أحيانا تجد نفسك وسط مجموعة من الناس وواحد منهم بيتكلم بلا هواده وعمال يرغي ويتكلم بكثرة ويدخل في موضوع وقبل ما ينهيه
يدخل في موضوع تاني وعمال يتكلم ويتكلم ويكون اغلب الكلام بدون فائده وبدون نفع للجالسين وحتى غير مسلي ولا مقبول وتجد نفسك
تشعر بالملل والاشمئزاز لأنك ربما لا تريد ان تسمع ما يقوله او لأنك تريد التحدث الا ان الشخص ده لا يتيح لك الفرصة للتحدث.
وأحيانا اخري تكون في وسط مجموعة وفي رأسك موضوع مهم وتريد اجابة من احد الاشخاص وتجده لا يعبأ او لا يتكلم ويلتزم الصمت وانت
في حاجه لتسمع رد عليك وفي الحاله دي بيكون الصمت قاتل بالنسبه لك فأحيانا انت تتكلم فتندم وفي مواقف أخرى صمت فندمت وكان لازم
في موقف الكلام تتكلم والموقف المحتاج السكوت تسكت
ويقال أن الصمت هو ارقى انواع الكلام وقيل ايضاً ان الكلام من فضة والسكوت من ذهب، وقيل اذا كنت في مجلس به جمع من الناس
ولم تكن متحدثاً أو محدثاً فلتقل خيراً أو لتصمت وقيل ايضاً أن خير الكلام ما قل ودل ! طيب هل الصمت فعلا ميزة للانسان أم هو نقمة ؟!!
طيب لو نقمة؛ هل الكلام في ما لا ينفع اصبحت صفة مميزة في الشخصية ؟ وهل اصبحت الثرثرة هي سمة الجيل الحالي !
وهل أشاد المفكرون و الفلاسفة بالصمت أم الكلام ؟! وهل المفارقة تشمل الكلام بمفهومه العام ام مصطلح خاص ؟!
الكلام في اللغة هو ترجمان يعبر به الانسان عما يخفيه في نفسه وفي ضميره، ولذلك اشتهر العرب قديماً بالفصاحة والبلاغة والبيان
عكس الحضارات الاخرى حيث اشتهر الروم بالحكمة والفلسفة واشتهر الفرس بالفن واشتهرت الصين بالعمل.
والكلمة اما تشهد للانسان او تشهد ضده، فاذا كانت محكومة ومعقولة فانها تكشف الحق وتبطل الباطل واذا كانت هوجاء طائشة
فإنها تكشف الجهل وتسبب خرق، ومن ذلك فإن الكلمة تحكم على قائلها ولا يحكم هو عليها لأنها حين تخرج منه يحكم عليه الناس
ولهذا قال حكماء العرب -:[ إن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ويخبر بمكنونات السرائر لآ يمكن استرجاع بوادره ولآ يٌقدر
على رد شوارده ]:- ولذا فإن الكلام ليس مجرد سلوك لفظى ولكن ترجمان يعبر عن الشخصية ولسان حال ينطق باسم ذاته العميقة.
ولذلك يقول الكاتب الأميركي - إرنست همنغواي ( يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام ، وخمسين سنة ليتعلم الصَّمت ) والكلام
المقصود في عبارة الكاتب هنا ليس الكلام بالمعنى الساذج الذي نستخدمه في حياتنا اليومية فحتى ذلك يملكه المجنون والصبي
وغيرهما من الطيور فعبارة التعلم لسنتين تكفي لصرف نظرنا عن النطق والتخاطب إلى الكلام المقصود بيه التوجيه أو الدعاية أو لفت
انتباه السامعين، وهو ما يُطلق عليه اليوم الظواهر الصوتية وإن كانت قبائل و طبقات لا يجمع بينها إلا صفة الكلام، فهناك الثقافي
والسياسي والاجتماعي والفكاهي والديني و الذي لا يُمكن تصنيفه.
ولو ركزنا بالمقولة نجد لها ثلاث أركان وهم - التعلم و الكلام و الصمت - والتعلم هو الواسطة الرابطة بين الكلام والصمت، حتى وان
ظهروا لك متعارضين فالمشترك بينهما كبير يقترب من التطابق التام، ذلك أن الكلام هو صمت عن أجزاء أخرى وأن الصمتَ كلام واضح
في بعض صوّره أو مثلما قيل أن الصمت في حقيقته كلام
والكلام عند العامة هو الصوت المسموع المكون من ألفاظ مفهومة بلغة أو لهجة ما ، وعند الكتاب والمثقفين يشمل ذلك ويشمل كل
مكتوب ومنطوق ومسموع، وحتى ما يفهم بالإشارة و الرموز، وله شهية معروفة يُشبهها المفكرون بشهية الطعام ويطلقون عليها
الشَّرَهَ حيث يعتبرونها من أكبر العيوب و السقطات.
والكاتب الامريكي هنا كان يقصد بمقولته هو ان القدرة على الكلام والخطابة بإتقان لا تحتاج علماً كبيراً ولا خصائص نادرة، ولا ذكاءً
خارقاً، بل تحتاج وقت معرفة الحروف وتكوين الجُمل وهو وقت مُهمَل إذا قيسناه بتعلم الصمت !
والعرب قديماً قاموا بتقسيم الكلام إلى قسمين اساسيين الأول ويشمل الكلمة المحكومة المعقولة والثاني وهي الكلمة الهوجاء
الطائشة القسم الأول يعرف بالكلام الطيب أي عندما يتكلم الإنسان بالخير أو بالحق أو ليرشد الناس وينفعهم بحكمة ترشدهم في
حياتهم وتنير لهم الطريق بمعنى اصح إذا كان الكلام يشجع على جلب منفعة للناس إذاً فهو كلام طيب يعني يقولك لسانه طيب.
أما القسم الثاني وهو الكلام السئ عندما يكون الكلام بلا قيمة ويسبب أذية الناس سواء بقصد أو بدون قصد أو عندما تذيع سراً
من أسرار الناس ومنها الفتن أيضاً أو عندما تجعل أي إنسان يبتعد عن طريق الصواب ويدخل في طريق ليس له هدف أو نفق مظلم
بمعنى آخر , إذا كان الكلام يحث على جلب أي نوع من الأضرار للناس إذاً فهو كلام سئ والامثلة كثيرة في حياتنا على هذا النوع
من رفقاء السوء وشياطين الانس ممن يصورون للانسان الحق باطل والباطل حق وتزيين وتلوين طريق السوء !
ولذلك وضعت ضوابط لحفظ اللسان لكونه عنوان لشخصية الانسان.
واذا كان ذلك مفهوم الكلام عند العرب فهل للكلمة معنى خاص ومدلول !
في الحقيقة للكلمة مدلول خاص جدا عرفه لنا حوار خاص دار بين الحسين رضي الله عنه وبين
الوليد بن عبد الملك ممثلاً عن يزيد بن
معاوية عن المبايعة له بالخلافة بأن طلب منه الأخير ان يبايع يزيد بن معاوية على الخلافة قائلاً [
ان هي الا كلمة ] فقل بايعت واذهب
لجموع اصحابك من العامة، ففال له
الحسين رضي الله عنه أتعرف ما معنى الكلمة ..؟
ان مفتاح الجنة في كلمة ودخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمه زاد مزخور والكلمة نور وبعض الكلمات
قبور بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري الكلمة فرقان بين نبي وبغي بالكلمة تنكشف الغمة الكلمة نور ودليل تتبعه
الأمة عيسى ما كان سوى كلمة أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم، الكلمة زلزلت الظالم،
الكلمة حصن الحرية إن الكلمة مسؤولية إن الرجل هو كلمة
شرف الله هو الكلمة
المفضلات