السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
مقدمة بسيطة :قصتي هي عالم يحوي وجدانا أوجدته بخيوط خيالي،
قصتي عالم لا تحده معالم و خطوط،
قصتي عالم لا متناه أمدده كما أشاء و متى أشاء،
قصتي مدينة خرافية أحلم بها في صحوي و نومي،
قصتي عالم أسطوري مفتاحه في أفكاري و بنده انتمائي،
قصتي عوالم ساحرة و ألوان إبداعية يوحدها نور أبيض يخترقها بلا إذن،
قصتي ألغاز لا يعرف حلها سواي،
قصتي هرم من أهرام الجيزة لا يثقف مسالكه غير بانيه،
قصتي متاهة تسلب فكرك لتشكله كما تشاء،
قصتي دهليز عميق أنرته بنور قضاياي العادلة،
قصتي خاتم سحري في إصبعي لا يقدر على استخدامه غيري،
قصتي مارد يلبي رغبتك و لكن...
كن فطنا و احرص على تتبع كل كلمة تكونها و غص بكل ما فيك و ليس فيك فيها،
لتصل إلى جوهرة فتتتها و دفنتها بين كل حرف و كلمة و سطر و صورة جميلة كونت إبداعي...
و أنت أيها القارئ عليك استخراجها بكل ما أوتيت من كل شيء...
مستعد (ة) لخوض المغامرة و اكتشاف الألغاز؟؟؟
إذن هيا بنا..
قبل أن نشد الرحال إلى عالم يمام
رجاء :
أرجو عدم الرد في هذا الموضوع و إنما في تقرير الرواية الذي سأفتح له موضوع خاص يمكنكم فيه إبداء رأيكم و انتقادكم الذي أؤكد عليه و كذلك سنناقش معا تفاصيل الرواية و كل رمزياتها و تفاصيلها و سأجيب عن أسئلتكم و ما لم تفهموه فيها.
السبب :
لكي لا تفرق وحدة الرواية بالردود فهذا يزعج القارئ و يشتت ذهنه من جزء لآخر.
شكرا على تلبيتكم رجائي.
رابط الموضوع الخاص بالنقاش هنا، تفضلوا :
ما يزال أمر أخير..
* تأشيرة الدخول *
في عالم ليس ككل العوالم، يسود فيه التدمير بدل التشييد، و تطغو فيه الكراهية على المحبة،
في عالم خلت في أناسه سنة الموت بدل الحياة، فماتوا بدل أن يحيوا.
في هذا العالم فتح يمام عينيه الصغيرتين فارتطم ناظرها بجدران هشة خربة يشرق عليها ضحى الشمس كل يوم ليتكسر على حطامها و ينتشر في الأنواء،
و يسدل عليها الليل أسترته الكحلية كل ليلة، يدثرها من برده القاسي، و يحميها من عيون شريرة لا تكف عن ترقب كل حركة وسكنة تصدر قربها لتخمدها.
هكذا يتواصل تتالي الشمس و القمر على يمام، ليشهد الثلاثة معا في كل يوم يمضي و كل ليلة تمر ميلاد عشرات الموتى بقلوب منطفئة، خفقانها الجمود و حياتها الموت.
يمام يسكن مع أسرته الصغيرة ذات الأربع أفراد : الأبوان، الأخ الأكبر، فيمام، فالأخت الأصغر صاحبة الزهرتين الذابلتين.
يقع منزل يمام عند الشارع الرئيسي تماما، في واجهة الشارع،
لا توجد لافتة مبوبة تحمل اسمه كما المعتاد،
و لا حتى سور يحمي أحياءه،
و الأغرب، أنه لا توجد أحياء أصلا،
فالشارع الرئيسي في عالم يمام،
هو أرض واسعة مسورة بجدار مهدم تبرز بعض لبناته الهشة من الأرض،
و عند المدخل الذي لا يبدو كذلك إلا لبروز أساسين متوازيين يوحيان للقادم أنه كان هنا بوابة تربطهما قبل زمن غابر،
عند هذا المدخل، تستقبلك الأشواك المحترقة بدلا من الورود الجورية،
يتدلى من الأساس اليمين مستطيل معوج،
متفحم من الطرف الأيسر،
كتب عليه كلمات تباعدت حروفها غصبا عنها فقد فرق بينها دهر قاس هشم وحدتها و محا صبغتها المتآكلة،
و يبدو أن هذه هي اللافتة المبحوث في أمرها.
المار بعالم يمام، و الواقف في واجهة الشارع الرئيسي الذي يقع ضمنه منزله متأملا تلك اللافتة الغريبة،
سيكاد يوقن بأنه أمام مسابقة حامية لفك الشفرة المكتوبة عليها،
أو على الأقل سيظن أنه على أوراق جريدة ضخمة و قد فتحها على ركن التسلية ليخمن الكلمات المتقاطعة.
اختفت الحياة و عم اليأس، لكن بقي يواجهه الأمل،
أخمد لحن الهناء، لتصدح سمفونية الموت، رغم هذا، بقيت لؤلؤة دفنت في قلبها القناعة،
و اختفى بشجاعة شيء يسمى الألم، و بقيت مقاومة تشهد على كل هذا و تحيى في قلب كل إنسان يعيش في ذلك العالم.
لطالما ارتفعت نحوها رؤوس يمام و أصدقائه ليحلوا لغزها المحير، متحدين غموضها المصنوع من خامات
الزمان على اختلاف أنواعها و عصورها،
كثيرا ما أرسلوا إليها عيونهم في نظرات فضولية يشع عمقها حماسا و حبا للاطلاع،
لكنها كانت دائما ما تهديهم فشلا محبطا بقدر ذلك الفضول الذي يرمقونها به.
تكررت المواجهة بينها و بينهم، لكن النتيجة التي كللت أول نزال كللت الأخير أيضا.
كان لها مع الأطفال موعد محدد يكاد يكون يوميا، و الشيء الذي يروق لها و أنه في كل مرة كان يزداد عدد متدي غموضها، و كما يقال : " الشيء الغريب يكون دائما ذا جلبة".
لقد كانت تبتسم لهم و إن لم يروها، و تشجعهم على كشف سرها المخبوء ضمن حروفها المتفرقة، فعليها كان قد دون الدهر حكاية عالمهم حينما نزل في هذه الديار عابر سبيل ذات يوم.
كان أكثر شيء تخشاه، هو يأس بدأت تقرؤه على وجوه الصغار،
فإن ملوا من التفكير و لم ينبشوا السر و يخرجوه منها فلن يقرؤوا حكايتهم و لن يكتشفوا حقيقة عالمهم.
" لا تقلقي أيتها الأمينة، سأبذل ما في وسعي لكي لا ينساك أطفال عالمنا، ففيك دفن الدهر سر وجودنا في هذا العالم"
قال الجد هواس هذه الكلمات و هو يرفع ناظريه إلى اللافتة و قد انعكست على بريق عينيه العجوزتين نجوم الدجى المتلألئة،
وخطف ضوء القمر دمعتيه الشاقتين طريقهما في حسرة عبر خديه، فبدتا حبتين من اللؤلؤ الأبيض،
ثم أخفض رأسه و استأنف خطاه إلى داخل الشارع تاركا إياها خلفه،
تستجدي الله أن يمزق ظلمة اليأس بنور الأمل و لا يفض عنها أولئك الصغار.
* يتبع باذن الله عن قريب...
المفضلات