مشاهدة النتائج 1 الى 3 من 3

المواضيع: فُقدان

  1. #1

    فُقدان

    ليست بالمعتادة هذهِ الأيام، تفقدُ رونقها هذهِ الصباحات حتى أصبحت باهتة، كثيراً ماتتسائل كيف كنا نصحو من بعد يومٍ طويل وشاق قادرين على الانتعاش من جديد لخوضِ يومٍ آخر قد يكون شاق أيضاً!
    وضعت بقايا إفطارها على حوض شجرة في الشارع علها تنعشُ يومَ قطٍ أو كلب بهذهِ الوجبة.

    وصلت ولم تصل هكذا كانت تشعر لم تترك لشعورها مجالاً للطفو على السطح مشت إلى مكتبها بكبرياء تأملت أن لاتضطر لقطع مشوارٍ مهني لأجل هذا الكبرياء.
    عقلٌ مدبر يعيش كل هذهِ الفوضى كل هذه البعثرة ،لم يتردد المدير يوما في الرجوع إليها في أكبر قرراته ،أغلب صفقاته الناجحة كانت بإستشارة ترجع إليها.
    تمشي إلى مكتبها في هدوء تضعُ الأوراق والكتب على المكتب وتجلس من دون التفكير في ماذا ستفعل اليوم؟ تنظر إلى المرآة الصغيرة في زاوية المكتب ترتبُ حجابها وتستند بظهرها إلى الكرسي
    تنظر الى اشعة الشمس من النافذة الكبيرة تلك النافذة بحجم جدار كامل لولا هذه النافذة لما استمرت في هذه الوظيفة "تحدثُ نفسها".
    تعاودها الذكرى شمس وطفلة تركض تضحك تقفز تجري تلعب ،شغوفة بتعلم كل شيء لاتعرفه،للحظة تسائلت بحرقة أين الشغف؟ أين الحماس؟ أين الصباحات المفعمة؟ والليالي الطويلة التي تجلسها على مكتبها مستمتعة بالسهر والتعب!
    كلما شردت بذاكرتها عادت تنظر الى الشمس علاقة غريبة بينها وبين الشمس، دفئ روحي تشعره حين تلقي الشمس بأشعتها على كوكبنا.


    يقطع حبل أفكارها طرقُ الباب
    إنه ماهر موظفٌ لايسعى لترقية بل إلى منصبٍ مريح ،يتقدمُ ويضع الأوراق على مكتبها.

    التقرير دائما يأتي بورقة "ملغمة" المتقدم الثالث والعشرون يرفضه المدير بسبب تقريرك يا آنسة، "قالها بهدوء وهو مائلا برأسه يقضم شطيرته حذرا من ان تسيل زبدة الفول السوداني."

    كوثر موظفة مخضرمة عقلٌ بارعٌ في توزيع المهام وفي اختيار الأنسب والأجدر ، لسانها لاذع ،ونظرتها صائبة.


    تعتدلُ في جلستها وتنفعل: الحقيقة المرة يا أستاذ أننا نتغاضى كثيرا عن أولِ انطباع
    عن أولِ فكرة عن أول مرة ..وبعد أن تقع المصائب نصيح أننا خُدعنا غُدرنا وأننا ضحايا!

    ماهر يجيبها بعد تفكير :حذرا من أن تفحمه بجملة يصمت بعدها من دهشته، أي انطباع من أول وهلة
    ماهذه الخزعبلات كالحب من أول نظرة ماهذه الخرافات شيء مقرف أن نحكم على البشرمن دون موقف من دون دليل.

    يقاطعهم موظف واقفا على باب المكتب:ماهذه الصباحات ؟!
    تذكرني بالمرحومة أمي حين كانت تصرخُ علينا نحنُ الستة ،
    يضيف بفضول محاولا معرفة مالموضوع :نحنُ في عمل رسمي ولسنا في قهوة مالذي يجعلُ أصواتكم تعلوǿ

    الجميع يخاف من لسانها كلماتها دائما حادة والذي يناقاشها يصاب بالخرس من دهشته كلامها مقنع بل مفحم ولكنه يفتقدُ للباقة ولاأحد يجرؤ على مصارحتها بذلك.

    تقومُ واقفة والموظفُ لازال يقفُ مستنداً بكتفهِ إلى الباب وماهر يقف أمام مكتبها ماسكاً بشيطرتهِ بيدهِ اليُمنى.
    بهدوء وصوتٍ جهوري: أحمق، (إذا أظهر لك الشخص حقيقتهُ صدقه)"مايا أنجلو"

    ساد الصمت لم يهمس أحد ببنت شفه ،تسمر ماهر واتسعت عيناه قابضاً على شطيرته ،ولم تختلف ردة فعل الموظف الذي على الباب.

    نظرت إلى ماهر وأضافت: لستُ أنتظرُ منكَ دعوى قضائية على كلمتي"وصفها بالأحمق" الأنك ستكون حذرا دائماً كحذرك من سقوط زبدة الفول السوداني من شطيرتك.
    سكتت لبرهة وأكملت: لولا حذرك الدائم لكنتَ في منصبٍ أعلى .
    في الحقيقة أنها كادت تستخدم كلمة الخوف واستبدلتها بالحذر فهي أخفُ وطأة ،أرادت حماية نفسها من الشعورِ بالذنب .
    إنها اليوم لاتستطيع السيطرة على إنفعالها لا تريد تصديق فكرة أنها أنطفئت أن خيالها إبداعها بات ماضٍ يتحدثُ عنهُ الجميع بصيغة كان!

    الساعة الثانية ظهرا في مكتب المدير
    المدير بترقب: أنتظر منك سماع خبر عن متقدم يصلح الإشغال موقع مساعد مدير الموارد البشرية
    كوثر بلامبالاة:لم أجد من يستحق بعد
    المدير:كأنكِ يائسة؟
    كوثر:لست كذلك لكنني لاأُحاول صقل شخصية أحدهم ليكون كفؤ"بجدية أكثر" على مَن يعمل في مجال الموارد البشرية توزيع المهام بشكل يتناسب مع القدرة ليس عليه المجاملة والخوف على مشاعر أحدهم كما حصل مع الموظف السابق.
    المدير بإعجاب:حسنا "يُفكر قليلا" ويضيف :ماهر "يصمت ويترقب "
    بهدوء وبسرعة بديهة نظرت إليه وأجابت: ماهر موظف ممتاز لولا خوفه من زعل هذا وذاك.
    أضافت: فليتقدم بدعوى قضائية سيربح القضية وسأدفعُ له تعويضا ماليا ليته يهتم بعمله أكثر "قالت ذلك بسخرية"

    نهاية ساعات العمل الرسمي في "الكافتيريا"
    فارغة تلك الكراسي إلا منها تنتظر وجبتها المفضلة أرز بالخضار .
    جاءت نائلة وهي لاتقوم بتقديم الطبق على الطاولة إلا لكوثر فالجميع يستلمُ طبقهُ بنفسه وإلا لن يسلم من نظرات نائلة الحادة والمرعبة لبعضهم.
    صمتان يلتقيان كل يوم ولايقدم غير المواساة الآخر نائلة بالطبق
    وكوثر بالشكر لكنه شكرٌ صامت تستطيع أن تفهمهُ نائلة .


    الأول مرة امسكت نائلة بكلتا يديها البدينتين بطرف الطاولة محنية ظهرها وناظرة إلى كوثر بحدة

    قائلة: كفِ عن محاكمةِ نفسكِ كفِ عن جلدِ ذاتك.
    فتحت عينيها بشدة ونظرت إلى نائلة بإنفعال وذهول شديد أرادت القيام لكن تراجعت
    لاتكاد تخرج كلمتها من هول الصدمة ألهذا الحد تستطيع قرآتها
    قالت بتأتأة: شـ شغفي حـ حـ حماس
    أنحنت نائلة أكثر وبحزم واضح وصوت أعلى: كفِ عن تحميل نفسك كل شيء ،كفِ عن ملاحظة كل شيء،
    كفِ عن التدقيق والقلق ، كفِ عن وضع الأشياء في محل التقييم "صمت لثوانٍ وبنبرة أعلى" كفِ عن هذا الجنون بالله عليكِ.

    كوثر وهي تشعر بأنه حلم لاتستطيع تصديق أن نائلة كانت تقرأها وتلاحظها كل هذه الفترة كما تفعل هي مع الموظفين والمتقدمين الجدد.

    كوثر:صرخت من غير شعور:هذا الجنون هو إبداعي
    نائلة:بل سيكون قريبا غبائكِ لن تكون لديك فرصة للتمييز بين الصواب والخطأ
    "صمتت قليلاً وأكملت بهدوء" أحيانا 1+1 لايساوي 2.
    كوثر بإستنكار شديد ولازالت نبرة صوتها عالية: هل أغلق عيناي
    قاطعتها نائلة بتأكيد : (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).

    دواؤك فيك وما تُبصر
    ودواؤك منك وما تَشعر
    وَ تزعم أنك جرمٌ صغير
    وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ
    أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام
    تمت
    أرتبُ النسيان
    اخر تعديل كان بواسطة » أرتب النسيان في يوم » 18-08-2022 عند الساعة » 19:06


  2. ...

  3. #2
    اهلا أرتب ، اشتقنا لقلمك .
    صراعات صفراء أو رمادية باهته جسدت في البطلة . نعم يكون الصراع مريرا حين يفقد المرء شغفه. راقت لي رغم اني اراها أنها تفتقد الى الحبكة وبعض العناصر .
    دمت بخير.
    GnK40379

  4. #3
    اسلوب سرد رائع وجميل
    قصة مغلفة بالغموض والشك والحيرة
    تسلمي

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter