بهذا يا جوهرتي ! "
    وما إن أنهى العقاب عبارته الأخيرة تلك ، حتى شعر كلتيهما بالدوّار يتسلل لرأسيهما بعد سكونهما المفاجئ ، ليترنح كلٌ منهما لخطوة أو خطوتين ومن ثم يرمي بنفسه مستلقيا على العشب الأخضر مرسلا شعاع عينيه نحو غيوم السماء




  8. #227
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    " إذا ... ألا زلت غير قادرة على ذلك ؟ "
    كانا لا يزالان مستلقيان على ظهريهما ، يحدّق كلّ منهما في وجه السماء منصتا لضربات قلبه وتدرجات أنفاسه ، حتى نطق بها العقاب أخيرا دون أن يبعد عينيه عن صفحة الأفق الزرقاء من فوقه
    قطّبت مهجة حاجبيها كما لو كانت تضاعف التركيز على السحب التي تحدّق بها ، بينما أجابته بتغافل " ما هو الذي تقصده بذلك ؟ "
    ليجيبها العقاب بصبر كبير " على البوح بالذي كان سببا لحزنك "
    ابتسمت مهجة ضاغطة على شفتيها ، صامتة لبضعة ثوان ، بدا زمنها للعقاب أطول مما هي عليه في الحقيقة
    " إن عدت حزينة مجددا بسببه ..حينها اسألني وقد أعطي الجواب "
    أدار العقاب برأسه نحو اليمين ، حيث قابلت عينيه رأسها ومن حوله ضفيرتها وأطراف خمارها مفروشين على العشب النضر
    " هذا تسلّط لا أقبله يا مهجة ! أحتاج لمعرفة ما حصل معك "
    كانت مهجة قد التفتت نحوه بدورها ، وقد أبصرت البريق الحاد اللحوح يعود لحدقتي عينيه ، لتتفاجأ بنفسها تجيبه من فورها
    " براء ..أنا لا أرغب في ذلك ، على الأقل في الوقت الراهن ، أتساءل إن كنت تفضّل إجباري على الحديث ؟ "
    رفع العقاب حاجبيه اللتين قد غطت خصلات شعره المبتلة جزء منها " ومنذ متى كنت أرضى لكِ ذلك ؟ أنت تعلمين أنني لا أحتمل إجبارك على أي شيء ! "
    لتتسع ابتسامة مهجة بمكر ، تجيبه وهي ترفع حاجبيها بتشكيك
    " نعم أعلم ..خصوصا حينما لا تجبرني للعودة والعيش بمفردي في قصرنا بسبتة "
    ليطلق العقاب ضحكة خفيفة دون أن يبعد عينيه عنها ومن ثم يجيبها من فوره " تلك حالة استثنائية يا مهجة وأنت تعلمين ذلك أيضا "
    ترمش مهجة عينيها بعناد " كلا لا أعلم .." لتوقف رمش عينيها وتنظر نحوه بجدية أكبر وهي تكمل حديثها
    " وثم ، الاستثناءات لديك كثيرة ! أنت بحد ذاتك استثناءً في عائلتك.. ، هل أنا مخطئة ؟ "
    لم تبد مهجة جادّة في طرح تساؤلها الأخير ، لأنها قد أسرعت تنطق مجددا قبل انتظار أي تجاوب منه
    " براء ..أرغب في سؤالك عن أمر ما بشدة "
    كان العقاب ينصت لها مقطب الحاجبين بانتباه بينما كانت تستطرد حديثها بنبرة حاولت أن تخفي الإلحاح عنها دون أن تفلح في ذلك
    " ولكنني لا أظنك ستجيبني ..لأنني .."
    " لأنكِ رفضت إجابتي عن آخر سؤال مني ؟ "
    حركت رأسها تومئ له بملامح حرجة بينما استرسل العقاب كلامه سريعا وعلى نحوٍ عفوي
    " ، برفضك إخباري عن شيء أرغب في معرفته بشدة ، إنّك حقا ترتكبين خطأً ! ولكنني لن أجاريك بارتكاب الخطأ نفسه ! "
    ليرفع من حاجبيه ويبالغ من تثبيت عينيه عليها " لذا اسألي وسوف أجيبك "
    شعرت مهجة بغصة في حلقها ، وهي تشعر بشيء من تلك المشاعر المريعة التي اجتاحتها تعود إليها !
    هل يخدعها الآن ؟ هل يتلاعب بها ؟ أم يراها أمامه بعقل طفلة ؟
    " مهجة ؟؟ "
    هتف العقاب باسمها مقطّب الحاجبين مستنكرا صمتها المفاجئ وشرود عينيها نحو الأفق ، وما إن انتبهت مهجة لذلك حتى أسرعت بالنطق متجاهلة إحساس الضيق الذي أخذ يعتصر قلبها من جديد
    " المرأة التي تشاركنا المنزل الآن "
    أخفى العقاب تلعثمه ببراعة وهو يجيبها بعفوية ظاهرة
    " مربّيتي ؟ "
    أطبقت مهجة جفنيها تحت أنظار العقاب المتفحصة لها ، لتفتح عينيها بعد ذلك وتجيبه بإصرار ممزوج بشيء من الحدة
    " لا يهمني إن كنت ستغضب من كلامي ..ولكنني لا أصدّق قصة المربية هذه ! "
    كان العقاب يقنع نفسه بأنه ما من حاجة للقلق ، في الوقت الذي كانت كل جوارحه منتبهة مع مهجة وعن سبب عدم تصديقها له !
    " هل تظنني حمقاء أم تظن من حولك حمقى ؟ .."
    ابتسم العقاب حينها ، هي دائما هكذا تقتبس عباراته وتستخدمها لمواجهته هو بعد ذلك ، ولكن ابتسامته قد تلاشت ليحلّ محلها ملامحه الجادة وهو ينصت لحجج مهجة وأدلّتها المقنعة !
    " أعلم أنك ربما تخفي عني بعض الأمور الآن ، ولكن قبل وفاة والدتك الأميرة لم تكن لتفعل ذلك أبدا
    إن كانت لديك مربية مقرّبة منك حتى هذا الحد في بلنسية كنت حتما لن تمسك لسانك فورعودتك لسبتة وستخبرني عنها كما تخبرني عن كل شيء ! "
    أحس بشيء من الإهانة من كلامها محدثا نفسه بأنه من المحرج أن يكون بلبلا هكذا في ذاكرتها
    أما مهجة فقد كانت قد استرسلت في حديثها حتى نست نفسها لتنتبه بعد فوات الأوان
    " براء ! أنت أحببت شجرة هناك فأصررت على جلب أوراقاً منها لأجلي
    كيف تنسى إخباري عن شخص تمنحه مكانة كوالدتك ! "
    وما إن انتهت من نطق جملتها حتى انتبهت للعبارة التي سبقتها ، لترفع يدها على ثغرها وهي ترى ملامح العقاب المريبة ، هل يكتم ضحكته ؟ هل هو غاضب منها ؟
    لينطق أخيرا بنبرة أكثر ريبة ! بينما كانت عينيها تكادان تلتهمانه من فرط التركيز لما سيقوله
    " مهجة ، من الممكن أن تذكّري أمير بحماقاته القديمة ، ولكن لا يجوز أن تفعلي هذا بزعيم عصابة "
    نطق بذلك بملامح متصلّبة وعينيه تحبسان ضحكة مكتومة في بريقهما ، ضغطت مهجة على شفتها تكتم ضحكها على ملامحه تلك ، في الوقت الذي كان قد عاد فيه ببصره نحو السماء ، حلّ صمت قصير دون أن ينطق بينما كانت مهجة تتساءل إن كان غاضبا منها ، وقبل أن تحرك شفتيها للتأكد من ذلك ...شعرت بضربات قلبها تتوقف وتسكن فجأة حينما سمعته ينطق على حين غرة وبصره لا يزال يجول في أفق السماء
    " أنت تفكرين بشكل جيد يا مهجة وليس بوسعي سوى القول بأنك على صواب "
    لتسرع في تقطيب حاجبيها كما لو كان ذلك يساعدها على التركيز فيما ستسمعه
    " بخصوص المرأة التي قلت أنها ..."
    " أخبرتك أنها مربيتي في بلنسية صحيح ؟ "
    أجابت مهجة وهي تحدّق بجانب وجهه الذي كان شاخصا نحو السماء
    " أجل ..هذا ما أخبرتني به ! "
    هل بدت نبرة صوتها ضعيفة أم كان يُخيّل لها ذلك ؟ تساءل عقلها بصعوبة من بين ضجيج تقارع قلبها ، لا تريد أن يحصل الشيء الذي يتوقعه قلبها ..فلسوف يكذب عليها من جديد ، ربما يقول الآن أنه قد تعرّف إليها بعد وفاة والدته ؟
    " في الحقيقة هذه السيدة لم ترَ بلنسية قط "
    عينيها المتلهّفتين تحدقان برأسه الذي يأبى الالتفات كما لو كان بصره قد تعلق بخيط من قلب الأفق !
    " إذا ؟ أين صرتما .." لتبتر جملتها متيقظّة لخطر التفوّه بما يثير ريبته من شدّة فضولها
    " يوما ما ..كانت هذه المرأة ستُقتل في قصرنا يا مهجة "
    جفلت ملامح مهجة وقد أصابها غثيان من شدة اعتصار قلبها ، إنه لا ينظر لها حتّى لتتبين ملامحه ولكنها ليست بحاجة لذلك حقّا ، لتقاوم مهجة رغبة لسانها في إمطاره بأسئلتها بصعوبة بالغة، لتنصت لأصوات هبوب النسيم التي أشغرت محلّ صمتهما وهي تنتظر بصبر شديد استئنافه الحديث
    " كنت طفلا حينها ، وحينما رأيتها أول مرة كانت تكاد تحتضر ..."
    كان العقاب يروي حكايته مقطّبا حاجبيه مدققا نظره في غمام السماء ، ليس الأمر فقط لأنه يروي هذه الحكاية لأول مرة ! بل لأنه يروي حكاية يتوجب عليه إخفاء جزء منها
    "...أذكر أنني تحدثت معها ، بطريقة ما شعرت بأنها على صواب وكان عليّ إنقاذها "
    لتنطق مهجة أخيرا وقلبها يعجّ بتقارع فظيع
    " هل ساعدتك والدتك الأميرة في ذلك ؟ "
    " بالطبع لا ، كنت صغيرا والمرأة كانت قد وقعت في وشاية سيئة
    فقط من حسن الحظ كان هناك سيدة في زيارتنا ، لها بعض الصلات بعائلة أخوال أمي .."
    لم تحتمل مهجة صمته السريع لتستفسر بلهجة لحوحة " نعم أكمل ..هل تلك المرأة ساعدتك ؟ هل كانت الوحيدة التي لم تصدّق الوشاية ؟ "
    ضغط العقاب على شفته السفلى وعينيه لا تحيدان عن الأفق
    " نعم ، وهناك أسباب أخرى ، فتلك المرأة لم تكن من العائلة وأيضا كانت عالمة وطبيبة
    ولذا فقد كنت أنا وروضة محظوظين جدا بتواجدها في قصرنا في ذاك الوقت "
    كانت مهجة تجاهد لإخفاء تصاعد أنفاسها في ذلك الوقت ، إنها الحكاية ذاتها التي قرأتها في تلك اللفافات !!
    المرأة مقتولة بوشاية ،،كلا هذه لم تُقتل ؟
    لتسأله على الفور حينها " وماذا فعلوا في القصر حينما علموا أنه قد تمّ إنقاذ هذه المرأة ؟ ألم يشكّوا في الطبيبة ؟ "
    " إنهم يظنون أنها قتلت وانتهى الأمر "
    شعرت مهجة بالحنق من صمته المستمر بعد كل عبارة يتفوّه بها ، لتجد نفسها مضطرة للسؤال أكثر في كل مرة
    " حسنا وأين عاشت وكيف كنتما تلتقيان ؟ "
    لم تكن زفرته الخفيفة لتخفى عن مهجة ، لتقطّب حاجبيها بقلق من سؤالها بينما يجيبها هو في الوقت ذاته
    " في البداية خبّأتها الطبيبة وأخبرتني بأن علي الثقة بها ، كنت ألتقي بها حينما تزورنا هذه الطبيبة وتأخذني معها في جولة مزعومة ، وحينما صرت يافعا صرت أنا المسؤول عن حمايتها والاعتناء بها .."
    وحينها عمّ الصمت من جديد ، صمتا ظاهريا فقط ، في الوقت الذي كان فيه قلب مهجة وعقلها يتناطحان بالأسئلة والحيرة ، إنها قصة مشابهة ولكن في اللفافات أنا موجودة فيها أيضا !! أتكون هذه قصّة أخرى ؟ وقد قرر البراء مساعدتها بعد أن ندم على قتلهم لوالدتي ؟ ولكنني سمعتهما يتحدثان بأنها والدتي !!! الكل يظن أنها ماتت ! الكل يظن أنها ماتت
    لتنطق الكلمات أخيرا من ثغرها كما لو كانت تفرّ من ذاك الصراع " ولكن لماذا ؟ هل كانت خادمة في قصركم ؟ وماهي الوشاية التي تجعلهم يقتلونها ؟؟"
    كان العقاب يصر على عدم تحويل بصره عن السماء ، رغم رغبته الشديدة بالالتفات نحوها ، ليجيب محافظا على تماسكه وهدوءه
    " بالطبع لم يكن بالأمر الهيّن يا مهجة ، حكاية الوشاية طويلة ولن تفيدك بشيء .."
    لثواني لم تكن مهجة راضية بالإجابة قبل أن يستطرد العقاب سريعا " لا ، لم تكن خادمة في القصر ولكن زوجها وقع في وشاية ذلك البغيض ..ابن بلكين ، وتعرّضا للاسترقاق والقتل "
    في الوقت الذي شهقت فيه مهجة ، تحرّكت عينيه القاتمتين نحوها ، من حسن الحظّ أن مهجة كانت على علم مسبقا بعداوة العقاب لابن بلكين وقد اعتادت على مشاطرته الإحساس بالعداء ضده ، ولكن مهجة ارتعدت من شهقتها تلك ، فقد أحسّت كما لو كادت تكشف أمرها حينما شهقت بسبب تطابق الحكاية مع ما قرأته في تلك اللفافات !
    وها هو ذا ينظر نحوها أخيرا ، ولكنها حتما لم تكن ترغب في رؤية هاتين العينين الناقمتين !
    " لديّ أسباب كثيرة تدفعني لتمزيق ابن بلكين ذاك .."
    ازداد تقطيب حاجبيه والشرر يتطاير من عينيه حينما كان يكمل " عهدا عليّ أنني سأمزّقه لأجلكم جميعا يا مهجتي "
    ضغطت مهجة على شفتيها بمرارة ، وعينيها السوداوين تبصران ملامحه تشتعل غضبا وحنقا ، حينها بدا وحيدا جدا في عينيها ، إحساسها ذاك عصر قلبها وأدمع عينيها لترفع أهدابها ناطقة بما خالج صدرها على الفور
    " طمأنينتك بالنسبة لي أهمّ من ثأري يا براء ..." لتكمل كلامها وهي ترفع يدها المصابة الملفوفة بقطعة القماش
    " أنا يمكنني الآن أن أقف أمام ابن بلكين هذا وابنته وجميع فرسانه وأشير عليهم بيدي هذه وأخبرهم بأنني لم أخسر أمامهم ! "
    كان العقاب منتبها بكل جوارحه لكلام مهجة ونظرات عينيها الجادّتين ، ليبتسم لها بعينين حانيتين فور إنهائها لكلامها
    " أرى أن تدريبنا لم يخلوا من نتيجة في النهاية ! "
    ضحكت مهجة من فورها وعينيها تلمعان نحو العقاب " لا أصدّق ، هل محاولتك لمعرفة الأمر كانت السبب الوحيد من التدريب حقا ! "
    تلاشت ابتسامة العقاب وهو يجيبها وقد فترت حدّة قتامة عينيه " لأنه أمر مهمّ بالنسبة لي ! " ما كاد ينهي جملته تلك حتى اتسعت عينيه متفاجأً من كلامها
    " هل تخشى نزهون يا براء ؟ "
    لتتسمر عينيه بها لثواني على ذاك الحال قبل أن تفتر ملامحه من جديد وتتسلل ضحكة هازئة بشكل تدريجي إلى وجهه
    " مهجة ! أتهذين أو ما شابه ؟ "
    وحينما طفقت مهجة تجيبه كان قد نهض من استلقائه وقد تزحزح نحو جذع الشجرة ، ليجلس متكئا بظهره عليها ، ثانيا ساقيه ، وهو ينصب إحداها على الأرض لتستقر ذراعه القوية متدلية على ركبته بعد ذلك
    " اليوم هو يومك يا مهجة ..حسنا ربما تكونين محقة ! "
    يقول ذلك رافعا حاجبيه بتهكّم ، بينما تحركت مهجة بدورها تجاهه ، متزحزحة من مكانها كما لو كانت تمدد الوقت لاستراحة ساقيها، لتتربع أمامه ومن ثم تجلس على ركبتيها وتفرش كفّيها على الأرض نحو جانبيها ، وبتلك الطريقة تمدّ بجيدها مكملة حديثها بعنفوان
    " إن كان كذلك إذا فبأي حق ترمي بهذه التهمة عليّ أنا ؟ "
    حدّقت بها عينيه الفضيتين لثواني قبل أن يطلق ضحكته الساخرة ، لتمطّ مهجة من شفتيها بتذمّر
    " لا عليك يا مهجة ، افعلي بي ما ترينه ملائما اليوم ! فبالنظر للأشياء المريعة التي أخبرتك بها اليوم فأنا سأستحق وسأحتمل أي شيء منك ! "
    اتسعت عينا مهجة لترتفع أهدابها بشدّة " لمَ تقول هذا الكلام ! بالعكس من ذلك... فقد كنت طيبا حينما أجبت على سؤالي وحيرتي حتى أخبرتني بسرّكم القديم ! "
    لينفي العقاب برأسه وهو يجيبها مصرّا " أنا لم أكن لأحبّ القيام بذلك ولكنني أتساءل إن كنت لا تزالين مصرّة ! "
    أطرقت مهجة بعينيها بينما برقت عينا العقاب نحوها قائلا بلهجة متوسلة " الأمر يهمّني يا مهجة ! "
    كما لو كانت مطرقة تدق على قلبها الزجاجي وتشققه في كل مرة دونما أن تهشّمه ! لقد أخبرها البراء بكلّ شيء أو يكاد ! لقد رأته بعينيها قبل لحظات وأمواج الانتقام تلطم وجهه الوحيد !
    كانت مهجة تفكر حينها ، بأنها لو سالت دمعتها على وجنتها الآن ، فستكون تلك بلسما على قلبها وترياقا ، ولكنها بذلت بكل بوسعها لمنع ذلك ، لا تريد ترياقا يكون بمثابة السمّ له هو !
    " لا أفهم لمَ ؟ لمَ قلت أنني محقة حينما سألتك عن نزهون ؟ "
    قطّب حاجبيه يجيبها متجاهلا خيبته من إصرارها على صمتها " قلتُ ربما تكونين محقة "
    اشتد لمعان عينيها وطرفي حاجبيها مرفوعين بانتباه ولهفة " نعم ليكن ..لمَ قلت ذلك ؟ "
    تنهّد غارسا أصابعه بخصلات غرّة شعره وهو يحك جبينه بأنامله " آل داود يا مهجتي ..كبيرهم حتّى صغيرهم يرغبون في شيء واحد أتعلمين ما هو ؟ "
    كانت نظرات مهجة مثبّتة نحوه تنتظر الإجابة بانتباه وصمت ، ليكمل هو بعد أن أبعد يده عن جبينه وضاعف من تقطيب حاجبيه وهو يثبت ببصره عليها " يريدونني أن أعود إليهم مرغما ، يريدون أن يجعلونني محتاجا لهم ..أتعلمين كيف يسعون لتحقيق ذلك ؟ "
    تحركت شفتي مهجة بهمس شارد من فورها " كيف ؟ "
    " عن طريق جعلي وحيدا بسلبهم لمن أختار وجودهم حولي ! " كان قلب مهجة قد انقبض وهي تضغط على شفتيها من جديد بينما يكمل هو وهو يميل بكتفيه نحوها " وهم يعلمون جيدا بأنني أراك كلّ عائلتي يا مهجة ! وأحدهم سيحاول أن يحوم حولك حتما لهذا السبب ! " توقف عن كلامه وهو يعود بكتفيه متكئا على جذع الشجرة " لا علم لهم بروضة ..لحسن الحظ ! ، لأنني أحسنت إخفاءها عن الجميع منذ البداية "
    وحينها ابتسمت مهجة بشرود ونطقت " كما كانت والدتك تخفيني عن بلنسية بطريقة ما "
    لتميل شفتيه بابتسامة خفيفة وهو يجيبها مثبّتا عليها عينيه الفضيتين " أجل ، لقد كانت روضة كنزي الذي أخبّئه وكنت أنت كنز والدتي الذي حاولت تخبئته ! "
    ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامته لتحل محلّها ملامح الارتباك في عينيه ، وهما تبصران عيني مهجة المتّقدتين بنظرات محتدّة
    " روضة هي كنزك ! "
    أمال بحنكه كابتا ضحكته من نبرتها بينما أجابها رافعا حاجبيه " أنت وروضة كنزاي ..فقط أمي من كانت تخفيك وأنا كنت أخفي روضة ! .."
    ضاعف من ارتفاع حاجبيه وهو يختم كلامه مبررا " فروضة هي الكنز الذي وقع عليّ إخفاءه ..هذا ما كنت أحاول توضيحه لك "
    لتزمّ مهجة بشفتيها وتنطق بعفوية " أنت تحبّها كثيرا يا براء ! "
    أجابها العقاب وقد انشرحت ملامحه بشكل جليّ " بالطبع كحبّي لوالدتي تماما ! "
    ارتفعت أهدابها من جديد من فرط اتساع عينيها بينما كان يكمل هو " ستتعرفين إليها أكثر في الأيام القادمة ، إنها امرأة عظيمة و ذات قلب حنون جدا مثلك تماما يا مهجة "
    أشعرتها عبارته تلك بغصة في قلبها ، هل يقول إنها تشبه والدتها ؟ لقد بات كلّ شيء واضحا لمَ يصرّ عقلها على الإنكار وافتراض تشابه الأحداث ؟!
    حينما رفعت عينيها من شرودها ذاك ، ازداد انقباض قلبها برؤية عينا العقاب لا تزال تنظران إليها ببصيص أمل ! لا يعقل ! عليها أن تقول شيئا على الأقل بعد كلّ هذا ! لتسرع في تحريك شفتيها وتنطق باسمه من فورها
    " براء .."
    قطّب حاجبيه منتبها بعينيه اللتين لم تكفّا عن الانتظار ، " إنني وحتى إن كنت لا أزال ..لا أزال غير راغبة في الحديث عما تطلب سماعه ..إنني ..إنني "
    " ماذا " خرجت الكلمة سريعة من بين شفتيه ليحثّها على الحديث ،لتميل بجيدها نحو الأمام وترفع وجهها من جديد ، عينيها مثبتتين نحوه لترى انعكاسهما الغامق في حدقتيه
    " سأكون دائما في طرفك أنت حتى لو حام أحدهم حولي !
    حتى لو قال لي أحدهم أن البراء بن عاصم سيقتلك سأقول أنني سأبقى معه وسأظل في طرفه ! "
    تدريجيا ..اكتملت ابتسامة العقاب وعينيه تومضان سعادة بمهجة الجالسة أمامه ، وذراعيها ممدودتين نحو جانبيها وقد غاصت راحتي كفّيها في العشب الرطب !


  9. #228
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية


    e32b


    سبتة- قرية بيلونش



    كانت تتحرك بخفة بين الأشجار الظليلة ، رائحة الاخضرار ونسماته الباردة تلفّها من كل مكان ، لتمتدّ يدها بعد حيرتها في الاختيار ، لتقتلع تفاحة من غصنها ومن ثم تضعها على مرفقها الذي قامت بثنيه ليصر سلّة صغيرة لها ، لتمدّ يدها من جديد تقطف التفاحة الثانية ، وتنطلق بعد ذلك مهرولة نحو خرير المياه المتدفق من إحدى العيون ، مرفرفا خمارها المخملي المربوط بأناقة فائقة من خلفها بينما تلفح النسمات الباردة وجهها وعنقها ، لتهوي جالسة القرفصاء قرب العين ، كم كان ملمسها ناعما على أناملها وهي تفرك ما كان ينساب منها على قشرة التفاحة الخضراء !
    تنهّدت مهجة بانتعاش وهي تستأنف فرك التفاحة الثانية تحت المياه النقيّة ، لتتسع ابتسامتها محدّثة نفسها بصوت مسموع " اليوم كان قلبي تماما مثلك أيتها التفاحة ! لذا لن أتساءل عن إحساسك العذب وأنقى مياه الدنيا تحوطك من كل جانب ! "
    وما إن أنهت غسل التفاحة الثانية ، حتى أخرجت الأولى المغسولة من نطاقها لتجمع التفاحتين في يد واحدة بينما تسند يدها المصابة أسفلهما وهي تضمّهما نحو صدرها ، لتنطلق بعد ذلك بركضها الخفيف حيث كانا يجلسان معاً ، لم يكن العقاب قد غادر مكانه ، ولا حتى أزال ذراعه التي تتدلّى من على ركبة ساقة المثنية ، كانت مهجة تقترب شيئا فشيئا من عينيه الرماديتين اللتين كانتا تراقبانها طوال الوقت حتى وصولها لاهثة إليهما ، لتهتف مهجة من فورها وهي تجلس على ركبتيها أمامه " هلا أمسكت بإحدى التفاحتين من يدي قليلا ! "
    نفّذ العقاب طلبها وهو ينطق متعجّبا " قليلا ؟؟ " أومأت على عجل وهي تقضم التفاحة التي بيدها ، وتتذوقها للحظات مقطّبة الحاجبين ، لتسرع وهي تمدّها للعقاب وتطالبه بإعطائها التفاحة الأخرى التي بيده ، وما إن قضمتها هي الأخرى حتى هتف وملامحه تنضح بالعجب " ما تفعلين ! ألا يجب أن تكون لي واحدة منهما ! "
    رفعت مهجة حاجبيها تجيبه وفمها لا يزال ممتلأً بتينك القضمتين " بالطبع لك واحدة .."
    لتسرع في مضغ ما في فمها وبلعه وتجيبه بصوت واضح أخيرا " كنت فقط أتذوق التفاحتين ..لأعطيك الألذ بينهما ! "
    فغر العقاب فمه قبل أن يستسلم للضحك لينطق مستفهما بملامحه المندهشة " وأيّهما الألذ بنظرك حتى تصير تفاحتي الآن ؟!!"
    حرّكت مهجة كتفيها تجيبه بخيبة مضحكة " لا فرق كلاهما حامضتين ! " ليحمر وجه العقاب ضاحكا من فوره حينها ، بينما أكملت مهجة حديثها بلهجة ضاعفت من إضحاكه " يبدو أن الجو لم يصبح حارا بما يكفي لإنضاج التفاح ! "
    أكملت مهجة جملتها تلك لتندمج ضحكتها المدوية مع ضحكة العقاب لتتردد ضحكاتهما معاً في جنبات الغابة
    " كيف تقولين إنها حامضة ؟ "
    يكمل كلامه بعد أن قضم قضمته الثانية من التفاحة " إنها لذيذة جدا "
    لتزم مهجة بشفتيها وهي تجيبه بحدّة مصطنعة " تشعر بذلك لأنك جائع جدا "
    وحينها اغتنم العقاب الفرصة ليمتدح شجاعتها وتحمّلها في التدريب ، لينطق رافعا حاجبيه " هذا طبيعي فقد أنهكتني اليوم يا مهجة ! "
    لترفع مهجة عينيها نحوه مبعدة تفاحتها عن وجهها وما إن أنهى حديثه الذي أصابها بالحبور حتى احمرّت أوداجها ونطقت من فورها بابتسامة دافئة " أما أنا فتدريبك أنعشني ! لذا فأظنّني مدينة لك بشكر على هذا "
    كان وجهها المحمرّ بريئا ، بشعرها الذي لا يزال ملتصقا على صدغيها ، وغرّتها المرفوعة التي يكشف الخمار مقدمتها حالكة السواد ، وما إن انشغل عقل مهجة مفكّرا عن سبب صمته ، حتى تفاجأت به وقد تحرّك من مكانه وأحاط رأسها بكفّيه مقبّلا جبينها ، اتسعت عينا مهجة مذهولة من تصرّفه المباغت ، بينما أرجع العقاب وجهه ليصير مقابلا لها بعينيه النابضتين بالحياة " العهد الذي قطعته لي اليوم هو أجمل شكر يمكن أن أحظى به يا مهجة ! "
    لترمش عينا مهجة مقاومة ذاك البريق السائل في حوضهما ، بينما استأنف العقاب حديثه وقد قطّب حاجبيه بحرارة " إيّاك والقبول بالخسارة يا مهجتي ! القبول بها يعني خسارة كلّ شيء
    فكّري معي يا مهجة ...تذكّري حينما كنتِ في الطريق إلى هنا على فرسك الهائجة ، لو كنتِ رضيتِ بفضيحة الفرار والخسارة منذ البداية هل كنت ستصلين إلى غابة بيلونش ؟ "
    بدا لها كما لو كان يسألها لتنفي مهجة برأسها وعينيها غائصتين في معاني كلامه التي تنضح من عينيه قبل شفتيه !
    " إن كنت قد وصلت خاسرة إلى غابة بيلونش هل كانت نفسك لتهتم بتحقيق النصر أو المقاومة ؟؟ "
    لتنفي مهجة برأسها من جديد ، بينما يكمل العقاب من فوره " وعلى نقيض ذلك عدم قبولك بها يفتح لك أبواب النصر يا مهجة وهو سبب كاف ليجعلك تصرّين ..إصرارا تاما على قوّتك وعنفوانك أمام جميع البشر والسباع ! ..أتذكرين حينما قلت لك أن ضعف قلبك يضعف بدنك ؟ "
    أطرقت مهجة بعينيها متذكّرة ذاك الموقف الذي ضاعف غضبها وحنقها حينها ، لتومئ خلال ثوان هامسة" نعم ..بالطبع أذكر "
    " القلب يصاب بالعلل حينما يختار المرء الابتعاد عن مُحبّه وساكنه ! وحينما يصرّ الإنسان على موقفه هذا ينهك قلبه ويرهقه .."
    كان يسترسل في كلامه بذات نبرته الجادة وحاجبيه المقطّبين بينما كانت مهجة رافعة حاجبيها متسعة عينيها نحوه بذهول
    " والقلب قطب البدن يا مهجتي ، يهلك عقلك وبدنك إن هلك ! "
    حينها تحركت عينا مهجة مشيحة نظرها عنه ، ليسرع العقاب في الحديث مصححّا ما يظنّها تفترضه
    " لا أحاول دفعك لإخباري الآن بشيء يا مهجة ..."
    عادت بنظرها نحوه بينما استأنف هو حديثه وخيوط الضوء المتناغمة مع ظلال أوراق الشجرة منعكسة على وجهيهما وثيابهما ، ببريقها الممزوج بلوني الذهب والفضة
    " فقط ..لا تحاولي إنهاك قلبك أو تعذيبه !
    إن كنت مستاءة مني لأي سبب كان ، احملي قلبك معك وأخبريني فحسب ، لا تنهكيه بإبعاده عن ساكنه ولا تنهكي قلبي بإبعاد ساكنه عنه ! "
    ضغطت مهجة على شفتيها ، كانت تستعد لقول شيئا ما ، التفاحة المقضومة تكاد تسقط من يدها المتدلية على ركبتيها من فرط انشغالها بأحاديث عقلها ، ولكنّها انتبهت فجأة ، بل انتبها فجأة لصوت مألوف من ذاكرة قديمة يلقي السلام ، كان العقاب قد نهض سريعا من جلسته أمامها وقد شخص بصره للقادم نحو الأمام ، لتنهض مهجة من مكانها وهي تسحب خمارها نحو مقدّمة رأسها وتفّك ربطته من الخلف وهي تسحبه إليها ضاربة به جيبها


    e327


    كان العقاب قد انتهى من تقبيل يد ذلك الرجل ، ليفسح المجال لمهجة حتى تضع راحة يدها على كفّها وتحني برأسها له باحترام ، وما إن أومأ لها ذلك الشخص مبتسما حتى هتفت مهجة وقد فاضت عينيها المتّقدتين
    " اشتقنا لك يا شيخنا " لتستقر راحة يد الشيخ على رأسها وهو مارّا نحو الجلوس أسفل ذات الشجرة ، هبط جالسا هناك ومن ثمّ رفع عينيه نحوهما بما يشبه الدهشة وهو يشير براحتي يديه نحوهما مشيرا إليهما بالجلوس حوله
    " يا لأقدار الله ! خرجتُ متنسّما سائحا لأرى حكمة الله في كونه ، فإذا بي أراكما أمامي .."
    كان يجول ببصره نحوهما متحدثّا بنبرة هادئة ولكنة بطيئة " وقد اكتملت صورة الكون بكما في ذهني ...فبعد رؤية جريان المياه العذب و الأشجار التي أثقلت الثمار تمايل أغصانها ، والطير المحلّقة في أفق السماء ، ما يمسكهن إلا الرحمن ، رأيتكما تحت الشجرة ، فتذكّرت أبوينا آدم وحواء ، ومع ذكر الشجرة ...تكتمل الحكمة التي خرجت سائحا أبحث عن رؤيتها ! "
    رمشت عينا مهجة بفضول وعينيها تبرقان برغبة الحديث " أعذرني يا سيدنا ولكن ... "
    كانت مهجة قد تلعثمت في الحديث وهي تقترب من طرح سؤالها الذي سيبدو غير مهذّبا بطريقة ما " لمَ تكتمل الحكمة بذكرك للشجرة وليس بنا نحن يا سيدي ؟
    فقد رأيت أشجارا قبل شجرتنا هذه في جولتك ولكنك لم ترّ بشرا قبلنا "
    كان حاجبي العقاب قد تقطّبا بشكل طفيف وهو يراقب تدخّل مهجة في الكلام ، بينما أجابها الشيخ وقد اتسعت ابتسامته بنظرة غامضة في عينيه " إذا فأنتِ ترين بأن الأحقية لكما.. لأنّكما أول من رأيته من جنس البشر هنا بينما قد سبق لي رؤية جنس الشجر قبلكما ؟ "
    أومأت مهجة بالإيجاب ، بينما استأنف الشيخ سريعا رافعا حاجبيه " لقد اغتررت بظاهر ما ترينه يا ابنتي ! ومن يغرّه الظاهر سيلاقي مصيرا سيئا ! فيا حسرته حينما سيأتي ذلك اليوم حينما سيبصر الزبد ولن يبصر البحر* ! "
    حرّك الشيخ راحة كفّه مشيرا بها نحو الأرجاء بينما كانت عينيهما منهمكتين بالنظر نحوه وآذانهما منصتة إليه
    " تشابه الصور لا يعني بالضرورة تشابه المعاني ، فبرؤيتي لهذه الشجرة ، رأيتُ معنىً كان محجوبا عنكِ تحت ستار صورتها الظاهرة ، والإخفاء يليق بالشيء النفيس يا ابنتي .. فمنجم الياقوت والعقيق المستور خير من مائة ألف منجم للنحاس* "
    كانت مهجة مقطّبة الحاجبين بشيء من التشتت بينما ضرب الشيخ على ركبتي ساقيه المتربعتين كما لو كان يستعد لمساعدتها على الفهم والاستيعاب
    " فالمعنى المحجوب الذي رأيته في هذه الشجرة قيمته لقلبي وعقلي تتجاوز قيمة أي شيء ظاهر آخر حتى ولو كان جنسا لم ترَ عينيّ لصورته مثيلا من قبل ! "
    اتسعت عينا مهجة مستأنفة الحديث تحت نظرات العقاب الصامتة التي تجول بينها وبين الشيخ
    " حتى هذا الحد ! أهو شيء يمكن البوح به يا سيدنا ؟ "
    " من أسباب وجود المستور حاجة البشر لمعرفته يا بنيّتي ..."
    أكمل الشيخ كلامه رافعا حاجبيه " حينما رأيتُ هذه الشجرة وإلى جوارها ذكر وأنثى ، لم تقع صورتها في قلبي كباقي الأشجار ...فقد بدت لي كذكرى الاختبار الأول ! الذي عاشاه أبوينا آدم وحواء .."
    ضغطت مهجة على شفتيها لتنطق مقطّبة الحاجبين بأسف " هل تخيّلتها الشجرة المحرّمة التي أكلا منها أبوينا ؟ "
    اتسعت شفتيه مبتسما على نحوٍ تدريجي وهو يجيبها " كلا يا ابنتي ..لقد ذكّرتني بها فحسب ولكنني تخيّلتها أولى الأشجار الطيبة التي أظلّت أبانا آدم وسكنه حواء بعد توبة الله عليهما ، تحت ظلالها الوافرة ، وبين نسماتها العبقة كانت بداية جديدة مكللّة بالبشرى والوعود المُحققة ! لقد أرسلت هذه الشجرة إلى قلبي سعادة أبوينا حينما عفا خالقهما عنهما ، وزادهم رحمة وفضلا حينما دلّهم على هداه الذي لن يضلاّ تحت ظلاله ولن يشقيا ! فبعد كلّ ما رأيته من بديع صنعة الملكوت في جولتي ، كان هذا المعنى هو ختام المسك لما خرجت روحي متعطّشة للبحث عنه ."
    انتهى الشيخ من آخر كلماته لتحلّ محل صمتهم أصوات الطيور في الوقت الذي كان ذهن مهجة لا يزال غائصا في تخيّلاته حول ذات الكلام ، ولكن الشيخ كان قد استأنف حديثه وهو يجول بعينيه بينهما " ها قد حدّثتكما بما جمعني بكما ، فماذا عنكما ؟ .."
    يثبّت عينيه على العقاب مكملا حديثه " مرّ وقت طويل مذ رأيناك آخر مرة يا ابن عاصم "
    ليجيبه العقاب بوقار بعد أن ضغط على شفتيه " للأسف ..أشغلتنا عنكم الحياة يا سيدي الشيخ "
    كان الشيخ يومئ برأسه بهدوء وهو يستأنف حديثه " إذا كان الابتعاد عن القصر يذكّرك بحقيقة عبوديتك ...فسيكون انشغالا لا يجوز الأسف عليه " أكمل جملته تلك باستقرار الابتسامة على وجهه ، وحينما رأت مهجة ابتسامة ذلك الشيخ بعد إنصاتها لكلامه ، أسرعت بالنظر تجاه العقاب وهي تحدّث نفسها بأن الشيخ مخطئ حتما ، فالبراء إما يكون في قصره أو يكون بين أتباعه ! هل سيشكل ذلك فارقا له ؟ ولكنها صمتت عن التفكير والتحليل حينما كان العقاب يجيبه قائلا " نرجو ذلك يا سيدنا "
    " وماذا عنكِ يا مهجة ! أتساءل كيف تذكّرتني ؟ كنت طفلة آخر مرة رأيتك فيها ! "
    ابتسمت مهجة محمرة الأوداج " كيف ذلك يا سيدي ؟ آخر مرة رأيتك فيها هنا في بيلونش حينما وجدتني أرمي السهام ! "
    أومأ الشيخ برأسه مبتسما " نعم أذكر ذلك ، ولكنني لم أجدك فقط ترمين السهام ! "
    كانت مهجة تنتظر إكماله لكلامه بصمت ، بينما استأنف الشيخ رافعا حاجبيه " أذكر أنني رأيت طفلة طويلة تبكي "
    كمّمت مهجة فمها براحة يدها مخفية ضحكتها ، بينما اضطر العقاب للضغط على شفتيه وضحكته المكتومة تتسلل منهما رغما عنه
    " ولكنني أراك بحال مختلف هذه المرة ! "
    لتجيبه مهجة بحبور " نعم يا سيّدي ...فقد أنهكت اليوم فارس آل داود الذي يجلس معنا الآن ! "
    ليرفع الشيخ حاجبيه مبالغا في دهشته " وكيف تمكنت من ذلك يا ابنتي ؟ "
    أجابت مهجة بعينين متسعتين " بالصبر ، والجهد ...وكل شيء بدأ بإحساس راودني يا سيدي ! "
    كانت نظرات العقاب تتابع حديث مهجة من جديد بينما تساءل الشيخ " كأنكِ تودّين إنباءنا بهذا الإحساس ؟ "
    رفعت مهجة حاجبيها وهي تجيب " نعم يا سيدي ..حسنا لقد تذكرته بعد حديثك عمّا أرسلته لك شجرتنا هذه من معنى ! "
    رفع الشيخ حاجبيه مندمجا ومُعجبا بما تقوله ، بينما كانت مهجة تكمل حديثها " ولكن الإحساس الذي راودني كان معنىً بلا صورة ، شعرت بشيء ما بأنه ممكن وسيحصل وإنني قادرة عليه رغم أنني لم أكن لأظن كذلك من تلقاء نفسي ! فقد كنت أظن في الحقيقة عجزي عنه ! "
    ازداد تقطيب حاجبي العقاب بتزايد اهتمامه ومراقبته لكلامها ، في الوقت الذي كانت مهجة متشجعة للإكمال مدفوعة بنظرات الشيخ الودودة " وحينما شعرت به على حين غرّة ، فكّرت بأن له سببا ومعنى وإلا لما خطر ببالي ولا وقع بقلبي همسه ! "
    " أرى أن الحياة قد أهدتك باقة من أزهار حكمتها يا ابنتي !
    لقد كان قلبك يرسل لك خبرا ، شيئا ظننته عدما وكان موجودا !
    ألم يكن ذلك السر الذي استجبتِ له قيّما ؟ مثل هذا ما قصدت بمنجم الياقوت والعقيق المستور .."
    يكمل الشيخ كلامه وهو يجول بعينيه بينهما " يا أبنائي إن كلّ فضيلة وكلّ حق وكل هبة فيها جانب خفيّ ، فحتى يقف الإنسان على حقيقتها وينهل من أنوارها سيكون عليه العمل جاهدا للبحث عن المخفي والمستور !
    فإن لم يكن الأمر كذلك ، فلمَ توَجت أبداننا بالقلوب والأذهان ؟ "
    يقطّب الشيخ من حاجبيه مسترسلا في كلامه وعينيه تتقدان بحرارة بينهما " فعصى الظالم مهزومة ملعونة ،بينما سيوف المظلومين مباركة بالتأييد ..." تثبت نظراته الجائلة على العقاب هذه المرة
    " فمن يصرف قوّته للإفساد ، تزول عنه حقيقة هذه النعمة ! ... ويصير محض مدّعيا لقوّة زائفة لا تشبه ولا تليق بحقيقة معدنها ،
    فهل يكون قوّيا من يقف عاجزا عن تسوية ذهنه ؟ "
    أطرق العقاب بعينيه للحظات متجنبا نظرات الشيخ المباشرة قبل أن يحوّلها الشيخ عنه ويعود للنظر لكليهما محرّكا وجهه بينهما مع كل جملة وعبارة " ولذلك فنحن نجلد الزاني ونبارك الحلال، فالزاني مفتري على العشق مسيئا لسمعة أهله ،فكيف يدّعي العشق من لم يطق صبر البين ورضي لمعشوقه سبيل السوء والخذلان ؟
    فليتفكّر الإنسان مطوّلا في تلك الأسرار والمعاني ، حينما يرى هبة القوّة قد حرُست وأحيطت بأسوار العدل ، وهبة العشق محروسة ومحاطة بأسوار الإحصان "
    كان نسيم قد هبّ حول المكان ، و بتسلله بين أغصان الشجرة وأوراقها كان قد ضاعف من قوّة هبوبه ، ليترافق لفحه لوجوههم مع خشخشة أوراقها المتمايلة
    " لقد قرأت يا سيدي أن القلب بمثابة الملك في بدن الإنسان والعقل هو وزيره ، لذا أظن ..أظن ، أن المرء الذي يحسن الإنصات الصادق لهمسهما سيكون أقرب البشر لطريق خالقه الكريم وسينعم تحت الظلال الوفيرة لا يضل فيها ولا يشقى ! "
    كان الشيخ يومئ بإعجاب كبير ويبتسم في الوقت ذاته حينما أجابها " عظيم ..عظيم يا مهجة ! ولكن فقط ..هلّا أعدت إجابتي عن سؤالي ؟ كيف تمكنت من إنهاك فارس آل دواد هذا ؟ "
    " بالصبر والجهد وذلك الإحساس الذي أخبرتكم عنه يا سيدي ! "
    ليرفع حاجبيه بجديّة مشيرا بإصبعه " هل كان ذلك سهلا حينها ؟ "
    نفت مهجة من فورها تجيب بعفوية تامة " كلا ، لم يكن كذلك ! "
    ليستأنف الشيخ بنفس وضعيته السابقة " فهل كان مستحيلا إذا ؟ "
    تجيب مهجة من جديد " كلا يا سيدي ! "
    " هلّا أخبرتني إذا ما كانت ثمرة تلك الحالات الثلاث ؟ "
    أخذت مهجة نفسا رافعة كتفيها بعض الشيء وهي تجيب " حينما أحرزت نصري ، شعرت بأنني أتجدد بحياة أجمل ، وصارت ذكرى تلك الجهود الصعبة فائقة الحلاوة في ذهني ! "
    " هل بقى ألم ! أم حلّ شيء آخر مكانه ؟ "
    تنفي مهجة برأسها " بل حلّ شيء آخر مكانه ! شيء مريح في عمق القلب يا سيدي "
    ليقطّب الشيخ حاجبيه ويعود جائلا ببصره بينهما " اسمعيني يا ابنتي ، واسمعني أنت أيضا يا بنيّ ، تماما وبهذه الحالات الثلاث عليكم مواجهة ألدّ أعدائكم !
    ستبذلون جهدا لن يكون سهلا ولن يكون مستحيلا وستكون ثمرته نعيما في الدنيا والآخرة ! ستبذلون ذلك في مواجهة وساوس الشيطان ، وحظوظ النفس ، وزخارف الأقاويل والاغترار بالدنيا ! "
    يزداد تقطيب حاجبي الشيخ وعينيه تلمعان ببريق حاد من الإصرار " أخلصوا نيّتكم وعملكم لذلك ،وستهمس لكم قلوبكم بما يسرّكم وينير بصائركم من الحقائق والإلهام ..أتنصتون إليّ ؟ "
    لينطق كلّا منهما من فوره بالإيجاب ، ومن ثمّ يلتفت الشيخ نحو العقاب دون أن يرخي تقطيب حاجبيه ونظرة غائمة تطفح في عينيه " مهجة تُبلي حسنا ، وإن لم تسعى لذلك أنت أيضا ..أتساءل إن كان سيظل بقاءها بقربك خيراً "
    حافظ العقاب على ثبات نظراته نحو الشيخ بصعوبة ، بدا له غاضبا كما لم يره من قبل ! هل يشكّ هذا الشيخ بأمره الآن ؟ هل يقرن غيابه واختفاءه بالكوارث مجهولة الفاعل التي تحلّ هنا وهناك ! لا يبدو ذلك منطقيا ، الفتنة تهزّ البلاد والفساد لا يتسلل من بيدي يدي رجاله دون غيرهم !


    cda42c34db9a736279b87a71c07e8629
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 20:07

  10. #229
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية





    أجفلت نور تلك الخطوات القوية ، ليرجف قلبها وهي تميل بجسدها خارج باب الاصطبل الخشبي وما إن ميّزت عينيها هويّة القادم حتى هتفت بصوت خافت " هل وجدت شيئاً ! " حرك فارس يده يريها ورقة مطوية في يده وهو يجيبها على عجلة " لقد فعلها الفارس وتدبّر حجّة استضافة لنا ! " وتحرك من فوره يسحب فرسه بين نظرات بقيّة الخيول اللامعة ، كانت نور قد تحركت بدورها لتسحب فرسها إلى خارج الاصطبل ولكن فارس نطق سريعا بلهجة آمرة " أتركيه يا نور ! " لم يتح لها وقتا للإفصاح عن تعجّبها ، فقد كانت ملامحها كافية لإطلاق غضبه عليها " قلتُ أتركيه ! قيادتك لا تلائم فرارنا .. سأردفك على فرسي ! "
    لم تتمكن نور من استيعاب ما يجري ! حتى وجدت نفسها جالسة على طرف سرجه ! وإذا به يربطها بالسرج بحبال جلديّة بقوّة مفرطة ! لتكمم فمها ضاغطة عليه وهي تكبت تألمها من شدّة ربطها !!
    قال كلمته الأخيرة وهو يصعد لامتطاء الفرس " ومع ذلك إيّاك وإن تفلت يديكِ برنسي ! "





    لم أفهم لم قام بكلّ ذلك العجب حتى وطئت حوافر فرسنا أول خطوة خارج المدينة ! كيف وكز فرسه حتى صاح بذلك الصهيل المدوّي الذي ارتعد له قلبي وكاد يثقب آذاني ! لينطلق الفرس من بعدها كما لو عضّه كلب مسعور ! أو كما لو كان يفرّ من موت محقق إن كانت الخيول تفرّ من شيء كذلك !!
    حينها كنت أتساءل إن كان بإمكان الرياح اقتلاع رأسي ، تصلّبت يداي بذعر شديد ممسكة بأطراف برنسه وهاجس عقلي يلحّ عليّ بإحناء رأسي نحوهما ، غثيان مرير شديد يعصف بي ! أما عن أذناي فقد كانتا تومضان على نحو رهيب بتقارع في عمق رأسي ، لم يعد هناك أصوات حيث أنا !
    لم يعد صوت الرياح يشبه الرياح ولم أعد أسمع صوتا لحوافر الفرس ، ولم أعد أبصر سوى لطخا من الظلام ولطخا أكثر اسودادا تتباين رؤيتي بينهما كل مرة في لمح البصر !
    هل قلت من قبل بأنني أشعر بعودتي لفاس تصير أبعد مما كانت عليه من قبل !
    إن استمر بي هذا الحال دون انقطاع إلى حين الوصول إلى صفروي ! أو حتى لموضع أقرب منها ...
    أتساءل إن كنت سأنجو حقّا ! ....






    اضطربت حوافر الفرس الهائج على الأرض ساعياً لإبطاء خطواته ، كان لجامه لا يزال مشدودا بقوّة من يد الفارس الذي تناثرت على جبينه وعلى صدغيه غرّته المجعّدة بالعرق والغبار ، تحدّق عينيه الخضراوين بالأرجاء من حوله ، كانت الشمس قد غربت غير أنّ الأفق كان منيرا بزرقة خافتة ، تسبح في بعض نواحيه خيوط حمراء مشعّة اللون ! كانت عينا الفارس المقطّبتين في الوجه المحمرّ بانعكاس ذاك الشعاع عليه تدوران لتمييّز موقعه أخيرا ! ليضاعف من تقطيب حاجبيه منصتا لصوت بعيد من خرير مياه وأصوات حيوانات وماشية ..
    " لقد ذكروا الفلاحين وزروعهم الكثيرة حينما كانا يتحدثّان عن مدينة صفروي حينها ! " يسحب لجام فرسه بذراعه القوّية ثانيا عنق فرسه حيث يتّجه ، بينما كان يستأنف حديثه مع نفسه " تحدّث مناد لنور حينها عن أسواق المدينة القليلة ، و لذا أظن هدوء مزارعها أمرا منطقياً ! " يتحرك بفرسه رويدا رويدا تجاه إحدى الأشجار وذهنه يستحضر كل كلمة دارت في حوار لم يكن يعيره اهتماما في لحظتها !
    " صفروي مدينة صغيرة متحضرة وإن كان بها فقط أسواق قليلة ، ولكنّ مياههم هناك عذبة غدقة ! "
    إنه يتذكر وبوضوح أن مناد قال عن أهالي صفروي بأن أكثرهم فلاحون ! لديهم مواشيهم وأنعامهم الكثيرة ، أن يبيت ليلة في أطرافها خير له من الدخول إليها لاهثا يجمع أنفاسه ، سيثير الانتباه حينها في تلك المدينة الصغيرة ! أو بالأحرى نور ستفعل ! ، لتنتفض ملامحه متذكّرا الفتاة التي نسى أمرها منذ ربطها في سرج فرسه !
    هتف باسمها وهو يستدير بعنقه نحو الوراء " نور ! " قطّب حاجبيه مرتابا من صمتها مع استمرار إحساسه بتمسّكها الشديد ببرنسه " يمكنك إرخاء يديك سنتوقف قليلا ! " قلق غريب طفق يتسلل إلى قلبه من عدم استجابتها ولا حتى تحرّكها ، ليهتف بصوت أعلى وهو يثني إحدى قدميه ليتمكن من الالتفات بجسده أكثر ، بينما كان ينزع برنسه الذي كانت لا تزال متمسكة به ليلقي النظر نحو الوراء ، حينها اتسعت عينيه وهو يرى البرنس الذي نزعه يهوى على السرج ويدا نور لا تزالان على نفس قبضتهما تمسكان به ! لترتعش حدقتي عينيه فور أن وقع بصرها على ذلك ويصيح من فوره هاتفا بنور وهو يهزّ كتفيها المنحنيين
    " نور ! أتسمعينني ! "
    " افتحي عينيك يا هذه ! أتسمعينني ؟ "
    بعد صيحته الأخيرة ظلّ مفغور الفم ،يحدقّ بالفتاة المتصلّبة على السرج الذي ربطها به ! والتي هوى جسدها نحو الأمام مع ذلك البرنس الذي نزعه !
    لتتسمّر عينيه على الكارثة التي شعر بها تخترق عظامه ، وكل عضلات وجهه تهتزّ بجنون بينما كان عقله يتقارع ناطقا دون توقف " مالذي حلّ بالفتاة ! مالذي حلّ بالفتاة ! "
    صاح صيحة مجنونة وهو يرفع كتفيها ويهزّها بقوة شديدة جدا " نـــــــــــور أجـــــــــيــبِ "
    وحينها أبصرت عينيه اتساع عينيها نحوه فجأة ! كما لو فُتِح أمامه غطاء بئر يبرق من شدة عمق قعره واسوداده ! ليعقب ذلك انهمار الدموع من تينك العينين اللامعتين ، بينما كان ذاك الوجه الجميل الذي يحملهما يرتعد مع ارتعاد يديها وعنقها وكلّ ما فيها !
    لينفي برأسه كما لو كان يوقظ نفسه من صدمتها ، ويسرع في القفز من الفرس بعد أن أحاط نور بالبرنس التي ترتعد يديها وهما لا تزالان تقبضان عليه ! ومن ثم قام بسحبها معه من على ظهر الفرس
    كان ينطق مذهولا وهو يجلس ثانيا ركبته أمامها " سأسقيك بعض الماء وستكونين بخير ! "
    صاحت نور تجيبه وحدقتي عينيه تحدّقان بذهول من هول ارتعاشها " لن أكون بخير ! " تناثرت الدموع حولها وهي تنطّ برأسها المرتعد أثناء قولها ، لتتحرك كف يدها المرتعشة نحو كفّها محاولة إخفاء غثيان رهيب يلمّ بها ، دارت عينا فارس تحملقان بفظاعة حالتها واحتقان وجهها ،ليسرع بالاقتراب منها هاتفا وهو يضغط على كلماته بشدّة " تقيّئي ..لا تكبتيه ! .. "
    كانت عيناها متسعتين وغائرتين ، الدمع يجري عبرهما على خدّيها دون أي توقف ! يرتفع حاجبيها المرتعشين وهي تضغط على شفتيها المبيضتين بنفي قاطع ،لتتضاعف ضراوة إحساسه بالفاجعة وهو يراها تفرج عن شفتيها المبيضتين في ذلك الوجه المبلل بالدمع ، مريب الشحوب
    " إنني لا أشعر بجسدي ! إنني أموت يا فارس .."
    تضاعف انهمار دمعها وهي تكمل حديثها والارتعاش يفتك بنبرة صوتها " لذا ارحل !! لا تعد إلى فاس ليس إلى نضار ..."
    تُوقفها عبرة بكاءها عن الكلام بينما كان فارس ينظر إليها مصعوقا وقد تجعّدت ملامحه من هول ما يراه ويسمعه ، تشهق وهي ترفع حاجبيها السوداوين من جديد بتوسّل
    " لقد سددته ...الثمن ..هذا خطأ نُضار ! اهرب.. لا تنتظر موتي ..."
    لتدويّ صيحته الخشنة في جنبات المكان وهو يشدّ على كتفيها بقوّة " ما تهذين أنتِ ! "
    باتساع لتينك العينين الذي لا يكف الدمع ينهمر من حوضهما ، كانت تكافح لإخراج الكلمات من شفتيها
    " يكفي ..لينجو ..واحد منّا ..على الأقل !
    اذهب إلى بلدك ..أنا .. لن أصمد حتى ..فاس ! "
    نطقت آخر أحرف كلمتها الأخيرة كما لو كانت شهقة أو زفرة ثقيلة !
    لتصطبغ عينا فارس بالاحمرار وهو يصيح باسمها بجنون وخشونة " نـــور ! "
    كاد بؤبؤ عينيه يخرج من حدقتيه من فرط انفعاله مستأنفا صراخه عليها
    "مالذي يعنيه بأنك لن تصمدي ! تبقّى أمامنا يوم واحد فقط أيتها الحمـقـــاء ! "
    كان وجهها المرتعدّ ينظر إليه بعينين فارغتين إلا من انهمار دموعهما ، بينما كان فارس يسترسل في حديثه إليها وقد برزت عروق جبينه من فرط انفعاله بينما كانت خيوطا حمراء تفتك بحدقتي عينيه !
    " لن أذهب إلى أي مكان بدونك ! موتي هنا وسأعود إلى أختكِ مهزوما ! "
    رافقت نبرة صوته حشرجة غاية في الخشونة وهو يصرخ بكلماته تلك إليها ، و مع كل دفع مجنون لكتفيها كانت حروف اسمها تكرر الخروج من شفتيه بذات الخشونة التي بحّت لها حنجرته
    " لقد وصلنا يا نور ، لا تضيعي كلّ ما بذلته للحفاظ على كلمة شرفي ! يفصلنا عن فاس يوم واحد ! لا تفعليها بي يا نور ! "
    كان صوته الخشن ذاك يخرج منه بسرعة مفرطة واضطراب شديد قبل أن يتضاعف جنونه حينما وقع بصره على يديها المرتعشتين تتمسّكان بالأرض تارة وتضربانها من فرط الألم تارة أخرى ! ليصطبغ وجهه باحمرار تام والعروق تبرز حول وجنتيه " تقيئي اخرجي غثيان السفر على الأقل !!! أنتِ طبيبة كيف لا تعالجين نفسك !!! "
    كان يبث أنفاسه المتلاحقة وهو يحرّك رأسه مغبرّ الشعر باضطراب يمينا وشمالا ، ترتعد حدقتي عينيه في مكانهما محفّزة عقله على التفكير بأي شيء ! كان عليه أن يفعل ! ، للمرة الأولى لم تكن هناك أيّة قيمة لوجود سيفه معه ! إنه الشيء الوحيد الذي كان يشق به كل طريق ويصلح به كل مشاكله ! ، ولكن أنّى له أن ينفعه بشيء مما يحتاجه الآن ! لتتسع عينيه ثابتة في مكانهما وكلام سابق من نور يرنّ في ذهنه
    " أنت فارس تفكّر فقط بالوظيفة تلو الأخرى !.."
    " أما أنا فطبيبة أعتني بأكثر من شيء في آن واحد ! "

    ليحدّث نفسه بصوت مسموع ضاغطا على قبضة يده كما لو كان يكبت اضطرابه داخلها
    " لو كنت أنا من يصارع الآلام الآن ! ماذا كانت نور لتفعل ؟ "
    لتتسع عينيه بعد ذلك وهو ينطلق راكضا نحو سرج فرسه على الفور وكلماتها تلك تتردد في ذهنه
    " لأنّه وبالإضافة إلى كثرة استعماله من قبل الأطباء في التخدير وتسكين الأوجاع..."
    ليستخرج ذلك الكيس من جيب السرج وينطلق سريعا يصب في قربة الماء كل ما تبقّى مما دقّته نور من تلك العشبة ! وما إن انتهى من ذلك حتى جثى على ركبتيه حيث كانت تتلوّى وتنهمر دموعها من فرط ما يلمّ بها من ألم !
    " تمالكي نفسك قليلا فقط لشرب هذا ! "
    كان يحاول رفعها للجلوس بينما كانت تصرّ على الالتصاق بالأرض وهي تضربها بقبضة يدها من فرط غثيانها
    " هيا يا نور ألم تقولي أننا سنعمل معاً حتى النهاية ! افتحي فمك واشربي فقط "
    يقول ذلك وهو يضاعف من قوّته بحذر لإجبارها على الجلوس ليسقيها الماء
    " هذا آخر عمل سأطلبه منك ! أرجوكِ يا نور "
    لتمسك إحدى يديه برأسها بقوّة مثبّتا بذلك وجهها نحو الأعلى وهو يسقيها الماء من القربة بيده الأخرى
    كانت حدقتي عينيه الخضراوين تحدّقان بها بتركيز وهي تشرب الماء ، ثمّ رفع القربة عنها فور تيقّنه من فراغها ، ليحدّث نفسه وهو ينهض من جوارها وعينيه لا تزالان تنظران نحوها " من حسن الحظ أنها لم تغصّ بالماء ! لا أعلم إن كان هذا المقدار من النبات سيغرقها في النوم أيضاً ! "
    كان ينهي حديثه مع نفسه وهو يرفع البرنس واضعا إياه عليها ، بحدّة في بريق عينيه الذي أغمق لونهما الظلام المخيّم على جنبات المكان ، كان لا يزال يسمع صوت أنينها رغم تحرّكه مبتعدا عنها ، ليجلس أسفل شجرة أخرى ، غارسا أصابعه في غرّة شعره الذي بدا لونها كستنائيا بسبب خليط من عتمة ظلال الشجرة ووميض القمر !
    لا تزال تلك الحدّة تبرق في عينيه ، وهما تنظران نحو الأمام ولا تريا أمامهما سوى سوء صنيعه !
    ليضغط أكثر على شفتيه حانقا على نفسه وهو يشعر بقبح أنانيته حينما فعل ما فعل ! لم يضع في حسبانه حينها سوى ضمان بقاءها على الفرس ولو جثّة هامدة ! كيف خيّل له أن الفتاة ستقدر على تحمّل قطع مسافة يومين في أقل من يوم واحد ! من كان يظنّها ؟
    يرفع عينيه متجاوبا مع وميض القمر الذي أرسل شعاعه ينير لونهما ، بينما يقطّب حاجبيه بأسف هامسا
    " إنّ رقّتها تظهر عليها دون حتى أن تنطق ببنت شفة ! كيف خُيّل لي ذلك ! "





    اختفت النجوم واحدة تلو الأخرى من السماء ، ليخلوا الأفق من أُنساء ليله ما خلا وجه القمر المضيء ، كان قرصه المكتمل لا يزال في مقعده ، كما لو كان شعاعه الهادئ يحاول إيقاظ الفتاة ، التي ما سئم مراقبتها سواء حين ظهوره أو حتى حينما يختفي بضياء الشمس نوره !
    كانت صورتها تنعكس من شعاعه الذي يرميه على وجهها إلى عينيه ، إنسانة من بني البشر ، ارتخت يديها المنكمشتين ، وخدشت أعشاب الأرض صحن خدّها اليمين ! كانت تحاول رفع حاجبيها في منامها مرارا ، ترتعش رموشها على جفنيها المغلقين ، هل ضاعف القمر من وميضه حينما تمكنت من رفع حاجبيها أخيرا ، ليرتفعا بذلك جفنيها يكشفان نور وميض عينيها الليليّتين !
    تحركت حدقتي عينيها تدوران ناظرتين نحو الأفق بصمت ، كان قرصه أول شيء تراه ! ، ولكنها استندت بطرف يدها على الأرض تعين جسدها على الجلوس ، بينما كان بصرها يدور في الأرجاء من حولها ، كانت نسمات الفجر المعطّرة تدفع أغصان الشجر المصفوف بلطف ، توقفت عينيها المنهكتين تحدّقان بتمايله المتناغم للحظات قبل أن تنهض من مكانها وراحة كفها ترتفع نحو جبينها لتحوطه ضاغطة عليه
    آثار العتمة الخفيفة في السماء لم تعسّر عليها رؤية جلّ ما حولها بوضوح ، كما لو كان الصباح قد شرع في يومه قبل أن يطلّ سراجه عليه !
    كانت نور تتحرك في المكان بخطوات ثقيلة ، ورأسها يلتفت يمينا وشمالا باحثا عن شيء ما في الأرجاء !
    لتنطق وقد تقطّبت حاجبيها من ثقل رأسها " لا أثر لأحد هنا سواي ! " تستأنف حديثها مع نفسها بصوت مسموع وهي تمدّ عنقها ملبّية رغبة بصرها في الاستقصاء والبحث أكثر " لا أثر حقاً ، أيكون قد غادر كما طلبت ؟ ..." لتقطع جملتها بتنهد عميق و طرفي حاجبيها يرتفعان بألم " إنني حقّا .. إنني أرجو له النجاة بعد كل ما حصل ! " لتضغط على شفتيها وتطرق ببصرها تُسدل رموشها نحو عينيها ،حتّى توهّج الدمع مرتعشا في حدقتيهما وهي تهمس بصوت مخنوق " ولكن .."
    لعقت شفتيها وهي ترفع ببصرها من جديد حول المكان كما لو كانت تستجمع قوّتها ، ولكن الدموع تجمّعت من جديد في عينيها، بينما نطق صوتها المخنوق محررا ذلك الدمع من قلبها وعينيها ...
    " ولكنني ...لم أظن أنني سأنجو ! كـ كيف ..من أين ...سأكمل طريقي !! "
    نطقت بتلك الكلمات المتلاحقة وهي تهوي باكية نحو الأرض جالسة القرفصاء ، بينما تتحرك ذراعيها تحوطان جسدها الذي يهتزّ من البكاء مع ركبتيها الخائفتين .
    في تلك الأثناء ، تردد دويّ ضحكة في الأرجاء ، كانت تلك الضحكة تزداد وتتضاعف مما استحال على نور تجاهلها بحجّة الخوف من إظهار نفسها في مكان لا تعرف كيف تبرر وجودها فيه فجأة !
    ليتحرك وجهها مرتفعا عن ركبتيها وهي تفك التفاف ذراعيها حولهما ، كما لو كانت تتسلل للنهوض من جلستها تلك ووجهها يلتفت ببطء وخوف تجاه مصدر الصوت !
    لتتسمر عينيها وهي تبصر خياله يقترب إليها ، لم ترَ وجهه بهذا القدر من الاحمرار من قبل ! ولكن شعره المتناثر حول جبينه وصدغيه مألوف كما هو ، بلونه الذهبي الغامق كسنابل أحرقتها الشمس فضاعفت من إصباغ لونها ، كان طول جسده القوي الفارع مألوفا أيضا ، وعلى النقيض من ذلك كانتا عينيه ! لم تألف هذا الإحساس منهما من قبل ! بدتا خاليتين من كلّ ما كانتا تحملانه فيهما طوال الطريق !
    شرع فارس ساعديه كما لو كان يظهر نفسه من مخبأه
    " هل ترينني رجلا يركض هاربا من عهده ! "
    ليزداد اتساع عينا نور نحوه بذهول وقد تسمّرت قدميها الواقفتين في الأرض ، بينما كان يكمل حديثه وهو يكمل خطواته نحوها " لقد ساءني حقا ما ظننته بي ! "
    ليطفو الدمع في حوض عينيها وهي تتساءل بنبرة مرتعشة " هل ..هل كنت تراقبني ! "
    انفجرت ضحكته من جديد ، وحدقتيه تبرقان بخضرة خافتة لم تعهدها نور في عينيه " بالطبع لأرى كيف ستكون نهاية إحساسك بنبلك وكرمك ! .."
    يغيّر نبرة صوته محاكيا صوتها " اذهب إلى بلدك ! لينجوا واحد منّا على الأقل ! "
    لتنفجر نور ضاحكة هذه المرة والدموع تنهمر بخطين مستقيمين على خدّيها " اخرس يا هذا ! "
    بينما يسترسل فارس في ضحكه عليها " أنتِ دائما تتهّورين بقول أشياء يُندم عليها في أوقات الشدة ! "
    ترفع ذراعها وهي تمسح دموع وجهها بطرف كمّ ثوبها بينما كانت تستأنف حديثها
    " ولكن صدقاً ..لا أعرف مالذي حلّ بي ، حتّى إنني لا زلت أشعر بدوّار شديد للغاية ! "
    ليرفع حاجبيه بذات ملامحه الضاحكة وهو يجيبها " صحيح ! بما أنك استيقظتِ أخيرا ، دعينا نسألك أيتها الطبيبة ! "
    تسمّرت عينا نور منصتة له بتركيز وريبة بينما كان يسترسل في كلامه
    " مالذي يفعله ذلك المقدار المتبقي من الأفيون لو شربه أحدهم ؟ "
    لتحل لحظات من الصمت عليهما ، قبل أن تشعّ عينيها بعد نظراتها الفارغة وهي تشهق هاتفة به
    " هل أسقيتني الأفيون ! "
    حرك فارس كتفيه مجيبا وقد هدأت ملامحه من فرط الضحك أخيرا " كنت على يقين بأنه لن يؤذيك ! لو كان سيفعل لما أسقيتِ مقدارا أكثر منه لتيزمت ! "
    نفخت أوداجها وهي تنطق متظاهرة بالتذمّر " صرتَ تعرف عنّي أكثر مما يجب ! "
    لتميل شفتيه بضحكة خفيفة وهو يجيبها من فوره " كل من التقى بك في هذا السفر يعرف الأمر ذاته ! "
    يرفع من حاجبيه دون أن يقطع حديثه " أنتِ لا تبقين شيئاً خفيّا منكِ "
    لم تجبه نور بشيء حينها وقد كان صداع رأسها لا يزال يشتت من تركيزها ، بينما كان قد أخرج قطعة خبز ملفوفة بغطاء قماشي من وعاء جلدي كالحقيبة الصغيرة كان ملتفا حول نطاقه
    " جلبت بعض الخبز من المدينة ! "
    كان يكمل حديثه بينما مدّت نور يدها النحيلة تتناول قطعة الخبز من يده " مدينة صفروي على بعد مسافة قصيرة على الأقدام ! بمجرّد أن تشعري بمقدرتك على ذلك سنكمل سيرنا إلى هناك حتى نمتطي الجواد من هناك للانطلاق مباشرة نحو مدينة فاس "
    اتسعت عينا نور علّهما تكشفان شيئا في عينيه ! هذا الصفاء الذي لم تعهده فيهما صار يخفي عنها كلّ شيء !
    كيف يمكن للمرء رؤية شيء خلف ماء نقي يسبح في الإناء ساكنا لوحده ! ولكن ذهنها المثقل دفعها للاستسلام والتخلّي عن حيرتها تلك سريعا، لتسأله عن فترة استغراقها في النوم وقد عقدت عزمها على الإسراع في مواصلة الطريق فور قضائها لما نامت عليه من صلوات .



  11. #230
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية




    " ليس كذلك... أنت فعلت ما تعهدت به ! ولكن شرط نُضار الظالم يعطيك الحق بالفرار ! "
    لم تعجبه كلمة الفرار ولكنه لم يرغب في إثارة امتعاضه منها ليجيبها بنبرة متفاجئة " مالذي أسمعه ! صرت تقولين عن نضار ما كنت أحاول إقناعك به ! "
    أجابت نور وهي تمرر راحة يدها على عنق الحصان الذي كان يسحبه فارس من لجامه ليسير معهما
    " لم يكن من حقها وضع شرط قد يدفعك الاضطرار لعدم الوفاء به ! ولأنني أعرف أن أختي نضار لا تتراجع إن قلت لها إنك فعلت ذلك مضطرا ! "
    " بالطبع لأنّ الأوْلى لها لم يتحقق ! " نطق بذلك بلهجة ناقمة بينما كان عقله يستحضر ملامح زوجة الغرناطي المتغطرسة تلك كما كان يراها ولا تزال في مخيّلته !
    لتنطق نور في اتجاه آخر وصداع رأسها يشتت تركيزها " قريبا ستعود إلى بلدك .."
    ترفع بصرها نحو الأفق الهادئ بزرقة ما بعد المغيب والذي قد حجبت عنها أشجار الطريق شيئا منه وهي تكمل حديثها " لا تنسى إخبارهم بأنك تعلمت مني وجعلتُ منك طبيبا ! "
    أضحكته جملتها بشكل مفاجئ ليجيبها ضاحكا من فوره
    " لا لن يكون لائقا الحديث عما تعلمته من الأعداء ! "
    لترفع نور حاجبيها متسائلة بسخط مصطنع " إذا أنت ستنسى كل شيء هناك مثل أي جاحد ! "
    " أنا أخشى التفكير بما سأفعله حين أصل ! أريد التفكير فقط بأنني سأغادر قريبـ ..." قطع إنهاء كلمته الأخيرة بينما احتدّت عيناه وهو يسألها بنبرة قلقه " ألا زلتِ تشعرين بالدوار هل نتوقف قليلا ؟ "
    أشارت نور نافية بكف يدها " فقط رأسي ثقيل للغاية .. نحن متجهان لداخل المدينة أليس كذلك ؟ أأنت متأكد من الطريق ! "
    "فعلت ذلك حينما كنت تغطين في نومك، و جلبت لك الخبز من هناك ! "
    أومأت نور بحاجبيها وهي لا تزال تقاوم الثقل الذي يهوي على رأسها في كل مرة ، لتضغط أنامها في راحة كفّها مكملة حديثها السابق معه " لا تخشى التفكير بما ستفعله يا فارس ، ستغادر إلى بلدك حتما "
    كان فارس قد شرد للحظات حينها في الوقت التي استدركت فيه نور خطأً في كلامها ، لتردف مسرعة وعينيها تتجهان نحوه " بطبيعة الحال أنا أقول هذا لأنّك تتوق لذلك وإلا ..وإلاّ فإنه من غير الأدب أن نقول لأحدهم أتمنى أن تذهب لبلدك سريعاً ! "
    رفع فارس حاجبيه نحوها باستهجان ممزوج بشيء من السخرية " حتى لو كان هذا الشخص عبدا في بلدكم ! "
    زمّت نور شفتيها تكتم ضحكها من ملامحه تلك، ليتسلل فقط القليل منها وهي تجيبه من فورها " أعني بصفته حراً بالطبع ! " تقلب راحة كفّها في سياق كلامها بنبرة متسائلة " بقاء العبيد في البلدان الغريبة ليس اختيارهم حتى يكون من العيب قول هذا لهم ، أليس هذا واضحا ؟ "
    أشاح بوجهه نحو الطريق وهو يلف حبل لجام الفرس الذي صار على بعد خطوات عنهم " هل عليّ تذكيرك بأن حالتي ينطبق عليها المثال الثاني لا الأول ! "
    راقبت نور ملامحه بانقباض طفيف في قلبها ، لم يبد عليه الغضب هذه المرة أيضاً ! لا تدري أين ابتلع كل ذلك الحنق الذي كان يتأجج في عينيه منذ استيقاظها حتّى هذه اللحظة ! ولكنّ الأمر كان ملائما لها للحديث عما في صدرها دونما أي قلق، لتنطق بعفوية عمّا تحسّ به وعينيها تتأمّلان نهاية الطريق الضيقة التي كانت متعرّجة نحو اتجاه لم تتبين معالمه
    " حسناً أنا أنسى ذلك كثيرا ! أتعلم يا فارس .."
    تحرّكت عينيه الخضراوين نحوها بفضول بينما استأنفت حديثها وراحة كفّها تربت على الحصان بجوارها
    " بالتفكير في ما حصل معي، إن كان كلّ ما عانيته من مرارة الطريق في أصله سببا من الله لحريّة أحدهم، إنّه حقا لفضل كبير ينعش قلبي وينسيني كل ما تعرضت له من ألم ! "
    تسمّرت عيناه هناك ، حيث ألقى بهما ذاك الفضول الذي لم يتوقع أبدا ولم يفترض سماع شيء كهذا، من أين تأتي هذه الفتاة بكلماتها التي تغزوا قلبه عنوة هكذا ؟ بلا أيّ تحرّج ولا أيّ خوف !
    كان فارس قد رفع حاجبيه بصمت بينما كان قلبه يهمس بها قائلا " إنّك حقّا تنهكين قلب هذا المحارب ! "
    في تلك الأثناء أرادت نور الاستطراد في حديثها أكثر وهي تبصر الزقاق الفسيح الذي أخرجتهم طريقهم نحوه، ولكنّها وقبل أن تنطق شفتيها التصقت بالفرس تتشبّث به هذه المرة وحاجبيها يتقطّبان من الدوار الذي عاد يعصف بها من جديد ، كان فارس يراقبها بحذر وهو يخاطبها بقوله " لا تحاولي المقاومة أكثر سنتوقف الآن ! "
    لتنفي نور برأسها سريعا وهي تنطق بنبرة جاهدت لإظهار لهجة القليل من الإصرار فيها " ليس قبل أن نصل للمدينة ! "
    أجابها وهو يشير براحة كفه " لقد وصلنا بالفعل ! فقط لنمشي نحو البئر بجوار الجدار القصير هناك .."
    انتبهت نور لذاك الزقاق أكثر، الذي كان مستوي الطريق والهدوء يعمّ أرجاءه كما لو كان ينبعث من ضياء المصابيح المعلّقة بنوافذ البيوت المطلّة عليه، للوهلة الأولى و بالنظر لحالة السكون هذه لم يبد غريبا لها عدم انتباهها لدخول المدينة ، غير أن يقينها بنقيض ذلك كان يزداد بتلك الأصوات البعيدة التي طفقت تتسلل نحو أذنيها كلّما تقدمّت خطوة نحو الجدار الذي أشار إليه فارس



    e328




    حرّكت ساقيها بتثاقل في الهواء بعد أن اعتدلت جالسة على طرف الجدار، كانت راحة يدها قد احتكت بفتات من حجارته وهي تستند عليها بينما كانت ترفع رأسها نحو السماء الصافية من فوقهما
    " حتى هذا الجدار القصير يمكنه أن يشعرك بأن القمر صار أقرب إليك ! "
    أجابها فارس الذي تأرجحت فقط إحدى ساقيه من الجدار بينما كان يعقد ساقه الأخرى التي أحاطها بذراعه القوية " أنا أرى أنه صار أكبر وليس أقرب ! "
    ابتسمت نور دون أن تفارق عينيها قرص القمر المكتمل " أقرب أم أكبر ؟ حسنا إنّه خيار سيمليه عليك قلبك ! "
    كانت إنارة المكان خافتة ، وميض القمر الصاف، بضعة من مصابيح البيوت ذات الضوء المرتعش والمتمازجة بالظلال، وأبعد قليلا في داخل المدينة ،كان هناك توهجٌ لقناديل كثيرة مجتمعة، والتي كان صوت جلبتها البعيدة يحوم حول المكان بنغم متداخل وغامض
    في تلك الأثناء كان فارس يعبث بشعره الكثيف وعينيه تحدّقان نحو السماء، يرمي بخصلات شعره على جبينه وعينيه، كما لو كان يحجب عن العالم فضيحته، الفارس الذي يجاري خيال فتاة لا منطق لها، احتدّ بريق عينيه مع إصراره على تجاهل قناعته بخسارة عقله " يمكنني أن أشعر أنه أقرب لو حدّقت به على أنّه كذلك ! "
    رفعت نور يدها تنفي بإصبعها بحزم قاطع " هذه قشرة إحساس وليس لُب! والدليل على ذلك إنه إحساس سيزول سريعا فور أن تبعد هذا الاحتمال عن ذهنك ! "
    تراجع برأسه نحو الوراء كما لو كان يستعد لتجربة تالية للتأكد من صحّة كلامها، بينما استأنفت نور الحديث " أنا أتحدث عمّا يظلّ ساكنا في القلب لا يؤثّر فيه أيّ عارض ! "
    " قد لا يكون القلب طيّعا إلى هذا الحد ! "
    " أعلم ذلك ! ولكننا نواجه قشرته حينما نتأذّى ونعتصر من اضطرابه ! "
    قطّب فارس حاجبيه متفكّرا في كلامها الذي كانت لا تزال مسترسلة في شرحه " إنه عجزنا عن الوصول إلى لبّه ! "
    وهنا رفع فارس حاجبيه وقد أثاره قولها " هذا كلام جيد ! ولكن من الصعب معرفة إن كان صائباً أم لا ! "
    " التجربة " نطقت نور ذلك بسكون، قبل أن تستأنف كلامها ووميض القمر يبرق في عينيها اللتين تحدّقان به
    " إنها وسيلة البشر لمعرفة كنه الأمور التي أذِنت إرادة الله في كشفها لهم ! "
    قطّب من حاجبيه مفكّرا في ماهيّة الأمور التي قصدتها في حديثها، قاوم رغبته في الإفصاح عن تساؤله ولكن وميض ضياء القناديل الذي تضاعف فجأة على مدّ بصرهم من قلب المدينة كان كفيلا بتخليصه من حالته تلك
    ليشرد كليهما نحو ذلك الوهج الذي ترافق مع ارتفاع أصوات متباينة الصدى من بعيد
    " لقد رأيت جماعة يتجهزون لاحتفال ما هذا الصباح ! ولكنني لم أتوقع أن يكون كبيرا هكذا ! "
    كان يتحدث بذلك وهو لا يزال ينظر على مدّ بصره بتقطيب خفيف لحاجبيه
    " إذا ففي الليلة ذكرى من الليالي المباركة بلا ريب ! أؤمن أن الله يخبرنا بالمعجزات لنتذكّرها بإخلاص ولنتذكّر أنها تحصل حقّا، فكيف تنجو السفن في البحر الهائج حتّى تعود لمراسيها ؟ "
    كانت تتحدث بهدوء وقد تقطّبت حاجبيها بخفة وهي تحدّق باهتزاز أضواء القناديل من بعيد
    " تحمل الليالي المباركة كل الذكريات التي يجب أن يخجل منها كلّ جبّار ! إن لم تكن تحمل الحق سيفاً فربّما كان نصرك هذا زيفاً تدور عليك الأيام حتى تغرقك الأمواج بأمر رب كل الكائنات "
    شردت عيناه ينظر نحوها ولا ينظر إليها في الوقت ذاته ، كانت الأصوات البعيدة تتضاعف في ارتفاعها ترافقا مع وميض القناديل، لتعيد نور نظرها نحوها وهي تهمس بصوت مسموع لفارس
    " كن مظلوما و سينصرك ..وحيدا و سيؤنسك، فالله لا يردّ مُحب، ولا يخذل حبيبا أبداً ! "




    e328





    عجباً لهذه الفتاة !، يحدثه قلبه بذلك وبريق عينيه الفائضتين بمعالم شروده يحدّق نحوها
    "أحياناً تتحدّث كما لو كانت زاهدة في الدير، وأحيانا تبدو كما لو كانت تتجهّز لطلب العلوم من سقراط ! "
    الثقة التي تشعّ في عينيها في هذه الحالات تكون مختلفة كل الاختلاف عن نظراتها في أحوالها العادية حينما يرتعش بريق عينيها متخبّطا بين التردد والحيرة !! "
    ليستقر ذقنه على راحة يده متكئا على عظام أصابعه القوية وعينيه لا تزالان تطرفان صوبها بخفاء ، وهو يتفكّر في الأمر الأكثر عجبا فيها من كل ذلك ! حيث ينفي بوجهه ببطء شديد دون إرادة منه وقلبه يهمس
    " كيف لا يمكنك إحكام تصرّفات عقلك ومنطقك رغم كل هذه الحكمة التي تفاجئين بها محدّثيك عادة ! " ولكنّ ما مرّ هذا الخاطر بباله حتى تذكّر شيئا من كلامها قبل وقت قصير، لينقبض شيء بارد في قلبه مع تقطيب سريع لحاجبيه، كان خاطره ليهتف " ولربما.." ولكن التفاتها المفاجئ قطع حديثه الداخلي ذاك، لينشغل عقله بدلا عن ذلك باستماعه لما كانت تنطق به
    كانت تمسّد كتفيها براحتيْ يديها وهي تتحدث
    " هل هذا يعني أنني سنقضي ليلتنا في العراء هذه الليلة ! "
    تسمّرت عيناه بخضرتهما الغامقة في جنح الليل، قبل أن يرفع حاجبيه متمالكاً صدمته ومانعا نفسه من إطلاق ضحكة يائسة عليها
    " نور ! بعد كلّ ما نمته في العراء هناك أتظنين حقا أن علينا إنفاق ما تبقى من مالنا على خان أو نُزل لأجل بضعة ساعات أخرى ! "
    لتكشّر نور ملامحها بامتعاض وهي تجيبه نافية بكتفيها " لا أظنّ أي شيء ! ثم إنني لا أذكر شيئا عن نومي هناك ! "
    حرّك فارس كتفيه هو الآخر وهو يجيبها بالأسلوب ذاته " ها أنذا أُذكّرك إذا ! الأرجاء آمنة تماما، و إن أردت النوم يمكنك أخذ برنسي ليصير فراشاً لك ! "
    ارتبكت نور من نبرة صوته التي بدت مغايرة لمعنى الكلام بعض الشيء، وبغضّ النظر إن كان يعني ما قد قاله أم لا، انطلق لسانها ينطق بما أشغلها " أنا نمت بما يكفي، ولكنني أتساءل عنك ! "
    قطّب حاجبيه كما لو كان يستفسر دون أن ينطق بينما تستأنف نور حديثها " متى ستأخذ قسطا من النوم ؟ إلى متى ستظلّ معلّقا على الجدار هكذا ! "
    أشاح بوجهه ضاحكا بخفوت على جملتها الأخيرة قبل أن يشرع في الرد سريعا وقد عاد ببصره نحوها " لا أشعر بحاجة لذلك ! "
    لترفع نور حاجبيها هاتفة بخفوت هي الأخرى " إنني أعرف السبب ! "
    قطّب فارس حاجبيه مجددا والأضواء الخافتة في المكان تظهر خضرة غامقة من عينيه
    " لقد اقترب موعد عودتك ولا شكّ أن هذا يشغل ذهنك للغاية ! "
    ليرفع حاجبيه مصدرا صوتا استذكاريا " نسيتُ أنّكِ فتاة ذكيّة جدا ! "
    لتصرّ نور على الحديث والتي بدا عليها حبورها بهدوء دقّات قلبها وفتور صداعها
    " أخبرني كيف تتخيّل سعادة من ينتظرونك بشوق هناك حينما ستعود إليهم فجأة ! "
    " لا ينتظرني بشوق هناك سوى سيّدة واحدة " أجفلت نور لردّه السريع ونبرة صوته الباردة، وبينما كانت عينيها المتسعتين لا تزال ترمش بذلك الجفول كان فارس قد استرسل في حديثه ولكن دونما أن تشعر أنه يحادثها أو يحادث أي شخص آخر غير نفسه
    " لو كان بإمكانها افتدائي لكانت قد فعلت منذ زمن ! " انتهى من جملته تلك دون أن يتحرك أي شيء من ملامحه التي تصلّبت محدّقة بالسماء، ليصله صوتها مواسياً بحذر
    " لا عليك، لقد سددت ثمن حريّتك دون الحاجة لفدية .." ابتلعت من ريقها متجهّزة لإكمال حديثها وهي تشعر بمدى تطاولها في الحديث معه بهذا الشأن هذه المرة " ما تكون هذه السيدة بالنسبة لك ؟ إنني متأكدة بأنك لو أخبرتها بثقتك هذه بافتدائها لك، فسيفرحها ذلك كثيرا ويمسح حسرتها ! "
    كان فارس يومئ برأسه مع كلمات نور الواحدة تلو الأخرى، لينطق فور انتهائها قبل أن يزيل عينيه عن السماء " هذا مؤكّد .." بينما أضاف وهو يحرّك بصره نحوها " إنّها والدتي "
    اتسعت عيناها لتبدوا كقطعة من صفحة سماء الليل اللامعة، كانت شفتيها قد تحركتا سريعا بسؤال أصرّ عليه فضولها " كيف تبدو والدتك ؟ "
    مالت شفتيه بابتسامة وعينيه تعودان محدّقتين نحو السماء
    " حنونة وقوية، شعرها كالذهب وعينيها بنيّتين كخليط العسل والكستناء ! "
    لتهتف نور بحرارة وهي لا تزال مُلتفتة نحوه " إذا فوالدتك كالشمس ! " كان فارس قد خطف نظرة نحوها قبل أن ينطق موافقا بقوله " نعم، إنّها كذلك "
    بصره الذي عاد يجول بين نجوم الأفق، استقر على القمر الذي أثارته سكينته المتناغمة مع عتمة الليل، لينطق قلبه بما لمعت به عينيه المعلّقتين بذاك القرص المضيء
    " ونور تشبه القمر ذو الوميض الخافت الذي يتسلل حيث الأعماق "





    نهاية الفصل
    e032






    الهوامش
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
    * إحدى العبارتين مستلهمة من كتاب المثنوي
    والأخرى مقتبسة منه
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 19:55

  12. #231
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة شارون فينارد مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


    أولاً أنا سعيدة جداً جداً جداً بعودة هذه الرواية الرائعة مرة أخرى، بعد قرأتي لهذا الفصل أدركت كم كنت أفتقد الرواية والفصول وطريقة سردك المميزة والشخصيات الرهيبة والأحداث الحماسة«هذا الفصل تحديداً حدث فيه الكثير وبطريقة ما وجدت نفسي أعود للفصل الثامن لمراجعة بعض الأشياء اعتقاداً منى أنني قد أخرج بأجوبة لكن ما حدث هو أن الأمور ازدادت تشابكاً في عقلي..
    بالمناسبة لقد كانت الأحداث حماسية فعلاً لدرجة تحبس الأنفاس منذ البداية عند ظهور نور في داي في ذلك الخان ومن ثم تتبعها لفوز وفرناس«كالعادة اسامي ملائمة و خيالية. وفجأة تذكرت أنك قلت أن الفصل الحادي عشر سيعجبنا« ياااااااااااااااااااااهوووووووووووووووو ترى كيف سيكون الفصل؟ إذا كان العاشر بهذه الروعة ترى كيف سيكون الحادي عشر« ضاعفتي حماسي بشكل جنوني..
    حسناً لنبدأ: واحد..اثنان..ثلاثة..انطلااااااااق


    e411e106e411e106 هززت يدي مع الهاتف بحماس لأنني سأقرأ مثل هذه العبارات مرة أخرى بداية الفصل أو بداية أحداث شخصية أخرى..


    حسناً..لا استطيع ذكر عدد المرات التي ضحكت فيها في بداية الفصل بدء من استعجال نور الشديد وهي تركض مسرعة لأنها غرقت في النوم ومن ثم تجد فارس أمامها حانقاً على ذلكem_1f606em_1f606em_1f606..فكرة أن نور ربما ستكون سعيدة لأنها اغضبت فارس ولكن لا كانت خائفة وخجلة بدلاً عن ذلك ولها الحق في ذلك أعني عندما تصفين غضب فارس أنا عن نفسي أشعر بالخوفlaughlaughlaugh ..
    +
    نأتي لموجة الضحك الكبرى التي انتابتني بسبب تعليق الطفلين الفظيع بشأن نور وفارس «يمكنني حتى الآن تخيل الصدمة على وجه نورlaughlaugh«بصراحة حتى بعد ما تعديت الفقرة بمسافة فإذا بي اتذكرها فاضحك مرة أخرىlaugh..
    أمم حسناً في البداية أصابني فضول حقيقي بشأن تتبع نور اللحوح لهما ومن ثم السر الذي يخفيانه وهو أنهما صاغة 031031ياللمفاجأة والكياتة في نفس الوقت..
    ملحوظة: الظرافة واللطافة في تلك الفقرات لاتوصف بمجرد كلمات تمنيت لو أنني كنت معهم في ذلك المشهد وهما يسردان قصة عمهما ووالديهما وكيف يجب أن يكونا صاغة بارعين، رغم أن الأمر فيه لمسة من الحزن لكن طريقة سرد الأطفتل كانت ظريفة، خصوصاً عندما قال فرناس بشكل مفاجئ:

    حسناً ضحكت في البداية على الطريقة التي قالها بها لكن بعد مضي عدة ثوان من ذلك كان لكلمة "صائغ " وقع رنين الجرس على أذني وولهذا كنت بحاجة للعودة للفصل الثامن»لي عودة لهذه النقطة فيما بعد..
    ملحوظة رقم 2: الطريقة التي اجبرت بها نور الطفلين على قول السر كانت في غاية الذكاءlaughlaughlaugh..لاشك في أنهما قد ادركا أن قول بعض الأسرار أفضل من النظر إلى عيني فارس المحمرتينlaugh..
    بالمناسبة بعد قراءتي لهذه الفقرة وإلى ما بعدها:

    هل زرت مكان كهذا من قبل؟e106e106e107...اعني كل شيء وصفتيه هناك كان دقيقاً فعلاً حتى حوار عم المصهرة ذاك مع فوز وفرناس عن تجهيز قالبهما والصمغ والرمل والماء وتذويب النحاس وإلى ما ذلك، تساءلت عندها أيضاً ما إن كنت قد جربت عمل شيء كهذا من قبلbiggrin..
    وأيضاً اعجبني وصفك لصوت عم المصهرة عن كون صوته خشن ولكنه شديد النعومة على القلب أو شيء من هذا القبيل أعرف أشخاصاً يمتلكون هذا النوع من الأصوات فعلاً لذا أعجبني كثيراً وضعها هناe106e106em_1f49e..
    وأجمل ما في ذلك كله الهدية التي أهدها الطفلين لنور وعن كون الصاغة يصنعون المجوهرات ليس للاحتفاظ بها، فرناس وفوز طفلين رائعين حقاً ويتمتعان بالحكمة والظرافة والذكاء أيضاً ونور محظوظة حقاً في كل مكان تذهب إليه تتبعها أقدارها الجميلةe106em_1f495em_1f495 اعتقد أن هذا أجمل مافي رحلتها المأساوية هذه وهي تدرك هذا الأمر أيضاً«أينما تذهب يتحفونها الأخيار بالهدايا والحكم والكلمات الجميلة031031031.
    هذه الجزئية كانت مليئة بالمتعة والظرافة وأي شيء جميل واستمتعت فيها للغاية واندمجت معها إلى أقصى حد حتى أنني اعدت قراءة بعد الفقرات مراراًem_1f49e..


    أحم أحم..الآن نذهب الآن للمهم em_1f60e:....

    حسناً حسناً عندما عدت للكلام المكتوب على اللفافات أول شيء خطر في بالي هو تخمين هوية المتكلم في المرة الأولى قلت لربما كان والد نزهون ولكنني لم اعرف كيف.. ثم خطر لي أنه قد يكون والد العقاب لكن قلت أن المتكلم يخاطبهم طبعاً كيف يمكن أن يكون هو، ثم في النهاية قلت لربما يكون هذا والد نور نفسه والاحتمال أيضاً بدا لي عسيراً وفي النهاية راسي انضرب وبطلت أخمن هوية المتكلم هنا..ثم إنني تذكرت أن والدة مهجة يفترض أن تكون ميتة بسبب عائلة العقاب نفسها و لكنها هنا وتعامل العقاب كأنه ابنها ثم رأسي انضرب للمرة الثانية..اتذكر أنه كانت هنالك إمرأة تنزف أو شبه ميتة عدما كان العقاب صغيراً ووالدته تحمل مهجة وكان قد دار حديثاً بينهما عن كون أن والدا مهجة مذنبين أو شيء من هذا القبيل ولكن والدة مهجة حية هنا بطريقة ما وثم رأسي انضرب للمرة الثالثة..
    وتذكرت أيضاً حديث السيدة روضة عن كون أنها تود أن تأخذ تثأر من المذنب نفسه أي والد نور وهذه المرة رأسي انفلق .
    حسناً حسناً *تحاول أن ترتب الأفكار في رأسها* هل هذا يعني أن والدة مهجة نجت بطريقة ما من تلك الكارثة وظن الناس أنها ميتة ومن ثم اكتشف أن هنالك سوء فهم حدث جعل عائلة مهجة يبدون وكأنهم مذنبين؟! ومن ثم اكتشف أن المذنب الحقيقي هو والد نور ولهذا أم مهجة تحاول الانتقام لزوجها وعندما عرف العقاب بذلك أخذ يتعامل معها وكأنها والدته أم ماذǿ وأم العقاب الأميرة مادورها في كل مايحدث عدا أنها أخذت مهجة وربتها كأبنتهǿ هل كان هنالك قلادتين إحداهما مزيفة والأخرى حقيقية وبطريقة ما بسبب خطأ من والد نور عائلة العقاب أخذت المزيفة وعائلة نور أخذت الحقيقية مع أن المفترض أن يحدث العكس ؟!«لا اعلم ما إن كنت قد طرحت هذه التساؤلات من قبل لكنني أريد أن أعرف حقاً ما حدث *دمووع*..
    الشيء الوحيد الذي افترضته من كلام فوز وفرناس والذي ربما قد يكون صحيحاً هو أن هنالك صلة قرابة تربطهما مع عائلة مهجة ربما يكون عمهما الصائغ هذا هو والد مهجة نفسه الذي قتل ووالدتهما هي نفسها التي ذُكرت في تلك اللفافات على أنها زارت قصر العقاب وقصر المتحدث وإلى ما ذلك.. كان هناك حديث عن خالة لمهجة وأعتقد أنها ربما تكون والدة فوز وفرناس أو واحد من هذان الاحتمالات أو الثلاثة لست متأكدة:
    إما الأم خالة مهجة..
    إما العم والد مهجة..
    إما كلاهما صحيح..
    وبصراحة فارس أثبت أن أنه ذكي لكي يلاحظ أن عائلة الطفلين منكوبة ونور ستأخذها كملاحظة أو كتلميح عندما تستنتج هذه الأحداث لاحقاً«أنا متشوقةةةةةةةةة لمعرفة ما يجري...


    نذهب للجزئية الثانية سبتة..

    أمم وصول العقاب المفاجئ للقصر كان صادماً ومربك بالنسبة لي أعتقد أن جميع من في القصر مرتبك أيضاً هل أخذها فقط ليفاجئ بها السيدة روضة؟ لاأعلم لكن ماالذي كان يعتقده بالضبط عندما يظهر مهجة هكذا بشكل مفاجئ أمام والدتها كانت ردة فعل الأخير كانت ملائمة مع الموقف لكن غريب أن مهجة لم تتعرف على والدتها من الملامح اتساءل لو أنها اقتنعت فعلاً بأن السيدة روضة والدتها كيف سيحدث هذا ياترى؟! +إنها مثيرة للشفقة وتعيش في حالة ارتياع وعدم فهم وتخبط عنيف، لكن فكرتها التي كانت تخطط لها لجعل العقاب يكرهها لا أراها فكرة سديدة سيسألها في النهاية لماذا تفعل ذلك وستضطر لتفكير في شيء منطقي ولن تجد في النهاية سبيل إلا قول الحقيقة ولو أنني أعرف أن الفصل القادم سيكتشف العقاب سبب تغيير مهجة المفاجئ..
    صحيح لم أحب تأنيب العقاب هذا للسيدة تماضر بسبب حالة مهجة ، هل مهجة طفلة؟ أم هو احمق بزيادة؟ ماالشيء الذي كان بوسع السيدة تماضر فعله لها إن كانت لا تعلم شيئاً، والذي ضاعف غضبي هو ان مهجة وقفت كالتماثيل دون أن تقول كلمة واحدة دفاعاً عن السيدة تماضر وأن الذنب ليس ذنبها + الشيء الثاني الي ضاعف غضبي لأربعة أمثال الاول عندما تحدث معها باللطف المزعج الذي دائماً مايحدثها به.
    "ما الذي يبكي مهجتي؟ "
    كم أود أن اضرب رأسه مع الحائطtiredangrytiredangry::angry..
    + ماخطب نزهون فجأة تريد أن تتنازل عن أملاكها للعقاب هكذا بشكل مفاجơ ماسبب هذا التصرف؟! ..
    هي والعقاب يكرهان بعضهما حقاًlaughlaugh ويبدو أن سبب الكراهية هي حادثة الصائع تلك؟! «أوه لا أعلم حقاً لكنني أخمن وأخشى أن تكون تخميناتي هذه كلها خطأlaugh..


    بالنسبة لنور وفارس تبقى لهم مدينتين مالم تلاحقهم مصائب في أخر مكان دخلوه أتمنى أن تصل لفاس قريباً بلا أي مشاكل حقاً« آخر مكان استقروا فيه يسبب لي ارتباك صراحة، وأريد أن أعرف ما الذي سيحدث بعدها ، الطريقة التي يحاولون بها التملص من ذلك الفارس ذكية ومضحكة في آن واحد ونور المسكينة..شعرت بخوفها حقاً لا ألومها على ذلك نظراً لأن آخر مرة عرف فيها أحدهم هوية فارس انتهت بكارثة، لكن الكارثة الحقيقية هي لو عرفت نضار شيئاً من هذا« مازلت أفكر عن ربع المصيبة تلك التي ستفعلها. ربما تطلب منه شيئاً آخراً بعد أن يعيد نور..
    أريد أن أعرف أيضاً ما إن كانت شخصية فارس ستستمر معنا حتى النهاية حتى لو عادت نور لفاس، أعلم أنه يتوق بشدة لحريته لكن لو كان سيبقى أي دور سيلعب يا ترى..



    هذا كان من أجمل ما قرأت في هذا الفصل، يافتاااااةe106e106e106em_1f495em_1f495 اعجز عن وصف كمية الحكمة والروعة الموجودة هنا واظن أن الكلام موجه بشكل خاص لنور« كالعادة أينما تذهب يصادفها مثل هؤلاء الاشخاص الطيبين..مدينة القطن آه كم أريد أن أرى تلك الأزهار التي تتبدل ألوانها، هل هي حقيقية؟؟031...

    كما قلت سابقاً الفصل ملئ بالاثارة والتلميحات والمواقف الفكاهية وووواستمتعت للغاية وأنا اقرأه لدرجة أنه أخذ مني قرابة نصف يوم لحتى أكمله وطبعاً لأنني أعيد قراءة الكثير من المشاهدe20ce20ce20c..
    ولا استطيع أن اصف لك مدى رغبتي في قدوم الفصل القادم بما أنك جعلتي حماسي يشتعل بالفعل عن حديثك بالأعلىe106e106...












    لي عودةةةةةةةةةةةة e411 e411 e411 e411 e411 e411
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 20:15

  13. #232
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة Śummєя مشاهدة المشاركة
    حجز كبير لي هناااا e106 e106
    ياااه كم انتظرت الفصل، اسعدكِ الرحمن غاليتي embarrassed

    سأعتبرهم حجزييين يا صديقتيي< تضيف الفصل التالي عنوة em_1f606
    اخر تعديل كان بواسطة » ×hirOki× في يوم » 21-03-2021 عند الساعة » 20:16

  14. #233
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة بُشرى مشاهدة المشاركة
    e056

    حسنا سوف أبكييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يي
    لا أصدق رؤية هذا الاسم الجميل هنا من جديييييييييد
    ردك ذاك الذي يخبرني أنك بالجوار رغم عدم تواجدك لا تتخيلي كم أنار أملا في قلبيييي والآن ابتسامتك هذه
    بشورتيييي أنت حقا لم تنسنااااا اشتقتتتتتتتتتتتتتت لك للغايةةةة للغايةةةة ونور اشتاقت لك كثيرررررا انظري كيف صارت فتاتنا الجميلة بعد كل ما مرّ وحصصصصل e411

    أرجو أن تكوني في أفضل حال يا صديقتي آآآه كم اشتقت لك حدّ الأفق e411

  15. #234
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف الحال هيرو اللطيفة؟ يا رب يكون كل شيء بخير
    ها انا وصلت أخيرا، بعد انتظار وتعب ومعاناة laugh
    ولن تصدقي فرحتي وانا ابدأ بكتابة الرد واتذكر ليلة العيد عندما قرأت الفصول embarrassed
    كم كانت عيدية مذهلة!!!!! e106

    لنبدأ التعليق اذن :قلب:
    مشاهد الخان كانت لطيفة جدا في بداية الفصل embarrassed
    تعلمين مسبقًا اني اعشق مشاهد فارس ونور خاصة عندما يتشاجران laugh
    يا فتاة لديهما كيمياء رهيبة!! *تركض وتصرخ في الارجاء* e411
    الوصف ايضًا كان لطيف والجو الهادئ وزوار وسكان الخان *الكثيييير من القلووووب*
    كل الوصف كان ممتع جدًا للقراءة والتخيل وكأننا هناك في عالمهم الواسع!! e106

    وتتحرّك يدها الثقيلة ترفع اللحاف مغطيّة به وجهها ، وما كادت تكمل صنيعها حتى هتفت مصعوقة واللحاف يتطاير أمامها في الهواء
    يا ويلي أنا على هذين الاثنين laugh
    مسكينة نور جدًا وهي تحتاج إلى الراحة لكن عليها اخذ جزء من المراقبة :قلب مكسور:

    لتراه أمامها ، ينظر إليها حانقا ..بعينين حمراوين !
    بغض النظر عن كل شي، بس فارس صبر على هبل نور كثير laugh

    " قال لها لا تبتعدي عنّي ..."
    " غاضب يعجز عن إخفاء حبّه .."
    افدي هالطفلين سليطي اللسان laugh ليت فارس سمع كلامهم laugh
    كنت بكون متحمسة جدًا لردة فعله *خدود حمر وضحكة مكتومة*

    أكمل جملته صارخا في وجهها بحدّة" أتحاولين الفرار ! بعد كل الــ ..."
    واااه افكار فارس ظلامية جدًا
    اتخيل صدمته لو هربت منه بعد كل تلك المعاناة وبعد ان صاروا قاب قوسين من فاس!!!!

    طلبتَ منّي البقاء قربها وفعلت ذلك تماما ! ولكن الآن أريد ملاحقة هذين الطفلين
    اعجبتني نور وهي تبدل كلمة الأمر بالطلب!
    ليفهم أنّها تطيع كلامه لأجل أن ينجوا معًا وليس لأنها ملزمة بذلك.. cheeky
    فتاتنا قوية وذكية جدًا سيدي الفارس embarrassed

    قالت نور جملتها تلك والتفتت تشير نحو فارس الذي كان متكئا على الجدار ، يحرّك ساقه بسخط ووجهه يتأجج من نفاد الصبر
    ما هذه الوسامة والفخامة يا اللهي embarrassed *خجل* *تدفن رأسها في الوسادة*

    " السر هو ..أنا صائغ ! "
    واااه!! اخر شيء توقعته حقًا!
    خطرت ببالي بعض الافكار، أن يكونا سارقين صغيرين مثلا؟ او ان الاخ يمتلك سلاحًا..
    لكن فكرة الصياغة رهيبة جدا ما شاء الله وتناسب ثيم الرواية!
    احييكِ embarrassed

    لأنني أحببت والدتكما كثيرا ، وتمنيت لو رأيتها يوما ما
    قصة الطفلين حزينة جدًا، خاصة وهما يحملان هذه الاحلام والأمال العظيمة cry
    نكبة أهلهم وكل التعاليم التي حرصت الأم على زرعها فيهم cry
    رسم الشخصيتين رائع ويسعدني أني تعرفت عليهما!!!!
    إن نور تعرفت على الكثيرين في هذه الرحلة، وكل شخص تقابله له حياة مختلفة وممتع القراءة عنها
    حتى لو احتوت على بعض الجوانب المحزنة!

    يا فتااااااة!!!!!
    للتو وأنا أكتب وفي هذه اللحظة تذكرت أمرين!
    كان هناك فتاة باتت عندها نور فترة وأهدتها حقيبة عند سفرها -نسيت اسمها للاسف-
    والفتاة كان لها حبيب او خاطب.. مليء بالغموض ولم نعرف عنه أي شيء!!!

    وأيضًا تذكرت عاااامر!!!! يا الله كنت معجبة به جدًا بداية الرواية وأسأل عنه طول الوقت!
    لكن مع تطور الاحداث وهرب نور من العقاب نسيته تمامًا..
    والآن فقط تذكرته!!!!!! اريد أن اعرف متى سيظهر مرة أخرى! هل ستراه نور في فاس؟!!!!!
    انا اريد أن اعرف اي شيء عنه cry :بكاااااااااااااااء:


    " ماذا ! أتظنين نفسك ستغضبينني بتلك الكلمات الرخيصة ! "
    احس فارس صارت عنده مناعة من هذا الموضوع من كثر كلام نور فيه laugh

    " لأنني سأخرجه من باطن الأرض وأقتلع رأسه جزاءا على ذلك !! "
    وووويه hurt dead
    اتساءل من يكون هذا الشخص المسكين، وهل سيحقق فارس انتقامه فعلًا..
    بل هل سيظهر ذلك الشخص اصلًا في الاحداث؟ أم أنّها مجرد افكار فارس وحنقه.
    تخيلي لو يكون عامر الشخص الي أسره!! :صدمة: laugh

    كانت تلك الأصوات حادّة وقويّة ، أصوات فؤوس ؟ صرير العربات ؟ صياح العاملين ! أزيز النيران ؟
    الوصف هنا كان رهيب يا فتاااة يااااا فتاااااااااااة
    لا اعلم ماذا اقول أكثر وانتِ تبهرينني في كل مرة!! cry
    ما شاء الله لم تغفلي عن ابسط تفصيل وذكرت كل شيء كما لو اننا هناك!!
    احيانًا اقول انكِ ربما تملكين آلة للسفر عبر الزمن!!! تذهبين إلى هناك مع مذكرتكِ واقلامكِ وتكتبين الفصل ثم تعودين لنا!!!
    او أنّ هذا الوصف نتيجة قارئة شغوفة وكاتبة حريصة.. ما شاء الله embarrassed

    " ثمّ ..الصاغة لا يصيغون الحليّ للاحتفاظ به ! "
    وااه احببت هذين الطفلين حقًا laugh embarrassed وهديتهما الجميييييلة embarrassed
    *تعانقهما مثل عناق نور بقوة ومحبة*

    كلّ الثياب القطنية بالمغرب تُعمل من قطن تادلة يا سيّدتي ! ..
    انظري!!
    ها نحن مرة أخرى نعود لآلة الزمن الخاصة بكِ مع أجمل مشاهد الوصف على الاطلاق!! embarrassed

    " علينا أن نجعل تيزمت يشكّ بنا ! "
    لقد ضحكت كثيرًا على خطة فارس laugh خاصة وهو يطلب من نور تمثيل الجهل والغباء laugh
    اعرف أن عليه ان يبعد فارس القلعة بسبب العهد -الظالم- مع نضار
    وفارس بالفعل ذكي جدا ليفكر بخطة كهذه لابعاد اي تهمة عن نور او اشاعات في حال وصل تيزمت معهم الى فاس
    وضحكت ايضًا عندما بدءا بتنفيذ الخطة وفارس ينهر غباءها laugh بينما تيزمت مصدوم منهم laugh

    حزنت ايضًا على نور بسبب لقاء الاميرة، اعني عندما يعود الفارس الى قلعتهِ ويخبر اميرته عن خداعهم!!!
    اتساءل ان كان للاميرة ايضا ظهور لاحق embarrassed
    رسالة نور لها مؤثرة جدًا، وانا انعقد لساني لفصاحة كلماتها وبلاغتها وجمال الاسلوب المنعكس فيها
    وبالتالي فصاحة وبلاغة كاتبتنا الجميلة embarrassed.. أسعدكِ الرحمن هيرو على هذا الابداع المتواصل!!!!!
    انا احب الرواية حقًا! e106

    سأتوقف هنا قليلًا.. فكرت في كتابة رد طويل جدًا على الفصلين لكني متأخرة عنكِ وأخشى أن أتأخر اكثر.
    لذا قلت لأضع هذا الرد الآن وأعود باذن الله بأقرب فرصة بتكملتهِ...
    الرد القادم سيحوي مشاهد العقاب ومهجة من الفصل 10 + الفصل 11 كاملًا باذن الله embarrassed


    بحفظ الرحمن embarrassed
    اخر تعديل كان بواسطة » Śummєя في يوم » 27-05-2021 عند الساعة » 20:52
    بِآلإستغفآرِ .. ♥
    ستسعدُون ، ستنَعمون , ستُرزقون من حيثَ لآ تعلمون
    [ أستغفرُ الله آلعظيمَ وأتوب إليه ]

    ♥ رابط روايتي على الواتباد ♥

  16. #235

    السلام عليكم ورحمة اللهe106e106..

    أولاً

    آسفة آسفة آسفة آآسفة em_1f629em_1f629كان من المفترض أن اكتب الرد منذ زمن أوه زمن بعيد حقاً ولكن كان علي اعادة قراءة الفصل مرة أخرى للتركيز على بعض الأحداث هنا وهناك.

    (حلّ الظلام وبَعُد المرام، حتّى أنار شعاع القمر
    وبعد العداء وجُرح الجفاء
    حلّ الصفا والوُد ازدهر)


    اعرف أنني أمدح في كل مرة مثل هذه المقدمة ولكن حقاً لا استطيع تجاهلها أبداًe106e106..لماذا تخيلت مهجة عندما فكرت فيها..

    (" إن أردت أم لم ترد ! أنا سأفيك الحق كاملا في هذا ، لأنني لن أسعد بالعيش حاملة جميل شخص سيصبح عدوي يوما ما ! "
    ظلّت تتردد نبرتها الحازمة في ذهنه أطول وقتاً من ترددها في أرجاء المكان !
    ليتساءل بعد ذلك إن كانت الفتاة التي أمامه قد أخرسته مرّتين لتوّها !)


    جميل، في الحقيقة جميل جداً تسليط الضوء بشكل كلي لسبب غضب فارس الدائم أخيراً ومعرفة نور لذلك. والذي هو ليس غضب بقدر ماهو خوف من حرمانه للشيء الذي لطالما أراده دوماً، ونور وبتصرفاتها أحياناً الميالة للعاطفة في كثير من الأحيان ورفضها لفعل أي شيء قد يؤذي غيرها جعل من فارس حانقاً جداً وبل ويشعر وكأنها قد تكون عائقاً حقيقياً و بالنسبة له قد لايبالي بالطرق التي يسلكها ليحقق مراده عكس نور. والآن نور أدركت هذا الأمر، بالتفكير بالأمر من ناحية أخرى أجد أنني اتعاطف مع فارس أكثر من أي شخصية أخرى ، وكأنه محشور في زاوية ضيقة، نور تواجه الأخطار لكن فارس يواجه الأخطار وسيدفع ثمن أي خطأ ارتكبه وفي النهاية قد يقطع شوطاً كبيراً دون أن ينال مراده، والآن شبه مقتنعة أن فارس لن يحصل على حرية بمجرد أن يعودان إلى فاس.
    أما بالنسبة للعبارة فهي عادلة جداً وقوية جداً، لكن لايمكنني تخيل أنهما قد يصبحان أعداء بالمعنى الحرفي للكلمة، ربما يقف فارس في يوم ما بصف العدو لكنه لن يكون عدواً لها أو هذا مااعتقده.

    (" أنا أتعهّد لكَ بشرفي ! ...")

    كان كفها النحيل قد تحرك مستقرا على صدرها وهي تنطق تلك الكلمات بابتسامة حارت عيناه في تفسيرها !
    " بأنني سأكون خير عون لك بإزالة أي شيء يعوق طريق عودتك إلى وطنك ! "
    ليرفع حاجبيه وعينيه لا تزالان تنضحان عجبا من صنيعها " أتساءل إن كنت تعين جيدا ما تتعهّدين به الآن ! "
    لتفلت ضحكة من نور وتجيبه محرّكة كتفيها بعجل " سأبذل كل ما بوسعي لتحقيق ذلك ! ")


    نعم سنرى ما إن كانت نور تعي حقاً ما تعهدت به عندما يصلون لفاس واضح أن هناك عقبات ستعترض طريق فارس إما بسبب نضار أو أشياء أخرى وعلى نور حينها أن تقف في وجه أختها، نعم لقد تعهدت تعهداً شاملاً بازالة أي شيء يعوق الطريق ونضار قد تكون ذلك العائق .

    ( " أتظن أنني قد أقتل أحد أبناء ملّتي لأجلك أيها الفارس ألفونصو ! "
    مالت شفتي فارس بسخرية قبل أن يجيبها بدوره " بالطبع لا ! و لقد أخبرتك بذلك للتوّ فقط لإيقافك عن منح عهود لا طاقة لكِ بها ! ")


    استغرب من الأساس كيف ظن فارس أنها قد توافق على خطة تتضمن قتل أحدهم لمجرد أنه قد يكون عائقاً، كان على فارس أن يفكر بشكل أفضل لكن نور سبقته، لكن ألن يكون هنالك تباعات للخطة؟ القتل قد يشتري صمت الرجل للأبد ولو أني لا أوافق على قتل الأبرياء حتى في حالات كهذه ومع ذلك القتل قد يعني جريمة وترك جريمة خلفهم سيضرهم أكثر مماينفعهم.

    (وأخيرا سنوهم تيزمت أنني أعرض تحديّا بيننا لينهي كل منا هذا اللبن غريب الطعم ! ونحن سنتظاهر بملامح ممتعضة من اللبن دون أن نشعر بها في الحقيقة ! ولكن على هذا التصنع أن يكون محدودا لأنه لا علم لي بحقيقة تأثير طعمه في اللبن ! ولكن فقط يمكننا مجاراة ما يظهره تيزمت من ذلك ! وما إن يخيم الليل في الخان ويغرق صاحبنا في نومه حتى نتسلل في قلب العتمة ! ")

    هذا مضحك التظاهر بسوء طعم اللبنlaughlaughlaugh.

    (" آه ..نسيت أمر آخر أيضا ، أنت من سيقع عليه تسديد نفقات الخطّة ! وأيضا إياك أن تعطي لتيزمت القِربة الخطأ فيضيع كل تعبي ! ")

    لا أريد أن أفكر في ما كان سيحدث لو أعطوا تيزمت هذا القربة الخطأ، لكن سيكون بلا شك ضياع التعب سدى أقل هموهمlaugh.

    (" سأسعى لأكون امرأة جديرة بالمحبة والتقدير في عينيها ! ..")


    بالنسبة للسيدة روضة ومهجة، ربما هذا ماسيحدث لمهجة، منذ البداية لم أدري عن مشاعرها بالضبط تجاه السيدة روضة وإن كانت تبدو وكأنها تنكر رغماً عنها ماسمعته رغم ملاحظتها للشبه ربما غضبها هو ماجعلها تتصرف بذلك الشكل وتقول ماتقوله أمام العقاب. لكن اعتقد أن علاقتهما ستتطور سواء ادركت أنها والدتها أم لم تدرك سواء تقبلت الأمر أم لم تتقبل لينتهي بهما المطاف كابنة وأم بشكل حقيقي وفعلي وعندها سيبدو الأمر أكثر واقعياً بالنسبة لمهجة« اتطلع لمعرفة كيف ستدور بينهما الأحداث مستقبلاً.

    (" كنت أنا من يعد الإفطار والغذاء والعشاء دائما ،،لا أتذوق شيئا بسبب تعبي في تجهيزهم ! ")
    أفهمك جيداً أيها الأحمر أفهمك *تومئ برأسها مراراً*..

    (" إذا ربّما أنت لا تجهّز الطعام بالطريقة الصحيحة ! لأنني أجهّزه وأستلذّه أيضا ! ")


    أريد من هذه السيدة أن تعلمني كيف أطبخ *ابتسامة عريضة مستعرضة*..

    (" كيف حالك يا جميلتي ؟ كيف أصبحتِ اليوم ؟ "
    لينكمش قلب مهجة في صدرها وعينيها تتفحصّان ملامح روضة وتصرفاتها
    " بـ بخير ..")


    ونعم وكأنها هنا لاحظت الشبه بينها وبين السيدة روضة، هذه حقيقة شاءت أم أبت، ومصيرها أن تقنع بها..

    (وقبل أن يفتح الأحمر ثغره ليستأنف أو ربّما ليبدأ نزالا كلاميا معها)

    هههه اعجبتني عبارة (نزالاً كلامياً معها)laugh..

    (ترددت بين أسماع الجميع أصوات سعال من مكان ما في ذلك المنزل)

    لوهلة هنا ظننت أن مهجة سممت العقاب..

    (ولكن لم يكن الوقت ليكفيه ! فإذا بها جالسة على طرف فراشه ، مقطّبة حاجبيها السوداوين بغضبها الذي تراه عينيه مثال اللطف والمحبّة !)

    إذاً بسبب تلك القصة التي رواها العقاب تطورت العلاقة بينهما إلى هذا الحد.


    (لتعدّل له برنسه بحركة قويّة من يدها كما لو كانت تنتقم من جملته)


    تخيلت المشهد وتخيلته مضحكاً للغاية..

    (" بالمناسبة يا زعيم ..لقد كانت تتلصص عليكما أنت والخالة روضة ! ")

    هذا المخلوق يضحكني دائماً يمتلك قدر لا بأس به من الجراءةbiggrin، لكن هذا كوم وعدم تدقيق العقاب في ما قاله كوم آخر، تتلصص بالكلام عليه هو وروضة ألم يفكر ولو لثانية أو يحاول على الأقل أن يستحضر ماكانا يتكلمان عنه؟! ألم يتذكر أنهما كانا يتحدثان عن كون روضة والدة مهجة؟! كان لدي اعتقاد قديم أن العقاب شخصية انتقائية ومواقفه في هذا الفصل وفصول أخرى تعزز من اعتقادي، ينبغي أن يكون لكلام كهذا وقع الصاعقة على أذنيه ولكن لا العقاب يتجاوز عن مهجة وعن أي شيء في غير محلة تقوم به مهجة ويقوم بتقريع أي شخص يهين مهجة *لطالما أثارت شخصيته حنقي لهذا السبب* أوه وبالمناسبة كرهي لشخصية العقاب ازداد بشكل كبير في هذا الفصل ربما نعم عرفت سبب كرهي لمهجة لكن ذلك لم يجعلني أحبها هي الأخرى أكثر028 .

    (" ولكنّه قد لا يستعجل بالعودة بعدمـ.."
    ليقاطعه العقاب وعينيه تبرقان بشيء ما
    " كلا سيفعل ! فلدينا عمل هنا في سبتة علينا إنهاؤه قبل المغادرة "
    فغر الاحمر فاه بحماسة " أحقا يا زعيم ! ولكن .."
    " هناك امرأة أريد قتلها ")


    أحم أولاً وقبل أن أقول أي حرف بشأن هذا، لا أكن الكثير من الود لنزهون، إمرأة متعجرفة واندفاعية وأنانية وصحيح أنني أكره العقاب للغاية لكن حديثي هذا ليس لأنني أكره بل لأنه أثبت لي -وكما قلت سابقاً- لا يتعب نفسه باستخدام عقله لثانية..يقتلها..يقتلها هل الكلمة بالنسبة له مثل يصفعها؟! هل يرى القتل شيء عادي وبسيط لهذه الدرجة؟! لأن نزهون كانت السبب في تبدل حال مهجة للأسوأ؟ ألهذا فقط؟ ألم يفكر في شيءآخر على سبيل التغيير؟ يهددها أو ينذرها أو يفعل لها شيء آخر كإنذار أو أي شيء آخر فقط القفز للقتل كان أول خياراته ، لو افترضنا أنها فعلت شيء ما لها هل القتل هو أفضل وسيلة لحل المشكلة؟ المرأة سممت عقل الفتاة بالفعل لكن هل قتلها سيكون بمثابة عقار مضاد يوقف مفعول السم؟ طريقة العقاب في حل المشاكل عقيمة ومبتذلة للغاية مقارنة ببقية شخصيات الرواية، بدأ من اختطافه لنور لينتقم لوالدها والذي لم يثمر بأي شكل كان واتذكر عندما قطع يد أحد أفراد عصابته لكن هل اعاد ذلك لمهجة يدها؟!! عليه أن يراجع نفسه قليلاً وسيكتشف أن وسائله في فعل الأمور غير فعالة، لست أبالغ بصراحة ولكن عند مقارنة عقلية العقاب مع بقية عقليات الرواية تكون شخصية العقاب في الحضيض. لو كان سببه منطقي لتقبلت قتله لها قليلاً ليست المشكلة في القتل بل في الطريقة التي قرر أن يعالج بها المشكلة وأسبابه أيضاً. صحيح أعرف أن العقاب يقول أنه يقتل أعداءه سواء انتقام أو ليتخلص منهم لكن هل نسي أن السيف قد يجلب له المزيد من الأعداء؟ المعارك لا تكتسب بالسيوف فقط يا سيدي.. هل يعتقد أنه الشخص الوحيد الذي يملك أشخاص عزيزين؟ كما ينتقم من البشر فألبشر ينتقمون، بعض الأعداء يتم التخلص منهم ليس فقط عن طريق القتل والذبح ليته يدرك هذا.
    انتقادي للعقاب ليس له علاقة بكرهي له بل بالطريقة المستفزة التي يتصرف ويفكر بها.

    (و حينها اضطرّت مهجة لفتح عينيها التين أغلقتهما بقوّة ذعرا ووجلا من تصرّفه غير المألوف معها
    أما هو فلا يحتمل أن يرى المياه تنضح في تينك العينين حتى لو لم تسيلا على وجنتيها ، ليخفض من نبرة صوته يميل بجسده نحو الأمام مقلّصا المسافة بينهما)


    بعد ما ماقلته بالأعلى يفترض أن أرحمه قليلاًtiredangry لكن لا العقاب المثال المثالي للنمط الذي أمقته من الرجال حرفياً أعلم أن كلامي حاد بزيادة لكن هذه مشاعري بكل صراحة تجاهه..
    والأن حان وقت اعتراف سبب كرهي لمهجة، بدأ من اليوم الذي تهكمت فيه على نور لا أذكر كيف بالضبط لكن اذكر أنها لم تتعامل بشكل ودي مع نور في بادئ الأمر صحيح أن الأمر تغير لكن ذلك الأنطباع لايفارق ذهني ثم حادثة تسميم نفسها لسبب سخيف للغاية إضافة لضعف شخصيتها في كثير من المواقف ونعم السبب الأساسي المشاهد العاطفية بينها وبين العقاب ogreogretiredangry ربما لهذا السبب لا استطيع أن أميل لها بأي شكل كان إلا قليلاً جداً جداً جداً فقط لما قرأت اللفافات وبعدها تلاشى هذا الشعور كلياً بعدما قرأت هذا الفصل. صحيح مشهد تعليمها القتال كان رائع لكني مع ذلك لم أميل لها أكثر.

    (يضيّق من عينيه بينما يتضاعف وهجها الفضّي " لم تكوني ترغبين أبدا بالحزن ..أحدهم نسج خيوطه السامّة حولك ، ولا يوجد غيرها تلك الهوجاء البلنسية ! ")

    أوه ألا يستطيع تخمين ماالذي فعلته؟! ماالذي يمكن أن يؤذي مهجة غير الحقيقة الزائفة؟!« بحق الخالق كفى أنا لا انصف الرجل هناlaughlaugh اعتذر منك أيها العقاب لكن ذلك لايعني أنني لا أرغب في صفعك بقوة حتى تسمع رقبتك السخيفة تطقطق مع الصفعة..

    صحيح لماذا يكرهان بعضهما لهذه الدرجة أعني نزهون والعقاب هو كره متبادل بين العائلتين أعتقد..لدي فضول، أذكر أن نزهون كانت تنوي أن تفرق بين العقاب ومهجة لتتزوج العقاب لكن هل كانت تنوي طعن العقاب من خلف ظهره بهذا الزواج؟! عموماً تصرفان نزهون غريبة في الفصل السابق.

    (" ولكن العجيب في الأمر هو ضعفك الشديد هذا !!
    أتخافين منها حتى هذا الحد ؟
    حتى بوجودك بعيدة عنها !! ...")


    لا .... يبدو لي مهجة تخاف من عواقب بوحها بماقرأته في تلك اللفافات..


    (ترمقه نور بطرفي عينيها وهي تجيبه بدورها " فقط عليك ألا تفكر كالبخلاء حتى لا تبدو بخيلا في نظري ! "
    التفت فارس يناولها الكيس مستأنفا حديثه معها " مجدداً ! إنني أقول الأشياء لأجل تنبيهك ! ")


    اخرسته للمرة الثالثةbiggrin ..

    (" أعدك يا نور بشرفي بأنني لن أؤذيه ولن أستقصد روحه أبدا ! ")

    فارس بشرف ..الثقة بين الأثنين أصبحت واضحة خاصة في هذا الفصل..

    حسناً نأتي لجزئية القتال بين العقاب ومهجة وبعيدا عن مشاعري السلبية تجاه الشخصيتين سأحاول التحدث بانصاف عن المشهد. بدأ باستعداد مهجة للقتال الصراحة لا أعرف كيف اعبر لك لكن حقاً الدقة المتناهية في وصف كل حركة وكل فعل وكل ردة فعل والأجواء حولهما وكل شيء حرفياً مثير للأعجاب ..

    (وبعد أن رفع الفرس حوافره في الهواء وتردد صدى حاد من صهيله في جنبات فناء المنزل ، استدار به العقاب بحركة مباغتة مثيرا تطاير الأتربة وفتات الأعشاب من بين حوافر الفرس القوية ، وفي تلك الاستدارة )

    وصف البديهيات البسيطة دون تكلف مثل هذه هو أكثر شيء يشدني ويجعلني أوقن حقاً أن الكاتب متمكن ليس كل شخص يستطيع أن يلحظ مثل هذه التفاصيل الصغيرةe106e106e106e106e106e106.

    (أطارت قفزة الفرس بجسدها عاليا عن السرج ، لتضاعف من قبضتها المنهكة باللجام وتغمض عينيها والدموع تنهمر من عينيها كالنهر الجاري، لترتطم هابطة على السرج من جديد بطريقة فوضوية بينما تحرّك تلك الفرس عنقها اعتدادا بسرعتها وعنفوانها وهي تعود لوضعيتها السابقة، بحوافرها التي تنحت آثارها السريعة والقوية في تربة الطريق الرطبة .)


    تصفيييييق تصفيق للوصف ياجماعةe437e437e107..

    (حينها أدركت مهجة شيئا مريعا ، أدركت بأنها لا تملك خيارا أصلا !
    كان ذلك إحساسا تختبره للمرة الأولى في حياتها ، لا خيار أمامها ، لا حيلة لها ، لا فكرة تنقذها )


    كنت قد سألتني عن شيء يخص هذا المشهد..
    واضح أن فكرة العقاب جعلها أقوى واخراجها من كل هذا الضعف الغارقة فيه بجعلها تضغط على نفسها أكثر، في موقف كهذا لاشيء ينقذها سوى أن تفكرأو الأفكار ستخرج تلقائياً مع الموقف. ربما مهجة تملك قوة لاتدري هي عنها ربما هي قوية فعلاً لكن تحسب نفسها ضعيفة وعديمة الحيلة وضغط كهذا قد يخرج منها جزء من هذه القوة. اعتقد أنها ربما قد تتصرف بشكل أفضل لو وضعت مرة أخرى في موقف مشابه لذا قد نرى تطور حاد للشخصية في مواقف قادمة اتطلع لذلك.


    (" لن تنالي شفقة عدوّك لأنك بيد واحدة ! ")

    معه حق في ذلك..

    صحيح الكر والفر في وصف القتال مقنع وغير مبالغ فيه، اذكر أنك قلت شيء بخصوص وصف القتال هنا ولذا أرى منطقية كل حركة تصفينها لست أبالغ لكن وصف وصف المشاهد القتالية أصعبها وأنت هنا اجدتها باحترافية.

    (المتقاطعان تحدّقان بها بقوة وهو ينطق صارا على أسنانه " ضعف قلبك ينعكس على ضعف بدنك يا مهجة ! ")

    هذا يعني أن قلبها سيصبح أقوى..

    (صاحت وهي تحرّك ذراع يدها المصابة وتلفّها حول ذراع يدها الممسكة بالسيف بينما تضاعف من الاستعانة بقوّة ساقيها وهي تزيد من صلابة قدميها وتوغّلهما في الالتصاق بالأرض كما لو كانت تستعير قوّة من ثبات الأرض وصلابتها)

    حركة دفاعية قوية ومثيرة للاعجاب..

    (" لم أكن يوما جيدة في تفاديها !
    أنا جيدة في رميها فحسب !! ")

    أوه أذكر هذا بالفعلknockedoutsquareeyed..



    يتبع















  17. #236


    (" حينما تكونين بيد واحدة ستكون مهارة ساقيك أفضل ")

    ربما يكون تفكيره اتجاهاً واحداً لكنه يبدو مقاتل بارعbiggrin..

    (وما إن رمى العقاب بتينك الخنجرين حتى أسرع بإطلاق الثالث والرابع ، لتجد مهجة نفسها مضطرة للتعامل مع أربعة خناجر طائرة نحوها في الهواء ، وبينما أطلقت ساقيها مع تلك الرياح الناعمة طفق عقلها يحدّثها بأن البراء كان محقا ! إنها خفيفة بشكل ممتاز لملاحقة تلك القطع الحديدية الحادّة والمسنّنة)

    لاشك في أن هنالك قنبلة هيدروجينة تنتظرنا قريباً بعد قراءة فقرة القتال والخناجر هنا حيث أن تدريب مهجة يبدو لي وكأنه استعداداً لمواجه أحداث قادمة..

    (زفرت مهجة والسيف يتدلى من يدها بسخط " هذا مستحيل يا براء ")

    بطريقة ما أضحكني رد مهجة هناlaugh.

    (كان ذلك صليلا رائعا ! عذبا ، هكذا فكّرت مهجة في عقلها ، تطير ضفيرتها السوداء الطويلة ، بينما ينثني خصرها في التفاتتها السريعة التي تطاير معها خمارها المخملي بتناغم ، ومع دويّ صليل الضربة الأخيرة تذكرت آخر لحظات يدها المصابة ! التي فقدتها بعد أن أسقط منها العدوّ خنجرها الحبيب ! )

    وااو الوصف هنا وأعلى هذه الفقرة كله رائع × رائع ماشاء الله قدرات كتابية مهووووولةe106em_1f49e..

    (ليجيبها العقاب بصبر كبير " على البوح بالذي كان سببا لحزنك ")

    أوه إذاً كان سبب التدريب أيضاً أنه كان يريد أن تستمد مهجة بعض القوة البدنية ومن ثم قوة قلبية ومن ثم شجاعة لقول ما يريدها أن تقوله..

    (" براء ..أنا لا أرغب في ذلك ، على الأقل في الوقت الراهن ، أتساءل إن كنت تفضّل إجباري على الحديث ؟ ")

    حسناً ومهجة أصبحت قوية أيضاً بعد التدريب لكنها لن تخاطر بإخباره بما حدث فعلاً ستكون حركة مجنونة نوعاً ما لو أخبرته وقتها..
    لكن مازال يحيرني حتى لو أخبرته مهجة هل سيقول العقاب هذا (أوه لا كشفت أسرار لمهجة لم يكن يفترض أن تعرفها الآن لذا سأقتل هذه النزهون) هو قال أنه سيقتلها أصلاً قبل أن يعرف ما الذي قالته أو فعلته لمهجة.
    لكن سؤال: ماالذي تعنيه نزهون لمهجة؟! إجابتي قد تكون لاشيء ، لكن هل ستعني لها مستقبلاً لو عاشت أكثر من هذا أو أقل؟!

    (" بالطبع لا ، كنت صغيرا والمرأة كانت قد وقعت في وشاية سيئة
    فقط من حسن الحظ كان هناك سيدة في زيارتنا ، لها بعض الصلات بعائلة أخوال أمي ..")


    وشاية سيئة بسبب لها علاقة بصياغة قلادة ما؟
    اعتقد المرأة الطبيبة هي جدة نور حمنة؟! ما أذكر بس حسيت أنها هي فعلاً خصوصاً بعد كلام السيدة روضة عنها في ذلك الوقت..
    المضحك أن العقاب فكر في نور على أنها ابنة ابن بلكين ولم يفكر في أنها أيضاً حفيدة المرأة التي انقذت السيدة روضة من الموت.

    (" في البداية خبّأتها الطبيبة وأخبرتني بأن علي الثقة بها ، كنت ألتقي بها حينما تزورنا هذه الطبيبة وتأخذني معها في جولة مزعومة ، وحينما صرت يافعا صرت أنا المسؤول عن حمايتها والاعتناء بها ..")

    الطبيبة هي جدة نور *قفل احتفل*..
    أوه إذاً اصبحان يحبان بعضهما هكذا، لطف غير متوقع من شخصية كالعقاب ..

    (" لا ، لم تكن خادمة في القصر ولكن زوجها وقع في وشاية ذلك البغيض ..ابن بلكين ، وتعرّضا للاسترقاق والقتل ")

    هل والد نور شخص سيئ حقاً؟!!!!!!!! أم أن هنالك سوء فهم أيضا‘ في هذه النقطة.. متحمسة لنرى هذه القصة من وجه نظر والد نور..هل سيظهر في فصول قادمة؟ninja

    (" لديّ أسباب كثيرة تدفعني لتمزيق ابن بلكين ذاك ..")

    القلادة وتسببها في قتل والدة مهجة أحدها فقط؟!!!!!!
    الآن تقريباً مهجة فهمت القصة بشكل كبير لكن لم تعرف فقط سبب الوشاية وفهمت أن اللفافة مع قصة العقاب بشكل أوسع ونحن أيضاً، توقعت أن تسبب تلك اللفافات تويست كبير في قصة العقاب ومهجة لكن الأمور على ما يبدو رجعت بينهما لطبيعتها ..

    (" أنا يمكنني الآن أن أقف أمام ابن بلكين هذا وابنته وجميع فرسانه وأشير عليهم بيدي هذه وأخبرهم بأنني لم أخسر أمامهم ! ")

    بحق الخالق وماذنب نور في كل هذه البلبلة؟!tired لم لا يريد أن يفهم أحداً منهم أنها لا شأن لها بما فعله والدها، لكن على أي حال لدي فضول لمعرفة موقف نور من والدها لو علمت بشأن هذه الحكاية، لو حدث عرض الزواج بين العقاب ونور ألن يفترض ابن بلكين أنه فخ أو ماشابه خصوصا وهو يدري مافعله وهذه العرض سيبدو مشبوهاً من العائلة التي يفترض أنها تكن له الكثير من الحقد، نور على الأقل اعتقد أنها ستفطن لهذا الشيء..

    (" اليوم هو يومك يا مهجة ..حسنا ربما تكونين محقة ! ")

    أوه أهي خطيرة؟! أريد أن أرى جانباً شريراً حقيقياً من هذه الشخصية..

    (" عن طريق جعلي وحيدا بسلبهم لمن أختار وجودهم حولي ! " )

    أمممم وهذا ما سعت له نزهون عندما عرضت تلك اللفافات على مهجة..

    (" وهم يعلمون جيدا بأنني أراك كلّ عائلتي يا مهجة ! وأحدهم سيحاول أن يحوم حولك حتما لهذا السبب ! " )

    لا أستطيع التعاطف مع العقاب أو مهجة حالياً بأي شكل كان، لا أعلم السبب ربما أنا حالة مثيرة للاهتمام في كرهي لهاتين الشخصيتين، هيروكي بحق أخبريني فقد لماذا أملك كل هذا الكره تجاههما حتى أسبابي بالأعلى تبدو لي غير كافية وليست منطقية الآنem_1f629em_1f629 ..

    (أشعرتها عبارته تلك بغصة في قلبها ، هل يقول إنها تشبه والدتها ؟ لقد بات كلّ شيء واضحا لمَ يصرّ عقلها على الإنكار وافتراض تشابه الأحداث ؟!)

    نعم مهجة ستتألقم أكثر مع روضة بعد معرفة الحقيقية ..

    (كانت تتحرك بخفة بين الأشجار الظليلة ، رائحة الاخضرار ونسماته الباردة تلفّها من كل مكان ، لتمتدّ يدها بعد حيرتها في الاختيار ، لتقتلع تفاحة من غصنها ومن ثم تضعها على مرفقها الذي قامت بثنيه ليصر سلّة صغيرة لها ، لتمدّ يدها من جديد تقطف التفاحة الثانية ، وتنطلق بعد ذلك مهرولة نحو خرير المياه المتدفق من إحدى العيون ، مرفرفا خمارها المخملي المربوط بأناقة فائقة من خلفها بينما تلفح النسمات الباردة وجهها وعنقها ، لتهوي جالسة القرفصاء قرب العين ، كم كان ملمسها ناعما على أناملها وهي تفرك ما كان ينساب منها على قشرة التفاحة الخضراء !)

    ياهيروكي بعد هذا الوصف اعتقد أنك مدينة لي بتفاحة على الأقلlaugh031 *جعلتني اشتهي التفاح حقاً هنا*..

    (" والقلب قطب البدن يا مهجتي ، يهلك عقلك وبدنك إن هلك ! ")

    ربما يبدو العقاب حكيماً هنا.. مع ذلك لم يقول أشياء حكيمة لكن لا يتصرف بحكمة؟!!biggrin.

    (" تشابه الصور لا يعني بالضرورة تشابه المعاني ، فبرؤيتي لهذه الشجرة ، رأيتُ معنىً كان محجوبا عنكِ تحت ستار صورتها الظاهرة ، والإخفاء يليق بالشيء النفيس يا ابنتي .. فمنجم الياقوت والعقيق المستور خير من مائة ألف منجم للنحاس* ")

    ياللجمال والعموقية، أحب أيضاً الاقتباسات التي تضعينها أحياناًe20c..

    (" ولكن الإحساس الذي راودني كان معنىً بلا صورة ، شعرت بشيء ما بأنه ممكن وسيحصل وإنني قادرة عليه رغم أنني لم أكن لأظن كذلك من تلقاء نفسي ! فقد كنت أظن في الحقيقة عجزي عنه ! ")

    العبارة تبدو ككشف لحقيقة مهجة وسبب حالتها السابقة..
    الصراحة فقرة الشيخ وهو يكلمهما ماذا أقول، الحكم والمعاني العميقة الموجودة في تلك الفقرة جعلت من العسير قراءتها مرة واحدة دون أن أعود مرة أخرى لاعاود قراءتها بتركيز أكبر..

    (" فمن يصرف قوّته للإفساد ، تزول عنه حقيقة هذه النعمة ! ... ويصير محض مدّعيا لقوّة زائفة لا تشبه ولا تليق بحقيقة معدنها ،
    فهل يكون قوّيا من يقف عاجزا عن تسوية ذهنه ؟ ")


    آمل أن يهدي هذا الكلام العقاب إلى الصواب ويعدل عن قراراته العجيبة قليلاً ليتصرف بشكل أفضل..

    (" مهجة تُبلي حسنا ، وإن لم تسعى لذلك أنت أيضا ..أتساءل إن كان سيظل بقاءها بقربك خيراً ")
    الشيخ وجه للعقاب صفعة قوية بهذه الكلمات، من الأساس استغرب كيف ترضى مهجة بأفعال العقاب وهي التي تبدو لي أنها تملك حكمة وعقل أكثر منه..
    لكن بحق ماالذي يعرفه الشيخ عن العقاب ؟!

    (تصلّبت يداي بذعر شديد ممسكة بأطراف برنسه وهاجس عقلي يلحّ عليّ بإحناء رأسي نحوهما ، غثيان مرير شديد يعصف بي ! أما عن أذناي فقد كانتا تومضان على نحو رهيب بتقارع في عمق رأسي ، لم يعد هناك أصوات حيث أنا !)


    أوه..كان هذا صادماً..أهو بسبب السرعة الشديدة للفرس أم هو الخوف؟


    (لتتسمّر عينيه على الكارثة التي شعر بها تخترق عظامه ، وكل عضلات وجهه تهتزّ بجنون)

    خوفه في محله، نور هي حريته..

    (على يديها المرتعشتين تتمسّكان بالأرض تارة وتضربانها من فرط الألم تارة أخرى)

    إنني لم أفهم لماذا حدث هذا بالضبط، ربما بسبب السرعة الشديدة جعلتها تشعر بالدوار..
    لكن تصرف فارس السريع وتذكره لتلك العشبة أي ربط هذا الحدث بالحدث ببداية الرواية كان جميلاً وذكياً.

    (لم تكن هناك أيّة قيمة لوجود سيفه معه ! إنه الشيء الوحيد الذي كان يشق به كل طريق ويصلح به كل مشاكله ! )

    على الأقل كان مع سيفه عقله أيضاً، وعقله الآن مازال معه، أرايت يا العقاب العقل هو الذي يصلح المشاكل لا السيف..

    (ليضغط أكثر على شفتيه حانقا على نفسه وهو يشعر بقبح أنانيته حينما فعل ما فعل ! لم يضع في حسبانه حينها سوى ضمان بقاءها على الفرس ولو جثّة هامدة ! )

    فعلاً فعلاً كل مرة اعجابي بشخصية فارس يزيد فارس فارس لديه بعض الشرف *صدقيني لا أقصد العقاب هذه المرة * أو لا أدري ربما شخصية نور كانت عامل أساسي في تحسن فارس تدريجياً، لكن يعجبني أنه يراجع نفسه وأفعاله كما أن العلاقة بينه هو ونور والتفهم فيما بينهما أصبح أفضل بكثير..

    (" بالطبع لأرى كيف ستكون نهاية إحساسك بنبلك وكرمك ! ..")
    (يغيّر نبرة صوته محاكيا صوتها " اذهب إلى بلدك ! لينجوا واحد منّا على الأقل ! ")


    هههههههههههههههههههههههههههههههههههههااااا وياله من احساسem_1f606..

    (حتى نمتطي الجواد من هناك للانطلاق مباشرة نحو مدينة فاس)

    أووووووووو يااااااااااااااا وأخيراااااااااااe106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106e106، رجاء لامزيد من المتاعب مع نور ياهيروكيem_1f629em_1f629em_1f629، إذاً إذاً في الفصل القادم سنكون قد وصلنا لمنتصف الرواية؟..

    (" بالتفكير في ما حصل معي، إن كان كلّ ما عانيته من مرارة الطريق في أصله سببا من الله لحريّة أحدهم، إنّه حقا لفضل كبير ينعش قلبي وينسيني كل ما تعرضت له من ألم ! ")

    كممممممممممم أحبها، إنها نور حقاً031031031031..

    (ابتسمت نور دون أن تفارق عينيها قرص القمر المكتمل " أقرب أم أكبر ؟ حسنا إنّه خيار سيمليه عليك قلبك ! ")

    دعيني اتفلسف قليلاً *ضحكة* نور رأته قريباً لأنها أقرب لفاس الآن، وفارس رآه كبيراً لأن أمله أصبح أكبر لينال حريته..

    (" كن مظلوما و سينصرك ..وحيدا و سيؤنسك، فالله لا يردّ مُحب، ولا يخذل حبيبا أبداً ! ")

    الله الله *قلووبات* كما تعودنا دائماً منكem_1f49eem_1f49e، حوار نور مع فارس جميل جداً، وتحديداً هذه الحوارات التأملية في غيوم فريدة لذا أجد هذه الرواية مختلفة ومميزة عن أي شيء قرأته، شكراً لأنك تكتبين لها مثل هذه الخواطر النورانية036036036.

    (" هذا مؤكّد .." بينما أضاف وهو يحرّك بصره نحوها " إنّها والدتي ")

    أخيراً فارس يتحدث عن شخص يهمه كان ذلك مفاجئ وأصابني الفضول تمنيت لو أنه لا يتوقف عن الحديث في هذا الشأن، ووالدته، لم اتوقع أنه أنها أنهما سيكونان هكذا، احببت هذه التفصيلة منك أريد أن يكون هناك المزيد عن حياة فارس الشخصية أكثر واحد لاندري عنه الكثير.

    (" حنونة وقوية، شعرها كالذهب وعينيها بنيّتين كخليط العسل والكستناء ! ")

    كالشمس حقاً أتخيلها جميلة جداَ، وماذا عن والده ذو العينين الخضراويتين؟!!!« لابد أن فارس أخذ لون عينيه من والده..

    (" ونور تشبه القمر ذو الوميض الخافت الذي يتسلل حيث الأعماق ")

    وصف دقيق لأروع شخصية بغيوم،خاتمة تليق بالفصلe418، في انتظار الفصل القادم على أحر من الجمر خصوصاً أننا اقتربنا كثيراً من فاس، أممم ومن نضار أيضاً، ماالذي سيحدث وقتها ياترى ؟
    نضار التي قلت أنها قد ترتكب ربع مصيبة.

    وسؤال أخير هل هنالك احتمال ولو بنسبة 1% أن أحب شخصية العقاب ولو قليلاً؟003


















  18. #237
    السلام عليكم ورحمة الله
    عودة إلى هذا المكان اللطيف مرة أخرى embarrassed
    اتمنى اني لم أتأخر هذه المرة :قلب: لقد عدت بكل الرد المتبقي
    أتمنى أن يحوز على اعجابكِ يا جميلة e106

    البداية مع الجانب الثاني من الرواية..
    والتعليق ابتداءً مع الأمير والأميرة hurt

    " أسعيد هو أم حزين " تساءلت الأميرة نزهون بهمس وهي تضيّق من عينيها الفضيّتين !
    أنا لا استطيع كره نزهون مهما فعلت!
    بغض النظر عن ايذاءها لمهجة أو مهما كانت نيتها من التقرب من براء ..
    أنا لا استطيع أن اكرهها، بل اتمنى أن تجد كل السعادة مع شخص يقدرها ويحترمها
    كما أن لها عينين فضيتين!! هذا راااائع! انها المرة الأولى التي انتبه بها على لون العيون!

    لقد احزنني مشهدها قرب النافورة، بدت مكسورة الخاطر نوعًا ما
    ربما لأن خطتها الشريرة لم تنجح هههههه
    لكنها أثرت بي على أي حال.. cry
    لأني لا اعتقد أنها شريرة، اذا تكلمنا عن الخطط الشريرة مثلا فالعقاب سيكون أكثر شرًا بالطبع laugh
    ربما هي مسيرة من الأهل؟؟ او تريد تنفيذ شيء معين بدماغها
    هناك الكثيرمن التوقعات.. وانتظر رؤية مصير هذه الاميرة الضائعة في النهاية!!


    كانت نزهون قد نطقت بوجه بشوش نضح بابتسامة لا يُخفى تصنعها " سيدة تماضر , أود لو نتحادث في أمر ما ..."
    حسنًا هي ذكية ايضًا وماكرة ولا استطيع أن انكر أن هذا يعجبني جدًا فيها laugh
    اعجبني كيف وضعت هذه الخطة الصغيرة السريعة لمعرفة محتويات الرسالة em_1f635
    وحتى وانا ادرك أنّهم عرفوا غايتها لاحقا، لكن المهم أنها حققت مرادها بدون ان يكون لهم القدرة على الاعتراض!!!

    " أظنك حانقة على تماضر الآن
    ولكن اصبري قليلا فقط .
    إنني قادم إلى سبتة وسنخرج إلى الحديقة معاً "
    اووووف انظروا من قرر المجيء اخيرا..
    الذي تحوم حوله كل المؤامرات والخطط النسائية laugh

    بريق خضرة فستقية في عينيها كانت ربابة قد أجابت " لأيّ شيء تمّ تحفيظنا القصائد الطوال في الأندلس ؟
    اعجبتني هذه الجملة جدًا laugh هذه الربابة ذكية ويبدو أنها كانت حاقدة على القصائد بس جاء نفعها أخيرًا laugh

    " مولاتي ..واضح أن الرسالة لأجل مهجة ! ولكننا لا نعرف المرسل بعد ! "
    أحلفي!!! وأنا للتو أقول أنك ذكية!

    لأن البراء لا يضع النقاط في نهاية الحديث يا ربابة ! إنما يضعها في نهاية الجملة التي يظنّ أنها فعلا ستنتهي ! "
    اووه! أولًا لم اتوقع ان نزهون تعرف كل هذا عن البراء ..
    أشعر بالحزن عليها سواء كان حب من طرف واحد، او رغبة للتقرب منه لأجل مصلحة معينة
    في كل الاحاول هي الوحيدة التي تتأذى هكذا!! em_1f61f

    التوت عنق فرسه السوداء اللامعة وهي تبالغ بمطّ عنقها نحو السماء الملبدة بالغيوم الملطّخة بحمرة الغروب !
    واااااه يا رائعة احببت الوصف هنا جدًا!!! embarrassed
    ويكأني أرى الفرس حقًا وأميرها الخطير الذي يمتطيها!!!

    وبحركة طفيفة من يده يعدّل من موضع سيفه الأنيق ويرتفع ذقنه تلقائيا بعد ذلك كحركة اعتيادية من طبيعة تصرفاته !
    اووووف أنت وسيم جدًا ورائع ورهيب ايها الأمير cry!! لولا أن شخصيتك حامضة جدًا laugh

    " يؤسفني أن معارفي وأصدقائي من أهل المال لا العلم يا عزيزتي "
    من أهل المال والقتال والعصابات والخطط الشريرة laughlaugh
    وبعدين ممكن أصدق أن للعقاب معارف وأتباع.. لكن اصدقاء؟؟ هل أنتَ واثق أنكَ تملك صديق واحد عزيزي براء!! e402

    " اختصري وأخبريني لمّ أنتِ هنا ؟ "
    العداوة واضحة بينهما حقًا، العقاب لا يحاول حتى الترحيب او المجاملة!!
    هذا مخيف!! e40b

    ناح قلبها من أعماق أحشائها " هذه النظرات الدافئة !
    سرعة تقلب مزاج العقاب لا يصدق!! أنه يرتفع بقوة وينخفض حسب الشخص الذي أمامه! laugh
    كنت لأقول سابقًا أنه بارد وغامض لكن للحق العكس هو الصحيح
    انه صريح جدًا ويبدو ككتاب مفتوح عندما يتعلق الأمر بتعابير الوجه والتصرفات!!!!!
    لكن الخطط والافكار .. هو سيد الغموض طبعًا.

    " تتنازلين عن أملاكك لي ! "
    لحظة ماذا؟؟؟ لم افهم :صدمة:
    تتنازل لأجل ماذا؟ أن يعود كأمير رسميًا؟؟ ام لسبب أخر؟؟

    احترم أن للعقاب حريته في فعل الشيء الذي يعجبه بحياته.. وأنه لا حق لأحد أخر بالتدخل في شؤونهِ.
    لكن فقط اسلوبه في التعامل وتعاليه على خلق الله يثير غيظي جدًا!!!!! em_1f62b
    إن له جزء جذاب جدًا في شخصيته يقابله جزء حاد ووقح laugh

    " لست طفلة حتى تخدعني ..أتيت لسبب آخر وقررت اصطحابي بعد ذلك "
    لو كانت هذه المحاورة قبل وصول نزهون لكانت ردات فعل مهجة قد اختلفت كثيرًا!!
    مدهش حالها الآن والفرق بينها وبين شخصيتها بداية الرواية!
    لكني على اي حال افضل هذه المهجة أكثر، أن رفضها وعدم تصديقها للعقاب يعطيها جانب من القوة
    بدل الفتاة الضعيفة التي تركض خلف مشاعرها فقط في بداية الرواية..
    أعتقد ان الفتاة مرت بالكثير حقًا, وأنا اسفة على وضعها. em_1f62b

    لم يساورها أدنى شكّ بأن الفتاة التي تراها الآن هي ابنتها !
    يا الله!!! e107
    ما هذا اللقاء!!!! لقد كان قلبي يرقص خوفًا وحماسًا منذ اللحظة التي ظهرت فيها روضة!!
    وشعرت أنهما قد تتقابلان الان لكن لم أكن متأكدة.. خشيت ان يحدث شيء ويلغي اللقاء
    لكن لكن.. ها هما تلتقيان حقًا!!!! em_1f635
    يا لدهشتكِ يا روضة، وموقفك الصعب، وصدمتكِ، وكل المشاعر التي غزتكِ الان وانت ترين ابنتك بعد كل تلك السنوات!!

    " كيف تفعل هذا بي !! "
    انها محقة!!!! يا الله!! براء هل فقدت عقلك؟!!!! e40f
    المرأة لم تبصر ابنتها منذ الله اعلم كم من السنوات! وأنت تضعها هكذا أمامها فجاة!!!!
    بجدية ما اصدق انه فعل هذا!
    مع اني احب اللقاءات التي تأتي هكذا كصدمة وبدون ان يتوقعها احد *_*
    اشعر بالحماااااس جدًا وانا التي كنت اترقب هذا اللقاء منذ ان عرفنا بحقيقة العلاقة بين الاثنين. e411

    ليرفع العقاب وجهه ناظرا إليها من جديد ! محمرّ الوجه ودموع فضيّة تسيل على وجنتيه !
    اوه هذا امر مفاجئ ايضًا..ما توقعته!
    ربما العقاب يحب ويهتم لهذه المرأة وابنتها اضعاف ما كنت اظن!! em_1f635

    لأنني لا أريد أن يتعذب قلب ابنتي بإحساس الخذلان والخيبة ! "
    صدمة ثالثة لي ولمهجة دفعة واحدة!!! e40f
    لم أكن اتخيل أن تعرف مهجة الحقيقة هكذا!
    ثم تضطرب المسكينة وتسقط مغشيًا عليها في السرير، ان لها كامل الحق بذلك! cry
    وهي التي تلقت كل تلك الاخبار التي قلبت عالمها في بضع ايام فقط!

    يا الله ما هذا الفصل الحماسي المشوق المليء بالاحداث!
    لا ازال اذكر اني قرات هذه المشاهد ليلة العيد وكم كانت عيد بالنسبة لي e411
    انها رائعة! بكل الحماس ودقات القلب المتسارعة والعينين اللتين تلاحقان السطور! e106
    يا عزيزتي كم احب روايتك وكل تناقضات المشاعر التي تسيطر علي وانا اقرأ مشاهدها!


    الى هنا ينتهي تعليقي على الفصل العاشر ~
    لنبدأ الفصل الحادي عشر يا جميلة embarrassed


    " خالة روضة هل تغيّرت خطة سفرنا ؟ ألن نذهب إلى فاس ؟ "
    اووف والآن العقاب وتلك الخطة الغريبة، هل حقًا ينوي ذلك!!
    انهم ذاهبون إلى فاس والاحداث سوف تشتعل هناك!!!!! dead

    واضح من ملامحها أنها أدركت من يكون صاحب السعال ! تماما مثلي أنا
    البنت سر امها يا عزيزتي!!

    أجابها مستفزا وهو يرفع حاجبيه " أظنّك أنتِ من تقتلينني بقلقك عليّ !
    العقاب يكون لطيف جدًا مع روضة laugh يا الله مشاهدهم جميلة جدًا embarrassed
    هناك كم رهيب من العاطفة والدفئ بين سطور المشاهد التي تجمعهم!

    " هناك امرأة أريد قتلها "
    ماذا ماااااااذا؟!!!!!!!!!!
    يا رجل ان كنت تقصد نور فأنا ارجوك، ارجووووك أن تحاول!!!!! *تقفز وتصرخ بكل حمااااس*
    سترى سيف فارس في وجهك تمامًا!!!!!!
    اااه كم اريد حقًا رؤية مبارزة بينهما!!! سيكون ذلك رائع ومذهل جدًا *صراااااااخ وبكااااء*

    اتبعيني فأنت بحاجة إلى بعض التدريب ..."
    اوووف الله يعينك يا مهجة، تنتظرك مشاهد صعبة جدًا مع البراء!!!

    أوتيت من قوة الإمساك بلجام فرسها وعدم فقدانها لتوازنها وسقوطها من عليه " براااااااء إنني بيد واحدة ألا ترى "
    يا الله، ان العقاب قاسي جدًا في التعامل معها!!
    اعلم انه -ربما- يفعل هذا لمصلحتها، حتى تخرج من جو الحزن والانهزامية
    لكن، انه حتى لا يترك لها فرصة لتقرر مثلًا او تختار
    بل يفرض عليها الاوامر ولا تملك الا التنفيذ!! اشعر انه اسلوب صعب في التعامل مع البشر يا براء يا قاسي!!!!!

    ولكن ولكن ، تدريبهم على اي حال كان رائع حقًا *عيون تتحول إلى قلوب ونجوم وكل ما يلمع*!!!!
    التسارع في الاحداث، نبضات القلب المتقافزة، الادرينالين!!!
    الوصف كان جميل جدًا ومناسب للمشاهد القتالية وأفكار التدريب خطيرة ايضًا يا فتاة!!
    واااه لا اعلم من هو الأكثر روعة هنا، براء ام مهجة!! لكنكِ تحصلين على المرتبة الاولى قبلهما بالتأكيد!!!!
    رائع ما شاء الله اعجبتني المشاهد جدااااااااااااا

    " لم أكن يوما جيدة في تفاديها !
    أنا جيدة في رميها فحسب !! "
    laugh مسكينة مهجة مرة أخرى laugh

    " يوما ما ..كانت هذه المرأة ستُقتل في قصرنا يا مهجة "
    سماع القصة مرة أخرى مؤلم جدًا، سواء لبراء الذي يستذكر كل شيء من جديد أو مهجة التي تُصدم لأول مرة وهي ترتب الحقائق وتربطها ببعض!
    انا حزينة لأجلها واشعر ان لها كامل الحق في الغضب من العقاب الذي يخفي عنها الحقائق هكذا مع أن لها الحق في ان تعرف
    انها تبدو ضائعة تمامًا ومهما حاولت ربط الاحداث لا يزالون يخفون عنها امورًا أخرى!! cry

    ثم ذلك الشيخ وكلامه، هناك الكثير من التلميحات والامور التي تجري..
    اني متحمسة جدًا للاحداث التالية وما قد يفعله البراء في خططه الخطيرة تلك ninja


    ~..

    بالعودة لفارس ونور embarrassed أشعر أني اشتقت للتعليق عنهما laugh
    كنا قد تركناهم أخر مرة يحاولون الفرار..


    احتدّت عيناه الخضراوين مع نبرة صوته الباردة " لن أقنعه بل سأتخلّص منه "
    واااه حسنًا فارس يتجه للخيارات الصعبة الخطيرة دائمًا laugh
    الخطر يمشي في عروقه laugh

    قطّبت نور حاجبيها بشدّة وتلك الكلمات تتدفّق على ذهنها بينما انعكست في عينيها السوداوين نظراته المتأججة
    انا احب جدًا كيف أن نور وفارس يفهمان بعضهما احيانًا بدون الحاجة للكلمات
    فقط يقول احدها شيئًا عابرًا كتلميح والأخر يلتقط قصده مباشرة!!
    أعني، يمكنهما أن يقوما بمحاورة كاملة بنظرات العيون فقط!!! :صدمة:
    ان هذا شيء رااائع جدًا embarrassed*قلب*

    " وبما أنني لم أخل بهذا بعد ..فلا يحق لك أبداً القول بأن شكري كان زائفاً ! "
    إنها محقة!! وووه ربما يستطيع فارس النطق بالكثير من الكلمات الحادة لكن نور في المرصاد دائمًا!!

    " بل يوجد ! يمكن التخلص منه في سفرنا مع الحفاظ على حياته بنفس الوقت "
    خطط نور الذكية العبقرية جدًا، اضافة الى روحها النقية المسالمة..
    هذه الفتاة رائعة وتستحق ان تكون بطلة الرواية embarrassed

    " حسنا والآن ..هذه الفتاة تعجبني حقاً ! " قال فارس ذلك في سرّه
    اخيرًا اعترفت يا رجل laugh شاب شعرنا ونحن ننتظرك تنطق هالكلمة laugh

    ترمقه نور بطرفي عينيها وهي تجيبه بدورها " فقط عليك ألا تفكر كالبخلاء حتى لا تبدو بخيلا في نظري ! "
    زوجان يتشاجران على مصروف البيت laugh laugh laugh

    إذا به يربطها بالسرج بحبال جلديّة بقوّة مفرطة ! لتكمم فمها ضاغطة عليه وهي تكبت تألمها من شدّة ربطها
    اووه لقد بدأت الخطة اذن!!!
    هذا رهيب ومخيف جدًا dead لنرجو أن تنجح رحلة هروبهم cry

    " افتحي عينيك يا هذه ! أتسمعينني ؟ "
    يا الله!! هالمشهد كان حابس للانفاس تمامااااا *صدمة*
    وانا اقرأ واصرخ في داخلي "ماااذا تريد هيروكي ان تفعل بنور المسكينة!!!!!!!" e107
    وتوسعت عيناي هلعًا وانا اركض حرفيًا بين السطور اريدها ان تستيقظ!!
    هيا يا فتاااااة لقد انتظرنا طويلًا وصولكِ لمنزلك وانت ايضا تعبت كثيرا من الرحلة!! e411
    هيا يا فتاة لا يمكنك الاستسلام الان!!!
    كنت اردد ذلك واردت الصراخ به بقوة! وانت فارس لتفعل شيئًا مهما كان يا رجل!! e411

    " لن أذهب إلى أي مكان بدونك ! موتي هنا وسأعود إلى أختكِ مهزوما ! "
    المشهد صعب جدًا ومخيف لكن بنفس الوقت الحوار بينهما جميل جدًا e411
    يا الله كم تحمل الاثنان لأجل هذه الرحلة! وكيف صارت العلاقة بينهما هكذا!! *تبكييييي*

    بدتا خاليتين من كلّ ما كانتا تحملانه فيهما طوال الطريق !
    اووه اتساءل لماذا؟؟ هل لأنه شارف على الوصول إلى هدفه اخيرًا والتحرر؟
    أم لانه جرب ان يفقد نور مرة ولا يريد لتلك الحادثة ان تتكرر!!! e40a

    كان فارس قد رفع حاجبيه بصمت بينما كان قلبه يهمس بها قائلا " إنّك حقّا تنهكين قلب هذا المحارب ! "
    سأبكي من الجمال حقًا cry cry
    سواء تعبيره اللطيف هنا أو الحوار الرائع الذي دار بينهما لاحقًا.. e106
    عن القمر وعن والدتهِ اللطيفة embarrassed كم كنت اتمنى ان يلتقي بها، خاصة وهو يصف أنها لم تستطع ان تفديه!
    لكني افضل بقاء فارس هنااااا!! نعم لا يجب ان يرحل cry


    الفصل الحادي عشر يبدو لي وكأننا نودع مرحلة من الرواية لنستقبل مرحلة أخرى ~
    رحلة نور الصعبة الطويلة قد شارفت على الانتهاء، لكن اتساءل إن كان الوضع في فاس هو أفضل أم اشد صعوبة!!
    لا يمكن أن ننسى نضار، ونحن لا نعرف حتى الآن طبيعة علاقتها بنور، وان كانت تضمر لها شرًا أو لا hurt
    أشعر أيضًا أن والد نور لن يكون سهلًا التعامل معه، أعني كانوا قادرين على اخفاء اختطاف نور عنه لفترة طويلة
    لكن عن عودتها، هل سيخبرونه الحقيقة ام ان التمثيلية ستستمر فقط؟ paranoid

    والأمر الأهم من بين ذلك كله هو الفارس فارس! وجوده في احداث الرواية ضروري جدًا كونه من الشخصيات الأساسية.. cry
    فالسؤال الذي يقتلني حماسًا لمعرفة جوابه، هو كيف سيبقى فارس ضمن حدود الأحداث بعد أن اكمل مهمته تمامًا!!!!
    *تمسك رأسها الذي اصابه الصداع من كثر التفكير في الاحتمالات*
    انتِ راااائعة هيرووو تشان وانا عاجزة كليًا عن تخمين ماذا قد تخفي لنا الأحداث القادمة!! *صرااااخ*
    كما أنكِ كاتبة صعبة جدًا وانتِ ترفضين حتى مجرد اعطاء تلميح واحد!!!!! cry

    بانتظار الفصل القادم بفااارغ الصبر ان شاء الله، أعلم انكِ كتبتِ الكثير منه لذلك أشعر ان انتظارنا لن يطووول asian
    ربي يسعدك ويوفقك دائمًا، وانا أكرر اعجابي الشديد بقلمكِ وما خطت يمناكِ عزيزتي *قلب*
    والرواية الجميلة هذه من الروايات التي سحرتني تمامًا بشخصياتها واحداثها لذلك أكون متلهفة دائمًا لكل جديد فيها embarrassed

    إلى لقاء قريب غاليتي embarrassed .. دمتِ بحفظ الله.



الصفحة رقم 12 من 12 البدايةالبداية ... 2101112

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter